
الاستقلال..
كلما مرت مناسبة وطنية في واحد من البلدان العربية، أحاول أن أرصد تعاطي الأردنيين معها، وكثيرا ما أجد تفاعلات عديدة من أردنيين يشاركون أشقاءهم العرب فرحهم وفخرهم ببلدانهم ومناسباتهم.
لكن الأمر يأتي معاكسا حين تكون المناسبة أردنية، فحتى أولئك الأردنيين 'الناشطين قوميا' يختفون، وينسحبون من مشهد الاحتفال، وكأنما هم خجلون من أن يسجل عليهم أنهم احتفلوا بوطنهم مع أبناء شعبهم، وأن الفرح تسلل إلى قلوبهم في هذه المناسبة الغالية!
في جميع الدول، تمثل ذكرى الاستقلال واحدة من المناسبات الخاصة التي تستدعي الشعور الوطني العارم والفخر، والتعبير عن الانتماء للأرض والتاريخ، وهو سلوك مباح لجميع الشعوب التي لا ترى فكاكا من اشتراطات الأرض والتاريخ، كما أنه سلوك ليس خاصا بفئة، بل هو للسلطة والموالاة والمعارضة معا، وينبغي أن لا يكون محل شك أو نزاع عند أي فئة منهم.
لكن الأمر لا يقف عند 'ظاهرة الاختفاء' في المناسبة، بل يتعداه إلى تعبيرات غريبة، سواء كانت 'مواربة' أو بشكل مباشر، ففي ذكرى الاستقلال على وجه الخصوص، دائما ما نجد 'ململة' تحاول الانتقاص من المناسبة نفسها بدعاوى كثيرة، مثل أن يقول أحدهم: 'عن أي استقلال تتحدثون!'. أو 'نحن لسنا مستقلين سياسيا أو اقتصاديا'، وغيرها من التعبيرات التي تسعى جاهدة إلى زعزعة إيمان الأردني بوطنه ورموزه، وبث الشك في قدرة بلده على الصمود والتحديث والتطور.
نعم؛ نحن في الأردن نعيش ظروفا سياسية محيطة غاية في الصعوبة، يفرضها علينا واقعنا الجيوسياسي الذي لا نحسد عليه، ونحن لم نتحرر من هذه الظروف على مدى قرن كامل من عمر الدولة، علاوة على المؤامرات السياسية التي واجهها الأردن من كثير من الدول 'الشقيقة والصديقة' والجماعات المارقة، التي لعبت على الحبلين، ومدت أيديها، وما تزال، للعبث في الداخل الأردني، محاولة هز الاستقرار، والإطاحة بأمن الناس.
لكن جميع هذه المؤامرات؛ الصغيرة منها والكبيرة، تكسّرت على حدود الأردن، أو بين جباله وسهوله وغاباته، ليبقى بلدنا شامخا كما عهده العالم. ونحن نعلم أن المؤامرات لا تنتهي، لذلك نؤمن أن ما سيحمله المستقبل منها سوف يتكسر هو الآخر، وسنبقى واجهة للأمن في محيط يفيض بالعنف والكراهية والتفتت المذهبي والطائفي والإثني.
وكذلك نعم؛ فنحن في وضع اقتصادي صعب، ولدينا تحديات حقيقية في أرقام البطالة والفقر والمديونية. لكن؛ أليس هذا هو حال دول العالم جميعها التي تعيش تحولات اقتصادية هائلة؟ لدينا اليوم إستراتيجيات تحديث اقتصادية، درست التحديات جيدا، وراعت جميع الفرص التي يمكن استثمارها، من أجل إنفاق رأسمالي مدروس يسهم برفع نسبة النمو، ورفع الناتج الإجمالي، لتوليد فرص عمل تستوعب العاطلين عن العمل، وتساعد في رفع مستوى معيشة المواطن، إضافة إلى مشاريع الحماية الاجتماعية التي تعنى بالطبقات الهشة.
رغم جميع الظروف الصعبة؛ داخليا وفي المحيط، إلا أن ما هو متحقق لدينا اليوم في الأردن، لا تستطيع كثير من الدول توفيره لشعوبها، رغم أنها لا تعاني مما يعانيه بلدنا، فلماذا يتوجب علينا الخجل والشعور بالنقص تجاه مناسباتنا الوطنية؟!
لكن مهلا؛ فالفخر الوطني ليس 'بورصة' ترتفع أسعار أسهمها مرة، وتنخفض مرة أخرى، تبعا للحال الاقتصادية أو الرغبات أو الميول أو الاصطفافات. إنه شعور يجري مع دم الإنسان، ولا يمكن لفاقده أن يحصل عليه، حتى لو أجريت له عمليات نقل دم بغزارة. إنه انتماء فطري لا يخضع للقياسات المتغيرة التي يحاول بعضهم إخضاعنا لها.
لقد بُني هذا الوطن من عرق ودموع ودماء. وسيّجه أبناؤُه بالأمل، وبدعوات أمّهات الشهداء وزوجاتهم وبناتهم، وأغمضوا عليه جفون الأعين لكي يظل محروسا من الأذى، لذلك يحق لهم أن يفخروا بأنهم ينتمون إليه.
كل عام وفرحة الاستقلال أكبر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
مسؤول أوروبي يدعو لربط مؤتمر الاستثمار مع الأردن بمشروع 'استراتيجي ضخم'
أشاد مسؤول دبلوماسي أوروبي بخطاب جلالة الملك عبدالله الثاني أمام أعضاء البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، مشيرًا إلى أن الخطاب لاقى 'أصداء كبيرة' لدى جميع الأطياف السياسية الأوروبية، في برلمان 'شديد الاستقطاب' ومنقسم بشدة تجاه ما يجري في الشرق الأوسط وأوكرانيا. وفي حديث ، قال المسؤول إن قاعة البرلمان كانت ممتلئة بجميع أعضائه (أكثر من 700 عضو)، وقد استُقبل الملك بحرارة، واستُمع لكلمته بإصغاء كامل، كما لقي تصفيقًا ووقوفًا في الختام، واصفًا الخطاب الملكي بأنه 'مدرسة في الدبلوماسية'. كما أشاد المسؤول أيضًا بإصرار الملك على المجيء إلى ستراسبورغ وإلقاء خطابه، رغم تصاعد الأحداث في المنطقة بين إسرائيل وإيران واستمرار الحرب على غزة، مشيرًا إلى أن جلالته شدد على القانون الدولي والتسامح وسيادة القانون، كما ركّز في خطابه على التراث المسيحي في الأردن، وهو ما يخاطب شرائح معينة في البرلمان الأوروبي. وأكد أن الأردن يُعد الدولة الأكثر قبولًا لدى مختلف الأطياف السياسية اليمينية واليسارية في البرلمان الأوروبي، وذلك للدور الكبير الذي يجسّده في استضافة اللاجئين، وتمسّكه بحل الدولتين، ووصايته على المقدسات في القدس. وترى الأطياف السياسية في البرلمان الأوروبي أن الأردن يتمتع برصيد سياسي إقليمي مهم، لذا كان هناك إجماع واسع من اليسار إلى اليمين على دعم الأردن، حيث يرى اليسار في الأردن نموذجًا للتضامن في قضايا اللاجئين وفلسطين ودعم حل الدولتين، فيما يُقدّر اليمين الاستقرار الذي يمثله الأردن على مستوى المنطقة. شراكة استراتيجية وتوقّع المسؤول الأوروبي أن تتعمق العلاقات الأردنية الأوروبية بعد الزيارة الملكية إلى فرنسا وبروكسل خلال العام الحالي، وأن يزور بعض القادة الأوروبيين الأردن قريبًا، مع البدء بتفعيل بنود الشراكة الاستراتيجية، خاصة تلك المتعلقة بجذب الاستثمار وتحفيز القطاع الخاص. وأشاد المسؤول بتوقيع الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والاتحاد الأوروبي، موضحًا أن هذه الشراكة لم تكن مجرد وثيقة، بل دُعمت بحزمة دعم مالية كبيرة تصل إلى 3 مليارات يورو، منها جزء يُصرف مباشرة، وآخر يُستثمر من خلال حوافز مالية عامة وتسهيلات في الإقراض. وأشار إلى أن المساعدات المالية للاتحاد الأوروبي تخضع لإطار مالي متعدد السنوات (MFF)، وهو برنامج موازنة يمتد إلى 7 سنوات، يضمن القدرة على التنبؤ والمرونة، بغض النظر عن التحولات السياسية لدى الدول الأعضاء. مؤتمر استثماري مشترك وعن المؤتمر الاستثماري المرتقب في عمّان مطلع العام المقبل لدعم الاستثمار في المملكة وتشجيع استقطاب استثمارات أوروبية، قال المسؤول الأوروبي إن نجاح المؤتمر يتطلب ربطه بمشروع استراتيجي كبير مثل افتتاح مشروع 'الناقل الوطني للمياه'، مشيرًا إلى أن التجربة السابقة في تنظيم منتدى الأعمال الأول 'لم تكن بمستوى التطلعات، رغم المشاركة الواسعة محليًا'. وأضاف: 'في العام الماضي، نظمنا منتدى الأعمال الأول في الأردن وشارك فيه قرابة 500 شخص، لكن عدد الممثلين الأوروبيين كان ضئيلًا للغاية — فقط شركتان'، حيث أرجع المسؤول هذا الحضور المحدود إلى توقيت انعقاد المنتدى، الذي تزامن مع ذروة الحرب على غزة، إضافة إلى غياب الزخم السياسي والدعم الأوروبي الكافي، وعدم وجود حوافز حقيقية لجذب الشركات الصغيرة والمتوسطة. وشدد المسؤول على أن الدرس الأول المستفاد هو أن أي منتدى استثماري يجب أن يُربط بإعلان كبير، أو سوق واعدة، أو مشروع ضخم، معتبرًا أن مشروع الناقل الوطني، بتكلفته التي تصل إلى مليارات الدولارات، يشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الأردن على استقطاب الاستثمارات الكبرى، وتوفير بيئة أعمال آمنة وجاذبة. وأكد على ضرورة أن يترافق المنتدى مع 'قائمة واضحة من المشاريع الجاهزة للاستثمار' تقدمها الحكومة الأردنية، وتشمل قطاعات ذات أولوية. ومن بين هذه القطاعات، طرح المسؤول الهيدروجين الأخضر كمجال واعد، إلى جانب مشاريع أخرى مثل الربط الكهربائي، التحول الرقمي، والتخزين المائي، والتي تشكل مجالات اهتمام رئيسية للمستثمرين الأوروبيين، لكنها تتطلب عرضا واضحا ومقنعا. مشروع الناقل الوطني للمياه أكد المسؤول الأوروبي أن مشروع الناقل الوطني للمياه (تحلية المياه من العقبة إلى عمّان والمحافظات) يسير على الطريق الصحيح، وقد جرى تأمين التمويل اللازم من خلال بنوك عامة وخاصة، مشيرًا إلى أن المشروع لا يقتصر فقط على مدّ الأنابيب. وقال: 'إذا تم ضخ 300 مليون متر مكعب من المياه الإضافية، فالشبكة الحالية لن تتحملها'، مؤكدًا ضرورة بناء محطات فرعية، وتطوير خطة مرافقة للتزويد بالطاقة، وتوسعة قدرة الشبكة. وأوضح أن التكلفة الإضافية للمشروع قد تصل إلى مليار يورو فوق تكلفة الناقل نفسه. وبيّن أن نصف المياه العذبة في الأردن تُستخدم في الزراعة، رغم ندرتها، وغالبًا ما تُوجَّه هذه المياه لزراعة منتجات يمكن استيرادها بكلفة أقل من إنتاجها محليا. كما أكد على ضرورة بناء محطات تحلية، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي يبني حاليًا ست محطات لمعالجة المياه العادمة في الأردن، لتُستخدم في ري بعض المنتجات الزراعية أو حتى لإعادة ضخها في الشبكة.


الغد
منذ 2 ساعات
- الغد
عشيرة الدلقموني تستنكر إزالة اسم "ميدان فضل".. وبلدية إربد توضح
استنكرت عشيرة الدلقموني في إربد القرار الصادر من بلدية اربد الكبرى Greater Irbid Municipality بإزالة اسم 'ميدان فضل الدلقموني' – أحد الرموز التاريخية العريقة في مدينة إربد – واستبداله باسم 'ميدان الحرمين'، رغم تقديرنا العميق لكل ما يرمز له الاسم الجديد من قدسية واعتزاز. وأشارت العشيرة أن للفقيد فضل الدلقموني كان له دورٌ كبيرٌ ومؤثّرٌ إلى جانب رئيس الوزراء الشهيد وصفي التل، حيث شارك معه في العديد من المبادرات الوطنية التي خدمت المواطنين وعززت من مسيرة التنمية في المملكة. وحسب العشيرة إن محو اسمه اليوم يعد إغفالاً لإسهاماته الجليلة وتضحيته في سبيل رفعة الوطن. ودعت الجهات المعنية إلى مراجعة هذا القرار، والتأكيد على أهمية صون الهوية المحلية والتاريخية لمدينتنا، بما يعكس الوفاء لأبنائها الذين تركوا بصمات خالدة في مسيرتها. اضافة اعلان واكدت ان تاريخ المدن لا يُمحى بتغيير الأسماء، بل يُحفظ بالاعتراف والعرفان، وأن استعادة اسم 'ميدان فضل الدلقموني' هو أقل ما نقدمه تقديراً لذكرى من جادوا بوقتهم وجهدهم في خدمة وطنهم. وتُؤكد بلدية إربد الكبرى اعتزازها الكبير بجميع رجالاتها، وبما قدّموه للوطن والمدينة عبر تاريخها. وإذ تُعرب عن حرصها على إبراز أسماء هؤلاء الرجال والقادة من خلال تسمية أبرز معالم المدينة وطرقها بأسمائهم، فإنها تؤكد أيضاً أنها لم ولن تسعى يوماً إلى طمس الذاكرة أو محوها. وبينت إنّ تغيير أسماء بعض المعالم أو الشوارع جاء لأسباب واضحة، تم التوافق عليها من قبل أعضاء المجلس البلدي، ويمكن تلخيصها فيما يلي: في مطلع عام 2024، اتخذت لجنة التسمية والترقيم في البلدية قراراً، صادق عليه المجلس البلدي، يقضي بعدم تكرار أي اسم على معلمين مختلفين، بهدف جعل العناوين أكثر وضوحاً ودقة، وتجنباً لأي لَبس قد ينجم عن وجود الاسم ذاته في موقعين مختلفين. وقد طُبّق هذا القرار على عشرات المواقع، سواء كانت ميادين أو شوارع. وقد اجتهدت البلدية في الإبقاء على اسم الشخصية على المعلم الأبرز والأهم، احتراماً وتقديراً لها، وهو ما انطبق على اسم المرحوم فضل الدلقموني، الرجل الذي قدّم الكثير للأردن ونفخر به جميعاً. إذ لا يزال اسمه يُطلق على أحد أطول وأكبر شوارع المدينة، وهو الشارع الممتد من أمام الإشارة الواقعة على تقاطع شارع الهاشمي "إشارة الشنيك"، وحتى ميدان محمد أحمد سليم بطاينة "دوار البياضة". وانطلاقاً من قرار المجلس البلدي، رأت البلدية الإبقاء على اسم الشارع، كونه من بين أبرز الشوارع في المدينة، وتغيير اسم الميدان، إلى اسم " الحرمين الشريفين" لما له من قدسية واحترام كبيرين لدى المواطنين، مع التأكيد على أن هذا القرار لم يكن موجهاً ضد هذا الميدان تحديداً، بل شمل عدداً كبيراً من المواقع التي تكرّرت فيها أسماء المعالم. وتُجدد بلدية إربد الكبرى تأكيدها على تقديرها الكامل لرجل بحجم ومكانة المرحوم فضل الدلقموني، وتوضح أن ما جرى كان اجتهاداً يهدف إلى إزالة اللبس في العناوين لا أكثر.


الغد
منذ 3 ساعات
- الغد
القسام تقصف قوات الاحتلال شمال وجنوب خان يونس
اضافة اعلان وأضافت "القسام" في منشور لها على حسابها عبر منصة "تليغرام" ليل الجمعة، أنها "تدك بالإشتراك مع سرايا القدس تحشدات العدو في محيط مسجد حليمة جنوب المدينة بقذائف الهاون من العيار الثقيل".