logo
استعادة أذربيجان سيادتها على قره باغ.. كيف غيّرت الطاقة معادلة القوقاز؟

استعادة أذربيجان سيادتها على قره باغ.. كيف غيّرت الطاقة معادلة القوقاز؟

الجزيرةمنذ 4 أيام
خلال عملية عسكرية لم تتجاوز 40 ساعة، تمكّنت جمهورية أذربيجان، في 28 سبتمبر/ أيلول 2023 (6 مهر 1402)، من السيطرة على خانكندي، عاصمة قره باغ، واستعادة سيادتها على الإقليم بعد ثلاثة عقود من النزاع المجمّد.
خلال الأعوام الثلاثة التي سبقت ذلك، تسارعت التحوّلات في القوقاز الجنوبي إلى حدٍّ لم يُتح للباحثين فرصة كافية لتفكيك جذورها؛ قبل ثلاث سنوات فقط، كان عدد من توقّع اندلاع حرب جديدة في المنطقة قليلاً للغاية.
ظلّ نزاع قره باغ مجمَّداً طيلة 30 عاماً، وقد اعتاد رؤساء مجموعة مينسك، بصفتهم «حَكماً دولياً»، الاجتماع بين الفينة والأخرى في فنادق فاخرة لدعوة الطرفين إلى حلّ سلمي. لكن الحرب اندلعت في لحظة لم يتوقّعها أحد، بعدما تغيّرت موازين القوى جذرياً: التفوّق العسكري الذي تمتّعت به أرمينيا في التسعينيات تآكل مع تدفّق عائدات النفط والغاز على باكو، واستثمار الشركات الغربية العملاقة في حقول بحر قزوين؛ ما مكّن أذربيجان من تخصيص موازنات ضخمة للتسليح، وشراء أحدث التقنيات من روسيا وتركيا وإسرائيل، بل ومن إيران بحسب الرئيس إلهام علييف.
يطرح كثيرون سؤالاً: لماذا قابل الغرب -ولا سيّما أوروبا والولايات المتحدة- تحرّك أذربيجان لاستعادة أراضيها المحتلّة بالصمت أو القبول الضمني؟ يكمن الجواب في معادلة الطاقة؛ فشبكات الأنابيب التي تنقل نفط بحر قزوين وغازه إلى أوروبا هي السرّ.
كيف انقلبت المعادلة؟
تُعدّ باكو من أوائل مدن العالم التي شهدت طفرة نفطية؛ وبدأ حفر أول بئر في 1846. بعد الحرب الأولى على قره باغ، خصوصاً في عهد حيدر علييف، جذبت الدولة كبرى الشركات لاستغلال حقول بحر قزوين، فتحقق نموّ اقتصادي متسارع، وحجزت أذربيجان موقعاً مهماً في أمن الطاقة الأوروبي.
يشكّل المستخرج من حقل «آذَري- تشيراغ- غونشلي» أكثر من 80% من إنتاج النفط الوطني (احتياطي يُناهز 5 مليارات برميل)، وتديره «كونسورسيوم» تقوده «بريتيش بتروليوم». قلب خطّ أنابيب (باكو- تبليسي- جيهان) (BTC) المشهد رأساً على عقب منذ 2006، إذ ينقل مليون برميل يومياً إلى ميناء جيهان المتوسطي.
لم يقتصر الاستثمار على النفط؛ فمع اكتشاف حقل الغاز العملاق «شاه دنيز» أطلقت باكو مشروعاً بشراكات دولية (BP، إكوينور، سوكار، توتال، لوك أويل، ،TPAO NIOC) ليتحوّل البلد في 2006 إلى مصدّر للغاز بقدرة حالية تبلغ 29.5 مليون م³ يومياً، ثمّ شُيّد ممرّ الغاز الجنوبي (3500 كم) بتكلفة 33 مليار دولار ليصل الغاز إلى جورجيا، وتركيا، واليونان، وألبانيا، وإيطاليا، عبر خطوط (SCP‑TANAP‑TAP).
في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2020، أعلنت سوكار بدء تصدير الغاز إلى أوروبا؛ وتخطّط أذربيجان لضخّ 10 مليارات م³ سنوياً طوال 25 عاماً، نصيب إيطاليا منها 8 مليارات. وتواصل باكو استكشاف حقول «بابك» (400 مليار م³)، و«آبشوران» (350 مليار م³)، و«أوميد» (200 مليار م³).
هذه العائدات سمحت برفع موازنة الدفاع إلى نحو 3 مليارات دولار عشية حرب 2020، مع شراء مسيّرات «بيرقدار» التركية وطائرات «هاروب» الانتحارية الإسرائيلية المُنتَجة محلياً.
في المقابل، عانت أرمينيا عزلة جغرافية وركوداً اقتصادياً دفع شبابها للهجرة، وبعد «الثورة المخملية» (2018) ابتعدت حكومة نيكول باشينيان عن موسكو، ما أثار امتعاض الكرملين ودفعه إلى تغليب كفة باكو.
أمن الطاقة الأوروبي وميل الكفّة لأذربيجان
يتساءل مراقبون: لماذا لم تقف أوروبا المسيحية مع حليفها الأرمني؟ الجواب مجدداً في الطاقة! تزامنت حرب 2020 مع تهديد روسيا بقطع الغاز عن أوروبا؛ وأي ضرر بخطوط أذربيجان كان سيضاعف المخاطر. لذا تجاهلت بروكسل «جمهورية قره باغ» المعلَنة من طرف واحد، وضغطت لاحقاً على يريفان للتوقيع على اتفاق سلام.
تداعيات الهندسة الجديدة للقوقاز
تطمح تركيا للتحوّل إلى مركز إقليمي للطاقة عبر «ممرّ زَنغِزور»، الذي يصل أذربيجان ببقية العالم التركي، وينقل غاز تركمانستان إلى أوروبا.. إيران تقاوم حالياً لكن يريفان قد ترضخ. كما تعمل باكو على خطّ إغدير- نخجوان لتجاوز اعتمادها على إيران.
في مرحلة ما بعد الحرب، ستوظّف أذربيجان فوائض النفط والغاز في إعادة إعمار قره باغ واستيطان مواطنيها هناك، وقد بدأت توقيع عقود مع شركات صينية وتركية وإسرائيلية وأوروبية، فيما تتسلّم شركات إيرانية حصة من المشاريع الثانوية بحكم انخفاض التكلفة.
إذا صدقت وعود علييف وباشينيان وبوتين بسلام دائم، فإن القوقاز الجنوبي مقبل على طفرة استثمارية، وإنْ كانت التبعات الاجتماعية والسياسية للحرب ستظلّ حاضرة لسنوات.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"قاعدة أمامية" لإسرائيل.. ما حقيقة الاتهامات الإيرانية لأذربيجان بالتواطؤ؟
"قاعدة أمامية" لإسرائيل.. ما حقيقة الاتهامات الإيرانية لأذربيجان بالتواطؤ؟

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

"قاعدة أمامية" لإسرائيل.. ما حقيقة الاتهامات الإيرانية لأذربيجان بالتواطؤ؟

طهران، القدس المحتلة- تتصاعد حدة التوتر بين إيران وجارتها أذربيجان ، عقب اتهام طهران لباكو بتقديم تسهيلات عسكرية واستخباراتية لإسرائيل في الهجوم الذي استهدف أراضيها في 13 يونيو/حزيران الماضي، إلا أن أذربيجان نفت هذه الاتهامات، داعية إلى حل الخلافات عبر الحوار ووفق القانون الدولي. ورغم فرض إسرائيل رقابة مشددة على تفاصيل تعاونها مع باكو، ولا سيما في فترات التوتر والحرب، فإن المؤشرات على الشراكة الوثيقة بين الطرفين في مجالات الأمن والدفاع والطاقة تتزايد، مما يعكس تعميق العلاقات الثنائية في مرحلة بالغة الحساسية إقليميا. وترى طهران أن أذربيجان تحولت إلى ما يشبه "القاعدة الأمامية" لإسرائيل على حدودها الشمالية، في ظل تعاون علني بين البلدين يمتد منذ تسعينيات القرن الماضي. ورغم تأكيد باكو على التزامها بسياسة الحياد، ترى إيران أن هذا التعاون يفاقم التوتر الإقليمي ويهدد الاستقرار، وتلوح بإمكانية الرد إذا تكررت الاعتداءات من أراض أذربيجانية. وتزامنا مع الحرب الإسرائيلية على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كثفت تل أبيب إظهار علاقتها الإستراتيجية مع باكو، ووصفتها بأنها "موطئ قدم" مهم قرب الحدود الإيرانية، في حين تشير تقارير إعلامية إلى أن صفقات السلاح بين الجانبين تتيح لإسرائيل الاقتراب أكثر من العمق الإيراني. وفي المقابل، صرح السفير الإيراني في أرمينيا مهدي سبحاني بأن إيران بدأت تحقيقات رسمية لتحديد ما إذا كانت الطائرات المسيرة الإسرائيلية انطلقت من أراضي أذربيجان أو أجوائها، مؤكدا أن "ثبوت ذلك سيكون انتهاكا خطيرا للقانون الدولي". وأضاف سبحاني أن طهران طالبت باکو بإجراء تحقيقات مماثلة وتقديم نتائج شفافة، مؤكدا أن رد إيران سيتحدد بناء على نتائج هذه التحقيقات. قرائن وعمليات سرية ويرى الباحث في الأمن الدولي عارف دهقاندار أن "شواهد وقرائن متعددة تشير إلى احتمال استخدام إسرائيل لأراضٍ أو قواعد تابعة لأذربيجان لتنفيذ عمليات ضد إيران، بما في ذلك خلال الحرب التي استمرت 12 يوما". وأوضح دهقاندار، في حديثه للجزيرة نت، أن "رغم نفي المسؤولين الأذربيجانيين المتكرر لهذه الادعاءات، فإن ما هو موثق من سوابق، إلى جانب طبيعة العلاقات الأمنية والعسكرية الوثيقة بين تل أبيب وباكو، يظهر بوضوح أن هذا التعاون قائم بالفعل". وأشار إلى أن "عملية سرقة الوثائق النووية من موقع تورقوزآباد في عام 2018، التي نسبت إلى جهاز الموساد ، تمثل مثالا بارزا على هذا التعاون، إذ فر عملاء الموساد بعد تنفيذ العملية من طهران عبر الحدود الشمالية الغربية لإيران باتجاه أذربيجان، بمساعدة شبكات التهريب وعصابات محلية أمنت لهم هذا المسار الآمن". ويضيف دهقاندار أن العلاقات بين الجانبين تعززت منذ عام 1992، مع توقيع صفقة تسليحية ضخمة بقيمة 1.6 مليار دولار شملت طائرات مسيرة من طراز "هيرمس 450" و"هيرون تي بي"، إلى جانب صواريخ "سبايك". مسارات الطيران من الشمال ويتابع دهقاندار أن وجود فرق فنية إسرائيلية في أذربيجان، وتقارير عن استخدام قاعدة "سيطالجاي" لجمع المعلومات وتنفيذ عمليات بالطائرات المسيرة، جعل من باكو قاعدة مناسبة لأنشطة خفية ضد إيران، خاصة أن موقعها الجغرافي وحدودها المشتركة مع طهران يعززان من هذه الإمكانية. وفيما يتعلق بالهجوم الأخير، أوضح أن "اكتشاف بقايا طائرات مسيرة من طراز هيرمس 900 في مدينة أصفهان، بالإضافة إلى خزانات وقود أجنبية في المناطق الشمالية لإيران، يشير إلى أن مسارات الطيران جاءت من الشمال، وهو ما يتطابق مع موقع أذربيجان الجغرافي". وأضاف أن "وسائل إعلام إسرائيلية كانت قد لمحت إلى تنفيذ عمليات من أراضي دولة قريبة من إيران، وهو ما يعزز هذا الاحتمال، رغم نفي باكو المتكرر، والذي لا يتعدى في الغالب الإطار الدبلوماسي للحفاظ على المظاهر الرسمية". وختم دهقاندار بأن إيران لطالما أكدت تمسكها بمبدأ حسن الجوار، إلا أن باكو خرقت هذا المبدأ عبر تقاربها مع إسرائيل وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، مشيرا إلى أن نشاط الطائرات المسيرة والتحركات الحدودية تكشف عن دور غير مباشر تؤديه أذربيجان في دعم الهجمات ضد إيران. وتماشيا مع ما أشار إليه الباحث عارف دهقاندار، قال عبد الرحيم سرايي، المسؤول الإداري لممثلية المرشد الأعلى في فيلق "عاشوراء"، إن إسرائيل أنشأت مطارا كبيرا في المنطقة المقابلة لقرية "عاشقلو" التابعة لمدينة خداآفرين، على بعد 17 كيلومترا فقط من الحدود الإيرانية، مشددا على أن "الوجود الإسرائيلي العلني يمثل دليلا على السيطرة الصهيونية الكاملة على القرار الأمني في باكو". تكتم رسمي من جانبه، يرى الباحث الإسرائيلي أنطوان شلحت أن التعتيم الإعلامي والسرية التي تفرضها تل أبيب على عملياتها الاستخباراتية المنطلقة من أذربيجان يعكسان حساسية الموقع الجغرافي وحدود باكو الطويلة مع طهران. وقال للجزيرة نت إن العلاقات بين إسرائيل وأذربيجان تعود لسنوات طويلة، لكنها شهدت تطورا متسارعا منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى والحرب متعددة الجبهات، التي انتقلت إلى مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران. ويرى شلحت أن أذربيجان شكلت ساحة حيوية لاختراق البرنامج النووي الإيراني ، خصوصا من خلال تقديم الدعم الاستخباراتي لسلاح الجو الإسرائيلي، مما نقل المواجهة إلى العمق الإيراني. وأكد أن إسرائيل لا تعتمد فقط على جهاز الموساد، بل تستفيد من تعاون استخباراتي واسع مع أجهزة دولية أخرى، وهو ما ساعدها في توجيه ضربات دقيقة داخل إيران، مستشهدا بتصريحات المستشار الألماني فريدريش ميرتس التي أشار فيها إلى أن إسرائيل تقوم بأعمال استخباراتية نيابة عن الغرب. صمت إستراتيجي وأوضح شلحت أن تل أبيب تعتمد على التعتيم والخداع ضمن إستراتيجية حربية جديدة تخالف الأساليب التقليدية، حيث تتجنب الكشف عن حجم الدمار الذي تلحقه الصواريخ الإيرانية، أو تفاصيل استهداف قيادات حزب الله. وأشار إلى أن إسرائيل قد تكشف أحيانا معلومات محدودة، لكن الصورة الكاملة تظل طي الكتمان، لافتا إلى أن هذا النهج شمل أيضا جولة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأخيرة في الولايات المتحدة، وهو المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، حيث أحاطتها حكومته بسرية مطلقة. وختم الباحث الإسرائيلي بأن أذربيجان تبقى متمسكة بالنفي الرسمي لأي دور في الهجمات ضد إيران، بينما تساعدها إسرائيل على التزام الصمت لتجنب ردود فعل طهران، التي تصر من جانبها على مواصلة التحقيقات، مما يجعل القضية مفتوحة وقابلة لمزيد من التصعيد في المرحلة المقبلة.

استعادة أذربيجان سيادتها على قره باغ.. كيف غيّرت الطاقة معادلة القوقاز؟
استعادة أذربيجان سيادتها على قره باغ.. كيف غيّرت الطاقة معادلة القوقاز؟

الجزيرة

timeمنذ 4 أيام

  • الجزيرة

استعادة أذربيجان سيادتها على قره باغ.. كيف غيّرت الطاقة معادلة القوقاز؟

خلال عملية عسكرية لم تتجاوز 40 ساعة، تمكّنت جمهورية أذربيجان، في 28 سبتمبر/ أيلول 2023 (6 مهر 1402)، من السيطرة على خانكندي، عاصمة قره باغ، واستعادة سيادتها على الإقليم بعد ثلاثة عقود من النزاع المجمّد. خلال الأعوام الثلاثة التي سبقت ذلك، تسارعت التحوّلات في القوقاز الجنوبي إلى حدٍّ لم يُتح للباحثين فرصة كافية لتفكيك جذورها؛ قبل ثلاث سنوات فقط، كان عدد من توقّع اندلاع حرب جديدة في المنطقة قليلاً للغاية. ظلّ نزاع قره باغ مجمَّداً طيلة 30 عاماً، وقد اعتاد رؤساء مجموعة مينسك، بصفتهم «حَكماً دولياً»، الاجتماع بين الفينة والأخرى في فنادق فاخرة لدعوة الطرفين إلى حلّ سلمي. لكن الحرب اندلعت في لحظة لم يتوقّعها أحد، بعدما تغيّرت موازين القوى جذرياً: التفوّق العسكري الذي تمتّعت به أرمينيا في التسعينيات تآكل مع تدفّق عائدات النفط والغاز على باكو، واستثمار الشركات الغربية العملاقة في حقول بحر قزوين؛ ما مكّن أذربيجان من تخصيص موازنات ضخمة للتسليح، وشراء أحدث التقنيات من روسيا وتركيا وإسرائيل، بل ومن إيران بحسب الرئيس إلهام علييف. يطرح كثيرون سؤالاً: لماذا قابل الغرب -ولا سيّما أوروبا والولايات المتحدة- تحرّك أذربيجان لاستعادة أراضيها المحتلّة بالصمت أو القبول الضمني؟ يكمن الجواب في معادلة الطاقة؛ فشبكات الأنابيب التي تنقل نفط بحر قزوين وغازه إلى أوروبا هي السرّ. كيف انقلبت المعادلة؟ تُعدّ باكو من أوائل مدن العالم التي شهدت طفرة نفطية؛ وبدأ حفر أول بئر في 1846. بعد الحرب الأولى على قره باغ، خصوصاً في عهد حيدر علييف، جذبت الدولة كبرى الشركات لاستغلال حقول بحر قزوين، فتحقق نموّ اقتصادي متسارع، وحجزت أذربيجان موقعاً مهماً في أمن الطاقة الأوروبي. يشكّل المستخرج من حقل «آذَري- تشيراغ- غونشلي» أكثر من 80% من إنتاج النفط الوطني (احتياطي يُناهز 5 مليارات برميل)، وتديره «كونسورسيوم» تقوده «بريتيش بتروليوم». قلب خطّ أنابيب (باكو- تبليسي- جيهان) (BTC) المشهد رأساً على عقب منذ 2006، إذ ينقل مليون برميل يومياً إلى ميناء جيهان المتوسطي. لم يقتصر الاستثمار على النفط؛ فمع اكتشاف حقل الغاز العملاق «شاه دنيز» أطلقت باكو مشروعاً بشراكات دولية (BP، إكوينور، سوكار، توتال، لوك أويل، ،TPAO NIOC) ليتحوّل البلد في 2006 إلى مصدّر للغاز بقدرة حالية تبلغ 29.5 مليون م³ يومياً، ثمّ شُيّد ممرّ الغاز الجنوبي (3500 كم) بتكلفة 33 مليار دولار ليصل الغاز إلى جورجيا، وتركيا، واليونان، وألبانيا، وإيطاليا، عبر خطوط (SCP‑TANAP‑TAP). في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2020، أعلنت سوكار بدء تصدير الغاز إلى أوروبا؛ وتخطّط أذربيجان لضخّ 10 مليارات م³ سنوياً طوال 25 عاماً، نصيب إيطاليا منها 8 مليارات. وتواصل باكو استكشاف حقول «بابك» (400 مليار م³)، و«آبشوران» (350 مليار م³)، و«أوميد» (200 مليار م³). هذه العائدات سمحت برفع موازنة الدفاع إلى نحو 3 مليارات دولار عشية حرب 2020، مع شراء مسيّرات «بيرقدار» التركية وطائرات «هاروب» الانتحارية الإسرائيلية المُنتَجة محلياً. في المقابل، عانت أرمينيا عزلة جغرافية وركوداً اقتصادياً دفع شبابها للهجرة، وبعد «الثورة المخملية» (2018) ابتعدت حكومة نيكول باشينيان عن موسكو، ما أثار امتعاض الكرملين ودفعه إلى تغليب كفة باكو. أمن الطاقة الأوروبي وميل الكفّة لأذربيجان يتساءل مراقبون: لماذا لم تقف أوروبا المسيحية مع حليفها الأرمني؟ الجواب مجدداً في الطاقة! تزامنت حرب 2020 مع تهديد روسيا بقطع الغاز عن أوروبا؛ وأي ضرر بخطوط أذربيجان كان سيضاعف المخاطر. لذا تجاهلت بروكسل «جمهورية قره باغ» المعلَنة من طرف واحد، وضغطت لاحقاً على يريفان للتوقيع على اتفاق سلام. تداعيات الهندسة الجديدة للقوقاز تطمح تركيا للتحوّل إلى مركز إقليمي للطاقة عبر «ممرّ زَنغِزور»، الذي يصل أذربيجان ببقية العالم التركي، وينقل غاز تركمانستان إلى أوروبا.. إيران تقاوم حالياً لكن يريفان قد ترضخ. كما تعمل باكو على خطّ إغدير- نخجوان لتجاوز اعتمادها على إيران. في مرحلة ما بعد الحرب، ستوظّف أذربيجان فوائض النفط والغاز في إعادة إعمار قره باغ واستيطان مواطنيها هناك، وقد بدأت توقيع عقود مع شركات صينية وتركية وإسرائيلية وأوروبية، فيما تتسلّم شركات إيرانية حصة من المشاريع الثانوية بحكم انخفاض التكلفة. إذا صدقت وعود علييف وباشينيان وبوتين بسلام دائم، فإن القوقاز الجنوبي مقبل على طفرة استثمارية، وإنْ كانت التبعات الاجتماعية والسياسية للحرب ستظلّ حاضرة لسنوات.

تعرّف على الأمين العام الجديد للمنظمة الدولية للحماية المدنية
تعرّف على الأمين العام الجديد للمنظمة الدولية للحماية المدنية

الجزيرة

timeمنذ 5 أيام

  • الجزيرة

تعرّف على الأمين العام الجديد للمنظمة الدولية للحماية المدنية

موسكو- انتُخب العقيد أرجوج كالانتارلي، رئيس إدارة العلاقات الدولية بوزارة حالات الطوارئ في أذربيجان ، بالإجماع أمينا عاما للمنظمة الدولية للحماية المدنية. وجاء انتخاب كالانتارلي خلال الدورة الاستثنائية الثالثة للجمعية العامة للمنظمة التي عُقدت في العاصمة الأذربيجانية باكو، وسط أجواء تنافسية شديدة مع مرشحين من 3 دول أعضاء في المنظمة – صربيا و بوركينا فاسو و تونس – تنافسوا على هذا المنصب، وحصل على دعم غالبية الدول المشاركة في الجولة الأولى من التصويت (23 دولة). وبعيد انتخابه، ألقى كالانتارلي كلمة ركَّز فيها على ما وصفها بـ"الكارثة الإنسانية التي لا يمكن تصوّرها" في قطاع غزة و الضفة الغربية المحتلة، مشيرا إلى أن فلسطين دولة عضو في المنظمة الدولية للحماية المدنية وأن الأغذية والمياه والأدوية والمأوى لم تعد مجرد حقوق أساسية، مضيفا أن "أحبّاءنا الفلسطينيين يضيعون من أيادينا". والمنظمة الدولية للحماية المدنية هي منظمة حكومية دولية تتمثل وظيفتها الرئيسية بحماية السكان وتقديم المساعدة لهم أثناء الكوارث الطبيعية والتي من صنع الإنسان، وتعزيز قدرات الهيئات المعنية بالقضاء على آثار هذه الكوارث، وتعزيز التعاون الدولي في هذا القطاع. وتأسست المنظمة، التي تعد الوحيدة في مجال الدفاع المدني، في فرنسا عام 1931 بمبادرة من الطبيب العام الفرنسي جورج سان بول لإنشاء مناطق أمان محلية في جميع البلدان عبر اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف، بحيث يمكن للفئات الأكثر ضعفًا من السكان المدنيين كالأطفال والنساء وكبار السن والمرضى، أن يجدوا ملاذا آمنا أثناء النزاعات العسكرية. وعام 1937 نُقلت من باريس إلى جنيف ، وتحوَّلت إلى الرابطة الدولية لمناطق جنيف لحماية السكان المدنيين والمباني التاريخية في زمن الحرب. وفي 1954، عُقد في برلين المؤتمر الدولي لحماية السكان المدنيين في زمن الحرب من خلال إنشاء مناطق محايدة ومدن مفتوحة والاعتراف بها، وعرف هذا المؤتمر باسم "المؤتمر العالمي الأول للدفاع المدني". وبناءً على قرارات مؤتمر برلين، سعت المنظمة إلى نشر مبدأ التأهب المبكر لمناطق اللاجئين بين الدول، وأُجريت مشاورات مع مؤسسات ومنظمات الدفاع المدني الوطنية التي أُنشئت في البلدان لمواجهة خطر نشوب نزاع جديد واسع النطاق. في عام 1957 عُقد المؤتمر الدولي الثاني للدفاع المدني في فلورنسا، وخلاله، أصدر المندوبون تعليماتهم للجمعية الدولية لـ"مناطق جنيف" بتوسيع نطاق أنشطتها لتشمل جميع المسائل المتعلقة بحماية السكان والبيئة وإعادة تنظيم الجمعية لتصبح منظمة دولية تُعنى بمشاكل الدفاع المدني. وفي يناير/كانون الثاني 1958، تحوَّلت الجمعية الدولية لـ"مناطق جنيف" (وهي منظمة غير حكومية) إلى المنظمة الدولية للدفاع المدني، مع منحها وضعا قانونيا جديدا يسمح للحكومات والجمعيات والروابط والمنظمات الأخرى بالانضمام إليها. وبشكلها الحالي ووضعها القانوني، حصلت المنظمة على اعتراف الأمم المتحدة في عام 1972. وانضمت أكثر من 50 دولة إلى المنظمة كأعضاء ومراقبين، وتعد أذربيجان عضوا فيها منذ عام 1993. من هو أرجوج كالانتارلي؟ ولد كالانتارلي عام 1981 في مدينة نخجوان على بعد 450 كيلو مترا من العاصمة باكو، لعائلة مثقفة، وتخرج في جامعة أذربيجان للغات، متخصصا في فقه اللغة الإنجليزية، كما أنهى كلية الحقوق بجامعة باكو الحكومية وتخصص في القانون الدولي. وفي الفترة 2003-2004، أنهى خدمته العسكرية الإلزامية في القوات المسلحة الأذربيجانية، ليبدأ مسيرته المهنية عام 2005 مفتشا أول في إدارة العلاقات الخارجية بهيئة الجمارك الحكومية. وفي عام 2006، عُيّن رئيسا لقسم في إدارة العلاقات الدولية بوزارة حالات الطوارئ، وفي يناير/كانون الثاني 2007، عُيّن نائبا لرئيس هذا القسم. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2007 وحتى انتخابه أمينا عاما للمنظمة الدولية للحماية المدنية شغل منصب رئيس إدارة العلاقات الدولية بوزارة حالات الطوارئ في أذربيجان. وهو أيضا رئيس "مجموعة العمل المشتركة المعنية بالاستثمارات"، المُشكّلة في إطار اللجنة الاقتصادية والتجارية والفنية المشتركة بين حكومتي دولة قطر وأذربيجان، إضافة لكونه المنسق من الجانب الأذربيجاني للجنة الحكومية الدولية للتعاون الاقتصادي بين أذربيجان و بولندا. ويجيد كالانتارلي اللغتين الإنجليزية والروسية، وحاصل على وسام الاستحقاق العسكري من رئيس جمهورية أذربيجان، ووسام الخدمة للوطن من الدرجة الثالثة، وهو متزوج ولديه طفلان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store