
واشنطن تتشدد والحزب في تأهب
النسخة الأولى من الرد كانت قد أُنجزت بتوافق بين رئيس الجمهورية، رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة نواف سلام، وانطلقت من معادلة مفادها: الشرعية مقابل الانسحاب. فقد أكّد لبنان التزامه بحصرية السلاح بيد الدولة، في مقابل تحرّك دولي ضاغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة. لكن هذه المقاربة لم تقنع واشنطن، التي قرأت في النص مراوغة سياسية ورفضا مبطنا لتنفيذ مطلبها الأساسي، أي نزع سلاح حزب الله وفق جدول زمني محدّد. فكانت النتيجة: رفض قاطع، وإنذار دبلوماسي.
الرد الذي يتألف من 11 بندًا، تضمّن في صيغته الأولى النقاط التالية:
التمسك بقرار مجلس الأمن 1701 وتفاهمات وقف الأعمال العدائية، مع التأكيد على التزام لبنان بمندرجاته.
دعم وتجديد ولاية قوات اليونيفيل وتوسيع دور الجيش اللبناني جنوب الليطاني، مع مطالبة المجتمع الدولي بتقديم دعم مالي ولوجستي للجيش.
تفكيك منشآت حزب الله في الجنوب، في سياق تثبيت سيادة الدولة وتكريس منطقة خالية من السلاح غير الشرعي.
الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس المتنازع عليها، وعلى رأسها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، مع تجديد المطالبة بعودة الأسرى اللبنانيين وكشف مصير المفقودين.
تأكيد التزام اتفاق الطائف وقرار 1701 كمرجعيتين أساسيتين.
تفعيل لجنة 'الميكانيزم' ووقف الاعتداءات، مع دعوة واشنطن إلى لعب دور فاعل في ضبط إسرائيل ومنعها من خرق التفاهمات.
رعاية عربية للعلاقة اللبنانية – السورية تضمن عودة النازحين بشكل آمن وكريم، وضبط الحدود المشتركة.
التمسك بخطاب القسم والبيان الوزاري في ما يخص حماية السيادة والإصلاحات ودور الدولة. المضي قدمًا في الإصلاح المالي والاقتصادي لإعادة بناء الثقة بالاقتصاد اللبناني واستعادته لعلاقته الطبيعية مع النظام المالي الدولي.
طرح ملف سلاح الفصائل الفلسطينية للنقاش، بما يتناسب مع اتفاق الطائف ومندرجات القرار 1701.
ضرورة تسهيل عملية إعادة الإعمار، بما يعزز فرص الاستقرار.
وتشير المعلومات إلى أن براك، الذي سيلتقي عون وبري وسلام ووزير الخارجية جو رجي، سيبلِغ لبنان رسائل حاسمة، مفادها أن الولايات المتحدة لم تعد مستعدة لقبول المعادلات السابقة، وأن أي مراوغة إضافية قد تواجَه بتصعيد عسكري مباشر. لذلك، فإن الساعات المقبلة ستكون مفصلية: إما ينجح المعنيون في تعديل بنود الرد ويتم تبنيه رسميا، أو تجد إسرائيل ذريعة لشن موجة جديدة من الهجمات، وسط إصرار أميركي متزايد على فرض واقع جديد في لبنان تحت سقف الشروط الأميركية.
في المقابل، أشار الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، إلى أن المرحلة الحالية تنقسم إلى اثنتين: الأولى الاتفاق، والثانية تنفيذ القرار 1701، مؤكداً أن أي تطبيق يجب أن يبدأ بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة ووقف اعتداءاتها، قبل الحديث عن أي التزامات لبنانية أخرى. وشدد قاسم على أن الحزب 'مستعد للسلم والتعاون وبذل أقصى الجهود من أجل الاستقرار، كما أنه مستعد للمواجهة والدفاع إن اقتضى الأمر'، مضيفاً: 'نحن قوم لا نهزم، ولن نتخلى عن أرضنا وكرامتنا. '
وتشير مصادر سياسية إلى أن حزب الله دخل في حالة استنفار واسعة، مع استشعار خطر حقيقي من احتمال شن إسرائيل ضربات عسكرية جديدة، خصوصاً وانها شنت ليلا سلسلة غارات وصفتها بـ 'الاستثنائية' على مواقع للحزب في البقاع والجنوب. ورغم تأكيد الحزب أنه لا يسعى إلى الحرب، إلا أن التطورات قد تفرض عليه خوضها، وسط غياب أي ضمانات إسرائيلية لوقف العمليات العسكرية.
الأكيد أن ملف السلاح لم يعد قابلا للتأجيل، إذ ان هناك ضغوطا أميركية ودولية متزايدة تدعو إلى نزعه ضمن إطار الدولة اللبنانية، في ظل توازنات إقليمية جديدة فرضت واقعا مختلفا عن السنوات الماضية. في المقابل، يشعر الشارع الشيعي بخطر وجودي حقيقي، خصوصا مع تصاعد الدعوات لاتخاذ قرار حكومي رسمي بتفكيك منظومة السلاح، ضمن آلية محددة وزمن واضح.
المشهد السياسي يشي بتحول حاسم، مع تراجع مرحلة التسويات الهشة وبدء حقبة الشروط الخارجية الصارمة،ف لم يعد بالإمكان الاتكاء على 'ستاتيكو' هشّ، تحكمه توازنات إقليمية سابقة لم تعد قائمة. فالولايات المتحدة، تتجه إلى فرض شروط أمنية صلبة على لبنان، والحديث المتجدد عن استراتيجية دفاعية لم يعد يقنع أحدا، فالأميركيون يعتبرونه محاولة للهروب من الحسم.
والسؤال الآن عند الدبلوماسيين هو ليس ما إذا كانت الحرب ستقع، بل: هل يملك لبنان ترف رفض الشروط من دون أن يدفع الثمن؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


لبنان اليوم
منذ 23 دقائق
- لبنان اليوم
كرم: الرد إمّا أن يكون لبنانياً بقرار رسمي… أو لحزب الله وحده دون صلة باللبنانيين
رأى عضو تكتل 'الجمهورية القوية' النائب فادي كرم أن الردّ على التطورات الأمنية يجب أن يكون قرارًا وطنيًا خاضعًا لمؤسسات الدولة اللبنانية، محذرًا من أن أي رد خارج هذا الإطار هو من مسؤولية 'حزب الله' وحده. وكتب كرم في منشور عبر منصة 'إكس': 'إإمّا يكون الرد لبناني، الاساس فيه حصرية السلاح الفورية، ويُناقش في المؤسسات اللبنانية الرسمية، وإمّا يكون ردّ من حزب الله، ولا علاقة للبنانيين به، وليتحمّل مسؤوليته من يتبنّاه'.

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
اتفاق جدة بين لبنان وسوريا: تعاون أمني فعّال بانتظار الترسيم السيادي
وقّع لبنان وسوريا في آذار 2025 على اتفاق أمني – تنسيقي في مدينة جدة برعاية سعودية عرف باتفاق جدة، بهدف إعادة ضبط العلاقات الثنائية وإحياء ملفات كانت لسنوات طويلة "معلّقة" على رفوف الاشتباك السياسي. لكن بعد أكثر من ثلاثة أشهر على توقيع الاتفاق، يبرز سؤال أساسي: ماذا تحقّق منه فعلاً؟ وهل يُبنى عليه كمدخل لتعاون سيادي جدي، أم أنه يظل محصوراً في نطاق تنسيق أمني ميداني محدود؟ ما تحقق حتى الآن يتركز بشكل واضح في الشق الأمني من الاتفاق. فقد أُعلن عن تشكيل غرف عمليات مشتركة على جانبي الحدود اللبنانية – السورية، بمشاركة مباشرة من ضباط في الجيشين، من أجل التصدي لموجات التهريب المنظم، وضبط خطوط العبور غير الشرعية، وتبادل المعلومات حول المجموعات المسلحة والخلايا الإجرامية التي تنشط في المناطق الحدودية الوعرة. مصادر أمنية وصفت هذا التعاون بأنه "واقعي وفعّال"، مؤكدة أن الحدود الشمالية والبقاعية شهدت منذ نيسان انخفاضاً ملحوظاً في عمليات التهريب، وتراجعاً في حوادث الاشتباك بين عناصر الأمن والمجموعات المسلحة. وتكشف المصادر عن "تنسيق يومي مباشر" يتم عبر خطوط اتصال عسكرية، وهو ما كان مفقوداً سابقًا منذ ما بعد عام 2011. وبحسب المصادر يبدو أنها الخطوة الوحيدة التي تحققت من الاتفاق حتى الآن. فعلى صعيد ترسيم الحدود – وهو البند الأكثر حساسية في اتفاق جدة – لم يتحقق أي تقدم ملموس حتى اليوم. فبالرغم من تشكيل لجنة تقنية مشتركة، لم تنطلق حتى الآن ورشة العمل الميدانية لرسم الحدود البرية بين البلدين. تعزو مصادر مطّلعة هذا التأخير إلى "تعقيدات داخلية لدى الجانب السوري، وغياب الإرادة السياسية الحاسمة في دمشق"، إضافة إلى "الارتباط العميق لبعض المناطق الحدودية بمصالح قوى غير رسمية"، فهناك العصابات السورية وجماعة التهريب من الناحية السورية بالإضافة الى "حزب الله" من الجانب اللبناني، مشيرة إلى أي تقدم في هذا الملف يتطلب "قراراً سيادياً واضحاً من دمشق"، قد لا يكون متوفراً في المدى المنظور، خاصة في ظل التجاذبات الإقليمية المستمرة، وارتباط الملف برهانات دولية تتجاوز طبيعته الثنائية. الوقائع حتى الآن تشير إلى أن اتفاق جدة هو ترتيب أمني ناجح، لكنه لا يرقى إلى مستوى اتفاق شامل يعيد تعريف العلاقة بين الدولتين على أسس دبلوماسية وسيادية. لا تزال الملفات السياسية والاقتصادية الكبرى من بينها مسألة النازحين السوريين، والمفقودين اللبنانيين والتبادل التجاري، والتمثيل الدبلوماسي الكامل – خارج إطار التنفيذ العملي، ولا يبدو أن هناك نية حقيقية للقيام به في المدى المنظور. حتى اللحظة، لا يبدو أن هناك مساراً متكاملاً يجمع بين التقدم الأمني والتفاهم السياسي. بل يمكن القول إن ما تحقق حتى الآن يمثل أرضية ميدانية قابلة للبناء عليها، لكن دون أوهام كبيرة حول حصول "انفراج شامل" في المدى القريب. في المحصلة يمكن اعتبار اتفاق جدة محطة مفصلية في إعادة ترتيب العلاقة اللبنانية – السورية، لكنه لا يزال في طور الاختبار. فبينما ينجح الجيشان اللبناني والسوري في ضبط الحدود ومنع التدهور الأمني، تبقى الملفات السيادية والسياسية الكبرى مؤجلة، تنتظر إرادة فعلية، وغطاءً إقليمياً متماسكاً، وتفاهماً داخلياً لم يتبلور بعد في كلا البلدين. اسكندر خشاشو - النهار انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
لماذا لم يعد سكان المستوطنات الشمالية إلى منازلهم بعد؟
بعد مرور أكثر من شهر 8 اشهر على دخول اتفاق وقف الاعمال القتالية بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني 2024، تواجه إسرائيل معضلة أمنية حقيقية. فمن بين 60 ألف إسرائيلي أُجبروا على النزوح من منازلهم في الشمال، لم يعد سوى حوالي 20% منهم، وفقاً للتقارير الإعلامية. هذا الرقم الضئيل يكشف عن فجوة كبيرة بين الأهداف المعلنة والواقع الميداني. السبب الأساسي لعدم عودة السكان يتمثل في خوفهم من تكرار سيناريو الهجوم المفاجئ، كما حدث في غزة خلال عملية "طوفان الاقصى". فرغم اتفاق وقف الاعمال القتالية، لا يزال سكان المستوطنات الشمالية يخشون من إمكانيّة تعرضهم لعمليات مشابهة لما قامت به حركة "حماس". هذا الخوف ليس مجرد مشاعر شخصية، بل يعكس تقييماً عن عدم ثقة المستوطنين بالمسؤولين عن اتخاذ القرارات في تل ابيب، اي بمعنى اوضح عدم الثقة برئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو وفريقه الوزاري. ويعبّر كثير من الخبراء الإسرائيليين عن شكوكهم حول الرغبة الصادقة اصلاً للحكومة الاسرائيلية في اعادة المستوطنين الى الشمال، بعد ان كانوا سبباً رئيسياً للحرب على لبنان، وكلام حزب الله خلال المواجهات، يهدد بعدم السماح لهم للعيش حياة طبيعية ما لم يتوقف العدوان الاسرائيلي، وخلال أشهر القتال، تعرضت المستوطنات الشمالية لأضرار جسيمة في البنية التحتية. الكثير من المنازل والمرافق لا تزال بحاجة لإصلاحات جذرية، مما يجعل العودة غير عمليّة للكثيرين. هذا الامر ادى الى توقف النشاط الاقتصادي في المنطقة لأشهر طويلة، مما تسبب في فقدان الكثير من فرص العمل، فيما اعتاد عدد من السكان على خوض حياة جديدة في مناطق أخرى، وباتت عودتهم تتطلب تضحيات اقتصادية كبيرة. اضافة الى ذلك، هناك ملاحظات حول وجود نوع من التضييق على النقاش العام حول هذه القضية داخل إسرائيل. فالحكومة الإسرائيلية تحاول استغلال هذا الامر لمصلحتها والتخويف من ان تهديد حياة المستوطنين لا يزال عالياً، بينما الواقع الميداني يشير إلى عكس ذلك. هذا التناقض يخلق حالة من عدم الوضوح في الخطاب السياسي الإسرائيلي. ولا شك ان عدم عودة المستوطنين الى الشمال، يشكل ذريعة لإسرائيل لتبرير استمرار انتهاكاتها للاتفاق الذي تم التوصل اليه برعاية اميركية وفرنسية وحظي بتأييد المجتمع الدولي. فالحكومة الإسرائيلية تربط بين استكمال انسحابها من الأراضي اللبنانية وعودة السكان، مما يخلق حلقة مفرغة. ناهيك عن ان هذه الذريعة تضع علامات استفهام حول خطط الحكومة الاسرائيلية، فهي قد تتذرع بالضغط السياسي الداخلي لتبرير اتخاذ إجراءات عسكرية جديدة. وليس من البراءة بمكان استمرار استهداف السكان الجنوبيين في لبنان، وتفجير المنازل وقصف السيارات وشلّ حركة العودة والنهوض واعادة الاعمار في المناطق الجنوبية، لانه عندها، لن يمكن تبرير عدم عودة مستوطني الشمال الى منازلهم ومناطقهم، وسيخسر نتنياهو عندها ورقة ضغط يحملها ويلوّح بها في يده ضد لبنان. ولعل ما يزيد من حراجة الوضع، هو رغبة واصرار وشجاعة اللبنانيين على العودة الى مناطقهم وحتى الى قراهم وبلداتهم المدمّرة كلياً والتي لا يمكن العيش فيها ما لم تشهد ورشة لاعادة الاعمار، رغم ان الدولة اللبنانية عاجزة بعد عن القيام بهذه الخطوة، وان الجنوبيين يعرفون جيداً ان اسرائيل يمكنها في اي وقت، ومن دون اي تبرير، قصف ما تريد واستهدافهم بحجة انهم عناصر من حزب الله. فإذا كان الجنوبيون يعرفون كل ذلك، ويقبلون هذه المخاطر من دون تردد، فهل هناك من سبب جوهري بديهي يمنع سكان المستوطنات الشمالية من القيام بالمثل؟ الجواب الوحيد هو ان اهدافا اخرى للحكومة الاسرائيلية غير معلنة، ترغب في تحقيقها وهي على استعداد لتأخير هذه العودة قدر الامكان للوصول الى غايتها. طوني خوري -النشرة انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News