logo
الصناعة الألمانية تنتعش قبيل تطبيق الرسوم الأميركية

الصناعة الألمانية تنتعش قبيل تطبيق الرسوم الأميركية

الجزيرةمنذ يوم واحد
في مفاجأة غير متوقعة، سجّلت الصناعة الألمانية انتعاشًا ملحوظًا خلال شهر مايو/أيار الماضي، مدفوعة بمسارعة الشركات إلى زيادة الإنتاج تحسّبًا لفرض رسوم جمركية أميركية جديدة تهدد الصادرات إلى الولايات المتحدة.
فقد أعلن مكتب الإحصاء الألماني اليوم الاثنين، أن إنتاج القطاع الصناعي ارتفع بنسبة 1.2% مقارنة بشهر أبريل/نيسان، مخالفًا التوقعات التي رجّحت انخفاضًا بنسبة 0.2% فقط، بحسب استطلاع شمل عددًا من الاقتصاديين.
وشملت الزيادة قطاعات رئيسية مثل صناعة السيارات، والأدوية، والطاقة.
سباق قبل الموعد الحاسم
هذا التعافي اللافت يُعزى -بحسب بلومبيرغ- إلى اندفاع الشركات الألمانية نحو إنجاز الطلبيات التصديرية بسرعة قبل حلول موعد 9 يوليو/تموز، وهو الموعد النهائي الذي حددته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإبرام اتفاقيات تجارية جديدة مع الدول الشريكة، قبل أن يبدأ تطبيق رسوم جمركية مشددة.
وبينما منحت هذه الديناميكية بداية قوية للاقتصاد الألماني في 2025، فإن التوقعات لبقية العام تبقى قاتمة.
ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، يتوقع لها، على أفضل تقدير، أن تكون في طريقها إلى الركود الفني، بعد عامين متتاليين من الانكماش الاقتصادي.
تحذيرات رسمية من انكماش ممتد
وفي كلمة ألقاها في مدينة تالين بإستونيا، قال رئيس البنك المركزي الألماني (بوندسبنك) يواكيم ناغل إن الوضع "لا يزال متقلبًا"، مشيرًا إلى أن التصعيد أو التهدئة في التوترات التجارية مع واشنطن"ممكنان في أي لحظة".
وأضاف: "إذا تفاقم الصراع التجاري، فإن الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا قد يتراجع بما يصل إلى 1.5 نقطة مئوية بحلول عام 2027″.
ورغم أن موعد 9 يوليو/تموز لم يحل بعد، فإن الشركات الألمانية بدأت تستعد فعليًا لعلاقة تجارية أكثر تعقيدًا مع الولايات المتحدة، فبعض الشركات الكبرى، مثل "مرسيدس-بنز"، أجرت لقاءات غير رسمية بمسؤولين أميركيين بعيدًا عن قنوات التفاوض الرسمية في بروكسل، في إشارة إلى قلقها من تأثير هذه الرسوم على عملياتها المستقبلية.
تضارب المؤشرات وقلق داخلي
وبينما يُظهر مؤشر الإنتاج الصناعي هذا الانتعاش، كشف تقرير آخر يوم الجمعة، عن انخفاض في الطلبيات الصناعية بنسبة 1.4% خلال مايو/أيار، وهو التراجع الأول منذ أربعة أشهر، وأكبر مما كان متوقعًا، ما يعكس هشاشة الوضع الصناعي عموما.
من جهتها، أصدرت وزارة الاقتصاد الألمانية بيانًا حذّرت فيه من أن مستقبل الإنتاج الصناعي الصيفي سيعتمد بشكل كبير على تطورات البيئة التجارية والجيوسياسية، مؤكدة أن "التطورات المقبلة تتّسم بدرجة عالية من عدم اليقين".
هل هناك بارقة أمل؟
ورغم كل هذه المؤشرات المقلقة، عبّر ناغل عن تفاؤل حذر بشأن احتمالات النمو المحدود، "إن الأداء القوي في بداية العام -بنمو فصلي بـ 0.4%- قد يمهّد الطريق لـزيادة سنوية طفيفة". لكنه نبّه إلى أن هذا النمو الطفيف سيمثّل "ثلاث سنوات متتالية من التوسع الاقتصادي الهزيل".
وبهذا السياق، يُجمع الخبراء الذين تحدثت إليهم بلومبيرغ، أن الاقتصاد الألماني يسير على حافة الخطر، بين فرص التصدير المهددة والرسوم الأميركية المحتملة، ما يدفع الشركات والسلطات على حد سواء إلى البحث عن بدائل سريعة ومبتكرة قبل أن يغلق النافذة الضريبية الأميركية بشكل كامل.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حزب ماسك الجديد والتحدي الصادم لترامب
حزب ماسك الجديد والتحدي الصادم لترامب

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

حزب ماسك الجديد والتحدي الصادم لترامب

يبدو أن الخلاف السياسي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك قد وصل إلى مرحلةٍ بعيدةٍ من التصعيد، على الرغم من محاولات التهدئة بين الرجلَين في الأسابيع السابقة. عاد ماسك مجدّدًا إلى التنديد بسياسات ترامب الاقتصادية ومعارضته القوية لقانونه "الكبير الجميل"، ‏المجاز أخيرًا – بعد شدٍّ وجذبٍ استمر عدة أشهر – من قبل الكونغرس الأميركي، قبل توقيع الرئيس ترامب عليه في الرابع من يوليو/ تموز الجاري. لم يكن أكثر المراقبين السياسيين تفاؤلًا في المشهد السياسي الأميركي يعتقد استمرار الصداقة الشخصية بين ترامب وماسك -الأكثر ثراءً في العالم- أكثر من ستة أشهر، وذلك لعدّة أسباب، منها ما يتعلق بالطبيعة السيكولوجية لكلا ‏الرجلين، وكذلك لخلفياتهما المختلفة في مجالي التجارة والسياسة. ظهرت بوادر الخلاف بين الرجلين فيما يتعلق ‏بالقانون الجديد "الكبير الجميل"، حيث سعى ترامب من خلاله إلى تنفيذ وعوده الانتخابية المتعلّقة بتخفيض الضرائب والتشدّد في قضايا الهجرة غير الشرعية، وغيرها من القضايا الاقتصادية والاجتماعية الأخرى. تكمن نقطة الخلاف بين الرجلين حول التأثير السلبي لهذا القانون في زيادة عجز الميزانية الأميركية السنوي، ومن ثمّ زيادة الدين العام الأميركي -‏المتوقّع ‏أن يصل بسبب إجازة هذا القانون إلى حوالي 4 تريليونات دولار أميركي-، ممّا سيزيد من أزمة الدين الأميركي العام الذي يبلغ حاليًا أكثر من 37 تريليون دولار أميركي. حاول ماسك جسّ نبض الشارع الأميركي -خصوصًا جمهوره العريض في منصته الاجتماعية المؤثّرة إكس- ‏من خلال إجراء استبانة ‏اجتماعية حول مدى رغبة الأميركيين في رؤية حزب أميركي ثالث ينافس الحزبين الرئيسيين في البلاد -الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي- ليعيد الأمور السياسية إلى نصابها ‏بعيدًا عن هيمنة هذين الحزبين. ولمّا كانت نتيجة الاستبانة مؤيدةً لإنشاء حزب أميركي ثالث، أعلن ماسك إنشاء الحزب الجديد تحت مسمّى "حزب أميركا"، ليشكّل بذلك مرحلة جديدة في نشاطه السياسي بعد دعمه اللامحدود -قبل خصومته الآن- للرئيس ترامب في الانتخابات الرئاسية السابقة. ولكن يبقى السؤال الآن: هل سينجح ماسك هذه المرة في إنشاء حزبٍ ثالثٍ ينافس الحزبين الرئيسيين الأميركيين، وينهي هيمنتهما على السياسة الأميركية لحوالي قرنين من الزمان، أم إن هذا الإعلان عبارة عن نزوة غضبٍ لرجلٍ ثريّ سرعان ما تتلاشى ويعود الحال إلى ما كان عليه؟ ليست المرّة الأولى ليست هذه هي المرة الأولى التي تطفو فيها على السطح بوادر الرغبة الشعبية لإنشاء حزب سياسي أميركي ثالث، فهنالك العشرات من الأحزاب السياسية الأميركية، بعضها على مستوى الولايات، وبعضها على المستوى الفدرالي العام، ولكنّها لم تشكّل أبدًا خطورة كبيرة على نظام الحزبين الأميركيين. ولعلّ الانتخابات الرئاسية لعامي 1992 و2000 كانتا من ‏الحالات القليلة في التاريخ الحديث الأميركي التي كان لمرشح الحزب الثالث دورٌ في التأثير على نتائجها. حصل المرشح الأميركي الثالث روس بيرو على حوالي 19% من إجمالي أصوات الناخبين الأميركيين، مما أسهم كثيرًا في فوز الرئيس كلينتون وهزيمة الرئيس جورج بوش الأب، ‏على الرغم من الانتصارات العسكرية التي حقّقها ‏الأخير في حرب الخليج الثانية في عام 1991. أما المرة الثانية، فقد كانت في الانتخابات الرئاسية لعام 2000، حيث اتّهم الديمقراطيون المرشح الأميركي لحزب الخضر، رالف نادر -وهو من أصول عربية- بالتسبّب في هزيمة مرشحهم للرئاسة آل غور. وعلى الرغم من وجود العشرات من الأحزاب الأميركية، فإن حظوظها الانتخابية ظلّت ضئيلةً تمامًا، وذلك لعدة أسباب مؤسسية وسياسية تعيق ظهور حزب ثالث منافس للحزبين الرئيسيين. العوائق المؤسسية وقانون "دوفيرجيه" من أكبر العوائق المؤسسيّة لظهور حزب ثالث أميركي منافس للحزبين الرئيسيين أمرٌ يتعلق بالقوانين الانتخابية التي تحدّد عملية حساب الفائز في الانتخابات الأميركية، وتأثيرها كذلك في عملية تحديد التمثيل النيابي في الكونغرس الأميركي. ‏اكتشف عالم السياسة الفرنسي موريس دوفيرجيه قانونًا انتخابيًا يُعرف بـ"قانون دوفيرجيه"، حيث ينصّ هذا القانون على أن تبنّي نظام سياسي للدائرة الانتخابية الواحدة التي تتبع قاعدة ‏فوز المرشح صاحب أكبر الأصوات -حتى ولو لم تكن غالبية أصوات الناخبين تؤيده- ‏سيؤدي في نهاية المطاف إلى نشأة نظام الحزبين الرئيسيين، مما يعني صعوبة ظهور حزب ثالث منافس لهما في الانتخابات. فعلى سبيل المثال، إذا كان هنالك خمسة مرشحين في دائرة انتخابية واحدة، وكانت نسبة المرشح صاحب أعلى الأصوات هي 20٪، فستكون النتيجة طبقًا لهذا النظام الانتخابي هي فوزه بهذه الدائرة الانتخابية، على الرغم من وجود 80٪ من الناخبين الذين لم يصوّتوا له. ‏اعتقد دوفيرجيه أن الناخبين عادةً سيتجنبون التصويت لمرشحي الأحزاب الصغيرة، لإدراكهم أن فوزهم سيكون شبه مستحيل، وبالتالي يعتبرون التصويت لهذه الأحزاب الصغيرة هو في الحقيقة "إهدار" لأصواتهم، مما يعزّز غالبًا فرص فوز الحزبين الرئيسيين، وبالتالي يصبح النظام الحزبي في البلاد هو نظام الحزبين المسيطرين. ولمعالجة مشكلة "إهدار" أصوات الناخبين هذه، تحرص بعض الديمقراطيات الغربية الأخرى، مثل فرنسا، على اشتراط حصول المرشح في الانتخابات الرئاسية على نسبة الأغلبية البسيطة (50٪+1) حتى يكون الفائز في الانتخابات ممثّلًا للأغلبية الشعبية. ‏وكذلك تتبنى كثير من الديمقراطيات الغربية البرلمانية نظام التمثيل النسبي ‏لمعالجة مشكلة "إهدار" أصوات الناخبين، وتمكين الأحزاب الصغيرة من التمثيل النيابي. ‏وعليه، من الصعوبة بمكان ظهور حزب ثالث قوي في فترة وجيزة في الولايات المتحدة الأميركية، ما دام النظام الانتخابي كما هو عليه الآن -لا يتطلب الأغلبية البسيطة للفوز بالانتخابات. وبالتالي، لا يوجد حافز سياسي للحزبين الرئيسيين في أميركا -الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي- في تغيير قواعد الانتخابات الأميركية، وذلك لمصلحتهما الخاصة في بقاء هذا النظام، وإبعاد شبح ظهور حزب ثالث منافس لهما. هل تساعد أموال ماسك في ظهور حزب ثالث؟ لا شك أن للمال دورًا كبيرًا في التأثير على آراء المواطنين الأميركيين، من خلال الحملات الإعلامية الانتخابية، وكذلك من خلال إنشاء مكاتب ‏حزبية وتمويل جيوش المتطوعين، ويُعْرف دائمًا في الولايات المتحدة أن الحزب السياسي الذي يجمع مالًا أكثر، هو ‏الحزب الأكثر حظًا في الفوز في الانتخابات. لذلك، تبدو خطورة دعوة ماسك في قدرته المالية الضخمة، وكذلك في امتلاكه منصة إعلامية مهمة في تحريك المؤيدين لإنشاء حزب سياسي ثالث قوي وفعّال. ولعلها ستكون هذه هي المرة الأولى في التاريخ الحديث للولايات المتحدة الأميركية التي يتبنّى فيها رجلٌ ثريّ مثل ماسك مشروعًا سياسيًا يستطيع تمويله تمويلًا كاملًا بنفسه، خاصةً بعد تجربته الناجحة في تمويل حملة ترامب في الانتخابات الرئاسية السابقة. كما يمتلك ماسك أيضًا وسيلة تواصل اجتماعي فعّالة جدًا، وهي منصة "إكس"، التي من خلالها يستطيع تعبئة المؤيدين له تعبئةً مباشرةً دون إنفاق الكثير من الأموال في ذلك. ولكن في المقابل، هل سيصمت الرئيس ترامب ويترك ماسك يفعل ما يشاء، أم سيحاول إلغاء العقود الفدرالية لشركات ماسك، وربما ذهب بعيدًا في ملاحقته قضائيًا في قضايا أخرى تتعلق بشركاته أو بملفه الشخصي للحصول على الجنسية الأميركية؟ والجدير بالإشارة هنا أن المستشار السابق للرئيس ترامب، ستيف بانون، قد بادر على الفور إلى مهاجمة ماسك، متهمًا إياه بمحاولة طعن الحركة الشعبية المؤيدة لترامب في الظهر، مجدّدًا ‏في الوقت نفسه الدعوة لتجريد ماسك من الجنسية الأميركية، وترحيله إلى بلده الأم في جنوب أفريقيا. لا شك أن دعوة إنشاء حزب جديد ستواجه عوائق أخرى، تتمثّل في صعوبة الإجراءات المختلفة من ولاية إلى أخرى، فيما يتعلق بإنشاء قوائم المرشحين في الانتخابات، نتيجةً للقيود المفروضة أحيانًا في عمليات الترشيح في معظم الولايات الأميركية. ولكن تستطيع أموال ماسك تجاوز هذه العقبات، من خلال الاستعانة ‏بمكاتب المحاماة العريقة، وتمويل العمليات السياسية الضرورية لذلك. ‏تقوم إستراتيجية ماسك على استهداف أعضاء الحزب الجمهوري المؤيدين لهذا التشريع "الكبير الجميل"، خاصة في الدوائر الانتخابية المناهضة لهذا التشريع في الانتخابات التشريعية القادمة سنة 2026. ‏ ومتى ما نجح ماسك في إنشاء هذا الحزب، والحصول حتى على عشرة مقاعد على الأقل في مجلس النواب الأميركي في الانتخابات القادمة، فإنه بلا شك سيكون نجاحًا منقطع النظير في ترجيح أي كفة تشريعية، وذلك نسبة للفوارق الضئيلة في عدد المقاعد بين الحزبين: الديمقراطي والجمهوري. ومن المفارقات السياسية أن ماسك -مؤسس الحزب الجديد- لن يستطيع الترشح للرئاسة الأميركية، لكونه غير مولود في الولايات المتحدة، وهو شرط أساسي في أهلية المرشحين للرئاسة الأميركية. ‏ما يزال الطريق شائكًا أمام ماسك في إنشاء حزبه الجديد وتشكيل مكاتبه وفروعه في الولايات المختلفة، ولكن ربما ‏ذلّلت أموال الثري الأميركي له الصعاب ‏وحشدت له المؤيدين لهذه الفكرة القديمة المتجدّدة. ‏ولكن، هل سيكون ماسك سخيًا في دعم فكرته، ‏مهما كلّفته من أموال، أم سيصيبه الإحباط سريعًا ويتخلى عنها لتصبح نزوة غضب عابرة لأغنى أثرياء العالم؟

هل أسس ماسك حزبه تحدياً لترامب؟ وهل سينجح؟
هل أسس ماسك حزبه تحدياً لترامب؟ وهل سينجح؟

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

هل أسس ماسك حزبه تحدياً لترامب؟ وهل سينجح؟

يبدو أن الخلاف السياسي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك قد وصل إلى مرحلةٍ بعيدةٍ من التصعيد، على الرغم من محاولات التهدئة بين الرجلَين في الأسابيع السابقة. عاد ماسك مجدّدًا إلى التنديد بسياسات ترامب الاقتصادية ومعارضته القوية لقانونه "الكبير الجميل"، ‏المجاز أخيرًا – بعد شدٍّ وجذبٍ استمر عدة أشهر – من قبل الكونغرس الأميركي، قبل توقيع الرئيس ترامب عليه في الرابع من يوليو/ تموز الجاري. لم يكن أكثر المراقبين السياسيين تفاؤلًا في المشهد السياسي الأميركي يعتقد استمرار الصداقة الشخصية بين ترامب وماسك -الأكثر ثراءً في العالم- أكثر من ستة أشهر، وذلك لعدّة أسباب، منها ما يتعلق بالطبيعة السيكولوجية لكلا ‏الرجلين، وكذلك لخلفياتهما المختلفة في مجالي التجارة والسياسة. ظهرت بوادر الخلاف بين الرجلين فيما يتعلق ‏بالقانون الجديد "الكبير الجميل"، حيث سعى ترامب من خلاله إلى تنفيذ وعوده الانتخابية المتعلّقة بتخفيض الضرائب والتشدّد في قضايا الهجرة غير الشرعية، وغيرها من القضايا الاقتصادية والاجتماعية الأخرى. تكمن نقطة الخلاف بين الرجلين حول التأثير السلبي لهذا القانون في زيادة عجز الميزانية الأميركية السنوي، ومن ثمّ زيادة الدين العام الأميركي -‏المتوقّع ‏أن يصل بسبب إجازة هذا القانون إلى حوالي 4 تريليونات دولار أميركي-، ممّا سيزيد من أزمة الدين الأميركي العام الذي يبلغ حاليًا أكثر من 37 تريليون دولار أميركي. حاول ماسك جسّ نبض الشارع الأميركي -خصوصًا جمهوره العريض في منصته الاجتماعية المؤثّرة إكس- ‏من خلال إجراء استبانة ‏اجتماعية حول مدى رغبة الأميركيين في رؤية حزب أميركي ثالث ينافس الحزبين الرئيسيين في البلاد -الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي- ليعيد الأمور السياسية إلى نصابها ‏بعيدًا عن هيمنة هذين الحزبين. ولمّا كانت نتيجة الاستبانة مؤيدةً لإنشاء حزب أميركي ثالث، أعلن ماسك إنشاء الحزب الجديد تحت مسمّى "حزب أميركا"، ليشكّل بذلك مرحلة جديدة في نشاطه السياسي بعد دعمه اللامحدود -قبل خصومته الآن- للرئيس ترامب في الانتخابات الرئاسية السابقة. ولكن يبقى السؤال الآن: هل سينجح ماسك هذه المرة في إنشاء حزبٍ ثالثٍ ينافس الحزبين الرئيسيين الأميركيين، وينهي هيمنتهما على السياسة الأميركية لحوالي قرنين من الزمان، أم إن هذا الإعلان عبارة عن نزوة غضبٍ لرجلٍ ثريّ سرعان ما تتلاشى ويعود الحال إلى ما كان عليه؟ ليست المرّة الأولى ليست هذه هي المرة الأولى التي تطفو فيها على السطح بوادر الرغبة الشعبية لإنشاء حزب سياسي أميركي ثالث، فهنالك العشرات من الأحزاب السياسية الأميركية، بعضها على مستوى الولايات، وبعضها على المستوى الفدرالي العام، ولكنّها لم تشكّل أبدًا خطورة كبيرة على نظام الحزبين الأميركيين. ولعلّ الانتخابات الرئاسية لعامي 1992 و2000 كانتا من ‏الحالات القليلة في التاريخ الحديث الأميركي التي كان لمرشح الحزب الثالث دورٌ في التأثير على نتائجها. حصل المرشح الأميركي الثالث روس بيرو على حوالي 19% من إجمالي أصوات الناخبين الأميركيين، مما أسهم كثيرًا في فوز الرئيس كلينتون وهزيمة الرئيس جورج بوش الأب، ‏على الرغم من الانتصارات العسكرية التي حقّقها ‏الأخير في حرب الخليج الثانية في عام 1991. أما المرة الثانية، فقد كانت في الانتخابات الرئاسية لعام 2000، حيث اتّهم الديمقراطيون المرشح الأميركي لحزب الخضر، رالف نادر -وهو من أصول عربية- بالتسبّب في هزيمة مرشحهم للرئاسة آل غور. وعلى الرغم من وجود العشرات من الأحزاب الأميركية، فإن حظوظها الانتخابية ظلّت ضئيلةً تمامًا، وذلك لعدة أسباب مؤسسية وسياسية تعيق ظهور حزب ثالث منافس للحزبين الرئيسيين. العوائق المؤسسية وقانون "دوفيرجيه" من أكبر العوائق المؤسسيّة لظهور حزب ثالث أميركي منافس للحزبين الرئيسيين أمرٌ يتعلق بالقوانين الانتخابية التي تحدّد عملية حساب الفائز في الانتخابات الأميركية، وتأثيرها كذلك في عملية تحديد التمثيل النيابي في الكونغرس الأميركي. ‏اكتشف عالم السياسة الفرنسي موريس دوفيرجيه قانونًا انتخابيًا يُعرف بـ"قانون دوفيرجيه"، حيث ينصّ هذا القانون على أن تبنّي نظام سياسي للدائرة الانتخابية الواحدة التي تتبع قاعدة ‏فوز المرشح صاحب أكبر الأصوات -حتى ولو لم تكن غالبية أصوات الناخبين تؤيده- ‏سيؤدي في نهاية المطاف إلى نشأة نظام الحزبين الرئيسيين، مما يعني صعوبة ظهور حزب ثالث منافس لهما في الانتخابات. فعلى سبيل المثال، إذا كان هنالك خمسة مرشحين في دائرة انتخابية واحدة، وكانت نسبة المرشح صاحب أعلى الأصوات هي 20٪، فستكون النتيجة طبقًا لهذا النظام الانتخابي هي فوزه بهذه الدائرة الانتخابية، على الرغم من وجود 80٪ من الناخبين الذين لم يصوّتوا له. ‏اعتقد دوفيرجيه أن الناخبين عادةً سيتجنبون التصويت لمرشحي الأحزاب الصغيرة، لإدراكهم أن فوزهم سيكون شبه مستحيل، وبالتالي يعتبرون التصويت لهذه الأحزاب الصغيرة هو في الحقيقة "إهدار" لأصواتهم، مما يعزّز غالبًا فرص فوز الحزبين الرئيسيين، وبالتالي يصبح النظام الحزبي في البلاد هو نظام الحزبين المسيطرين. ولمعالجة مشكلة "إهدار" أصوات الناخبين هذه، تحرص بعض الديمقراطيات الغربية الأخرى، مثل فرنسا، على اشتراط حصول المرشح في الانتخابات الرئاسية على نسبة الأغلبية البسيطة (50٪+1) حتى يكون الفائز في الانتخابات ممثّلًا للأغلبية الشعبية. ‏وكذلك تتبنى كثير من الديمقراطيات الغربية البرلمانية نظام التمثيل النسبي ‏لمعالجة مشكلة "إهدار" أصوات الناخبين، وتمكين الأحزاب الصغيرة من التمثيل النيابي. ‏وعليه، من الصعوبة بمكان ظهور حزب ثالث قوي في فترة وجيزة في الولايات المتحدة الأميركية، ما دام النظام الانتخابي كما هو عليه الآن -لا يتطلب الأغلبية البسيطة للفوز بالانتخابات. وبالتالي، لا يوجد حافز سياسي للحزبين الرئيسيين في أميركا -الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي- في تغيير قواعد الانتخابات الأميركية، وذلك لمصلحتهما الخاصة في بقاء هذا النظام، وإبعاد شبح ظهور حزب ثالث منافس لهما. هل تساعد أموال ماسك في ظهور حزب ثالث؟ لا شك أن للمال دورًا كبيرًا في التأثير على آراء المواطنين الأميركيين، من خلال الحملات الإعلامية الانتخابية، وكذلك من خلال إنشاء مكاتب ‏حزبية وتمويل جيوش المتطوعين، ويُعْرف دائمًا في الولايات المتحدة أن الحزب السياسي الذي يجمع مالًا أكثر، هو ‏الحزب الأكثر حظًا في الفوز في الانتخابات. لذلك، تبدو خطورة دعوة ماسك في قدرته المالية الضخمة، وكذلك في امتلاكه منصة إعلامية مهمة في تحريك المؤيدين لإنشاء حزب سياسي ثالث قوي وفعّال. ولعلها ستكون هذه هي المرة الأولى في التاريخ الحديث للولايات المتحدة الأميركية التي يتبنّى فيها رجلٌ ثريّ مثل ماسك مشروعًا سياسيًا يستطيع تمويله تمويلًا كاملًا بنفسه، خاصةً بعد تجربته الناجحة في تمويل حملة ترامب في الانتخابات الرئاسية السابقة. كما يمتلك ماسك أيضًا وسيلة تواصل اجتماعي فعّالة جدًا، وهي منصة "إكس"، التي من خلالها يستطيع تعبئة المؤيدين له تعبئةً مباشرةً دون إنفاق الكثير من الأموال في ذلك. ولكن في المقابل، هل سيصمت الرئيس ترامب ويترك ماسك يفعل ما يشاء، أم سيحاول إلغاء العقود الفدرالية لشركات ماسك، وربما ذهب بعيدًا في ملاحقته قضائيًا في قضايا أخرى تتعلق بشركاته أو بملفه الشخصي للحصول على الجنسية الأميركية؟ والجدير بالإشارة هنا أن المستشار السابق للرئيس ترامب، ستيف بانون، قد بادر على الفور إلى مهاجمة ماسك، متهمًا إياه بمحاولة طعن الحركة الشعبية المؤيدة لترامب في الظهر، مجدّدًا ‏في الوقت نفسه الدعوة لتجريد ماسك من الجنسية الأميركية، وترحيله إلى بلده الأم في جنوب أفريقيا. لا شك أن دعوة إنشاء حزب جديد ستواجه عوائق أخرى، تتمثّل في صعوبة الإجراءات المختلفة من ولاية إلى أخرى، فيما يتعلق بإنشاء قوائم المرشحين في الانتخابات، نتيجةً للقيود المفروضة أحيانًا في عمليات الترشيح في معظم الولايات الأميركية. ولكن تستطيع أموال ماسك تجاوز هذه العقبات، من خلال الاستعانة ‏بمكاتب المحاماة العريقة، وتمويل العمليات السياسية الضرورية لذلك. ‏تقوم إستراتيجية ماسك على استهداف أعضاء الحزب الجمهوري المؤيدين لهذا التشريع "الكبير الجميل"، خاصة في الدوائر الانتخابية المناهضة لهذا التشريع في الانتخابات التشريعية القادمة سنة 2026. ‏ ومتى ما نجح ماسك في إنشاء هذا الحزب، والحصول حتى على عشرة مقاعد على الأقل في مجلس النواب الأميركي في الانتخابات القادمة، فإنه بلا شك سيكون نجاحًا منقطع النظير في ترجيح أي كفة تشريعية، وذلك نسبة للفوارق الضئيلة في عدد المقاعد بين الحزبين: الديمقراطي والجمهوري. ومن المفارقات السياسية أن ماسك -مؤسس الحزب الجديد- لن يستطيع الترشح للرئاسة الأميركية، لكونه غير مولود في الولايات المتحدة، وهو شرط أساسي في أهلية المرشحين للرئاسة الأميركية. ‏ما يزال الطريق شائكًا أمام ماسك في إنشاء حزبه الجديد وتشكيل مكاتبه وفروعه في الولايات المختلفة، ولكن ربما ‏ذلّلت أموال الثري الأميركي له الصعاب ‏وحشدت له المؤيدين لهذه الفكرة القديمة المتجدّدة. ‏ولكن، هل سيكون ماسك سخيًا في دعم فكرته، ‏مهما كلّفته من أموال، أم سيصيبه الإحباط سريعًا ويتخلى عنها لتصبح نزوة غضب عابرة لأغنى أثرياء العالم؟

ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية على الأدوية بنسبة 200%
ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية على الأدوية بنسبة 200%

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية على الأدوية بنسبة 200%

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء إنه سيعلن فرض رسوم جمركية على أشباه الموصلات والأدوية قائلا إن المعدل بالنسبة للأدوية قد يصل إلى 200% لكنه سيمنح شركات الصناعات الدوائية ما يقرب من عام "لتوفيق أوضاعها". وقال ترامب للصحفيين "سنمنحهم حوالي عام أو عام ونصف العام ليأتوا إلى الولايات المتحدة وبعد ذلك سيتم فرض رسوم جمركية عليهم". وأضاف "إذا اضطروا إلى إدخال الأدوية إلى البلاد… سيتم فرض رسوم جمركية عليها بنسبة عالية جدا، ما يصل إلى 200%. سنعطيهم فترة زمنية معينة لتوفيق أوضاعهم". وقال ترامب للصحفيين أثناء إعلانه عن الرسوم الجمركية الجديدة على النحاس "سنعلن على الأدوية والرقائق وبعض الأشياء الأخرى المختلفة… معدلات كبيرة". ولم يقدم تفاصيل حول موعد القرارات الأخرى. وذكر ترامب في وقت سابق الثلاثاء أنه سيعلن عن فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على النحاس بهدف تعزيز إنتاج الولايات المتحدة من هذا المعدن الحيوي للسيارات الكهربائية والمعدات العسكرية وشبكة الكهرباء والعديد من السلع الاستهلاكية. وفاجأ قرار ترامب بفرض رسوم جمركية على النحاس الأسواق، إذ جاء مبكرا وبمعدل أعلى مما توقعه القطاع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store