
ترامب يوقع قانون "جينيس أكت": الولايات المتحدة إلى عاصمة للعملات المشفرة
العملات المشفرة
، وذلك في خطوة مهمة لقطاع أنفق بكثافة لتعزيز شرعيته وقوته السياسية. ويأتي إقرار القانون المعروف باسم "
جينيس آكت" "GENIUS Act" بعد تعهد ترامب بشكل متكرر بجعل الولايات المتحدة "عاصمة العملات المشفرة في العالم". وينشئ قانون جينس، ضوابط أولية وحماية لمستهلكي العملات المستقرة، التي ترتبط بأصول مثل
الدولار
لتقليل تقلبات الأسعار مقارنة بأشكال أخرى من العملات المشفرة.
ووصف ترامب، في منشور على منصة "تروث سوشال"، القانون المعروف باسم "جينيس آكت" بأنه مصادقة ضخمة على العملات الرقمية، مؤكداً أن هذه الأصول مفيدة للدولار وللولايات المتحدة. كما أشار إلى ارتفاع قيمتها أكثر من أي أسهم، مشدداً على أنه لن يسمح بانخفاض قيمة الدولار، ولا سيما أن خسارة مكانته عملةَ احتياطٍ ستكون بمثابة خسارة حرب. وهنأ الرئيس الأميركي المشرّعين الجمهوريين على إقرار القانون، واصفاً إنجازه بأنه رقم قياسي في فترة زمنية قصيرة جداً، ومشدداً على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي "لن يُسمح له بإصدار عملة رقمية".
July 19, 2025 @ 03:19 AM (UTC)
Current Price of Bitcoin
(BTC-USD): $118,312.05
(BTC-EUR): €101,467.52
— Bitcoin (@Bitcoin)
July 19, 2025
وتم تمرير القانون في مجلسي النواب والشيوخ بهامش واسع من التأييد الحزبي. ويهدف القانون الجديد إلى تعزيز ثقة المستهلكين في صناعة العملات المشفرة، التي أصبحت بسرعة لاعباً قوياً في واشنطن بفضل التبرعات الكبيرة للحملات والإنفاق على الضغط السياسي. وقال ترامب لمسؤولين في صناعة العملات المشفرة خلال حفل توقيع في البيت الأبيض حضره نحو 200 شخص، بينهم عدد من كبار النواب الجمهوريين مساء الجمعة : "لسنوات، تم السخرية منكم واستبعادكم وتجاهلكم ... هذا التوقيع هو اعتراف كبير بعملكم الجاد وروحكم الرائدة".
وأقرّ مجلس النواب الأميركي الخميس، مشاريع قوانين تاريخية متعلقة بالعملات الرقمية، محققاً بذلك احتضان إدارة ترامب لهذا القطاع المثير للجدل.
ووافق المشرعون الأميركيون بسهولة على قانون "كلاريتي" الذي يضع إطاراً تنظيمياً أكثر وضوحاً للعملات المشفرة وغيرها من الأصول الرقمية. ويهدف مشروع القانون إلى توضيح القواعد التي تحكم هذا القطاع ويقسم السلطة التنظيمية بين هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية وهيئة تداول السلع الآجلة. وسيُحال مشروع القانون الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث يتمتع الجمهوريون بأغلبية ضئيلة.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
شهية المخاطرة ترفع قيمة بيتكوين لمستويات تاريخية
كما أقر المشرعون في مجلس النواب بسهولة قانون "جينيس آكت"، الذي يقنّن استخدام العملات المستقرة، وهي عملات رقمية مرتبطة بأصول آمنة مثل الدولار. والذي أحاله لاحقاً إلى ترامب الذي وقعه الجمعة ليصبح قانوناً نافذاً. وأقرّ مجلس الشيوخ الشهر الماضي قانون جينيس آكت الذي يضع قواعد مثل إلزام الجهات المصدرة للعملات بأن تكون لديها احتياطات من الأصول تعادل قيمة عملاتها الرقمية القائمة.
وتأتي هذه الحزمة من التشريعات بعد سنوات من الشكوك حول قطاع العملات المشفرة، وسط اعتقاد بأن هذا القطاع الذي نشأ بفضل نجاح بيتكوين يجب أن يبقى تحت رقابة صارمة وبعيداً عن المستثمرين الرئيسيين. ولكن بعد أن ضخّ مستثمرو العملات المشفرة ملايين الدولارات في حملته الرئاسية العام الماضي، تخلى ترامب عن شكوكه، حتى إنه عين بول أتكينز، المدافع عن العملات المشفرة، رئيساً لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية. كما أنشأ ترامب "احتياطياً استراتيجياً فيدرالياً للبيتكوين" يهدف إلى مراقبة حيازة الحكومة للعملات المشفرة التي جمعتها جهات إنفاذ القانون عبر مصادرات قضائية.
(أسوشييتد برس، فرانس برس، العربي الجديد)
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 17 دقائق
- العربي الجديد
ليلة تركيع أوروبا أمام السمسار ترامب
بين وصف الحدث بليلة تركيع أوروبا، أو يوم الاستسلام العظيم، جرى الإعلان عن التوصل لاتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه " أكبر اتفاق يُبرم على الإطلاق ". وعلى خطى دول ذات اقتصادات قوية مثل بريطانيا واليابان والهند، دخلت أوروبا العجوز في بيت طاعة السمسار ترامب عبر الخضوع لابتزازه وتهديداته وشروطه المجحفة ورسومه الجمركية العالية، وقدمت بروكسل تنازلات كبيرة ومزايا مالية ضخمة لواشنطن لم تحصل عليها الولايات المتحدة من قبل حتى في ذروة الحروب الكبرى. وبعدما هدد الاتحاد الأوروبي مرات عدة بالرد بشكل عاجل وسريع وحاسم على رسوم ترامب وحربه التجارية الشرسة، وتوعده بمعاقبة الولايات المتحدة اقتصادياً وتجارياً، والوقوف بقوة ضد كل ما يهدد قوته الاقتصادية وصادراته الخارجية، عاد ليقبل باتفاق تجاري مذل ومهين جرى التوصل إليه عقب اجتماع سريع جمع ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، أمس الأحد، في تورنبري في اسكتلندا. الاتفاق الذي تم التوصل إليه في اللحظات الأخيرة قبل انتهاء مهلة ترامب لم يستغرق سوى لقاء عابر بين ترامب وأورسولا دام أقل من ساعة، وهو ما شكل مفاجأة للجميع الاتفاق الذي تم التوصل إليه في اللحظات الأخيرة قبل انتهاء مهلة السمسار الأميركي في الأول من أغسطس/ آب المقبل، ووضع حداً لنزاع الرسوم الجمركية، لم يستغرق سوى لقاء عابر بين ترامب وأورسولا دام أقل من ساعة، وهو ما شكل مفاجأة للصحافيين والأسواق الذين توقعوا مفاوضات صعبة ومعقدة وطويلة بين الوفدين، في ظل تنامي الخلافات التجارية بين واشنطن والاتحاد الأوروبي في الأسابيع الماضية، وإعلان الاتحاد أكثر من مرة عن جاهزيته لمعاقبة أميركا اقتصاديا إذا مسّت مصالحها التجارية. كما شكل الاتفاق صدمة عنيفة لشركاء أوروبا التجاريين الذين توقعوا صموداً أوروبياً طويل الأجل في وجه ابتزازات ترامب، والاستفادة من موقف أوروبا الصلب في مواجهة حرب الرسوم الأميركية ، ومن بين هؤلاء، الهند وكندا ودول جنوب شرق آسيا وأميركا الجنوبية. ما جرى في اسكتلندا هو أن ترامب نجح في فرض شروطه، حيث أخضع جميع صادرات الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 27 دولة، إلى الولايات المتحدة، لرسوم جمركية أساسية بنسبة 15%، بما في ذلك السيارات والأدوية وأشباه الموصلات، وهي القطاعات الحيوية داخل أوروبا وتشكل رافعة للصادرات. اقتصاد دولي التحديثات الحية اتفاق أميركي أوروبي يضع حداً لنزاع الرسوم الجمركية لم يكتف ترامب بذلك بل ألزم الاتحاد بالتعهّد بشراء الغاز الطبيعي المسال الأميركي لمدة ثلاث سنوات، بقيمة إجمالية 750 مليار دولار ليحل محل الغاز الروسي. كما سيشتري الاتحاد وقوداً نووياً من الولايات المتحدة. وتعهد الاتحاد، بموجب الاتفاق، بشراء عتاد عسكري أميركي، واستثمار الشركات الأوروبية 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال فترة ولاية ترامب الثانية. الاتفاق التجاري الأوروبي الأميركي الذي تم التوصل إليه، مساء أمس الأحد، سيعمق الخلافات داخل دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما بدا واضحاً في ردات فعل الحكومات الأوروبية على بنوده؛ فألمانيا، صاحبة أقوى اقتصاد داخل الاتحاد، رأت أن الاتفاق التجاري مع واشنطن يجنب الاتحاد تصعيداً غير ضروري مع ترامب، وسارت على هذا النهج رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، التي وصفت الاتفاق بالإيجابي. أوروبا على موعد مع أيام صعبة، فالمواطن سيعاني من زيادة في أسعار سلع ضرورية بما فيها الأدوية والسيارات، والصناعة ستعاني زيادة في كلفة الإنتاج أما فرنسا فوصفت الاتفاق بأنه يمثل "يوماً كئيباً" لأوروبا، وذلك على لسان رئيس حكومتها، فرانسوا بايرو. ودافعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين عن الاتفاق التجاري المبرم مع الولايات المتحدة، واصفة إياه بأنه "أفضل شيء كان يمكن الحصول عليه". أوروبا على موعد مع أيام صعبة سواء على مستوى المواطن الذي سيلاحق بزيادة في أسعار سلع ضرورية بما فيها الأدوية والسيارات، أو الصناعة التي من المتوقع أن تعاني من زيادة في كلفة الإنتاج والرسوم الجمركية، أو الصادرات للولايات المتحدة التي قد تتراجع بما فيها السيارات، أو الأسواق التي قد تشهد حالة من الارتباك مع تطبيق الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة.


العربي الجديد
منذ 17 دقائق
- العربي الجديد
جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتزم عرض خطة لتشديد حصار غزة على الكابينت
أفادت هيئة البث العبرية بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيعرض على المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) خلال اجتماعه، مساء الاثنين، خطة جديدة لتشديد الحصار على غزة تشمل توسيع العملية البرية، في إطار حرب الإبادة على الفلسطينيين المتواصلة منذ 22 شهراً. وقالت الهيئة، في تقرير: "سيعرض الجيش الإسرائيلي هذا المساء على الكابينت خطة حصار جديدة على قطاع غزة". وأضافت أنه في إطار الخطة "سيوسّع الجيش العملية البرية إلى مناطق إضافية (لم تذكرها)، ويشدّد الحصار على القطاع". وأوضحت الهيئة أن الجيش سيقدم الخطة بطلب من المستوى السياسي. مع ذلك، نقلت الهيئة عن مصدر مطلع على تفاصيل الخطة (لم تسمّه) أن "الجيش حتى الآن لم يُطلب منه تقديم خطة لاحتلال قطاع غزة كاملاً، ومن المشكوك فيه أن يحدث ذلك". فيما قال مصدر إسرائيلي آخر لهيئة البث، تعليقاً على الخطة الجديدة: "نحن في أسوأ وضع في الوقت الحالي". وأضاف المصدر: "المفاوضات بشأن الصفقة في حالة جمود، والجيش الإسرائيلي في حالة من التخبّط داخل القطاع، والجنود يُقتلون، وحماس لا تشعر بأي ضغط. ناهيك عن تصريحات (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب اليوم التي تؤكد وجود مجاعة في غزة"، وفق وصفه. وختمت الهيئة بالقول: "في إسرائيل يقولون إن القتال في غزة وصل إلى مفترق طرق، وهناك حاجة لاتخاذ قرارات حاسمة"، على حد تعبيرها. تقارير عربية التحديثات الحية خطة احتلال غزة... هامش زمني أميركي لفرضها وفي وقت سابق اليوم، أقر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوجود مجاعة في قطاع غزة، مستشهداً بمشاهد الأطفال الذين يموتون جوعاً، مفنداً بذلك تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المنكرة تفشي المجاعة في القطاع. جاء ذلك في تصريحات صحافية أدلاها برفقة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، قبيل لقائهما في اسكتلندا. والأحد، انتقدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" الإنزال الجوي الإسرائيلي للمساعدات في غزة، مؤكدة أنه "لن ينهي" المجاعة المتفاقمة، وفق ما صرحت به جولييت توما، مديرة الإعلام والتواصل في الوكالة لصحيفة نيويورك تايمز، ونشرتها صفحة "أونروا" على "إكس". ومطلع مارس/آذار الماضي، تنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق نار وتبادل أسرى مع حماس، بدأ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، واستأنفت الإبادة، ومنذ ذلك الحين ترفض جميع المبادرات والمطالبات الدولية والأممية لوقف إطلاق النار. وتعيش غزة أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، إذ تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل، بدعم أميركي، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. ورغم التحذيرات الدولية والأممية والفلسطينية من تداعيات المجاعة بغزة، تواصل إسرائيل إغلاق معابر القطاع بشكل كامل أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية منذ 2 مارس/ آذار الماضي، في تصعيد لسياسة التجويع التي ترتكبها منذ بدء الحرب. ومنذ 7 أكتوبر 2023 تشنّ إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة، وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة أكثر من 205 آلاف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن تسعة آلاف مفقود، إضافة إلى مئات الآلاف من النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم عشرات الأطفال. (الأناضول)


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
هل تمهد تصريحات ترامب الغامضة لاحتلال إسرائيل لغزة؟
لا يبدو الانسحاب الأميركي من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة ، والسماح بدخول الفتات من المساعدات الإنسانية، وتصريحات الرئيس دونالد ترامب عن استنكاره "التخلي الإسرائيلي الخاطئ عن قطاع غزة من البداية"، وأنه قال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "أن يفعل ما يراه مناسباً في القطاع"، وتصريحات السيناتور ليندسي غراهام أحد صقور الحروب في واشنطن، أمس بأن "إسرائيل ستفعل في القطاع مثلما فعلت الولايات المتحدة في طوكيو وبرلين في الحرب العالمية الثانية"، مجرد كلمات عابرة، إذ تمثل حالة مشابهة للإجراءات التي جرت قبل الأيام الأخيرة للهجمات الأميركية على إيران، فهل تمهّد هذه الإجراءات لبدء احتلال إسرائيل لقطاع غزة بعد ما يقارب عامين من القتل والتدمير الكامل للقطاع؟ وقبل الضربات الأميركية العسكرية على إيران، طلب ترامب استسلاماً غير مشروط من طهران، كانت هذه الجملة هي المفتاح، لرغبة إدارة ترامب في استعادة ما يُطلق عليه "السلام من خلال القوة". فقبل أيام من هذه الهجمات وجه السفير الأميركي لدي إسرائيل مايك هاكابي رسالة إلى ترامب دعاه إلى أن يستمع إلى صوت السماء، واستحضر تجربة الرئيس هاري ترومان في تلميح إلى القرار الأميركي التاريخي آنذاك باستخدام السلاح النووي ضدّ اليابان، وهو نفس التلميح الذي أشار إليه السيناتور الأميركي ليندسي غراهام المقرب من ترامب، والذي ادعى أنه كان له دور في إقناع ترامب بضرب المواقع النووية في إيران في يونيو/حزيران الفائت. ولدى السياسيين الجمهوريين الأميركيين هوس بنتائج الحرب العالمية الثانية، عندما ألقت الولايات المتحدة قنبلتَين نوويتَين على مدينتَي هيروشيما وناغازاكي، ما أدى ليس لاستسلام اليابان فحسب وإنما "الخضوع التام" وإنهاء الحرب العالمية الثانية. كانت وفاة آلاف المدنيين في اليابان هي حجر الأساس في تثبيت الولايات المتحدة قدميها عالمياً إمبراطوريةً تتمدّد ببطء من أجل قيادة العالم. اليوم، وبينما تعاني الولايات المتحدة في ظل صعود هادئ للصين ومحاولات روسية للخروج من القمقم، يحرض عشرات الجمهوريين ترامب على فعل الأمر نفسه على أمل أن تتكرر النتيجة ذاتها بعد أن خاضت الولايات المتحدة حربين استمرتا عشرين عاماً ولم تكن نتائجهما على مستوى "إعادة الخضوع الكامل عالمياً"، لكن هذه المرة الهدف "غزة". خرجت الولايات المتحدة من غزو العراق وأفغانستان، خالية الوفاض، فقد أنفقت ما يقارب 6 تريليونات دولار حسب التقديرات الأميركية، ولم تكن النتائج على المستوى الذي يؤدي لمزيد من الهيمنة العالمية، المتحققة بالفعل آنذاك، فغادرت أفغانستان في فترة الرئيس السابق جو بايدن بعد 20 عاماً من القتال، والبشر يتساقطون من الطائرات التي تحاول إنقاذ المتعاونين الأفغان، وتركت خلفها أسلحة ومعدات متقدمة استولت عليها حركة طالبان التي عادت للحكم (خاضت أميركا حربها هناك من أجل القضاء عليها)، أما حرب العراق فتسبب في شرق أوسط أكثر انقساماً وظهور تنظيم "داعش". لا أحد يعرف ما يدور في عقل ترامب، لكن دلالات تصريحاته تشير إلى ما يُدبر بليل من أجل غزة، وتبدو هذه التصريحات حتّى هذه اللحظة مماثلة لما جرى خلال الأشهر القليلة الماضية قبل ضرب إيران، كانت الضربة قوية للغاية بحيث ترضي غرور ترامب، وفي الوقت ذاته لا تسمح باشتعال حرب كبرى تخرج من خلالها الأمور عن السيطرة، أما في حالة غزة فسكانها بلا قوة تقريباً كما أن تجربة تجويعهم وقصفهم من إسرائيل وحصارهم وإبادتهم تجري بهدوء على مدار عامين كاملين وبمهادنة عالمية، فلا أحد يقدر على مواجهة الولايات المتحدة التي تدعم إسرائيل بالمال والسلاح والدبلوماسية والتصريحات والحماية حتّى لو كان ذلك على حساب جسد "حقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية والشرعية والقوانين الدولية والأمم المتحدة". أخبار التحديثات الحية ترامب: التعامل مع حماس أصبح صعباً وبحثت مع نتنياهو "خططاً مختلفة" على مدار أشهر من المفاوضات لوقف إطلاق النار، بدا واضحاً أن الولايات المتحدة لا تريد "وقفاً كاملاً لإطلاق النار"، وأن الغاية الأولى لوقف "إطلاق النار المؤقت" هو إخراج المحتجزين الإسرائيليين في غزة دون أي اعتبار لعدد الفلسطينيين الذين يموتون يومياً. دعمت الولايات المتحدة إسرائيل في عدوانها على المدنيين، ودافعت عنها دائماً في مجلس الأمن. ودمرت إسرائيل المستشفيات والمدارس والجامعات وقتلت الصحافيين والأطباء والمدنيين والنساء والأطفال، وارتكبت جرائم لم تُرتكب منذ الهولوكوست باعتراف مسؤولين أميركيين سابقين ويهود وقيادات ومؤسسات دولية، غير أن موقف الولايات المتحدة ظل ثابتاً وهو السماح لاسرائيل بأن تفعل ما يحلو لها، وهو ما عبر عنه الرئيس الأميركي ترامب الذي يزعم أنه زعيم السلام عالمياً والمتعطش لجائزة نوبل للسلام. سمحت الولايات المتحدة لإسرائيل بنقض اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/ آزار الماضي، ثم منع دخول الطعام والدواء، وفي الوقت ذاته كانت تجري عسكرة المساعدات الإنسانية من خلال تأسيس المؤسّسة التي يطلق عليها "مؤسّسة غزة الإنسانية" ذراعاً لشركات مقاولين أمنيين بدعم أميركي إسرائيلي للتحكم في حياة الفلسطينيين والغذاء. كانت الحجة الأميركية الإسرائيلية المزعومة أن حركة حماس تسرق المساعدات الإنسانية، لكن ثبت من خلال تقارير حكومية أميركية وإسرائيلية عدم وجود أي أدلة على هذه المزاعم، في الوقت الذي تدافع فيه الولايات المتحدة عن المؤسّسة وتهاجم مؤسّسات ومنظمات أممية متخصّصة في تقديم المساعدات الإنسانية. أحد أبرز هؤلاء الجمهوريين الذين يمكن مراقبة تصريحاتهم، والذي يحظي بثقة ترامب في ما يخص السياسات الخارجية رغم علاقتهما المضطربة على مدار السنوات، هو ليندسي غراهام، السيناتور الجمهوري المخضرم في الدعوة للحروب والتأييد المطلق للجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة، إذ كانت تغريداته على مدار الأشهر القليلة دليلاً على بوصلة ترامب في السياسات الخارجية. فبينما كانت الولايات المتحدة تتفاوض مع إيران بخصوص برنامجها النووي، سمحت لإسرائيل -طبقاً لاعترافات ترامب نفسه- بالهجوم عليها وسط التفاوض. كان غراهام واحداً من أهم الداعمين لهجوم أميركي في هذه الأثناء على إيران، والداعمين لخطوات ترامب قبل أن يشير لاحقاً إلى معرفته باتجاهات الإدارة، فقد كانت كتاباته في يونيو/ حزيران الماضي تحمل دلالات كبيرة على الخطط الأميركية لـ"إنهاء المهمة في إيران" كما كتب هو بنفسه على صفحته. كشف غراهام، في مقابلة عقب الهجمات الأميركية على إيران، أنه كان سبباً من أسباب الضربة الأميركية على المواقع النووية الإيرانية، وأنه نجح في إقناع الرئيس ترامب، إذ قال "أحد الأمور التي كان يفكر فيها (ترامب) وتحدثت معه عنها، أنه إذا فعلت ذلك (الهجوم على إيران) فستصلح الضرر (على سمعة الولايات المتحدة عالمياً) الذي سببه انسحاب جو بايدن من أفغانستان... قامت إسرائيل بعمل رائع (الهجوم على إيران) لكن كنّا بحاجة إلى أن تكون لنا بصماتنا أيضاً، من مصلحة الأمن القومي أن نكون جزءاً من هذا". دعا غراهام على مدار العامين الماضيين إلى تدمير غزة، ففي مايو/ آيار 2024 حرض في تصريحات له لشبكة إن بي سي الأميركية على قيام إسرائيل بضرب غزة من خلال قنبلة نووية، إذ زعم أنّ هناك مبرراً لها بتسوية القطاع بالأرض باستخدام سلاح نووي، مثلما فعلت الولايات المتحدة في هيروشيما وناغازاكي في الأربعينيات، ووصف القرار الأميركي خلال الحرب العالمية الثانية بأنه كان "القرار الصحيح" من الولايات المتحدة، وقال "أعطوا لإسرائيل القنابل التي تحتاجها لإنهاء الحرب، فهي لا تستطيع تحمل خسارتها، واعملوا معها على تقليل الخسائر البشرية"، وهاجم المعارضين لفكرته قائلاً "لماذا من المقبول أن تسقط أميركا قنبلتَين نوييتَين لإنهاء حرب التهديد الوجودي. لماذا كان من المقبول لنا أن نفعل ذلك... اعتقد أنه كان جيداً". هذه الأيام، أعاد غراهام طرح رؤيته بطريقة أخرى، لكن هذه المرة متنبئاً بما ستفعله إسرائيل، لكن هذه التصريحات تأتي بالتزامن مع تصريحات متناقضة للرئيس ترامب تمتد من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال وتشير إلى معاناة الفلسطينيين من مجاعة في غزة، وتعهده بمزيد من المساعدات الإنسانية (تجري عبر مؤسّسة غزة الإنسانية التي تدور حولها الشبهات)، وفي الوقت ذاته إلى إعلانه السماح لنتنياهو بفعل ما يحلو له في غزة، إذ ذكر غراهام في مقابلة أمس مع "إن بي سي نيوز"، أنه يعتقد أن إسرائيل ستفعل في القطاع مثلما فعلت الولايات المتحدة في طوكيو وبرلين في الحرب العالمية الثانية، وقال غراهام "لا توجد وسيلة آمنة أمام إسرائيل للتفاوض على إنهاء الحرب مع حماس. إسرائيل ستتولى السيطرة على غزة. سيفعلون ما فعلناه في طوكيو وبرلين. الاستيلاء على المكان بالقوة والبدء من جديد وتقديم مستقبل أفضل للفلسطينين"، وأكمل قائلاً "أعتقد أن الرئيس ترامب توصل إلى هذا الاستنتاج، وبالتأكيد لا توجد طريقة يمكنك بها التفاوض على نهاية الحرب مع حماس". بناء على تاريخ غراهام، لا يبدو أبداً أنه يذكر ذلك دون معلومة لديه سواء من إدارة ترامب أو إسرائيل أو استشارة أو رأي قدمه هو على سبيل النصيحة. يتوافق هذا التصريح مع الانسحاب الأميركي المفاجئ من المفاوضات لوقف إطلاق النار مع رفض إيقاف الحرب كلياً، وضرورة الإفراج عن المحتجزين في غزة، فضلاً عن تصريحات ترامب التي قال فيها "حماس تعرف ما سيحدث لها عقب الإفراج عن الرهائن لذا لا تريد وقف إطلاق النار"، وتصريحاته الأخرى بأنه "ترك القطاع من البداية كان خطأ"، ثم الحديث عن عن فتات "المساعدات"، ما يدفع إلى تساؤلات مفادها "هل يجري إلقاء القنابل والطعام في الوقت ذاته"، و"ما الذي يجري تدبيره لغزة". اختبرت الولايات المتحدة على مدار الأشهر الماضية "فائض قوتها العسكرية" في إيران ونجحت التجربة نجاحاً ساحقاً، طبقاً للمعطيات الأميركية. اليوم يبدو أن واشنطن التي تقود مفاوضات منحازة فيها إلى إسرائيل حليفتها التي تتولى هي حمايتها ودعمها وتمثل ذراعها في المنطقة قد انتهت إلى اتخاذ قرار في غزة، يشابه ما حدث في الحرب العالمية الثانية لمزيد من فرض القوة والخضوع عالمياً، وهي الرؤية التي يسعى ترامب لفرضها عالمياً منذ وصوله وهي "الإخضاع التام إمّا بالقوة أو بالإذعان أو بالاقتصاد".