logo
المجلس الرئاسي . . إما الحلُّ أو الحلُّ

المجلس الرئاسي . . إما الحلُّ أو الحلُّ

اليمن الآنمنذ يوم واحد
المقصود بالحل الأول هو وضع نهاية للمشكلات والمعضلات التي أخفق مجلس القيادة الرئاسي إخفاقاَ بيناً وكلياً في معالجتها والخروج بالبلاد التي يحكمها ويتحكم في رقاب أهلها من متاهة العذابات الممنهجة والعارضة التي تسبب بها هذ المجلس في حياتهم، وهذا ما يقر به جميع الفرقاء السياسيين وعلى رأسهم تلك القوى التي يمثلها أعضاء هذا المجلس.
أما الحل الثاني فالمقصود بها اتخاذ القرار الشجاع الذي يفترض أن يقضي بتفكيك وإنهاء هذا المجلس العالة على من يتحكم في مصائرهم ويسومهم سوء العذاب كما يفعل السجان الجلاد العتل مع مسجونيه الضحايا المظلومين.
لقد أكمل مجلس القيادة الرئاسي ثلاث سنوات وقرابة ثلاثة أشهر منذ اختطافه السلطة من الرئيس الشرعي المنتخب من قبل اليمنيين، الفريق عبد ربه منصور هادي، أطال الله بعمره، وقد توقَّع الكثيرون ومنهم كاتب هذا السطور بأن بعض أعضاء المجلس يتمتعون بقدر من الشعور بالمسؤولية وأنهم سيعملون بكل ما أوتوا من قوة للبرهان بأنهم أكثر قدرة من سلفهم على الخروج بالبلد من دائرة الحرائق المتواصلة، ولو من باب إثبات تفوقهم على سلفهم وتبرير تهجم إعلامهم على فخامته، وهم الذين ظلت وسائل إعلامهم وكتابهم يكيلون له الشتائم والاتهامات بالفشل والعجز، والضعف في اللغة العربية، وقال أحد الكتاب المؤتمريين (من أصحاب مؤتمر الرياض) لأول مرة لدينا رئيس يتحدث العربية بفصاحة وبإتقان للقواعد النحوية والبلاغية، وكأن معاناة الشعب الذي يتحكم هؤلاء برقاب أبنائه سببها عدم إتقان رئيسه للغة العربية الفصحى أو كأن الرئيس الجديد سيقضي على الجوع والفقر وانهيار الاقتصاد وتدهور وغياب الخدمات وتفشي الأوبئة بجملة اسمية أو بفاعل مرفوع أو بجار ومجرور أو بقصيدة شعرية، وليس بالحكمة والضمير الحي والشعور بالمسؤولية وبالابتكار السياسي وصناعة المآثر، وكل هذا هو ما يفتقد له معظم القائمين على هذا المجلس البائس.
لكن رهان المراهنين وحماس المتحمسين خابا منذ الأسابيع الأولى عندما تضاعفت في عدن وبقية محافظات الجنوب ساعات انقطاع الكهرباء وتراجع مستوى الخدمات العامة وعلى رأسها الخدمات الطبية والتعليمية والبلدية وخدمات المياه، ومستوى توفير الوقود اللازمة لتحريك كل العمليات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والخدمية وتراجع مستوى توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين وتضاعف انهيار قيمة العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية مما ضاعف من مستوى التضخم وجعل القدرة الشرائية للغالبية العظمى من المواطنين تصل إلى أسوأ مستوياتها منذ أن عرف الناس العملات الورقية والمعدنية، وباختصار حينما أثبت مجلس القيادة الرئاسي عجزه المفضوح عن القيام بما تقوم به أية سلطة ولو حديثة النشأة، أما بعد أكثر من ثلاث سنوات فلم يعد هذا المجلس يذكر إلا مقروناً باللعنات والتعويذات وعبارات السخط والتشاؤم وبالسخرية في أحسن الأحوال.
ومع الإقرار بالمواقف المتميزة لبعض أعضاء المجلس ممن ما تزال سجلاتهم خاليةً من ورطات ومساوئ السلطات المتعاقبة على هذا البلد البائس فإن المجلس بحالته العمومية الراهنة لم يعد يمثل إلا كابوساً لكل أبنا الجنوب، - وأنا أتحدث عن الجنوب لأنه الجمهورية التي يديرها مجلس القيادة الرئاسي هذا- ومن هنا يأتي الحديث عن حلِّ هذا المجلس، نظراً لأنه لم يضف إلى أزمات البلاد المتناسلة إلا مزيداً من الحالة الطفيلية بما يمثله من عبءِ منهك للموازنة العامة التي لم تعد تمتلك من الموارد ما يغطي الجزء اليسير مما تحتاجة نفقات الضرورة القصوى بعد أن ابتلع الفساد والفاسدون النصيب الأكبر من كعكتها.
ربما سنحتاج إلى وقفة قادمة ومطولة لتحليل أسباب وعوامل الفشل الذريع لمجلس القيادة الرئاسي في القيام بواجبات أي سلطة تدير بلدة أو مديرية أو حتى قرية، فما بالنا ببلد بها من السكان ما يفوق العشرة ملايين (منهم أكثر من أربعة ملايين من النازحين)، ومساحة مقدارها 375 ألف كم مربعاً، لكننا سنتعرض وبصورة سريعة الأسباب التي كنا قد حذرنا منها منذ الشهور الأولى لإعلان هذا المجلس وأهمها:
1. وجود أكثر من ثلاث أو أربع أجندات مختلفة وبعضها متناقضة لدى أعضاء هذا المجلس.
2. تجاهل عامل الأرض والسكان والموارد، عند إسناد مهمة الرئيس، ولست بحاجة إلى التفصيل في ما كنت قد تعرضت له مرات عديدة، وأقصد حقيقة أن الأرض والشعب والثروة والموارد بشكل عام والانتصار الذي تتكئ عليه شرعية هذا المجلس هي جنوبية، بينما يتسلم قيادة هذا المجلس رئيس لا يستطيع زيارة قريته لأنها تقع مع مديريته وأكثر من 90% من محافظته تحت هيمنة الجماعة الحوثية، وما ينطبق على الرئيس ينطبق على جميع زملائه أعضاء المجلس الشماليين.
وهناك عوامل وأسباب أخرى لا تقل أهمية عن ذينك السببين، سنتوقف عندها في مناسبة قادمة، لكن مهما يكن الأمر فإن هذا المجلس الذي تفوق في عجزه عن جميع المعاقين إعاقةً كاملة أمام خيارين: إما الوقوف بجدية ومسؤولية وصرامة وصدق ( ونعتقد أن هناك من أعضائه من لا يزال يتخلى بهذه الخصال) لمعالجة المعضلات التي تحول دون قيام المجلس بعمله ومنها إعادة النظر في توزيع المسؤوليات بين أعضائه، وإلا فحل المجلس وإحالة من يستحق من أعضائه الإحالة إلى التقاعد هي الحل الأمثل وتقديم بديل أكثر فاعلية وعملية ومسؤولية للخروج بالجنوب من المآزق المتشعبة التي وضعته فيها شرعيات العجز والفشل والخصومة التاريخية مع الجنوب والجنوبيين.
وللحديث بقية
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سبأ: مجلس الوزراء يستنكر جريمة تصفية الحوثيين للشيخ حنتوس وحفيده
سبأ: مجلس الوزراء يستنكر جريمة تصفية الحوثيين للشيخ حنتوس وحفيده

اليمن الآن

timeمنذ 38 دقائق

  • اليمن الآن

سبأ: مجلس الوزراء يستنكر جريمة تصفية الحوثيين للشيخ حنتوس وحفيده

يمن ديلي نيوز: استنكر مجلس الوزراء (الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً)، اليوم الأربعاء 2 يونيو/حزيران، ما وصفه بـ'الجريمة النكراء' التي ارتكبتها جماعة الحوثي المصنفة إرهابية، بتصفية الشيخ صالح حنتوس وحفيده حمزة، واستهداف منزله في مديرية السلفية بمحافظة ريمة (غربي اليمن). وقالت الحكومة اليمنية – وفق وكالة الأنباء اليمنية 'سبأ' – إن 'الجريمة تذكّر بالسجل الأسود للمليشيات في التنكيل بالمواطنين وإرهابهم، كسلوك انتقامي ثابت في نهجها ومشروعها الإمامي الكهنوتي'. وأضافت: 'جرائم مليشيا الحوثي وانتهاكاتها السافرة بحق اليمنيين الرافضين لمشروعها القمعي والطائفي لن تمر دون محاسبة وعقاب'. جاء ذلك خلال اجتماع للحكومة اليمنية، اليوم في عدن (العاصمة المؤقتة لليمن)، ترأسه رئيس الوزراء 'سالم بن بريك'. ومساء أمس، قُتل مدير دار القرآن الكريم في مديرية السلفية بمحافظة ريمة، الشيخ صالح حنتوس (72 عاماً)، فيما أُصيبت زوجته خلال هجوم مسلح استمر لساعات، شنّته جماعة الحوثي على منزله، الذي كان متحصناً فيه مع أسرته. وفي وقت متأخر من مساء الاثنين، أفادت مصادر محلية لـ'يمن ديلي نيوز' بقيام جماعة الحوثي بنقل عتاد وأسلحة إلى منزله، دون ذكر مزيد من التفاصيل. وفي تسجيل صوتي متداول قبل مقتله، قال الشيخ حنتوس إن الحوثيين أطلقوا النار عليه داخل المسجد في محاولة لاغتياله، متهماً إياهم بنهب رواتبه ورواتب زوجته، وإطلاق النار على أولاده في السوق. وأضاف: 'أنا مظلوم. أخذوا مرتباتي ونهبوا المبنى، ثم أطلقوا النار على أولادي داخل السوق. توجهنا إلى الدولة، لكن لم ينصفنا أحد. الآن يهددونني بقصف منزلي. حسبنا الله ونعم الوكيل. إن شاء الله تكون شهادة في سبيل الله'. وأثار مقتل الشيخ حنتوس موجة واسعة من الحزن والتعاطف في الأوساط الشعبية اليمنية، انعكست في ردود فعل مستنكرة للحملة التي نفذتها جماعة الحوثي ضد شيخٍ مسنٍ أعزل، كان متحصناً في منزله برفقة زوجته وأفراد أسرته. مرتبط مجلس الوزراء الشيخ صالح حنتوس

لقاء لعلماء وخطباء الضالع يؤكد وجوب اتحاد المسلمين لنصرة غزة
لقاء لعلماء وخطباء الضالع يؤكد وجوب اتحاد المسلمين لنصرة غزة

26 سبتمبر نيت

timeمنذ ساعة واحدة

  • 26 سبتمبر نيت

لقاء لعلماء وخطباء الضالع يؤكد وجوب اتحاد المسلمين لنصرة غزة

عقد في محافظة الضالع لقاء موسّع للعلماء والخطباء بالمحافظة، تحت عنوان "وجوب اتحاد المسلمين لنصرة غزة وتأييد إيران في مواجهة أعداء الأمة: أمريكا وإسرائيل". وفي اللقاء، أكد أعضاء رابطة علماء اليمن صالح الخولاني، ورضوان المحياء، وحميد الغياثي، وعلي الوشلي، أهمية وحدة الصف الإسلامي ودعم قضايا الأمة، خاصة قضية فلسطين. وتطرّقوا إلى ما تتعرض له غزة من عدوان وحصار، وجريمة حرب إبادة جماعية من قِبل كيان العدو الإسرائيلي، ما يتوجّب معه اتحاد المسلمين ووقوفهم بحزم لنصرة الأشقاء في قطاع غزة. وأدان بيانٌ صادر عن اللقاء الانتهاكات الصهيونية بحق المسجد الأقصى والجرائم في الضفة الغربية.. مشيرًا إلى أن الخذلان العربي والتواطؤ الإقليمي يشجّعان العدو على ارتكاب المزيد من المجازر. واستنكر اللقاء التمويل العربي للعدوان الأمريكي والصهيوني.. مشيرًا إلى المبالغ الضخمة التي دُفعت للإدارة الأمريكية خلال زيارة ترامب. كما أكد العلماء رفضهم القاطع للعدوان على إيران، وحرمة تأييده.. معبّرين عن أن التطبيع مع الكيان الصهيوني خيانة للأمة الإسلامية. ودعا البيان علماء الأمة إلى تحمّل مسؤولياتهم في توضيح الموقف الشرعي من الصراع، وإدانة العدوان على الدول الإسلامية.. محذرًا من الفتن الطائفية والمذهبية، والكف عن خدمة الأجندات الخارجية. وعبّر العلماء عن فخرهم بموقف الشعب اليمني وقيادته ممثلةً بقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في دعم فلسطين ومحور المقاومة.. مؤكدين أهمية الوعي في الصراع مع أعداء الأمة. كما دعوا الشعوب الإسلامية إلى الثقة بوعد الله بالنصر.. مؤكدين أن النصر حليف الصابرين.

حين يكون العنف عقيدة: لماذا يستحيل التعايش مع الحوثي؟
حين يكون العنف عقيدة: لماذا يستحيل التعايش مع الحوثي؟

الصحوة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الصحوة

حين يكون العنف عقيدة: لماذا يستحيل التعايش مع الحوثي؟

لم تكن جريمة استشهاد الشيخ صالح حنتوس في محافظة ريمة، بعد استهدافه بالقذائف داخل منزله من قِبل مليشيات الحوثي، مجرد حادثة فردية عابرة، بل فصلًا جديدًا في سجل العنف الدموي الذي تمارسه الجماعة ضد كل من لا ينتمي لمشروعها الطائفي. مشهد اغتيال "الشيخ حنتوس" الذي لا يفرّق بين جبهة قتال وساحة بيت آمن، كشف بوضوح طبيعة المليشيا التي لا تعبأ بحرمة النفس، ولا تقدّس منزلًا، ولا تُبجّل مسجدًا، ولا تحترم دور تعليم كتاب الله. الشيخ حنتوس لم يكن قائدًا عسكريًا ولا زعيمًا سياسيًا، بل معلّم قرآن ووجه اجتماعي معروف في منطقته باعتداله ونشاطه التربوي والديني، ومع ذلك، لم تشفع له سلميته ولا حياده؛ لأن الحوثية لا ترى في المخالفين شركاء، بل أعداء يجب إخراسهم بالعنف. وهنا تتجلّى الحقيقة الأكثر وضوحاً حيث لم تكن الحوثية يومًا سوى مشروع عنف متمدّد، منذ نشأتها كمليشيا متمردة على الدولة، تمارس التوحش من الكلمة حتى الطلقة منذ أول حروبها ضد اليمنيين في العام 2004. لا تؤمن هذه المليشيات بدستور، ولا تلتزم بمواثيق، ولا تحترم حرمة النفس التي حرّم الله، ولا المساجد التي تفجّرها، ولا مراكز تعليم القرآن التي تغلقها وتدمرها، كل ما لا يخضع لسرديتها العقدية الطائفية يُصنَّف عدوًا، وكل من يحافظ على استقلاله يُستهدف بالتخوين أو التصفية. تؤكد جريمة ريمة مجددا أن العنف في هذه المليشيات متجذرا وأن الرهان على "أنسنتها" أو دمجها في الحياة السياسية هو رهان خاسر، فالحوثي لا يرى نفسه طرفًا سياسيًا، بل وصيًا إلهيًا، يحتكر الحقيقة والحكم، ويرى في التعدد والتعايش تهديدًا لسلطته. وما لم تُجرَّد هذه المليشيات من القوة، وتُجرَّم كأيديولوجيا قائمة على التمييز والهيمنة الطائفية، فإن كل حديث عن سلام مستدام أو شراكة وطنية سيظل مجرد وهم. منذ ظهورها بمحافظة صعدة، تبنت الحوثية سياسة تقوم على الإقصاء الدموي لكل مخالفيها، سواء أكانوا من التيارات الدينية الأخرى، أو من خصومها السياسيين، أو من المواطنين المستقلين الذين يرفضون الخضوع لها، فقد دمّرت التعايش الراسخ بالمحافظة من خلال تهجير يهود آل سالم والقبائل الذين لم يخضعوا لها وطردت السلفيين وأنهت مركزهم العلمي الموجود منذ عقود. وحين سيطرت على العاصمة صنعاء بالقوة في سبتمبر ٢٠١٤، طبقت نفس السياسة على نطاق واسع حتى على أولئك الذين صدقوا شعاراتها الزائفة وتعاونوا معها، فكان جزاؤهم التصفية والسجن والنفي من عمران وحجة إلى صنعاء، إلى البيضاء وبقية المحافظات التي وصل عنفها المنفلت إليها. تتكرر مشاهد الاستهداف الوحشي لكل من يخرج عن مسارها، سواء أكان عالم دين، أو شيخ قبيلة، أو ناشطًا مدنيًا أو حتى مواطنا أعزلا يطلب الله في عربية، انطلاقا من نهجا الإيديولوجي المنظم الذي يرى في المخالف خطرًا وجوديًا يجب القضاء عليه. تأتي جريمة اغتيال الشيخ حنتوس ضمن مشروع طائفي يستهدف تغيير الهوية الدينية والثقافية لليمن. وكما قال الباحث الحقوقي همدان العلي: "تصفية الشيخ صالح حنتوس ليست حادثة عارضة، بل ضمن مخطط لفرض التشيّع ومصادرة الحق الديني لأبناء اليمن في التمسك بعقيدتهم السنية. الحوثيون يمضون في تنفيذ هذا المخطط بلا خجل، مستغلين حالة الخداع التي انطلت على بعض اليمنيين والعرب تحت شعارات مثل تحرير القدس، أو محاربة الفساد". ويضيف: "المؤلم أن كثيرًا من علماء السنة في اليمن وخارجه يلتزمون الصمت، رغم أن ما يجري هو استهداف منظم لهويتهم. لا بد من كسر هذا الصمت وإعلان الحقيقة كما هي: الحوثي يستهدف إنسانية اليمنيين عبر فرض التشيّع ومحو الاعتقاد السني". هذا التصريح يكشف بوضوح أن جريمة ريمة لا تخص منطقة بعينها، بل تعكس صميم عقيدة الحركة الحوثية، التي تتجاوز السياسة إلى اختراق ونسف البنية الدينية والاجتماعية للمجتمع اليمني. انتهاكات موثقة بلا ردع مركز الشيخ حنتوس لتحفيظ القرآن كان أحد روافد التعليم الديني المعتدل في ريمة، ويحظى باحترام واسع، لكن الحوثيين، الذين يرون في أي نشاط ديني مستقل تهديدًا وجوديًا، اقتحموا المركز في 2021، فتشوه بحثًا عن أسلحة ولم يجدوا شيئًا، ومع ذلك أغلقوه، واحتلوا مساكنه، وهددوا الشيخ، وأجبروه على التدريس داخل المسجد. وفي مفارقة مثيرة للسخرية، قاد الحملة ضده القياديان الحوثيان فارس روبع وفؤاد الجرادي، وهما ذات الشخصين اللذين خرجا بعد أيام في فعاليات "نصرة فلسطين" يتحدثان عن الجرائم الإسرائيلية! لكن ما فعلوه في ريمة لا يختلف في جوهره عمّا يفعله الاحتلال في غزة: تفجير، قتل، حصار، وتصفية ممنهجة للهوية. تقارير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة بين 2017 و2023 وثّقت العشرات من جرائم الاغتيال والتعذيب والاختفاء القسري بحق مشايخ دين، ومعلمين، وناشطين. في تقرير 2022، قال الفريق: "الحوثيون يمارسون قمعًا منظّمًا وممنهجًا ضد أي شخصية لا تتماهى مع فكرهم، ويستخدمون الاعتقال والتعذيب والقتل كوسائل لإخضاع المجتمع". كما وثّقت منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية عمليات اغتيال وتصفيات جسدية بحق رموز دينية مناهضة للحوثي، بل وصنّفت بعض هذه الانتهاكات ضمن جرائم الحرب. ومع ذلك، لم يُفعَّل أي رادع دولي حقيقي، وظلت هذه التقارير حبيسة الأدراج، بينما تحوّلت الدعوات إلى "التهدئة" إلى غطاء للوحشية المتزايدة. دموية الحوثيين واستحالة التعايش الخطورة لا تتوقف عند الاغتيالات الجسدية فحسب، بل تتعداها إلى ما يمكن وصفه بـ"الاغتيال المجتمعي والثقافي"، الحوثيون يدركون أن السيطرة الفعلية على اليمن تمر عبر إخضاع العقل الديني والاجتماعي، وليس فقط الأرض. لذا فإن تصفية الشيخ حنتوس، ليس مسألة أمنية، بل إخراس لصوت لا يقبل أن يتحول الدين إلى سلاح طائفي. إنها رسالة للآخرين "إمّا أن تكون معنا أو تصير جثة"، وهو نهج لا يُنتج سوى مزيد من العنف، والانقسام، والمجتمع الخائف الذي يخنق الحريات ويُميت التعددية. ولا يتوقف خطر الحوثيين عند القتل الجسدي، بل يمتد إلى "اغتيال التنوع والتعدد" في المجتمع، فالمعركة بالنسبة لهم ليست على الأرض فقط، بل على العقول، ويُعد إسكات صوت معتدل كصوت حنتوس، رسالة مرعبة: "إما أن تكون معنا... أو تُمحى". ويبرز الفكر الإقصائي المعلن في أكثر من خطاب، صرّح زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بأن مشروعه "إلهي"، وأن خصومه "أعداء الله" وفي أحد خطاباته قال: "نحن مؤمنون أن من يعادي مسيرتنا، فقد عادى الله" وهذا الخطاب ينزع عن الآخر كل شرعية، بل حتى صفته الإنسانية. بالإضافة إلى أن السلوك العملي يوضح أنه لا توجد منطقة سيطر عليها الحوثي إلا وأخضعها لهيمنة أمنية وعقائدية مطلقة، فمن المدارس، المساجد، الجمعيات، وحتى الأعراس، أصبحت ساحات لبث خطاب الجماعة، كل صوت مستقل يُخنق، وكل نشاط غير مرخص لهم يُغلق أو يُقصف. وتؤكد تقارير حقوقية دولية ومحلية، أن الجماعة مارست التطهير الطائفي، والتمييز الديني، والاعتقال بناءً على المذهب، بل وأعادت تصنيف المواطنين وفق "الهوية الإيمانية" المزعومة. كما أن كل محاولات الشراكة من الحوثيين فشلت سواء منذ مشاركتهم بالحوار الوطني الشامل 2013 وحتى الآن جميعها انتهت بالفشل ليس لأن الخصوم رفضوا، بل لأن الحوثي ينقض كل اتفاق بمجرد أن يلتقط أنفاسه. لا يمكن التعايش مع جماعة ترى في الوطن غنيمة، وفي المواطن المختلف معها عدوًا، وتسعى لبناء "دولة الطائفة الواحدة"، الحوثي لا يؤمن بالشراكة ولا بالديمقراطية، بل بالحكم بالسلالة والعقيدة المفروضة. تجاهل هذه الحقيقة لن يؤدي إلا إلى مزيد من الدماء والانهيار واليمن لا يحتمل المزيد من الكوابيس المغلّفة بشعارات كاذبة. جريمة اغتيال الشيخ حنتوس لحظة يجب أن يتوقف عندها الجميع. ليست لأنه شيخ، بل لأن استهدافه يرمز إلى اتجاه مرعب تسير نحوه البلاد: حرب هوية، وإبادة تعدد، وتفكيك نسيج المجتمع. آن الأوان لأن يُسمى الحوثي باسمه الحقيقي: جماعة دموية طائفية لا تختلف في جوهرها عن الحركات المتطرفة التي تستخدم الدين كسلاح قمع وهيمنة، كما أن السكوت على جرائمها اليوم، يعني منحها ترخيصًا بمزيد من الدم غدًا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store