
دهون البطن إنذار مُبكر لأمراض مزمنة!
غالبًا ما يُنظر إلى دهون البطن باعتبارها مجرد عائق جمالي، خاصةً في عالم تسوده معايير صارمة للجسم المثالي. غير أن العلم الحديث يكشف أن تراكم الدهون في منطقة البطن، وخصوصًا الدهون الحشوية العميقة، يمثل خطرًا صحيًا حقيقيًا. فهذه الدهون ليست خاملة كما يبدو، بل تُفرز مواد التهابية وتؤثر في وظائف أعضاء الجسم الحيوية، وقد تكون مؤشرًا على مشكلات صحية خفية لا تظهر إلا في مراحل متقدمة.
من أبرز الإشارات الصحية التي ترتبط بدهون البطن هي مقاومة الإنسولين، وهي الحالة التي يفقد فيها الجسم تدريجيًا قدرته على استخدام الإنسولين بفعالية. وهذا ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى مقدمة السكري أو السكري من النوع الثاني. لا يشعر معظم الأشخاص بأعراض واضحة في البداية، لكن استمرار تراكم الدهون حول البطن يُعد دلالة واضحة على أن الجسم يُصارع للحفاظ على توازنه السكري.
تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من تراكم الدهون في منطقة البطن غالبًا ما يظهر لديهم اختلال في مستويات الكوليسترول، حيث ينخفض الكوليسترول الجيد (HDL) وترتفع مستويات الكوليسترول الضار (LDL) والدهون الثلاثية. هذا التوازن المختل يزيد من احتمالية ترسّب الدهون داخل الشرايين، مما يمهد الطريق نحو أمراض القلب وتصلب الشرايين.
من المؤشرات الخطيرة التي ترتبط بدهون البطن كذلك هو ارتفاع ضغط الدم، والذي يُعرف بالقاتل الصامت. فالدهون الحشوية تفرز مركبات ترفع من نشاط الجهاز العصبي السمبثاوي، ما يؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية ورفع ضغط الدم تدريجيًا. ومن دون الكشف المبكر أو المتابعة الطبية، قد يظل هذا الارتفاع مستترًا حتى يُحدث مضاعفات في القلب أو الكلى.
إنّ الدهون المتراكمة في البطن ليست مجرد خلايا تخزين، بل هي خلايا نشطة تُفرز سيتوكينات التهابية ترفع من درجة الالتهاب المزمن في الجسم. هذا النوع من الالتهاب لا يُلاحظ في الحياة اليومية، لكنه مع الوقت يُضعف المناعة، ويُسرّع من شيخوخة الخلايا، وقد يرتبط بظهور أمراض مزمنة مثل السرطان وألزهايمر.
قد يُفاجَأ البعض بأن دهون البطن مرتبطة أيضًا باضطرابات في الهضم. فمع ازدياد الضغط داخل تجويف البطن، تزداد فرص الإصابة بالارتجاع المعدي المريئي أو عسر الهضم، وقد يشعر الشخص بنفخة مزمنة أو انزعاج بعد تناول كميات صغيرة من الطعام. كل ذلك نتيجة لتأثير الدهون على الضغط الداخلي ووظائف الأعضاء المحيطة.
ومن المؤشرات التي لا يُلتفت لها كثيرًا، أن الدهون الزائدة حول البطن قد ترتبط بتوقف التنفس أثناء النوم، وهي حالة تنقطع فيها أنفاس الشخص لثوانٍ متكررة خلال الليل. هذا الأمر لا يؤدي فقط إلى التعب وضعف التركيز في النهار، بل يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والجلطات.
وأخيرًا، فإن العلاقة بين دهون البطن والصحة النفسية لا تقل أهمية. فقد رُبط تراكم الدهون في هذه المنطقة بارتفاع مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر)، والذي يؤدي إلى تقلبات مزاجية، ويمهد الطريق نحو القلق والاكتئاب. من جهة أخرى، فإن القلق النفسي بدوره قد يعزز من إفراز الكورتيزول، مما يُغذي الحلقة المفرغة لتراكم الدهون مجددًا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 5 ساعات
- ليبانون 24
7 أطعمة يجب تجنبها لحماية صحة قلبك.. ما هي؟
تُعد صحة القلب من أهم الجوانب التي يمكن الحفاظ عليها عبر التغذية الصحيحة والاختيارات الغذائية الذكية. وفي هذا الإطار، أوضحت أخصائية التغذية المتخصصة في صحة القلب، مارجي جانكر، لموقع "ميرور" أن الامتناع عن بعض الأطعمة لا يقل أهمية عن اختيار الأطعمة الصحية. إذ إن بعض الأطعمة الشائعة في حياتنا اليومية قد تسهم بشكل مباشر في رفع ضغط الدم أو مستويات الكوليسترول ، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية. وعرضت الأخصائية 7 أطعمة تحرص على تجنبها تمامًا، مع بدائل صحية توصي بها: أوّلاً، اللحوم المصنعة مثل: النقانق ، والمرتديلا، واللحم المقدد، فهي غنية بالدهون المشبعة والصوديوم، ما يؤدي إلى رفع ضغط الدم ومستويات الكوليسترول الضار. وتوصي جانكر باستبدالها بالبروتينات الخفيفة، مثل: أفخاذ الدجاج من دون جلد أو المصادر النباتية كالعدس والفاصولياء. ثانيًا، منتجات الألبان كاملة الدسم تحتوي القشطة والحليب كامل الدسم والجبنة الكاملة الدسم على كميات كبيرة من الدهون المشبعة التي ترفع الكوليسترول. البديل المفضل لدى جانكر هو الزبادي اليوناني خالي الدسم، الغني بالبروتين والكالسيوم. ثالثًا، الحبوب المكررة مثل: الخبز الأبيض والأرز الأبيض والمعجنات، تفتقر إلى الألياف الضرورية لصحة القلب وتنظيم الكوليسترول. وتنصح جانكر بالحبوب الكاملة، مثل: الشوفان والكينوا والأرز البني. رابعًا، الفواكه المعلبة في شراب مركز رغم أن الفواكه صحية، فإن تلك المعلبة في شراب سكري تحتوي على سكر مضاف يرفع نسبة السكر في الدم ويزيد الالتهابات. تفضل جانكر الفواكه الطازجة أو المجمدة أو المعلبة في عصير طبيعي. خامسًا، الأطعمة المصنعة عالية الصوديوم مثل الشوربات الجاهزة والوجبات السريعة والمعلبة، فهي غالبًا ما تحتوي على كميات كبيرة من الملح؛ ما يرفع ضغط الدم. بدلًا من ذلك، تستخدم جانكر الأعشاب والليمون لإضافة نكهة صحية. سادسًا، الدهون الصلبة في درجة حرارة الغرفة كالزبدة والدهن النباتي والسمن، تحتوي على دهون مشبعة أو مهدرجة ضارة. تفضل جانكر الزيوت النباتية السائلة، مثل: زيت الأفوكادو أو الجوز أو بذر الكتان للطهي والخبز. سابعًا، المحليات الصناعية والسكريات المعالجة تتجنب جانكر السكر الأبيض والمحليات الكيميائية، وتستخدم كميات صغيرة من العسل أو شراب القيقب الطبيعي لتحلية مشروباتها بطريقة آمنة وصحية. وفي النهاية، تقول جاكر إنه من خلال تجنب هذه الأطعمة السبعة، واستبدالها بأطعمة صحية وطبيعية، قد تساهم في الحفاظ على صحة قلبك ما ينعكس إيجابياً على الصحة العامة.


الديار
منذ 11 ساعات
- الديار
الكوابيس المستمرة.. أسبابها وكيفية التعامل معها
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تشير الدكتورة يوليا رومانينكو، أخصائية علم النفس، إلى أن الكوابيس ليست تجربة ممتعة، خاصة إذا تكررت بانتظام. وتوضح الأسباب الكامنة وراء حدوثها، بالإضافة إلى طرق التخلص منها. ووفقا للدكتورة، يُعتبر النوم دائما فرصة لاكتشاف أشياء جديدة عن اللاوعي. ففي كثير من الأحيان، لا تقتصر الكوابيس على كونها أحلاما مزعجة فقط، بل تتحول إلى تجارب حية ومخيفة تجعلك تستيقظ متصببا عرقا، مع تسارع في ضربات القلب وشعور بالقلق. وتقول الدكتورة: "إذا كان الشخص يعاني من الكوابيس بشكل مستمر، فهذه إشارة إلى وجود شيء ما في داخله يسبب قلقا مزمنا. وقد يكون لهذا أثر فعلي، إذ أن السبب غالبا يكون خارج نطاق الوعي، ما يعني أنه قد يظهر في أي لحظة، ليس فقط أثناء النوم، بل خلال النهار أيضا، مثل نوبات الهلع المفاجئة التي تحدث بدون سبب واضح". وتشير الطبيبة إلى أنه إذا تكررت الكوابيس عدة مرات في الأسبوع، وتداخلت مع النوم وقللت من جودة الحياة، فقد تكون علامة على اضطراب القلق، أو اضطراب ما بعد الصدمة، أو اضطرابات نفسية أخرى. وترجع أسباب الكوابيس غالبا إلى مشكلات نفسية لم تُعالج بعد. وتتابع قائلة: "يستمر الدماغ أثناء النوم في معالجة الانفعالات التي حدثت خلال النهار. وإذا كانت هناك صراعات غير محلولة، أو مشاعر مكبوتة، أو أحداث صادمة في الحياة الواقعية، فإن النفس تستمر في معالجتها من خلال الأحلام. والسبب دائما يكمن في عدم اكتمال معالجة هذه الانفعالات. فمثلا، الشخص الذي تعرض لهجوم ولكنه لم يعبر عن خوفه داخليا، قد يرى مشاهد خطر متكررة في أحلامه". ووفقا لها، فإن سببا محتملا آخر للكوابيس هو التوتر والقلق المزمنان. عندما يعاني الشخص من توتر مستمر، ينشط الدماغ "وضع التهديد" أثناء النوم، ويتجلى ذلك في مشاهد مثل المطاردة، السقوط، العنف، أو الكوارث. كما يمكن أن تنشأ الكوابيس من مشاهدة أحداث مزعجة قبل النوم، مثل أفلام الرعب، أخبار الكوارث، أو حتى الأحاديث المتوترة. وتضيف: "يجب مراعاة الخصائص النفسية الفردية، فالأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من القلق، أو يمتلكون تفكيرا إبداعيا وخيالا واسعا، هم أكثر عرضة لتكرار الكوابيس". وتقدم الطبيبة عدة نصائح للتخلص من الكوابيس، أولها تحليل المخاوف والتغلب عليها. ومن الأدوات المفيدة الاحتفاظ بـ"مذكرات أحلام"، حيث يتم تدوين الكوابيس بهدف البحث عن الروابط بينها وبين الانفعالات الحقيقية. كما يُساهم العلاج النفسي في تقليل تكرار الكوابيس. وتنصح الطبيبة باستخدام أسلوب "إعادة كتابة السيناريو"، حيث إذا تكرر الكابوس، يتخيل له نهاية بديلة وإيجابية، ما يساعد على تخفيف العبء العاطفي المرتبط به. وتشير الطبيبة إلى أهمية اتباع عادات نوم صحية، مثل الخلود للنوم في نفس الوقت يوميا، وتجنب الكافيين والأطعمة الدسمة قبل النوم، وتهوية الغرفة جيدا. كما تؤكد على ضرورة الاسترخاء الجسدي قبل النوم، مثل ممارسة التأمل، أو تمارين التنفس، أو اليوغا الخفيفة، التي تُرخي الجسم وتساعد النفس على التخلص من القلق. وتختم الطبيبة حديثها قائلة: "الكوابيس إشارة من النفس إلى توتر داخلي. وإذا كانت تزعج الشخص باستمرار، فهي علامة واضحة تستدعي استشارة معالج نفسي في أقرب وقت ممكن".


الديار
منذ 11 ساعات
- الديار
نقص الزنك والحديد واليود... عوامل صامتة تعرقل نمو الطفل العقلي والجسدي
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب رغم الجهود المتزايدة لمكافحة سوء التغذية بين الأطفال، إلا أن التركيز غالبًا ما ينحصر في جانب الكمية – أي الحصول على السعرات الحرارية الكافية، مع تجاهل جانب النوعية، وبشكل خاص الفيتامينات والمعادن الدقيقة. هذه العناصر الأساسية، مثل الزنك، الحديد، اليود، فيتامين D، وفيتامين B12، تُعد ضرورية لنمو الأطفال وتطورهم الجسدي والعقلي، إلا أن نقصها لا يُناقش بالقدر الكافي، خاصة في المجتمعات العربية. يُعرف نقص الفيتامينات الدقيقة بأنه "الجوع الخفي"، لأن أعراضه لا تكون واضحة على الفور، ولكنها تتراكم تدريجيًا لتُسبب اضطرابات خطيرة في نمو الطفل. فعلى سبيل المثال، الزنك يلعب دورًا رئيسيًا في انقسام الخلايا والتئام الأنسجة، ونقصه يُمكن أن يُؤدي إلى بطء في النمو الجسدي، وتأخر في البلوغ، وضعف في المناعة. أما الحديد، فهو ضروري لنقل الأوكسيجين إلى خلايا الجسم والدماغ، ونقصه يؤدي إلى فقر الدم، وقلة التركيز، وتراجع الأداء الدراسي. من جانب آخر، يُعد فيتامين D حجر الأساس في امتصاص الكالسيوم، وهو عامل محوري في نمو العظام والأسنان. الأطفال الذين يعانون من نقص فيتامين D يكونون أكثر عرضة لتشوهات العظام، مثل الكساح وتأخر المشي. أما فيتامين B12، فهو مهم للوظائف العصبية وتطور الدماغ، ونقصه قد يُؤدي إلى تأخر في الكلام وصعوبات في التعلم. أما اليود، الذي غالبًا ما يُهمل رغم أهميته، فهو ضروري لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية، التي تُنظّم النمو والتطور العقلي، ونقصه قد ينعكس سلبًا على معدل الذكاء وسرعة الاستيعاب لدى الطفل. ما يزيد الأمر تعقيدًا أن هذه النواقص لا تحدث دائمًا نتيجة قلة الغذاء، بل أحيانًا بسبب سوء الامتصاص الناتج عن مشاكل في الجهاز الهضمي، أو بسبب الاعتماد الزائد على الأغذية المعالجة والفقيرة بالمواد الغذائية الحقيقية. كما تلعب بعض العادات الغذائية الخاطئة دورًا في تعزيز هذا النقص، مثل الإكثار من العصائر المُعلّبة والمأكولات الجاهزة على حساب الفواكه، الخضروات، والبروتينات الحيوانية أو النباتية المتوازنة. إنّ الحل لا يكمن فقط في إعطاء المكملات الغذائية بشكل عشوائي أو عند ظهور أعراض واضحة، بل في تبنّي نهج وقائي متكامل، يتطلب تضافر الجهود بين الأهل، والمدارس، والمجتمعات، والنظام الصحي ككل. تبدأ هذه المقاربة من تثقيف الأهل حول أهمية التنويع الغذائي، ليس فقط من حيث الكمية، بل أيضًا من حيث الجودة والمصادر الغذائية التي تزود الجسم بالعناصر الدقيقة الضرورية. وينبغي أن تشمل الوجبات اليومية للأطفال مكونات متنوعة من البروتين الحيواني والنباتي، الحبوب الكاملة، الخضروات الورقية، الفواكه الطازجة، والبذور والمكسرات، بالإضافة إلى الدهون الصحية مثل زيت الزيتون والأفوكادو. ولا تقتصر أهمية هذا النهج على الوقاية من نقص الفيتامينات، بل يمتد ليؤسس لنمط حياة صحي يدوم مدى الحياة. كما أن تعزيز الثقافة الغذائية في المدارس، ودمج مواضيع التغذية الصحية ضمن المناهج التعليمية، يُمكن أن يلعب دورًا محوريًا في بناء وعي صحي مستدام لدى الأطفال أنفسهم، ما يعزز من قدرتهم على اتخاذ خيارات غذائية سليمة لاحقًا في حياتهم. من جهة أخرى، يُنصح بإجراء فحوصات دورية شاملة للأطفال، لا سيما في الحالات التي يظهر فيها تأخر في النمو، أو ضعف في الأداء المدرسي، أو زيادة في معدلات الإصابة بالأمراض والالتهابات. هذه الفحوصات يمكن أن تساعد في اكتشاف النقص قبل أن يتحوّل إلى مشكلة مزمنة تؤثر على حياة الطفل وسلامته الجسدية والعقلية. وفي نهاية المطاف، يُمثّل نقص الفيتامينات الدقيقة خطرًا صامتًا، لكنه عميق الأثر، يهدد مستقبل الأجيال القادمة على المستويين الصحي والمعرفي. ولا يمكن بناء مجتمعات منتجة، مبدعة، وقادرة على التنافس عالميًا، دون الاستثمار الحقيقي في صحة الأطفال منذ سنواتهم الأولى، من خلال التغذية المتوازنة، والرعاية الوقائية المستمرة، وصياغة سياسات صحية شاملة تُعطي الأولوية للوقاية بدلًا من انتظار العلاج. فصحة الأطفال ليست خيارًا فرديًا، بل مسؤولية جماعية ومصلحة وطنية.