
مقترح الحكم الذاتي بالصحراء المغربية بين الإنجازات والتحديات
كلها تحليلات تكرس سردية بسيطة مفعمة بنشوة الانتصار الى درجة إيهام المواطنين والمواطنات بنهاية هذا الملف الذي ارق واستنزف المغاربة لعقود من الزمن .وهي السردية التي يبدو أنها مطلوبة من طرف وسائل الإعلام المغربية علما انها بعيدة كل البعد عن التحليلات الموضوعية لمقاربة هذه التحولات التي تطرح تعقيدات جديدة إن على مستوى ما يحيل عليه القانون الدولي من تحديات خاصة ما تعلق منها بالمادة 74 من الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة . أو ما تعلق منها بالصراع الاستراتيجي بين قوى دولية متحكمه في صنع القرارات الاممية وهي تتواجد على نفيض من بعضها البعض في أكثر من ملف دولي. أو على مستوى ما تطرحه هذه التحولات من تحديات داخلية في حالة ما إذا افترضنا جدلا أننا قد ربحنا لصالحنا كل مواقف الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن واقرت بضرورة اعتماد الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية كآلية وحيدة للحل.
ان طرحي لهذه الإشكاليات ليس بدافع تعقيد الأمور أكثر مما هي معقدة..بل فقط لوضع الأسئلة في محلها حتى نستطيع امتلاك رؤية استشرافية أكثر وضوحا لقضيتنا الوطنية تحسبا لكل الاحتمالات الممكنة .وفي نفس الآن تفادي السقوط في الانتظارية والمفاجآت الغير المحسوبة التي تكمن في السرديات السطحية و البسيطة .
-موقع ملف الصحراء المغربية في القانون الدولي ..
بالرجوع إلى بعض الوقائع التاريخية نجد ان ملف الصحراء' الغربية ' كمستعمرة إسبانية قد تم إدراجه بطلب من المغرب في الأمم المتحدة سنة 1960 باعتباره اقليما لا يتمتع بنظام حكم ذاتي في أفق استرجاعه .هذا في الوقت الذي لم يكن هناك من ينازعه على حقه في بسط سيادته على الصحراء .
لكن خطأ المغرب حينها انه لم يعمل على موازاة هذا المجهود الدبلوماسي الأممي بالعمل ميدانيا على إطلاق يد جيش تحرير الجنوب لمواجهة التواجد العسكري الإسباني . وهو الجيش الذي كان مستعدا لاستكمال عملية تحرير كامل التراب الوطني قبل أن تتم إبادته في العاشر من فبراير 1958 في معركة ايكوفيون من طرف الجيشين الفرنسي والإسباني وذلك بتوافق تام مع الدولة المغربية الحديثة العهد بالاستقلال، و بعض القيادات النافذة في الحركة الوطنية المتخوفة من هذا الجيش الذي رفض إلقاء السلاح والانخراط في الجيش الملكي الى حين استكمال عملية التحرير .وذلك بعد ان اعتبر استقلال المغرب ناقصا.
ان هذا المسلك الخاطئ الذي سلكته الدولة تجاه عناصر جيش التحرير سواء في الشمال أو في الجنوب هو ما يؤدي ثمنه المغاربة لحد الان .وهو من اوصلنا لمرحلة السبعينات
في السياق نفسه يمكننا القول كذاك أن أواسط السبعينات عندما بدأ يشهد ملف الصحراء في الأمم المتحدة منحى مغاير بظهور أطراف محلية وإقليمية وقارية متأثرة أما بظروف الحرب الباردة أو مصالح ذاتية مطالبة بانفصال هذه الأقاليم عن المغرب و بحق تقرير مصير الشعب الصحراوي الذي تضمنه القرار الأممي رقم 37/ 34…الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة سنة 1979 الذي ذكر بدوره بهذا الحق الغير القابل للتصرف لشعب الصحراء الغربية المتضمن في القرار الأممي 14 /15 الصادر أواخر دجنبر من سنة 1960 وذلك حتى قبل استقلال الجزائر و تأسيس البوليساريو والذي من خلاله تم إدراج الملف لأول مرة في اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار سنة 1963 .
و في سياق نفس التطورات المتلاحقة للملف سيتم تعزيز هذا الحق الذي تضمنته القرارات السابقة سنة 1981 حين قبل الملك الراحل الحسن الثاني بمبدأ الاستفتاء الأممي كآلية لإعمال مبدأ حق تقرير المصير في منطقة الصحراء وهو ما عارضته أن ذاك بعض القيادات الحزبية في الاتحاد الاشتراكي باعتباره خطأ فادحا.
أمام كل هذه التطورات التي شهدها ملف الصحراء و كذا الكم الكبير للقرارات الأممية الصادرة في شأنه . إضافة إلى التعقيدات التي تشهدها العلاقات الدولية التي تتسم واستقطابات حادة على أسس سياسية واقتصادية ولن اقول ايديولوجية أبقت على المغرب كمطالب بحقه في السيادة على أراضيه و الجزائر كبلد جار داعم للانفصال في موقعي نقيض وصراع. رغم انتفاء الأسباب الايديولوجية لمرحلة الحرب الباردة..
كل هذا يدفعنا إذن إلى استحضار الصعوبات العملية لإخراج هذا الملف من أروقة الأمم المتحدة خاصة من اللجنة الرابعة التي تؤطرها المادة 73 و المادة 74 من الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة . وهي المواد التي تشترط في السحب المقرون بمقترح الحكم الذاتي كآلية سلمية للحل تصويت ثلثي اعضاء الجمعية العامة لصالحه . ومن ثم رفعه الى مجلس الأمن من أجل إقراره نهائيا .وهو ما يتطلب تصويت جميع الأعضاء الدائمين لصالح مقترح الحكم الذاتي دون أي فيتو وذلك حتى يكون ملزما.، مع الإبقاء على حق المجلس في الإشراف على تنفيذه بتوافق بين جميع الأطراف الدولية والمحلية .
– تأثير اعترافات بعض الدول الدائمة العضوية وغيرها على ملف الصحراء المغربية.
صحيح أن عملية تأييد مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية، بعد أن استحال تطبيق مقترح الاستفتاء، بدأت تتسع لتشمل دول كثيرة بلغت حسب تصريح وزير الخارجية المغربي اكثر 113 دولة .هذا اضافة الى تأييد المقترح من طرف ثلاثة أعضاء دائمين في مجلس الأمن يعد تقدما نوعيا في مسار هذا الملف الذي بقي عالقا لأكثر من خمسة عقود .لكن وانطلاقا من نفس الإحصائيات ألا يمكن القول أن الوقت قد حان للاشتغال على مشروع سحب الملف من اللجنة الرابعة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وطرحه للتصويت كخطوة أولى نحو الحل. وفي نفس الآن اختبار النوايا الحقيقية للدول التي اعترفت بحل الحكم الذاتي كآلية وحيدة لحل النزاع في الصحراء . هل هي اعترافات مبدئية ؟. أم فقط اعترافات تمليها مصالح آنية خاضعة لتقلبات الصراع الدولي ؟.
– مشروع القانون الأمريكي تصنيف البوليساريو منظمة إرهابية.
- إشهار -
ان طرح المشروع من طرف كل من السيناتور الجمهوري جو ويلسون والديمقراطي بانيتا، المشهود لهما بالولاء المطلق للكيان الصهيوني، على الكونغرس الأمريكي يعد في ظاهره عملا مهما يخدم استراتيجيا القضية الوطنية حتى وإن لم يتم إقراره. لكن بالوقوف عند النوايا الخفية للنائبين المتمثلة في الإبقاء على المغرب في الدائرة الأمريكية الإسرائيلية وابعاده عن كل من إيران وروسيا باعتبارهم أعداء رئيسيين لامريكا واسرائيل ، وذلك بعد ان فشلت امريكا في الضغط على دول الخليج للسير في هذا المنحى خاصة بعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة .وهو ما نستنتجه كذلك من التحليل الذي بني عليه المشروع الذي ربطوه بإيران وحزب الله و روسيا الداعمين ' للإرهاب' ويسعون الى إيجاد موطىء قدم في المنطقة الشمالية الغربية لأفريقيا ودول الساحل الإفريقي وزعزعة استقرار المغرب حسب نص المشروع . معتمدين في ذلك على صور تعود إلى سنة 1980 تظهر بعض عناصر الجبهة مع الإمام الخميني. تقرير أنجزته جون أفريك الفرنسية تتحدث فيه عن تواجد ثلاثة ضباط مدربين في مخيمات تندوف من ضمنهم أحد الضباط الذين شاركوا في الهجوم على ثكنة عسكرية أمريكية في كربلاء سنة 2007 راح ضحيته خمسة جنود أمريكيين.والذي وتم اغتياله في غارة جوية إسرائيلية على سوريا سنة 2023 الخ .. هذا في الوقت الذي تجنب فيه الحديث عن الجزائر كدولة راعية وحاضنة وممولة لجبهة البوليساريو التي يصنفها تفس المشروع بالمنظمة إلارهابية وذلك منذ عقود..بالتالي فإن الأسباب الكامنة وراء تقديم هذا المشروع يمكن أن ينطبق عليها المثل القائل إذا ظهر السبب بطل العجب .
بالتالي فان هذا المشروع الذي يستحيل تمريره في الكونغرس لا يضيف اي إنجاز في مسار الحل المطلوب لملف الصحراء. كما انه يزيد في تعقيد الملف ان أخذنا بعين الاعتبار تطورات الصراع الدولي وتداعيات مثل هكذا قرار على المفاوضات المطلوب إجراؤها بين مختلف أطراف النزاع بما فيهم جبهة البوليساريو وحركة صحراويون من أجل السلام.
-التحديات الداخلية للمغرب لحل الحكم الذاتي كصيغة مقبولة أمميا .
لن ا تطرق الى مقترح الحكم الذاتي الذي سبق أن طرحه المغرب لأن الوثيقة التي تم تقديمها تهم فقط خطوطا عريضة عامة . ولأن مناقشة التفاصيل من اختصاص اللجنة المشتركة التي ستجمع ،أن تم التوافق على ذلك طبعا ، مختلف أطراف النزاع برعاية اممية التي ستوكل لها مهمة مناقشة المقترح وحجم الصلاحيات التي ستتمتع بها الجهة المعنية بالحكم الذاتي .
لكن ما هو ثابت في المقترح هو أن شكل نظام الحكم في الجهة لن يكون على شاكلة الجهوية المتقدمة المعمول بها حاليا على كامل التراب الوطني.بل ستكون عبارة عن جهوية سياسية بحكومة محلية وبرلمان جهوي . وهو ما سيطرح إشكالية دستورية سواء بالعلاقة مع شكل الدولة المعمول بها حاليا في المغرب المتمثل في نموذج الدولة المركزية الموروث عن الحقبة الاستعمارية بما استتبعه من نظام حكم مركزي. وهو ما لن يستقيم مع مقترح الحكم الذاتي في جهة الصحراء الغربية الذي سيفرض إعادة النظر في شكل الدولة والحكم .علما أن الاستثناء سيشكل حالة تمييزية بين المغاربة وباقي جهات الوطن .إضافة إلى ما قد يثيره هذا التمييز من حساسية مفرطة لدى ساكنة الصحراء تعزز لديهم الإحساس بالاختلاف عن باقي المغاربة و تدفعهم مستقبلا الى المطالبة بالانفصال من جديد وذلك ما لم يندرج هذا الحل ضمن تعاقد سياسي ودستوري يشمل جميع المغاربة .
إن هذه الإكراهات تقتضي نموذجا مختلفا لشكل الدولة ونظام الحكم الحالي الذي عليه واجب الانتقال الى نظام حكم قائم على مفهوم الدولة المركبة والاطونوميات الجهوية .
كما أن المجال الترابي المعني بالحكم الذاتي الذي يشكل ثلث المساحة الإجمالية للمغرب يعد اختلالا صارخا في التقسيم بالمقارنة مع باقي الجهات الترابية للمغرب. وهو ما يتطلب إعادة النظر في التقسيم الترابي الحالي وتقليص عدد الجهات إلى ما لا يزيد عن ستة يستحضر في تقسيمها مفهوم ألكسندر موان للتراب . هذا بالإضافة إلى ما تقتضيه مبادرة الحكم الذاتي من خلخلة للممارسة السياسية في المغرب والمشهد الحزبي الذي تمحور تاريخيا حول المفهوم المركزي للتنظيم والدولة . وراكمت نخبة مصالح سياسية واقتصادية من داخل هذا النظام إلى درجة أنها أصبحت معيقة لأي تحول يستجيب للتحديات المستقبلية التي تقتضي بالإضافة إلى ما سبق تعديلا دستوريا ،يرخص لتأسيس أحزاب جهوية لها حق المشاركة في إقرار و تنزيل السياسات العمومية جهويا و وطنيا.
ان تطبيق مقترح الحكم الذاتي بجهة الصحراء لن يجيب على أشكال ترابي فحسب .بل سيشكل بالضرورة إعلانا صريحا لنهاية الشكل المركزي للدولة والحكم بالمغرب وهو الشكل الذي استنفذ شروط قيامه التاريخية وبات من الضروري الانتقال الى شكل جديد للدولة والسلطة يستجيب للتحديات المستقبلية في شقها الترابي والتنموي والممارسة السياسية الديمقراطية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 2 ساعات
- أخبارنا
اتهامات خطيرة تهز الجزائر.. دعم الإرهاب وتبييض الأموال يجرها نحو العزلة والعقوبات الدولية
في خطوة أوروبية لافتة، صادق البرلمان الأوروبي بأغلبية واسعة على إدراج الجزائر ضمن القائمة الرسمية للدول "عالية المخاطر" في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بسبب عدم انسجام منظومتها القانونية والمالية مع المعايير الدولية التي وضعتها مجموعة العمل المالي "FATF". ويأتي هذا القرار في ظل اتهامات متزايدة للجارة الشرقية بدعم تنظيمات انفصالية وجهادية تنشط في منطقة الساحل، مما يهدد أمن واستقرار المنطقة. وفي تعليقه على القرار الأوروبي، أوضح الدكتور أحمد الدرداري، أستاذ القانون والعلاقات الدولية بجامعة عبدالمالك السعدي، أن إدراج الجزائر ضمن قائمة الدول عالية المخاطر في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب "يعكس مستوى العجز المؤسساتي الذي تعاني منه في ملاءمة تشريعاتها المالية مع الضوابط الدولية المعتمدة، ويُفقدها مصداقيتها أمام الشركاء الدوليين. وأضاف الدرداري في تصريح خص به "أخبارنا" أن هذا التصنيف لا يقتصر على طابعه التقني، بل يحمل أبعاداً سياسية وأمنية، إذ يُحمّل الجزائر مسؤولية مباشرة في تغذية بؤر التوتر بالمنطقة، من خلال دعمها الممنهج لكيانات انفصالية ومليشيات مسلحة تنشط في الساحل والصحراء. وأشار المتحدث إلى أن الجزائر باتت في مرمى مساءلة دولية متصاعدة، خاصة في ظل مقترح قانون أمريكي يصنف البوليساريو ككيان إرهابي، وهو ما سيزيد من تضييق الخناق عليها ويضعها في وضع إقليمي ودولي حرج. وختم الدكتور الدرداري حديثه بالتأكيد على أن المطلوب من الجزائر اليوم ليس فقط تعديل قوانينها المالية، بل مراجعة سلوكها السياسي في المنطقة، والتخلي عن نهج التدخل والتمويل الخفي الذي يتعارض مع القواعد الدولية لمكافحة الإرهاب وغسل الأموال.


يا بلادي
منذ 3 ساعات
- يا بلادي
الصحراء: دعم جاكوب زوما للمغرب يثير القلق في مخيمات تندوف
أثار دعم الحزب الجنوب إفريقي"أومخونتو وي سيزوي" (MK) لمغربية الصحراء قلقا في مخيمات تندوف، وفقا لـ وسائل الإعلام المقربة من البوليساريو. ووصفت هذه المصادر الموقف الجديد بأنه "سابقة خطيرة" و"إشارة إلى قطيعة بين فترتين"، معتبرة ذلك "خسارة كبيرة وتراجعا ملحوظا لنفوذنا في الأوساط السياسية لدولة صديقة" داعية إلى "تقييم عاجل من قبل مسؤولي الدبلوماسية الصحراوية". وأشارت المصادر إلى أن "الدبلوماسية تفتقر إلى الكفاءات وتظل أسيرة الولاءات للسلطة. معظم الدبلوماسيين، الذين كانوا سابقا نشطاء من أجل حقوق شعبهم، أصبحوا الآن موظفين كبارًا يسعون لتحقيق الازدهار الشخصي". وحذرت الوسيلة الإعلامية من دعم هذا الحزب السياسي، الذي أسسه جاكوب زوما في عام 2023، للمغرب. وأكدت أن "هذا الحزب يُعد القوة السياسية الثالثة في جنوب إفريقيا، وهو في حالة توسع وسيلعب دورا حاسما في الانتخابات المقبلة". مع 58 نائبا، يثبت حزب جاكوب زوما نفسه كزعيم حقيقي للمعارضة ضد الرئيس سيريل رامافوزا. تمتلك القوة السياسية الثانية في المجلس الأدنى، التحالف الديمقراطي (الأقلية البيضاء)، 87 مقعدا وهي جزء من الائتلاف الحاكم في جنوب إفريقيا منذ يوليوز 2024، ويرأسه جون ستينهاوزن الذي يشغل منصب وزير الفلاحة.


بلبريس
منذ 11 ساعات
- بلبريس
هكذا تفاعل الإعلام الإفريقي مع اعتراف زوما بمغربية الصحراء
في تحول غير مسبوق داخل المشهد الإفريقي، أثارت زيارة الرئيس الجنوب إفريقي الأسبق جاكوب زوما إلى الرباط وإعلان دعمه لمبادرة الحكم الذاتي المغربية تفاعلاً لافتاً من وسائل إعلام إفريقية اعتبرت هذه الخطوة مؤشراً على اختراق دبلوماسي مغربي جديد في دولة طالما عُرفت بدعمها لجبهة البوليساريو ومعاكستها للوحدة الترابية للمملكة. تأكيد اعترافات القوى العظمي الموقع النيجيري thenationonlineng أورد أن دعم حزبMKP، الذي يقوده جاكوب زوما، لمقترح الحكم الذاتي المغربي يأتي انسجاماً مع المواقف التي عبرت عنها قوى دولية كبرى كفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا، معتبراً أن اللقاء الذي جمع زوما بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة لم يكن لقاء مجاملة، بل محطة مهمة عبر فيها الحزب الجنوب إفريقي عن انضمامه إلى الدينامية الدولية المتنامية المؤيدة لمغربية الصحراء. وأبرز الموقع أن زوما أكد اعتراف حزبه بالسياق التاريخي والقانوني الذي يؤسس لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، مشيراً إلى أن هذا التحول يعكس التزام حزب MK بالحفاظ على وحدة الدول الإفريقية وسيادتها ضد مشاريع التقسيم والتفتيت. منعطف تاريخي جديد بين المغرب وجنوب إفريقيا في السياق نفسه، اعتبرت وكالة AP News Africaine أن استقبال زوما في الرباط وتصريحاته الصريحة لصالح المقترح المغربي يشكلان منعطفاً رمزياً في العلاقة بين المغرب وجنوب إفريقيا، خصوصاً أن الحزب الذي أسسه زوما قبل أشهر فقط بات يمثل ثالث قوة سياسية في البلاد، ما يمنحه ثقلاً معنوياً يمكن أن يؤثر على التوازنات الداخلية في بريتوريا. وأشارت الوكالة إلى أن هذا الموقف الجديد لا يمثل فقط قناعة شخصية لزوما، بل يعكس تحركاً سياسياً منظماً، خاصة بعد نشر الحزب وثيقة رسمية تؤكد أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تمثل الحل الواقعي الوحيد للنزاع، وأن الصحراء جزء لا يتجزأ من المغرب منذ ما قبل الاستعمار الإسباني. البعد التاريخي حاضر في لقاء جاكوب زوما وبوريطة موقع Agence Afrique ركز على البعد التاريخي للزيارة، من خلال تذكير زوما خلال لقاءه ببوريطة بالدعم الذي تلقاه نيلسون مانديلا في ستينيات القرن الماضي بالمغرب، مؤكداً أن العلاقة بين البلدين تعود إلى زمن النضال ضد نظام الفصل العنصري. واعتبر الموقع أن زوما أراد عبر زيارته إعادة ربط الحاضر السياسي بإرث التضامن التحرري بين الرباط وبريتوريا، في تجاوز واضح للصراع الإيديولوجي الذي طبع مواقف جنوب إفريقيا الرسمية في العقود الأخيرة. وأبرز أن حزب MK يعارض مشاريع البلقنة التي تستهدف القارة الإفريقية، ويعتبر أن دعم الوحدة الترابية للمغرب جزء من معركة أكبر لحماية سيادة الدول الإفريقية. وعي سياسي جديد يتجاوز المواقف الجامدة أما الموقع الإخباري السنغالي senego ، فرأى في موقف زوما تعبيراً صريحاً عن وعي سياسي جديد يتجاوز المواقف الجامدة التي ربطت بعض النخب الإفريقية بمشروع الانفصال. وأبرز الموقع أن حزب MK يرى في مبادرة الحكم الذاتي حلاً عملياً ومتوازناً يسمح بتحقيق التنمية والاستقرار في المنطقة، مع الحفاظ على السيادة المغربية. وذكّر بأن الوثيقة السياسية للحزب، الصادرة في يونيو الماضي، استعرضت بالتفصيل الجذور التاريخية لمغربية الصحراء، استناداً إلى ولاء القبائل الصحراوية للعرش العلوي. وأضاف senego أن زيارة زوما إلى الرباط جاءت لتعزيز علاقات سياسية جديدة في وقت تعيش فيه جنوب إفريقيا تحولات داخلية، قد تعيد تشكيل رؤيتها تجاه قضايا القارة، وفي مقدمتها نزاع الصحراء. تفاعلات هذه المواقع مجتمعة تكشف أن زيارة زوما لم تمر كحدث بروتوكولي عابر، بل حملت مضموناً سياسياً بالغ الدلالة، سواء في ما يتعلق بإعادة رسم مواقف فاعلين جدد في جنوب القارة، أو في تعزيز الشرعية السياسية لمبادرة الحكم الذاتي داخل الفضاء الإفريقي. وإذا كان موقف حزب MK لا يُلزم رسمياً الدولة الجنوب إفريقية، إلا أنه يعكس دينامية جديدة داخل النخبة السياسية في بريتوريا، قد تساهم في إعادة تشكيل المقاربة الرسمية لهذا الملف. فالمغرب، من جهته، استطاع أن يسجل نقطة دبلوماسية هامة في عمق جغرافي طالما كان معادياً لمصالحه، وأن ينقل النقاش من منطق الاصطفاف الإيديولوجي إلى منطق الحلول الواقعية المدعومة تاريخياً وقانونياً وسياسياً.