logo
الله موجود (3): العقل العلمي يشهد

الله موجود (3): العقل العلمي يشهد

الدستورمنذ 5 أيام
في المقالين السابقين من سلسلة (الله موجود)، توقفنا أمام الأسباب العميقة التي قد تدفع إنسانًا لإنكار وجود الله، ليس عن منطق أو برهان، بل ربما عن جٌرح فكري، أو كبرياء معرفي، أو خذلان نفسي أو اجتماعي، ثم أشرنا إلى الخطأ الجسيم الذي وقع فيه كثير من الدعاة والعلماء حين تركوا ساحة العلم فارغة، وابتعدوا عن مخاطبة من لا يؤمن بالله بلغةٍ يفهمها ويثق بها، وهي لغة العلم.
فالذين لا يؤمنون بالله، لا يقتنعون بنصٍ ديني، لأنهم ببساطة لا يؤمنون بقداسته. ولا يقتنعون بالتراث، لأنهم يعتبرونه "إرثًا بشريًّا مشكوكًا فيه"، أما العلم، فهو اللغة الوحيدة المشتركة التي يقف أمام نتائجها المؤمن والكافر على السواء بإجلال، ففي المختبر، لا تُقدَّم الفرضيات بنية الإقناع العاطفي، بل تُختبَر وتُكرَّر وتُدقق. وما يصمد، يُصبح قانونًا تُبنى عليه حضارات.
ومن هنا، تبدأ رحلتنا الجديدة...
في هذا المقال، لا نستند إلى نصوص مقدسة، ولا إلى تراث روحي، بل نفتح كتاب الكون، ونقرأ بعضًا من صفحاته... لنرى: هل ينكر العلم وجود الله؟ أم أنه – إذا حُسن فهمه – يَهدي إليه؟
ولعل السؤال الأهم والأكثر جوهرية، والذي يتكئ عليه الملحدون كثيرًا، ويتهرّب منه بعض الدعاة أحيانًا، هو: هل بدأت الحياة صدفة؟! وهم يرون أن الحياة نشأت من خلال التطور. لكن هذه النظرية لها أيضًا عيوبها ولا تقدم تفسيرًا قاطعًا لأصلنا، التطور أيضًا لا يجيب على السؤال عن سبب وجودنا، هذا السؤال – ببساطة – هو جوهر الإلحاد المعاصر، فمن ينكر وجود الله، غالبًا لا ينكر وجود الكون أو الحياة، لكنه يُرجِعها إلى الصدفة، أو إلى تفاعلات عمياء حدثت في لحظةٍ ما، عبر مليارات السنين.
ويعتقد البعض أيضا أن الحياة على الأرض بدأت من خلال سلسلة من الخطوات الكيميائية العشوائية، في بيئة بدائية، تفاعلت فيها الجزيئات تحت تأثير الحرارة أو البرق أو ما يُسمى بـ"غضبة الطبيعة"، حتى ظهرت خلية حية أولى! ثم تطورت هذه الخلية دون أن يٌعرف تفسيرا لهذا التطور، وتكاثرت، وتنوّعت، فصار الإنسان... دون حاجة لخالق، أو تصميم، أو عقل أعلى، وهذا – في زعمهم – تفسير كافٍ، علميٌّ ومقنع، لنشأة الحياة، دون أن يُدخلوا الله في المعادلة.
لكن الحقيقة أن هذا السؤال – رغم خطورته – لم يحظَ من الدعاة إلى الله بإجابة علمية واضحة وقاطعة، كما لم تُستخدم الأدلة العلمية المتاحة بالجدية التي يستحقها الموقف، فكان أن فُقدت لغة الحوار مع هؤلاء، وتركناهم يتيهون في "صدفة" لا يقبلها العقل، و"عشوائية" تُناقض العلم نفسه.
ولذلك، سأحاول أن أجيب على هذا السؤال، لا من باب الفلسفة فقط، بل من قلب العلم نفسه، ومن صمت المادة التي لا تنطق إلا إذا وُجد مَن يُبرمجها... وسأبدأ من شيء قريب إلى كل إنسان، وليس بغريب عليه.. وهو جسم الإنسان نفسه!
وفي إطار التمهيد، فإن غير المؤمنين بالله في خضم انشغالهم بتفسير "كيف" ظهرت الأشياء – أهملوا السؤال الأعمق: لماذا كل شيء من حولنا يعمل بانسجام مذهل؟! وهل يمكن أن تخلق العشوائية أو المصادفة تنظيما دقيقا ثابتا لا يتغير ويستمر لمليارات السنين منذ خلق الكون وإلى وقتنا هذا؟ ولماذا لم تتكرر هذه العشوائية والمصادفة مرة أخرى؟ وحتى إذا غضبت الطبيعة واندلعت البراكين والزلازل، ونكبت الأرض بالطوفان والأعاصير، فلماذا بعد أن تهدأ.. لم يخلق إنسان جديد أو كائنات جديدة غير الكائنات الحالية بداية من الإنسان ومرورا النباتات والأشجار وانتهاء بالكائنات التي لا ترى بالعين المجردة؟
وفي لحظة تأمل في الطبيعة من حولنا، الزهور والنحل... الأشجار والطيور... الجبال والأنهار... كلها تبدو كأنها أجزاء في آلة واحدة معقدة تعمل بدقة وهدوء، فلا يمكن للنحل أن يعيش بدون الأزهار، ولا يمكن للأزهار أن تتكاثر بدون النحل، والطيور تحتاج إلى الأشجار، والأشجار تحتاج إلى ضوء الشمس وثاني أكسيد الكربون الذي تخرجه الكائنات الأخرى... كل كائن – رغم اختلافه – بحاجة للآخر، وهذا ليس صدفة… هذا نظام واضح وثابت لا يتغير.
وفي زمنٍ تتزاحم فيه الخطابات وتتناقض فيه الأيديولوجيات، يبقى الإنسان ذاته، بجسده وأعضائه وتكوينه، أعظم برهان على وجود نظام مُحكم، لا يمكن أن يكون وليد المصادفة، ولا نتاج تطورٍ أعمى بلا عقل أو إرادة، بل هو شهادة ناطقة بأن خلف هذا الجسد، الذي يسير بدقة مدهشة منذ لحظة تكوينه، قوة كبرى... مهيمنة، حكيمة، قادرة، هي التي أودعت فيه هذا النظام المعجز.
فلننظر قليلًا، دون تعصب أو تحامل، إلى بعض جوانب هذا الجسد؛ لا بوصفه هيكلًا بيولوجيًا، بل بوصفه كتابًا مفتوحًا يكشف عن هندسة دقيقة وإدارة خفية فائقة الذكاء.. إن مجموع أطوال الأوعية الدموية في جسم الإنسان، إذا ما جُمعت ووُصلت ببعضها، يمكن أن تمتد لمسافة تتراوح بين 100،000 إلى 120،000 كيلومتر؟ وهو ما يكفي لتطويق الكرة الأرضية مرتين ونصف! وهذا يعني أن في جسد كل إنسان "حبل حياة" يمتد بطول محيط كوكبٍ كامل مرتين ونصف تقريبا، يعمل ليلًا ونهارًا بلا توقف، في توصيل الدم محمّلًا بالأوكسجين والغذاء لكل خلية. ومن غير نظام دقيق، وتحكم محكم، هل يمكن لمثل هذه الشبكة أن تعمل دون أن تنهار أو تتوقف؟ من الذي ينسّق بين الشرايين والأوردة والشعيرات الدقيقة التي لا تُرى بالعين المجردة؟! ثم السؤال الأهم من الذي استطاع أن يجمل كل هذا المداد من الأوعية الدموية داخل جسد الإنسان الضيق دون أن تتعقد أو تلتف حول بعضها وتسد مجراها؟
بلا شك.. إنها قوة أخرى مذهلة، لا توصف بمواصفات قوة البشر أو قوة الطبيعة.
ثم إذا نظرنا إلى عين الإنسان، فيكفي أن نلقي نظرة علمية على العين البشرية لندرك كم أن هذا العضو المعجز لا يمكن أن يكون وليد تطور صُدفي، فالعين تحتوي على أكثر من 120 مليون خلية عصبية في شبكية واحدة فقط، وكل منها مُصممة لاستقبال الضوء وتحويله إلى إشارات كهربائية تُرسل إلى الدماغ بسرعة لا يمكن تخيلها، والإنسان يرى بدقة تصل إلى 576 ميجابكسل، وهي دقة تعجز عنها أعظم الكاميرات الصناعية، ورغم أن العين ترى صورة مقلوبة، فإن المخ يعيد تصحيحها فورًا، من الذي أودع هذه المهارة داخل العين؟ وكيف فهم الدماغ الصورة وركّبها من ملايين النبضات العصبية؟
هل هي الطبيعة العشوائية.... أم قوة عليا.. لا يمكن تقديرها أو وصفها.
وفي جسد الإنسان أكثر من 50 نوعًا من الهرمونات، كلٌ منها يؤدي وظيفة دقيقة وحيوية، ويكفي أن يختل أحدها – حتى لو بمقدار صغير جدًا – ليصاب الإنسان بخلل جسيم قد يهدد حياته، فهرمون مثل الأنسولين ينظم نسبة السكر في الدم، ولو زاد أو نقص قليلًا قد يدخل الإنسان في غيبوبة، وهرمونات الغدة الدرقية تنظم حرارة الجسم، والطاقة، ونشاط القلب.
من يضبط التوقيت؟ من يتحكم في الإفراز؟ ومن يعيد التوازن عند الاضطراب؟ إنها إدارة لا يمكن أن توكل إلى الصدفة أو الطبيعة الصمّاء.
أما الكلى، فهي محطات التنقية المذهلة، وفي كل يوم، تمر على كليتي الإنسان أكثر من 180 لترًا من السوائل، ليُعاد امتصاص المفيد منها، بينما يُطرد الزائد والضار في صورة بول لا يتجاوز لترًا ونصف في اليوم الواحد، والكلى لا تطرد الماء فقط، بل تميّز بين الأملاح، والسموم، والمركبات الحيوية، فكيف لجهاز كهذا، بآلاف الأنابيب الدقيقة، أن يعمل كل لحظة دون خطأ؟ وكيف حُدد منفذ الإخراج بدقة، ليفرق بين الفضلات السائلة التي تخرج عبر الجهاز البولي، والصلبة عبر الجهاز الهضمي؟ من رسم هذا المسار؟ ومن راعى هذا التوازن؟!
هل الطبيعة لها عقل منظم؟ أم أن هناك قوة أخرى خارقة لها القدرة على ضبط هذا الجهاز في جسد كل إنسان منذ بدء الخليقة وحتى موعد نهايتها، رغم اختلاف بيئة كل إنسان وعاداته وتقاليده الغذائية في المشرب والمأكل والظروف المحيطة المؤثرة.
وإذا تكلمنا عن القلب، فهو العضلة لا تتعب، ويضخ القلب نحو 7000 لتر من الدم يوميًا، بمعدل 100 ألف نبضة في اليوم، دون راحة، ودون أن يحتاج إلى أمر خارجي لاستمرار عمله، حتى في حالة الغيبوبة التامة، حين تتوقف كل وظائف الوعي، يواصل القلب عمله... كأن به أمرًا مسبقًا، أو برنامجًا ذاتيًا من قوة أعلى، لا يتأثر بالإدراك أو الانتباه.
هل هذه صدفة؟ هل هناك جهاز بشري أو صناعي يمكنه العمل بهذه الكفاءة دون توقف لعقود طويلة؟!
ولا يخفى عن كل ذي علم أن المخ هو المايسترو الخفي، فهو عاصمة هذا الجسد، يحتوي على ما يزيد عن 86 مليار خلية عصبية، تتواصل فيما بينها عبر شبكة مذهلة من الإشارات، تدير الحركة، والذاكرة، والانفعالات، والتنفس، وحتى الأحلام، وتصل سرعة الإشارات العصبية إلى أكثر من 400 كيلومتر في الساعة، وتنتقل الأوامر من الدماغ إلى أصغر عضلة، أو حتى إلى خلايا مناعية تحتاج إلى تحفيز، كيف تنشأ الفكرة؟ ومن يضبط السياق واللغة والانفعال في لحظة؟ وكيف يفرّق المخ بين الذاكرة والخيال، بين الألم والحلم؟ إنها أسئلة تكشف أن ما يحكم هذا النظام ليس الجسد ذاته، بل القوة التي أودعت فيه هذه العجائب.
من أين جاءت هذه الدقة؟ من الذي كتب هذا "السيناريو البيولوجي" المحكم؟ من الذي صمّم، وزوّد، وربط، وأمر الخلايا أن تعمل كلٌّ في اختصاصها دون خلط أو خلل؟ إن هذا لا يمكن أن يكون صدفة، ولا تطورًا ذاتيًّا بلا قيادة، إنه نظام يشهد على وجود قوة أعلى، أكبر من الجسد، وأذكى من العقل، وأرحم من كل البشر... قوةٌ لا يمكن أن يصفها أحد، بل هي الوحيدة الجديرة على وصف ذاتها.
ثم يأتي السؤال الأكبر: هل يمكن أن ينشأ شيء من لا شيء؟ يقول بعضهم إن "الانفجار العظيم" هو أصل كل شيء، حسنًا، فلنفترض ذلك، لكن يبقى السؤال البديهي قائمًا: ما سبب هذا الانفجار؟ ومن أين جاءت "المادة" التي انفجرت؟ كيف يمكن أن يظهر "شيء" من "لا شيء"؟ هذا ليس تفسيرًا علميًّا، بل هروب من السؤال الأول.
إننا إذا فتحنا أعيننا على الطبيعة، ستدرك أن هذا العالم ليس عشوائيًّا، بل مصمَّم بعناية خارقة، والتصميم – كما نعلم – لا يكون بلا مصمِّم، والنظام لا تخلقه الصدفة… الصدفة لا تصنع إلا الفوضى.
إذا كان هناك نظام، فلا بد من "مُنظِّم"، وإذا كان هناك توازن، فلا بد من "مُوازِن". وإذا كان في الجسد حكمة، فلا بد من حكيم.
إن ما نشهده من نظام دقيق في هذا الكون، والذي اخترنا منه جسد الإنسان مثالًا حيًّا، إنما هو شاهد عظيم على وجود قوة عليا، لا يمكن وصفها أو الإحاطة بها من أحد، لأنها وحدها الجديرة بأن تصف ذاتها كما ذكرت، ولم يُعرف في تاريخ البشرية أن ادّعى أي كيان آخر – كائنًا من كان – مسؤوليته عن هذا النسق الكوني المُحكم، سوى الله سبحانه وتعالى، الذي أفصح عن قدراته، وعرّف بصفاته، في كتبه السماوية التي تنزّلت على أنبيائه.
لم يتصدَّ "إله آخر" عبر التاريخ أو الواقع ليقول: أنا من يدير هذا الكون، أو أنا من أوجد هذا الجسد المعجز، فألا يكفي هذا الصمت الكوني المهيب من كل الآلهة المزعومة، أمام تصدّر الله وحده لهذا البيان الوجودي، أن يكون محطة أزلية ليتوقف عندها كل ملحد، ويتأمل بصدق: من غير الله يستحق أن يكون هو الخالق؟
ومن غيره قال "وفي أنفسكم أفلا تبصرون"؟

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عجلون : ذينات ومنتدى جبل عُوف للثقافة يكرمان كوكبة من الحافظات لكتاب الله
عجلون : ذينات ومنتدى جبل عُوف للثقافة يكرمان كوكبة من الحافظات لكتاب الله

الدستور

timeمنذ 16 دقائق

  • الدستور

عجلون : ذينات ومنتدى جبل عُوف للثقافة يكرمان كوكبة من الحافظات لكتاب الله

عجلون - علي القضاة ضمن احتفالية في مركزشباب وشابات الهاشمية النموذجي في محافظة عجلون برموز الريادة والابداع كرم مدير عام شركة كهرباء اربد السابق المهندس أحمد ذينات ورئيس منتدى جبل عوف للثقافة معاذ الغرايبه كوكبة لحافظات القرآن الكريم خلال الاحتفال الذي احتضنه المركز مساء اليوم بحضور إباء وامهات المكرمات وفاعليات مجتمعية . وفي بداية الاحتفال رحب رئيس المنتدى معاذ الغرايبه مشيرا إلى أن المنتدى يسعى دائماً بتوجيهات من الرئيس الفخري الأستاذ عدنان مقطش للوقوف على كل حالات الإبداع والريادة وتكريمها وتحفيزها ليكون هذا الجيل الواعي الصاعد من عوامل بناء وريادة في هذ الوطن تحت ظل الراية الهاشمية، واشار المهندس ذينات إلى أن هذا الإنجاز الكبير يجب أن يسهم في رسم حياة ايجابية وتطبيق أخلاق القران وتعليماته وينعكس ايجابا على حياتنا مثمنا للاباء والأمهات هذا الإنجاز الكبير داعيا الله أن يكون في ميزان حسناتهم كما شكر منتدى جبل عوف على هذه المبادرة الكريمة . وتحدثت الطالبة جنى العرود عن تجربتها ورحلتها في حفظ كتاب الله والنور والإيجابية الروحانية والسلوكية التي أضفاها تعلّم القران على حياتها. كما تحدث العميد المتقاعد الشيخ راتب بني عطا عن فضل تعليم القران وتعلمه وأثره على المجتمع وعلى البشرية . وفي ختام الحفل الذي ادراته طالبة كلية الطب في جامعة اليرموك والحافظة لكتاب الله شيرين غرايبة وزع المهندس ذينات ومعاذ الغرايبه الهدايا على المكرمات .

ليلة استثنائية بالساحل.. تامر حسني يفاجئ مدير أعماله تامر يحيي في عيد ميلاده الخمسين
ليلة استثنائية بالساحل.. تامر حسني يفاجئ مدير أعماله تامر يحيي في عيد ميلاده الخمسين

مصرس

timeمنذ 21 دقائق

  • مصرس

ليلة استثنائية بالساحل.. تامر حسني يفاجئ مدير أعماله تامر يحيي في عيد ميلاده الخمسين

شهد الساحل الشمالي واحدة من أضخم الاحتفالات هذا الصيف، حيث احتفل رجل الأعمال والمنتج تامر يحيى، مدير أعمال النجم تامر حسني، بعيد ميلاده الخمسين في أجواء فنية راقية، وسط حضور نخبة من نجوم الفن والإعلام ورجال الأعمال. الحفل الذي وُصف بأنه الأكبر هذا العام، حضره عدد كبير من الشخصيات البارزة، في مقدمتهم النجم تامر حسني، والفنان إيهاب توفيق، والفنان الشامي، والفنان إدوارد، والمخرج رامي إمام، والفنانة مي سليم، والإعلامية رزان مغربي، إلى جانب الفنانين كريم أسامة وكريم صبحي، والمنتجين محمد عبد الوهاب وطارق فهمي، إضافة إلى عدد من رجال الأعمال ورواد مواقع التواصل الاجتماعي. بدأ الحفل في الرابعة عصرًا بعزف مميز لعازف الساكس الشهير قصراوي، تلتها فقرات غنائية متنوعة قدّمها كل من الفنانة شيري، والفنان عكاشة، والنجمة كارولينا كرم التي خطفت الأنظار بتفاعل الحضور الكبير معها. كانت المفاجأة الأبرز من النجم تامر حسني، الذي خصّ مدير أعماله باحتفال استثنائي، حيث قدّم له باقة من أغاني ألبومه الأخير "لينا ميعاد" الذي حقق نجاحًا جماهيريًا واسعًا هذا العام، كما شارك في الغناء مع الفنان الشامي والمطرب كريم أسامة بأغنيتي "ملكة جمال الكون" و"هو ده بقى" وسط أجواء مليئة بالحماس. وفي تصريح خاص، أعرب تامر يحيى عن سعادته البالغة بهذه المناسبة، قائلًا: "السنة دي كانت استثنائية جدًا بالنسبة لي على كل المستويات؛ أطلقت شركة إنتاج فني وقدمت مسلسلين هما (روح جدو) و(عهد أنيس)، وبجهز حاليًا لفيلم كبير ومسلسل جديد بعد الصيف إن شاء الله. ده غير شغلي الأساسي كمدير أعمال للفنان العظيم تامر حسني، ومشاركتي في الإشراف على فيلم (ريستارت) وألبوم (لينا ميعاد) الذي تصدر التريند على كل المنصات، والحمد لله الحفلات والحملات الدعائية حققت نجاحات كبيرة داخل وخارج مصر." واختتم قائلًا: "كان لازم أحتفل بكل ده، خصوصًا إن السنة دي مميزة جدًا بالنسبة لي، بعيد ميلادي الخمسين ومرور 25 سنة على زواجي، مناسبة مش هتتكرر غير بعد 25 سنة، فقررت أشارك الفرحة مع كل أصدقائي وحبايبي."

ما حكم الصلاة على النبي ﷺ للشفاء من الأمراض؟.. دار الإفتاء تجيب
ما حكم الصلاة على النبي ﷺ للشفاء من الأمراض؟.. دار الإفتاء تجيب

تحيا مصر

timeمنذ 31 دقائق

  • تحيا مصر

ما حكم الصلاة على النبي ﷺ للشفاء من الأمراض؟.. دار الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول صاحبه: ما مدى مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلبًا لرفع الوباء؟ وهل للإكثار منها أثرٌ في الوقاية من العدوى؟ وأجاب على السائل الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية السابق عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء قائلا: النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم هو رحمةُ الله للعالمين؛ فهو سببُ وصولِ الخير ودفْع الشر والضر عن كل الخلق في الدنيا والآخرة، وكما أنه صلى الله عليه وآله وسلم شفيعُ الخلائقِ؛ فالصلاةُ عليه شفيعُ الدعاء؛ فبها يُستجاب الدعاء، ويُكشف الكرب والبلاء، وتُستنزَل الرحمة والعطاء، وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم -وهو الصادق المصدوق- أنَّ الإكثار منها حتى تستغرق مجلس الذكر سببٌ لكفاية المرء كلَّ ما أهمه في الدنيا والآخرة، ووردت الآثارُ عن السلف والأئمَّة بأنها سببٌ لجلب الخير ودرء الضر، وعلى ذلك جرت الأمَّةُ المحمديةُ منذ العصر الأول، وتواتر عن العلماء أن عليها في ذلك المعول؛ حتى عدوا ذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم المستمرَّة بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، وتواترت في ذلك النقول والحكايات، وألفت فيه المصنفات، وتوارد العلماء على النص على مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإكثار منها في أوقات الوباء والطاعون والأزمات؛ فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو رحمة الله تعالى لكل الكائنات. إنعام الله على الأمة بإرسال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام سيدنا محمَّد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو أعظمُ مِنَن الحق على الخلق، وباب أسباب الخير الباطنة والظاهرة لكل مخلوق في الدنيا والآخرة، جعل الله رسالته رحمةً للعالمين، ودفعًا للنقمة عن المخلوقين؛ فقال سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في "الرسالة" (ص: 16-17، ط. مكتبة الحلبي): [فلم تُمْسِ بنا نعمةٌ ظهرت ولا بَطَنَت، نلنا بها حظًّا في دين ودنيا، أو دُفِعَ بها عنا مكروهٌ فيهما، وفي واحد منهما، إلا ومحمدٌ صلى الله عليه سببُها، القائدُ إلى خيرها، والهادي إلى رشدها، الذائدُ عن الهلكة وموارد السَّوء في خلاف الرشد، المنبِّهُ للأسباب التي تورد الهلكة، القائمُ بالنصيحة في الإرشاد والإنذار فيها] اهـ. وامتنَّ الله تعالى على عباده بأن أرسلَ لهم رسولَه صلى الله عليه وآله وسلم؛ رأفةً لهم ورحمةً بهم، يدفعُ عنهم المشقَّة والعناء، ويجلبُ لهم النِّعم والارتقاء؛ قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 128]. قال العلامة ابن عجيبة في "البحر المديد" (2/ 445، ط. حسن عباس زكي): [﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ﴾ أي: شديد شاق عليه ﴿عَنِتُّمْ﴾ أي: عَنَتُكُم ومَشقَّتُكم ولقاؤكم المكروهَ في دينكم ودنياكم ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ﴾ أي: على إيمانكم وسعادتكم وصلاح شأنكم ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ﴾ منكم ومن غيركم ﴿رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ أي: شفيق بهم] اهـ. وقد عبَّر عن ذلك الإمامُ العارف العلامة محمد بن أبي الحسن البكري الصِّدِّيقي الشافعي المصري (ت993هـ) شيخ أهل عصره، ومقدَّم علماء الأزهر الشريف في مصره في "لاميته" الشهيرة: "الوسيلة العظيمة"، التي ذكرها المؤرخ العيدروس في "النور السافر"، وأولها: ما أرسل الرحمـن أو يرسلُ .. من رحمة تصعد أو تنزلُ في ملكوت الله أو مُلكه .. من كل ما يختص أو يشملُ إلا وطه المصطفى عبدُه .. نبيُّه مُختاره المُرسَلُ واسطةٌ فيها وأصلٌ لها .. يعلم هذا كلُّ مَن يعقِلُ فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو شفيعُ الخلائق، فالصلاةُ عليه هي شفيعُ الدعاء، ومن فضلِ الله تعالى على هذه الأمَّة ورحمتِه بها أن جعل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسيلةَ الدعاءِ، وكاشفةَ البلاءِ، وجالبةَ البركاتِ، ومُستَنْزِلةَ الرحماتِ، وتوجَّه الأمر العام لجميع المؤمنين بالصلاة عليه؛ فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، وجعل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أفضلِ القُربات وأعظم الطاعات، بها يحقِّقُ الله تعالى المطلوب، ويُفرِّجُ الكُرُوب، ويرفعُ الوباء، ويدفعُ البلاء؛ فهي سببٌ لجلْب الخُيُور، ودفْع الشرور. فعن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذهب ربع الليل -وفي رواية: ثلثا الليل- قام فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللهَ، اذْكُرُوا اللهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ». قلت: يا رسول الله! إني أُكْثِرُ الصلاةَ عليك، فكم أجعلُ لك من صلاتي؟ فقال: «مَا شِئْتَ». قلت: الربع؟ قال: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قلت: النِّصْفَ؟ قال: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قلت: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قال: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ: أَجعلُ لك صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قال: «إِذن تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ» رواه الإمام أحمد، وعبد بن حُمَيْد في "المسند"، والترمذيُّ في "جامعه" وحسَّنه، والحاكمُ في "المستدرك" وصحَّحه، ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" بلفظ: «إذًا يَكْفِيكَ اللهُ مَا أَهَمَّكَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ». وهذا الحديثُ لا مزيدَ على دلالته في تفريج جميع الكروب الخاصَّة والعامَّة في الدنيا والآخرة. قال العلامة الدهلوي (ت1052هـ) في "لمعات التنقيح" (3/ 68، ط. دار النوادر): [أي: إذا صرفت جميع أزمان دعائك في الصلاة عليَّ، كُفِيتَ ما يهمك من أمور دنياك وآخرتك، على قياس: «مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ»، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: 2-3]، فمن كان لله ورسوله، كان الله ورسوله له، جعلنا الله منهم. قال بعضهم: لما صرف العبدُ سؤالَه وطلبَه ورغبتَه في مَحابِّ اللَّهِ ورسوله، وآثره على مَحابِّ نفسه، لا جرم استحقَّ جزاءً كاملًا، وفضلًا مخصوصًا، ويغنيه عن التشبُّث بأسباب ذلك، وهذه نكتةٌ غريبةٌ في قضاء حوائجِ العبد وكفاية مهماته لاشتغاله بالصلاة على النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم، فافهم] اهـ. حكم الصلاة على النبي ﷺ لرفع الوباء والشفاء من الأمراض قد تواترت الأخبار عن الأئمَّة الأخيار عبر الأعصار والأمصار بأنَّ الصلاة على المختار هي أعظمُ ما تُدرأ به الأخطار، وتوضع به الآصار والأوزار، وتُستَدْفَع به نوائب الأقدار، والملمات والمضار، حتى نقلوا في ذلك ما تتنوَّر به الصفحات، وتتعطر به الكتب والمصنفات، من متواتر الوقائع والكرامات، في تفريج الكربات، وجلاء الأزمات، ودفع الملمات، ببركة الصلاة والسلام على خير البريات، وسيد أهل الأرض والسماوات، ما عدُّوه من عظيم المعجزات المستمرة لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم بعد الممات. قال الإمام الحافظ أبو عمرو بن الصلاح (ت643هـ) في "أدب المفتي والمستفتي" (ص: 210، ط. مكتبة العلوم والحكم) وهو يتكلم عن معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم: [فإنها ليست محصورةً على ما وجد منها في عصره صلى الله عليه وآله وسلم، بل لم تزَلْ تتجدَّد بعده صلى الله عليه وآله وسلم على تعاقب العصور؛ وذلك أنَّ كراماتِ الأولياء من أُمَّته صلى الله عليه وآله وسلم وإجابات المتوسلين به في حوائجهم ومغوثاتهم عقيب توسلهم به في شدائدهم براهين له صلى الله عليه وآله وسلم قواطع، ومعجزات له سواطع، ولا يعدها عد ولا يحصرها حد، أعاذنا الله من الزيغ عن ملته، وجعلنا من المهتدين الهادين بهديه وسنته] اهـ. وقال الحافظُ السخاوي في كتابه الماتع "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع" (ص: 442، ط. دار الريان) صلى الله عليه وآله وسلم: [ومن تشفَّع بجاهه صلى الله عليه وآله وسلم، وتوسَّل بالصلاة عليه، بلغ مراده، وأنجح قصده، وقد أفردوا ذلك بالتصنيف، ومن ذلك: حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه الماضي وغيره، وهذه من المعجزات الباقية على ممر الدهور والأعوام، وتعاقب العصور والأيام، ولو قيل: إن إجاباتِ المتوسلين بجاهه عقب توسلهم يتضمَّن معجزاتٍ كثيرةً بعدد التوسلات، لكان أحسن؛ فلا يطمع حينئذٍ في عد معجزاته حاصر، فإنه ولو بلغ ما بلغ منها حاسر قاصر، وقد انتدب لها بعض العلماء الأعلام فبلغ ألفًا، وايم الله إنه لو أمعن النظر لزاد منها آلافًا تُلفَى، صلى الله عليه وآله وسلم تسليمًا كثيرًا، وحسبك قصة المهاجرة التي مات ولدها ثم أحياه الله عز وجل لها لما توسَّلت بجنابه الكريم، ويدخل هنا حديث أبي بن كعب رضي الله عنه وغيره من الأحاديث الماضية في الباب الثاني؛ حيث قال فيها: «إِذن تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ»، ولله الحمد] اهـ. وقد أفرد الأئمة كتبًا في تفريج الكروب، بالصلاة على الحبيب المحبوب صلى الله عليه وآله وسلم، كما صنع الإمام الحافظ المنذري (ت656هـ) صاحب "الترغيب والترهيب" في رسالته "زوال الظما، في ذكر من استغاث برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الشدة والعمى"، والإمام أبو عبد الله بن النعمان المراكشي (ت683هـ) في كتابه "مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام، في اليقظة والمنام"، والعلامة نور الدين الحلبي الشافعي (ت1044هـ) في كتابه "بغية ذوي الأحلام، بأخبار مَن فُرِّجَ كربُه برؤية المصطفى عليه الصلاة والسلام في المنام"، والإمام العارف بالله أحمد بن سليمان الأروادي الخالدي النقشبندي (ت1275هـ) في كتابه "مفرج الكروب، بالصلاة على النبي المحب المحبوب" صلى الله عليه وآله وسلم.. وغيرهم. فمن ذلك: ما ذكره العلامة الفيروزآبادي (ت817هـ) في كتابه "الصِّلَات والبُشَر، في الصلاة على خير البشر" (ص: 169-170، ط. سماح للنشر)؛ قال: [فمنها ما أخبرني العلامة أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الحسن، محدث مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشافهة، قال: نقل الإمام عمر بن علي اللخمي المالكي قال: أخبرني الشيخ الصالح موسى الضرير: أنه ركب في مركب في البحر المالح، قال: وقامت علينا ريح تسمَّى "الإقلابية" قلَّ مَن ينجو منها من الغرق، فضجَّ الناس خوفًا من الغرق، قال: فغلبتني عيناي فنمتُ، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: قل لأهل المركب يقولوا ألف مرة: اللهم صلِّ على سيدنا محمَّد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتقضي لنا بها جميع الحاجات، وتطهرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا عندك بها أعلى الدرجات، وتبلغنا بها أقصى الغايات، من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات. قال: فاستيقظتُ وأعلمتُ أهل المركب بالرؤيا، فصلينا نحو ثلاثمائة مرة، ففرَّج الله عنا، هذا أو قريبًا منه. قال أبو عبد الله: وأخبرني الشيخ الصالح الفقيه حسن بن علي بن سيد الكل المهلني الأسواني رحمه الله تعالى بهذه الصلاة، وقال: من قالها في كل مهم ونازلة ألف مرة فرج الله عنه وأدرك مرامه] اهـ. الإكثار من الصلاة على النبي عليه السلام عند الشدائد والنوازل قد اتفق العلماء على أنَّ من المواطنِ التي يُستحبُّ فيها الإكثارُ من الصلاة على النبي المختار الصلاةَ عليه عند الشدائدِ والنوازلِ وحلولِ الأوبئة؛ فإنَّ كثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم هي من أعظم أسباب النجاة من الأوبئة والطاعون. كما أنَّ الخلق مأمورون بالتضرُّع والدعاء عند نزول البأس والبلاء، بل جعل الله تعالى ترْكَ الدعاء حينئذ علامةً على قسوة القلب وتزيين الشيطان؛ فقال سبحانه: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 43]، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أعظم أسباب استجابة الدعاء. قال الشيخ ابن القيم الحنبلي في "جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام" (ص: 484، ط. دار عالم الفوائد): [الموطن الحادي والعشرون من مواطنِ الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم: عند الهم والشدائدِ وطَلَبِ المغفرة] اهـ، وذكر حديثَ أُبَيٍّ رضي الله عنه. وقد صنَّف في خصوص دفع الطاعون بالصلاة على النبي المأمون صلى الله عليه وآله وسلم الإمامُ الشاعرُ الأديب شهاب الدين أبو العباس بن أبي حَجَلة التلمساني الحنفي (ت776هـ)، فصنَّف كتابَه الماتع "دفع النقمة في الصلاة على نبي الرحمة"، وذلك لما فشا الطاعون الحادث بالقاهرة وضواحيها، وعمَّ غالب نواحيها، في جمادى الآخرة سنة أربع وستين وسبعمائة (764هـ)، حسبما جاء في مقدمة الكتاب، وقال فيه (ق: 3أ-3ب): [فلما كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تغفر الذنوب السالفة، وتنجي يوم الآزفة، من الراجفة تتبعها الرادفة، وغير ذلك ممَّا يكونُ سببَ السلامة، وتنجي من أهوال يوم القيامة، وكان هول هذا الطاعون الحادث.. مما خلع القلوب، وألحق من صلاة الجنازة فرضَ الكفاية بالمندوب، لا نشاهد منه إلا أهوالًا نعجز عن نعتها.. ولم أرَ ما يدفع خَطْبه المهول، مثل الصلاة على الرسول؛ إذ هي سببُ النجاة، وأعظم وسيلة وجاه، تدفع التب، وتطفئ غضب الرب، فألفتُ في فضل الصلاة عليه هذا الكتاب، العظيم البركات، المنجي من الهلكات، وسميته: دفع النقمة في الصلاة على نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم، وشرف وكرم، فدونك كتابًا يطرب السمع، ويقول لأحزاب الذنوب: سيُهزَم الجمع، مما تحصل به الزلفى، وتفوز يمناك بالمكيال الأوفى] اهـ. ثم قال (ق: 4ب-5ب): [فاتُّفِق أنه (يعني: الطاعون) حين خصصَ وعمَّ، وأسمع ناعيه رجب الأصم، اجتمعتُ بالشيخ الإمام العلامة شمس الدين محمد بن خطيب يبرود، فأجرينا ذكر الطاعون وسببه، وما يتعلق به، فأخبرني أنَّ بعض الصالحين أخبره أن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تدفعُ الطاعون، فتلقيت قوله بالقبول، وجعلت في كل حين أقوم وأقول: اللهم صلِّ على محمَّد وعلى آل محمَّد، صلاةً تعصمنا بها من الأهوال والآفات، وتطهرنا بها من جميع السيئات. ثم أشعت ذلك في القاهرة، وأخبرت به غالبَ أصحابي، فقال لي بعضهم حين أخبرته بذلك: يا مولانا والله الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تدفعُ كلَّ بلاء: الطاعونَ وغيره. فقابلتُه بالتعظيم، ووقع كلامُه مني بوقع عظيم، ثم اجتمعتُ بالشيخ شمس الدين المذكور، وأخبرتُه بما أجراه الله تعالى على لسان هذا القائل، من الكلام الطائل، فقال: لقد أحسن في الكلام المشار إليه، ولو رأيتُه قَبَّلْتُ يديه. ثم بعد ذلك وقع بيني وبين بعض الفقهاء بحثٌ في كلام الرجل الصالح المتقدم، فأخذت في تقويته] اهـ.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store