logo
من مجتمع الكادحين إلى خصم المتظاهرين.. كيف فقد وليام روتو شعبيته؟

من مجتمع الكادحين إلى خصم المتظاهرين.. كيف فقد وليام روتو شعبيته؟

الجزيرةمنذ 2 أيام
بين وعود الحملات، وعدم القدرة على تنفيذها، يواجه الرئيس الخامس لدولة كينيا وليام روتو مستقبلا سياسيا قد لا يضمن له تأمين ولاية ثانية، أو حتى إكمال مأموريته الأولى التي بدأت قبل قرابة 3 سنوات، وشهدت فيها البلاد أحداثا وتوتّرات لم تكن تخطر ببال مئات الآلاف من الشباب الذين كانوا ينتظرون تطوير الاقتصاد وخلق فرص العمل وخفض الأسعار.
وعندما أراد روتو خوض الانتخابات الرئاسية والتوجّه إلى الشعب في انتخابات 2022، رفع شعار "مجتمع الكادحين" وقدّم نفسه للناخبين على أنه يحمل هموم البسطاء، وواحد من المتدينين.
وأثناء حملته الانتخابية، نزل إلى الشوارع، وحمل صفحات الإنجيل، وأكل الطعام ومشى في الأسواق، فلاقت حملته صدى عند العامة فأطاعوه وصوّتوا له، ولكن بعد وصوله للحكم سرعان ما استخفّ بهم، وقتل أحلامهم بفرض الضرائب، حيث أقرّ برلمانه قانونا مثيرا للضرائب سنة 2024، وألغى دعم الوقود الذي كان الكينيون يعتبرونه حقا مكتسبا لا رجعة فيه.
وقرابة السنوات الثلاث الأخيرة التي أمضاها من مأموريته الأولى البالغة 5 سنوات، انشغل روتو بمشاكل حسّاسة مع فريقه الحكومي، وعمل على قلب الطاولة، إذ أراد إبعاد نائبه غاشاجوا، واستقطاب خصمه في الانتخابات رايدلا أودينغا.
احتجاجات الشباب
في سنة 2024، اقترح روتو إجراءات ضريبية، قال إنها ضرورية لضمان عمل استمرار الحكومة، ومواجهة الأزمات الاقتصادية المتعددة، لكن الحركات الشبابية والقوى الحية، اعتبرت ذلك خيانة للوعود الانتخابية، فخرجت إلى الشوارع ورفعت شعار الاستقالة والرحيل في وجه الرئيس المنتخب حديثا.
تعاملت الحكومة مع المظاهرات بشدة، حتى أسفرت أعمال القمع عن مقتل 22 شخصا وفقا للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أغلبهم من فئة الشباب الذين حاولوا اقتحام مقر البرلمان وإحراقه وسط العاصمة.
وضمن مبادرة لتهدئة الأوضاع، خرج الرئيس روتو إلى العلن، ووجّه كلمة إلى الأمة في 26 يونيو/حزيران 2024 أعلن فيها أنه لن يوقع على قانون المالية الذي أقرّه البرلمان لزيادة الضرائب، إذ اتضح أن الكينيين لا يرغبون فيه.
إعلان
وسعيا إلى تهدئة الأوضاع وإنهاء المظاهرات، قال روتو حينها إنه سيفتح حوارا مع الشباب الذي تولّى قيادة الاحتجاجات في أرجاء العاصمة نيروبي.
الإفلاس والفساد
وأمام دفعة من كلية هارفارد للأعمال، قال الرئيس روتو إنه لن يقود دولة مفلسة، وتحدث عن الجهود التي تبذلها الحكومة في رفع القاعدة الضريبية من أجل تمويل المشاريع الاقتصادية، والتغلّب على أعباء المديونية العامة.
ولكن المحتجين يقولون إنهم يريدون تطهير الحكومة من الفساد المتمثل في سرقة الموارد العامة وأنماط الحياة الباذخة التي يعيشها السياسيون رغم مظاهر الفقر على عموم الشعب.
ويزداد غضب المتظاهرين بسبب ما يرونه صفقات مستمرة يعقدها روتو، من بينها اتفاق تقدّر قيمته بمليارَي دولار، كان من شأنه أن يمنح السيطرة على المطار الرئيسي في كينيا لمجموعة "أداني" الهندية.
وفي نهاية العام الماضي، اضطر روتو إلى إلغاء هذه الصفقة بعد أن تم الكشف عنها بعد شهور من قمع السلطات للاحتجاجات المناهضة للضرائب.
وقال الطالب الجامعي بيتر كايرو، البالغ من العمر 21 عاما وأحد المشاركين في الاحتجاجات، إنه لا يتوقع أن تتعامل الحكومة مع قضايا الفساد والمحسوبية التي أثارها المتظاهرون ما لم يقرر الشعب أن يكون متمثلا لقيم التغيير الذي ينشده.
وبالنسبة للعديد من الشباب الكيني فإن الإصلاحات الاقتصادية والصفقات التي تتحدث عنها الحكومة، ليست سوى محاولات لتبرير الاختلاس، وكثيرا ما وصفوا الرئيس بأوصاف قادحة منها "اللص" و"السارق".
شعار مأمورية واحدة
وتزامنت الذكرى الأولى لمظاهرات 2024 مع أزمة مقتل الأستاذ والناشط في مواقع التواصل الاجتماعي في أحد مقرات احتجاز الشرطة في العاصمة نيروبي، بعدما وجّه انتقادات لنائب قائد جهاز الأمن الوطني.
وقد أشعلت هذه الحادثة شوارع العاصمة من جديد، حيث رجع المتظاهرون للساحات، لكنهم في هذه المرة رفعوا شعار "وانتام" الذي يشير إلى مأمورية واحدة فقط، وذلك في إشارة إلى أن الرئيس عليه ألا يترشح للانتخابات الرئاسية سنة 2027.
وبالنسبة لبعض المتظاهرين الآخرين، فقد رفعوا شعار الخروج من السلطة قبل انتهاء المأمورية الأولى، قائلين إن الرئيس لم يف بالتزاماته، وفشل في تحسين مستوى المعيشة والاقتصاد.
وبينما يرى المحتجون أن الخروج إلى الشارع هو السبيل الأمثل لإرغام الحكومة على الرحيل، توعّد وزير الداخلية كيشومبا موركومين بالتصدي للمتظاهرين المعارضين للنظام، مؤكّدا أنه سيتم قمعهم بقوة.
وفي وقت سابق من الشهر الماضي، قال روتو إنه لن يرحل عن السلطة، وسيبقى في وطنه مؤكّدا أنه إذا لم تكن كينيا له، فلن تكون لغيره.
وفي تعليقه على الاحتجاجات، قال الرئيس إنه إذا تم الاستمرار على هذا النهج، فلن يكون لدى الكينيين وطن، فالبلاد ملك للجميع، داعيا كل الأطراف إلى التهدئة والاستقرار.
أزمة الفريق
ومنذ أن وصل للسلطة في 2022، دخل روتو في خلاف مع فريقه الحكومي، إذ سعى إلى عزل نائبه غاشاجوا، حتى تم عزله عن طريق البرلمان في أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وفي سياق متّصل، عمل روتو على ضم منافسه في انتخابات 2022، رايلا أودينغا الذي كان يحظى بدعم الرئيس السابق أهورو كيناتا.
إعلان
وفي ظل هذه السياقات المتداخلة التي فرّقت بين الرئيس وحلفائه، وجمعته مع خصومه التقليديين، يكون الوضع السياسي في الانتخابات القادمة غير خاضع للقراءات والمؤشرات التي قد تعطي تقييما واضحا بشأن المستقبل السياسي للحكومة الحالية، خاصة مع استمرار المظاهرات التي يتبناها الشارع العام الذي كان له درو كبير في وصول الرئيس روتو إلى سدة لحكم عام 2022.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رئيس جنوب السودان يقيل قائد الجيش بعد 7 أشهر من تعيينه
رئيس جنوب السودان يقيل قائد الجيش بعد 7 أشهر من تعيينه

الجزيرة

timeمنذ 19 دقائق

  • الجزيرة

رئيس جنوب السودان يقيل قائد الجيش بعد 7 أشهر من تعيينه

بثت الإذاعة الرسمية في دولة جنوب السودان إعلانا جاء فيه أن الرئيس سلفاكير ميارديت أقال قائد الجيش بول نانق مجوك بعد 7 أشهر من توليه المنصب، وعيّن داو أتورقونق بديلا له. ولم يذكر الإعلان -الذي صدر في وقت متأخر من أمس الاثنين- أي سبب لإقالة مجوك، الذي شغل المنصب منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي. وتولى مجوك قيادة الجيش عندما كان القتال محتدما مع الجيش الأبيض، وهي مليشيا عرقية تتألف في معظمها من شبان قبيلة النوير، مما أدى إلى اندلاع الأزمة السياسية الأحدث في البلاد. وقال المتحدث باسم الجيش لول رواي إن "العادة جرت على أنه عندما يتم التعيين أو النقل إلى مهام أخرى لا يتم ذكر أسباب للتعيين ولا للإعفاء. هذا أمر طبيعي". وانفصل جنوب السودان بموجب اتفاق أُبرم عام 2018 وأنهى الصراع الذي استمر5 سنوات وأودى بحياة مئات الآلاف، لكن العنف بين قبائل متناحرة ينشب على نحو متكرر. وفي مارس/آذار الماضي، تم وضع ريك مشار النائب الأول للرئيس قيد الإقامة الجبرية، مما أثار مخاوف من تجدد الصراع. وبرر تلك الخطوة وزير الإعلام مايكل مكوي بـ"اتصال مشار بأنصاره وتحريضهم على التمرد ضد الحكومة بهدف تعطيل السلام حتى لا تجرى الانتخابات ويعود جنوب السودان إلى الحرب". وكان حزب مشار قد نفى -في وقت سابق- اتهامات الحكومة له بدعم الجيش الأبيض الذي اشتبك مع الجيش في بلدة الناصر شمال شرق البلاد مارس/آذار الماضي. وفي مايو/أيار الماضي، قال جيش جنوب السودان إنه "استعاد السيطرة على البلدة من الجيش الأبيض".

هدوء نسبي في نيروبي بعد احتجاجات دامية بذكرى "سابا سابا"
هدوء نسبي في نيروبي بعد احتجاجات دامية بذكرى "سابا سابا"

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

هدوء نسبي في نيروبي بعد احتجاجات دامية بذكرى "سابا سابا"

عاد الهدوء إلى العاصمة نيروبي وعدد من المدن الكينية، غداة احتجاجات عنيفة شهدت صدامات بين محتجين وقوات الأمن، أوقعت قتلى وجرحى، وسط استنفار أمني واسع. وتزامنت هذه الاحتجاجات مع إحياء ذكرى يوم "سابا سابا" الذي يمثل محطة فارقة في نضال الكينيين من أجل التعددية السياسية. غير أن مشاهد العنف -التي رافقت ذكرى هذا العام- سلطت الضوء على عمق الأزمة السياسية والاجتماعية التي تمر بها البلاد. ذكرى تتحول إلى مأساة في 7 يوليو/تموز 1990، خرج آلاف الكينيين إلى الشوارع مطالبين بإنهاء الحكم الاستبدادي للرئيس الأسبق دانيال أراب موي، والتأسيس لتعددية حزبية، مما أدى إلى اعتقال شخصيات معارضة بارزة وسقوط ضحايا، لتسجل تلك الاحتجاجات كأحد أبرز المنعطفات في مسار الديمقراطية الكينية. وتكرر المشهد في الذكرى رقم 35 لهذا الحدث، فقد اتسمت باحتجاجات حاشدة في عدة مدن، قُتل خلالها 11 شخصًا وأصيب نحو 30 آخرين، بحسب اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان. استنفار أمني وردود متباينة أغلقت قوات الأمن مداخل العاصمة نيروبي، وفرضت طوقا أمنيا على الطرق الرئيسة، ولجأت إلى استخدام الغاز المدمع والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين. وشهدت بعض المناطق أعمال عنف ونهب طالت ممتلكات عامة وخاصة، من بينها مستشفى كيتينغيلا الذي تعرض لهجوم أثار موجة استنكار واسعة. وأعلنت الشرطة عن مقتل 11 شخصا وإصابة 63 آخرين، واعتقال أكثر من 560، مشيرة إلى تورط "عصابات إجرامية" بأحداث العنف، داعية المواطنين للتعاون في تقديم معلومات حول الضالعين فيها. ودافعت الحكومة عن إجراءاتها الأمنية، إذ أكد وزير الداخلية كيبشومبا موركومن أن التدخل جاء لحماية الأرواح والممتلكات. في المقابل، طالب نواب من البرلمان بمحاكمة منظمي الاحتجاجات بتهم "الإرهاب المحلي" والإضرار بالاقتصاد الوطني. كما دعا كيثوري كينديكي نائب الرئيس الكيني إلى الحوار بين المعارضة والحكومة لحل مشكلة المظاهرات المتكررة التي تشهدها البلاد. ومن جانبه، دعا الزعيم السياسي البارز رايلا أودينغا إلى عقد "مؤتمر وطني" لبحث سبل إصلاح جهاز الشرطة وتعزيز الشفافية والمساءلة، محذرا من أن العلاقة بين الأمن والمواطنين وصلت مستويات غير مسبوقة من التوتر. إعلان الإعلام الكيني ومرآة الانقسام السياسي عكست تغطية الصحافة الكينية للاحتجاجات الأخيرة حالة الانقسام السياسي الحاد، وتباين المواقف من أداء السلطات الأمنية. فقد اختارت صحيفة "ستاندرد" عنوانا لافتا على صفحتها الأولى "قوة غاشمة لحكومة خائفة" في نقد حاد لطريقة تعاطي السلطات مع المتظاهرين، معتبرة أن الإفراط في استخدام القوة يعكس تراجع الثقة السياسية والاستجابة للمطالب الشعبية. أما صحيفة "ديلي نيشن" فتبنت نبرة متحفظة تحت عنوان "انقسام كبير" في إشارة إلى التباين في حدة المواجهات بين المناطق الكينية، وهو ما يعكس التوتر المتزايد بين الحكومة والمعارضة من دون إبداء موقف صريح. وفي المقابل، توجهت صحيفة "ديلي بيبول" بلغة أكثر حدة، وعنونت صفحتها بـ"نظام قاتل" محملة السلطات مسؤولية سقوط الضحايا، في موقف يعكس تصاعد الانتقادات ضمن وسائل الإعلام المحسوبة على المعارضة. أزمة تتجاوز الذكرى وترى أوساط سياسية ومدنية أن أحداث "سابا سابا" الأخيرة تعكس تصاعد الاحتقان الشعبي إزاء الأوضاع الاقتصادية وضعف الثقة بالأجهزة الأمنية، في حين أثار استهداف منشآت صحية تساؤلات جدية بشأن مستقبل الحريات المدنية في كينيا. وأمام هذا المشهد المتأزم، تجد كينيا نفسها على مفترق طرق: بين تشديد حكومي على حفظ الأمن، ودعوات معارضة لإصلاحات هيكلية شاملة قد تعيد رسم العلاقة بين الدولة والمجتمع في المرحلة المقبلة.

جلسة حاسمة بكيغالي.. فيكتوار إينغابير أمام القضاء مجددا
جلسة حاسمة بكيغالي.. فيكتوار إينغابير أمام القضاء مجددا

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

جلسة حاسمة بكيغالي.. فيكتوار إينغابير أمام القضاء مجددا

تمثل المعارِضة الرواندية فيكتوار إينغابير صباح الثلاثاء الثامن من يوليو/تموز الجاري أمام محكمة كيتشيكيرو الابتدائية في العاصمة كيغالي، للنظر في طلب النيابة تمديد احتجازها الاحتياطي، بحسب ما أفادت صحيفة "نيو تايمز" المحلية. وتأتي الجلسة بعد اعتقال إينغابير في 19 يونيو/حزيران الماضي، بناء على اتهامات تتعلق بنشر معلومات مضللة و"دعاية تحريضية تهدف إلى خلق رأي عدائي دولي ضد حكومة رواندا"، وفقا لما أعلنته هيئة الادعاء العام. وكانت إينغابير، التي تقود حزب "دالفا-أومورينزي" غير المسجّل، قد قضت 15 عاما في السجن بتهم التحريض وتشكيل جماعة مسلحة والتقليل من شأن الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا عام 1994، قبل أن تُفرج عنها السلطات عام 2018 بقرار من الرئيس بول كاغامي، الذي قضى بتخفيض العقوبة. وترتبط القضية الجديدة بمحاكمة مستمرة في البلاد تشمل 10 متهمين، بينهم الناشط على "يوتيوب" ثيونست نسينغيمانا والمتهم سيلفان نسابيمانا، الذي يُشتبه في أنه حرّك مجموعة كانت تُخطط لتقويض النظام القائم. وتشير لائحة الاتهام إلى أن المتهم أرسين سيبومانا لعب دورا محوريا في تنسيق برنامج تدريبي يُزعم أنه كان يهدف إلى إعداد المشاركين على أساليب "المقاومة غير العنيفة"، وذلك عبر دروس أُعلن أنها لتعليم اللغة الإنجليزية، استخدمت فيها مواد من كتاب "خطة للثورة" للناشط الصربي سرديا بوبوفيتش.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store