
المغرب في نيويورك تايمز. لماذا تضخّ الصين استثمارات ضخمة في المصانع المغربية؟
transform: translateZ(0);
-webkit-transform: translateZ(0);
}
يرى أحمد عبودو، الباحث في معهد تشاتام هاوس، أن المغرب قد يلعب للصين الدور نفسه الذي لعبته المكسيك سابقًا للشركات المصنعة المتطلعة إلى تجاوز الرسوم الأمريكية.
ترجمة وتنسيق: وليد كبير
زيارة رمزية… واستقبال ملكي
عندما عاد الرئيس الصيني شي جينبينغ من قمة مجموعة العشرين في البرازيل شهر نوفمبر الماضي، توقّف في الدار البيضاء، حيث استُقبل بالتمر والحليب – التقليد المغربي في الترحيب بالضيوف البارزين – كما التقى بولي العهد المغربي، الأمير مولاي الحسن.
كانت الزيارة القصيرة دلالة واضحة على تنامي العلاقات الاقتصادية بين الصين والمغرب، الذي أصبح اليوم أكبر مركز لتصنيع السيارات في إفريقيا، ونقطة عبور محورية لشركات صينية تبحث عن منافذ جديدة لتجاوز الرسوم الجمركية باتجاه أوروبا.
استثمارات ضخمة: 10 مليارات دولار في قطاع السيارات والطاقة
في العامين الأخيرين، شهد المغرب تدفقا ضخما في الاستثمارات الصينية، خصوصا من شركات الطاقة والسيارات الكهربائية والبطاريات، حيث تشير تقديرات إلى أن هذا الاستثمار بلغ 10 مليارات دولار.
عشرات الشركات الصينية بدأت تؤسس فروعًا لها داخل المغرب، بما في ذلك عملاق صناعة البطاريات 'Gotion High-tech'.
هذا الازدهار يعكس بوضوح مدى أهمية بلدان مثل المغرب، التي تربطها اتفاقيات تبادل حر مع الاتحاد الأوروبي، وتُستخدم كجسور في نظام تجاري عالمي يعيد تشكيل نفسه في ظل الحروب التجارية والقيود الجمركية والتوترات الجيوسياسية.
التفاف ذكي على الحواجز التجارية
لعبت دول مثل المكسيك وفيتنام وتايلاند وتركيا والمغرب دورا مهما في تجاوز الرسوم الجمركية، من خلال تقديمها كمنصات تصنيع منخفضة أو بدون ضرائب جمركية.
وبالنسبة للصين، يُعتبر المغرب اليوم حلقة وصل رئيسية لتسهيل دخول منتجاتها إلى السوق الأوروبية، دون المرور عبر الحواجز الجمركية المتصاعدة.
بيئة صناعية مغرية: البنية، العمالة، الطاقة والفوسفات
يقول ألكسندر كاتب، الخبير الاقتصادي ومؤسس منصة 'تقرير التعددية القطبية'، إن الصين تسعى لاستغلال المزايا الفريدة للمغرب، الذي بنى خلال عشرين سنة 'نظاما بيئيا لصناعة السيارات'.
ويضيف أن المغرب يمتلك شبكة مواصلات متطورة، وموانئ استراتيجية مثل ميناء طنجة-المتوسط، إلى جانب احتياطات ضخمة من الفوسفات الضروري لصناعة البطاريات، مع طموحات قوية في الانتقال إلى الطاقة النظيفة.
أرقام لافتة: المغرب يتفوق على الصين والهند واليابان
بحسب مجلة Auto World Journal، أصبح المغرب في 2023 أول مُصدر للسيارات إلى الاتحاد الأوروبي، متفوقا على الصين واليابان والهند.
شركات عملاقة مثل رونو الفرنسية تعمل في المغرب منذ أكثر من عقدين، بينما عززت مجموعة ستيلانتيس (مالكة علامات مثل جيب وكرايسلر) وجودها في المملكة منذ 2019.
يرى أحمد عبودو، الباحث في معهد تشاتام هاوس، أن المغرب قد يلعب للصين الدور نفسه الذي لعبته المكسيك سابقًا للشركات المصنعة المتطلعة إلى تجاوز الرسوم الأمريكية.
لكن هذا الدور لا يخلو من المخاطر، خاصة مع تصاعد التوتر بين الصين وكل من الولايات المتحدة وأوروبا.
تحديات جيوسياسية: ضغوط أمريكية محتملة
تزايد التوتر بين بكين وواشنطن أدى إلى رفع الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية حتى 145%.
ومع عودة ترامب إلى المشهد، هناك احتمال لأن تمارس واشنطن ضغوطا على المغرب – ربما من خلال التهديد برسوم إضافية – لإجباره على الاصطفاف.
يقول عبودو إن المغرب يعتبر الصين شريكا استراتيجيا، لكنه يدرك أيضًا الخطر المحتمل من إدارة ترامب إذا ما شددت موقفها تجاه من يتعاون مع الصين تجاريًا.
مشاريع كبرى بتمويل صيني
أسهمت استثمارات الصين في تطوير بنية المغرب التحتية من خلال مشاريع ضخمة ضمن مبادرة 'الحزام والطريق'، مثل:
-القطار فائق السرعة
-محطات الطاقة الشمسية
-مدينة تكنولوجية في طنجة بقيمة 10 مليارات دولار
-صفقة بقيمة 26 مليار دولار لتوريد الفولاذ لمشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب
شراكة أمنية مع أمريكا… وحدود لا يمكن تجاوزها
رغم ذلك، تبقى الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن أولوية بالنسبة للمغرب.
المغرب يشارك في مناورات عسكرية مع حلف الناتو، ويتعاون مع أمريكا في مكافحة الإرهاب، كما يسعى للحصول على طائرات الشبح F-35.
ولعل أبرز الملفات الحساسة هو 'الصحراء الغربية'. ففي 2020، اعترف ترامب بسيادة المغرب على الإقليم مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
والمملكة لا ترغب في التفريط في هذا الاعتراف أو تعريضه للخطر عبر مواقف قد تُفسر كاصطفاف لصالح الصين.
صناعة صينية مزدهرة في المغرب
في يناير 2025، بدأت شركة صينية لصناعة مكونات البطاريات بالإنتاج في الجرف الأصفر، ضمن اتفاقية بقيمة 2 مليار دولار.
وفي أكتوبر، دشنت شركة Sentury الصينية مصنعا للإطارات في 'مدينة طنجة التقنية'، التي من المتوقع أن تضم 200 شركة صينية.
أما شركة Gotion فقد أعلنت صيف العام الماضي عن نيتها بناء أول 'جيغا فاكتوري' للبطاريات في إفريقيا بقيمة 1.3 مليار دولار، مع إمكانية ارتفاعها إلى 6.5 مليارات، بحسب الحكومة المغربية.
سياسة 'التحوّط الذكي'
يختم عبودو بالقول إن المغرب ينتهج منذ مدة سياسة تحوّط ذكية بين الصين والولايات المتحدة.
وقد أظهرت إدارة بايدن تساهلا مع الاستثمارات الصينية، لكن إذا ما تقلّص هامش المناورة في عهد ترامب، فإن المغرب سيكون مضطرًا لاعتماد سلوك أكثر تحفظا.
*
المصدر: باتريشيا كوهين، صحيفة نيويورك تايمز – 7 ماي 2025
صورة المقال الرئيسية
: الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال استقباله من طرف ولي العهد المغربي الأمير مولاي الحسن، نوفمبر 2024، في الدار البيضاء
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأيام
منذ 24 دقائق
- الأيام
الاتحاد الأوروبي يوجه ضربة دبلوماسية موجعة للجزائر
في قرار وُصف بأنه ضربة دبلوماسية قوية لصورة الجزائر داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، صادق برلمان الأخير ، على إدراج الجزائر بشكل رسمي ضمن قائمة الدول المصنفة 'عالية الخطورة' في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. ونقلت صحيفة 'Le Journal de Dimanche' الفرنسية، تفاصيل الخبر، موردة أن المصادقة التي جرت في جلسة الأربعاء، بأغلبية واسعة من أعضاء البرلمان الأوروبي، وستمثل نقلة نوعية في تعامل المؤسسات الأوروبية مع الكيانات الجزائرية، إذ ستخضع كل العمليات المالية التي تشمل مؤسسات أو أفراداً جزائريين لمراقبة صارمة وإجراءات تحقق مشدد داخل هياكل الاتحاد. وبحسب المصدر ذاته، فإن قرار البرلمان الأوروبي يعني فرض تدابير يقظة مشددة على المعاملات ذات الصلة بالجزائر، بهدف الحد من مخاطر التدفقات المالية غير المشروعة، وضمان تتبع دقيق لرؤوس الأموال. يرتقب أن يدخل القرار حيز التنفيذ خلال الأسابيع القليلة المقبلة، بمجرد الانتهاء من الترتيبات التقنية والإجرائية التي تلي عملية المصادقة. وصفت النائبة الفرنسية لورانس تروشو، عن مجموعة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، في تدوينة على منصة 'X' هذا التصويت بـ'الخبر السار'.


أكادير 24
منذ 9 ساعات
- أكادير 24
رحلة البيتكوين: من فكرة متمردة إلى أصل مالي معتمد عالميًا
agadir24 – أكادير24 شهدت العملة الرقمية الأولى في العالم، البيتكوين (BTC)، تحولًا جذريًا منذ انطلاقها عام 2009. ففي غضون 15 عامًا، تحولت من مشروع تجريبي يستهدف القلة من التقنيين، إلى أحد أهم الأصول المالية المعترف بها ضمن محافظ مؤسسات كبرى وصناديق استثمارية عالمية. النشأة والتأسيس: أين بدأت القصة؟ في 31 أكتوبر 2008، نشر شخص يُعرف باسم ساتوشي ناكاموتو ورقة بحثية أسست لفكرة البيتكوين كعملة رقمية لا مركزية تعتمد على تقنية البلوكشين. وفي 3 يناير 2009، تم إنشاء أول كتلة على الشبكة، والتي حملت رسالة مشفرة تتعلق بالأزمة المالية العالمية. أهم محطات الأسعار والتطور التاريخي السنة السعر التقريبي (دولار أمريكي) الحدث الرئيسي 2010 أقل من 0.50 أولى المبادلات 2013 1,000+ أول فقاعة سعرية عالمية 2017 19,000 طفرة عالمية واسعة 2021 69,000 أعلى مستوى تاريخي حتى ذلك الوقت 2024 100,000+ اعتماد ETF البيتكوين الفوري في أمريكا يوليو 2025 117,000–118,000 استمرار النمو مع تبني مؤسساتي موسّع لماذا ارتفع البيتكوين بهذا الشكل؟ يشرح الخبير المعروف نيكولاس كاري، المؤسس المشارك لـ في حديثه لـ Forbes: 'نشهد الآن دخول البيتكوين إلى مرحلة الاعتماد المؤسساتي الكامل. البنوك المركزية وصناديق التقاعد تستثمر فيه، والسبب يعود لاعتباره وسيلة تحوط ضد التضخم وعملية تقليل اعتماد على النظام المالي التقليدي.' العوامل المؤثرة الرئيسية: تقليص مكافآت التعدين (Halving) كل 4 سنوات. إدراج البيتكوين ضمن صناديق ETF معتمدة من SEC الأمريكية منذ 2024. اعتماد حكومات مثل السلفادور كعملة قانونية. سياسات نقدية عالمية تضغط على العملات الورقية التقليدية. استثمارات من شركات كبرى مثل MicroStrategy وTesla. رأي الخبراء المستقلين أكدت المحللة الاقتصادية كاثي وود، المديرة التنفيذية لشركة ARK Invest، خلال مؤتمر Miami Bitcoin 2025: 'نحن نتوقع أن يصل سعر البيتكوين في غضون خمس سنوات إلى أكثر من 500,000 دولار للوحدة، شرط استمرار تبني الحكومات والمؤسسات المالية.' البيتكوين لم يعد مجرد مشروع شبابي تقني، بل أصبح عنصرًا أساسيًا في الأسواق المالية العالمية، رغم مخاطره وتقلباته المعروفة. ويظل التساؤل قائمًا: هل تتسارع وتيرة تبنيه عالميًا ليصبح 'ذهبًا رقميا' بحق؟ مراجع: Bitcoin White Paper (الوثيقة الأصلية للبيتكوين) Investopedia – Bitcoin Price History 99Bitcoins – Bitcoin Historical Price Chart Forbes – Nicolas Cary Profile and Interviews Bloomberg Crypto Section Wikipedia – Bitcoin Cointelegraph – Bitcoin News and Analysis فريق التحرير – عبد الله بن عيسى


الأيام
منذ 9 ساعات
- الأيام
'بتكوين' تحلق عاليا وتوقعات بوصولها لـ 150 ألف دولار
تواصل العملة المشفرة 'بتكوين' تحقيق أرقام قياسية، وسط تفاؤل واسع في الأسواق وتزايد رهان المستثمرين على بلوغ مستويات غير مسبوقة مع نهاية العام. فبعد تجاوزها حاجز 116,000 دولار لأول مرة، اتجه المتداولون في بورصة 'ديربيت' إلى تفعيل عقود خيارات شراء عند مستويات تنفيذ بلغت 115,000 و120,000 دولار. كما ارتفع عدد العقود المفتوحة المرتبطة بخيارات طويلة الأجل تستحق في شهري سبتمبر وديسمبر، مع توقعات تستهدف مستويات 140,000 و150,000 دولار. وواصلت 'بتكوين'، اليوم الجمعة، صعودها مسجلة زيادة بنسبة 3.9% لتتداول حول 118,000 دولار، مما أدى إلى تصفية أكثر من مليار دولار من مراكز البيع على المكشوف خلال 24 ساعة، بحسب بيانات منصة كوينغلاس (Coinglass). في الوقت ذاته، شهدت صناديق 'بتكوين' المتداولة في البورصة تدفقات قياسية، مع ضخ المستثمرين نحو 1.2 مليار دولار يوم الخميس وحده. وجاء هذا الارتفاع مدفوعا جزئيا بالطلب المؤسسي المتزايد، في ظل ترجيحات بأن فوز الرئيس دونالد ترمب بولاية ثانية سيعني سياسات أكثر مرونة تجاه الأصول الرقمية. وقد أعلنت إحدى لجان الكونغرس أن أسبوع 14 يوليوز سيكون 'أسبوع العملات المشفرة'، في إشارة إلى تزايد الاهتمام السياسي بهذا القطاع. وسجلت 'بتكوين' مكاسب تزيد عن 25% منذ بداية العام، مدعومةً بموجة صعود تشمل فئات الأصول عالية المخاطر، خصوصاً الأسهم التي بلغت مستويات قياسية جديدة. ورغم التوترات الاقتصادية، خصوصا تلك الناجمة عن الرسوم الجمركية الجديدة التي تعتزم إدارة ترمب تنفيذها في أغسطس، لا تزال 'بتكوين' تبرز كملاذ استثماري فعال.