
المقاتلة "أف-35" ... رمز التفوق الأميركي
ونشرت "لوموند الفرنسية" تقريراً بقلم أربعة من مراسليها، نيكولا بورسييه وإلزا كونيزا وسيستيل ديكورتييه وآن ماري تناول طائرة "أف-35". والحق أن مقاتلة الشبح الأميركية عصارة أحدث التكنولوجيات، تتولى تجهيز 13 جيشاً أوروبياً، وتمتحن السيادة التي تنشدها الدول الأوروبية منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض.
واحتفت النرويج أخيراً بامتلاك أسطول كامل من طائرات "أف-35"، أي 52 طائرة اعتراض، بعد 17 عاماً من الانتظار، ولقاء 8 مليارات دولار من الاستثمارات. ولكن جراء التقارب بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدت الخطب المتبادلة جوفاء في هذا اليوم من الربيع، وفي بلد تتهدده عدوانية موسكو العسكرية مباشرة وعاجلاً.
وخطب رئيس الأركان النرويجي كيريك كريستوفيرسون، في الحفل، فقال "تسهم 'أف-35' (...) في تقوية ردع الأعداء المحتملين. وقد شاهدنا كيف تقوم طائرات 'أف-35' بدعم عمليات البحرية، والقوات البرية، والحلف الأطلسي على وجه الخصوص". وتنوه الإشادة بالحلف الأطلسي بمشاركة طائرات "أف-35" النرويجية، منذ 2020، في طلعات شركات سلاح الجو الأطلسية التي تتولى حماية فضاء بلدان الشمال من تسلل سلاح الجو الروسي. والحق أن النرويج، شأن الدول الـ12 الأوروبية الأخرى التي اختارت شراء هذا الطراز من الطائرات الحربية في الأعوام الأخيرة، أصابها بالدوار انقلاب موقف واشنطن من موسكو.
قيود الارتهان
وشراء الـ"أف-35" عقد من العسير التملص من تبعاته وشروطه. وبعض أوساط السياسات الدفاعية تسمي عقد الشراء بعبارة "تينا" التي كانت تستعملها رئيسة وزراء بريطانيا، مرغريت تاتشر (1979-1990)، وهي مؤلف من الحروف الأولى من قولها "ذير آر نو ألتيرنتيف" (لا بديل... من الرأسمالية نظاماً اقتصادياً فاعلاً). وتعد الطائرات الاعتراضية، في جيوش العالم كلها بين أغلى التجهيزات كلفة، وأشدها إلزاماً بشراء تجهيزات أخرى مناسبة واستتماماً لها. وهي تتوسط حزاماً من الصناعات الرقمية المحلقة بها، ومن الوكالات الصناعية المنتشرة في أنحاء العالم.
ويجعل منها شكلها الفريد، وأسلحتها المحفوظة في جيوب مندمجة في بنيتها، الطائرة الغربية الوحيدة التي يصدق وصفها بـ"الشبح"، أي بالخفاء على رصد دفاعات العدو الفضائية المضادة. وسمتها الفارقة الأخرى هي تبعيتها لمعطيات تتولى الولايات المتحدة الإشراف عليها. فيقتضي إعداد مهامها من طياريها أن يرسلوا خطط الطيران إلى قواعد البيانات الأميركية.
وتتولى مراكز أميركية مؤتمتة السهر على الخوارزميات المحملة وعلى استجابة طلبات بدائل القطع المستهلكة. وجرت العادة على حفظ هذه الأمور، حتى بين الحلفاء، سراً، على خلاف ما يمليه عقد شراء طائرات "أف-35".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى كثر في القيد الرقمي هذا أداة تتيح للأميركيين الحيلولة دون تحليق هذه الطائرات. ودأبت شركة لوكهيد مارتين، ومعها خبراء الصناعة الفضائية العسكرية على إنكار وجود مثل هذا القيد. والحق أن طائرات "أف-35" تولي الولايات المتحدة ما يشبه الحق في الرقابة على معطيات تتشاركها واشنطن مع حلفائها، على رغم دعوى هؤلاء في استقلالهم وحرية تصرفهم.
وعليه، في غضون أشهر قليلة وعشية قمة حلف الأطلسي السنوية في لاهاي، بين الـ21 والـ24 من يونيو (حزيران) الماضي، أمست طائرة "أف-35" علماً على ارتهان القارة الأوروبية للشقيق الأميركي الكبير، على ما خلص تقرير "لوموند". فهي تجسد حدود استقلال الدفاع الأوروبي، الذي كثيراً ما مدحه إيمانويل ماكرون، بينما تقصر طائرة "رافال" الفرنسية، و"غريبين" السويدية عن مضارعة الطائرة الأميركية ومنافستها على الصعيد التقني، بحسب المتخصصين.
ويفاقم تلويح دونالد ترمب بانسحاب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي، ومن الدفاع الأوروبي الجماعي، من مرارة شركائها، ويبلغ اليوم عدد المنتظمين في برنامج "أف-35" بأوروبا، 13 بلداً هي المملكة المتحدة، وإيطاليا، وألمانيا، وهولندا، وبلجيكا، وفنلندا، والنرويج، والدنمارك، وبولندا، ورومانيا، واليونان، وسويسرا، وجمهورية تشيخيا. وهذه سوق كبيرة لشركة لوكهيد مارتين التي تبيع آلاتها إلى إسرائيل، واليابان، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، وأستراليا، والإمارات العربية.
تشارك الأكلاف
ويعود إطلاق برنامج "أف-35" رسمياً، في أوروبا، إلى عام 2001. وكانت الولايات المتحدة تبحث، منذ أعوام، عن وسيلة تمويل نموذج جديد من الطائرات، يسعها تجهيز ثلاثة فيالق من جيوشها: البحرية الأميركية، والقوات الجوية، ومشاة البحرية (المارينز). وبدت الكلفة ضخمة. وكانت قيمة الفاتورة بلغت، يومذاك، 1500 مليار دولار (1300 مليار يورو) بحسب تقرير مجلس المحاسبة الأميركي في 2024. ومن يومها، لا يتستر المهندسون الأميركيون على أن البرنامج طويل الأمد، من جهة، ولن يسمح الأميركيون للشركاء بنقل تكنولوجيته المعقدة إلا في أضيق الحدود. ولكن الثمرة الموعودة مغرية، وهي صناعة أول طائرة شبح في العام معاً.
وطرحت فكرة البرنامج في ظرف موات للولايات المتحدة وحججها. فمنذ 1975، يستعمل "ثاد" من البلدان الأوروبية طائرات معترضة أوروبية أميركية، من طراز "أف-16"، هي هولندا، وبلجيكا، والنرويج، وفنلندا، والدنمارك. وانضمت اليونان إلى النادي، في 1989، وحذت البرتغال حذوها في 1990. وهذه البلدان جميعاً أبدت بالغ ارتياحها إلى هذه الطائرة المتعددة الوظائف التي تصنعها "جنرال ديناميكس".
وإلى ذلك كان برنامج "أف-16"، على شاكلة برنامج "أف-35" لاحقاً، ينهض على شبكة وكالات صناعية منتشرة في عدد من البلدان، تلافياً لارتفاع الكلفة الذي يسابق زيادة نسبة التضخم ونسبة النمو، على ما برهن "قانون أوغيستين"، مساعدة وزير الجيش الأميركي في 1984. وكان نورمان أوغيستين هذا، توقع في ضوء مقارنة أثمان الطائرات الحربية المقاتلة منذ 1910، أن تعجز موازنة الدفاع كلها عن شراء أكثر من طائرة واحدة عام 2054.
وتجنباً لتعاظم الأكلاف المنتظر والمحتوم هذا، سعى الأوروبيون في التكاتف والشراكة. فانضمت جمهورية ألمانيا الفيدرالية إلى إيطاليا والمملكة المتحدة، وتعاهدت البلدان الثلاثة على صناعة طائرة تورنادو معاً. وفي أوائل أعوام 1980، قررت بون ولندن ومدريد وروما، مجتمعة، إطلاق "اليوروفايتر تايفون". وتولت صناعتها EADS (إيدز)، مجمع شركة "بي أي إي سيستمز" البريطانية، والإيطالية "ليوناردو". واستقلت باريس وستوكهولم ببرنامجهما. وتوسلت السويد بخبرة شركة ساب فصنعت، وحدها، طائرة غريبن. وحرصت فرنسا على استقلال ردعها النووي. وعلى هذا، تولت شركة داسو صناعة طائرة رافال، في 1982.
وأعملت واشنطن في صناعة "أف-35" كل رافعات قوتها العظمى السياسية والعسكرية- الصناعية. وفي أعقاب 25 عاماً على انطلاقه، نسج البرنامج شبكة واسعة من الوحدات الملحقة، والعسيرة على التملص من قيود المركز الأميركي وروابطه. ويذكر جان كريستوف نويل، الباحث في المركز الدولي للبحوث الاستراتيجية (JFRI)، بأن طائرة اعتراضية ليست براداً يوصي عليه المشتري ويستبدله، فهي مركب معقد، سياسي وجيوسياسي. والمشتري يقتني معه شراكة استراتيجية إلى 50 عاماً مقبلة، على أقل تقدير، إذا جمعت أعوام التخطيط والتطوير والإنتاج، إلى أعوام الاستعمال قبل إحالتها إلى التقاعد.
العزم على الانحناء
واليوم، بعدما ثارت المناقشات حول تقارب واشنطن وموسكو في سبيل إنهاء الحرب في أوكرانيا ثم هدأت. وحسب كثير من الحلفاء فإن "أف-35" هي بمثابة شراء تأمين على الحياة من الولايات المتحدة. ووحدها البرتغال، إذا استثنينا كندا وراء الأطلسي، علقت شراكتها في برنامج صناعة "أف-35"، وذلك عشية انتهاء خدمة أسطولها من طائرات "أف-16" وتقاعدها.
وأول من قرر، بين الأوروبيين، الانحناء، هم الألمان، وبينما كان فريدريش ميرتس يستعد لتقلد منصب المستشار، رسمياً، غداة انتخابات اتحادية في الـ23 من فبراير (شباط) الماضي، أعلنت وزارة الدفاع موقفها، في منتصف مارس (آذار) الماضي، على لسان الناطق باسمها: الجيش الألماني لا يرغب في الانسحاب من برنامج شراء 35 طائرة "أف-35" وتجديد أسطوله القديم المؤلف من 85 طائرة تورنادو. ففي 2022، غداة غزو أوكرانيا، وخطبة المستشار أولاف شولتز المدوية وكلامه على "الانتقال من عصر إلى عصر"، وما يستتبعه الانتقال هذا من تمويل قطاع الدفاع وتخصيصه بـ100 مليار يورو. وأعلنت برلين نيتها المشاركة في برنامج الطائرة المعترضة الأميركية.
وعلى رغم نقاش سياسي حاد، قررت ألمانيا غلق شبكتها العسكرية من دون مشاركة الحليف الأميركي. وصرح وزير دفاعها، بوريس بيستوريوس، في حوار مع مجلة "ديرشبيغل" الأسبوعية، في أبريل (نيسان) الماضي: "لا ينكر أحد أن مثل هذه العقود لا يبت بجرة قلم واحدة. والبدائل التي تملي الانسحاب الآن من البرنامج باهظة الكلفة التي قد تبلغ مليارات الدولارات، وقد تؤدي إلى قطع علاقتنا بالولايات المتحدة، وهي علاقة نرغب في المحافظة عليها". ويبلغ ثمن الطائرات وتكييف الأبنية التحتية 10 مليارات دولار.
والسبب في القرار الألماني هو أن الولايات المتحدة لم تجز لغير طائرات "أف-35" حمل القنابل الذرية "ب-61"، المخزنة على الأراضي الألمانية منذ منتصف الأعوام 1950- وهي لا غنى عنها في بسط "المظلة" النووية الأميركية والدرع الأميركية. وفي انتظار تسليم الطائرات الأولى، في 2027، باشرت السلطات المحلية تحديث قاعدة بوشيل، في ريتانيا- بالاتينات، حيث تحفظ القنابل الذرية "ب-61". وهذا قبل السجال الذي أثارته مواقف دونالد ترمب. وأنشئت عنابر جديدة، ورصف مهبط جديد. وخلاصة القول أن لسان حال الأميركيين في شؤون الدفاع "نشارككم ردعنا ولكن على شرط أن تشتروا طائراتنا".
علاقات عضوية
ومضى التقرير في تناول الدول المشاركة في برنامج "أف-35" ومنها الدنمارك. فعلى رغم أن الرئيس الأميركي بث الاضطراب في صفوف السياسيين الدنماركيين كلهم حين أعلن استعداده لـ"شراء" غرينلاند، راهنت المملكة على مقايضة شرائها طائرات إضافية من عرابها العسكري بتهدئته.
ويفترض في التوصية على الطائرات الثماني الإضافية، تعويض تقليص عدد الطائرات الحربية التي ترتب على اقتناء طائرات "أف-35"، وتجهيز سلاح الجو بها. فالكلفة الباهظة- وهي 70 مليون دولار ثمن الطائرة الواحدة، وتبلغ كلفة الطيران ساعة واحدة 33 ألف دولار- تملي تقليص عدد طائرات سلاح الجو. "بعض الناس يحاول الإيحاء بأن في مستطاعنا الانفراد بقراراتنا في هذه الأمور وعلى هوانا، ويسعنا التخلص من الولايات المتحدة. والحق أن الأمر يتخطانا، فنحن أعضاء في حلف الأطلسي، قال وزير الدفاع الدنماركي، تراوز لوند بولسين، في الـ26 من مارس، في الصحيفة الاقتصادية "بورسين".
وعلى خلاف الأمر في بلدان الشمال الأوروبي، لم يكن السجال في إيطاليا، حيث يرابط سربان من طائرات "أف-35" إلى جنب أسطول من طائرات "تايفون" و"تورنادو"، حاداً. فإيطاليا، اليوم، هي البلد الأوروبي الأشد ارتهاناً، على صعيد العمالة (اليد العاملة)، لبرنامج "أف-35". وتؤوي مدينة كاميرين في البيبمونت، منذ 2013، أوسع مركز في أوروبا لتجميع قطع طائرة الاعتراض، ولإصلاح أعطابها. والمركز هذا أنشأته مجموعة التسلح الوطنية تورنادو، بالشراكة مع وزارة الدفاع، ويتولى صناعة جناحي نموذج "أف-35"، أكثر صيغ الطراز انتشاراً. ويرسل منتج الموقع إلى مصانع لوكهيد مارتين في تكساس واليابان.
ويتبوأ مصنع كاميري في نظر روما مكانة اقتصادية بارزة، فإلى العاملين الـ1200 فيه، تتشارك 30 منشأة أو شركة إيطالية سلسلة توريد القيم. ويقول جان- بيار دارنيس، الباحث المشارك في مؤسسة البحث الاستراتيجي والاختصاصي في قطاع الدفاع الإيطالي، أن روما تحمل ملف "أف-35" على رافعة تجديد الصناعة الإيطالية، وعلى باب تحوز منه هذه الصناعة على التكنولوجيا الجديدة.
وينبه باتاكشي، مدير تحرير "لاريفيستا إيتاليانا ديفيسا"، الدورية الأولى في قطاع الدفاع بإيطاليا، إلى أن حكومات اليسار واليمين أجمعت على تأييد برنامج "أف-35". فهو جزء لا يتجزأ من العلاقة الثنائية والقوية بالولايات المتحدة، داخل حلف الأطلسي وخارجه. والرابطة بين سلاح الجو الإيطالي ونظيره الأميركي، عضوية. ويتلقى الطيارون الإيطاليون تدريبهم، تاريخياً، في الأكاديميات الأميركية.
سجال قطع الغيار
وانتظام بريطانيا في برنامج "أف-35" لم يضعف بدوره على رغم تعرج سياسة إدارة ترمب وخبطها على غير هدى. ومنذ موجة التوصية الأولى، في 2006 وعهد حكومة توني بلير العمالية، على شراء الطائرات الـ40 لحساب سلاح الجو الملكي والبحرية الملكية التي تستخدمها على حاملات طائراتها- لم تحد السياسة البريطانية عن نهجها. وتتمم طائرات "أف-35" هذه أسطولاً مختلطاً من طراز "يوروفايتر تايفون" على وجه الخصوص. ويتوقع أن يزيد عددها تدريجاً بحسب مجلة الدفاع البريطاني الاستراتيجية، في الثاني من يونيو.
وإلى الروابط العسكرية والتاريخية التي تشد لندن إلى واشنطن، وخصوصاً في شأن الردع النووي، تلتحق المملكة المتحدة، على شاكلة إيطاليا، بالولايات المتحدة وصناعتها. فبعض قطع غيار "أف-35" الأساسية تصنع في المملكة المتحدة، شأن ذنب الطائرة، وبعض أجزاء من النظام الإلكتروني، والمقاعد المتحركة، ونظم الاعتراض الهجومية، وليزر الاستهداف، وكابلات رمي الأسلحة. وتسهم 100 منشأة بريطانية في صناعة هذه القطع، على رأسها شركة بي إي آي سيستمز العملاقة، اليوم.
وتدور السجالات الحادة على مسألة نقل قطع غيار "أف-35" إلى الدولة العبرية. وكانت حكومة كير ستارمر علقت، في سبتمبر (أيلول) 2024، توريد نحو 30 إجازة قطع غيار كانت تل أبيب حازت عليها، لعلم الحكومة البريطانية باحتمال استعمال هذه القطع في ارتكاب جرائم حرب في غزة. لكن هذا التعليق لم يسر على قطع غيار طائرات "أف-35" التي تعود مراقبتها إلى برنامج الولايات المتحدة، على ما قال وزير الدفاع البريطاني، أواخر 2024.
واضطرت هولندا وبلجيكا، والبلدان يؤويان قنابل "ب-61" الأميركية، إلى التقيد ببرنامج "أف-35". وشعر البلدان بقساوة الارتهان للولايات المتحدة، في الأشهر الأخيرة. فعلى شاكلة أمستردام، اضطرت بروكسل إلى النزول عن أسطولها من طائرات "أف-16" كله إلى القوات الأوكرانية. واستتبع التأخر في تسليم طائرات "أف-35" إلى بلجيكا تأخير بروكسل تسليم طائراتها "أف-16" إلى قوات كييف. وفي هولندا، استحصلت جمعيات محلية، في فبراير (شباط) 2024، من محكمة هولندية على حكم بتعليق توريد قطع غيار "أف-35" إلى إسرائيل. وتستضيف المملكة في قاعدة جوية بفويندريشت (جنوب غربي البلاد) واحداً من أهم ثلاثة مراكز توزيع قطع غيار الطائرة.
طرد تركيا
وعلى رغم شراكتها القديمة في البرنامج، خسرت تركيا الـ100 طائرة التي أوصت عليها، وكانت تتوقع تسلمها. وذلك أن واشنطن خشيت انتقال معلومات دقيقة وحساسة إلى موسكو، قد تتيح لها الالتفاف على خفاء أو شبحية الطائرة المقاتلة. وقبل طردها من الشراكة، كانت أنقرة تصنع فوق 900 قطعة من طائرة "أف-35"، بعضها رئيس مثل عناصر من جهاز الهبوط، والخلية المركزية في حجرة القيادة. ومنذ 2020، نقلت صناعة هذه القطع، الواحدة تلو الأخرى وتدريجاً، إلى شركاء آخرين.
ومذاك، تحاول أنقرة تعويض خسارتها بواسطة تطوير طائرتها المعترضة الخاصة، "كآن"، التي حلق أول نموذج منها في فبراير 2024، وتسعى تركيا، من ناحية أخرى، إلى اقتناء طائرات "يوروفايتر تايفون". ويقتضي ذلك موافقة بلدان الكونسورتيوم الأربعة، المملكة المتحدة، وإيطاليا، وإسبانيا، وألمانيا. وترفض ألمانيا موافقتها إلى اليوم، خشية انحراف النظام التركي إلى التسلط ويعاقب الإجراء الرئيس رجب طيب أردوغان عقاباً قاسياً، وهو الحريص على إثبات قدرته على الهيمنة على شمال سوريا والعراق، وعلى إظهار مستوى تسلح لا يقل عن مستوى تسلح اليونان- التي تستقبل طائراتها "أف-35" الأولى أوائل 2028، وهي على خصومة مع تركيا في المتوسط منذ خلاف البلدين التاريخي على قبرص.
وحيال تراكم القيود والمعوقات هذا، يولي عدد من الضالعين في شؤون الدفاع اهتمامهم ببرنامجي تطوير الطائرات الاعتراضية الأوروبية من الجيل السادس وهما: برنامج طائرة القتال الجوي، وتتعهده فرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، وبرنامج "غلوبال كومبات إير بروغرام"، وتسهم في رعايته المملكة المتحدة، وإيطاليا، واليابان. والبرنامجان مصدر منازعات بين الصناعيين قبل أن يتجاوزوا عتبة الدراسة، ولن يفضيا، في الأحوال كلها، إلى صناعة طائرة فعلية قبل عام 2040، على أقرب تقدير.
ونظراً إلى تطورات العلاقات الدولية، عقد رائد الصناعة الفضائية الفرنسي، داسو، العزم على المشاركة في المنافسة على شبحية الطائرات المقاتلة وخفائها، منذ خريف 2024. فصنع "مسيرة قتالية خفية" في مقدورها الطيران في ركاب الصيغة الحديثة من طائرة "رافال"، منذ عام 2023. وكان داسو تخلى عن إنجاز هذا البرنامج لضعف موارده. لكن شرط الخفاء بات، في الأثناء، شرطاً لا غنى عنه في اختراق دفاعات العدو الجوية، وعلى الأخص في ضوء تجهيز جيش روسي في متناوله نظم مضادة لسلاح الجو وللصواريخ هي من بين أحدثها في العالم وأدقها.
وقطاع صناعة السلاح في تغير بعد دخول قوى غير تقليدية ليست بدول كبرى في سوق تصنيع الأسلحة وتوريدها، ولعل أبرز مثال على ذلك النهج الأوكراني في تصنيع المسيرات وتوجيه دفتها. ولكن سقوط "أف-35" عن عرشها وصدارتها لا يزال مستبعداً.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 35 دقائق
- Independent عربية
رئيس "الفيدرالي الأميركي" في مواجهة ضغوط خفض الفائدة
عاصفة تواجه رئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول، إذ تظهر صراع العلاقة الشائكة بين السياسة والنقد، إذ اندلع صراع غير مألوف بين البيت الأبيض ومجلس الاحتياطي الفيدرالي في مواجهة علنية وغير مسبوقة مع جيروم باول. في حين يُفترض أن يحتفظ البنك المركزي باستقلاليته بعيداً من الضغوط السياسية، لم يتردد ترمب في انتقاد باول بشدة، متهماً إياه بإعاقة النمو الاقتصادي وتهديد أسواق المال من خلال سياساته النقدية "الباهتة"، على حد وصفه. ليس مجرد خلاف هذا الصراع لم يكن مجرد خلاف تقني حول الفائدة وأسعار الصرف، بل جسّد صداماً أعمق بين نهج سياسي شعبوي يسعى إلى تحقيق نتائج سريعة بأي ثمن، ومؤسسة نقدية عريقة تتمسك بضوابط الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي الطويل الأمد، فما خلفيات هذا التصادم؟ وما أبعاده الاقتصادية؟ بين رجلين، ترمب يريد سياسة نقدية توسعية "فائدة منخفضة" لدعم الاقتصاد وتعزيز فرصه في إعادة الانتخاب وباول يتمسك باستقلالية "الفيدرالي" ويركز على أهداف التضخم والاستقرار المالي. ولعل المثير في الجدل هو في مذكرة مكتوبة بخط اليد، اتهم ترمب باول بأنه كلف الولايات المتحدة "ثروة" بسبب إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة، وطالبه بخفض كبير في كلفة الاقتراض. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، تبع ترمب مذكرته برسالة على وسائل التواصل الاجتماعي، استهدف فيها باول وجميع أعضاء مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي. دعوة تحقيق دعت مطالبات بإخضاع باول للتحقيق من قبل الكونغرس، بحسب رئيس وكالة التمويل العقاري الفيدرالية بايج سميث، زاعماً أن شهادته الأخيرة أمام مجلس الشيوخ حول خطط البنك المركزي لتجديد مقره كانت "مضللة". وكتب "يجب أن يشعروا بالخجل من أنفسهم لأنهم سمحوا بحدوث هذا للولايات المتحدة.... لو كانوا يؤدون عملهم بصورة صحيحة، لكانت بلادنا وفّرت تريليونات الدولارات من كلفة الفائدة. المجلس يجلس هناك ويشاهد فقط، لذا فهم مذنبون بالقدر نفسه". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وكان ترمب انتقد باول سابقاً وألمح إلى إمكان إقالته، وهي خطوة تثير جدلاً قانونياً وسياسياً واسعاً. وتنتهي ولاية باول كرئيس في مايو (أيار) من العام المقبل، إلا أنه يمكنه البقاء كعضو في مجلس الاحتياطي حتى عام 2028. وألمح ترمب إلى رغبته في تعيين بديل لباول قبل انتهاء ولايته، مما قد يعقّد التواصل داخل البنك المركزي ويهدد استقلاليته. ومن المتوقع أن يشغر المقعد التالي في مجلس الاحتياطي في يناير (كانون الثاني)، وهو المقعد الذي تشغله أدريانا كوجلر حالياً، وطرح وزير الخزانة، سكوت بيسينت، فكرة تعيين خليفة باول في هذا المنصب أولاً، ثم ترقيته لاحقاً إلى منصب الرئيس. بعد باول ووفقاً لترمب، فإن أحد الشروط الأساسية لرئيس البنك المركزي القادم هو الاستعداد لخفض أسعار الفائدة، وفي تصريحات الجمعة الماضي، دعا ترمب إلى خفض الفائدة بمقدار 2.5 نقطة مئوية، وهو ما سيهبط بها إلى ما دون المستوى الحالي الذي يتراوح ما بين 4.25 في المئة و4.5 في المئة، الساري منذ يناير الماضي. ومن أبرز أسباب استياء ترمب، مقارنة أسعار الفائدة الأميركية بتلك في الخارج، إذ أرفق في مذكرته إلى باول قائمة بالدول مرتبة بحسب أسعار الفائدة التي تحددها بنوكها المركزية، مشيراً إلى أن كثيراً منها خفض الفائدة بصورة أكثر جرأة. وغالباً ما يشير إلى البنك المركزي الأوروبي كمثال، إذ خفّض أسعار الفائدة ثماني مرات خلال العام الماضي، وخفض بنك إنجلترا الفائدة أخيراً، لكنه أبقاها من دون تغيير في اجتماعه الأخير في يونيو (حزيران) الماضي. انقسام بالبنك المركزي وبحسب تقارير مختصة فليس ترمب وحده من يدعو إلى خفض الفائدة، إذ أعرب بعض صناع السياسة في "الفيدرالي" مثل الحاكمتين ميشيل بومان وكريستوفر والر عن دعمهما خفض الفائدة في اجتماع السياسة النقدية في يوليو (تموز) الجاري، بسبب تراجع مؤشرات التضخم أخيراً. لكن مسؤولين آخرين حذروا من الاستعجال، وقالوا إنه من المبكر جداً معرفة التأثير الحقيقي للرسوم الجمركية ع في التضخم. وحتى إن ترمب ألمح إلى إمكان تعيين نفسه رئيساً للبنك الاحتياطي الفيدرالي، وأحد المشرعين سأل باول سابقاً عما إذا كان ذلك ممكناً، أجاب باول "لا أعرف"، مضيفاً "هذا ليس سؤالاً لي". وكان باول تهرب في لقاءات سابقة من الأسئلة حول ترمب وسياساته وهجماته الشخصية، وقال "كل ما أريده في ما تبقى من وقتي في الاحتياطي الفيدرالي هو أن يكون الاقتصاد قوياً والتضخم تحت السيطرة. أريد أن أُسلّم المنصب لخلفي وهو في هذه الحال".

سودارس
منذ 44 دقائق
- سودارس
دعوة من رئيس الوزراء الإثيوبي على طاولة حكومة السودان
بحسب صحيفة"ذا ريبورتر". وجّه رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الخميس، دعوة رسمية إلى قادة مصر والسودان ودول أخرى من دول حوض النيل لحضور حفل افتتاح سد النهضة الإثيوبي البالغة تكلفته 5 مليارات دولار. وقالت صحيفة "ذا ريبورتر" الإثيوبية إن أعمال بناء السد بدأت منذ عام 2011 على نهر "أباي" أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، بهدف توليد 5,175 ميغاوات من الكهرباء في إطار مساعيها للقضاء على الفقر، وهو المشروع الذي واجه معارضة من دولتي المصب مصر والسودان. جاءت دعوة آبي أحمد لمصر والسودان خلال جلسة مناقشة في البرلمان، حيث هيمنت القضايا الاقتصادية والجيوسياسية على النقاش. وقال آبي أحمد: "مع انحسار الأمطار في أواخر سبتمبر، سنفتتح السد، وأود أن أعلن أمام البرلمان دعوة مصر والسودان وجميع دول حوض النيل الأخرى".


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
حكم بالسجن مدى الحياة على مشارك في هجوم الكابيتول خطط لقتل شرطيين
حكم بالسجن مدى الحياة أمس الأربعاء على إدوارد كيلي أحد المشاركين في الهجوم الذي شنه أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترمب على مبنى الكونغرس خلال السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، لإدانته بتهمة التخطيط لقتل الشرطيين الذين حققوا في شأنه. وكانت هيئة محلفين في تينيسي دانت كيلي (36 سنة) خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بثلاث تهم من ضمنها التخطيط لقتل موظفين فيدراليين. وبحسب البيان الاتهامي، وضع كيلي "قائمة سوداء" لعناصر في مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي)، وأشخاص شاركوا في التحقيق حول ضلوعه في اقتحام الكابيتول. وكيلي من بين أكثر من 1500 مشارك في الهجوم شملهم عفو رئاسي أصدره ترمب خلال الـ20 من يناير الماضي فور عودته إلى البيت الأبيض. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وسعى محامو المتهم من دون فائدة للتأكيد أن العفو الرئاسي يشمل الوقائع المنسوبة إليه في هذا الملف، لكن المدعين العامين لفتوا إلى أن المخطط الإجرامي يعود إلى ديسمبر (كانون الأول) 2022، أي بعد نحو عامين من الهجوم على الكابيتول، مشددين كذلك على عدم إبدائه أي أسف على أفعاله. وعمد ترمب خلال اليوم الأول من ولايته الثانية إلى إغلاق أكبر تحقيق لوزارة العدل، فأصدر عفواً شمل نحو 1250 محكوماً عليهم في هذا الملف وخفض عقوبة نحو 14 آخرين، وأمر بوقف الملاحقات في حق مئات المتهمين الذين كانوا ينتظرون صدور الحكم. وخلال السادس من يناير 2021، هاجم مئات من أنصار ترمب الكونغرس في محاولة لمنعه من المصادقة على انتخاب الديمقراطي جو بايدن رئيساً، على وقع تأكيدات ترمب المتكررة أن الانتخابات شهدت عمليات تزوير، وأن الفوز سُرق منه.