"جبل طويق" ملهم الساسة ورمز التاريخ ومنارة المستقبل
الرياض - لطالما كانت الجبال الشاهقة شاهدة على أزمنة وحضارات وأمم مضت، وعلى جدرانها خطت الرسائل ورسمت النقوش وخطت الوقائع لتبقى ما بقي الإنسان، ومن على سفوحها عمر الإنسان أرضه ومنه استلهم قوته التي لا تضمحل.
وفي السعودية، تمتد سلسلة "جبال طويق" شاهقة الارتفاع التي ارتبطت بها همة الإنسان السعودي، في وسط نجد مسافات تتجاوز 800 كيلو متر.
ويشار إليه أنه أحد أهم المعالم الجغرافية في الجزيرة العربية، حيث تبدأ من رمال الثويرات شمال محافظة الزلفي، ويذهب مجنبًا حتى يندفن طرفه في الربع الخالي جنوبًا، أي بما تقدر مسافته بألف كيلو متر، وفيه وحوله خضراء اليمامة من نخيل وزروع ومدن وقرى وتسيل منه عشرات الأودية الكبار .
"وامتداده على شكل قوس أو «طوق» لأنه يطوّق ويحيط بمنطقة واسعة، ويمكن رؤيتها من الفضاء الخارجي، ولها قمم حادة تُعبّر عن القوة والشموخ والثبات.
وتنحدر السفوح الشرقية لسلسلة جبال طويق بشكل تدريجي، بخلاف الجانب الغربي الذي ينقطع بشكل مفاجئ، وتنحدر على جانبه الشرقي عدة أودية أشهرها وادي حنيفة الذي تقع على ضفافه مدينة الرياض، كما تفلجه بشكل كامل من الغرب إلى الشرق أودية مهمة مثل: العتش، ولحاء، والأوسط، ونساح، وبرك، والسليل، والفاو، وهو آخرها جنوبًا، وحدد معالمها وروافدها الهجري والهمداني والبكري والأصفهاني والحموي والبليهد والجاسر وابن خميس.
وتركّزت معظم حواضر منطقة جنوب ووسط نجد تاريخيًا حول "جبل طويق" وعلى الأودية المنحدرة على جوانبه منذ العصر الجاهلي، ويسمى الجبل تاريخيًا بـ «جبل العارض " أو «عارض اليمامة»، وظل هذا الاسم القديم معروفًا حتى العصور الحديثة، وعليه سميت بلاد العارض التي تشمل الرياض ومحافظاتها المحيطة بها، مثل: ضرما والمزاحمية والدرعية والعيينة والجبيلة وسدوس وغيرها لوقوعها عليه، كما يشكل جبل طويق حاجزًا بين قرى سدير من الشرق وقرى الوشم من الغرب، ويحتل وادي البطين الجزء الغربي من سلسلة طويق الشامخة.
ومن أبلغ الوصف لهذا الجبل الأشم، هو قول الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم:
فأعرضت اليمامة واشمخرت، كأسياف بأيدي مصلتينا.
وتابعه في العصر الحديث شاعر ومؤرخ اليمامة الشيخ عبدالله بن خميس في قوله:
يا جاثما بالكبرياء تسربلا..... هلاّ ابتغيت مدى الزمان تحوّلا.
شاب الغراب وأنت جلد يافعا.... ما زعزعت منك الحوادث كاهلا.
ومنهم من سماه العارض كما أسلفنا لاعتراضه كقول الشاعر:
وأكاد من شغفي بما أنشدته....أطوي إليك تهامة والعارضا.
وآخرون قالوا عنه "طويق"، فهو جبل (اليمامة والعارض وطويق)، يقول أحدهم:
ولو أن قلب طويق باح بسره.... لم يَعْدُ ما هو شَفَّ عنه مجلجلا .
ومن خشوم طويق الشامخة وأطواله الممتدة ومناكبه العملاقة، استشف الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز - ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، مقولته الشهيرة : "همة السعوديين مثل جبل طويق "، وهي أبلغ وصف محفز لرفع المعنويات وشحذ همم الشباب، وأجيال المستقبل في الوقت الحديث؛ لاستلهام القوة من المحيط الجغرافي للإنسان وربطه بجذوره التاريخية التي يعتز بها.
ومن أكبر مشاريع الوطن الواعدة ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، مشروع مدينة "القديّة"، وهو أول مشاريع شركة القديّة للاستثمار القائمة على الترفيه والرياضة والثقافة.
ويتربع المشروع على منتصف سلسلة "جبال طويق"، ويبعد عن العاصمة الرياض قرابة (45) كيلو مترًا، ووضع حجر الأساس للمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك: سلمان بن عبد العزيز آل سعود" في 28 نيسان 2018.
وأكد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أن الاستثمار النوعي في مدينة "القدية" هو أحد مرتكزات "رؤية المملكة 2030" التي تستهدف تنويع مصادر دخل الاقتصاد المحلي، مشيرًا إلى أن المدينة ستصبح في المستقبل القريب الأبرز على مستوى العالم في مجال الترفيه والرياضة والثقافة.
ويهدف مشروع "مدينة القديّة" لتنويع اقتصاد المملكة وتوظيف الشباب السعودي الطموح، حيث تهدف المدينة إلى المساهمة بـ 135 مليار ريال سنويًا في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير 325 ألف فرصة عمل جديدة عبر حوالي 200 نوع من الوظائف في مختلف القطاعات والصناعات طوال فترة تطوير المشروع، وتعزيز تطوير عدد من القطاعات، كما تعمل "القديّة" على جذب المستثمرين المحليين والعالميين، ما ينعكس على ازدهار الأعمال في مدينة الرياض والسعودية بشكل عام.
وقال المؤرخ الدكتور راشد بن محمد العساكر في حديث لوكالة الأنباء السعودية (واس) عن القديّة المعلم الأبرز في جبال طويق: "القديّة مأخوذة من القد، وهو الشق في الجبل، حيث يقطع طريق القديّة جبل طويق الأشم من الاتجاه الغربي والشرقي، وهذا الطريق عمره نحو ثلاثة آلاف عام، حيث ينطلق من مدينة حجر اليمامة الموغلة في القدم، ليخترق الجبل غربًا، وحوله نقوش وآثار سحيقة، تمتد إلى آلاف السنين، وقد مر بعمليات ترميم قديمة وحديثة ومن آخرها الترميم الذي كان في عهد الإمام فيصل بن تركي، ثم جاء بعده آخر ترميم في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- عام 1352هـ".
ويبلغ إجمالي مساحة المشروع 360 كيلو مترًا مربعًا، كما تشمل خطط القديّة مشروعات نوعية، مثل: مضمار السرعة الذي يضم "ذا بليد"، أول منعطف معلق من نوعه في العالم، ولعبة "رحلة الصقر" في"Six Flags مدينة القدية"، وهي الأعلى والأسرع والأطول في العالم، إلى جانب "أكواريبيا" – أكبر حديقة مائية في المنطقة.
يذكر أن شهرة اسم "طويق" جعلته يعيش في وجدان كل مواطن سعودي، فهو ليس صخورًا متراكمة، بل ذاكرة وطن تختزن معارك التوحيد، وهمسات القوافل التجارية، وأنفاس الرُّواد الذين حوّلوا الصحراء إلى ملحمة، وقد استلهم فأطلق على القصر الذي تملكه الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض، ويعد من أبرز الأماكن التي تقام فيها الندوات والمعارض الفنية والثقافية وحفلات الاستقبال الرسمية في العاصمة، كما يطلق اسم طويق على حي كبير من أحياء غرب مدينة الرياض، وعلى اسم النادي الرياضي الأبرز في محافظة الزلفي ومجلته الرائدة "صدى طويق"، وسميت به شوارع رئيسة وفرعية في الرياض بحي الصحافة والقادسية، ومدن الظهران والمجمعة وعين ابن فهيد بمحافظة الأسياح وغيرها من المناطق السعودية.
--(بترا)
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جو 24
منذ 8 دقائق
- جو 24
جامعة عمان العربية تشارك في جلسة حوارية حول "تمكين التعليم لتسريع الابتكار الرقمي"
جو 24 : انطلاقاً من حرص جامعة عمان العربية على دعم التحول الرقمي وتعزيز دورها في تطوير منظومة التعليم، شاركت الجامعة في الجلسة الحوارية التي عقدت بعنوان "تمكين التعليم لتسريع الابتكار الرقمي" وبتنظيم من جمعية شركات تقنية المعلومات والاتصالات "إنتاج" ، وبحضور معالي الأستاذ الدكتور عزمي محافظة وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، حيث مثل الجامعة الدكتور سامر عياصرة مدير مركز الإبداع والابتكار وريادة الأعمال، ، وبمشاركة واسعة من ممثلي المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص والجهات ذات العلاقة ، حيث تناولت الجلسة التي تأتي ضمن جهود 'إنتاج' لتعزيز الحوار بين القطاعين العام والخاص والأكاديمي محاور عدة من أبرزها دور التقنيات الرقمية في تطوير العملية التعليمية، وأثرها في تعزيز قدرات الطلبة، وتمكينهم من التفكير الإبداعي والابتكار في بيئات تعليمية متجددة. وأكد معالي الدكتور محافظة خلال كلمته بأن تسريع الابتكار الرقمي في منظومتنا التعليمية لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة وطنية تمليها تحديات العصر واحتياجات المستقبل، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على تنفيذ مشاريع ومبادرات تهدف إلى تطوير البنية التحتية الرقمية في المدارس والجامعات، وتأهيل المعلمين والطلبة لاستخدام الأدوات التقنية الحديثة، وتوسيع فرص التعلم الذكي والمستدام ، كما شدد على أن الاستثمار في التعليم الرقمي هو استثمار في مستقبل الوطن، مؤكدًا استمرار التعاون مع مختلف الشركاء في القطاعات كافة لتحقيق قفزات نوعية في جودة مخرجات التعليم. وبهذا الصدد بين الدكتور عياصرة بأن الجلسة جاءت في إطار تعزيز الشراكة بين قطاعي التعليم والاقتصاد الرقمي، وناقشت سبل تطوير المهارات الرقمية لدى الطلبة، وتحفيز البحث العلمي التطبيقي بما يواكب احتياجات السوق والقطاعات الإنتاجية ويسهم في إعداد جيل متمكن قادر على قيادة التحول نحو الاقتصاد المعرفي. وشهدت الجلسة الذي حضرها السيد يوسف الخالد من مركز الإبداع والابتكار وريادة الأعمال في جامعة عمان العربية تفاعلاً مثرياً ونقاشات بنّاءة عكست الاهتمام المتزايد بمواءمة التعليم مع متطلبات العصر الرقمي، وتبادل المشاركون خلال الجلسة الأفكار والتجارب حول أفضل الممارسات في دمج التكنولوجيا بالتعليم، بما يسهم في تحقيق تكامل فعّال بين المعرفة الأكاديمية والتطبيق العملي، وتطوير منظومة تعليمية مرنة قادرة على مواكبة التحولات الرقمية وتسريع الابتكار. تابعو الأردن 24 على


الوكيل
منذ 8 دقائق
- الوكيل
حل لغز البقعة الباردة الغامضة في المحيط الأطلسي
الوكيل الإخباري- اضافة اعلان أنهت دراسة جديدة الجدل حول أصل منطقة عملاقة غامضة من المياه العذبة الباردة تم اكتشافها في المحيط الأطلسي، جنوب غرينلاند.وتُعرف المنطقة باسم "ثقب شمال الأطلسي الدافئ" رغم برودتها، وقد حيّرت العلماء لسنوات. فبينما سجّلت المحيطات حول العالم ارتفاعًا مستمرًا في درجات الحرارة خلال القرن الماضي، شهدت هذه المنطقة انخفاضًا ملحوظًا بلغ 0.3 درجة مئوية، الأمر الذي حيّر العلماء لسنوات طويلة.ويعزو فريق البحث هذا التبريد غير المألوف إلى تباطؤ في نظام تيارات المحيط المعروف باسم "دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي" (AMOC)، والذي يُعد أحد الأنظمة الرئيسية المنظِّمة للمناخ العالمي.ويشرح ديفيد ثورنالي، الخبير في علم المحيطات القديمة بجامعة كوليدج لندن، أن هذا التباطؤ يمثل "إضعافًا لعنصر حاسم في النظام المناخي"، ما قد تكون له تداعيات واسعة النطاق على أنماط الطقس العالمية.واعتمدت الدراسة المنشورة في مجلة Communications Earth and Environment على تحليل دقيق لبيانات درجة الحرارة والملوحة في المحيط الأطلسي، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بسرعة التيارات المائية.ولتعويض ندرة البيانات المباشرة عن التيارات المحيطية، التي لا تتجاوز عشرين عامًا، استعان الفريق البحثي بـ99 نموذجًا محيطيًا مختلفًا لإعادة بناء أنماط حركة التيارات خلال القرن الماضي.وقد أظهرت النتائج تطابقًا واضحًا بين النماذج التي تضمّنت تباطؤ التيارات الأطلسية والتبريد الملاحظ في المنطقة.ويؤكد كاي-يوان لي، عالم المناخ بجامعة كاليفورنيا في ريفرسايد وأحد المشاركين في الدراسة، أن "هذه العلاقة قوية جدًا"، ما يعزّز مصداقية النتائج.ولا تقتصر أهمية هذه الاكتشافات على حل اللغز العلمي فحسب، بل تمتد إلى تحسين نماذج التنبؤ المناخي، حيث يؤثر نظام "دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي" والظاهرة الشاذة المرتبطة به بشكل مباشر على أنماط الطقس في أوروبا، بما في ذلك توزيع الأمطار وحركة الرياح.ومن ناحية أخرى، يثير تباطؤ التيارات المحيطية مخاوف جدّية حول تأثيره السلبي على النظم البيئية البحرية، حيث تلعب درجة حرارة المياه ومستويات الملوحة دورًا حاسمًا في تحديد ملاءمة البيئة للكائنات البحرية.كما يظل احتمال انهيار نظام "دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي" تمامًا مصدر قلق كبير للمجتمع العلمي، حيث تشير التقديرات إلى أن التيار قد يفقد 20% على الأقل من قوّته بحلول نهاية القرن الحالي.ويوضح نيكولاس فوكال، عالم المحيطات بجامعة جورجيا، أن النقاش العلمي لم يعد يدور حول احتمال حدوث هذا التباطؤ، بل حول "مدى شدّته وتوقيته، وإمكانية تكيف النظم البيئية والمجتمعات البشرية مع آثاره".وتكشف هذه الدراسة عن التفاعل المعقّد بين أنظمة المحيطات والمناخ، مؤكدة على الحاجة الملحّة لتعميق فهمنا لهذه العلاقات الحيوية في ظل التغير المناخي المتسارع.

عمون
منذ 21 دقائق
- عمون
ابوغليون: لا اخطاء في امتحان الرياضيات و20% نسبة قياس المهارات العليا
عمون - أكد رئيس فريق تأليف مناهج الرياضيات الدكتور عمر ابو غليون، أن امتحان الرياضيات للتوجيهي الورقة الاولى، كان سليمًا علميًّا، خاليًا من الأخطاء، ومنسجمًا تمامًا مع نتاجات التعلم التي يهدف الكتاب المدرسي إلى تحقيقها. وقال ابوغليون الاستاذ في كلية العلوم التربوية بالجامعة الأردنية، إنه في خضم الجدل الدائر حول امتحان الرياضيات للفرع العلمي، يخفت وسط ضجيج الانفعال صوت الإنصاف، ويعلو صوت نقد غير موضوعي تقوده فئة تؤجج الرأي العام، وكأن الأمر ليس امتحانًا تربويًا يخضع لمعايير دقيقة، بل ساحة خصومة مفتوحة. وأضاف، أن بوصفه رئيسًا لفريق تأليف مناهج الرياضيات، دأب منذ سنوات على تحليل أسئلة امتحان الرياضيات في كل دورة امتحانية، ومناقشته بشكل تفصيلي مع عدد من المختصين والزملاء الذين قاموا على تأليف كتاب الرياضيات للصف الثاني عشر؛ بهدف التحقق من مدى انسجامه مع الكتاب المدرسي الذي يزعم أنه يلِمُّ بأدق تفاصيله، وقد قام بهذا الإجراء فور انتهاء الورقة الأولى للفرع العلمي، ليمكنه القول بكل تجرُّد ومسؤولية: إن الامتحان كان سليمًا علميًّا، خاليًا من الأخطاء، ومنسجمًا تمامًا مع نتاجات التعلم التي يهدف الكتاب المدرسي إلى تحقيقها. وبين أن الأسئلة تنوعت، وشملت جميع دروس الكتاب وموضوعاته، وراعت الفروق الفردية بين الطلبة من حيث المهارات والمعرفة، مقدرا أن نسبة 20% فقط من الأسئلة كانت تقيس مهارات التفكير العليا، مقابل 40% لأسئلة الفهم والتطبيق، في حين كانت البقية ضمن مستوى المعرفة والتذكّر. ويرى ابوغليون أن هذا الامتحان أنجح مما سبقه من امتحانات، سيما في مدى اقترابه من محتوى الكتاب المدرسي، ومع ذلك، فوجئ بموجة الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، التي وصفت الامتحان بالفشل والتعقيد. وقال إن بعض الزملاء بالغوا حين ادّعوا بأن 70% من الأسئلة تصنف على أنها مهارات تفكير عليا، وهي نسبة مبالغ فيها إلى حد الاستغراب! وتفتقر إلى تحليل موضوعي، وقد ظهرت فيديوهات انفعالية آنيّة بعيد الامتحان انتقدته بعمومية، دون إشارة إلى أي من الجوانب الإيجابية فيه بإنصاف وتجرّد، وهو ما أسهم في تشويه صورة الامتحان أمام الطلبة وأولياء الأمور وأثار حفيظتهم بشكل مؤسف. وأوضح أن وزارة التربية والتعليم – بما تضطلع به من مسؤولية وطنية – حريصة على مصلحة الطلبة بكافة مستوياتهم، ولا يمكنها بناء امتحان رياضيات يمايز بين الطلبة بشكل دقيق دون توظيف حصيف لأسئلة مهارات التفكير العليا. وأشار إلى أن الوزارة أحسنت صنعًا عندما أصدرت بيانًا، فنّدت فيه الادعاءات المغلوطة بالأرقام والأدلة، إذ كشفت أن نسبة أسئلة مهارات التفكير العليا في الامتحان لم تتجاوز 17%، وربطت كثيرًا من أسئلة الامتحان بما يشابهها في الكتاب المدرسي، وردّت بدقة على دعاوى "التشابه الخادع" أو "التحوير الخبيث" للأسئلة كما وصفها البعض، بل وفنّدت ما قيل عن وجود سؤال من كتاب الفصل الدراسي الثاني. وأضاف، أن استوقفه في بيان الوزارة تنويه بالغ الدقة من الناحية التربوية، ومفاده أن سؤال مهارات التفكير العليا، بمجرد أن يتعرض له الطالب مسبقًا أو يتدرب على نمط مشابه له، يفقد طابعه كـسؤال مهارات تفكير عليا، ويتحوّل إلى سؤال معرفة وتذكّر، فالسؤال الذي يشبه أيًّا من أسئلة الكتاب أو أمثلته يكون مألوفًا للطالب ولا يستدعي توظيف مهارات ما وراء المعرفة والتحليل العميق، بل يُحلّ بشكل مباشر دون جهد ذهني يُذكَر، وهنا تبرز أهمية التزام الطلبة بالكتاب المدرسي ودراسته بعمق قبل التشتّت وراء مصادر إضافية قد تخلق انطباعًا زائفًا عن طبيعة الامتحان. أما بشأن ما أُثير حول الزمن المخصص للامتحان، قال ابوغليون، إن المسلّم به أن الزمن عاملٌ أساسيٌ في بناء أي اختبار معياري عادل، إذ يُقاس من خلاله مستوى الكفاءة إلى جانب المعرفة والمهارة. وقد رصد من خلال متابعته لردود فعل الطلبة في وسائل الإعلام أن بعضهم أضاع وقتًا طويلًا في محاولة حل الأسئلة الأصعب دون تطبيق استراتيجية "التجاوز والعودة"، وهي استراتيجية فعالة لإدارة زمن الامتحان، وفي المقابل أكّد له عدد من الطلبة الذين تواصل معهم شخصيًا أنهم أنهَوا حل الامتحان كاملًا في أقل من ساعتين، مما يعزز فرضية أن المدة الزمنية كانت كافية في تقديرهم. ودعا الزملاء إلى التروّي في النقد، قائلا لهم: رفقًا بأبنائنا الطلبة، وتريّثًا قبل إصدار الأحكام، فالحُكم العادل لا يُبنى على الانطباع بل على الأرقام، والوزارة لم تُنهِ بعدُ عملية التصحيح، وقد تفاجئنا نتائج الامتحان بنسبة عالية من المتفوقين الذين يحرزون العلامة الكاملة! ما سيبرهن حينها أن الامتحان كان منصفًا ومتوازنًا وأن الزمن المخصص له كان مناسبًا.