
مشروع حضاري يعزز بناء الإنسان
يشكّل التعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة حجر الأساس لمسيرة النهضة والتقدم، ويحظى برعاية مستمرة من القيادة الرشيدة التي جعلت منه البوابة نحو المستقبل المستدام واقتصاد المعرفة التنافسي. ومنذ تأسيس الدولة، كان الاستثمار في الإنسان الخيار الاستراتيجي الأهم، حيث اعتُبرت المعرفة ركيزة التنمية، والعلم مفتاحاً لبناء مجتمع واعٍ ومتمكّن من أدوات العصر.
وفي هذا السياق، جاءت مبادرات نوعية تعكس هذا التوجّه، من أبرزها مبادرة «تحدي القراءة العربي» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لتغدو أكبر مشروع معرفي باللغة العربية على مستوى العالم. وتهدف المبادرة إلى ترسيخ عادة القراءة لدى الطلبة، وبناء جيل مثقف، واعٍ، ومتمكن، قادر على الإسهام في نهضة الأمة ومواكبة متغيرات العصر بثقة واقتدار.
وتُنظم، اليوم الثلاثاء، احتفالية كبرى في مركز دبي التجاري العالمي لتكريم الفائزين في الدورة التاسعة لهذه المبادرة الملهمة، والتي شهدت مشاركة استثنائية تجاوزت 810 آلاف طالب وطالبة من مختلف إمارات الدولة. وعلى الصعيد الدولي، بلغ عدد المشاركين أكثر من 32 مليون طالب وطالبة من 50 دولة، يمثلون 132 ألف مدرسة، بإشراف أكثر من 161 ألف مشرف ومشرفة. وتشمل مراسم التتويج إعلان بطل التحدي على مستوى الدولة، إلى جانب الفائز في فئة أصحاب الهمم، والمشرف والمدرسة المتميزة.
وقد رسّخ «تحدي القراءة العربي»، على مدار دوراته السابقة، مكانته كأكبر تظاهرة معرفية باللغة العربية، إذ أسهم في غرس ثقافة القراءة في نفوس الملايين، وتعزيز ارتباط الأجيال الناشئة بلغتهم وهويتهم. ففي دورته الثامنة، شارك أكثر من 700 ألف طالب وطالبة من الإمارات، حيث تُوِّج الطالب أحمد فيصل علي من دبي بطلاً على مستوى الدولة، وفازت مدرسة الإبداع بلقب «المدرسة المتميزة»، بينما نال عاصم عبارة من أبوظبي لقب «المشرف المتميز»، وفاز الطالب سليمان خميس من الفجيرة بفئة أصحاب الهمم.
ومع تطور وسائل الاتصال وانتشار المنصات الرقمية، حرصت مبادرة «تحدي القراءة العربي» على مواكبة التحولات التكنولوجية، من خلال دمج الوسائط الرقمية في مختلف مراحلها، وتوسيع نطاقها عبر أدوات تفاعلية تسهّل الوصول وتزيد من جاذبية المشاركة. ومن ذلك إطلاق المنصة الإلكترونية الخاصة بالتحدي، التي تتيح للطلبة التسجيل وتتبع تقدمهم وتوثيق ملخصات قراءاتهم بشكل رقمي، ما يسهم في تعزيز التجربة التعليمية بطريقة مرنة وعصرية. وقد أسهم التفاعل الإعلامي الواسع، سواء على مستوى التغطية الصحفية أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، في تحويل المبادرة إلى حركة معرفية جماهيرية، يتفاعل معها المجتمع بمختلف فئاته، ويحتفي بإنجازات أبنائه في ميادين القراءة والتميّز. وقد ساعد هذا البُعد الإعلامي والتقني على ترسيخ حضور التحدي إقليمياً وعالمياً، وترجمة أهدافه إلى واقع ملموس يزداد عمقاً وانتشاراً عاماً بعد عام.
وتُنفَّذ مبادرة «تحدي القراءة العربي» عبر آلية منظمة تشمل جميع الطلبة من الصف الأول وحتى الثاني عشر، يمرون خلالها بخمس مراحل قرائية، يقرأون فيها 50 كتاباً، ويقومون بتلخيصها. وتُطلق سنوياً في شهر سبتمبر، وتُختتم بتصفيات نهائية تُقام في دبي خلال أكتوبر، بعد مراحل تقييم محلية وإقليمية.
ولا يقتصر أثر التحدي على الجوانب التعليمية، بل يمتد ليشكّل بيئة تربوية شاملة تنمّي مهارات التفكير النقدي والتعبير الإبداعي والانفتاح الثقافي، وتعزز الشعور بالانتماء للغة العربية، كما يشجع على مشاركة الأسرة والمؤسسات التعليمية في دعم المسيرة المعرفية للأجيال.
تمضي مبادرة «تحدي القراءة العربي» في ترسيخ حضورها كمشروع ثقافي وإنساني عابر للحدود، يعيد للقراءة مكانتها في وجدان المجتمع العربي، ويعزز موقع اللغة العربية كلغة حية قادرة على التعبير عن الفكر والمعرفة. وبهذا المسار المتصاعد، تؤكد الإمارات مجدداً أن بناء الإنسان هو الاستثمار الأبقى، وأن الكتاب سيبقى حجر الزاوية في مشروعها الحضاري المستقبلي. فكل كتاب يُقرأ هو خطوة نحو أمة أكثر وعياً، وكل قارئ ننهض به هو رصيد حضاري يضاف إلى مستقبل الوطن.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 8 ساعات
- البوابة
صلاة التسابيح.. واحة الصفاء الذهني وراحة النفس لمن يبحث عن القرب من الله
في رحلة الإنسان نحو القرب من الله تعالى، ينقسم الناس إلى فريقين؛ فريق يجهل بعض العبادات التي قد تُحقق له حالة من الصفاء الذهني وتساعده على تحمُّل متاعب الحياة، رغم أنه في أمسّ الحاجة إليها ويبحث عنها دون أن يعرفها حق المعرفة، وفريق آخر يبحث بالفعل عن وسائل روحية ترفعه وتُقرّبه من الله عز وجل، فيكتشف أن من بينها صلاة لا تُؤدى إلا مرة واحدة في العمر. وبين هؤلاء وأولئك يبقى من يحتار في رحلة البحث عن واحة الراحة النفسية فلا يجدها بسهولة. في هذا التقرير نسلط الضوء على صلاة التسابيح ، تلك الصلاة التي تمنح الفريقين معًا حالة نادرة من الصفاء الذهني والراحة النفسية، وتجدد في القلوب الإحساس العميق بالإيمان، بما يعين الإنسان على مواجهة صعوبات الحياة. نستعرض فيما يلي تعريفها، فضلها، كيفية أدائها، وأهم الأحاديث التي وردت فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما هي صلاة التسابيح؟ هي صلاة نافلة يؤديها المسلم مرة واحدة في العمر – ويجوز الإكثار منها – هدفها تحصيل حسنات وفيرة وتعزيز الصلة بالله عز وجل. تتميز هذه الصلاة بكثرة التسبيح لله تعالى أثناء الركعات، وهو ما ينعكس على روح المصلي صفاءً وطمأنينة. فضلها كما جاء في الحديث النبوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاة التسابيح مرة واحدة في عمره غفر الله له ذنوبه كلها». حديث يُبرز عظمة فضل هذه الصلاة وما تحققه للمسلم من مغفرة ورحمة. كيفية أدائها كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلّي المسلم أربع ركعات. في كل ركعة يقرأ الفاتحة ثم سورة قصيرة. بعد الانتهاء من القراءة، يقول: «سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر» خمس عشرة مرة. يُكرر هذا التسبيح أيضًا عشر مرات في الركوع، وعشرًا بعد الرفع من الركوع، وعشرًا في السجود، وعشرًا بعد الرفع من السجود، وعشرًا في السجدة الثانية، وعشرًا بعد الجلوس بين السجدتين، ليصل مجموع التسابيح في الركعة الواحدة إلى 75 تسبيحة. يُختتم الصلاة بالتشهد والتسليم كالمعتاد. وقتها وعدد مرات أدائها ليس هناك وقت محدد لأداء صلاة التسابيح؛ يمكن أداؤها في أي وقت من الليل أو النهار، ولا يُلزم أن تُؤدى مرة واحدة فقط في العمر؛ بل يُستحب الإكثار منها لمن استطاع. نصائح هامة عند أدائها النية الصادقة: اجعل نيتك خالصة لله تعالى. الخشوع: حاول أن يكون قلبك حاضرًا وخاشعًا أثناء الصلاة. المواظبة: المداومة على هذه الصلاة - وإن قلّت مرات أدائها - تُحقق أثرًا روحيًا عميقًا. ثمارها ونتائجها غفران الذنوب وزيادة الحسنات. تعزيز قوة الإيمان والثقة بالله عز وجل. إحساسٌ عميق بالطمأنينة والسكينة. صفاء ذهني ونفسي يُساعد المسلم على مواجهة صعوبات الحياة برضا وصبر. صلاة التسابيح ليست مجرّد أركان وحركات، بل هي جسرٌ روحي يصل قلب المسلم بربه، ويمنحه راحة وطمأنينة يحتاجها في زحام الحياة. نسأل الله أن يُعيننا على المحافظة عليها واتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.


الاتحاد
منذ 12 ساعات
- الاتحاد
رئيس «الشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة» يتفقد مساجد الظفرة
أبوظبي (الاتحاد) قام معالي الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، بجولة ميدانية تفقدية على عدد من المساجد في منطقة الظفرة، يرافقه أحمد راشد النيادي مدير عام الهيئة، وعددٌ من المسؤولين فيها، واطمأنَّ على مستوى الخدمات المقدمة للمصلين، ومدى جاهزية المرافق وصيانتها، بما يحقق راحة وطمأنينة رواد بيوت الله. تحسين مستمر وتأتي هذه الجولة في إطار حرص الهيئة على متابعة شؤون المساجد على مستوى الدولة والاطلاع على احتياجاتها، وتعزيز جهود التحسين المستمر، بما يتماشى مع رؤية القيادة الرشيدة في الاهتمام بدور العبادة ودعمها، وتوفير كل متطلباتها لتؤدي رسالتها في المجتمع باعتبارها مصدر إشعاعٍ علمي وثقافي وحضاري يعكس روح التعاون والتسامح والمودة بين أفراد المجتمع.


الاتحاد
منذ 12 ساعات
- الاتحاد
403 حلقات قرآنية تحتضن 6787 طالباً بدبي
دبي (الاتحاد) كشفت دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي عن نتائج النصف الأول من عام 2025 لمراكز مكتوم للقرآن الكريم وعلومه، والتي سجّلت تنظيم 403 حلقات قرآنية نشطة، احتضنت 6787 طالباً وطالبة من مختلف الفئات العمرية، من بينهم 2803 مواطنين ومواطنات، في مؤشر واضح على تصاعد الثقة المجتمعية بدور المراكز في بناء جيل قرآني معتز بقيمه وهويته. ويأتي هذا الإقبال المتزايد تأكيداً على نجاح جهود الدائرة في أن تكون أقرب إلى المجتمع، وتعزيز رسالتها في صناعة جيل قرآني راسخ في هويته، وواعٍ برسالته الدينية والإنسانية. كما شهدت المراكز خلال العام الجاري تخريج 16 حافظاً وحافظة للقرآن الكريم كاملاً، وفوز 13 طالباً وطالبة بمراكز متقدمة في مسابقات قرآنية محلية، ما يعكس جودة البرامج التعليمية والكوادر المؤهلة التي تقدمها المراكز التابعة للدائرة. وأكد الدكتور عبدالله عبدالجبار، مدير إدارة مراكز مكتوم للقرآن الكريم وعلومه بالإنابة، أن هذه النتائج تعكس المكانة المتنامية للمراكز في قلوب أبناء المجتمع الإماراتي، في ظل ما تحظى به من دعم غير محدود من القيادة الرشيدة، وحرصها على أن تكون دبي منارة قرآنية عالمية، تحتضن الأجيال وتغرس فيهم القيم القرآنية النبيلة. وأشار إلى أن الدائرة تواصل العمل على تطوير المناهج والبرامج، بما يسهم في إعداد شخصية قرآنية متزنة، قادرة على حمل الرسالة بثقة ووعي، ومواكبة تطلعات القيادة في بناء مجتمع متماسك، مستنير بتعاليم كتاب الله.