
ماذا وراء توقيع الجزائر ونواكشوط اتفاقا في مجال الدفاع؟
اتفاق وتساؤلات
ورافق توقيع الاتفاق "الدفاعي" صمت من الجزائر وموريتانيا حول محتواه، ولم تتسرب معلومات تخص فحواه، الأمر الذي فتح الأبواب أمام قراءات وتأويلات وتساؤلات، بخاصة أن الوضع في المنطقة على صفيح ساخن بعد تصاعد التوتر بين الجزائر و"تحالف الساحل" بقيادة مالي الذي بلغ حد استدعاء السفراء وغلق المجال الجوي، والاحتقان السياسي والاهتراء الأمني في ليبيا، واستمرار غلق الحدود بين الجزائر والمغرب، إلى جانب التحديات التي تواجه نواكشوط في سياق محاربة الإرهاب وشبكات الجريمة العابرة للحدود وتحقيق التنمية، ثم "عجز" المجتمع الدولي عن حل قضية الصحراء الغربية التي تعرقل استقرار المنطقة.
التحديات الأمنية والاقتصادية والجيوسياسية
وأوضح الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع، رئيس أركان الجيش الجزائري، السعيد شنقريحة، خلال اللقاء الذي جمعه بوزير الدفاع الموريتاني حننه ولد سيدي ولد حننه، الذي حضر إلى الجزائر على رأس وفد عسكري مهم، أن الجزائر وموريتانيا بحكم الروابط الجغرافية والتاريخية والثقافية التي تجمعهما، يتقاسمان الطموحات والتحديات ذاتها، وهو ما جعل علاقاتهما الثنائية نموذجاً يُحتذى في التعاون والتكامل بين الدول العربية والأفريقية.
وشدد شنقريحة على أن الأهمية الإستراتيجية التي تكتسبها العلاقات الجزائرية - الموريتانية لا تنبع فقط من القواسم المشتركة التي تجمع البلدين، بل تتجلى أيضاً في الدور المحوري الذي يلعبه هذا التعاون في استقرار المنطقة ككل، معتبراً أن التحديات الأمنية والاقتصادية والجيوسياسية التي تواجهها المنطقة تفرض اليوم أكثر من أي وقت مضى، تعزيز العمل المشترك، وفق رؤية متكاملة ومتبصرة ترتكز على الحوار والتنسيق وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى في ميادين الاهتمام المشترك، وأشار إلى أن الجزائر تحرص على تعزيز علاقاتها الثنائية مع موريتانيا في شتى الميادين، لا سيما الأمنية منها، "لأننا نؤمن في الجزائر بأن أمن بلدينا واستقرارهما يحتاج إلى أعلى مستوى ممكن من التوافق والتنسيق والتشاور".
قراءات بشقين
وفي خضم الغموض الذي اكتنف توقيع اتفاق الدفاع، رجحت قراءات أن يشمل تجسيد التفاهمات التي سبق الكشف عنها في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، خلال زيارة قائد أركان الجيش الجزائري إلى موريتانيا، إذ قال حينها قائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية، الفريق المختار بله شعبان، إنه يُخطط لتسيير دوريات مشتركة على طول الحدود بين الجزائر وموريتانيا، وخلق إطار دائم للتشاور وتبادل المعلومات والخبرات بين الطرفين، من خلال اجتماعات دورية مخصصة للحوار العسكري الموريتاني - الجزائري، وعبر سلسلة زيارات ولقاءات دورية بين قادة القطاعات والمناطق العسكرية.
كذلك خاضت صحيفة "ساحل أنتلجنس" الفرنسية في لقاء شنقريحة ونظيره الموريتاني، وكشفت عن أنه وُقع اتفاقان، واحد في المجال العسكري، والآخر في شأن حماية المعلومات السرية، مضيفة أن مراقبين دوليين صرحوا بأن الاتفاق في شأن المعلومات السرية أثار قلق الولايات المتحدة والدول الأوروبية على وجه الخصوص.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
زيارات سابقة والهدف واحد
وسبق أن حلّ رئيس أركان الجيش الجزائري السعيد شنقريحة، في نواكشوط في أكتوبر 2024، في زيارة دامت ثلاثة أيام، وانتهت بتوقيع اتفاق تعاون وتنسيق في مجال تبادل المعلومات، توج مساراً طويلاً من التعاون وتبادل الخبرات، وتكوين الكوادر العسكرية، وفق بيان لوزارة الدفاع الجزائرية.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أجرى المدير المركزي لأمن الجيش الجزائري، زيارة عمل إلى الأركان العامة للجيوش بموريتانيا، في إطار الزيارات الدورية المتبادلة بين الجانبين بهدف "تعزيز علاقات الشراكة والتعاون العسكري بين البلدين الشقيقين"، وفق ما جاء في بيان للجيش الموريتاني الذي أوضح أنه تُنوول خلال لقاء الوفدين ضرورة تنسيق الجهود في مجالات الأمن والاستخبارات والتكوين العسكري.
الوضع المقلق في الساحل الأفريقي
في السياق، رأى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عبدالرحيم أمغار، أن "الظروف الإقليمية التي وُقع فيها الاتفاق الدفاعي بين الجزائر وموريتانيا هي التي أثارت النقاشات والتساؤلات حول خلفياتها وأهدافها"، وقال إن "الاتفاق أضاف بعداً آخر للتعاون الوطيد بين موريتانيا والجزائر في المجالات الأمنية والعسكرية، كذلك أكد أن موريتانيا ماضية على رغم الضغوط، في مسارها الشامل للتعاون الموسع مع الجزائر"، مشدداً على أن "الأمن اليوم لم يعد وطنياً أو قُطرياً بقدر ما هو أمن إقليمي بالدرجة الأولى"، وأضاف أن البلدين يسعيان إلى مواجهة الإشكالات الأمنية الناجمة عن الوضع المقلق في الساحل الأفريقي، مثل تنامي شبكات التهريب والاتجار بالأسلحة والمخدرات والتنقيب غير الشرعي عن الذهب والأنشطة الإرهابية وخلايا دعمها.
وتابع أمغار أن "عمليات تنشيط العلاقات الجزائرية - الموريتانية تندرج ضمن الدبلوماسية الأمنية الإقليمية المتعددة القطاعات، والدبلوماسية الأمنية المتعددة القطاعات للجزائر تتضمن توثيق الروابط التجارية والثقافية والتعاون الأمني لمكافحة التهديدات غير التقليدية، ودعم استقرار المناطق الحدودية والعمق الإستراتيجي للدولتين، موضحاً أن "الجزائر تعتبر موريتانيا عمقها الإستراتيجي نحو المحيط الأطلسي، في مقابل ذلك تعد الجزائر ممراً لموريتانيا نحو أوروبا"، وختم أن "الوضع الأمني الصعب، بما يحمله من تحديات تواجهها الأجهزة الأمنية في الجزائر وموريتانيا يومياً، يفرض على البلدين، تكثيف التنسيق ووضع آلية للتعاون المشترك ولتبادل المعلومات بطريقة فعالة وفي الوقت المناسب".
كل طرف بوابة للطرف الثاني
من جانبه، يرى الباحث الموريتاني في الشؤون الأفريقية عبدالله ولد الشنقيطي، أن "موريتانيا تعد من الدول القليلة في المنطقة، التي تربطها علاقات مميزة ومستمرة مع الجزائر، ولم تتأثر بالتجاذبات التي تعرفها المنطقة، وأتاح التقارب بين البلدين إقامة شراكة إستراتيجية يمثل فيها كل طرف بوابة للطرف الثاني، وامتداداً أمنياً وحدودياً يطمحان إلى تطويرها عبر إقامة اتفاقات عسكرية وأمنية وتطوير بنى تحتية للتبادل التجاري"، مشيراً إلى "توسع مستوى التعاون الثنائي بين الجزائر وموريتانيا في الأعوام الخمسة الأخيرة، وهو ما انعكس في الزيارة المتبادلة لرئيسَي البلدين عبدالمجيد تبون ومحمد ولد الشيخ الغزواني، وكذلك المشاريع المشتركة على غرار بناء طريق بري يربط بين تندوف الجزائرية والزويرات الموريتانية، على مسافة تُقدَّر بنحو 800 كيلومتر، إضافة إلى إقامة معبر حدودي ومنطقة للتجارة الحرة".
واعتبر ولد الشنقيطي أن "الاتفاق العسكري والدفاعي بين البلدين يترجم حرص قيادتي المؤسستين العسكريتين في الجزائر وموريتانيا على استباق فرضيات الانزلاق الأمني في المنطقة، بخاصة في ظل وصول شرارات المواجهات العسكرية في دولة مالي المجاورة إلى تراب البلدين، إذ تتواصل ملاحقات الجيش المالي المدعوم من طرف مجموعة "فاغنر" الروسية ضد الفصائل الأزوادية المسلحة، إلى المسافة صفر مع الحدود الجزائرية، كذلك قضى مواطنون موريتانيون خلال الأشهر الأخيرة بسبب نيران الجيش المالي، في إطار الحرب على الإرهاب"، وفق ما نقلته وسائل إعلام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 9 ساعات
- Independent عربية
فضحية جنسية تطغى على محاولة سانشيز تعديل الحزب الحاكم في إسبانيا
استقال المسؤول في حزب العمال الاشتراكي الإسباني فرانشيسكو سالاسار اليوم السبت بسبب مزاعم تحرش جنسي، وهو ما ألقى بظلاله على محاولة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز وضع حد لفضيحة فساد. وكان سانشيز عيَّن فرانشيسكو سالاسار حديثاً في إطار عملية تغيير بالحزب. وقال الحزب ضمن بيان إن سالاسار عرض التنحي عن منصب نائب بالأمانة العامة للحزب، وطلب التحقيق في هذه المزاعم. وأضاف أنه سيبدأ على الفور تحقيقاً في هذا الأمر موضحاً أنه لم تُقدم بلاغات ذات صلة من خلال قنوات الحزب المعتادة. ونقل موقع "أل. دياريو دوت إي.إس" الإخباري اليساري على الإنترنت عن موظفة في الحزب قولها إن سالاسار أبدى تعليقات بذيئة حول ملابسها وجسدها، ودعاها إلى تناول العشاء معه بمفردها والنوم في منزله، عندما كانت تعمل في وظيفة صغيرة معه داخل المقر الرسمي لرئيس الوزراء. وجاءت هذه الفضيحة خلال وقت كان من المقرر أن يعلن فيه سانشيز داخل مقر حزب العمال الاشتراكي في مدريد إجراءات لتهدئة مخاوف أعضاء الحزب، القلقين من الضرر الذي لحق بسمعة الحزب وقدرته على الاستمرار في السلطة. وضمن حديثه بعد ساعة من الموعد المحدد، دعا سانشيز أية امرأة تعرضت لانتهاكات جنسية إلى استخدام القنوات التي يوفرها الحزب للإبلاغ عنها. وقال، دون أن يذكر سالاسار بالاسم، "إذا كنا نؤمن بأن جسد المرأة ليس للبيع، فلا مجال لسلوك يتعارض مع هذا الاعتقاد". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) "القبطان لا يتخلى عن سفينته" وأمر قاض في المحكمة العليا الإثنين الماضي بحبس مسؤول حزب العمال الاشتراكي السابق سانتوس سيردان احتياطاً، بتهمة تدبير تلقي رشا مقابل منح عقود مشروعات عامة. وينفي سيردان هذه الادعاءات التي تعد جزءاً من تحقيق أوسع نطاقاً في الفساد يهدد بزعزعة استقرار حكومة سانشيز. وعين الحزب اليوم السبت ريبيكا تورو بديلة لسيردان في منصب أمين الحزب ونائبين لها. وكان من المفترض أن يكون سالاسار النائب الثالث للأمين. وأعلن سانشيز عدة تدابير لمكافحة الفساد، منها إصلاح آلية عمل الحزب "لتجنب التركيز المفرط للسلطة" وإخفاء هوية المبلغين عن المخالفات، لكنه ظل مصراً على قدرته على مواصلة الحكم. وقال "القبطان لا يتخلى عن سفينته عند هبوب الرياح العاتية، بل يبقى ليواجه العاصفة". ويعتمد ائتلاف الأقلية بقيادة الاشتراكيين على تحالف فضفاض من أحزاب قومية ويسارية متطرفة لتمرير التشريعات. وقوبلت شخصيات بارزة في حزب العمال الاشتراكي، لدى وصولها إلى مقره اليوم، بصيحات استهجان من محتجين تجمعوا في الجهة المقابلة من الطريق وهم يرددون هتافات تطالب برحيل سانشيز.


Independent عربية
منذ 15 ساعات
- Independent عربية
قتيل وجرحى في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان
قتل شخص اليوم السبت في ضربة إسرائيلية في جنوب لبنان، وفق ما أفادت وزارة الصحة، في آخر عملية استهداف تقع على رغم وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله". وقالت وزارة الصحة اللبنانية في بيان نقلته الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، إن "غارتين للعدو الإسرائيلي بمسيرة على سيارتين في منطقتي صف الهوا وشقرا في بنت جبيل أدت في حصيلة أولية إلى سقوط قتيل وإصابة خمسة أشخاص بجروح". وفي وقت سابق السبت، أعلنت الوزارة أن غارة إسرائيلية أخرى بمسيرة أدت إلى إصابة مواطن في شبعا بجنوب لبنان أيضاً، وذكرت الوكالة الوطنية أن الغارة استهدفت منزلاً. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويسري في لبنان منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 اتفاق لوقف إطلاق النار بعد نزاع امتد أكثر من عام بين إسرائيل و"حزب الله"، تحول إلى مواجهة مفتوحة مني خلالها الحزب بخسائر كبيرة على صعيد البنية العسكرية والقيادية. والخميس الماضي أسفرت ضربة إسرائيلية على سيارة عند المدخل الجنوبي لبيروت عن مقتل رجل وإصابة ثلاثة أشخاص آخرين بحسب ما أعلنت السلطات اللبنانية، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب "إرهابياً" يعمل لمصلحة إيران. ونص وقف إطلاق النار على انسحاب "حزب الله" من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان) وتفكيك بناه العسكرية فيها، مقابل تعزيز انتشار الجيش وقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام (يونيفيل). كذلك نص على انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق تقدمت إليها خلال الحرب، لكن إسرائيل أبقت على وجودها في خمسة مرتفعات استراتيجية يطالبها لبنان بالانسحاب منها. وتوعدت إسرائيل بمواصلة شن ضربات ما لم تنزع السلطات اللبنانية سلاح الحزب المدعوم من إيران.


Independent عربية
منذ 16 ساعات
- Independent عربية
الدالاي لاما يأمل في أن يعيش حتى يتجاوز 130 سنة
قال الدالاي لاما اليوم السبت إنه يأمل في أن يعيش حتى يتجاوز عمره 130 سنة، وهو ما يزيد بـ20 عاماً على توقعاته السابقة، وذلك بعد تأكيده لأتباعه أنه سيتجسد زعيماً روحياً للبوذيين عند وفاته. وجاء ذلك خلال كلمة ألقاها زعيم التبت المنفي الحائز جائزة نوبل للسلام خلال فعالية نظمها أتباعه للصلاة وتمني العمر المديد له، قبل عيد ميلاده الـ90 الذي يحل غداً الأحد، في وقت تصر الصين على أنها ستختار من يخلفه. وقال الدالاي لاما لوكالة "رويترز" في ديسمبر (كانون الأول) إنه قد يعيش حتى سن 110 سنوات. ووسط تصفيق وهتافات أتباعه اليوم، قال الدالاي لاما "تمكنت من خدمة تعاليم البوذية وكيانات التبت حتى الآن بصورة جيدة للغاية... وما زلت آمل في أن أعيش لعمر أكثر من 130 سنة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأمضى الدالاي لاما الـ14، وهو أطول زعماء البوذيين من التبت عمراً بالفعل، نحو 90 دقيقة في الصلوات في معبده. وحضر المراسم الآلاف من أتباعه من أنحاء العالم في بلدة دارامشالا في شمال الهند حيث يعيش في منفى منذ فراره من التبت عام 1959 في أعقاب انتفاضة فاشلة ضد الحكم الصيني. وتنظر الصين، الحريصة على تعزيز سيطرتها على منطقة التبت، إلى الدالاي لاما على أنه انفصالي وتصر على أن من سيخلف الدالاي لاما لا بد من أن يحظى بموافقة قادتها، في إرث من العهد الإمبراطوري. وسيحضر احتفالات عيد ميلاده غداً الأحد عدد من المسؤولين الهنود والدبلوماسيين الأميركيين، إلى جانب الآلاف من محبيه.