
تحديات تشكيل مجلس تشريعي انتقالي في سوريا
لكن في غمرة هذا التسارع في الخطوات الخارجية والطفرة في العلاقات الدولية والبيئة الإقليمية الجديدة بكل تأثيرها الإيجابي، هناك أعمال كثيرة في الداخل تتحرك بسرعة أقل، تتعلق بالتعافي وإطلاق عجلة تنمية تستند إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة ومنظومة الحكم، وهي إعادة بناء مركّبة من عدة طبقات، تبدأ من الكوادر والكفاءات وتطبيق سياسات عادلة للعزل السياسي وجذب الخبرات، مرورًا بتحديث النظام البيروقراطي القديم والمعقّد وشديد المركزية، وصولًا إلى بناء منظومة قانونية مناسبة، وإصلاح النظام القضائي وضمان نزاهته، والفصل التام بين السلطات.
ومع ذلك يبقى أن جميع طبقات بناء مؤسسات الدولة مرهونة بالمنظومة القانونية التي تحدّد الإجراءات الشرعية واللازمة فيها، وبانتظار كل ذلك تتراكم المهامّ التشريعية كلّ يوم.
حلّ مجلس الشعب
صدر "بيان إعلان انتصار الثورة السورية" عن قيادة العمليات العسكرية- وهي بمنزلة مجلس عسكري يضمّ كل الفصائل العسكرية التي شاركت في التحرير- في مؤتمر النصر 29 يناير/ كانون الثاني 2025، وفي البيان أُعلن عن تولية "القائد أحمد الشرع" مهام رئاسة البلاد في المرحلة الانتقالية، و"إلغاء العمل بدستور سنة 2012، وإيقاف العمل بجميع القوانين الاستثنائية، وحلّ مجلس الشعب المشكّل في زمن النظام البائد، واللجان المنبثقة عنه"، وتفويضه بـ"تشكيل مجلس تشريعي مؤقت" إلى حين إقرار دستور دائم للبلاد ودخوله حيز التنفيذ.
يؤدي وقف العمل بالدستور وحل البرلمان واللجان الملحقة به إلى خلق فراغ في المنظومة القانونية للمرحلة الانتقالية، ما سيتطلب إسراع الخطوات لتجنب استمرار هذا الفراغ المعيق للتعافي في ظل الحاجة الماسّة إلى إيجاد إطار قانوني للحكم، وتحديث القوانين ومراجعة السابق منها، وتحت ضغط هذه الحاجة الملحّة صدر الإعلان الدستوري في 13 مارس/ آذار 2025، ليضع الإطار الدستوري للمرحلة الانتقالية، وبالنظر إلى أن سقوط النظام لا يعني سقوط القوانين لضرورة استمرار الدولة، فقد نصّ الإعلان الدستوري في المادة 51 على أنه: "يستمر العمل بالقوانين النافذة ما لم يتم تعديلها أو إلغاؤها"، ونصّ كذلك في المادة 3 على أنّ: "الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع".
ما مصير الإجراءات والقرارات التي يتمّ إصدارها قبيل إنشاء مجلس الشعب؟
بحسب الإعلان الدستوريّ، فإن رئيس الجمهورية لا يمتلك صلاحية إصدار مراسيم تشريعية، وفي نفس الوقت "يستمرّ العمل بالقوانين النافذة" في المرحلة الانتقالية، ومقتضى هذا الوضع هو مراجعة جميع القرارات التنفيذيّة للتحقّق من مدى ملاءمتها للقوانين النّافذة التي "لم يتمّ تعديلها أو إلغاؤها" من قِبل المحاكم الإداريّة ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية حين تشكيلها، فجميع القرارات والمراسيم يجب أن تصدر "وفق القانون النافذ" بحسب تعبير الإعلان الدستوري.
هل كان على الإعلان الدستوري أن ينص على تولي "رئيس الجمهورية سلطة التشريع إلى حين تشكيل مجلس الشعب، على أن تُعرض التشريعات الصادرة عن رئيس الجمهورية في هذه الفترة على المجلس خلال خمسة عشر يومًا من انعقاده، للنظر فيها ومناقشتها وإقرارها أو تعديلها أو إلغائها، فإذا لم تُعرض على المجلس زال ما لها من قوة قانونية بأثر رجعي من دون الحاجة لإصدار قرار في ذلك"؟ كما يذهب بعض الحقوقيين، ربما كان ذلك ضروريًا، ولكن في الوضع الراهن بعد صدور الإعلان، حيث لا توجد مثل هذه المادة، فإن القرارات واللوائح التنفيذية والمراسيم التشريعية يجب مراجعتها، لأن احترام مواد الإعلان الدستوري ضرورة "لطمأنة الجمهور بأن السلطة السياسية تحترم القانون النافذ، وتتصرف تحت سقفه. وهذا أمر حيوي جدًا ليشعر المواطنون بالأمن، وأن سيادة القانون تشملهم وتشمل السلطة في آنٍ معًا"، على حد تعبير الخبير القانوني محمد صبرا.
ثمة حاجة ماسّة، إذًا، لملء الفراغ التشريعي في أقرب وقت، عبر تشكيل مجلس الشعب، السلطة الثالثة في الدولة، والذي وفقًا للمادة 24 من الإعلان الدستوري يتم تشكيله وفقًا للآتي:
يشكل رئيس الجمهورية لجنة عليا لاختيار أعضاء مجلس الشعب.
تقوم اللجنة العليا بالإشراف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة، وتقوم تلك الهيئات بانتخاب ثلثَي أعضاء مجلس الشعب.
يعيّن رئيس الجمهورية ثلث أعضاء مجلس الشعب لضمان التمثيل العادل والكفاءة.
وتمثل كل واحدة من تلك الخطوات تحديًا قائمًا بذاته، إذ يجب أخذ جملة من الاعتبارات والقيود لتحقيق أهداف تشكيل المجلس، فهذا المجلس ستكون له آثار مديدة لا تقتصر على المرحلة الانتقالية، بل سيكون تأثيره الأهمّ هو في صياغة المرحلة الدائمة؛ تحديد شكل الدولة ونظامها السياسي عبر الدستور الدائم.
ولا يعني هذا بحال التقليل من المهامّ التشريعية الأخرى المنوطة به في المرحلة الانتقالية، والتي تشمل بحسب المادة 26 من الإعلان الدستوري: "اقتراح القوانين وإقرارها"، و"تعديل أو إلغاء القوانين السابقة"، و"المصادقة على المعاهدات الدولية"، و"إقرار الموازنة العامة للدولة"، و"إقرار العفو العام"، و"عقد جلسات استماع للوزراء".
تكوين اللجنة العليا للانتخابات
يطرح تشكيل اللجنة العليا للانتخابات سؤال التكوين، حيث لم يعد قانون الانتخابات (القانون رقم 5 للعام 2014) ساريًا، بالرغم من أن الإعلان الدستوري نص على بقاء القوانين نافذة؛ وذلك لأن القانون الانتخابي مرتبط بالنظام السياسي المحدد بدستور سنة 2012، ومثله قانون الأحزاب، وقد سقطا معه.
القانون المذكور كان يسمّي اللجنة المشرفة على الانتخابات بـ"اللجنة القضائية العليا للانتخابات"، بالنظر إلى طابعها القانوني، وينصّ على أنها تتألف من سبعة قضاة "يسميهم مجلس القضاء الأعلى من مستشاري محكمة النقض"، ولأن الجانب القانوني جوهري فإن اللجنة العليا للانتخابات الجديدة يجب أن تغطي هذا الجانب، قد يكون ذلك عبر لجنة قانونية من الخبراء تسميهم اللجنة العليا نفسها، وأيضًا عبر لجنة مستقلة للبتّ بالطعون، وتوفير الإشراف القانوني بهذه الصيغة أو بغيرها ضرورة، لأنه يشعر المواطنين بالثقة في عمل اللجنة، وهذا أمر ضروري للثقة بصحة النتائج والرضا عنها.
بالنظر إلى أن القانون رقم 5 لم يعد ملزمًا، فإن تكوين اللجنة لم يعد محصورًا بالقضاة، وبالتّالي في مثل هذه الحالة، ولضمان عملية تمثيل ملائمة فإن تشكيل اللجنة يفترض أن يراعي في التمثيل مجموعة من الاعتبارات: مشاركة المرأة، والميول السياسية والتكوين الاجتماعي والديني والتوزع الجغرافي والكفاءة.
ولهذا قد يكون من المناسب تأليف لجنة صغيرة مكونة من أقل من عشرة أعضاء قادرة على المتابعة واتّخاذ قرارات سريعة، يُراعى في تكوينها الاعتبارات المذكورة، وبما أن هناك لجانًا فرعية في كل محافظة فإن التمثيل الجغرافي الدقيق ليس مطلوبًا في اللجنة العليا، لأن الفائدة الفعلية في التمثيل الجغرافي تكمن في اللجنة الفرعية فقط.
في (13 يونيو/ حزيران 2025)، صدر المرسوم الرئاسي رقم 66 للعام 2025 بتشكيل "لجنة باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب"، مؤلفة من 11 عضوًا، برئاسة محمد طه الأحمد. تتولى هذه اللجنة الإشراف على "تشكيل هيئات فرعية" في المحافظات، لتنتخب ثلثي أعضاء مجلس الشعب. وقد راعى المرسوم في تكوين اللجنة بالفعل جملة الاعتبارات المذكورة أعلاه.
انتخابات في ظروف غير مستقرة
لكن المعضلة الرئيسية للجنة هي في إجراء انتخابات في ظروف استثنائية، هنالك نحو ثلاثة ملايين نازح على الأقل في الشمال، منهم نحو مليون إنسان ما زالوا في الخيام، مع مئات الآلاف من المهجّرين خارج الحدود، صحيح أن حركة عودة كبيرة إلى البلاد تجري حاليًا، لكن انتخابات في مثل هذا الوضع تبدو مهمة شاقة، فمن جهة يجب توفير إحصاء سكاني موثوق نسبيًا لتحديد المقاعد، ومن جهة أخرى يجب تحديد الدوائر الانتخابية والنظام الانتخابي لإجراء انتخابات منظمة وعادلة، ومن جهة ثالثة تحتاج الانتخابات إلى مراقبة وإشراف من المنظمات المحلية والدولية مع انعدام وجود أحزاب، فقد تم حل الأحزاب والتنظيمات في إعلان النصر.
ما من إمكانية متاحة لإجراء إحصاء سكاني دقيق مع وجود هذا الكم الهائل من النزوح والدمار الواسع في المدن والأرياف، ولهذا السبب فإنه ما من طريقة لاعتماد إحصاء جديد في الوقت الحالي، وأفضل طريقة هي اعتماد إحصاء عام 2010 الذي أجراه نظام الأسد قبل اندلاع الثورة، والذي تنتفي فيه شبهة المصلحة في التلاعب بالأرقام وطرق الإحصاء ووجود ملايين خارج سوريا أو خارج سيطرته، ولهذا السبب يمكن الوثوق بهذا الإحصاء، وتحديد عدد المقاعد على أساس التوزع الديمغرافي للسكان.
عدد مقاعد البرلمان السوري هو 250 مقعدًا، وهو عدد ظل ثابتًا منذ دستور عام 1973 الذي تمت صياغته لبقاء نظام الأسد إلى الأبد، وهو تقريبًا يمثل عام 2010 نسبة عضو واحد لكل 100 ألف نسمة، لكن هذا العدد قد لا يكون مناسبًا ورشيقًا بما يكفي للعمل في هذه الفترة الاستثنائية، لذلك تميل الدول في المرحلة الانتقالية إلى برلمانات مصغرة، ويمكن أن يكون نصف هذا العدد أو أكثر قليلًا مناسبًا بالنظر إلى المهام الكثيرة الملقاة على عاتقه، ومن الواضح أن الرئيس الشرع أخذ ذلك بالاعتبار، فالمرسوم 66/2025 الخاص بتشكيل الهيئة العليا لانتخابات مجلس الشعب حدّد عدد أعضاء المجلس بـ150 عضوًا، وهو عدد مناسب يجمع بين التمثيل والمرونة.
التمثيل
مهمة اللجان الفرعية هي تشكيل الهيئات الناخبة في المحافظات بحسب الإعلان الدستوري، ولكن لا توجد إشارة واضحة فيه حول كيفية تشكيل هذه الهيئات، وهذا سيعني أن اللجنة العليا للانتخابات ستحدد ذلك، هل سيكون ذلك عبر الترشح الفردي المباشر، أي فتح باب الترشح كما يجري في الانتخابات العامة عادة؟
لكن فتح باب الترشح المباشر لن يضمن تمثيلًا صحيحًا في ظل ظروف النزوح والدمار، هذا الوضع الاستثنائي شبيه نسبيًا بالوضع عند تأسيس الدولة والعمل على المؤتمر السوري العام الأول بدءًا من منتصف عام 1919، في ذلك الوقت جرت اختيارات من قبل وجهاء، ممثلين عن المناطق، وزعماء محليين وفقًا لقانون الانتخابات العثماني عام 1909 لمجلس المبعوثَين (مجلس النواب)، وفي بعض الحالات، تمت تعيينات أو ترشيحات محلية (توكيلات) لتمثيل مناطقهم.
وفقًا للقانون العثماني، يتم الانتخاب على مرحلتين، في المرحلة الأولى يتم تشكيل هيئة ناخبة، وفي المرحلة الثانية تنتخب هذه الهيئة أعضاء لمجلس النواب، ويمكن للجنة الفرعية القيام باختيار أعضاء مرشّحين للهيئة الناخبة بدل الانتخاب المباشر، تراعي التكوين الاجتماعي والكفاءات والتمثيل العادل لفئات المجتمع ممن يتمتعون بالسمعة الطيبة وحسن السيرة، وأن يكونوا من المعروفين في مناطق تمثيلهم للعموم والنخبة على نطاق مناسب، سيتعين على اللجنة المركزية أن تضع مجموعة من الشروط والقواعد التي تضمن وصول ممثلين حقيقيين، ومن ذوي الكفاءات ممن يصلحون لصياغة التشريعات، والتفاوض حول مواد الدستور.
قضية التمثيل في هذا المجلس ليست أمرًا يمكن قبول الثغرات فيه، يجب أن يكون التمثيل قويًا وحقيقيًا قدر الإمكان؛ لأن هذا المجلس سيرسم مستقبل سوريا وصورتها الدائمة، ويجب ألا يغيب عن أعضاء اللجنة العليا المكلفين بالإشراف على العملية الانتخابية وتشكيل المجلس أن شكل عملية تشكيل المجلس هو جزء من مضمون المجلس، وأن لا فرق بين الشكل والمضمون في العملية السياسية.
ومن المثير للانتباه أن المرسوم 66/2025 الخاص بتشكيل الهيئة العليا للانتخابات ومهامها حدد طبيعة المرشحين للتمثيل بأنهم من "الأعيان والمثقفين" والمقصود بالطبع نخبة المجتمع، من الوجهاء والشخصيات ذات المكانة الاجتماعية المؤثرة، يشمل ذلك رئيس رجال الأعمال والشخصيات العامة، أما المثقفين فالمقصود منه على الأرجح الكفاءات من الاختصاصيين في العلوم الاجتماعية المختلفة وصناع الرأي العام، وعلى الرغم من غرابة هذا التحديد في تشكيل مجلس الشعب، لكن الظروف التي يشكل من أجلها المجلس والتي تتطلب بالفعل توفير نخبة قادرة على تحقيق الغرض من تشكيل مجلس الشعب في هذه المرحلة الخطيرة تجعل الأمر مفهومًا ومستساغًا، وربما كان من الأنسب استخدام الاكتفاء بعبارة "الكفاءات".
مهمة كتابة الدستور الدائم
تنتظر هذا المجلس التشريعي مهمات كثيرة، فالفراغ التشريعي لمدة طويلة خلف تراكمًا في الأعمال التشريعية الضرورية لبناء الدولة، لكن المهمة الأخطر التي سيتعين على المجلس التشريعي القيام بها هي كتابة الدستور الدائم، الذي سيحدد شكل النظام السياسي لسوريا لعقود طويلة، لأن الهيئة التأسيسية ستنبثق على الأرجح عن هذا المجلس، سواء في دورته الأولى أو الثانية، لأن المجلس سيكون له دورتان فقط في المرحلة الانتقالية، وسيكون عليه تشريع القوانين اللازمة للانتقال السياسي، بما في ذلك الأحزاب والانتخابات.
والواقع أن هناك ثلاث طرق لتشكيل الهيئة التأسيسية:
الأولى: هي الانتخاب المباشر من الشعب، وفي ظل ظروف معقدة مثل سوريا لا توجد ضمانة للتمثيل ولا ضمانة لخروج الكفاءات اللازمة لكتابة الدستور، والتفاوض حول مواده مع أطراف المجتمع.
الثانية: هي التعيين، وهي طريقة قد تضمن التمثيل ووجود الكفاءات، لكنها تفتقد للشرعية اللازمة للمرحلة الدائمة.
الثالثة: هي الانتخاب من المجلس التشريعي، حيث يبدو طريقًا إجباريًا، لأنه يجمع بين ميزة توفر الكفاءات والتمثيل، والشرعية، ما يجعل احترام الدستور أكثر رسوخًا، وفي مثل هذه الحالة تكون الهيئة التشريعية ثلث المجلس في الحد الأقصى، ويجب الأخذ بالاعتبار التمثيل الطائفي والعرقي كاملًا.
لهذا السبب يجب أن يؤخذ بالاعتبار عند تشكيل المجلس هذه المهمة الاستثنائية له، وربما يكون من المفيد استخدام الثلث المعين من قبل الرئيس لتغطية النقص الذي قد يحصل في توفير هذا التمثيل والكفاءات اللازمة، فالإعلان الدستوري منح الرئيس صلاحية تعيين الثلث لجبر الخلل الذي يمكن أن يحدث في تشكيل المجلس بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
كتابة دستور جديد ستقتضي عدة أمور، هي: قانون لنظام انتخابي جديد، وقانون للأحزاب (أشار إليه الإعلان الدستوري في المادة 14)، وقانون للمحكمة الدستورية وتنظيم القضاء، وقانون للعدالة الانتقالية بعد تشكيل هيئة متخصصة في ذلك.
تحديات
اللحظة مواتية للشروع في تشكيل المجلس، والحاجة ملحّة له، ومع ذلك فإن عدم استتباب الأمن بشكلٍ تام في مناطق مثل الساحل، ومناطق مثل الجزيرة التي لا تزال تحت سيطرة قوات قسَد (قوات سوريا الديمقراطية) الكردية، تمثل عقبات أمام اللجنة العليا للانتخابات، وقد يحد هذا من قدرة اللجنة على تحقيق التمثيل الشامل والعادل، وقد تضطر في بعض الأحيان للتنازل عن بعض المعايير في تلك المناطق لتحقيق تمثيل مقبول فيها، وقد يشكل الثلث المعين أحد الضمانات لتجاوز عقبة التمثيل فيما إذا فشلت اللجنة في تحقيق ذلك بسبب عقبات أمنية ولوجيستية.
هنا يبرز مرة أخرى دور الثلث المعين، ويحسب للجنة التي كتبت الإعلان الدستوري ترك هذا الثلث للتعيين لتجاوز المشكلات التي يمكن أن تواجه اللجنة في تشكيل المجلس والتعامل مع الظروف، وهي طريقة اعتمدت في المؤتمر السوري العام الأول، حيث عُين نحو ثلث أعضاء المجلس (35 عضوًا من أصل 120 نائبًا) لاعتبارات تتعلق بوجود الاحتلال الفرنسي والبريطاني، وتعذر القيام بعملية انتخابية في كل المناطق، هناك، إذًا، سابقة يمكن البناء عليها.
التحدي الآخر هو وجود كفاءات ضرورية يمكن التعويل عليها في صياغة القوانين والتفاوض بشأن المواد الدستورية، من الخبراء والسياسيين والحقوقيين والنقابيين وخريجي العلوم السياسية والدراسات الإسلامية والدينية وعموم العلوم الاجتماعية، وحتى من المجتمع المدني الذين راكموا خبرات كبيرة خلال السنوات الأربع عشرة الأخيرة، وكثير منهم عملوا في الانتقال السياسي والأنظمة القانونية والقضائية والدستورية، يجب أن تلحظ اللجنة العليا للانتخابات وجود مثل هذه الكفاءات بالقدر الكافي في الهيئة الناخبة، وتوفير فرص لها للانضمام للبرلمان عبر انتخابات نزيهة وشفافة.
مجمل التحديات يمكن التغلب عليها، لكنها تتطلب بعض الوقت والتأني، المؤتمر السوري العام عام 1919 استغرق أكثر من ثمانية أشهر بسبب الظروف الانتقالية بين انهيار الدولة العثمانية والانتداب الفرنسي، اليوم لدينا ظروف شبيهة من حيث إننا بالفعل في مرحلة أقرب إلى إعادة بناء الدولة من أساسها، ولكن أيضًا لدينا خبرة تمتد لمائة عام، ووسائل اتصال حديثة تعوّض بعض النقص في البنية التحتية اللازمة للانتخابات وتشكيل المجلس.
إنه لمن الصحيح القول إن الظروف الاستثنائية قد لا تساعد على إنشاء مجلس تمثيلي في شكل مثالي، لكن مع الكثير من الجهد والانتباه إلى العوائق وابتكار الطرق اللازمة لمواجهتها والحفاظ على الشكل والمضمون معًا سيكون بالإمكان تحقيق تمثيل مقبول ومناسب للمهامّ التي أنيطت بالمجلس التشريعيّ الانتقالي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
خبير إسرائيلي: قد نواجه عزلة دولية بعد تسونامي الاعترافات بفلسطين
حذر الضابط الإسرائيلي السابق ورئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب، الدكتور ميخائيل ميلشتاين، من أن إسرائيل تقف على أعتاب " تسونامي" سياسي دولي غير مسبوق قد يبلغ ذروته الشهر المقبل، بسبب استمرار إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته على حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة بدون رسم إستراتيجية واضحة تجاه القضية الفلسطينية. وقال ميلشتاين في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت إن "الموجة القادمة، والأشد قوة على الإطلاق من الهجوم الدولي على إسرائيل، متوقعة في سبتمبر/أيلول القادم عند انعقاد الدورة السنوية للجمعية العامة في نيويورك، وقد تقود إلى عزلة خانقة وإجراءات عقابية تمس جميع الإسرائيليين". من "رشح ماء" إلى فيضان وفيما أكد أن هذا التهديد "ليس مفاجئا" بل تم التحذير منه مرارا في الأشهر الأخيرة، لكنه قوبل بتجاهل رسمي، فقد أشار ميلشتاين إلى أن المؤشرات على هذا التصعيد بدأت قبل أشهر حين أعلنت فرنسا والسعودية عن مبادرة للحصول على اعتراف دولي واسع بالدولة الفلسطينية خلال انعقاد الجمعية العامة. وقال إن هذه التحذيرات قوبلت بتفسيرات تقلل من أهميتها، مثل أن الخطوة تعكس ضائقة سياسية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، أو أنها لن تحمل أثرا عمليا، أو أن الدعم الأميركي المطلق سيظل يحمي إسرائيل. وأضاف "ما كان يُنظر إليه كرشح ماء غير مضر، تحول الأسبوع الماضي إلى فيضان، مع إعلان بريطانيا وكندا عزمهما الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر/أيلول، وصدور إشارات مشابهة من دول أخرى بينها ألمانيا، وقرار هولندا منع دخول الوزيرين بتسلئيل سموتريتش و إيتمار بن غفير إلى أراضيها". وأردف أن أوروبا بدأت تبعث برسائل حول احتمال تقليص التعاون مع إسرائيل في مجالات التجارة والعلوم، مما يعد مؤشرا خطيرا على تدهور العلاقات. رد متغطرس وينتقد ميلشتاين طريقة تعامل الحكومة مع هذه التطورات، معتبرا أن الرد الإسرائيلي "يعكس سوء فهم عميقا لطبيعة التحدي، وفي أحيان كثيرة عجزا حقيقيا". ولفت إلى أن كثيرين في إسرائيل يفسرون الأزمة على أنها مجرد مشكلة في " الهاسبرا" (الدعاية أو الإعلام الخارجي)، أو في فشل الدبلوماسية العامة، خاصة حول الأزمة الإنسانية في غزة. بل إنه يرى أن آخرين في القيادة السياسية يذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك، مثل اتهام الدول الغربية بتعزيز حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتحميل هذه الدول المسؤولية عما أسماه تشدد حماس في مواقفها في المفاوضات حول الصفقة، بل وحتى الاستهزاء بالدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية ودعوتها إلى إقامة دولة فلسطينية على أراضيها. كما يسخر الضابط السابق من ردة فعل وزير الأمن الداخلي بن غفير الذي زعم عودة ألمانيا إلى دعم النازية. لكن ميلشتاين يحذر من أن هذا الرهان محفوف بالمخاطر، إذ تتزايد الانتقادات لإسرائيل حتى داخل الحزب الجمهوري الأميركي، كما أن حلفاءها العرب قد يضغطون على الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتغيير موقفه من الحرب. تحذير من العزلة ويعتبر الضابط السابق أن استمرار غياب إستراتيجية سياسية تجاه الفلسطينيين يدفع إسرائيل نحو عزلة متزايدة ويضر بمكانتها وصورتها الدولية، فضلا عن الأضرار التي سببتها حرب الاستنزاف في غزة من خسائر بشرية وانقسام داخلي وابتعاد عن هدف تحرير الأسرى. كما يحذر من أن الصورة التي تتشكل عن إسرائيل في العالم باتت مقلقة، إذ لم تعد "مجزرة 7 أكتوبر/تشرين الأول" تُعتبر مبررا لكل خطواتها، بل بدأ يُنظر إليها كدولة "متهورة" تعتمد على ركيزتين، الأولى، استخدام القوة في كل ساحة وفي أي ظرف من دون إطار إستراتيجي أو عمل سياسي مواز، والثانية، رؤية أيديولوجية متأججة تسعى إلى تغيير جذري للواقع. ويختم ميلشتاين بدعوة عاجلة إلى "يقظة حكومية" قبل أن تجد إسرائيل نفسها في وضع دول مثل روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين أو صربيا في عهد الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش أو جنوب أفريقيا في حقبة الفصل العنصري. وأكد أن "الموجة القادمة، والأشد قوة من التسونامي السياسي، ستتمثل في اعتراف دولي واسع بالدولة الفلسطينية، والأخطر هو اتساع الحديث عن فرض عقوبات غير مسبوقة سياسية واقتصادية وأمنية على إسرائيل، ما سيؤثر بشكل دراماتيكي على حياة جميع الإسرائيليين". ويؤكد على أن هذا التهديد "نابع في معظمه من السياسة الحالية تجاه القضية الفلسطينية، وأن تجاهله قد يقود إلى هاوية سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة".


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
التوازنات الجيوسياسية في سوريا من الطاقة إلى الأمن
تواجه سوريا تحديات معقدة في سياق جيوسياسي متغير، حيث سعت الإدارة السورية الجديدة منذ وصولها للحكم إلى وضع خارطة طريق ترتكز على تحقيق توازن بين المصلحة الوطنية والمصالح المشتركة للأطراف الإقليمية والدولية. هذه الخطوة أتت في وقت يتطلب فيه الوضع الراهن الابتعاد عن حالة الصدام، وهو ما تجلى بشكل واضح في ملف الطاقة، الذي يعد أحد الملفات الناجحة في هذا الشأن. فقد تمكنت سوريا من تحقيق توازن بين الاستثمارات والتنافس حول إعادة الإعمار، مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون مع جميع الدول. ومع ذلك، تبقى هناك تحديات داخلية عالقة، أبرزها سلاح المليشيات الانفصالية التي تحاول إسرائيل استثمارها لتحقيق طموحاتها التوسعية وفدرلة سوريا. في هذا الإطار، شهدت الأشهر الثمانية الماضية تطورات مهمة، بما في ذلك رفع العقوبات وتعنت المليشيات، التي تستقوي بالكيان الصهيوني الذي يسعى لتحقيق مكتسبات جيوسياسية تحت مسمى "الحماية الإنسانية". في الواقع، يبدو أن أهداف إسرائيل متعددة، حيث تبحث عن مبرر لتوسعها الجيوبوليتيكي نحو دمشق، وقد تمكنت من دخول مساحات جديدة تصل إلى 300 كيلومتر منذ سقوط النظام البائد. قبل ملف الجنوب، أعلنت إسرائيل عن نيتها تقديم الحماية لمليشيا شمال شرق سوريا الانفصالية (قسد) في تحدٍ واضح لتركيا، التي كانت قد أعلنت في وقت سابق عن خطوات استباقية منها نيتها وضع قواعد عسكرية وسط سوريا. وكان الرد الإسرائيلي بقصف مطار حماة العسكري ومطار T4، مما يعكس تصاعد التوتر والنفوذ في المنطقة. بعد عدة أشهر استمرت إسرائيل بسياسة شد الأطراف عبر استمالة الدروز وإقناعهم بطلب الحماية الإنسانية فقامت باستهداف مبنى قيادة الأركان، ومحيط القصر الرئاسي. في ظل هذه الضغوط، وتسارع الأحداث تحركت العشائر العربية، كرسالة واضحة لمن يريد العبث بالأمن. وفي السياق ذاته، جاء التحرك في الكونغرس الأميركي لتمديد قانون قيصر كإشارة واضحة لدمشق لاتخاذ قرارات جريئة داخلية وعلى الصعيد الخارجي. على صعيد آخر، أعلنت السعودية عن نيتها استثمار 15 مليار دولار في سوريا، مما يعكس تغيرًا في موازين القوى الإقليمية ورسالة إضافية لحضورها في هذا الشأن. ومع إدراك دمشق أن الصبر والدبلوماسية لم يعودا كافيين، وربما بات السلاح أهم من الخبز لذا فقد أبرمت الإدارة السورية اتفاقيات دفاعية إستراتيجية مع أنقرة تضمن الاستقرار وتعزز حضورها الإقليمي، الذي تحاول إسرائيل سلبه. إن المستقبل القريب يحمل في طياته تحديات كبيرة، ولكن أيضًا فرصًا للتعاون والتوازن في العلاقات الدولية، مما يتطلب من كل الأطراف المعنية التحلي بالحكمة والمرونة والدبلوماسية إن ما بين نية تركيا إنشاء قواعد عسكرية في الوسط السوري، وتدخلات إسرائيل في العمق الإستراتيجي لدمشق، تتبادل رسائل عالية النبرة وضغوط على كافة الأصعدة، تعيق الاستقرار والاستثمار وتهدد الأمن والسلم الدوليين، ومن الواضح أن ملفي الهجري وقسد لا يعدو كونهما أوراقًا استثمارية ضاغطة، بينما تخفي مصالح القوى المحركة الكثير من التعقيدات. وفي سياق متصل، تتزايد التكهنات بشأن حالة تصادمية بين أنقرة والكيان الصهيوني، حيث أخذ الأخير دور النظام البائد ومحور إيران في اللعب بملف المليشيات. وإذا لم تكبح الولايات المتحدة طموحات نتنياهو فإن التصادم لا مفر منه باعتقادي الشخصي أو القبول بتقديم تنازلات. في هذا السياق ليست دمشق وحدها تحت الضغط الإسرائيلي بل الأردن أيضًا إن لم يستعد بخطوات استباقية، حيث يواجه تهديدات لأمنه القومي، بما في ذلك الأمن المائي والغذائي. إن المستقبل القريب يحمل في طياته تحديات كبيرة، ولكن أيضًا فرصًا للتعاون والتوازن في العلاقات الدولية، مما يتطلب من كل الأطراف المعنية التحلي بالحكمة والمرونة والدبلوماسية في التعامل مع هذه الديناميات المتغيرة.. فالمأزق خطير ومعقد.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
معاريف: نتنياهو يهمش زامير والجيش يعاني من إرهاق خطير
كشفت صحيفة معاريف أن إسرائيل تواجه أزمة داخلية حادة بين القيادتين السياسية والعسكرية في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة منذ 667 يوما، وسط مؤشرات على أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتعمد تهميش دور رئيس الأركان إيال زامير ومنعه من عرض خطط الجيش للمرحلة المقبلة أمام المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت). ووفقا لما أورده المراسل العسكري للصحيفة آفي أشكنازي، فإن زامير يطلب منذ عدة أيام عقد جلسة للكابينت لعرض خطط مواصلة العمليات العسكرية، غير أن نتنياهو يرفض ذلك، مما يترك الجيش في حالة غموض إستراتيجي حيال مسار الحرب. ويشير المراسل إلى أن هذا الوضع يعكس خلافا متصاعدا بين المؤسستين العسكرية والسياسية، في وقت بات فيه الجيش يعتبر أن مهام عملية "عربات جدعون" قد أُنجزت، وأن الكرة الآن في ملعب المستوى السياسي. ونقل أشكنازي عن مسؤول أمني رفيع قوله "لا نعرف ما الذي يريده المستوى السياسي. سلّمنا صورة الوضع كاملة وأوضحنا أننا أنهينا مهامنا. الآن جاء دورهم للتحرك". دائرة ضيقة وأضاف المسؤول الأمني أن المؤسسة الأمنية والعسكرية تعلم أن المستوى السياسي مستعد الآن لصفقة شاملة لتبادل الأسرى بدل إنجازها على مراحل، لكنها لا تعرف ما الذي يجري في المفاوضات. وتابع "في الماضي كنا شركاء في التفاصيل، أما الآن فالأمر يدار بين شخصين فقط: نتنياهو ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، ونعرف المستجدات من الجانب الآخر عبر القنوات الاستخباراتية". وأكد المراسل العسكري لصحيفة معاريف أن أجواء قيادة الجيش تعكس إحباطا كبيرا من طريقة إدارة كبار المستوى السياسي للحرب، حيث نقل عن مصدر بارز قوله إنه لا يُسمح للقيادة العسكرية بعرض الخطة على الكابينت، وهي لا تعرف ما الذي يريده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ولا إلى أين يقودون استمرار العمليات. وقال المصدر نفسه للصحيفة "الشيء الوحيد الواضح هو موقف 3 وزراء في الكابينت: وزير المالية والوزير في وزارة الحرب بتسلئيل سموتريتش ، ووزيرة الاستيطان أوريت ستروك، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ، وهم الذين يطالبون علنا باحتلال كل القطاع وإقامة مستوطنات إسرائيلية فيه. أما مواقف بقية الوزراء فهي غير واضحة بالنسبة لنا". وبحسب أشكنازي، فإن استمرار حصر إدارة الملفات الحساسة في دائرة ضيقة تضم نتنياهو وديرمر فقط، يفاقم أزمة الثقة بين الجيش والحكومة، وقد ينعكس سلبا على قدرة إسرائيل على إدارة الحرب أو تحقيق أهدافها المعلنة. ويرى المراسل العسكري أن غياب الرؤية الواضحة يضع إسرائيل أمام مفترق طرق في ظل ضغط داخلي وخارجي متزايد للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى، وحالة استنزاف غير مسبوقة في صفوف الجيش. إرهاق وحرب عصابات وكشف المراسل العسكري لصحيفة معاريف آفي أشكنازي أن قيادة الجيش حذرت من أن استمرار القتال دون إستراتيجية واضحة يفاقم من إرهاق القوات، إذ إن بعض قادة السرايا لم يجروا تدريبات منذ إنهاء دورة الضباط، وفقدوا مهارات التخطيط والتدريب، فيما اقتصرت خبرة كثير من الوحدات الأمامية على القتال بغزة فقط منذ اندلاع الحرب. كما كشف أشكنازي أن الجيش قرر مؤخرا أن أي فرقة نظامية لن تخوض أكثر من 3 أشهر متواصلة من القتال داخل قطاع غزة، يليها شهر راحة خارجه، بهدف الحد من الإنهاك النفسي والبدني. ونقل عن مسؤول عسكري قوله "هؤلاء أفضل أبناء إسرائيل، رأس الحربة لدينا، وهم يُستنزفون". وأوضح المراسل العسكري أن الجيش أعد خطة جديدة لمواجهة حرب العصابات في غزة، ومن المقرر أن يعرضها قائد القيادة الجنوبية، اللواء يانيف عاشور، على رئيس الأركان. وتعتمد الخطة على تمركز القوات في نقاط سيطرة إستراتيجية، أبرزها غلاف غزة ومحور فيلادلفيا، بهدف فرض حصار محكم على مدينة غزة ومراكز التجمع السكاني، وتكثيف الضربات الجوية، وإغلاق شبكات الأنفاق، إضافة إلى تنفيذ عمليات مداهمة واقتحام محدودة ضد تشكيلات حماس، مع نشر القوات بأسلوب يقلل تعرضها للهجمات المباشرة. ويختم أشكنازي بالإشارة إلى أن مستقبل العمليات في غزة سيبقى رهين القرار السياسي، لكن استمرار الخلاف الحالي قد يؤدي إلى تعميق الفجوة بين المؤسستين العسكرية والسياسية، وربما يدخل إسرائيل في مرحلة أكثر تعقيدا على الصعيدين العسكري والأمني.