
باحث سياسي لـ'الوئام': هدنة غزة مناورة لنتنياهو ولا تحمل أفقًا حقيقيًا للحل
تتزايد معاناة الشعب الفلسطيني، وسط ارتفاع أعداد الشهداء والمصابين، وباتت الحاجة ماسة إلى إقرار هدنة مؤقتة تفتح الباب أمام اتفاق سلام دائم ينهي معاناة الشعب الفلسطيني الذي عانى كثيرًا جرّاء انتهاكات واسعة ارتكبتها آلة الحرب الإسرائيلية.
رهان نتنياهو
ويرى علي فوزي، الباحث في الشؤون العربية والدولية، أن الحديث المتصاعد عن هدنة مؤقتة في قطاع غزة لمدة 60 يومًا يعكس انسداد الأفق السياسي والعسكري أمام أطراف النزاع، وفي مقدمتها الحكومة الإسرائيلية.
ويقول علي فوزي، في حديث خاص لـ'الوئام'، إن خيار التهدئة بات ضرورة سياسية وأمنية بالنسبة لإسرائيل، وليس مجرد خطوة إنسانية، كما أن نتنياهو يراهن على الهدنة لترميم وضعه السياسي المتراجع داخليًا بعد تداعيات الحرب وتدهور العلاقات مع المؤسسة الأمنية، خاصة في أعقاب المواجهة مع إيران.
نتنياهو وترمب
ويضيف فوزي، أن التنسيق السياسي بين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترمب بات واضحًا، لا سيما بعد دعم الأخير لترشيح نتنياهو لنيل جائزة نوبل للسلام، في خطوة تُعد 'محاولة لشرعنة الهدنة وتسويقها كمكسب سياسي مشترك للطرفين'.
رؤية استراتيجية
وتابع الباحث في الشؤون العربية والدولية قائلًا: 'الهدنة المتداولة، ورغم بعدها الإنساني، تفتقر إلى رؤية استراتيجية طويلة الأمد'، موضحًا أن واشنطن لم تطرح حتى الآن خطة واضحة للحل، بينما يتمسك نتنياهو بشروط أمنية صارمة تُبقي السيطرة الفعلية لإسرائيل، حتى مع حديثه عن منح الفلسطينيين 'إدارة ذاتية محدودة'.
صفقة مؤقتة
ونوّه علي فوزي بأن بعض التقارير العبرية تحدّثت عن احتمال انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا مقابل إعادة تموضعه في 'محور مراد'، بما يفرض وقائع ميدانية جديدة تضغط على السكان، وتعيد تشكيل الخريطة السكانية والأمنية للقطاع، في إطار ما وصفه بـ'الهندسة الجيو-ديمغرافية'.
وختم فوزي بالقول: 'الهدنة المقبلة أقرب إلى صفقة مؤقتة لاحتواء الموقف، منها إلى اتفاق حقيقي نحو تسوية دائمة، وستبقى غزة رهينة تهدئة هشة، ما لم تتوفر إرادة سياسية حقيقية لمعالجة جذور الصراع'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
"مأزق المطالب المتضاربة".. لماذا تتعثر مفاوضات هدنة غزة؟
عاد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تل أبيب دون التوصل إلى اتفاق هدنة في غزة، رغم توقعات متفائلة من مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين بإمكانية تحقيق انفراجة، وشهدت الزيارة الثالثة لنتنياهو إلى واشنطن منذ تنصيب الرئيس دونالد ترامب، لقاءات رفيعة المستوى، لكنها لم تفضِ إلى نتائج ملموسة، فلماذا تعثرت المفاوضات؟ رغم تصريحات نتنياهو المتفائلة بإمكانية إعلان هدنة خلال أيام، ظلت العقبات تحول دون التقدم، والمفاوضات في الدوحة، التي كان يُفترض أن تُكلل باتفاق، توقفت بعد تأجيل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف زيارته إلى قطر، وتركزت الخلافات على مدى انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة بعد إطلاق سراح بعض الرهائن، والخريطة الأولية التي قدمتها إسرائيل، والتي منحتها سيطرة على مناطق واسعة في القطاع، قوبلت برفض أمريكي، مما دفع إسرائيل لإعادة صياغتها لتكون أكثر قبولاً. حركة "حماس"، من جانبها، أشارت إلى خلافات إضافية، تشمل استمرار عمل صندوق غزة الإنساني المدعوم من إسرائيل والولايات المتحدة، الذي شهد مقتل 798 شخصاً أثناء محاولتهم الوصول إلى مواقعه منذ مايو 2025، وفق الأمم المتحدة، كما تطالب حماس بهدنة دائمة، وهو شرط ترفضه إسرائيل، التي تصر على نزع سلاح حماس وتجريد غزة من السلاح، وقد أشار نتنياهو إلى أن هذه الشروط غير قابلة للتفاوض، وأن إسرائيل ستلجأ للقوة إذا فشلت الدبلوماسية، وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية. وعلى الصعيد الداخلي، يواجه نتنياهو ضغوطاً من ائتلافه اليميني، بقيادة وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، الذين يفضلون استمرار الوضع الراهن على أي اتفاق سلام، وفي الوقت ذاته، يحرص نتنياهو على الحفاظ على علاقته مع ترامب، من خلال تأكيدات علنية بأنه يسعى للسلام، بينما يحافظ على سياسات ترضي قاعدته السياسية، وخلال الزيارة، أنتجت اللقاءات صوراً عززت الادعاء الإسرائيلي بأن العلاقة مع ترامب خالية من الخلافات، رغم تصريحات ترامب السابقة التي عبرت عن إحباطه من إسرائيل. وحاولت الولايات المتحدة، عبر وساطة قطرية، سد الفجوات بين الطرفين، مقترحة ضمانات لاستمرار الهدنة بعد 60 يوماً، لكن هذه الجهود لم تكلل بالنجاح، وإدارة ترامب، التي تضغط على إسرائيل مباشرة عبر نتنياهو ونائبه رون ديرمر، وعلى حماس عبر قطر، لم تحقق اختراقاً، وأوضح إليوت أبرامز الخبير في مجلس العلاقات الخارجية، أن فعالية هذه الضغوط لا تزال غير واضحة، مما يعكس تعقيدات المشهد السياسي.


Independent عربية
منذ 11 ساعات
- Independent عربية
ما وراء ترشيح نتنياهو ترمب لجائزة نوبل؟
تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بنبرة رصينة أثناء تنويهه بجهود صانع السلام الجالس أمامه. فقال نتنياهو "بينما نتحدث، نراه يصنع السلام في بلد تلو آخر، وداخل منطقة تلو الأخرى". وأضاف وهو ينهض لتسليمه الرسالة "لهذا السبب، أريد أن أقدم لك، سيدي الرئيس، رسالتي إلى 'لجنة جائزة نوبل'، وفيها ترشيحك للحصول على جائزة نوبل للسلام التي تستحقها، والتي ينبغي أن تحصل عليها". بدا التأثر واضحاً على الرئيس دونالد ترمب الذي كان شنَّ قبل أسابيع فقط ضربات جوية على إيران. فأجاب قائلاً "رائع! أن يصدر ذلك عنك فهذا أمر له معنى كبير بالنسبة إلي". بعدها بلحظات، تحدث ترمب عن مسعاه من أجل السلام. قال الرئيس، متحدثاً عن "الدبلوماسية" التي نال بسببها ترشيحاً لجائزة سبق أن منحت للأم تيريزا ونيلسون مانديلا "لقد ألقينا أكبر القنابل على الإطلاق، باستثناء النووية منها". [في مفارقة لافتة، قدم ترمب استخدامه للقوة العسكرية كجزء من مسعاه نحو السلام]. وتابع قائلاً "لا أريد أن أقول بماذا ذكرتني هذه الخطوة، لكن إذا عدنا بالزمن بعيداً، فهي ذكرت كثراً بحدث آخر، وصورة هاري ترومان الآن معلقة في الردهة" في تلميح واضح، شبه ترمب استخدامه للقوة بإلقاء القنابل الذرية على اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، وهو الهجوم الذي أودى بحياة أكثر من 120 ألف مدني. المفارقات لا تنتهي فالرئيس دونالد ترمب تلقى ترشيحاً لجائزة نوبل للسلام بعد أسابيع فقط من شن ضربات عسكرية على دولة كانت أجهزة استخباراته تؤكد أنها لا تطور سلاحاً نووياً. وأقدم على ذلك بعدما دمر بمفرده الاتفاق الدبلوماسي الذي تفاوض عليه سلفه باراك أوباما، والذي كان يؤدي غرضه بنجاح. بل أكثر، فهو تلقى الترشيح من رجل، لو أنه سلم رسالة الترشيح إلى لجنة نوبل في النرويج بنفسه، لكان عرضة للاعتقال بموجب التزام النرويج، كدولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية، بتنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة. وهذا الترشيح جاء من رجل يقود حالياً حرباً أسفرت عن مقتل أكثر من 55 ألف شخص، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، وحولت غزة إلى المنطقة الأعلى في العالم من حيث عدد مبتوري الأطراف من الأطفال بالنسبة إلى عدد السكان، خلال وقت دفع فيه الحصار المفروض على المساعدات الحيوية معظم السكان إلى حافة المجاعة. وباختصار، فإن ترشيح ترمب لجائزة السلام من قبل بنيامين نتنياهو يشبه ترشيح زعيم مافيا خيالي مثل توني سوبرانو لجائزة "عدم خرق القانون". لكن ترشيح نتنياهو لا يتعلق بالسلام العالمي بقدر ما يهدف إلى تليين موقف ترمب قبيل محادثات حاسمة تعقد هذا الأسبوع. وكان من المفترض أن تكون هذه الزيارة بمثابة جولة نصر لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بعد تحقيق حلم دام عقوداً بقصف البرنامج النووي الإيراني. وتحقق ذلك بمساعدة ترمب، ومن المرجح أن يحتاج إلى دعمه مجدداً في المستقبل القريب لضمان عدم إعادة بناء ذلك البرنامج. كما أن علاقة نتنياهو بترمب تمثل ركيزة سياسية يعود إليها كلما احتاج إلى تعزيز موقعه داخل ائتلافه الحاكم المتصدع في الداخل. فقد ذهب ترمب خلال الأسابيع الأخيرة إلى حد المطالبة بإسقاط تهم الفساد عن نتنياهو، رابطاً الدعم الأميركي لإسرائيل بمصير رئيس وزرائها. ولهذا السبب، حرص نتنياهو على أن يحاط وداعه من تل أبيب بضجة إعلامية كبيرة. لكن هذا الاستقبال الصاخب لم يكن في انتظاره على الجهة الأخرى. إذ أدخل رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى البيت الأبيض من الباب الخلفي الإثنين الماضي، ولم يعلن عن أية فعاليات عامة تجمعه بترمب خلال لقائهما المخصص لمناقشة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، ووقف محتمل لإطلاق النار في غزة، واتفاق سلام أوسع مع دول الخليج. وقد رأى بعض في هذا الترتيب مؤشراً إلى أن ترمب ربما يسعى هذه المرة إلى ممارسة مزيد من الضغط على نتنياهو لتحقيق بعض أهدافه. واللافت أن ترمب ونتنياهو يبدوان، في جوانب عدة، أكثر انسجاماً من أي وقت مضى. فهما خاضا الحرب معاً. لكن العلاقة بينهما خلال العام الماضي كانت في معظمها من طرف واحد، وترمب بدأ يلحظ ذلك. فقد منح ترمب نتنياهو شيكاً على بياض لاستخدام السلاح الأميركي في غزة دون محاسبة، من دون أن يتكلف حتى عناء الادعاء بأنه يهتم بسقوط المدنيين، بل إنه ذهب إلى حد مجاراة أكثر أحلام اليمين الإسرائيلي تطرفاً، بما في ذلك التطهير العرقي الجماعي للفلسطينيين من غزة. لكن لترمب خططه الخاصة في المنطقة. فهو يريد البناء على اتفاقات أبراهام التي وقعتها إسرائيل مع عدد من الدول العربية خلال ولايته الأولى، وبخاصة استمالة السعودية للانضمام إليها. ويأمل، لأسباب خاصة به لا علاقة لها بمصير الفلسطينيين على الأرجح، في التوصل إلى اتفاق سلام في غزة. غير أن تقدمه في هذا المسار كان محدوداً إلى حد كبير، لأن خطط نتنياهو طغت على أولوياته الخاصة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وفي هذا الصدد، لم يتردد ترمب في التعبير عن استيائه. فقبل بضعة أسابيع وجه توبيخاً علنياً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بسبب خرقه اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسط فيه مع إيران. وقال عن قادة إيران وإسرائيل "إنهم لا يعرفون ما الذي يفعلونه بحق الجحيم"، في تصريح أثار الدهشة بسبب توزيعه اللوم بصورة متساوية بين الطرفين. ويقال إن ترمب حريص على استغلال هذه الزيارة للضغط من أجل وقف لإطلاق النار في غزة ووضع حد دائم للحرب، وتعهد بأن يكون "صارماً جداً" مع نتنياهو لتحقيق ذلك. ويبدو أن جزءاً من استراتيجية الضغط هذه يتمثل في حرمانه من الأضواء الإعلامية إلى أن يقدم نتائج ملموسة. في حال التوصل إلى أي نوع من الاتفاق، أو في حال قدم نتنياهو لترمب ما يكفي ليشعر بأنه حقق نصراً، فتوقعوا مؤتمراً صحافياً مطولاً أكثر من المعتاد، مليئاً بحكايات الحرب وبطولات الجنود، وقنابل خارقة للتحصينات وطيارين مغامرين، وخطاب عن "السلام في زماننا".


Independent عربية
منذ 12 ساعات
- Independent عربية
أي حرب دائمة وسلام دائم؟
أهل غزة يستحقون أكثر من هدنة في حرب إبادة، لكن اللعبة أكبر من القطاع والهدنة والرهائن. والبحث عن نهاية الحرب على غزة يصطدم بما كان أساس العقدة من البداية: دور "حماس" كحركة مسلحة في فلسطين تريد تحرير الأرض المحتلة بالقوة، وطبيعة إسرائيل ثم الدرس الإستراتيجي الذي تعلمته من "طوفان الأقصى" وحرب غزة ولبنان وصواريخ الحوثيين، الذي خلاصته التخلي عن إستراتيجية "الردع" والتركيز على إستراتيجية "الحسم". فالدرس، حسب تحقيق الاستخبارات العسكرية، هو أنه "لا يمكن السماح للعدو بالتسلح وتعزيز قواته عبر الحدود، ويجب إعطاء الأولوية لإزالة التهديد على تحقيق الهدوء عبر تنفيذ هجوم مضاد مبكر ضمن معارك وقائية". والدرس، حسب تحقيق "الشاباك"، هو أن الخطأ في سياسة إسرائيل ولا سيما سياسة بنيامين نتنياهو كان "تفضيل 'حماس' على السلطة والسماح بوصول الأموال القطرية إليها، والرهان على بقاء الحركة كضمان لمنع قيام دولة فلسطينية"، والحل هو وجوب "منع أي تهديد ولو كان متواضعاً في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا". والترجمة الواضحة لذلك هي ممارسة لعبة مزدوجة داخل اللعبة الأميركية الكبرى. الرئيس دونالد ترمب يرفع شعار "السلام الدائم" في الشرق الأوسط، ونتنياهو يقطف الممكن من ثمار السلام الأميركي، بالتوازي مع تنفيذ "حرب دائمة" بالتقسيط لمنع أية قوة مقاومة من تقوية نفسها، حرب في غزة ولبنان وسوريا واليمن ثم في إيران نفسها. لكن السلام الدائم الذي يعمل له ترمب مباشرة وعبر مبعوثين إلى المنطقة هو سلام "الاتفاقات الإبراهيمية" والحرص على توسيعها لتشمل دولاً ليست مستعدة للتطبيع قبل قيام دولة فلسطينية، مثل لبنان وسوريا والسعودية وبقية الدول التي يحرضها ترمب على التطبيع. و"السلام الإبراهيمي" ليس السلام الدائم الذي وافقت عليه القمة العربية في بيروت عام 2002 ضمن المبادرة العربية للسلام. والحرب الدائمة التي تبنتها إسرائيل هي وصفة للفوضى والدمار واحتلال الأرض في لبنان وسوريا بعد فلسطين، لا للسلام، ولا بالطبع للقضاء على ما تسمى "أذرع إيران" في دول المنطقة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) فضلاً عن أن اللعبة المزدوجة لها أبعاد أخرى، من نوع لعب الورقة على الوجهين. فمن جهة تعود إسرائيل إلى إستراتيجية "الجدار الحديدي" التي نظّر لها زئيف جابوتنسكي معلم مناحيم بيغين وكان والد نتنياهو تلميذه وسكرتيره، وهي لا شيء سوى "العداء الكامل" للفلسطينيين والعرب. ومن جهة أخرى تركيز على إستراتيجية "القلعة والسوق" التي راجت أيام إسحق رابين و"اتفاق أوسلو" وشمعون بيريز و"الشرق الأوسط الجديد" وموجزها أن إسرائيل هي القلعة العسكرية المحصنة والمنيعة، والعالم العربي هو السوق المفتوحة أمامها. ومع أن بتسلئيل سموتريتش يمثل أقصى التطرف في حكومة نتنياهو باسم "الصهيونية الدينية"، فإن ما يعبر عنه هو أحلام اليمين الحاكم بالقول "إسرائيل لن توقف هجماتها حتى إنهاء حركة 'حماس' وتفكيك سوريا وإضعاف 'حزب الله' وإبعاد الخطر النووي الإيراني". وهذه هي "المهمة الكبيرة التي لا تزال أمامنا لكنني واثق من قدراتنا على إنجازها"، كما قال نتنياهو. ترمب ليس من النوع الذي يدقق في الأمور المعقدة في أزمات العالم وحروبه، فهو يدير الإدارة على طريقة تلفزيون الواقع. وهو، حسب كتاب جيمس بينيوفوزيك "مشاهدو شخص واحد، ترامب، تلفزيون وتمزيق أمة" كان "صناعة تلفزيونية، عالمه التلفزيون ولديه موهبة الارتجال ونقاشات برنامج أبرانتس المبنية على الإقصاء صارت نقاش ترمب الرئيس". وليس من اختارهم كموفدين بصلاحيات مهمة إلى تركيا وسوريا ولبنان وإسرائيل والمفاوضات مع إيران سوى صديقين له من المقاولين الكبار: ستيف ويتكوف وتوم برّاك. والمهمة: صفقات سريعة أو ترك كل شيء على حاله. لكن تشجيعه لنتنياهو على ضم الضفة الغربية سيصطدم بالعجز عن ابتلاع الفلسطينيين ولو ابتلع الأرض. وحسب "الإيكونوميست"، فإن نتنياهو "يعتقد أن مستقبل إسرائيل معلق بهزيمة أعداء مثل إيران، لكن أعظم تهديد له هو عدم القدرة على الانخراط مع الفلسطينيين، وهم مشكلة إسرائيل الكبرى". ذلك أن إيران التي تلقت هي وأذرعها ضربة قوية، وانحسر نفوذها وضعف مشروعها الإقليمي، يمكن أن تستمر في دعم حرب "حماس" وبقية الأذرع تحت عنوان التحرير الكامل من البحر إلى النهر أو أن يسقط النظام أو أن تبدل سياستها بصفقة مع أميركا، لكن من الوهم الهرب من الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات الذي صار أكثر عدداً من اليهود في إسرائيل. وحين تصبح التسوية على أساس "حل الدولتين" مهمة مستحيلة في نظر نتنياهو وحكومته، فإن الكفاح المسلح يفرض نفسه كمهمة حتمية، بصرف النظر عن التضحيات والأثمان والتجارب الصعبة التي مر بها الشعب الفلسطيني. ولا مجال لسلام دائم يطلبه ترمب من دون مقابل هو دولة فلسطينية، ولا حرب دائمة يقودها نتنياهو يمكن أن تبقى حرباً بالتقسيط من طرف واحد. و"الأفضل أن تقاتل حين يكون لك حظ صغير من أن تقاتل حين لا يكون لديك حظ أبداً"، كما قال تشرشل.