
تأثير الحرب ( الاسرائيلية – الايرانية ) على الملف اليمني وقضية الجنوب
ربما ان سيناريو الحرب بما انتهى اليه , لم يكن ضمن حسابات اي جهة كانت, سواء كانت هذه الجهة دولة اقليمية أو دولية او مركز دراسات بحثي أو حتى دولتي الحرب في ايران أواسرائيل, فقد انتهت الحرب على عكس جميع التوقعات.. نعم , لقد احدثت الحرب دمارا هائلا في الجانب الايراني اكثر من الاسرائيلي , لكنها في النهاية لم تنتج تلك الفروقات الإستراتيجية الضخمة التي يمكن ان تبنى عليها سياسات جديدة تجاه مختلف الملفات العالقة في المنطقة , ومن ضمنها بطبيعة الحال الملف اليمني ، والغريب في الأمر ان احداثا أخرى كانت اقل حجما في كثافة النيران المشتعلة, لكنها أفرزت تنتائجا وتأثيرات أكبر بكثير من حرب تل ابيت و طهران ، ومنها على سبيل المثال انهيار نظام الأسد في سوريا ، وكذلك اضمحلال قوة حزب الله إلى تلك الدرجة غير المتوقعة حتى من قبل أكبر المناوئين للحزب بشكل عام نتيجة للضربات الإسرائيلية المتتالية.
على أية حال .. ليس من شأن هذا المقال تحليل حسابات الربح والخسارة لطرفي الحرب , فقد قيل فيهما الكثير .. لكن ما يهمني هو ماذا انتجت هذه الحرب من نتائج مؤثرة على مسار الملف اليمني وبالتالي على مستقبل قضية الجنوب ؟!
في هذا السياق يمكن القول ان المحصلة النهائية للحرب الاسرائيلية – الايرانية على الملف اليمني لم يكن لها أي تأثير أو أهمية تذكر , فهي محصلة تقترب الى حد كبير من الصفر مع الأسف الشديد , وكأن الحرب لم تكن ..! ومن أجل ايضاح وجهة نظري هذه , دعونا نعود الى تلك الأيام في الحرب التي كانت فيها التحليلات تشير الى أن نظام طهران كان على وشك الانهيار أو في أحسن الأحوال كان قريبا من القبول بتوقيع اتفاقية مذلة تتعلق بثلاثة ملفات هامة وهي الملف النووي , بما في ذلك الموافقة على درجة صفر تخصيب لليورانيوم او القبول بنسبة نخصيب تتراوح مابين 5 % الى 3.76 % كما نص عليه الاتفاق مع ادارة اوباما 2015 , شريطة أن يتم ذلك خارج البلاد بتوافق دولي - اقليمي على منطقة محددة لذلك, والملف الثاني يتعلق بالصواريخ الباليستية والمسيرات من حيث تحديد مداها وقدراتها التدميرية ! واما الملف الثالث فهوان تمتنع ايران نهائيا عن تمويل ايا من " أذرعها في المنطقة " وعلى رأسها بطبيعة الحال الحوثيين الى جانب الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان .
لو حدث شيئا مماذكر اعلاه , وأدى الى اجبار ايران الى توقيع اتفاقية تتضمن التخلي التام عن أذرعها في المنطقة والامتناع الكلي عن التدخل في شئون بعض الدول العربية لقلنا أن نتيجة الحرب كانت ذات بعدا استراتيجيا كبيرا يمكن البناء عليه لخدمة استقرار المنطقة بشكل عام والانتقال الى مرحلة من التوافق والسلام بما في ذلك الملف اليمني وقضية الجنوب بطبيعة الحال.. لكن شيئا من هذا لم يحدث ! وانتهت الحرب دون التوصل حتى الى اتفاق يتعلق بموعد محدد لمفاوضات أخرى ذات أجندة جديدة , مايعني أن عناصر المعادلة السياسية اليمنية لم يتغير فيه شيء على الاطلاق ! ويعني ايضا أن ايران سوف تستمر في توطيد علاقاتها التخادمية مع " أذرعها " في العراق واليمن ولبنان , ويعني أن هذه الأذرع يمكنها ان تتعافى مع الوقت بنفس الدرجة التي سوف يتعافى فيها النظام في طهران , الذي سيقوم بترميم ما تهدم في بنيته جراء الحرب , والعودة الى بناء قدراته النووية وصواريخه البالستيه والعمل على تطويرها , مستفيدا من جملة الأخطاء التي ارتكبها النظام نفسه او تلك التي ارتكبت من قبل حلفائها او أذرعه في المنطقة.
وزاء ذلك , فان وضع الملف اليمني سيبقى كما هو , فلا هو الذي يملك مقومات وعناصر الحل السلمي الذي يمكن ان ترضي مختلف اطراف الصراع , ولا هو الذي طرأ عليه تغيرا جوهريا جراء الحرب , واذا أخذنا بعين الاعتبار ان أطراف الصراع في اليمن تملك تقريبا قدرات عسكرية متعادلة الى حد ما , وان اختلفت من حيث نوعيتها, فان كل ذلك ينبئ ان الحالة البائسة غير المسبوقة التي يعيشها المواطن في الجنوب والشمال على حد سواء مرشحة لأن تبقى على حالها فترة طويلة أخرى ! ما يعرض البلاد الى التشظي والانقسامات والكوارث الانسانية.
رغم كل هذا السؤ الذي من المرجح ان تفرضه حسابات الأمر الواقع الجديدة على المشهد في اليمن والجنوب بشكل خاص , الا ان هناك " نوافذ أمل " قد تفتح فتحدث تغيرات كبيرة مؤثرة , ومن ذلك على سبيل المثال أن يقوم النظام في طهران بعملية " مراجعة شاملة " لجميع حساباته السياسية في المنطقة وخاصة تدخلاته في شئون جيرانه العرب وما انتجته من دمار وخاسائر فادحة للنظام بدرجة رئيسية , وما ترتبت عليها من تدهور في العلاقات العربية – الايرانية بشكل عام ومع دول الخليج العربي بشكل خاص .
قد تحدث عملية التقييم والمراجعة, اذا تعامل النظام في طهران مع جردة الحسابات الكبيرة الخاسرة التي تكبدها على مختلف الاصعدة بواقعية كبيرة منطلقا من مصلحة الدولة الايرانية وشعبها في المقام الأول , ومواجها السؤال الكبير الذي يمكن ان يطرحه أي ايراني على نفسه والذي يقول : ماذا استفادت ايران من كل تدخلاتها في اليمن والعراق ولبنان وسوريا وغيرها من الدول العربية ؟ وماهي المكاسب التي جنتها جراء ذلك , وماهو حجم الخسائر الهائلة التي تكبدتها نتيجة لعلاقاتها المتأزمة مع دول الخليج العربي ؟ ان فعلت ايران ذلك, ورفعت يدها عن أذرعها في المنطقة مدركة أن ذلك شأنا عربيا خالصا لا يجوز لها ان تتدخل فيه, حينها يمكن ان نشهد انفراجه كبيرة في مختلف الملفات العالقة.
اما اذا كابرت ايران – وهو السيناريو الأرجح – فلا يمكن للملف اليمني ان يحدث فيه اي تغيير كبير , خاصة اذا ما عاد الغرب الى انتهاج نفس سياساته السابقة في اللعب على تناقضات المنطقة مسخرا اياها لخدمة مصالحه كما يعتقد ويظن , فهنا ستدخل المنطقة برمتها فصلا جديدا لمشاهد مكررة ترتخي فيها العلاقات مع طهران حينا وتتوتر حينا آخر.. وكأنك يابو زيد ما غزيت !!
يبدو لي من كل ما سبق , أن الجنوب وقضيته وشعبه الذي ظل لأكثر من عقد من الزمان حبيس حسابات سياسية اقليمية – دولية فشلت مع نهاية الحرب الايرانية – الاسرائيلية , انه اذا لم يتحول الى " فاعل سياسي " مؤثر , فانه سيبقى حبيس أو رهن حسابات سياسية أخرى من الممكن جدا ان يكون هو ضحيتها الاولى , و أرى شخصيا ان الجنوب يملك الكثير من نقاط القوة التي يمكنه أن يستخدمها لرفض سياسة الأمر الواقع التي تفرض عليه والتي تهلك شعبه , وتنستنزف قضيته وتبهتها , الى حد أنه قد يأتي عليها زمن لا يستطيع حتى ابناؤها أن يتعرفوا عليها كقضية وطنية !

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوطن الخليجية
منذ ساعة واحدة
- الوطن الخليجية
ويتكوف: قطر ولبنان وسوريا مرشحة للانضمام الى الاتفاقيات الابراهيمية ولكن السعودية امرها منفصل
أعرب المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف عن تفاؤله بشأن ثلاثة ملفات رئيسية: غزة وإيران، وتوسيع اتفاقيات أبراهام في الوقت الذي يستعد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي للتوجه الى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وقال ويتكوف في لقاء مع الجالية اليهودية في منطقة هامبتونز بقيادة الحاخام مارك شناير إنه يأمل في التوصل قريبًا إلى اتفاق مع حماس، مشيرًا إلى وجود زخم قوي للتوصل إلى اتفاق. وأكد ويتكوف أن ترامب سيعمل على 'إعادة تشكيل الشرق الأوسط'، مجددًا دعم الرئيس الثابت لإسرائيل، ولافتًا إلى أن ترامب دعا نتنياهو إلى البيت الأبيض ثلاث مرات منذ عودته إلى منصبه في يناير. وشدّد ويتكوف على استمرار الجهود في مفاوضات تبادل الأسرى، وقال إن هناك ضغطًا قويًا ليشمل الاتفاق رفات الجنود الإسرائيليين الذين قُتلوا. ومن المتوقع ان تطلق حماس في المرحلة الأولى 18 جثة بالإضافة الى 10 أسرى احياء وفقًا للإطار المعروض حاليًا. كما أشاد ويتكوف بدور قطر في الوساطة بالمحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، ملمّحًا إلى إمكانية انضمام الدولة الخليجية لاحقًا إلى اتفاقيات أبراهام، وذكر أن دولًا أخرى قد تكون مرشحة للتطبيع مع إسرائيل، منها سوريا ولبنان. وقال ويتكوف إن التوصل إلى اتفاق مع السعودية قد يستغرق وقتًا أطول، وربما لا يكون ضمن إطار اتفاقيات أبراهام، بل كاتفاق منفصل وذو أهمية كبرى، وقد فُهم من الحضور أن اختراقًا في العلاقات مع السعودية غير وشيك. وقال ويتكوف، الذي سبق أن ترأس محادثات مع طهران، إنه يعتقد بإمكانية التوصل إلى اتفاق يمنع إيران من تخصيب اليورانيوم، وهو ما ينسجم مع التقييمات الأخيرة في كل من القدس وواشنطن بأن الحملة ضد إيران أحرزت تقدمًا. وجاءت تصريحات ويتكوف بالتزامن مع سفر نتنياهو إلى الولايات المتحدة ووصول فريق تفاوض إسرائيلي إلى قطر لإجراء محادثات تهدف إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار وتبادل أسرى مع حماس. ومن المقرر أن يلتقي نتنياهو بالرئيس ترامب في وقت متأخر من مساء الإثنين بالتوقيت الإسرائيلي. وقال نتنياهو قبيل صعوده الطائرة: 'نعمل على تأمين اتفاق ضمن الشروط التي اتفقنا عليها. أرسلتُ فريقًا تفاوضيًا بتوجيهات واضحة، وأعتقد أن المحادثة مع الرئيس ترامب يمكن أن تساهم بشكل كبير في تقريبنا من النتيجة التي نأمل جميعًا في تحقيقها.


الوطن الخليجية
منذ ساعة واحدة
- الوطن الخليجية
إسرائيل ترسل وفدها التفاوضي الى الدوحة قبيل سفر نتنياهو لواشنطن
قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن إسرائيل قررت إرسال وفد التفاوض إلى العاصمة القطرية الدوحة لمناقشة تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى بعدما تلقت رد حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وقال مسؤول إسرائيلي رفيع للقناة الـ12 إن إسرائيل اتخذت قرارا بإرسال الوفد إلى قطر، فيما أوضحت هيئة البث الإسرائيلية أن الوفد سيتوجه إلى هناك غدا على الأرجح. وذكرت هيئة البث أن 'إسرائيل لم ترفض رد حماس بشكل شامل وترى أن هناك ما يمكن العمل عليه'. من جانبه عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن اعتقاده بأن مناقشاته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الاثنين ستسهم في دفع محادثات تحرير الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة التي استأنفها المفاوضون الإسرائيليون في قطر يوم الأحد. وقال نتنياهو يوم الأحد قبل أن يصعد طائرته متجها إلى واشنطن إن المفاوضين الإسرائيليين المشاركين في محادثات وقف إطلاق النار لديهم تعليمات واضحة بالتوصل إلى اتفاق بشروط قبلتها إسرائيل. وأضاف 'أعتقد أن النقاش مع الرئيس ترامب سيسهم بالتأكيد في تحقيق هذه النتائج'، وأكد أنه مصمم على ضمان عودة الرهائن المحتجزين في غزة والقضاء على تهديد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) لإسرائيل. وستكون هذه ثالث زيارة يقوم بها نتنياهو إلى البيت الأبيض منذ عودة ترامب إلى السلطة قبل نحو ستة أشهر. ويزداد الضغط الشعبي على نتنياهو للاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة، وهي خطوة يعارضها بعض الأعضاء المتشددين في الائتلاف اليميني الحاكم بينما يدعمها آخرون منهم وزير الخارجية جدعون ساعر. وقالت حماس يوم الجمعة إن ردها على اقتراح وقف إطلاق النار في غزة المدعوم من الولايات المتحدة 'اتسم بالإيجابية'، وذلك بعد أيام قليلة من قول ترامب إن إسرائيل وافقت على 'الشروط اللازمة لوضع اللمسات النهائية' على هدنة مدتها 60 يوما. فيما انتقد وزير المالية الإسرائيلي المنتمي لليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش بشدة يوم الأحد قرار الحكومة بالسماح بدخول بعض المساعدات إلى قطاع غزة، واصفا إياه بأنه 'خطأ فادح' سيفيد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس). واتهم سموتريتش رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أيضا بعدم ضمان التزام الجيش الإسرائيلي بتوجيهات الحكومة في الحرب على حماس في غزة. وقال إنه يدرس 'خطواته التالية'، لكنه لم يهدد صراحة بالانسحاب من الائتلاف الحاكم.


الرأي
منذ 3 ساعات
- الرأي
ترامب: تأسيس ماسك لحزب سياسي جديد أمر سخيف
انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إعلان حليفه السابق إيلون ماسك تأسيس حزب سياسي جديد ووصفه بأنه «سخيف». وقال ترامب للصحافيين في نيوجيرسي قبل صعوده طائرته عائدا إلى واشنطن «أعتقد أن تأسيس حزب ثالث أمر سخيف، نحن نحقق نجاحا باهرا مع الحزب الجمهوري». مضيفا «لقد كان النظام دائما قائما على حزبين، وأعتقد أن تأسيس حزب ثالث يزيد فقط من الارتباك». وختم ترامب قائلا «يمكنه أن يتسلى بذلك قدر ما يشاء، لكنني أعتقد أن هذا أمر سخيف». وكان إيلون ماسك قد وعد بتأسيس حزب سياسي جديد إذا تم اعتماد النص. وقد نفذ وعده السبت، في اليوم التالي للتوقيع على «قانون دونالد ترامب الكبير والجميل»، بإعلانه عن تأسيس «حزب أميركا».