logo
حسين الرواشدة : الحرب انتهت، ماذا عن مستقبل المنطقة؟

حسين الرواشدة : الحرب انتهت، ماذا عن مستقبل المنطقة؟

أخبارنامنذ 6 أيام

أخبارنا :
هل تشكل الضربة التي قامت بها واشنطن ضد المفاعلات النووية في إيران أمس (22/6) نهاية للحرب التي اندلعت منذ نحو أسبوعين؟ الإجابة بتقديري نعم، لا توجد رغبة ولا قدرة ولا مصلحة لطهران لمواصلة الحرب، هذا ينطبق، أيضًا، على واشنطن وتل أبيب، لقد حققت الحرب أهدافها، أو الحد الأدنى منها، إيران لن ترد عسكريًا على أمريكا، وإذا حصل فسيكون بشكل رمزي، ستكتفي بردود سياسية، وربما تستأنف، مؤقتًا، ضرباتها على تل أبيب، النتيجة كما تجرع الخميني كأس السم عام 1988 وقرر وقف الحرب مع العراق، سيفعلها خامنئي أيضًا.
هكذا، تمامًا، تفكر إيران، بمنطق الحرص على البقاء، وبعقلية التاجر الذي يدقق الفواتير والحسابات مرات ومرات، وبدافع الإحساس بالتفوق حتى في ظل الانكسار؛ إيران، وفق حساباتها، لم تُهزم بالنظر إلى معادلات الحرب وأطرافها، وإنما تراجعت خطوات إلى الوراء، فقدت أذرعها وامتداداتها ووزنها السياسي والنووي، أدركت أنها لا تستطيع هضم (اللقمة ) الكبيرة التي ابتلعتها خلال السنوات العشرين المنصرفة. أكيد ستنكفئ على نفسها، وتعيد ترميم قوتها، وربما تبحث عن مسارات سياسية جديدة لمد الجسور مع محيطها ومع العالم.
إلى أين تسير المنطقة في المستقبل؟ ثمة تصوران (احتمالان) وجيهان، الأول يعتقد أصحابه أن المستقبل القادم للمنطقة لن يكون (قاتمًا)، لدى هؤلاء إحساس بالتفاؤل المشوب بالحذر؛ إسرائيل لن تستطيع - رغم ما أنجزته - أن تبتلع المنطقة أو تهيمن عليها، وإذا حصل فإنها لن تتمكن من هضمها تمامًا، كما حصل لإيران فيما مضى والآن، القوميات الأصيلة في المنطقة ستبدأ استدارات نحو الذات، وربما تتقارب، الدول العربية لن تستطيع أن تقاوم انفجارات الغضب تجاه إسرائيل، وتجاه غياب أي وزن لها فيما حدث، هذا يضمن تحجيم الاندفاع نحو إسرائيل وكبح نفوذها، المنطقة ستهدأ على وقع مراجعات عميقة، كما حصل، تمامًا، في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
ثمة تصور آخر، مختلف تماما، يرى أصحابه أننا أمام «العصر الإسرائيلي الجديد»، أو ربما العصر (الترامبي)، بكل ما تحمله مواصفات «ترامب» من صفقات ومغامرات، المنطقة ستشهد انفجارات جديدة، التطرف سيطل برأسه بصورة أكثر شراسة، ربما نشهد نسخة جديدة من الربيع العربي لكنها أكثر قسوة، ربما نشهد دويلات جديدة على إيقاع تقسيم مناطق النفوذ وإعادة رسم الخرائط، هذا التصور قد يكون نسخة مما حدث بعد الحرب العالمية الأولى.
إلى أي التصورين (الاحتمالين) أميل؟ إلى الاحتمال الأول مع بعض التعديلات؛ المنطقة تعبت من الحروب والصراعات، ثمة بوادر نضج سياسي (ولو أنه ما زال في بداياته) لدى بعض الدول الرئيسة في المنطقة، قد يؤسس لتفاهمات وربما صفقات أو مصالحات على صعيد الإقليم ومع العالم، لا أحد (باستثناء إسرائيل) يريد حروبًا جديدة، السياسة ستتحرك بشكل أكثر تسارعًا على إيقاع الاقتصاد وحساباته، مصلحة الجميع أن يعود الهدوء إلى المنطقة، أكيد ثمة ملفات لا تزال عالقة في سياق مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، لكن حلها ممكن إذا توفر (عقلاء) قادرون على إقناع العالم أن فاتورة أي حرب أو فوضى جديدة ستتوزع على العالم كله، لا على المنطقة فقط. ــ الدستور

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

روسيا تحذر من أن توسع الناتو نحو حدودها يضع أوروبا في أخطر وضع منذ الحرب العالمية
روسيا تحذر من أن توسع الناتو نحو حدودها يضع أوروبا في أخطر وضع منذ الحرب العالمية

العرب اليوم

timeمنذ 10 ساعات

  • العرب اليوم

روسيا تحذر من أن توسع الناتو نحو حدودها يضع أوروبا في أخطر وضع منذ الحرب العالمية

اتهمت السفارة الروسية في لندن، بريطانيا بأنها دفعت بأجندة المواجهة خلال قمة حلف الناتو في لاهاي بهدف تصعيد المواجهة مع موسكو. وقالت السفارة الروسية في لندن إن بريطانيا حملت راية المواجهة مع روسيا في قمة الناتو. وأوضحت السفارة أن ما وصفتها بـ"الهستيريا المعادية لروسيا" تتناقض مع أهداف الأمن القومي التي تعلنها بريطانيا في العلن بشكل رسمي. وأكدت السفارة الروسية أن زحف البنية التحتية العسكرية لحلف الناتو إلى حدود روسيا، وإعادة تسليح الدول الأعضاء سيُلغيان في النهاية مكاسب السلام ويدفعان القارة الأوروبية إلى أخطر مرحلة منذ الحرب العالمية الثانية. إلى ذلك، وافق قادة الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال قمة في بروكسل، أمس الخميس، على تمديد عقوباتهم المفروضة على روسيا لستة أشهر إضافية، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية. ومنذ أن اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022 فرض الاتحاد الأوروبي عليها 17 حزمة عقوبات يتم تجديدها كل ستة أشهر في قرار يصدر بإجماع الأعضاء الـ27. ويعني هذا القرار أنّ العقوبات الشاملة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على خلفية الحرب في أوكرانيا، بما في ذلك تجميد أكثر من 200 مليار يورو (234 مليار دولار)، من أصول البنك المركزي الروسي، ستظل سارية حتى مطلع 2026 على الأقل. ويأتي هذا القرار بعد أن صرّح مسؤولون أنهم يعدون خططا طارئة لإبقاء العقوبات الاقتصادية الأوروبية المفروضة على موسكو سارية في حال رفض الزعيم المجري فيكتور أوربان الموافقة عليها. وفي يناير (كانون الثاني)، أبقى رئيس الوزراء المجري موقفه من تمديد العقوبات ضبابيا حتى اللحظة الأخيرة حين عاد وانضم إلى الإجماع الأوروبي بتمديد هذه العقوبات. وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حضّ قادة الاتحاد الأوروبي في خطاب مصور على اعتماد حزمة عقوبات صارمة "تستهدف تجارة النفط الروسية، وأسطول ناقلات النفط الموازي، والبنوك، وسلاسل التوريد التي تجلب المعدات أو قطع الغيار اللازمة لصنع الأسلحة". وناقش قادة الاتحاد الأوروبي في قمّتهم، الخميس، حزمة إضافية من العقوبات على روسيا كانت المفوضية الأوروبية اقترحتها قبل أسبوعين، لكن القادة لم يتخذوا أي قرار بشأن هذه الحزمة الـ18، وذلك بسبب استخدام سلوفاكيا حق النقض (الفيتو). ورفض رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو الموافقة على هذه الحزمة في مسعى منه للضغط على المفوضية الأوروبية لضمان إمدادات بلاده من الغاز، في الوقت الذي يسعى فيه الاتحاد الأوروبي إلى وقف واردات الغاز الروسي تماما بحلول 2027. ويسعى الاتحاد الأوروبي لخفض عائدات روسيا من النفط، وقد اقترح في 10 يونيو (حزيران) خفض سقف سعر برميل النفط الروسي من 60 دولارا إلى 45 دولارا، وذلك في إطار هذه الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات. قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

مايكل روس؛ وإريك فويتن* - (فورين أفيرز) 12 حزيران (يونيو) 2025
مايكل روس؛ وإريك فويتن* - (فورين أفيرز) 12 حزيران (يونيو) 2025

Amman Xchange

timeمنذ 12 ساعات

  • Amman Xchange

مايكل روس؛ وإريك فويتن* - (فورين أفيرز) 12 حزيران (يونيو) 2025

الغد بعد أن تحولت الولايات المتحدة من أكبر مستورد إلى أكبر منتج للنفط والغاز، بدأت تتصرف كدولة نفطية تقليدية، فتتراجع عن التعاون الدولي وتستخدم نفوذها الطاقي لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل. هذا التحول يعزز نزعة الانعزال ويقوض النظام العالمي القائم على القواعد، في وقت تتشابك فيه مصالح الطاقة مع الشعبوية والتوترات الجيوسياسية. تتسم سياسات الرئيس دونالد ترامب الخارجية بالاضطراب والفوضى، من الحروب التجارية والانسحابات من المعاهدات الدولية إلى الازدراء المعلن للحلفاء التقليديين. ويعود جزء كبير من هذا الاضطراب إلى رؤيته المستندة إلى فكرة "أميركا أولاً" وميله إلى الشعبوية. لكن ثمة عاملاً آخر، غالباً ما يتم إغفاله ولا يرتبط كثيراً بتفضيلات ترامب الخاصة، يسهم أيضاً في هذه السياسات. في الأعوام الخمسة عشر الأخيرة، شهد الاقتصاد الأميركي تحولاً عميقاً جاء بتداعيات جيوسياسية هائلة. بعد عقود طويلة كانت خلالها الولايات المتحدة أكثر البلدان استيراداً للنفط، أصبحت اليوم أكثر البلدان تصديراً للنفط والغاز. ومنذ ذلك الحين، تتصرف الولايات المتحدة على نحو أقل كقوة ليبرالية مهيمنة، وبصورة أكبر كدولة نفطية تقليدية. كانت الولايات المتحدة منتجاً رئيساً للنفط منذ القرن التاسع عشر، لكن الاستهلاك تجاوز الإنتاج بعد الحرب العالمية الثانية. وبحلول العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت الولايات المتحدة تستورد أكثر من 13 مليون برميل من النفط يومياً، مما جعلها أكثر البلدان استيراداً للنفط بفارق كبير عن البلدان المستوردة التي تليها في القائمة. ثم حدث التحول الجذري مع "ثورة النفط الصخري" بين العامين 2005 و2010، عندما مكنت ابتكارات في التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي الشركات من استخراج كميات هائلة من النفط والغاز من الصخر الزيتي بكفاءة عالية. وهكذا ارتفع الإنتاج الأميركي بصورة هائلة. ومنذ العام 2008، ضاعفت الولايات المتحدة إنتاجها من النفط الخام. وفي العام 2018، تجاوزت المملكة العربية السعودية لتصبح أكبر منتج للنفط الخام في العالم. وهكذا، حققت الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة للمرة الأولى منذ أواخر أربعينيات القرن العشرين. وقد أعاد هذا التحول تعريف دور واشنطن على الساحة العالمية. فعندما كانت الولايات المتحدة بلداً مستورداً رئيساً للطاقة، كانت تصطف إلى جانب البلدان المستهلكة الأخرى في تأمين طرق التجارة البحرية واستقرار الأسواق ودعم المؤسسات الدولية. لكنها فقدت اليوم، مثل روسيا، اهتمامها بعيد الأجل بالتعاون الدولي، وأصبحت أكثر استعداداً لاستخدام نفوذها الإنتاجي لتحقيق مكاسب قريبة الأجل. ويمكن أن تكون الثروة النفطية نعمة؛ حيث قد تساعد في تمويل برامج رعاية اجتماعية سخية أو تقديم مساعدات خارجية. لكنها قد تكون نقمة أيضاً؛ فالدول النفطية تكون معظم الأحيان أكثر سلطوية، وتميل إلى تبني سياسات خارجية عدوانية، وتتفشى فيها معدلات أعلى من الفساد -وهي اتجاهات باتت تنطبق على الولايات المتحدة اليوم. عندما تولى مستبدون عدوانيون، مثل هوغو تشافيز في فنزويلا وصدام حسين في العراق وفلاديمير بوتين في روسيا ومعمر القذافي في ليبيا، الحكم في دولهم الغنية بالنفط، أصبحت الثروة التي ولدها قطاع الطاقة في تلك الدول قوة تؤدي عادة إلى زعزعة الاستقرار. ثمة، بطبيعة الحال، عوامل عدة وراء التحول في موقع الولايات المتحدة على الساحة العالمية، بما في ذلك صعود ترامب إلى سدة السلطة، وتصاعد الشعبوية اليمينية، ورد الفعل المحلي على العولمة والتجارة الحرة. وتمتلك الولايات المتحدة اقتصاداً أكثر تنوعاً بكثير من روسيا، بالتالي مصالح أكثر تنوعاً. لكن بروز الولايات المتحدة بوصفها المنتج الأول للنفط والغاز في العالم يشكل عنصراً أساسياً، كثيراً ما يتم إغفاله، في فهم الفوضى التي تطبع النظام العالمي في الوقت الحالي. إن موقع واشنطن الجديد لا يقلل فقط من دوافعها المالية لدعم الاستقرار، بل يمنحها أيضاً نفوذاً على الدول المستوردة للطاقة -بما في ذلك الحلفاء المقربون- مما يعزز بدوره أجندة ترامب. ومن موقعها المهيمن الجديد، قد لا تتمكن الولايات المتحدة من رؤية ما يتجاوز الفوائد قصيرة الأجل للاستقلال في مجال الطاقة، فتغفل عن الضرر الذي يلحقه انسحابها من النظام القائم على القواعد -بالعالم وبنفسها على حد سواء. هيمنة المصدرين ما يزال الوقود الأحفوري يشكل شريان الاقتصاد العالمي، إذ يمثل أكثر من ثلث التجارة البحرية على صعيد الحجم. وتعتمد معظم البلدان على إمدادات مستقرة من النفط والغاز، ويمكن لأي اضطراب قصير الأجل أن يشل شبكات الطاقة، ويعطل النقل، ويوقف الإنتاج الصناعي والزراعي. لذلك، تبدي البلدان المستوردة للطاقة اهتماماً عميقاً بالاستقرار العالمي، لأن رفاهها يعتمد على وجود طرق تجارية آمنة وأسعار مستقرة وقواعد يمكن التنبؤ بها. لكن هناك فجوة واضحة تبرز بين سلوك البلدان المستوردة والمصدرة للنفط؛ حيث البلدان المستوردة أكثر ميلاً بكثير من المصدرة إلى تبني التعددية والتعاون على أساس القواعد الدولية. وتتنوع البلدان المصدرة للنفط على صعيدي الحجم والظروف، بدءاً من تشاد الفقيرة والممزقة بالنزاعات إلى النرويج الغنية والديمقراطية. لكن ثمة نمطين إشكاليين بارزين في كل الأحوال. الأول هو نمط البلدان الانعزالية، مثل أنغولا وغينيا الاستوائية وعُمان، التي تميل إلى الانغلاق وتقليل التواجد في الأطر الدولية. والثاني نمط البلدان التي تحدث اضطرابات، مثل إيران وروسيا وفنزويلا، التي تتحدى الأعراف الدولية وتدعم ميليشيات خارجية وتغزو جيرانها. وفي كلا النمطين، يرتبط ازدياد صادرات النفط بانحسار التعاون مع البلدان الأخرى. تنتمي السياسة الخارجية الأميركية في عهد ترامب إلى كلا النمطين؛ فهي، مثل الدول الانعزالية، انسحبت من الاتفاقات والمنظمات الدولية، ومثل الدول المزعزِعة للنظام، أبدت اهتماماً بالتوسع الإقليمي. ومنحت زيادة صادرات النفط الولايات المتحدة نفوذاً جديداً على حلفائها من مستوردي النفط في أوروبا وشرق آسيا. وتبدو أوروبا معرضة للخطر بصورة خاصة. فخلال ولاية ترامب الأولى، حذرت وزارة الخارجية الأميركية من أن اعتماد أوروبا على الغاز الروسي يجعلها عرضة للإكراه. وبعد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في العام 2022، لجأت أوروبا إلى الولايات المتحدة لتأمين نسبة متزايدة من حاجاتها من الطاقة. واليوم، يشكل النفط الخام أكبر صادرات الولايات المتحدة إلى القارة، فيما يأتي 45 في المائة من الغاز الطبيعي المسال المستورد إلى أوروبا من الولايات المتحدة. وقد منح هذا التطور إدارة ترامب نفوذاً أكبر عند مطالبتها الأوروبيين بتقديم تنازلات تجارية. كما يكشف هذا الوضع عن أن الاعتماد على الطاقة، حتى من حليف ظاهري، يمثل نقطة ضعف استراتيجية لأوروبا. لا يمكن لدول القارة فرض رسوم جمركية انتقامية على النفط الخام من دون التعرض لعواقب اقتصادية خطيرة، مما يمنح واشنطن أداة قوية للنفوذ. مع مرور الوقت، يمكن للثروة النفطية أن تلحق الضرر بالآفاق التجارية الأوسع للدول المصدرة. فعادة ما ترتفع قيمة عملات هذه الدول مع ارتفاع أسعار النفط، وهي ظاهرة تعرف بـ"المرض الهولندي" (الآثار الاقتصادية السلبية التي يمكن أن تنشأ عندما تتدفق العملات الأجنبية إلى اقتصاد ما نتيجة اكتشاف مورد طبيعي مثل النفط أو الغاز، كما حدث في هولندا أواخر ستينيات القرن العشرين). ويؤدي ذلك إلى تراجع القدرة التنافسية لصادراتها الأخرى، بما في ذلك السلع الصناعية والزراعية. ومنذ انطلاقة الطفرة في النفط الصخري، ارتفعت أسعار النفط والدولار الأميركي معاً، مما يشير إلى احتمال نشوء حالة مبكرة من "المرض الهولندي" في الولايات المتحدة. وقد يؤدي ارتفاع الدولار الذي كثيراً ما كان ركيزة من ركائز القوة المالية الأميركية، إلى تفاقم العجز التجاري من خلال جعل الصادرات الأميركية أكثر كلفة وأقل قدرة على المنافسة. بالإضافة إلى ذلك، يضعف استقلال الولايات المتحدة في مجال الطاقة إلى حد كبير دوافعها لتحمل أعباء الحفاظ على الاستقرار العالمي، ولا سيما في المناطق التي كانت حيوية سابقاً لأمنها الطاقي. فقبل 15 عاماً فقط، كانت الصين وأوروبا والولايات المتحدة تعتمد بدرجة كبيرة على نفط الشرق الأوسط، مما جعلها تتقاسم المسؤولية عن حماية الممرات الاستراتيجية لتلك التجارة، مثل قناة السويس. ولكن، مع تحقيق الولايات المتحدة استقلالها في مجال الطاقة، تضاءلت دوافعها لتقديم هذا النوع من الخدمات. وخلال دردشة جماعية مسربة عبر تطبيق "سيغنال" في آذار (مارس) الماضي، ناقش كبار مسؤولي الإدارة الأميركية مسائل تتعلق بالأمن القومي، وقال نائب الرئيس جي دي فانس إن على أوروبا، وليس الولايات المتحدة، تحمل عبء التصدي لتهديدات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر، مشيراً إلى أن "ثلاثة في المائة فقط من تجارتنا تمر عبر قناة السويس، بينما تمر 40 في المائة من تجارة أوروبا عبرها". وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة نفذت في نهاية المطاف الضربات ضد الحوثيين التي كانت قيد النقاش، فإن المنطق الصريح الذي عبر عنه فانس كشف عن لامبالاة جديدة. وكانت الإدارات السابقة ترى في الاستقرار العالمي مصلحة مشتركة، في حين يرى كثير من أعضاء الإدارة الحالية فيه مشكلة تخص الآخرين. قوة غامضة لم تنسحب الولايات المتحدة من النظام القائم على القواعد دفعة واحدة. فعلى سبيل المثال، يعود تراجع دعمها للتجارة الحرة إلى منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، تزامناً مع ازدهار إنتاج النفط والغاز الصخري. وقد رفض الرئيس باراك أوباما، خلال ولايته الثانية، تعيين قضاة استئناف في منظمة التجارة العالمية، مما شل آلية تسوية النزاعات فيها. وجاء هذا القرار، جزئياً، رداً على أحكام صدرت عن المنظمة وقيدت السياسة التجارية الأميركية، وشكل الرئيس بذلك سابقة. وخلال ولايته الأولى، رفع ترامب السقف من خلال فرض رسوم جمركية واسعة النطاق. أما الرئيس جو بايدن، فأبقى على معظم هذه الرسوم، ولم يُعِد تعيين القضاة في منظمة التجارة وتبنى سياسات صناعية حمائية جديدة وفرض عقوبات على الصادرات بدت مخالفة لقواعد المنظمة. وتزامن تآكل دعم الولايات المتحدة للتعاون التجاري متعدد الأطراف مع صعود النفط الصخري. بالإضافة إلى ذلك، أدت ثورة النفط الصخري دوراً لم يُقدر بما يكفي في إعادة تشكيل السياسة الداخلية الأميركية. في العام 2024، ذهب نحو 90 في المائة من تبرعات قطاع النفط والغاز للمرشحين الجمهوريين. وبدأ هذا الاستثمار يؤتي ثماره: إذ تدفع إدارة ترامب بقوة نحو توسيع استخراج الوقود الأحفوري وتقييد إنتاج الطاقة النظيفة، ووقف جمع البيانات البيئية، وفتح أراضٍ اتحادية جديدة للتنقيب وتفكيك التنظيمات المناخية -بل إن مدير وكالة حماية البيئة، لي زيلدين، أعلن عن خطط لإلغاء القرار الصادر في العام 2009 الذي اعتبر أن غازات الدفيئة تشكل تهديداً للصحة العامة -وهو حكم يشكل الأساس للسياسة المناخية الفيدرالية في الولايات المتحدة. كما هو الحال في مجالات أخرى، تتسم سياسات الطاقة التي ينتهجها ترامب بالتناقض. في يومه الأول من ولايته الجديدة، وقع أمراً تنفيذياً بعنوان "إطلاق العنان للطاقة الأميركية"، يهدف إلى تسريع التنقيب وتقليص القيود التنظيمية. لكنه، في محاولة منه للسيطرة على التضخم، وعد بصورة غامضة بخفض سعر النفط إلى 50 دولاراً للبرميل -وهو سعر قد يؤدي إلى خفض أسعار البنزين، لكنه يجعل جزءاً كبيراً من إنتاج النفط الصخري الأميركي غير مربح. ويتوقع محللو الطاقة انخفاضاً في إنتاج النفط الأميركي في العام 2025، على الرغم من شعار ترامب: "احفروا، يا أعزائي، احفروا". وعلى الرغم من أن رسومه الجمركية تستثني إلى حد بعيد قطاع النفط والغاز، فإن تداعيات حربه التجارية الأوسع قد تفاقم انخفاض أسعار النفط وتقلل الطلب العالمي على الوقود الأحفوري. ببساطة: على الرغم من أن بعض سياسات ترامب ترتكز على مبدأ الهيمنة الطاقوية، فإن سياسات أخرى تقوض هذا المبدأ. وهذا التناقض سمة مميزة لسياسة ترامب، لكنه أيضاً مأزق تعاني منه دول نفطية أخرى، تسعى في آن إلى رفع أسعار النفط لمصلحة صادراتها، وخفضها داخلياً لإرضاء مواطنيها. طالما ظلت الولايات المتحدة أكبر منتج للطاقة في العالم، فإن إغراء استغلال هذا النفوذ لانتزاع تنازلات تجارية والتنصل من الالتزامات المكلفة وتقديم المكاسب قصيرة الأجل على التحالفات بعيدة الأمد، سيبقى قائماً. قد تبدو الهيمنة في مجال الطاقة مكسباً لمستقبل القوة الأميركية، ولكن إذا لم تظهر الحكومة الأميركية مزيداً من الانضباط، فإنها قد تتحول إلى وبال. *مايكل روس: أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجيلوس، ومؤلف الكتاب "لعنة النفط: كيف تشكل الثروة البترولية مسار تطور الأمم". *إريك فويتن: أستاذ كرسي بيتر أف كروغ للجغرافيا السياسية والعدالة في الشؤون العالمية بجامعة جورجتاون. الترجمة لصحيفة "الإندبندنت".

ردًا على إعلان خامنئي الانتصار على "إسرائيل".. ترامب يهدد إيران بحرب جديدة
ردًا على إعلان خامنئي الانتصار على "إسرائيل".. ترامب يهدد إيران بحرب جديدة

البوابة

timeمنذ 12 ساعات

  • البوابة

ردًا على إعلان خامنئي الانتصار على "إسرائيل".. ترامب يهدد إيران بحرب جديدة

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الجمعة، تعليق أي مساعي لتخفيف العقوبات المفروضة على إيران، وذلك ردًا على تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي، مع تلميحٍ إلى احتمال شن ضربات عسكرية جديدة. وقال ترامب خلال مؤتمر صحفي إن خامنئي "يعلم أن تصريحات الانتصار في الحرب مع الاحتلال الإسرائيلي هي كذب"، وأكد أنه "يفكر في قصف إيران مجددًا إذا استأنفت تخصيب اليورانيوم"، مضيفًا أنه ليس قلقًا من وجود مواقع نووية سرية داخل الأخيرة، بل ما يهمه هو برنامج التخصيب نفسه . ودعا ترامب إيران إلى "الاندماج في النظام العالمي وإلا ستزداد الأمور سوءًا بالنسبة لها"، مشيرًا إلى أنه أنقذ خامنئي من "موت بشع"، وقال: "ليس عليه أن يقول شكرًا". من جانبه، قال المرشد الإيراني علي خامنئي في أول ظهور له منذ وقف القتال مع الاحتلال الإسرائيلي، إن "بلاده حققت انتصارًا على الكيان الصهيوني الزائف" ووجّه "صفعة قاسية" للولايات المتحدة، مؤكّدًا أن إيران "لن تستسلم أبدًا" . وأوضح أن الهجمات الأميركية والإسرائيلية لم تُسفر عن نتائج كبيرة، وأن طهران "لديها القدرة على استهداف القواعد الأميركية ردًّا على أي عدوان" .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store