logo
كينيا والسباق الأممي على استضافة مقرات الأمم المتحدة خارج نيويورك

كينيا والسباق الأممي على استضافة مقرات الأمم المتحدة خارج نيويورك

الجزيرةمنذ يوم واحد
فتح توجّه الأمم المتحدة الأخير نحو هيكلة مكاتبها ووكالاتها وتقليص وجودها في المقر الرئيسي بنيويورك الباب أمام منافسة محتدمة بين الأقاليم والدول لاستضافة المكاتب والهيئات الدولية التي سيتم نقلها خارج نيويورك.
وتظهر كل من كينيا ورواندا وبتسوانا كأبرز الدول الأفريقية المتنافسة للظفر باحتضان هذه المكاتب والهيئات الجديدة، في سباق لتعزيز وترسيخ مكانتها الإقليمية كمراكز نشطة للمؤسسات الدولية، بما يمنحها نفوذًا وقوة تأثير، ليس في القارة الأفريقية ودول الجنوب العالمي فحسب، بل أيضًا في صناعة القرار الأممي، وذلك في وقت يمر فيه العالم بتحولات جيوسياسية كبيرة، لا سيما بعد وصول الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة الأميركية، وسياسته المُعلنة بتقليص الدعم للمنظمات الدولية، ومحاولة إنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية.
وتتشارك نيروبي في استضافة المقرات الرئيسية للأمم المتحدة خارج نيويورك مع كل من فيينا وجنيف، وتُعد نيروبي المدينة الوحيدة في الجنوب العالمي التي تستضيف مقرات رئيسية تابعة للأمم المتحدة.
أبرز المكاتب الأممية التي تستضيفها كينيا
تستضيف كينيا برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat)، والمكاتب القُطرية التالية: منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، صندوق الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF)، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (UN Women)، صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، برنامج الأغذية العالمي (WFP)، ومنظمة الصحة العالمية (WHO).
كما تستضيف المكاتب الإقليمية التالية: الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD)، منظمة العمل الدولية (ILO)، المنظمة البحرية الدولية (IMO)، مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR)، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO)، مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)، منظمة الأمم المتحدة للطفولة في أفريقيا، برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية؛الإيدز (UNAIDS)، ومكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع (UNOPS).
إعلان
تقع المكاتب والوكالات الأممية في نيروبي بحي غيغيري الراقي بمساحة كلية تبلغ 140 فدانًا، وتضم عدد 44 ألف موظف دولي، من بينهم 6 آلاف موظف كيني، لدى 1500 منهم عقود طويلة الأجل.
دعوات أفريقية لإصلاح الأمم المتحدة قد تدفع بمزيد من المكاتب الأممية لأفريقيا
في ظل صعود القارة الأفريقية وتأثيرها العالمي، بالإضافة إلى وجود معظم الأزمات الإنسانية وتلك المرتبطة بالتغيير، وخلال كلمته التي ألقاها في قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك في سبتمبر/ أيلول 2024، دعا الرئيس الكيني وليام روتو إلى إصلاح الأمم المتحدة.
وقال إن الأمم المتحدة لم تعالج التحديات العالمية المستمرة بشكل كافٍ، حيث يشهد الكوكب ارتفاع درجة الحرارة ومناخًا في أزمة، كما أن المحيطات ترتفع، والصحاري تتمدد، والصراعات تجتاح العالم، وملايين البشر نازحون وفقراء ومحرومون من الخدمات الأساسية.
وأضاف: أثبتت الأنظمة متعددة الأطراف عدم كفايتها في معالجة تغيّر المناخ، وعدم المساواة، والديون، وبالتالي هناك حاجة ملحة إلى اتخاذ قرارات فورية لمعالجة الأزمات العالمية غير المسبوقة. وشدد على إعادة تصميم النظام العالمي الدولي، وتعزيز الشراكات من أجل الأمن المشترك، وسد الفجوة الرقمية، والاستثمار في القدرات البشرية، وتمكين المرأة والشباب.
وطالب بمعالجة الظلم التاريخي المتمثل في افتقار أفريقيا إلى التمثيل الدائم في مجلس الأمن الدولي، كمسألة عادلة في إصلاحات الأمم المتحدة. وبينما أكدت الولايات المتحدة دعمها لحصول أفريقيا على مقعدين دائمين، اشترطت ألّا يكون هناك حق النقض.
كما كتب عدد من منسقي برامج الأمم المتحدة المقيمين في أفريقيا ورقة بحثية بعنوان: "تشكيل الأمم المتحدة في المستقبل"، طالبوا فيها بإجراء إصلاحات لضمان قدرة المنظمة الأممية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأضافوا أنه في ظل الضغوط التي تتعرض لها وازدياد الأزمات العالمية المعقدة والمترابطة، من تغيّر المناخ إلى الاضطراب الرقمي، يتعين على الأمم المتحدة أن تطور وسائل ذات صلة وفاعلية لمواجهة التحديات المستقبلية، بما فيها التمويل والاستجابة السريعة والفعالة للأزمات.
وطالبت الورقة بأن يلعب المنسقون المقيمون دورًا في تشكيل وجود الأمم المتحدة ومتابعة الوكالات للتأكد من فاعليتها، وأن يقوموا بدور الحوار مع الحكومات المضيفة وضمان اتساق البرامج مع أهداف التنمية الوطنية.
الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة أصدرت في شهر مايو/ أيار الماضي أوامر لأكثر من 60 من مكاتبها وعملياتها بتقديم مقترحات حتى منتصف شهر يونيو/ حزيران الجاري لتخفيض 20% من موظفيها، وذلك لمواجهة أزمة تمويل حرجة. ومن المتوقع أن تؤثر هذه الخطوة على نحو 14 ألف وظيفة، وتشمل التخفيضات المكاتب السياسية والإنسانية.
منافسة إقليمية متزايدة على استضافة مكاتب جديدة للأمم المتحدة
في ظل حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي في كينيا، تتطلع دول أفريقية إلى تقديم نفسها كمقرات آمنة ومناسبة لاستضافة المكاتب الجديدة، ومن بين هذه الدول رواندا، التي قدمت بالفعل طلبًا رسميًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
وقال رئيس الوزراء الرواندي، إدوارد نجيرتي، في رسالة بعث بها يوم 23 مايو/ أيار 2025: "رواندا مستعدة للعمل كشريك ملتزم في تشكيل مستقبل عملياتها العالمية".
ولم تحدد رسالة كيغالي وكالات معينة، لكنها أشارت إلى قدرة البلاد على توفير مساحات لهذه المقرات، بالإضافة إلى إمكانية تهيئة ربط جوي مباشر بالمراكز الإقليمية والعالمية الرئيسية. كما تباهت الرسالة بسجل البلاد الحافل بالاستقرار السياسي، والكفاءة المؤسسية، وضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة.
بجانب رواندا، تقدمت كل من قطر والنمسا وبتسوانا بطلب أيضًا لاستضافة مكاتب الأمم المتحدة الجديدة، حيث أرسلت الحكومة البتسوانية في شهر أبريل/ نيسان 2025 رسالة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تؤكد فيها استعدادها لتوفير استضافة مجانية داخل أحد المباني الحكومية القادرة على استيعاب أكثر من ألف موظف، ودعم تكاليف التشغيل للمكاتب الجديدة.
وجادلت "غابورون" بموقعها الجغرافي الإستراتيجي في قلب الجنوب الأفريقي، مما يجعلها ذات أهمية للتنسيق الإقليمي، فضلًا عن توافر المهنيين المتعلمين والماهرين. وأضافت الرسالة أن بتسوانا ظلت شريكًا دائمًا وثابتًا مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وتؤكد التزامها بمبادئ حسن الجوار، والشمول، والتنمية المستدامة، بما يتماشى مع الأهداف الرئيسية للأمم المتحدة.
استضافة مقر معاهدة البلاستيك
في عام 2022، اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تفويضًا للتفاوض على الصك الدولي الملزم لإنهاء التلوث البلاستيكي. واجتمعت الدول الأعضاء في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وتم اعتماد تقرير (INC5) لتطوير المعاهدة.
وأكدت كينيا التزامها بمنع استخدام البلاستيك، ووقّعت على مبادرة البحار النظيفة لتخليص المجاري المائية من النُفايات البلاستيكية، حيث حظرت استخدام البلاستيك في جميع أنحاء البلاد منذ عام 2020. كما انضمت كينيا في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى الدول التي تهدف إلى القضاء على التلوث البلاستيكي، إلى جانب 67 دولة أخرى.
في يناير/ كانون الثاني 2025، انتقلت مفاوضات معاهدة البلاستيك التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى جنيف، بهدف وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية عالمية تاريخية لمعالجة تلوث البلاستيك.
وكان اجتماع المندوبين في بوسان- كوريا الجنوبية، في خواتيم عام 2024، قد انفض دون التوصل إلى اتفاق، مما دفع الدول إلى عقد اجتماع آخر في نيروبي يوم 4 يونيو/ حزيران 2025، حضره ممثلون رفيعو المستوى وواصلوا المشاورات بشأن وضع معالم اتفاق للصك الدولي الملزم بشأن التلوث البلاستيكي.
كما تم الاتفاق على استمرار المشاورات الإقليمية لمجموعات الدول خلال الفترة القادمة السابقة لاجتماع جنيف، وستُعقد مشاورات المجموعة الأفريقية في الفترة من 3 إلى 5 يوليو/ تموز 2025 في نيروبي، بالإضافة إلى اجتماع غير رسمي لرؤساء الوفود في الفترة من 30 يونيو/ حزيران إلى 2 يوليو/ تموز 2025 في نيروبي.
ومن المقرر كذلك أن يُقام الجزء الثاني من الدورة الخامسة المستأنفة (INC 5-2) في الفترة من 5 إلى 14 أغسطس/ آب 2025، في جنيف، ويُتوقع أن تكون حاسمة.
وتسعى كينيا للحصول على دعم بعض الدول الأوروبية لاستضافة مقر الأمانة العامة للمعاهدة، وقد أبدت سويسرا هي الأخرى اهتمامًا بالاستضافة. لكن وزيرة البيئة الكينية، ديبورا باراسا، طلبت من وفد فرنسي زار نيروبي في 15 أبريل/ نيسان 2025 دعم الطلب الكيني، وأشارت في هذا الصدد إلى الدور المحوري الذي تلعبه نيروبي في الحوكمة البيئية العالمية، باعتبارها البلد المضيف لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ووكالات أممية أخرى.
كما أضافت أن الرئيس الكيني، وليام روتو، لا يزال يترأس المجموعة الأفريقية للجنة رؤساء الدول الأفريقية المعنية بتغير المناخ. وفي ذات السياق، تقدّمت كينيا بطلب لاستضافة أسبوع المناخ الأفريقي في سبتمبر/ أيلول 2025، بالإضافة إلى احتمال استضافة مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة في يوليو/ تموز 2025، بعد أن تعذر إقامته في ليبيا بسبب الظروف الأمنية.
هل كينيا قادرة على استضافة مزيد من المكاتب الجديدة؟
قدمت كينيا طلبًا لاستضافة المكاتب التي أُعلن عن نقلها خارج نيويورك، وقالت الحكومة الكينية إنها مستعدة ومؤهلة لذلك. وصرّح رئيس الوزراء ووزير الخارجية، موساليا مودفاي، في مايو/ أيار 2025 لوسائل إعلام محلية بأن كينيا تضع نفسها كوجهة رئيسية لوكالات الأمم المتحدة التي تسعى إلى الانتقال من نيويورك، مما يوفر فوائد هائلة في حال تم توسيع أسرة الأمم المتحدة في كينيا.
وأضاف لقد أظهرت كينيا، من خلال استضافتها مقر برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومكتب الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، مدى هذا التأثير، ونحن مستعدون للعمل بشكل وثيق مع الأمم المتحدة، وتضع كينيا نفسها كدولة مضيفة مثالية على المستوى العالمي.
وقالت الحكومة الكينية إن الأمم المتحدة وافقت على ميزانية تبلغ 300 مليون دولار لتحديث وتوسيع عملياتها في كينيا، بما في ذلك تطوير المرافق، ومن بينها قاعة الجلسات الرئيسية التي تستوعب حاليًا ألفَي شخص، وسيتم توسيعها لتستضيف تسعة آلاف شخص، مع احتمال عقد اجتماع للجمعية العامة في كينيا.
الخلاصة
بينما تطرح منافسة كل من رواندا وبتسوانا تحديات أمام رغبة كينيا في استضافة مزيد من الوكالات والمكاتب الأممية، تبرز قضايا أخرى قد تكون مؤثرة على قدرة نيروبي وملاءمتها لاستضافة المقرات الأممية، ومن بينها حالة عدم اليقين بشأن الاستقرار السياسي والأمني، لا سيما أن الحكومة الحالية واجهت/ تواجه معارضة شبابية متزايدة بدأت في منتصف العام الماضي برفض الميزانية العامة المتضمنة زيادة في الضرائب، وتطورت إلى المطالبة برحيل النظام.
ومن المتوقع أن تزداد وتيرة المعارضة مع مرور الوقت، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وقيام الحكومة بالتضييق على مساحة الرأي الآخر، على غير عادة كينيا التي تميزت في السابق بارتفاع سقف الحريات الإعلامية والسياسية مقارنة بنظيراتها في شرق أفريقيا.
كما أن هدف الأمم المتحدة بتنويع وتوزيع مقرات الوكالات والهيئات الدولية في عواصم وأقاليم مختلفة، قد يكون سببًا في اختيار مقرات بديلة لنيروبي للاستضافة، في وقت تبرز فيه مدن مثل كيغالي كخيار آمن ومستقر، وشريك دولي وإقليمي يقدّم نفسه بصورة مقنعة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الدعم السريع وإستراتيجية الهروب للأمام
الدعم السريع وإستراتيجية الهروب للأمام

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

الدعم السريع وإستراتيجية الهروب للأمام

في مساء 23 فبراير/ شباط 2025، تحوّلت نيروبي إلى خشبة مسرح طُرح عليها سيناريو جديد: تمردٌ يحاول أن يُقنّن فوضاه، وأن يُقنع العالم بأنه نواة دولة لا مجرد شظايا بندقية. سعى تحالف (تأسيس) السوداني، بقيادة مليشيا الدعم السريع ومشاركة فصائل متمرّدة وشخصيات سياسية منشقة، لتقديم نفسه كبديل سياسي مؤسسي قائم على العلمانية والعدالة واللامركزية، في مواجهة ما وصفه بـ"النظام القديم المتحالف مع العسكر والفساد". هذه المحاولة ليست الأولى في تاريخ السودان التي يسعى فيها كيان مسلح لشرعنة وجوده السياسي، لكنها تأتي في سياق يختلف كليًا عن حركات التمرد السابقة التي غالبًا ما كانت ترتكز على مطالب إثنية أو جهوية واضحة. كان السقف الأعلى لتحالف "تأسيس" يتمثل في إعلان حكومة موازية من مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، إيذانًا بإحكام السيطرة على الإقليم بأكمله. غير أن صمود المدينة أمام عشرات المحاولات العنيفة لاقتحامها من قبل مليشيا الدعم السريع، اضطر التحالف إلى خفض سقف طموحاته، والتفكير في إعلان الحكومة من مدينة نيالا، جنوب دارفور. وقد علّق كاميرون هدسون، المسؤول السابق في البيت الأبيض والمتخصص في شؤون السودان والقرن الأفريقي، بأن إعلان (الدعم السريع) تشكيل حكومتها الموازية من نيالا يُعدّ "مخيّبًا للآمال للغاية"، موضحًا أن الهدف الأصلي من إعلانها في الفاشر كان إيصال رسالة مفادها: السيطرة الكاملة على دارفور. أما إعلانها الآن من نيالا- كما يضيف هدسون- فهو مؤشر على حجم الضغط الذي باتت تواجهه قوات الدعم السريع. لقد جاء هذا التحول النوعي في مسار الحرب السودانية بالتزامن مع تراجع عسكري كبير لمليشيا الدعم السريع. فبعد أشهر من المكاسب في الخرطوم ودارفور، بدأت موازين القوى تميل تمامًا لصالح الجيش السوداني، مما دفع قائد المليشيا محمد حمدان دقلو "حميدتي" إلى التفكير في تغطية إخفاقاته العسكرية بغطاء سياسي. هكذا وُلدت ما عرف بـ"الحكومة الموازية"، لا كسلطة بديلة، بل كقناع سياسي لسلطة تبحث عن شرعية، وأداة مزدوجة لتثبيت أقدام مرتجفة على الأرض تهتز من تحتها، وكسب أوراق على الطاولة. يهدف ميثاق التحالف إلى تأسيس "مجلس رئاسي" برئاسة حميدتي، وتقسيم البلاد إلى 8 مناطق إدارية، في خطوة تستبطن مشروعًا فدراليًا لا يقف على سيقان، قد يفتح الباب أمام التشرذم. التأسيس النظري لحكومة بديلة يعكس نية واضحة لخلق دولة موازية لا تعترف بشرعية السلطة في بورتسودان، بل تسعى لإزاحتها من المشهد. هذا المشروع التآمري، وإن بدا مزخرفًا، فإنه في سياق حرب أهلية يدفع نحو مزيد من التفتيت الجغرافي والسياسي، ويخلق سوابق خطيرة قد تؤدي إلى انفصال فعلي لمناطق واسعة تحت مسمى الإدارة الذاتية، خاصة في الأطراف الملتهبة مثل دارفور، وجنوب كردفان. شرعية مفقودة وسيادة مهددة بالكاد جفّ حبر إعلان القيادة العليا حتى بدأت شقوق التحالف في الانكشاف، وكأن البنيان السياسي أُسس على رمال الانتهازية لا على صخر الشرعية. هذه الأطماع السلطوية والانشقاقات تؤشر على هشاشة البنية السياسية للتحالف الذي وُلد من رحم أزمة لا من قاعدة جماهيرية صلبة. إن غياب الإجماع الحقيقي بين مكوّناته، واعتمادها على مصالح مؤقتة تتقاطع حول دعم مليشيا الدعم السريع، يجعلان بقاءه مرهونًا بمدى قدرة حميدتي على الحفاظ على نفوذه العسكري والمالي، لا على قوة طرحه السياسي أو جاذبيته الشعبية. الجيش السوداني لم يُبدِ قلقًا مفرطًا، بل وصف الخطوة بأنها مجرد محاولة من مليشيا الدعم السريع للضغط التفاوضي بعد خسائرها الأخيرة، معتبرًا "تأسيس" تكتيكًا أكثر منه مشروعًا طويل الأمد. هذا الموقف ينسجم مع تقييم أغلب الدوائر السياسية التي ترى في التحالف مشروعًا مؤقتًا، لا يحظى باعتراف دولي ولا دعم شعبي حقيقي خارج معسكرات التمرد. إن رد فعل الجيش ينمّ عن ثقة في عدم قدرة "تأسيس" على اختراق جدار الشرعية الدولية والمؤسسية القائمة. إقليميًا، تباينت المواقف لكن الإجماع كان على عدم دعم التحالف الجديد. لم تُبدِ مصر أو إريتريا ترحيبًا، واعتبرتاه خطوة تُضعف محاولات التوسط بين الطرفين، وتدفع السودان نحو الانقسام، وهو ما يهدد استقرار حدودهما. السعودية كانت أكثر وضوحًا، إذ أعلنت رفضها أيَّ حكومة خارج إطار المؤسسات الرسمية، وواصلت دعم مبادرة منبر جدة للحل السياسي، مؤكدة على أهمية وحدة السودان واستقراره للمنطقة. أما الاتحاد الأوروبي ، فرأى في تحالف "تأسيس" تهديدًا مباشرًا لوحدة السودان، وألمح إلى توسيع العقوبات ضد الجهات الداعمة للانقسام، وذلك انسجامًا مع سياسته العامة في دعم الدول المستقرة ومؤسساتها. الموقف الأميركي من "تأسيس" كان حادًا: وزارة الخارجية وصفته بأنه "إنذار بتقسيم فعلي للبلاد"، بينما ضغط الكونغرس لوقف أي دعم عسكري خارجي لمليشيا الدعم السريع. كما أدرجت واشنطن قيادات من المليشيا في قوائم العقوبات، في رسالة واضحة أن "الشرعية لا تُنتزع بالتمرد". الاتحاد الأوروبي تبنّى موقفًا مشابهًا، داعيًا إلى وقف فوري لأي خطوات أحادية نحو تشكيل حكومات موازية. هذا الموقف الغربي يعكس قلقًا عميقًا من تحول السودان إلى دولة فاشلة أو مقسمة، مما قد يزعزع استقرار منطقة الساحل والبحر الأحمر. أما الصين فقد تبنّت نهجًا أقل حدة وأكثر حذرًا. أعربت عن "قلقها" من احتمالات تفكك السودان، لكنها استمرت في دعم مشاريع البنية التحتية. موقف بكين يُمليه أساسًا مصالحها الاقتصادية والاستثمارية الكبيرة في السودان، وتجنبها التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للدول. أما روسيا فكان موقفها الأكثر براغماتية: دعم رسمي للحكومة السودانية، مقابل تقارير غربية عن تزويد مليشيا الدعم السريع بأسلحة عبر شبكات غير رسمية، في تكرار لنهج "توازن النفوذ" الذي تتبناه موسكو في سوريا وليبيا. الاتفاق الأخير حول القاعدة البحرية في بورتسودان عزّز من علاقة روسيا بالجيش، لكنه لا يُلغي تعاملها غير المباشر مع فصائل أخرى لحماية مصالحها الإستراتيجية في المنطقة، مما يجعل موقفها أقرب إلى اللعب على جميع الأطراف. الشرعية الدستورية وصمت القوى المدنية من منظور القانون الدستوري، يمثل تحالف "تأسيس" حالة عصيّة على التطبيع السياسي. فالإعلان عن "مجلس رئاسي" وبرلمان من خارج إطار الشرعية القائمة يُعد مخالفة صريحة لأي مرجعية دستورية سابقة أو لاحقة. لا توجد أي وثيقة قانونية سودانية- منذ الاستقلال- تمنح كيانًا مسلحًا حقّ تشكيل حكومة في غياب تفويض شعبي، أو اعتراف دستوري. بل إن التمرد نفسه، في الأعراف الدولية، لا يمنح قائده الحق في التشريع أو التقسيم أو إعلان الكيانات. وبذلك، فإن "تأسيس" ليس فقط كيانًا خارج القانون، بل يتحدى جوهر الدولة ذاتها، ويحاول كتابة نصوصه بمداد البنادق لا بأقلام الشرعية. إنه يفتح الباب لسوابق خطيرة: أن يُصبح كل من حمل السلاح مؤهلًا لحكم ما تحت قبضته، ولو عبر مسرحية دستورية مفبركة، مما يقوض أي أسس لبناء دولة حديثة قائمة على القانون والمؤسسات. أما القوى المدنية السودانية، فقد وقفت أمام إعلان "تأسيس" في حالة من التردد والانقسام. بعض التيارات مع وقوفها مع التمرد- كتحالف الحرية والتغيير- لكنها لم تجد بدًا من رفض فكرة الحكومة الموازية، واعتبرت الخطوة تهديدًا لمسار الدولة المدنية، ومقدمة لتقسيم البلاد على أسس عسكرية. الحزب الشيوعي كان أكثر حدة، فوصف التحالف بأنه "تحالف انتهازي بين القتلة والانفصاليين"، داعيًا لمواجهته سياسيًا وميدانيًا. بالمقابل، فضّلت بعض الشخصيات المستقلة الصمت، أو أبدت مواقف رمادية تلوّح بـ"ضرورة الحلول السياسية من أي جهة". هذا التباين يكشف عمق الأزمة في الجسم المدني المعارض، حيث لم يعد واضحًا ما إذا كانت وحدة التراب السوداني أولوية، أم إن خصومة بعضهم مع الجيش جعلت من التمرد أهون الشرّين. وهنا يبرز سؤال لا يقل خطورة: هل يُمكن لمعارضة مدنية أن تستعيد المبادرة وهي تراقب المشهد من خلف النوافذ؟ إن صمت أو انقسام القوى المدنية يضعف موقعها التفاوضي، ويقلل من قدرتها على تقديم بديل سياسي موحد ومقبول للشعب السوداني. "تأسيس": قيمة مضافة أم واجهة؟ يبقى السؤال الجوهري: هل يشكّل "تأسيس" قيمة مضافة حقيقية لتمرد مليشيا الدعم السريع، أم مجرد واجهة سياسية محكومٍ عليها بالانهيار؟ من منظور الواقعية السياسية، لم يكن "تأسيس" سوى منصة إسعاف تفاوضي لقوة تخسر الميدان، وتبحث عن مكاسب على الورق حين تتآكل على الأرض. لكنه في الوقت ذاته كشف عن حدود التحالفات الهشة، وعن استحالة فرض نموذج "الحكم الموازي" في ظل الرفض الشعبي، وغياب الشرعية والاعتراف الدولي. الرؤية العلمانية والفدرالية التي يطرحها الحلف قد تروق للغرب نظريًا، لكنها تفقد كل جدواها حين ترتبط بفصيل متهم بارتكاب فظائع ضد المدنيين، مما يضعف أي محاولة لكسب الدعم الأخلاقي أو السياسي المستدام. تشير أغلب التحليلات إلى أن التحالف لن يصمد بوصفه "حكومة ظل"، بل سيُستثمر في مرحلة ما كأداة تفاوضية، قبل أن يُحل أو يُعاد تشكيله ضمن صفقة شاملة. إعلان هذا السيناريو الأكثر ترجيحًا يرى أن التحالف هو ورقة ضغط في يد مليشيا الدعم السريع، تُرفع على طاولة المفاوضات للحصول على مكاسب أكبر، أو لضمان حصة في أي ترتيبات مستقبلية. في أسوئِها، فقد يتحول إلى مقدمة لانفصال سياسي- إداري جديد، خصوصًا في دارفور، ليُعمق بذلك جراح الانقسام ويضيف فصلًا جديدًا من عدم الاستقرار والصراع. إن تحالف "تأسيس" أشبه بمحاولة صبغ الجدران المتهالكة بألوان الدستور واللامركزية، بينما الأساسات قائمة على فوهات البنادق. ليس مشروع دولة بقدر ما هو مرآة لهشاشة التمرد حين يضيق عليه الخناق. إنه محاولة لتدوير الأزمة لا لحلها، لتلميع الخراب لا لبناء بديل. إنه محاولة لتقنين السيطرة عبر واجهات سياسية ودستورية هشّة، تفتقر للقبول المحلي والدولي. وبينما تُصرّ مليشيا الدعم السريع على المضي في بناء حكومتها البديلة، فإن المجتمع الدولي يتعامل معها كـ"جهة متمرّدة" لا كشريك شرعي. وعليه، فإن القيمة الحقيقية لهذا التحالف لا تُقاس بما أُعلن، بل بما قد يُنجزه سياسيًا على طاولة التفاوض.. أو ما قد يُفشل تحقيقه على الأرض. في ضوء هذه التحديات الجسيمة والرفض الدولي، يمكن أن نسأل: ما هي البدائل المتاحة لمليشيا الدعم السريع لضمان أي شكل من أشكال التمثيل السياسي المستقبلي؟

من مجتمع الكادحين إلى خصم المتظاهرين.. كيف فقد وليام روتو شعبيته؟
من مجتمع الكادحين إلى خصم المتظاهرين.. كيف فقد وليام روتو شعبيته؟

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

من مجتمع الكادحين إلى خصم المتظاهرين.. كيف فقد وليام روتو شعبيته؟

بين وعود الحملات، وعدم القدرة على تنفيذها، يواجه الرئيس الخامس لدولة كينيا وليام روتو مستقبلا سياسيا قد لا يضمن له تأمين ولاية ثانية، أو حتى إكمال مأموريته الأولى التي بدأت قبل قرابة 3 سنوات، وشهدت فيها البلاد أحداثا وتوتّرات لم تكن تخطر ببال مئات الآلاف من الشباب الذين كانوا ينتظرون تطوير الاقتصاد وخلق فرص العمل وخفض الأسعار. وعندما أراد روتو خوض الانتخابات الرئاسية والتوجّه إلى الشعب في انتخابات 2022، رفع شعار "مجتمع الكادحين" وقدّم نفسه للناخبين على أنه يحمل هموم البسطاء، وواحد من المتدينين. وأثناء حملته الانتخابية، نزل إلى الشوارع، وحمل صفحات الإنجيل، وأكل الطعام ومشى في الأسواق، فلاقت حملته صدى عند العامة فأطاعوه وصوّتوا له، ولكن بعد وصوله للحكم سرعان ما استخفّ بهم، وقتل أحلامهم بفرض الضرائب، حيث أقرّ برلمانه قانونا مثيرا للضرائب سنة 2024، وألغى دعم الوقود الذي كان الكينيون يعتبرونه حقا مكتسبا لا رجعة فيه. وقرابة السنوات الثلاث الأخيرة التي أمضاها من مأموريته الأولى البالغة 5 سنوات، انشغل روتو بمشاكل حسّاسة مع فريقه الحكومي، وعمل على قلب الطاولة، إذ أراد إبعاد نائبه غاشاجوا، واستقطاب خصمه في الانتخابات رايدلا أودينغا. احتجاجات الشباب في سنة 2024، اقترح روتو إجراءات ضريبية، قال إنها ضرورية لضمان عمل استمرار الحكومة، ومواجهة الأزمات الاقتصادية المتعددة، لكن الحركات الشبابية والقوى الحية، اعتبرت ذلك خيانة للوعود الانتخابية، فخرجت إلى الشوارع ورفعت شعار الاستقالة والرحيل في وجه الرئيس المنتخب حديثا. تعاملت الحكومة مع المظاهرات بشدة، حتى أسفرت أعمال القمع عن مقتل 22 شخصا وفقا للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أغلبهم من فئة الشباب الذين حاولوا اقتحام مقر البرلمان وإحراقه وسط العاصمة. وضمن مبادرة لتهدئة الأوضاع، خرج الرئيس روتو إلى العلن، ووجّه كلمة إلى الأمة في 26 يونيو/حزيران 2024 أعلن فيها أنه لن يوقع على قانون المالية الذي أقرّه البرلمان لزيادة الضرائب، إذ اتضح أن الكينيين لا يرغبون فيه. إعلان وسعيا إلى تهدئة الأوضاع وإنهاء المظاهرات، قال روتو حينها إنه سيفتح حوارا مع الشباب الذي تولّى قيادة الاحتجاجات في أرجاء العاصمة نيروبي. الإفلاس والفساد وأمام دفعة من كلية هارفارد للأعمال، قال الرئيس روتو إنه لن يقود دولة مفلسة، وتحدث عن الجهود التي تبذلها الحكومة في رفع القاعدة الضريبية من أجل تمويل المشاريع الاقتصادية، والتغلّب على أعباء المديونية العامة. ولكن المحتجين يقولون إنهم يريدون تطهير الحكومة من الفساد المتمثل في سرقة الموارد العامة وأنماط الحياة الباذخة التي يعيشها السياسيون رغم مظاهر الفقر على عموم الشعب. ويزداد غضب المتظاهرين بسبب ما يرونه صفقات مستمرة يعقدها روتو، من بينها اتفاق تقدّر قيمته بمليارَي دولار، كان من شأنه أن يمنح السيطرة على المطار الرئيسي في كينيا لمجموعة "أداني" الهندية. وفي نهاية العام الماضي، اضطر روتو إلى إلغاء هذه الصفقة بعد أن تم الكشف عنها بعد شهور من قمع السلطات للاحتجاجات المناهضة للضرائب. وقال الطالب الجامعي بيتر كايرو، البالغ من العمر 21 عاما وأحد المشاركين في الاحتجاجات، إنه لا يتوقع أن تتعامل الحكومة مع قضايا الفساد والمحسوبية التي أثارها المتظاهرون ما لم يقرر الشعب أن يكون متمثلا لقيم التغيير الذي ينشده. وبالنسبة للعديد من الشباب الكيني فإن الإصلاحات الاقتصادية والصفقات التي تتحدث عنها الحكومة، ليست سوى محاولات لتبرير الاختلاس، وكثيرا ما وصفوا الرئيس بأوصاف قادحة منها "اللص" و"السارق". شعار مأمورية واحدة وتزامنت الذكرى الأولى لمظاهرات 2024 مع أزمة مقتل الأستاذ والناشط في مواقع التواصل الاجتماعي في أحد مقرات احتجاز الشرطة في العاصمة نيروبي، بعدما وجّه انتقادات لنائب قائد جهاز الأمن الوطني. وقد أشعلت هذه الحادثة شوارع العاصمة من جديد، حيث رجع المتظاهرون للساحات، لكنهم في هذه المرة رفعوا شعار "وانتام" الذي يشير إلى مأمورية واحدة فقط، وذلك في إشارة إلى أن الرئيس عليه ألا يترشح للانتخابات الرئاسية سنة 2027. وبالنسبة لبعض المتظاهرين الآخرين، فقد رفعوا شعار الخروج من السلطة قبل انتهاء المأمورية الأولى، قائلين إن الرئيس لم يف بالتزاماته، وفشل في تحسين مستوى المعيشة والاقتصاد. وبينما يرى المحتجون أن الخروج إلى الشارع هو السبيل الأمثل لإرغام الحكومة على الرحيل، توعّد وزير الداخلية كيشومبا موركومين بالتصدي للمتظاهرين المعارضين للنظام، مؤكّدا أنه سيتم قمعهم بقوة. وفي وقت سابق من الشهر الماضي، قال روتو إنه لن يرحل عن السلطة، وسيبقى في وطنه مؤكّدا أنه إذا لم تكن كينيا له، فلن تكون لغيره. وفي تعليقه على الاحتجاجات، قال الرئيس إنه إذا تم الاستمرار على هذا النهج، فلن يكون لدى الكينيين وطن، فالبلاد ملك للجميع، داعيا كل الأطراف إلى التهدئة والاستقرار. أزمة الفريق ومنذ أن وصل للسلطة في 2022، دخل روتو في خلاف مع فريقه الحكومي، إذ سعى إلى عزل نائبه غاشاجوا، حتى تم عزله عن طريق البرلمان في أكتوبر/تشرين الأول 2024. وفي سياق متّصل، عمل روتو على ضم منافسه في انتخابات 2022، رايلا أودينغا الذي كان يحظى بدعم الرئيس السابق أهورو كيناتا. إعلان وفي ظل هذه السياقات المتداخلة التي فرّقت بين الرئيس وحلفائه، وجمعته مع خصومه التقليديين، يكون الوضع السياسي في الانتخابات القادمة غير خاضع للقراءات والمؤشرات التي قد تعطي تقييما واضحا بشأن المستقبل السياسي للحكومة الحالية، خاصة مع استمرار المظاهرات التي يتبناها الشارع العام الذي كان له درو كبير في وصول الرئيس روتو إلى سدة لحكم عام 2022.

انقسامات داخل بريكس وبيان مرتقب يدين الإبادة بغزة ويرفض التهجير
انقسامات داخل بريكس وبيان مرتقب يدين الإبادة بغزة ويرفض التهجير

الجزيرة

timeمنذ 9 ساعات

  • الجزيرة

انقسامات داخل بريكس وبيان مرتقب يدين الإبادة بغزة ويرفض التهجير

كشفت وكالة بلومبيرغ أن قادة دول مجموعة بريكس يدرسون إصدار بيان قوي في ختام قمتهم المنعقدة في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية. وبحسب مسودة البيان، فإن دول بريكس تدين العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وعرقلة دخول المساعدات للقطاع، وتدعو لانسحاب كامل من قطاع غزة، ورفض محاولات تهجير الفلسطينيين. وقبل القمة، واجه المفاوضون صعوبة في صياغة بيان مشترك بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، والصراع الإسرائيلي الإيراني، واقتراح إصلاح مجلس الأمن وذلك وفقا لمصدرين طلبا عدم الكشف عن هويتهما. وفي الموضوع الإيراني، تركزت الاختلافات بين دول "بريكس" حول مدى إدانة قصف إسرائيل لإيران، لكن مصدرا دبلوماسيا قال إن النص سيحمل "الرسالة نفسها" التي أعلنتها دول المجموعة الشهر الماضي. وكانت المجموعة قد أعربت عن قلقها البالغ بشأن الضربات ضد إيران، لكنها لم تذكر إسرائيل أو الولايات المتحدة صراحة. وقال شخص مطلع على المفاوضات لرويترز إنه من أجل تجاوز الخلافات بين الدول الأفريقية بخصوص تمثيلها في مجلس الأمن بعد الإصلاح، اتفقت المجموعة على تأييد منح البرازيل والهند مقعدين، مع ترك الباب مفتوحا لتحديد الدولة التي ستمثل مصالح أفريقيا. وقال دبلوماسيون يعكفون على صياغة بيان مشترك إن دول مجموعة بريكس ستواصل أيضا انتقاداتها المستترة لسياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية. وفي أبريل/نيسان، عبّر وزراء خارجية المجموعة عن قلقهم إزاء "إجراءات الحماية الأحادية غير المبررة بما في ذلك الزيادة العشوائية في الرسوم الجمركية المضادة". الإبادة في غزة ومن جهته، دعا الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا -خلال قمة "بريكس" اليوم الأحد- إلى عدم "الاستمرار في تجاهل الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة". وقال دا سيلفا، في كلمته الافتتاحية في القمة، إنه "لا شيء يبرر على الإطلاق الأعمال الإرهابية التي ارتكبتها حماس"، ولكن "لا يمكننا الاستمرار في تجاهل الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، والمجازر بحق مدنيين أبرياء، واستخدام الجوع كسلاح حرب". وأكد أنه "إذا لم تعكس الحوكمة الدولية الواقع الجديد متعدد الأقطاب في القرن الحادي والعشرين فإن الأمر متروك لمجموعة بريكس للمساعدة في تحديثها". ودافع دا سيلفا عن سلامة حدود إيران، بعد أسبوعين من القصف الأميركي لمنشآتها النووية، وسلط الضوء على فشل الحروب التي قادتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. مجموعة بريكس وكانت بريكس تضم في أولى قممها عام 2009 البرازيل وروسيا والهند والصين، قبل إضافة جنوب أفريقيا لاحقا، ثم مصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران والسعودية والإمارات بعضوية كاملة العام الماضي. ولكن قمة اليوم، هي أول قمة للزعماء تحضرها إندونيسيا، في حين أبدى أكثر من 30 دولة اهتمامها بالمشاركة في بريكس بالعضوية الكاملة أو الشراكة. ووفقا لصندوق النقد الدولي، يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لأعضاء بريكس الخمسة الأساسيين، وهم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، 28 تريليون دولار، بينما يزيد ناتج دول مجموعة السبع على 51 تريليون دولار. ويضيف توسع بريكس ثقلا دبلوماسيا للمجموعة التي تطمح إلى التحدث باسم الدول النامية في جميع أنحاء الجنوب العالمي، مما يعزز الدعوات لإصلاح مؤسسات عالمية مثل مجلس الأمن وصندوق النقد الدوليين. وتمثل بريكس الآن 45% من سكان العالم، وكان لبنك غولدمان ساكس السبق في طرح فكرة تأسيس هذه المجموعة قبل عقدين من الزمن، عندما تحدث في تقرير له عن النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين وغيرها من الأسواق الناشئة الرئيسية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store