
ترمب يُجرب نظرية "المجنون" مع روسيا
نشب الخلاف بين الرجلين وتصاعد عبر وسائل التواصل الاجتماعي عندما قال الرئيس الأميركي الثلاثاء الماضي، إنه قلص المهلة الممنوحة لروسيا للتوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا لإنهاء الحرب من 50 إلى 10 أيام وإما مواجهة رسوم جمركية عليها وعلى مشتري النفط منها، وهو ما أثار استفزاز الروس. وفي حين لم يعلق الكرملين رسمياً على تصريحات ترمب، لكن ميدفيديف وهو رئيس سابق لروسيا، اعتبر في منشور على منصة "إكس" في الـ28 من يوليو (تموز) الماضي، أن تحديد مهلة لموسكو هو بمثابة "تهديد وخطوة نحو الحرب".
وبعد تبادل الانتقادات الحادة، أعلن ترمب أول أمس الجمعة، عبر منصات التواصل الاجتماعي، أنه أمر "بنشر غواصتين نوويتين في المناطق المناسبة تحسباً لأن تكون هذه التصريحات الحمقاء والتحريضية أكثر من مجرد كلمات"، وأضاف أن "الكلمات لها ثقلها، وربما تؤدي في كثير من الأحيان إلى عواقب غير مقصودة، وآمل ألا تكون هذه هي إحدى تلك الحالات".
وفي حين لم يُجب ترمب عن سؤال في شأن وجهة الغواصات، لكنه قال في مقابلة مع منصة "نيوزماكس" بُثّت بعد ساعات من تصريحه، إنه أرسلها إلى "المنطقة" وإنها "أقرب إلى روسيا".
"الرجل المجنون"
ربما يأت إعلان ترمب عن تحريك القوة الصامتة، في إطار ما وصفه مراقبون على مدى الأشهر الستة الأولى من الولاية الثانية للرئيس الأميركي بـ"نظرية الرجل المجنون"، وهى إستراتيجية لإيهام الخصوم بعدم إمكان التنبؤ بتصرفاته، مما يثير الخوف من ردود فعل غير متوقعة، وتهدف إلى تعزيز الضغط في المفاوضات كما فعل مع إيران.
وأثار منشور الرئيس الأميركي حالاً من الارتباك بين المسؤولين والمحللين الذين سارعوا إلى تقييم دلالة هذا التحرك. وذكرت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية، أن الروس يسعون إلى الحصول على توضيحات من واشنطن في شأن تصرفات ترمب ونواياه، وذكرت الجمعة أنها وجهت استفسارات إلى البيت الأبيض ووزارة الدفاع والقيادة المركزية الأميركية، ومجلس الأمن القومي، لكنها لم تتلق رداً.
وبينما رفضت وزارة الدفاع الأميركية التعليق على نشر موارد عادة ما تعمل بسرية وفق ما جاء في الصحافة الأميركية، لكن ينظر مراقبون إلى الإعلان النادر عن تحريك القوة الصامتة، باعتباره رسالة قوية من ترمب لردع الكرملين، أكثر من دفع القوى العظمى نحو صراع مسلح، لا سيما أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن تساهلت كثيراً مع الابتزاز النووي من روسيا، وكانت تضبط كل خطوة لها في أوكرانيا بناء على الخوف من التصعيد، وقال آخرون إن الإشارة النادرة إلى القوة النووية تعكس استياء ترمب المتزايد من روسيا بسبب استمرارها في الحرب على أوكرانيا.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقول صحيفة "وول ستريت جورنال" في افتتاحيتها أمس السبت، إنه من ناحية أخرى، فإن "نظرية المجنون" التي يتبعها ترمب لها حدودها، مشيرة إلى الحاجة إلى إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع موسكو، حتى لا يحدث تصعيد بسبب سوء تقدير للنوايا. فبوتين لن يحقق مكاسب تُذكر إذا استخدم أسلحة نووية تكتيكية في أوكرانيا، سواء على أرض المعركة أو في الرأي العام العالمي، مع أنه لا يُعير هذا الأخير اهتماماً كبيراً، وهو أقل استعداداً بكثير لمواجهة مع "الناتو" في ظل اقتصاد حرب ضعيف ومُنهك.
ومع ذلك، تقول الصحيفة إن مجرد التبادل الخطابي حول أسلحة دمار شامل يجب تجنبه. فترمب وبخ ميدفيديف في وقت سابق من هذا الصيف بسبب "تساهله في استخدام كلمة "نووية"، وتقول الصحيفة إنه كان محقاً حينها، كما أنه محق الآن في نفاد صبره من حملة بوتين الدموية في أوكرانيا، ويمكنه أن يُظهر جديته من خلال فرض عقوبات ثانوية وتسليح كييف.
رسالة ردع
ولا يزال منشور ترمب قيد التساؤلات داخل الولايات المتحدة وخارجها. ففي الكونغرس الأميركي، قال السيناتور الديمقراطي كريس كونز، إنه يعتزم طلب مزيد من المعلومات من البحرية الأميركية. وأضاف "لماذا نُفصح أساساً عن خطط لتحريك غواصات نووية؟".
وقال العقيد المتقاعد من مشاة البحرية ومتخصص في شؤون الأمن بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن مارك كانسيان، إن وزارة الدفاع الأميركية عادة لا تكشف عن مثل هذه التفاصيل إلا إذا كانت تهدف إلى إرسال رسالة أو منع نزاع.
وأوضح كانسيان أن أسطول الغواصات الأميركي قادر على تنفيذ ضربات بصواريخ كروز وبالستية، لكنه لا يستطيع إطلاق صواريخ اعتراضية، لذلك فإن وجود هذه الغواصات في سياق التهديدات الروسية سيكون بالأساس لردع العدو أو توفير خيارات للرد على أي هجوم، ووصف إعلان ترمب بأنه "إشارة بأوضح صورها".
وكتب ميدفيديف على منصة "إكس" إن ترمب عليه أن يتذكر أمرين: أن "روسيا ليست إسرائيل، ولا حتى إيران". وأن "كل إنذار جديد هو تهديد وخطوة نحو الحرب. ليست حرباً بين روسيا وأوكرانيا، بل مع بلاده هو. لا تسلك طريق النعسان جو (في إشارة إلى جو بايدن)!".
ووجه السفير الأميركي السابق لدى موسكو مايكل ماكفول، نصيحة لترمب على منصة "إكس"الجمعة، قائلاً "إذا أراد ترمب أن يجذب انتباه ميدفيديف، فعليه أن يزود أوكرانيا بأسلحة جديدة. تحريك غواصات مسلحة نووياً هو الأسلوب الخاطئ".
نهج جديد
واتخذ ترمب في البداية نبرة أكثر تصالحية تجاه روسيا في أثناء محاولته إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام في أوكرانيا، لكنه هدد بعد ذلك بالبدء في فرض رسوم جمركية واتخاذ تدابير أخرى إذا لم تحرز موسكو أي تقدم نحو إنهاء الصراع بحلول الثامن من أغسطس (آب) الجاري.
ووفق تقارير صحافية اليوم السبت، أفادت ثلاثة مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) يعملان على نهج جديد لتزويد أوكرانيا بالأسلحة باستخدام أموال من دول الحلف لدفع كلفة شراء الأسلحة الأميركية أو نقلها، ويأتي هذا التعاون في وقت عبر فيه ترمب عن إحباطه من هجمات موسكو المستمرة على جارتها.
وستُعطي أوكرانيا الأولوية للأسلحة التي تحتاج إليها ضمن دفعات تبلغ قيمتها نحو 500 مليون دولار، على أن تتفاوض دول الحلف في ما بينها بتنسيق من الأمين العام مارك روته لتحديد من سيتبرع أو يمول الأسلحة المدرجة على القائمة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 7 دقائق
- Independent عربية
بولندا تمدد العمل بإجراءات أمنية عند حدودها مع ألمانيا
مدّدت بولندا العمل بالإجراءات الأمنية الموقتة التي فرضتها عند الحدود مع جارتيها في الاتحاد الأوروبي ألمانيا وليتوانيا، وفق ما أعلن وزير الداخلية البولندي مارسين كيرفينسكي أمس الأحد، وذلك في إطار حملة الحكومة على الهجرة غير النظامية. وقال كيرفينسكي خلال اجتماع مع حكام المناطق أن القرار المتعلق بهذا الإجراء قد صدر وجرى إرساله يوم الجمعة إلى المفوضية الأوروبية لإخطارها. وأضاف أن عمليات التفتيش التي فُرضت الشهر الماضي بعد إجراءات مماثلة لألمانيا لوقف المهاجرين، ستُمدد حتى الرابع من أكتوبر (تشرين الأول). وتابع كيرفينسكي أن زيادة عمليات التفتيش والحواجز على حدود بولندا مع روسيا وبيلاروس قد منعت المهاجرين غير النظاميين من العبور. وأكد أنه من "الضروري" الآن إغلاق الطريق الذي يسلكه المهاجرون عبر دولتي البلطيق لاتفيا وليتوانيا، ثم عبر بولندا إلى ألمانيا. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويقدر المسؤولون البولنديون أن مئات المهاجرين، معظمهم من الشرق الأوسط، يعبرون إلى دول البلطيق شهريا من بيلاروس، الجمهورية السوفياتية السابقة. ويُسمح لدول الاتحاد الأوروبي ضمن منطقة شنغن بفرض ضوابط حدودية إذا شعرت بوجود تهديد للنظام العام أو الأمن الداخلي. وقال كيرفينسكي "هناك تفهم كامل من جانب شركائنا الأوروبيين، لأن هذه القرارات تهدف إلى إغلاق طريق الهجرة الذي عاد للظهور عبر ليتوانيا ولاتفيا". وأفاد قائد حرس الحدود روبرت باغان في الاجتماع نفسه عن فحص أكثر من 493 ألف شخص عبروا الحدود مع ألمانيا وليتوانيا بين السابع من يوليو (تموز) والثاني من أغسطس (آب). وأضاف أنه تم توقيف 14 شخصا بتهمة المساعدة في الهجرة غير النظامية في المنطقة الحدودية مع ليتوانيا خلال الفترة نفسها.


Independent عربية
منذ 37 دقائق
- Independent عربية
طالبة فلسطينية متهمة بمعاداة السامية تغادر فرنسا إلى قطر
أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن طالبة فلسطينية من غزة وصلت إلى فرنسا بمنحة دراسية، غادرتها إلى قطر أمس الأحد بعد العثور على منشورات معادية للسامية على حساب لها في مواقع التواصل الاجتماعي. وأكدت الخارجية في بيان أن "وزير أوروبا والشؤون الخارجية جان نويل بارو شدد على الطبيعة غير المقبولة للتعليقات التي أدلت بها الطالبة الغزية نور عطاالله قبل دخولها الأراضي الفرنسية. ونظرا لخطورتها لم تكن عطاالله قادرة على البقاء في الأراضي الفرنسية. غادرت فرنسا اليوم (الأحد) إلى قطر لمواصلة دراستها". وشكرت الوزارة الفرنسية السلطات القطرية "على تعاونها الحاسم". وقال بارو على منصة إكس "غادرت نور عطاالله الأراضي الوطنية. لم يكن لها مكان هنا. قلتها وفعلناها". من جانبه، أكد أسامة دحمان محامي الشابة في بيان أنها "اختارت، بالتشاور مع وزير أوروبا والشؤون الخارجية، بمواصلة دراستها في بلد آخر، بروح من التهدئة وللحفاظ على سلامتها"، على رغم أنها "تنفي بشدة كل الاتهامات الموجهة إليها". وأكد أن "الاتهامات مبنية بشكل أساسي على تغريدات أعادت نشرها، منفصلة عن أي سياق". وأوضح مصدر دبلوماسي فرنسي أن الشابة وصلت إلى فرنسا في 11 يوليو (تموز)، بعدما حصلت على تأشيرة دراسة ومنحة حكومية لتدرس في معهد العلوم السياسية في ليل بشمال فرنسا اعتبارا من سبتمبر (أيلول)، في إطار برنامج منح موجه للطلاب من غزة أطلق قبل عام. لكن العثور على منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي من حساب نسبه مستخدمون إلى الطالبة وأُغلق لاحقا، تدعو إلى قتل اليهود على مدار العامين الماضيين، أدى إلى إلغاء تسجيلها، وفتح تحقيق قضائي بحقها بتهمة تمجيد الإرهاب، وآخر لتحديد سبب عدم رصد المنشورات مسبقاً. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ولم تتمكن وكالة الصحافة الفرنسية من تأكيد صحة لقطات شاشة منسوبة للطالبة من قِبل مستخدمي الإنترنت ووسائل الإعلام. وأعلن معهد العلوم السياسية في ليل الأربعاء أن "تعليقات الشابة على مواقع التواصل الاجتماعي مؤكدة"، من دون تقديم مزيد من التفاصيل. ودفع الجدل الحاد الذي أثارته هذه القضية بارو إلى الإعلان الجمعة عن تجميد فرنسا كل برامج الإجلاء من غزة في انتظار نتائج تحقيق في الثغرات التي حالت دون العثور على هذه المنشورات. ولم تحدد الخارجية الفرنسية رداً على اتصال من وكالة الصحافة الفرنسية عدد الأشخاص المتأثرين بهذا القرار، مشيرة إلى أسباب تتعلق بالسرية. وأضافت أن "جميع ملفات الأشخاص الذين دخلوا إلى فرنسا ستخضع لدرس جديد". واستقبلت فرنسا مئات من سكان قطاع غزة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" الفلسطينية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.


الشرق الأوسط
منذ 37 دقائق
- الشرق الأوسط
غزة... الهدنة معطلة والجوع يفتك
بينما تحدثت مصادر عن اتصالات مكثفة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، حول مقترح جديد لوقف إطلاق النار في غزة يشمل نزع سلاح حركة «حماس»، والإفراج عن جميع الأسرى، وتشكيل إدارة دولية مؤقتة للقطاع بقيادة أميركية، قلل مسؤولون أمنيون من فرص التوصّل إلى اتفاق، معتبرين أن الهوة بين المواقف «كبيرة ويصعب تخطيها». ولا تزال مقصلة الجوع تفتك بأهل غزة، إذ أودت بحياة 6 أشخاص خلال 24 ساعة، مما رفع عدد ضحايا المجاعة إلى 175 شخصاً، بينهم 93 طفلاً، منذ بدء الحرب. وفي القدس، اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى، أمس، وقاد صلاة علنية، متحدياً الوضع القائم في المكان، ومنادياً باحتلال قطاع غزة بالكامل وفرض السيادة عليه. وتزامناً مع الحدث، تعهّد وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، تعزيز السيطرة على القدس، بما فيها المسجد الأقصى. وتوالت الإدانات العربية والإسلامية لاقتحام الأقصى، ونددت بالحدث الرئاسة الفلسطينية، والسعودية، والأردن، ورابطة العالم الإسلامي. كما أدانت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي الاقتحام، وعدّتا ما جرى «استفزازاً خطيراً لمشاعر المسلمين وانتهاكاً للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية في القدس».