logo
برّاك أم أورتاغوس؟

برّاك أم أورتاغوس؟

IM Lebanonمنذ 3 أيام
كتبت أمل شموني في 'نداء الوطن':
أكدت وزارة الخارجية الأميركية بشكل واضح أن المبعوث الأميركي توم برّاك لم يترك منصبه ولا الملفات التي يديرها لا سيما الملف اللبناني. واعتبرت مصادر دبلوماسية أن ما يُشاع عن إقالة برّاك من ملف لبنان غير دقيقة، فهو لم يكن يومًا مسؤولًا رسميًا عن ملف لبنان، بل كان De Facto Envoy إلى لبنان لتسليم الرسائل الأميركية إلى الجانب اللبناني خصوصًا تلك المتعلقة بنزع سلاح 'حزب الله' وضبط الحدود والإصلاحات المالية. وأكدت أوساط واشنطن أن برّاك لا يزال في منصبه كسفير للولايات المتحدة إلى تركيا والمبعوث الرئاسي الأميركي إلى سوريا.
ولفتت مصادر أميركية إلى أن هذه المعلومات التي يتم تداولها حول تركه منصبه أو الاستغناء عنه في ملفات معينة، تعكس تململ بعض الأطراف الأميركيين من أداء برّاك لا سيما في ما يتعلق باختيارات الرئيس ترامب للدبلوماسيين من خارج الملاك. كما أن بعض المصادر القريبة من اليمين الأميركي والتي لا تتفق مع سياسات ترامب التي تراجعت عن مبدأ 'أميركا أولًا' توحي بأن برّاك يخضع لتدقيق متزايد بسبب ما يُشاع عن تقديمه أولويات قريبة من 'الإسلام السياسي على المصالح الأميركية'، وهو ما تنفيه هذه المصادر بشكل قاطع.
وينطلق هؤلاء من أن برّاك هو رجل أعمال وليس دبلوماسيًا. وهنا يلتقي هذا 'اليمين' مع الديمقراطيين الذين يسعون جاهدين لإبطاء مسارات الإدارة الحالية، كما أنهم يجاهرون بعدم رضاهم على تعيينات الرئيس ترامب لسفراء ومبعوثين من خارج ملاك وزارة الخارجية. وكان السيناتور كريس مورفي قد عبّر بوضوح عن هذا الأمر خلال جلسة الاستماع التي عُقدت أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي لتعيين مرشح الرئيس ترامب لمنصب السفير فوق العادة والمفوض لدى لبنان، رجل الأعمال اللبناني الأصل ميشال عيسى.
أما بالنسبة إلى مورغان أورتاغوس، فتقول المصادر إنها لم تترك منصبها في وزارة الخارجية ولا ابتعدت عن ملفات الشرق الأوسط ولبنان، ولكنها انتقلت إلى الأمم المتحدة لمعاونة السفيرة دوروثي شيا، القائمة بأعمال ممثل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة. وقد سرت معلومات أيضًا من واشنطن عن احتمال أن تقوم أورتاغوس بزيارة إلى بيروت كون مسؤوليتها في الأمم المتحدة تشمل أيضًا ملف التجديد لـ 'اليونيفيل'. وأورتاغوس على اطلاع بالعديد من ملفات المنطقة في الأمم المتحدة والتي يتصدرها ملف قوات الأمم المتحدة الموقتة العاملة في لبنان 'اليونيفيل' وملف قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل (أندوف).
أما في ما يتعلق بالملف اللبناني، فتقول مصادر دبلوماسية خاصة لـ 'نداء الوطن' إنها ترجح أن يكون هذا الملف جزءًا من كل ملفات الشرق الأوسط الموضوعة على نار حامية، والتي ستتبع مباشرة لمكتب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى. وقد رشح ترامب لهذا المنصب الدبلوماسي السابق جويل ريبورن، ولا يزال ترشيحه متعثرًا في الكونغرس. كذلك لفتت مصادر أخرى إلى أن مرشح الرئيس ترامب لمنصب سفير ميشال عيسى سيلعب دورًا مهمًا على هذا الصعيد بعد تأكيد تعيينه من قبل الكونغرس والذي من المرجح أن يتم في أيلول المقبل.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"اختبار المصير".. هذه أفضل طريق لـ"حزب الله"
"اختبار المصير".. هذه أفضل طريق لـ"حزب الله"

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 38 دقائق

  • القناة الثالثة والعشرون

"اختبار المصير".. هذه أفضل طريق لـ"حزب الله"

الكلامُ عن ذهاب "حزب الله" نحو 7 أيار جديد بعد التوجه لبنان رسمياً لبحث مصير سلاحه، بات طاغياً على المشهد الداخلي، ويفتحُ الباب أمام مخاوفَ من إمكانية اندلاع حرب أهليّة. قد لا يكون "حزب الله" في وارد فتح جبهة داخلية كي لا يخسر سياسياً ووجودياً، فالتبدلات التي مر بها تحتم عليه عدم خوض أي معركة ضد اللبنانيين من أجل الحفاظ على سلاحه المفترض تسليمه للدولة بموجب الدستور وخطاب القسم، وبناء لما نص عليه البيان الوزاري للحكومة. ما لا يجبُ نسيانه هو أن "الحزب" خارج من حربٍ إسرائيلية كبيرة فيما الخطر ما زال موجوداً نظراً لاستمرار احتلال إسرائيلي لأراضٍ جنوبية ومواصلة تل أبيب غاراتها المتفرقة. كذلك، هناك تبدل آخر تمثل بتزعزع بنية "محور المقاومة" الذي كان يمثل "قوة" بالنسبة للحزب، فيما سقوط بشار الأسد في سوريا والضربات الإسرائيلية على إيران وحرب إسرائيل ضد "حماس" في غزة، كلها عوامل تجعلُ "حزب الله" في مكانٍ أضعف بكثير من السابق. أمام هذه التغيّرات، قد لا تكون قوة "حزب الله" كما السابق. لذلك، يجب أن تكون قراءة الأمور مختلفة تماماً. من مصلحة "حزب الله" اليوم الرهان على الدولة بعدما بات مطوقاً من كل الجهات. فعلياً، إن وجّه "الحزب" سلاحه نحو اللبنانيين من أجل الاحتفاظ به، عندها ستكون كل الأطراف على استعداد للانقضاض عليه سياسياً، ولن تعود هناك من جبهةٍ تغطيه داخلياً.. عملياً، سيكون "حزب الله" قد حكم على نفسه بالإنتهاء. لذلك، إن كان "حزب الله" يريد البقاء سياسياً، فعليه التسليم لأمر الدولة والمساهمة بها عبر جناحه السياسي. أما فكرة "المقاومة" فهي موجودة في عقيدة اللبنانيين وليست محصورة عند "الحزب" أو جمهوره، والأدلة على ذلك تاريخية وشاهدة، فمواجهة إسرائيل ما كانت يوماً من قبل فئة واحدة، بل هي عنوان عام لدى اللبنانيين متل حصلت حرب ضدهم من قبل تل أبيب. إن كان" الحزبُ" بوارد الحفاظ على بيئته، فعليه التمسك أكثر بخانة التعاطي مع الدولة على قاعدة التعاون وتجنب الإشكالات. في الواقع، خسر "حزب الله" الكثير من حلفائه الداخليين، وبات في شبه عزلة سياسية مع بقاء بعض المقربين إلى جانبه لأمدٍ "غير معروف". وعليه، فإن هذا الواقع يستدعي قراءة متأنية من قبل "الحزب" لمراعاة الداخل وواقعه، فلبنان لا يتحمل انهياراً أمنياً وسط أزمات متلاحقة ورقابة خارجية شديدة. وعليه، أصبح "حزب الله" أمام مرحلة جديدة. قد يُجنح "الحزب" نحو تحركات في الشارع تفتحُ صدامات في البلد، ما يعني حصول توترات قد تؤدي إلى خسارته كل شيء. في الواقع، إن قرر "الحزب" اللجوء للسلاح، سيكون قد وضع لبنان أمام حربٍ داخلية شديدة الخطورة وفي بادئ الأمر ضد الدولة والجيش، وحذار من "انقسام" الأخير. لبنان محمد الجنون - لبنان24 انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

قبيل جلسة مجلس الوزراء...حزب الله يزور باسيل بعد عون ويحذر من قرار الإعدام!
قبيل جلسة مجلس الوزراء...حزب الله يزور باسيل بعد عون ويحذر من قرار الإعدام!

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 38 دقائق

  • القناة الثالثة والعشرون

قبيل جلسة مجلس الوزراء...حزب الله يزور باسيل بعد عون ويحذر من قرار الإعدام!

إستقبل رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل وفدا من "حزب الله" جمع كلا من النائب علي فياض والنائب رائد برو والحاج محمد الخنسا، بحضور النائب سيزار أبي خليل ود. طارق صادق. وبعد اللقاء، قال فياض: "تناقشنا مع باسيل في العديد من الامور واهمها استمرار العدوان الاسرائيلي على لبنان وتشاركنا وجهات النظر حول المخاطر القائمة والمحتملة التي يتعرض لها البلد". وأضاف: "العقبة امام بناء الدولة اليوم هو العدوان الاسرائيلي". وتابع: "أسوأ سيناريو الآن والذي يجب أن نحتاط منه جميعاً هو تحويل المشكلة من مشكلة إسرائيلية- لبنانية إلى مشكلة لبنانية- لبنانية"، مشيرا إلى ان "المعالجة تبدأ بالتزام إسرائيل أولا بالاتفاقيات وبقيام الدول الضامنة بدورها". ودعا فياض لوضع حدّ للضغوطات الخارجية التي تُمارَس على البلد، و"نحن ندرك تماماً أن الظرف دقيق وصعب، وعلى لبنان ألّا يفرط بمصالحه". وتعليقا على مشاركة الثنائي الشيعي في جلسة مجلس الوزراء وما سبقها من اتصالات مستمرة بشأن سحب سلاح حزب الله، اعتبر النائب في كتلة "الوفاء للمقاومة' علي المقداد ان "التهويل الإعلامي والسياسي الذي صوّر الجلسة على أنها مفصلية أو تاريخية'. وأوضح في حديث الى إذاعة "سبوتنيك' أن "الأَولى والأهم هو عقد جلسات مفصلية تبحث في قضايا مصيرية كالأراضي المحتلة، والأسرى، وإعادة الإعمار'، متسائلًا: "هل هذه الجلسة ضرورة للبنان، أم للعدو الإسرائيلي والأميركي؟'، منتقدًا في السياق' التماهي مع الخطاب الإسرائيلي والأميركي'. وحول احتمال طرح التصويت على نزع سلاح "حزب الله'، قال المقداد: "لن نوقّع على قرار بإعدام السيادة أو محو قسم كبير من اللبنانيين عن الوجود'. وأكد أن "حلّ الأزمات الداخلية يجب أن يكون لبنانيًا، بعيدًا من الضغوط الخارجية'، مشددًا على أن "الأولوية اليوم هي حماية البلد أمام التهديد الوجودي'. وأضاف: "رئيس الجمهورية جوزاف عون، مؤتمن على الدستور، وقد تحدّث عن انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة ووقف الاعتداءات، قبل أن يشير إلى موضوع السلاح باعتباره شأنًا داخليًا لبنانيًا'. وفي ما يتعلق بالتحركات الأخيرة في الضاحية الجنوبية، أوضح المقداد أنها "تحركات عفوية تعبّر عن نبض الشارع'، نافيًا وجود قرار يشبه ما حصل عام 2008 وأدى إلى أحداث 7 أيار. وختم بالقول: "كفى للبنان أن يعاني مما عاناه سابقًا، وعلى اللبنانيين الجلوس إلى طاولة واحدة والبحث في حلول مشتركة'. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

تحريك ترامب لغواصات نووية بالقرب من روسيا.. حسابات الردع والاحتواء
تحريك ترامب لغواصات نووية بالقرب من روسيا.. حسابات الردع والاحتواء

الميادين

timeمنذ 40 دقائق

  • الميادين

تحريك ترامب لغواصات نووية بالقرب من روسيا.. حسابات الردع والاحتواء

في خطوة أثارت الكثير من الجدل والسخرية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه أصدر أوامر بتحريك غوّاصتين نوويتين أميركيتين بالقرب من المياه الإقليمية الروسية، ردّاً على ما اعتبره سلسلة منشورات عدائية صدرت عن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف. وبينما انقسمت الآراء حول ما إذا كان ترامب أراد من هذه الخطوة توجيه تهديد فعلي لروسيا، أم أنه أراد لها أن تكون مجرّد استعراض إعلامي، فإنّ هذه الخطوة تثير تساؤلات جوهرية حول التوجّهات الجيوسياسية الأميركية في ظل التوتر المتصاعد مع القوى الأوراسية، وعلى رأسها روسيا والصين، خصوصاً في ظلّ استمرار تأثير التيار المحافظ الجديد على السياسة الخارجية الأميركية حتى في ظل ترامب. منذ نهاية الحرب الباردة، اعتمدت الولايات المتحدة استراتيجية تقوم على تطويق واحتواء القوى الكبرى في أوراسيا، وعلى رأسها الاتحاد السوفياتي ومن بعده روسيا الاتحادية، بناء على المقاربة النكلوساكسونية التي تعتبر أنّ العمق الأوراسي الذي تمثّله روسيا يمثّل منطق التهديدات الجيوسياسية التي يمكن أن تتحدّى الهيمنة الإنكلوساكسونية على العالم والتي كانت قد انطلقت منذ القرن الثامن عشر مع بريطانيا لتنتقل الريادة إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. وفي هذا السياق، تأتي خطوة ترامب بتحريك غوّاصات نووية أقرب إلى السواحل الروسية كجزء من عرض عضلات نووي يذكّر بأسلوب "الدبلوماسية النووية" الذي مارسته واشنطن في أزمات سابقة، كأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962. لكنّ هذه الخطوة، رغم طابعها الانفعالي الذي ترافق مع إطلاق شتائم عابرة للقارات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تتضمّن رمزية استراتيجية ذات أبعاد متشعّبة. فهي تعكس تصميم الولايات المتحدة، وخصوصاً تيار المحافظين الجدد فيها على عدم السماح لروسيا باستعادة نفوذها أو تعزيز دورها العالمي. اليوم 10:15 1 اب 09:32 لا يمكن فهم دوافع مثل هذه التصرّفات من دون النظر في الخلفيّة الأيديولوجية التي تغذّي السياسة الخارجية الأميركية منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، أي صعود تيار المحافظين الجدد. هذا التيار الذي صعد في الولايات المتحدة منذ أواخر ستينيات القرن الماضي، والذي وصل إلى ذروة نفوذه خلال إدارة الرئيس جورج بوش الابن (2001 – 2009)، وامتد نفوذه عبر العهود الرئاسية المتعاقبة وصولاً إلى الولاية الثانية للرئيس ترامب، يرى في روسيا والصين تهديداً مزدوجاً للهيمنة الأميركية في العالم. من هذا المنطلق، ليس مستغرباً أن يتمّ استغلال أيّ حدث، حتى لو كان ناجماً عن احتكاك على وسائل التواصل الاجتماعي، للمبالغة بما يعتبره المحافظون الجدد التهديد الروسي، وتعزيز سردية مفادها أنّ موسكو تسعى لتقويض الاستقرار العالمي عبر "الابتزاز النووي"، وهو ما يوجب ردّاً أميركياً قوياً واستباقياً، على حدّ ما يزعم هؤلاء. من هنا فإن المحافظين الجدد الذين كانوا يحاولون تصوير مدفيديف، على أنه يمثّل التيار الليبرالي داخل الدولة الروسية في مقابل تصوير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنه من الصقور، قلبوا اليوم الصورة وباتوا يصوّرونه في الإعلام على أنه يمثّل الصوت الراديكالي المتطرّف داخل الإدارة الروسية يتطرّف في مواقفه المعادية للغرب. وقد استغلّ هؤلاء تصريحات لمدفيديف رداً على تصاعد التهديدات الغربية لروسيا لوّح فيها باعتماد نظام "اليد الميتة" الروسي الذي يضمن الردّ النووي التلقائي في حال دُمّرت القيادة السياسية الروسية، وذلك رداً على التهديدات الأميركية والغربية المتصاعدة للأمن القومي الروسي. وقد وجدت جهود المحافظين الجدد بشيطنة روسيا وخصوصاً مدفيديف صدى في أوساط النخبة الأميركية المحافظة التي لطالما دعت لاعتماد سياسات أكثر عدوانية تجاه موسكو. يبدو أنّ المحافظين الجدد استطاعوا تطويع ترامب الذي شكّل في السابق تحدّياً لهم في إطار الشعارات التي أطلقها والتي وعد فيها بضرب الدولة العميقة في الولايات المتحدة والتي يشكّل المحافظون الجدد أحد أعمدتها. وقد تجلّى هذا في إفشال مساعيه لإنهاء الحرب الأوكرانية التي تشنّها واشنطن ومعها الغرب بالوكالة ضد روسيا. ويبدو أنّ الرئيس الأميركي الجديد بات أسيراً لسياساتهم التي بات يقولبها بطابعه الشخصي الذي يغلب عليه عنصر العشوائية التي لا يمكن توقّعها. والجدير ذكره أنّ ترامب سبق واتخذ خطوة مماثلة في ولايته الأولى في العام 2017 حين أرسل غوّاصتين نوويتين بالقرب من شواطئ كوريا الشمالية قبل أن يفاجئ العالم بلقاءاته الحميمة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون. من هنا فإنّ كثيرين احتاروا ما إذا كانت خطوة ترامب بتحريك غوّاصتين بالقرب من الحدود الروسية تشكّل رسالة تهديد للقيادة الروسية، أو أنها تشكّل مناورة منه للالتفاف على أركان الدولة العميقة في الولايات المتحدة للتمهيد لمرحلة تفاوضية لاحقة مع روسيا، وربما حتى لإنهاء الحرب في أوكرانيا من موقع قوة. فترامب لطالما صرّح بأنّ الحرب في أوكرانيا ما كانت لتحدث لو كان هو من يتولّى السلطة في البيت الأبيض، علماً أنه يعتمد استراتيجية يحاول من خلالها تقديم نفسه بصفته الزعيم القادر على فرض السلام من خلال الردع والقوة. قد يكون هذا هو السبب في الهدوء الذي قابل به الروس خطوة ترامب التصعيدية إذ إنّ الكرملين ووزارة الدفاع الروسية لم تتكبّدا حتى عناء إصدار أيّ بيان أو تعليق رسمي، في مؤشّر على أنّ موسكو لا ترى في تصريحات ترامب تهديداً حقيقياً. حتى أنّ الصحف الروسية سخرت من تصريحاته، ووصفتها بأنها ناجمة عن نوبة غضب وأنها خطوة جوفاء لا تشكّل تهديداً عسكرياً جدياً. والجدير ذكره أن هذا يعكس ثقة روسية بأنّ الولايات المتحدة، حتى في أكثر لحظات تصعيدها اللفظي، ما زالت محكومة باعتبارات الردع النووي المتبادل. كما أنّ موسكو تدرك جيداً أنّ تصريحات ترامب غالباً ما تُستخدم للتأثير الإعلامي والسياسي أكثر من كونها تشكّل سياسة خارجية ممنهجة. لكن ما يثير القلق في هذا المشهد هو انزلاق التهديدات النووية والقضايا المرتبطة بالردع النووي إلى مستوى من التهريج الإعلامي، إذ ينظر إلى تصريحات الزعماء على وسائل التواصل الاجتماعي كعوامل مؤثّرة وحاسمة في تحريك القوات النووية. وهذا بحدّ ذاته يعدّ تطوّراً خطيراً في العلاقات الدولية في بنية النظام العالمي، حيث لم يعد اتخاذ قرارات استراتيجية يرتكز على مؤسسات وخطط مدروسة، بل على ردود فعل شخصية وانفعالية، كما في حالة ترامب. فلقد بات تبادل التغريدات أو المنشورات بين قادة الدول النووية من شأنه أن يؤدي إلى تحريك غوّاصات نووية، فإنّ العالم يدخل بذلك مرحلة جديدة من الهشاشة الاستراتيجية، تتصاعد فيها احتمالات الانزلاق إلى صدام نووي مدمّر. وفي عالم تزداد فيه الخطوط الفاصلة بين الجد والهزل، والخطاب الإعلامي والسلوك العسكري، تبدو الحاجة ماسّة إلى إعادة ضبط العلاقة بين أدوات القوة والتواصل السياسي، قبل أن يتحوّل الجدل بين القادة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى كارثة نووية يمكن أن تفني العالم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store