
طه حسين وفرقة «شحرور الوادي»
يختلف المؤرخون في أصل شعر الزجل، فبعضهم يؤكد أن أصله سرياني قديم، والبعض الآخر يصر على أنه نشأ في بلاد الأندلس، وجاء من الموشحات الأندلسية المتأثرة بالأدبين الفرنسي والإسباني، قبل أن ينتشر في البلاد العربية، ويتنوع ويظهر زجل مصري، وزجل شامي، وزجل تونسي، وزجل خليجي (الشعر النبطي)، وتتعدد فرقه.
على أن أشهر الزجل اليوم هو الزجل اللبناني، وأشهر فرقه هو «فرقة شحرور الوادي»، التي تأسست في عام 1928 على يد الشاعر «أسعد الخوري الفغالي» (1894 ــ 1937)، الذي يعد من كبار شعراء الزجل اللبنانيين، وأكثرهم شهرة وخلوداً في تاريخ لبنان الفني، حيث قالت عنه حفيدته المطربة جانيت جورج الفغالي الشهيرة فنياً باسم صباح: «هو من رفع شعر الزجل اللبناني إلى مقام الفصحى، ورفع اسم بلاده عالياً بأبيات خلدته، وخلدت حبه للبنان». من هذه الأبيات:
لبنان ما عندي وطن بمعزتو
محلى التظلل تحت فيّ أرزتو
نيال من له فيك مرقد لعنزتو
حافظت جوقة شحرور الوادي على وجودها، بعد وفاة مؤسسها في عام 1938، كما حافظت على أعضائها الشعراء المؤسسين وهم: أمين أيوب ويوسف كحالة وإلياس قهوجي، والأعضاء الذين انضموا إليهم لاحقاً مثل طانيوس عبده وأنيس روحانا وإميل رزق الله وعلي الحاج، وظلت تنشد وتعمل حتى عام 1971، وهو تاريخ وفاة أحد أبرز شعرائها، الشاعر علي الحاج.
يتميز شعراء الزجل في بلاد الشام بفطرة شعرية عجيبة، تمكنهم من إطلاق مساجلاتهم الشعرية دون تحضير مسبق، بل حتى دون معرفة بالموضوع، سواء كان الأداء فردياً أو جماعياً. استرعى ذلك انتباه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين (1889 ــ 1973)، فرغب في أن يحضر إحدى تلك المساجلات الزجلية شخصياً، كي يتأكد بنفسه من عفويتها، ولهذا انتهز فرصة زيارته للبنان حينما كان وزيراً للمعارف في الحكومة المصرية في مطلع خمسينيات القرن العشرين (1950 ــ 1952)، وطلب حضور إحدى حفلات جوقة شحرور الوادي، فكان له ذلك.
وحينما دخل طه حسين قاعة الحفل في بيروت تم الترحيب به بحرارة، وانطلقت فرقة شحرور الوادي، لتشارك في الترحيب منشدة بصوت جماعي:
أهلا وسهلا بطه حسين
ربي عطاني عينين
العين الواحدة بتكفيني
خدلك عين وخلي عين
ثم أنشد عضو الفرقة، الشاعر علي الحاج قائلاً:
أهلا وسهلا بطه حسين
بيلزم لك عينين اتنين
تكرم شحرور الوادي
منك عين ومني عين
وتلاه عضو آخر من الفرقة هو الشاعر أنيس روحانا الذي أنشد:
لا تقبل يا طه حسين
من كل واحد تاخد عين
بقدم لك جوز عيوني
هدية، لا قرضة ولا ديْن
واستدرك الشاعر طانيوس عبده الأمر فصحح لزملائه ونصح قائلاً:
ما بيلزمو طه حسين
عين، ولا أكتر من عين
الله خصو بعين العقل
بيقشع فيها ع الميلين
ويقال إن طه حسين بعد أن سمع وشعر بهذا الاحتفاء الزجلي الشعبي بكى متأثراً.
والجدير بالذكر أن منظمة اليونيسكو اعترفت منذ عام 1990 بالزجل اللبناني، وأدرجته ضمن «التراث الثقافي غير المادي للبشرية»، وطالبت بجمعه والمحافظة عليه، وتأمين انتقاله من جيل إلى جيل كونه مهدداً بالانقراض.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 3 أيام
- البيان
قصة اهتداء أم كلثوم إلى شعر جورج جرداق
جورج سجعان جرداق شاعر لبناني من مواليد «جديدة مرجعيون» بجنوب لبنان سنة 1931 (وقيل سنة 1933)، ودرس في الكلية البطريركية ببيروت. لم ينتشر اسمه خارج بلاده إلا بعد أن غنت له السيدة أم كلثوم أغنية «هذه ليلتي» من ألحان محمد عبد الوهاب في عام 1968م. فمن بعد «هذه ليلتي» غنى من أشعاره ثلة من المطربين والمطربات مثل: وديع الصافي وماجدة الرومي، ونجاة الصغيرة وهبة قواس وغيرهم. وهو من جانبه اعترف صراحة بأن نجوميته وشهرته تعود أساساً إلى «هذه ليلتي» ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم. لكن كيف اهتدت أم كلثوم إليه، واختارت إحدى قصائده لتغنيها، على الرغم من أن قصيدة «هذه ليتي» بسيطة في كلماتها وتركيبتها وليست بمستوى وجودة القصائد العظيمة التي غنتها «الست» من قبل؟ الإجابة وجدناها في كتاب «الأغاني، قصص وحكايات» لمؤلفه الناقد الفني السعودي علي فقندش، وملخصها أن أم كلثوم ليست هي من اختارت القصيدة، وإنما الذي اختارها هو ملحنها محمد عبد الوهاب. يقول فقندش ما مفاده أن جرداق عشق صوت وأغاني محمد عبد الوهاب منذ أن سمع له أغنية «الكرنك» من كلمات الشاعر أحمد فتحي في أربعينات القرن العشرين، فقام بتأليف قصيدة جسد فيها إعجابه بتلك الأغنية وصاحبها. ويبدو أن القصيدة بلغت أسماع موسيقار الأجيال ونالت استحسانه، فرغب في الالتقاء بصاحبها ليشكره. وهكذا حينما ذهب عبد الوهاب إلى لبنان ذات مرة من أجل الاصطياف كعادته، طلب من أحدهم أن يأتيه بجرداق، الذي كان يتمنى ويحلم أن يغني عبد الوهاب من كلماته. يواصل فقندش حديثه، لكن على لسان الصحافي والإذاعي اللبناني ورئيس تحرير مجلة «الشبكة» الفنية جورج إبراهيم الخوري، ليخبرنا أنه بعد لقاء التعارف الأول بين عبد الوهاب وجرداق، ضم الأول الثاني إلى قائمة أصدقائه اللبنانيين التي اشتملت على فيروز والرحابنة وجورج الخوري وعائلة سحاب وغيرهم. ويضيف أنه في أمسية جمعت جرداق ومحمد عبد الوهاب وشخصيات أخرى فنية وصحافية في مقهى رصيف فندق السان جورج الفخم ببيروت، مرر جرداق ورقة من تحت الطاولة إلى عبد الوهاب. في تلك الورقة كتب جرداق نص قصيدة جديدة له بعنوان «هذه ليلتي» وذيّلها بعبارات تمنى فيها أن يقوم عبد الوهاب بتلحين القصيدة وغنائها بصوته. كانت ردة فعل عبد الوهاب هي ابتسامة لم يفهم جرداق مغزاها، خصوصاً وأن عبد الوهاب دس الورقة في جيب معطفه دون أن يقرأها في حينه تمر الأيام، وقبل حفل أم كلثوم الشهري في العام نفسه (1968)، يتفاجأ جرداق بمكالمة هاتفية من عبد الوهاب يقول له فيها «اسمع أغنيتك اليوم بصوت أم كلثوم في حفلها». يقول الأديب السعودي عبده خال تعليقاً على هذه الواقعة، ما مفاده أن القاهرة كانت دوماً مأوى أفئدة اللبنانيين ووجهتهم من أجل الشهرة والانتشار والنجومية، وأن جواز مرور الكثيرين منهم تمثل في مواهبهم وأصواتهم وكتاباتهم، لكن جواز مرور جرداق كان «هذه ليلتي، وحلم حياتي بين ماض من الزمان وآت.. الهوى أنت كله والأماني فأملأ الكأس بالغرام وهات». ونختتم بالإشارة إلى أن الشاعر والكاتب المسرحي جورج جرداق توفي في غرفة العناية المركزة في مشفاه البيروتي عن 83 عاماً بتاريخ 5 نوفمبر 2014، من بعد صراع طويل مع المرض، حرمه من السفر إلى المغرب لاستلام جائزة الإبداع الشعري المقدمة له في تلك السنة من قبل مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين.


صحيفة الخليج
منذ 3 أيام
- صحيفة الخليج
مهرجانات بيت الدين اللبنانية تتراجع عن تعليق الفعاليات ببرنامج «معدّل»
عادت مهرجانات بيت الدين اللبنانية، الأربعاء، عن قرار «تعليق» إقامة دورتها هذه السنة الصادر قبل يومين، معلنة إعادة تنظيم الحدث ببرنامج «معدّل» نظراً إلى «المتغيرات السياسية والأمنية الإيجابية في المنطقة». وأوضح المنظمون في بيان تلقت وكالة «فرانس برس» نسخة منه أنه «عطفاً على بياننا السابق بخصوص تعليق المهرجان لهذا العام 2025 وبالنظر إلى المتغيرات السياسية والأمنية الإيجابية في المنطقة، يسّر لجنة مهرجانات بيت الدين الإعلان عن إعادة تنظيم المهرجان ببرنامج معدل طرأ عليه بعض التغييرات، شعاره (مستمرون رغم كل التحديات)». وكان منظمو الحدث الذي يشكل سنوياً منذ نحو أربعة عقود أحد أبرز المهرجانات الصيفية في لبنان، أعلنوا، الاثنين، تعليق المهرجان الذي كان مقرراً في الأساس إقامته من الثالث من يوليو المقبل حتى السابع والعشرين منه، «في ضوء الظروف السياسية والأمنية الحالية التي تؤثر في المنطقة وتُعيق مشاركة الفنانين الأجانب وحرصاً على ضمان إقامة المهرجان وأنشطته في أجواء من الاستقرار والهدوء»، لكن بعد ساعات قليلة من قرار التعليق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن وقف لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل بعد 12 يوماً من الحرب. وبحسب البرنامج الجديد، يُفتتح المهرجان الذي يقام في بلدة بيت الدين في جبال الشوف اللبنانية، في العاشر من يوليو مع حفلة بعنوان «ديوانية حب» تحييها ثلاث مغنيات طرب من لبنان ومصر وسوريا هنّ جاهدة وهبه وريهام عبد الحكيم ولبانة القنطار، كما أبقى برنامج المهرجان في 23 و24 و25 يوليو على المسرحية الغنائية «كلّو مسموح»، من بطولة المغنية اللبنانية كارول سماحة بمشاركة مجموعة كبيرة من الممثلين والراقصين المحترفين. كذلك، يشهد المهرجان في 27 يوليو حفلة خيرية بعنوان «LeBam الرقص حول العالم» لدعم الموسيقيين اللبنانيين الشباب، بمشاركة التينور بشارة مفرّج ومصممي الرقص مازن كيوان وسحر أبي خليل. وكان البرنامج الأساسي للمهرجان قبل التعديل يضمّ من بين المشاركين أيضاً الميتزو سوبرانو الأمريكية دجي ناي بريدجيز وعازف العود العراقي نصير شمّه، لكنّ اسميهما لم يردا في البرمجة الجديدة.


صحيفة الخليج
منذ 4 أيام
- صحيفة الخليج
مهرجانات بيبلوس اللبنانية بطابع شبابي ابتداء من 5 أغسطس
أعلنت مهرجانات بيبلوس الدولية اللبنانية، مساء الاثنين، برنامجاً يغلب عليه الطابع الشبابي لدورتها المقبلة خلال الصيف. وبعد ساعات قليلة على إعلان مهرجانات بيت الدين اللبنانية الاثنين «تعليق» إقامة دورتها هذه السنة بسبب «الظروف السياسية والأمنية» التي «تُعيق مشاركة الفنانين الأجانب» فيه، أكد رافايل صفير، رئيس لجنة مهرجانات بيبلوس الدولية، خلال مؤتمر صحفي في مدينة جبيل الساحلية إلى الشمال من بيروت المضي في تنظيم الحدث من 5 إلى 10 أغسطس/آب المقبل. وشدّد على أن «دقة المرحلة كانت حافزاً» لدى المنظمين «لتحدي الصعوبات وتغليب لغة الفرح والسعادة وحب الحياة». وقال صفير لوكالة «فرانس برس»: «عندما وجدنا أن في استطاعتنا وضع برنامج شبابي وجيد، قررنا المضيّ في إقامة المهرجان، وسرعان ما جاءنا التشجيع من الجمهور من خلال كثافة الإقبال على شراء التذاكر منذ طرحها للبيع». وقالت سينتيا وردة، صاحبة شركة «إن أكشن إيفنتس» التي تتولى تنظيم المهرجان إنتاجياً وإدارته فنياً للوكالة «نحن متفائلون، وماضون في المهرجان ما دام لبنان بمنأى عن الخطر المباشر، وما دامت حركة الطيران قائمة». وأشار صفير خلال المؤتمر الصحفي إلى أن برنامج المهرجانات لهذه السنة «يتضمن أمسيات متنوعة في تفاعل خلّاق للأذواق والفنون والانفتاح على كل إبداع محلي وعالمي». وأوضح أنه يتوجه إلى «جمهور واسع من ذواقة الجيل الماضي وجيل الشباب». وتُفتتح مهرجانات بيبلوس في 5 أغسطس/آب للمرة الثالثة بحفلة للمؤلف والعازف اللبناني غي مانوكيان. وفي 8 من الشهر ذاته، حفلة شبابية يُحييها منسّق الموسيقى (دي جاي) البلجيكي فيليكس دو ليت المعروف باسم «لوست فريكونسيز»، أحد أبرز وجوه الموسيقى الإلكترونية راهناً. وفي اليوم التالي، يكون الجمهور على موعد مع الفرنسي من أصل جزائري سليمان نبشي المعروف فنياً باسم سليمان وحقق شعبية أخذت في الاتساع منذ فوزه عام 2016 ببرنامج «ذي فويس»، واشتهر بصوته الفريد في الغناء باللغة الفرنسية. ومثّل سليمان فرنسا في مسابقة «يوروفيجن» للأغنية الأوروبية العام المنصرم وحل في المركز الرابع. وتختتم المهرجانات في 10 أغسطس/آب بحفلة للأمريكية من أصول فرنسية - هايتية فيكتوريا نايكا ريشار المعروفة فنيا بنايكا، التي تُمثل «موجة جديدة من الفن الحرّ، المتجذّر في ثقافات متنوعة والمنفتح على العالم»، من خلال «مزجها بين موسيقى البوب العالمية والتأثيرات الإفريقية-الكاريبية»، بحسب الملف الصحفي لمهرجانات بيبلوس. وقالت سينتيا وردة «حصلنا على تأكيدات من الفنانين الآتين من خارج لبنان للمشاركة في المهرجان أنهم سيحضرون فعلاً وهم متحمسون جداً للمجيء إلى جبيل». وقبل التطورات السياسية الأخيرة في المنطقة، أعلنت مهرجانات بعلبك الدولية حصر برنامجها لهذا الصيف بعملين كبيرين، أحدهما صيغة جديدة من إنتاجها لأوبرا «كارمن»، والثاني حفلة غامرة بلمسات رحبانية للمغنية اللبنانية هبة طوجي. ولم يصدر بعد عن المنظمين أي توضيح لمصير هذه المهرجانات في ضوء المستجدات. وتأثرت المهرجانات الفنية العام الفائت بدرجات متفاوتة، بسبب المواجهات بين إسرائيل و«حزب الله» على خلفية الحرب في قطاع غزة. وبينما أقيمت مهرجانات بيبلوس، غابت «بيت الدين» أيضاً، في حين شكّلت حفلة موسيقية واحدة أقيمت في ضواحي بيروت بديلاً رمزياً من إقامة «بعلبك» ببرنامجها المعتاد وفي موقعها المألوف.