logo
مرضى غزة يلجؤون للأدوية منتهية الصلاحية

مرضى غزة يلجؤون للأدوية منتهية الصلاحية

الجزيرةمنذ 2 أيام

غزة- يتساوى الموت مع الحياة لدى الفلسطينية السبعينية جميلة ضاهر، وقد اضطرت لتناول أدوية منتهية الصلاحية، جراء أزمة دواء حادة ناجمة عن منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال الإمدادات الطبية والإنسانية ل قطاع غزة.
"ما لنا إلا رب العالمين، منذ اندلاع هذه الحرب والموت يعيش بيننا، يرافقنا في خيامنا وشوارعنا، وقد يخطف أرواحنا في أية لحظة، بالقصف أو بالجوع، أو حتى بالأدوية التالفة"، تقول هذه المسنة النازحة للجزيرة نت.
وفي خيمة متهالكة غربي مدينة دير البلح وسط القطاع، تقيم ضاهر (75 عاما) مع عائلتها (14 فردا) منذ نزوحها عن بلدة جباليا شمال القطاع في الأسبوع الأول من اندلاع الحرب الإسرائيلية، عقب هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
جلست ضاهر تستظل بظل هذه الخيمة، هربا من داخلها الذي تحول بوصفها إلى "فرن لا يطاق" من شدة حرارة الشمس اللافحة، وتمسك بطرف ثوبها وتمسح به وجهها والعرق المتصبب من جبينها، وتقول إنها تعاني من أمراض القلب والسكر والضغط، ولا تجد الدواء، ولا تقوى على شراء المتوفر منه في الصيدليات بأسعار مرتفعة.
منتهية الصلاحية
لا يفارق "كيس الأدوية" هذه المرأة، وتشير إليه قائلة "منذ يومين لم أتناول دواء الضغط، ولم أجده في المستشفيات والعيادات والنقاط الطبية، وحتى في الصيدليات التجارية".
ونتيجة ذلك تدهورت الحالة الصحية لهذه السيدة، وتورّمت أطرافها، ووفقا لها فقد أصيبت بـ"مضاعفات في القلب والرئتين، بسبب زيادة المياه في الجسم"، حسب ما أخبرها أطباء في نقطة طبية مجاورة لمخيم النزوح الذي تقيم به.
ولهذه المرأة تجربة أكثر قسوة، حين اضطرت قبل بضعة أسابيع لتناول أدوية خاصة بالقلب والسكر، وكانت منتهية الصلاحية، واستدعى ذلك تحويلها للمستشفى، وتقول "كنت أعلم أن الدواء منتهي الصلاحية، لكن ماذا أفعل؟ قلت في نفسي إن وجوده أفضل من عدمه، وشعرت بعدها بدوار وغثيان".
وكانت هذه المرأة تحصل على أدويتها شهريا وبانتظام من عيادات تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا"، غير أنها منذ بضعة أشهر تعاني من أجل توفير بعضها من مستشفيات أو نقاط طبية أهلية ودولية.
حصار طبي
الأمر نفسه يعاني منه المريض الستيني سليمان عرفات، الذي تناول أدوية منتهية الصلاحية حصل عليها من مستشفى أهلي، وأصيب على إثرها بحالة تسمم وإسهال وقيء شديد.
وفي خيمة مجاورة لضاهر يقيم عرفات (65 عاما) مع أسرته منذ نزوحهم بداية الحرب من "حي الزيتون" جنوب شرقي مدينة غزة، ويقول للجزيرة نت إنه يعاني من أمراض في القلب وضغط والتهابات في الأعصاب.
وكانت مدة صلاحية الدواء الذي تناوله عرفات منتهية منذ 3 أشهر، ويقول إن كثيرا من المرضى يتناولون مثل هذه الأدوية منتهية الصلاحية بسبب عدم توفرها في المستشفيات والصيدليات، نتيجة الحصار وإغلاق المعابر.
ولم يتناول عرفات -منذ فترة لم يحددها بدقة- أدوية مرض الضغط، ويشعر بأن صحته في تدهور مستمر، وقد بدا ذلك واضحا على قسمات وجهه، ومن طريقته في الحديث، والصعوبة التي يواجهها في نطق الكلمات.
ليس لهذا الرجل دخل يعتاش منه، ولا تسمح أوضاعه المادية بالبحث عن الأدوية في الصيدليات التجارية، ويراجع باستمرار عيادات طبية تابعة لأونروا ومستشفيات حكومية ونقاط طبية، وفي كل مرة يجد الإجابة نفسها "غير متوفر وبانتظار فتح المعابر وإدخال الأدوية".
بدورها، تقول المريضة أم ساهر نصار (65 عاما) "الأدوية مقطوعة، وتناولت في الفترة الأخيرة الكثير من الأدوية منتهية الصلاحية، والحمد لله على كل حال".
نصار أكثر حظا من غيرها، ولم تخض تجربة النزوح القاسية، وتقيم مع أسرتها (9 أفراد) في منزلها غربي مدينة دير البلح، لكنها تعاني من أمراض في القلب وضغط ومشكلات بفقرات الظهر، ولا تجد العلاج والأدوية المناسبة.
وتقول للجزيرة نت "كثير من أدوية القلب غير متوفرة، وتناولت دواء لدي منتهي الصلاحية عشان أمشي حالي"، في إشارة منها إلى أنها كانت تعلم أنه منتهي الصلاحية وتناولته مضطرة لتدبر أمرها.
وباستخفاف بالخوف والموت معا، ردت نصار على سؤال الجزيرة نت "ألا تخشين على حياتك؟" دون تلعثم "الأعمار بيد الله، ومررنا بهذه الحرب بكثير من التجارب ورأينا ما لم نره طوال حياتنا، والمكتوب مكتوب".
أرصدة صفرية
تشير بيانات وزارة الصحة إلى أن 47% من قائمة الأدوية الأساسية المتداولة، و65% من المستهلكات الطبية رصيدها صفر.
ويوضح المدير العام للصيدلة في الوزارة الدكتور زكري أبو قمر للجزيرة نت أن "292 صنفا من أصل 622 على قائمة الأدوية الأساسية رصيدها صفر، علاوة على أن 63 صنفا من أصل 174 صنفا من الأدوية المتداولة في خدمة الطوارئ مفقودة تماما، بنسبة تصل إلى 36%".
ونتيجة ذلك عمدت وزارة الصحة إلى "تمديد حياة بعض أصناف الأدوية منتهية الصلاحية"، ويفسر أبو قمر الأمر بأنه "إجراء اضطراري في ظل الأزمة الحادة الناجمة عن تداعيات الحرب والحصار".
ويؤكد أن لجنة متخصصة تابعة لإدارة الجودة بالوزارة تتولى مسؤولية هذا الإجراء، والذي ينسجم مع دساتير الأدوية، ويخضع للفحوص المتخصصة والدراسات الفنية والفيزيائية، قبل إقرار تمديد فترة صلاحية الدواء لفترة معينة، في حين أن هناك أدوية لا يمكن تمديد صلاحيتها لعدم توفر إمكانية إجراء التجارب عليها في القطاع المحاصر.
وتسبق هذه الخطوة –وفقا لأبو قمر- البحث في البدائل، ويقول "إذا كانت البدائل متوفرة فإنها تغني عن تمديد الصلاحية، التي تقتصر على أن تكون كإجراء اضطراري على الأدوية المنقذة للحياة فقط، وليس كل أصناف الأدوية المفقودة".
محددات ونصائح
يؤكد أبو قمر أن هناك الكثير من أصناف الأدوية وبدائلها مفقودة تماما من مخازن وزارة الصحة، ومن المرافق الأهلية والخاصة والصيدليات، وأن "العجز الدوائي غير مسبوق، وزاد الواقع سوءا مع حرمان الاحتلال للقطاع الخاص من استيراد الأدوية منذ اندلاع الحرب، والذي كان يمثل بديلا مهما يخفف الضغط عن المستشفيات والمرافق الحكومية".
ويحدد المسؤول الطبي المعايير التي لا يمكن فيها تمديد حياة الدواء، وهي:
أن يكون متوفرا.
أن يكون الصنف أساسيا ولكنه غير منقذ للحياة.
إذا أثبتت الدراسات الفنية عدم إمكانية تمديده.
إذا لم تتوفر دراسات فنية لصنف معين حتى لو كان منقذا للحياة.
أي صنف قد يشكل تمديده خطرا على حياة المرضى.
ويعد اللجوء لتمديد صلاحية الأدوية "إجراء عالميا" بحسب أبو قمر. ويقول إن الوزارة في غزة تعمل به منذ ما قبل اندلاع الحرب، حيث يعاني القطاع من حصار مشدد منذ عام 2007 انعكس على القطاع الصحي وكل مناحي الحياة، ولكن تضاعف العمل به خلال الحرب الحالية بسبب حدة الأزمة.
ويحذر المسؤول المختص من الاجتهاد الشخصي بهذا الجانب، ويقول "يمنع منعا باتا لأي طبيب أو صيدلي غير مختص بمجال دراسة الأدوية وإجراء الفحوص أن يقرر تمديد حياة أي دواء"، ويضيف أن الوزارة هي المخولة بذلك من خلال لجان متخصصة وبناء على الحاجة المنقذة للحياة، وتوزع هذه الأدوية بعد وضع لاصق جديد عليها يوضح تاريخ صلاحيتها بعد التمديد.
وينبغي على المرضى عدم الاجتهاد الشخصي أو الاعتماد على نصائح من قِبل غير متخصصين وتناول أدوية منتهية الصلاحية، والحرص على التحقق من اللاصق وتاريخ الصلاحية، وفقا للمدير العام للصيدلة في وزارة الصحة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

شهداء بغارات على غزة واستمرار المجازر بمراكز توزيع المساعدات
شهداء بغارات على غزة واستمرار المجازر بمراكز توزيع المساعدات

الجزيرة

timeمنذ 37 دقائق

  • الجزيرة

شهداء بغارات على غزة واستمرار المجازر بمراكز توزيع المساعدات

استشهد 21 فلسطينيا وأصيب آخرون -السبت- في غارات إسرائيلية على قطاع غزة ، في حين بلغ عدد الأطفال الشهداء نتيجة الجوع وسوء التغذية 66، مع استمرار الحصار وإغلاق المعابر وشح الغذاء. وأفاد مراسل الجزيرة بأن قصفا مدفعيا وجويا وإطلاق نار من مروحيات إسرائيلية استهدف وسط وشرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. واستشهد 6 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين لعائلة أبو طعمية في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس. كما استشهد فلسطيني وأصيب عدد آخر في قصف إسرائيلي استهدف خيمة العرجا في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس، وأُصيب 6 آخرون في قصف إسرائيلي لخيمة أخرى في المنطقة ذاتها. وأفاد مجمع ناصر الطبي باستشهاد فلسطيني وإصابة آخرين بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي قرب مركز مساعدات شمالي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة. ووسط القطاع، استشهد فلسطينيان بقصف إسرائيلي استهدف تجمعا لمدنيين شرق مدينة دير البلح. كما أُصيب 10 فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي حيث أطلق نيرانه صوب منتظري المساعدات عند مركز التوزيع قرب محور نتساريم. وفي شمال القطاع، استشهد فلسطينيان، بينهما طفل، وأُصيب 12 آخرون في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة عدنان العلمي التي تؤوي نازحين شمال غرب مدينة غزة. وأفاد مصدر في مستشفى الشفاء باستشهاد 3 شهداء في قصف إسرائيلي على منطقة الصفطاوي شمالي مدينة غزة. كما استشهد 4 فلسطينيين، بينهم طفلان، في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في جباليا البلد بمحافظة شمال القطاع. ومساء الجمعة، أنذر جيش الاحتلال الفلسطينيين في عدة أحياء وسط قطاع غزة بالإخلاء الفوري، وسط مواصلته حرب الإبادة الجماعية للشهر الـ21، ومخططات التهجير القسري. 66 طفلا يموتون جوعا وفي سياق متصل، قال مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة بغزة للجزيرة إن 66 طفلا في غزة توفوا بسبب الجوع، مضيف أن الأوضاع في القطاع تزداد سوءا، والاحتلال وضع مجمع ناصر الطبي ضمن المنطقة الحمراء. بدوره، دعا المكتب الإعلامي الحكومي بغزة المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل والضغط على الاحتلال لفتح المعابر فورا. وفي سياق متصل، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن الاستجابة الصحية بقطاع غزة تواجه تحديات كبيرة أبرزها الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمرافق الصحية، بالإضافة إلى عرقلة الحركة الآمنة وعدم إدخال الإمدادات الطبية والوقود. من جهتها، ذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن الفظائع لا تزال تتكرر في مواقع توزيع الغذاء التابعة للمخطط الإسرائيلي الأميركي في غزة الذي ينتهك كرامة الفلسطينيين. وطالبت المنظمة بالعودة إلى نظام توزيع المساعدات القائم على المبادئ الإنسانية والمنسق عبر الأمم المتحدة. وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تنفذ تل أبيب وواشنطن منذ 27 مايو/أيار الماضي خطة لتوزيع مساعدات محدودة، حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على الفلسطينيين المصطفين لتلقي المساعدات ويجبرهم على المفاضلة بين الموت جوعا أو رميا بالرصاص. وحتى الأربعاء، قالت وزارة الصحة بغزة إن حصيلة الفلسطينيين الذين استشهدوا أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الأميركية الإسرائيلية قرب مراكز التوزيع منذ 27 مايو/أيار الماضي بلغ نحو 549 شهيدا وأكثر من 4066 مصابا.

هآرتس: إسرائيل قتلت نحو 100 ألف فلسطيني في غزة
هآرتس: إسرائيل قتلت نحو 100 ألف فلسطيني في غزة

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

هآرتس: إسرائيل قتلت نحو 100 ألف فلسطيني في غزة

قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن نحو 100 ألف فلسطيني من سكان قطاع غزة ، قتلوا بهجمات إسرائيلية أو نتيجة الآثار غير المباشرة للإبادة الجماعية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مما يجعل هذه الحرب الأكثر دموية في القرن الـ21. وسلطت الصحيفة الضوء على تقرير نشره فريق بحثي دولي أكد أن عدد الضحايا بغزة جراء الهجمات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 الذي أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، أقل من الحجم الحقيقي للأزمة. وأوضح التقرير أن الجوع والمرض وإطلاق النار الإسرائيلي على مراكز توزيع الغذاء جعل الحرب في القطاع واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الـ21. وفي الوقت الذي يرفض فيه متحدثون رسميون وصحفيون ومؤثرون بإسرائيل بيانات وزارة الصحة الفلسطينية مدعين أنها مبالغ فيها، يؤكد خبراء دوليون أن قائمة تلك الوزارة بكل ما تجسده من فظائع، ليست موثوقة فحسب بل قد تكون متحفظة جدا مقارنة بالواقع. الدراسة الأكثر شمولا وعن أبرز الدراسات الدولية التي تناولت هذه القضية، سلطت الصحيفة الضوء على دراسة نشرها البروفيسور مايكل سباغات الخبير العالمي في الوفيات خلال النزاعات العنيفة، وفريق من الباحثين هذا الأسبوع، إذ اعتبرتها الأكثر شمولا حتى الآن بشأن موضوع الوفيات بغزة. وأشارت الصحيفة إلى أن سباغات، وهو خبير اقتصادي في كلية هولواي بجامعة لندن، كتب عشرات المقالات عن الحروب في العراق وسوريا وكوسوفو، ودول أخرى. وأوضحت أن سباغات وبمساعدة عالم السياسة الفلسطيني الدكتور خليل الشقاقي، أجرى مسحا لـ 2000 أسرة في غزة، تضم نحو 10 آلاف شخص، وخلصوا إلى أنه حتى يناير/ كانون الثاني 2025، استشهد نحو 75 ألفا و200 شخص في غزة نتيجة أعمال عنف خلال الحرب، غالبيتهم العظمى بسبب الذخائر الإسرائيلية. واستدركت: "في ذلك الوقت، قدرت وزارة الصحة في قطاع غزة عدد الشهداء منذ بداية الحرب بـ 45 ألفا و660 قتيلا، وبعبارة أخرى، قللت بيانات وزارة الصحة من العدد الحقيقي للشهداء بنحو 40%". وأشارت الصحيفة إلى أن الدراسة لم تخضع لمراجعة الأقران، حيث نشرت كنسخة أولية، لكن نتائجها تشابهت إلى حد كبير مع نتائج دراسة أُجريت بأساليب مختلفة تماما ونشرها في يناير/ كانون الثاني الماضي باحثون من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، وقدّرت تلك المجموعة أيضا التفاوت بين بيانات وزارة الصحة والأرقام الحقيقية بنحو 40%. آثار غير مباشرة وذكرت الصحيفة العبرية أن دراسة سباغات وزملائه تحاول الإجابة عن سؤال الوفيات الزائدة في القطاع، وبمعنى آخر، عن عدد الأشخاص الذين استشهدوا نتيجة الآثار غير المباشرة للحرب: الجوع والبرد والأمراض التي استحال علاجها بسبب تدمير النظام الصحي، وعوامل أخرى. وقالت بهذا الصدد "حتى دون احتساب موجات الوفيات الزائدة المتوقعة في المستقبل، أدى الجمع بين ضحايا العنف والوفيات الناجمة عن الأمراض والجوع إلى وفاة 83 ألفا و740 شخصا قبل يناير/ كانون الثاني (2025)، مع الأخذ في الحسبان المسح والوفيات الزائدة". وأضافت "منذ ذلك الحين، ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، قُتل أكثر من 10 آلاف شخص، وهذا لا يشمل من هم في فئة الوفيات الزائدة، والخلاصة هي أنه حتى لو لم تتجاوز الحرب بعد خط 100 ألف قتيل، فهي قريبة جدا من ذلك". ونقلت الصحيفة عن البروفيسور سباغات قوله إن هذه البيانات تضع الحرب في قطاع غزة كواحدة من أكثر الصراعات دموية في القرن الـ21. وتابع "حتى لو كان العدد الإجمالي لضحايا الحرب في سوريا وأوكرانيا والسودان أعلى في كل حالة، فإن غزة على ما يبدو تحتل المرتبة الأولى من حيث نسبة القتلى من المقاتلين إلى غير المقاتلين، وكذلك من حيث معدل الوفيات بالنسبة إلى حجم السكان". وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقا لبيانات المسح، التي تتوافق مع بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن 56% من الضحايا إما أطفالا دون 18 عاما، وإما نساء، وهذا رقم استثنائي مقارنة بجميع النزاعات الأخرى تقريبا منذ الحرب العالمية الثانية. وبحسب الصحيفة، فإن البيانات التي جمعتها ونشرتها منظمة سباغات، تشير إلى أن نسبة النساء والأطفال ضحايا العنف في غزة تزيد على ضعف النسبة في جميع النزاعات الأخيرة تقريبا، مضيفة "بما في ذلك، على سبيل المثال، الحروب الأهلية في كوسوفو (20%)، وشمال إثيوبيا (9%)، وسوريا (20%)، وكولومبيا (21%)، والعراق (17%)، والسودان (23%)". ومن البيانات المتطرفة الأخرى التي وُجدت في الدراسة نسبة الضحايا إلى عدد السكان، يقول سباغات "أعتقد أننا ربما وصلنا إلى نسبة قتلى تُقارب 4% من السكان.. لست متأكدًا من وجود حالة أخرى في القرن الـ21 وصلت إلى هذا المستوى". ولفتت الصحيفة إلى أنه على عكس ثراء البيانات التي تقدمها قوائم الوزارات الرسمية والدراسات البحثية، التي تُؤكد أرقام وزارة الصحة في غزة، فإن صمت المتحدثين الرسميين الإسرائيليين عن عدد الضحايا لافت للنظر. وقالت: "حرب 7 أكتوبر (2023) هي الأولى التي لم يُقدم فيها الجيش الإسرائيلي تقديرات لعدد القتلى المدنيين من العدو.. الرقم الوحيد الذي تُكرره وحدة المتحدث باسم الجيش والمتحدثون الرسميون الإسرائيليون الآخرون هو مقتل 20 ألفا من حماس ومنظمات أخرى. هذا الرقم غير مدعوم بقائمة أسماء أو أدلة أو مصادر أخرى". وأضافت "وفقا لسباغات، جرت محاولة لإحصاء عدد المسلحين الذين نشرتهم إسرائيل. وقد تمكن فريقه من الوصول إلى بضع مئات، لكن من الصعب إعداد قائمة تضم ألفا حتى".

من جوري إلى نضال.. كيف يفتك الحصار الإسرائيلي بأطفال غزة؟
من جوري إلى نضال.. كيف يفتك الحصار الإسرائيلي بأطفال غزة؟

الجزيرة

timeمنذ 14 ساعات

  • الجزيرة

من جوري إلى نضال.. كيف يفتك الحصار الإسرائيلي بأطفال غزة؟

لم تكمل الرضيعة الفلسطينية جوري المصري شهرها الثالث، حتى أودى بحياتها الجوع لتكون واحدة من ضحايا الحصار الإسرائيلي الذي يخنق قطاع غزة. ومساء الخميس، لفظت الرضيعة أنفاسها الأخيرة بمدينة دير البلح وسط القطاع، بعدما فشلت عائلتها في تأمين نوع خاص من الحليب العلاجي كانت بحاجة إليه، وسط انعدام المستلزمات الطبية والغذائية، ومواصلة تل أبيب إغلاق المعابر بالتزامن مع الإبادة التي ترتكبها بحق الفلسطينيين هناك. وعانت الرضيعة جوري، مثل باقي الأطفال بغزة، ويلات الحرب منذ ولادتها فاضطرت أسرتها إلى النزوح تحت القصف الإسرائيلي، وعاشت أيامها القليلة في ظروف قاسية من نقص الغذاء والرعاية، في بيئة لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة. ولدت بصحة جيدة ولدت جوري بصحة جيدة، دون أمراض مزمنة أو تشوهات خلقية، لكنها احتاجت إلى نوع من الحليب العلاجي غير متوفر في غزة منذ أسابيع، نتيجة الحصار الإسرائيلي. وقال والدها، محسن المصري، بنبرة يغلبها الانكسار، إنه بحث في كل مكان دون أن يجد الحليب لطفلته. وأوضح أن طفلته كانت بصحة طبيعية، لكن حالتها تدهورت بسرعة جراء سوء التغذية، قبل أن يكمل "ابنتي ماتت جوعا، دون ذنب". نفد الحليب فاستشهد الأطفال وأشار الوالد إلى أن جوري كانت بحاجة إلى حليب علاجي غير متوفر في القطاع، ومع استمرار نفاده، تدهورت حالتها وأصبحت هيكلا عظميا، وجسدا هزيلا، ووجها شاحبا. وأضاف: كانت تحتضر بصمت، ونحن عاجزون أمامها، هذه جرائم حرب حقيقية ترتكب بحق أطفالنا الرضّع، الذين يموتون جوعا واحدا تلو آخر. لم تكن مأساة جوري معزولة؛ فمع استشهادها، ارتفع عدد الرضع الذين استشهدوا بسبب الجوع خلال أقل من 24 ساعة إلى ثلاثة، بعد استشهاد الرضيعة كندة الهمص (10 أيام)، والرضيع نضال شراب (5 أشهر)، وكلاهما شيع من مستشفى ناصر في خان يونس جنوبي القطاع. تحذيرات طبية هذه الحالات المؤلمة جاءت بعد تحذيرات متكررة أطلقتها مستشفيات في غزة، كان أبرزها في 19 يونيو/حزيران الجاري، حين أعلنت قرب نفاد حليب الأطفال بالكامل، ما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة مئات الرضّع. لكن التحذيرات لم تلقَ استجابة دولية، وبقيت سياسة التجويع الإسرائيلية مستمرة، إذ تغلق إسرائيل منذ 2 مارس/آذار الماضي جميع المعابر، وتمنع دخول أي إمدادات غذائية أو طبية، ما تسبب في دخول غزة مرحلة المجاعة الكاملة، بحسب تقارير أممية. انهيار صحي تام وإلى جانب الجوع، يعاني القطاع من انهيار شبه تام في النظام الصحي، بفعل الاستهداف الإسرائيلي المتكرر للمستشفيات، ونفاد الأدوية والمستلزمات، ما حوّل مرافق الصحة إلى أماكن عاجزة عن تقديم الحد الأدنى من الرعاية. في هذا السياق، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في آخر إحصاء له في 25 مايو/أيار الماضي، استشهاد 242 شخصا بسبب نقص الغذاء والدواء، معظمهم من الأطفال الرضّع وكبار السن. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية ، قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا بغزة، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلّفت الإبادة نحو 189 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال. وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.2 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store