
طهران: على واشنطن التخلّي عن فكرة مهاجمتنا قبل أي مفاوضات ومن حقنا تخصيب اليورانيوم
اشترطت إيران من أجل استئناف المحادثات مع
الولايات المتحدة
بشأن برنامج طهران النووي أن تستبعد واشنطن فكرة تنفيذ أي ضربات أخرى على إيران. وقال نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، في مقابلة مع هيئة البث البريطانية "بي بي سي"، بثت اليوم الاثنين، إنّ الإدارة الأميركية أبلغت إيران، عبر وسطاء، بأنها ترغب في العودة إلى المحادثات، لكن الولايات المتحدة "لم توضح موقفها" بشأن "السؤال المهم جداً" حول ما إذا كانت ستشن المزيد من الهجمات.
وقال تخت روانجي، لهيئة البث البريطانية، إنّ إيران ستصرّ على حقها في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، رافضاً الاتهامات بأنّ البلاد تعمل سرّاً على تطوير قنبلة نووية. وتابع أنه بما أنّ إيران "حرمت من الوصول إلى المواد النووية" لبرنامجها البحثي النووي، فقد كان علينا "الاعتماد على أنفسنا"، وقال إنّ مستوى وقدرة التخصيب النووي يمكن مناقشتهما "لكن القول بأنه لا يجب أن يكون لديك تخصيب، يجب أن يكون لديك تخصيب صفري، وإذا لم توافق سنقصفك - هذا هو قانون الغاب".
أخبار
التحديثات الحية
CIA: دمرنا منشأة تحويل المعادن في إيران واليورانيوم دُفن تحت الأنقاض
وفي قمة
حلف شمال الأطلسي
(ناتو)، الأسبوع الماضي، أعلن ترامب عن محادثات جديدة مع إيران هذا الأسبوع لكنه لم يقدّم تفاصيل، وكان قد أمر في الآونة الأخيرة بشن هجمات على المنشآت النووية الإيرانية المحصنة بشدة، وعندما سُئل يوم الجمعة عما إذا كان سيأمر بمزيد من القصف للمواقع النووية الإيرانية إذا عادت المخاوف بشأن تخصيب طهران لليورانيوم، قال ترامب "بلا شك، بالتأكيد".
وأكد مجدداً أنّ إيران يجب ألا تمتلك أسلحة نووية، وزعم أنّ الهجمات الأخيرة أخّرت البرنامج النووي لسنوات. وقال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، في مقابلة بثت يوم الأحد، إنّ إيران يمكن أن تستأنف تخصيب اليورانيوم في غضون أشهر.
وكانت إسرائيل قد أطلقت، في 13 يونيو/ حزيران الجاري، سلسلة هجمات على مواقع عسكرية ونووية إيرانية بزعم منع طهران من تطوير سلاح نووي، رغم نفي إيران المتكرر لهذا الطموح. ولاحقاً انضمت الولايات المتحدة إلى حملة القصف الإسرائيلية لتستهدف ثلاث منشآت رئيسية تابعة لبرنامج إيران النووي.
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ ساعة واحدة
- BBC عربية
فوز زهران ممداني يكشف الوجه القبيح لمعاداة الإسلام في الولايات المتحدة -الغارديان
نبدأ جولتنا في الصحف من الغارديان البريطانية التي نشرت مقالاً للكاتبة نسرين مالك حول فوز زهران ممداني، الشاب الأمريكي المسلم، في الانتخابات التمهيدية لمنصب عمدة نيويورك. وقالت كاتبة المقال نسرين مالك إن "الفوز المدوي لزهران ممداني كان بمثابة 'قصة مدينتين'؛ إحداهما فاز فيها الشاب الطموح الذي يتبنى سياسات تقدمية مقابل الثانية التي سقط فيها آلهة الدولة بتمويلهم الضخم ودعمهم من قبل الشخصيات البارزة في الحزب الديمقراطي". وألقت الكاتبة الضوء على أن هذا الفوز كشف انقساماً في المجتمع الأمريكي؛ فهناك من يرى أن الفكر التقدمي تحدى المؤسسة العميقة في الدولة وانتصر بينما يرى معسكر آخر – يتبنى خطاباً "عنصرياً" بحسب رأي الكاتبة - أن المدينة استولى عليها متطرف يسعى لتغيير النظام، وهو الفوز الذي كشف سيطرة خطاب الكراهية والتحيز على المجال العام، كما تقول. وتجسدت هذه الموجة من الكراهية، التي قادها سياسيون وشخصيات عامة ومسؤولين في إدارة ترامب تملك الهلع منهم جميعاً، تجسدت في الحملة التي شنوها ضد ممداني، والتي بلغت حد تشبيهه بـ"الجهاديين" و"المتعاطفين مع حماس"، مع دعوات لسحب جنسيته، وتصوير فوزه كتهديد للهوية الأمريكية. وأشارت الكاتبة إلى أن تلك الحملة انطوت على قدر هائل من العنصرية لدرجة أن وصف ترامب لممداني بأنه "مجنون شيوعي" يمكن أن نصفه بالمعتدل مقارنة بالتعليقات الهيستيرية التي صدرت عن معارضيه وأبدت الكاتبة دهشتها من أنه "حتى الآن، لم يصدر عن كبار قادة حزب ممداني، تشاك شومر وهايكيم جيفريز، أي إدانة لهذه الحملة، كما أن الشخصيات السياسية التي تغذيها لن تواجه عقاباً أو محاسبةً. ذلك لأن كراهية المسلمين، كغيرها من أشكال العنصرية عندما تُطبَّع، تزدهر بفضل تجاهل النظام". ورأت الكاتبة أن "جريمة" ممداني – التي يُعاقب عليها بهذا القدر من العنصرية والكراهية – لا تتمثل في أنه انتمائه الديني كونه مسلماً، بل لأن لديه أراء قوية وجريئة في السياسة والاقتصاد والسياسة الخارجية، وهي الأفكار التي يخرج بها من الإطار التقليدي "والمُسَلَمات السائدة حول الرأسمالية وإسرائيل". كما يتمثل جرمه في أنه ليس لديه استعداد للتنازل عن مبادئه، خاصةً فيما يتعلق بإسرائيل، "فهو لم يقدم تأكيدات محرجة، كما فعل منافسوه على المقعد". نبذة عن صادق خان أول رئيس بلدية مسلم لمدينة لندن مسلم، تقدّمي، وابن مهاجرين... زهران ممداني يقترب من منصب عمدة نيويورك دونالد ترامب "جزء من معضلة يواجهها البنك الاحتياطي الفيدرالي" ننتقل إلى صحيفة فايننشال تايمز التي خصصت مقالها الافتتاحي لمناقشة استئناف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الهجوم على رئيس مجلس محافظي البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، بوصفه بأنه "شخص غبي". ظهرت بعد ذلك تقارير إعلامية أشارت إلى أن الرئيس الأمريكي بصدد الإعلان عن ترشيح رئيس جديد للبنك المركزي قبل نهاية فترة ولاية الرئيس الحالي، مما أثار تكهنات بإمكانية وجود "رئيس ظل" للفيدرالي يأخذ بزمام السياسة النقدية نحو خفض الفائدة ويحقق ما يريده ترامب من تبني معدلات أقل لتكلفة الاقتراض. لكن البيت الأبيض نفى أنه بصدد الإعلان عن أي ترشيحات لهذا المنصب في وقتٍ قريبٍ، ورأت الصحيفة أن المشكلة الحقيقية في تدخلات ترامب الشفهية في السياسة النقدية تتمثل في أنها تثير المزيد من انعدام اليقين حيال مستقبل الاقتصاد الأمريكي والسياسة النقدية للفيدرالي، وهو ما يُضاف إلى القدر الهائل الموجود بالفعل من المخاوف حيال ما يمكن أن ينتج عن التعريفة الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي من زيادة في معدلات التضخم، وهو ما قد يجعل الفيدرالي مضطراً إلى الإبقاء على معدل الفائدة دون تغيير كما حدث في اجتماع يونيو/ حزيران الجاري عندما ثبت البنك المركزي الفائدة دون تغيير في نطاق 4.25 – 4.50 في المئة. وهناك بعض الانقسام بين أعضاء مجلس محافظي الفيدرالي، والذي اتضح جلياً في تصريحات كريستوفر وولر، عضو المجلس والمرشح بقوة لخلافة باول، التي أشار خلالها إلى أن البنك المركزي يمكن أن يخفض الفائدة الشهر المقبل. الفيدرالي الأمريكي يترك "الباب مفتوحا" أمام زيادة أسعار الفائدة ترامب يرشح جيروم باول لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي لكن جيروم باول يرى ضرورة الانتظار لوقت أطول، وهو ما يمكن اعتباره الرأي الأكثر ملائمة للأوضاع الاقتصادية بحسب الصحيفة. فلا يزال أثر التعريفة الجمركية – التي يبدأ العمل بها في التاسع من يوليو/ تموز المقبل – على التضخم، غير معروف. كما لا تزال قراءات التضخم، أبرزها التي ظهرت الجمعة الماضية في مؤشرات نفقات الاستهلاك الشخصي - التي يعتبرها الفيدرالي الأكثر مصداقية في التعبير عن الأسعار في الولايات المتحدة – تظهر أن هناك ارتفاع في معدل تضخم الأسعار للمستهلك الأمريكي. كما يمكن أن تواجه الولايات المتحدة المزيد من ارتفاع أسعار النفط العالمية في ضوء وقف إطلاق النار الهش بين إيران وإسرائيل، مما قد يزيد من التضخم ويجعل الفيدرالي في موقف لا يُفَضل فيه خفض الفائدة. ورأت الصحيفة أن الفيدرالي لابد أن يكون لديه متسع من الوقت مع ضرورة ألا يخضع لضغوط ترامب الذي قد يدرك لاحقاً أنه "هو نفسه أحد أسباب المعضلة التي تواجه البنك المركزي". قصة الفن والفقر كتبت إيما دانكان في صحيفة التايمز البريطانية مقالاً يحمل عنواناً مثيراً للجدل؛ "دعم مواهب أولادكم قد لا يكون في صالحهم". وروت الكاتبة كيف أخبرها صديق ينحدر من أسرة فقيرة أنه يفقد الاتصال بالكثير من زملاء الدراسة. وروت أيضاً كيف كافح هذا الصديق من أجل الحصول على فرصة للدراسة في جامعة مرموقة ووظيفة مرموقة من بعدها بينما لا يزال أغلب أقرانه ممن تجاوزوا سن الثلاثين سنة في منزلهم غارقين في محاولات الانتهاء من أول رواية أو عمل فني. ورأت إيما أن أغلب هؤلاء من أسر ميسورة الحال وعلى قدر من الثراء، وهم أيضاً ليس لديهم خبرات حياتية، ولم يقابلوا أصحاب الأحلام الضائعة ولم يختلطوا بعالم الفن الحقيقي الذي رأت أن النجاح فيه قد لا يكون لقليلي الخبرة في الحياة. وأكدت أن الدعم المالي المقدم من الآباء الأثرياء لأولادهم قد يكون محموداً لأنه يعمل على تقييد طموحاتهم بينما لا يزالون في مرحلة المراهقة، لكن المشكلة تأتي فيما بعد لكونه سبباً في إضعاف قدرتهم على الاستقلالية وتقويض دوافعهم إلى الإنجاز. وربطت الكاتبة صراحةً بين الفقر والفن، إذ ترى أن الأثرياء الذين يدعمون أولادهم مالياً لتحقيق أحلامهم الفنية غالباً ما يفشل هؤلاء الأولاد في حين تذهب فرص العمل الإبداعي لأبناء الفقراء الذين يخوضون تجارب الحياة دون مساعدة.


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
وجوه "بي بي سي" المتقلّبة
لم يغيّر تقرير، اتهم أخيراً هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بالانحياز إلى إسرائيل في تغطية حرب الإبادة في غزّة، من أداء المؤسّسة لجهة إطلاق مراجعة لهذه التغطية، بل قرّرت، بعد صدور التقرير ومناقشته في الإعلام البريطاني، عدم بثّ فيلم وثائقي عن الأطبّاء البريطانيين العاملين في غزّة، معلّلةً القرار بالمخاوف بشأن حيادية الإنتاج. ماذا عن الحيادية وتطبيقاتها الغريبة في "بي بي سي"؟ أثارت دراسة أجراها مركز مراقبة الإعلام التابع للمجلس الإسلامي البريطاني ضجّةً بين مؤيّد ومعارض، إذ توصّلت إلى أن تغطية "بي بي سي" القتلى من الإسرائيليين تفوق التغطية المخصّصة للقتلى الفلسطينيين بـ33 مرّة، مرتكزة على تحليل 3873 مقالاً و32092 حلقةً إذاعيةً بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، و6 أكتوبر 2024. وأن الإعلام العام البريطاني لم يتخلَّ عن التوازن في عدة مواد إعلامية خاصّة بالطرفين فحسب، بل استخدم تعبيرات ذات طابع عاطفي أكثر بأربعة أضعافٍ في المواد الخاصّة بالضحايا الإسرائيليين، بما في ذلك استخدام مصطلح "مجزرة" أكثر بـ18 مرّة لوصف الضحايا الإسرائيليين مقارنةً بالتعبيرات المستخدمة في وصف الضحايا الفلسطينيين. انتقد التقرير أيضاً إغفال السياقات التاريخية للحدث، والتغاضي عن نقل تصريحات للمسؤولين الإسرائيليين عن نيّة الإبادة الجماعية، ونقل هذه التصريحات باعتبارها حقائقَ حول جرائم حرب الإبادة ضدّ المدنيين. لم تواجه "بي بي سي" التقرير بكثير من الاعتبار أو الجدّية. في الوقت نفسه، قرّرت عدم بثّ فيلم "غزّة... أطباء تحت الهجوم"، المنتج من شركة خاصّة، بتكليف من هيئة الإذاعة البريطانية، بحجّة إمكان تضارب بثّ الفيلم مع معايير النزاهة والعدالة التحريرية. لم تعد حجّة "بي بي سي" أن انتقاد الجميع لها دليل حياد تجدي نفعاً في وقت سابق، قرّرت الهيئة سحب الفيلم الوثائقي "غزّة... كيف تنجو من منطقة حرب"، من موقع iPlayer، بعد أن أثار عرضه موجةً من الاستنكار بحجّة أن الطفل الراوي (13 عاماً) نجل مسؤول في حركة حماس. في الحالتَين، حالَ قرار "بي بي سي" دون نقل معلومة في غاية الأهمية إلى الجمهور البريطاني عن نزاع لا تغطّيه الهيئة في الميدان. اعتبرت الشركة المنتجة المستقلّة "بيسمنت فيلمز"، بعد قرار "بي بي سي" نقل ملكية الفيلم إليها، أن قرار الهيئة انتهاك لمعاييرها المهنية، واعتبر مؤسّس الشركة بن دي بير القرار ضرباً من "العرقلة والإسكات" ضدّ الصحافة. وهذه ليست المرّة الأولى التي تقع فيها تغطية "بي بي سي" في حيّز الاتهام بالانحياز. لم يتوقّف اللوبي الإسرائيلي عن انتقاد تغطيتها الحرب بحجّة أنها منحازة إلى الفلسطينيين. في سبتمبر/ أيلول 2024، عنونت صحيفة "صنداي تلغراف" اليمينية في صفحتها الأولى إن "بي بي سي انتهكت القواعد 1500 مرّة" بشأن الحرب في غزّة، استناداً إلى تقرير غير موثّق صادر عن المحامي الإسرائيلي تريفور أرسون، مدّعياً أن "بي بي سي" في تغطيتها الحرب "منحازة بشدّة ضدّ إسرائيل"، بحجّة أنها تقدّم مساحاتٍ واسعةً للمدنيين الفلسطينيين. حظي التقرير بتغطية واسعة في الإعلام اليميني الغربي، بما في ذلك صحف ديلي إكسبريس، وديلي ميل، والصن البريطانية الواسعة الانتشار. وعيب على الدراسة (بشكل خاص) منهجيتها لاعتمادها مفهوماً مغلوطاً للذكاء الاصطناعي، باعتباره أداةَ بحثٍ غير منحازة وجدّية. لم تعد حجّة "بي بي سي" أن انتقاد الجميع لها دليل حياد تجدي نفعاً. أظهر التقرير أن ثمّة حاجة ملحّة لإعادة النظر بمبدأ الموازنة بين طرفي النزاع، الذي باتت ترجمته تعني الموازنة بينهما، حتى لو كانت قواعد الحرب مختلفة، والموازنة بين معاناة المدنيين في الجانبَين، أي اعتبار معاناة المدنيين الإسرائيليين (على أهميتها) موازية لمعاناة المدنيين الفلسطينيين، الذين يعيشون ظروف إبادة تُنقَل مباشرة عبر وسائط التواصل الاجتماعي. ولعلّ هذا التوازن المصطنع يفسّر بعضاً من القرارات التحريرية للهيئة، التي أدّت إلى "تعقيم" التغطية عبر تقصّد عدم نقل أشكال القتل السادي أو التصريحات المحرّضة عليه من الجانب الاسرائيلي. الأهم هنا، إلى جانب تحليل معطيات المواد المذاعة، استقصاء آليات القرار التحريري وتأثير خلفيات الصحافيين أنفسهم فيها. بمعنى آخر، طرح السؤال التالي: إلى أيّ حدّ تساهم خلفيات الصحافيين (الاجتماعية والاقتصادية والسياسية) في تأطير الخيارات التحريرية للهيئة، خصوصاً أن لدى الغالبية العظمى منهم خلفية معرفية محدودة جدّاً بالمنطقة ونزاعاتها، هذا إذا كان يمتلك أيَّ معلوماتٍ في الأساس. السؤال الأخر: إلى أيّ حدّ يتحكّم الخوف بالقرارات التحريرية، وهل لا يزال بالإمكان الحديث عن مسار تحريري مستقلّ؟... لعلّ البحث في آليات القرار التحريري جواب على تعليب "بي بي سي" تغطيتها الإبادة فترةً طويلة، فضلاً عن قدرتها على كبح (وتكميم) النقاشات الحامية داخلها حول هذا الفشل التحريري والأخلاقي. قرّرت "بي بي سي" عدم بثّ فيلم "غزّة... أطباء تحت الهجوم" نقلت بعض وسائل الإعلام أخيراً أخباراً عن جدل حادّ في أوساط صحافيي الهيئة العمومية على خلفية تغطيتها الحرب على غزّة، واعتراضات وصلت إلى حدّ استقالة بعضهم. منها تقرير نشره موقع ديدلاين، عن نقاش صاخب في اجتماع للصحافيين والعاملين مع المدير العام للهيئة، تيم ديفي، إذ سئل عن سبب عدم بثّ الفيلم الذي يوثّق عمل الأطباء البريطانيين في غزّة، ومبرّرات حجب تغطية جرائم وأحداث مهمّة. بحسب الموقع، الذي حصل على تسريب للمذكّرة الداخلية للاجتماع، فإن أصواتاً كثيرةً ارتفعت تعبّر عن خيبة أملها، بينها قول أحد العاملين: "أشعر بقلق بالغ إزاء الضرر الذي لحق بسمعة (بي بي سي) نتيجة تغطيتها للأحداث في فلسطين. أتفهم وأُقدّر أهداف سياستنا التحريرية، وهي السعي الدائم إلى تحقيق التوازن والحياد، لكنّني أشعر أننا نفشل". تستحق هذه الأصوات الجريئة الإشادة. تحدّث بعضهم بسرّية، حفاظاً على لقمة العيش، وقرّر آخرون الاستقالة. من هؤلاء المعلّق الرياضي غاري لينكر، الذي دُفع إلى الاستقالة بحجّة معاداة الساميّة، رغم اعتذاره عن تغريدة اعتبرت تحمل رموزاً عنصرية، ومذيعة الأخبار كاريشما باتل، التي كتبت في صحيفة إندبندنت أنها استقالت بعد تغطية "بي بي سي" خبر قتل الطفلة هند رجب مع عائلتها. "فشلت بي بي سي في قضية هند، كما فشلت في التعامل مع أطفال غزّة"، كتبت الصحافية. لهذه الأصوات الشجاعة التحية وتقدير يتجاوز بكثير حجم سطور قليلة.


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
"الستة من موريا"... المخيم يحترق وتتكثّف فوقه سُحُب الصمت
مخيّم موريا أسوأ وأشهر مخيمات اللاجئين من سورية وأفغانستان ودول الشرق الأوسط الأخرى على أراضي الاتحاد الأوروبي. يقع في الجزيرة اليونانية ليسبوس . في الثامن والتاسع من سبتمبر/أيلول عام 2020، تعرّض لحريق دمّره كاملاً. يروي الفيلم الوثائقي، "الستة من موريا" (Moria Six)، قصّة ستة لاجئين شباب يعيشون في السجن بعد الحريق المدمّر، بانتظار صدور أحكامٍ عليهم. انطلقت المخرجة الألمانية جينيفر مالمان (Jennifer Mallmann) من دهشتها لسيادة صمت مريع، أعقب دمار المخيّم، ليس محلياً فقط، بل في الخطاب العام أيضاً. لم يبدُ العالم مُهتماً بالظروف اللاإنسانية في المخيمات الأخرى، على الحدود الخارجية لأوروبا، أو بعمليات الإعادة القسرية التي لا تُحصى في البحر الأبيض المتوسط. لم يُثر اعتقال ستة مراهقين، مُتّهمين بإحراق المخيّم عمداً، أيَّ صدىً يُذكر، مع أن نظرة ثانية على ملابسات التحقيق والإجراءات الجنائية كشفت عن مخالفات وشكوكٍ في نظام العدالة اليوناني، فضلاً عن سياسة اللاجئين الأساسية للاتحاد الأوروبي. تُمثّل الإدانة، والإشكالية المريبة، للمراهقين الستة في الحريق، بداية بحثٍ مؤثر عن الإنسانية، كاشفةً عن الجوانب المظلمة لنظامٍ قمعي، ولاإنساني أحياناً كثيرة. نظرة على نظامٍ قضائي، تُمثّل فيه العدالة نفسها مصلحة واحدة فقط من بين مصالح كثيرة. في العام الماضي، أظهرت مجموعة الهندسة المعمارية الجنائية، في فيديو مُفصّل (24 دقيقة)، أنّه لا يُمكن أنْ يكون كل شيء حدث كما وصفه الشاهد الرئيسي، الذي لم يمثل أمام المحكمة قطّ، لكنّه قدّم أساس الإدانات بشهادته الكاذبة. لا يشارك "الستة من موريا" هذا الاهتمام الاستقصائي، رغم أنّه يتناول أيضاً الفضيحة القضائية، بل تهدف مالمان إلى أن يُنظر إلى فيلمها بوصفه بادرة تضامن، لمواجهة الصمت السائد منذ ذلك الحين، ولخلق نوع من الوعي، لتجنّب كوارث أفدح. بُنيت مخيّمات جديدة، وارتفعت الأسوار أكثر، وأصبح الدخول والخروج محكوماً ببصمات الأصابع، ونادراً ما يُسمح للمحامين ومراقبي حقوق الإنسان والصحافيين بالدخول. وصلت مالمان وفريقها إلى أحد هذه المعسكرات الجديدة، وسُمح لهم بدخول مركز القيادة، المزوّد بشاشات مراقبة عدّة، كلّها أنيقة وواسعة ولامعة. تجرؤ مالمان على إلقاء نظرة ثانية بفيلمها هذا. في قلبه مراسلاتها مع حسن، أحد الشباب المُدانين، الذي يُخبرها عن حياته اليومية، ورغباته ومخاوفه من السجن. صورٌ هادئة مُؤطَّرة بدقة، تُوثِّق "الحياة الطبيعية" على أطراف القلعة الأوروبية. تُظهر الصور كيف يُؤثّر العزل الاستراتيجي، وما يترتّب عليه من إقصاء هيكلي مستمرّ. عبر هذا النهج الشخصي، يمنح الفيلم حسن صوتاً ليروي يومياته، عالقاً بين الأمل واليأس. في صور هادئة ومؤثّرة، يتحدّث الشباب عن ماضيهم وأحلامهم وعزيمتهم، ودائماً في ظلّ مستقبل غامض. يستكشف الفيلم بعمق مواضيع كالهجرة والفَقْد والهوية والصمود. ويرفع مستوى الوعي بالمصائر التي غالباً ما تُغفل وراء مصطلحات مجرّدة، كـ"أزمة اللاجئين"، أو تغدو أرقاماً متكرّرة في نشرات الأخبار. تمثّل مراسلات مالمان وحسن نقطة انطلاق للمستويين الشخصي والعاطفي للفيلم. في الوقت نفسه، تُدلي شخصيات أخرى برأيها، كما تُتناول مواضيع أخرى، ما يفتح آفاقاً متعددة الجوانب للحياة في موريا، وما بعدها. إعلام وحريات التحديثات الحية القناة الرابعة ستعرض "غزة: أطباء تحت الهجوم" بعد رفض "بي بي سي" بمونتاج هادئ ولقطات للمناظر الطبيعية والمباني والأشياء اليومية للاجئين، تُترجم مالمان انتظارهم الطويل، ولايقينهم بالمستقبل، إلى لغتها البصرية الخاصة. مع ذلك، تبدو هذه الاستراتيجية مُملّة أحياناً للمُشاهدين. في المقابل، هناك صور وثائقية تلتقطها كاميرا متحرّكة، تحملها مالمان بنفسها. يُبرز هذا التباين التوتّر بين الأحداث الدرامية، الكارثية أحياناً كثيرة، في حياة اللاجئين ويومياتهم الرتيبة في مركز الاستقبال. إذا أراد المشاهد معرفة كيف يتخيّل مجتمعنا الدولي مستقبله، فليُلقِ نظرة على المعسكرات الأمنية المتطوّرة، المبنية حديثاً، إذ يُعامَل الوافدون الجدد بوصفهم مجرمين عتاة، يُخشى اندفاعهم خارج أقفاصهم، في ترجمة أمينة لآليات سياسة العزل الأوروبية، التي تُعامل الناس كالمجرمين، وتحبسهم في معسكرات مستقبلية شديدة الحراسة. أيضاً، يُظهر "الستة من موريا" تأثير القرارات السياسية على حياة الأفراد. بذلك، يُشجّع على التفكير في حقوق الإنسان، والمسؤولية الأوروبية، ويمكن أنْ يُشكّل نقطة انطلاق لمناقشات عن المجتمع المدني والعدالة والكرامة الإنسانية. لا يعكس الفيلم وجهة نظر اللاجئين أنفسهم فقط، بل يُتيح أيضاً مساحة لأصوات أخرى: محامون وسكّان الجزيرة ومدير المخيّم. يسمح هذا النهج متعدّد المنظورات برؤية دقيقة للوضع. ما تأثير هذا السرد على المشاهدين؟ كونه فيلماً وثائقياً صحافياً، يستخدم "الستة من موريا" مواد متنوعة: صُور كاميرات المراقبة، وتسجيلات الهواتف المحمولة. ينجح التحرير والبنية السردية في تقديم صورة متناغمة ومحترمة لموضوع بالغ الحساسية، رغم تنوّع المصادر. "الستة من موريا" يُثير إعجاباً وغضباً، باستكشافه مدى ظلم الإدانة، ومحاولته الإجابة عن سؤال ما سيحدث لاحقاً. مع ذلك، يشاهد المرء أيضاً مواقف مختلفة في الجزر اليونانية، حيث تتناوب المحادثات مع محامي المدانين مع لقطات تُظهر إنشاء مخيم جديد. مع هذه الانطباعات المتنوعة، مصحوبةً بأجواءٍ هادئة للغاية، ينقل الفيلم مشاعرَ كثيرة.