logo
ما مستقبل الدبلوماسية الأوروبية في الملف النووي الإيراني؟

ما مستقبل الدبلوماسية الأوروبية في الملف النووي الإيراني؟

الجزيرةمنذ يوم واحد
بروكسل- لم تُحقق الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل على منشآت نووية إيرانية، منتصف يونيو/حزيران الماضي، هدفها المعلن بتدمير البرنامج النووي لطهران، رغم شدّتها وتواصلها لأكثر من 10 أيام.
ووفق وثائق استخباراتية أوروبية اطّلعت عليها صحيفة فايننشال تايمز، فإن نحو 408 كيلوغرامات من اليورانيوم عالي التخصيب، المخزَّن في المنشآت الإيرانية، لم تتعرض لأي ضرر يُذكر.
وبينما أعلنت طهران نيتها تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وتصاعدت حدة التوترات الإقليمية، يبقى السؤال: هل تملك أوروبا مقاربة خاصة لاحتواء التصعيد؟ وهل ما يزال لها دور يُنظر له أنه مستقل في ملفٍ باتت واشنطن وتل أبيب تديران مفاتيحه؟
صمت أوروبي
من اللحظة الأولى، بدت أوروبا مشلولة أمام التصعيد. فباستثناء وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الضربات بأنها "غير قانونية"، التزمت معظم العواصم الأوروبية الصمت بدون موقف موحد أو مسار دبلوماسي جماعي.
يفسر كورت ديبوف، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بروكسل، ذلك، قائلا إن "الصمت الأوروبي بعد الضربات يُظهر أولا حالة من الارتباك في معظم العواصم الأوروبية. فهم لا يعرفون ماذا عليهم أن يفكروا: هل إسرائيل على حق؟ هل هي مخطئة؟ ماذا نعرف؟ وماذا لا نعرف؟ هل يجب ألا نكون إلى جانب إيران؟ وماذا ستقول الولايات المتحدة؟ وكل هذا حدث قبل أيام فقط من قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)".
وتابع "أعتقد أن هناك أيضا رغبة في تجنب مواجهة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بهذه المسألة". ورغم الانتقادات، لا يرى ديبوف أن هذا الصمت يُغلق الباب بالكامل أمام دبلوماسية أوروبية مستقبلية مع إيران لأنها -برأيه- تدرك أن الاتحاد الأوروبي يلعب، في نهاية المطاف، دورا أكثر ليونة مقارنة بالولايات المتحدة.
وبسؤال إيمانويل دوبوي، رئيس معهد الدراسات المستقبلية والأمن في أوروبا، عمّا إذا كانت واشنطن تتوقع من حلفائها الأوروبيين أن يكونوا أكثر نشاطا دبلوماسيا، أجاب بشكل قاطع "في الواقع، الولايات المتحدة لا تريد من أوروبا أن تكون نشطة بأي شكل من الأشكال من الناحية الدبلوماسية، لأن دبلوماسيتهما لا تسير على نفس المسار. لذلك، لستُ متأكدا من أن موقف الاتحاد في الوقت الراهن واضح أو فعال، لأنه لا يوجد إجماع أوروبي".
وحسب دوبوي، تنظر الولايات المتحدة إلى أي تحرك أوروبي كنوع من "محاولة إنقاذ للنظام الإيراني".
وأشار إلى الانقسام الذي ظهر خلال اجتماع المجلس الأوروبي: "كان الأمر أكثر وضوحا في هذا الاجتماع في بروكسل في 26 يونيو/حزيران، خاصة في الخلاف بين المستشار الألماني فريدريش ميرتس وماكرون. ميرتس كان أقرب إلى موقف رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني ، وموقفهما كان أكثر توافقا مع الخط الأميركي أو موقف إسرائيل، بينما باريس كانت متمسكة بالتزامات واضحة".
فقدان التأثير
حول إمكانية استئناف التفاوض، يرى دوبوي أن الصيغة الوحيدة المتاحة هي العودة إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة"، ويشرح: "الاتحاد الأوروبي مستعد لدفع هذه المفاوضات ولكن لها صيغة معروفة، وهي "إيه 3″ (مجموعة الدول الأوروبية الثلاث). ومع ذلك، لستُ متأكدا من أن الإيرانيين يرغبون فعلا في استئنافها مع أي طرف، ولا أظن أن إسرائيل ستسمح بذلك، ولستُ متأكدا أن الولايات المتحدة لديها مصلحة حقيقية في استئناف محادثات فيينا أو جنيف".
ويضيف أن واشنطن تفضل التفاوض المباشر مع الإيرانيين عبر قناة سلطنة عُمان، أو حتى من خلال المقترح الذي قدمته ميلوني لعقد لقاء في روما، أو حتى مع الفاتيكان.
أما عن نظرة طهران إلى أوروبا كوسيط، فيرى برتران بادي، أستاذ العلاقات الدولية في معهد العلوم السياسية بباريس، أن أوروبا فقدت كثيرا من تأثيرها بسبب انحيازها لإسرائيل وتماهيها مع الولايات المتحدة. ويقول إن واشنطن تسعى -على العكس- إلى تهميش أوروبا، وقد تلقّت طهران الاصطفاف الأوروبي مع تل أبيب بشكل سلبي مفضلة التعامل مع الصين أو تركيا، و"ربما حتى مع السعودية".
ولا تزال أوروبا -وفقا له- غير قادرة على الانفصال عن إسرائيل، التي تراها إستراتيجيا كنقطة ارتكاز متقدمة لها في الشرق الأوسط رغم تراجع تأييد الرأي العام الأوروبي لها. ويرى أن المأزق الأوروبي ليس تقنيا بل سياسيا، ويتجلى في عجز الاتحاد عن اتخاذ مواقف حازمة وفرض عقوبات على تل أبيب، مثل تعليق اتفاقية الشراكة معها.
في موازاة ذلك، تصاعدت الأزمة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعدما صوت البرلمان الإيراني لصالح قانون يعلّق التعاون معها، مطالبا بضمانات أمنية قبل السماح بأي زيارات للمفتشين. ويحذر الخبراء من أن تعليق التعاون قد يُضعف القدرة الدولية على مراقبة البرنامج النووي الإيراني ، ويفتح الباب أمام تصعيد أوسع.
لكن الخبير ديبوف يعتقد أن قدرة أوروبا على التحرك باتت محدودة للغاية وأن أكبر مشكلة واجهها الاتحاد الأوروبي في الأسبوع الماضي هي أنه وافق بشكل عام على تخصيص نسبة 5% من الإنفاق للدفاع، بناءً على طلب أو تحت ضغط من الولايات المتحدة. وهذا يُظهر -برأيه- أكثر من أي وقت مضى اعتماد أوروبا على واشنطن، وموقعا أضعف لها مقارنة بها، وخوفا واضحا من ترامب وردود فعله.
ويختم بالقول "الاتحاد الأوروبي يُنظر إليه بشكل متزايد كناطق باسم الولايات المتحدة، وهو أمر لم يكن بهذه الدرجة في السنوات العشر الأخيرة".
دور الوسيط
ورغم ذلك، لا يُغلق الخبراء الباب تماما. فوفق الأستاذ ديبوف، لم يعد الاتحاد الأوروبي مستقلا، لكنه لا يزال قادرا على لعب دور الوسيط.
بينما يرى دوبوي أن أوروبا قد تستأنف المفاوضات فقط إذا توفرت الإرادة السياسية واستُبعد الخيار العسكري. أما بادي فيعتقد أنها بحاجة إلى مراجعة شاملة لسياستها في الشرق الأوسط، تبدأ من فك الارتباط الرمزي مع إسرائيل، قبل أن تطلب من إيران الاستماع لها.
وفي رده على سؤال للجزيرة نت حول ما إذا كانت واشنطن تتوقع من أوروبا أن تلعب دورا دبلوماسيا أكثر نشاطا، خاصة مع تهديد إيران بوقف التعاون مع الوكالة، قال جيمس روبنز، كبير الباحثين في المجلس الأميركي للسياسة الخارجية، والمستشار السابق لوزير الدفاع الأميركي، "نعم، من المحتمل".
وأوضح: "قالت كايا كالاس ، نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية ، مؤخرا إن الجميع متفق -على الأقل في أوروبا- على أن إيران لا يجب أن تطوّر سلاحا نوويا. كما ناقشت مسألة تقييد برنامجها الصاروخي و"دعمها للإرهاب". هذه المواقف تتفق مع سياسة واشنطن، وقد يكون من المرحب به أن تلعب أوروبا دورا أكثر حزما في هذا الإطار".
وعن مستقبل الإطار الدبلوماسي الغربي في التعامل مع طهران، قال روبنز إن الأمر متروك لطهران. وترامب استخدم القوة المحدودة لإيقاف تقدم البرنامج النووي الإيراني وإعادة ضبط الشروط الدبلوماسية، على أمل استئناف المفاوضات. لكن إيران ردّت بفتوى تصفه بأنه "عدو لله".
ويرى أنه من مصلحة طهران أن تتفاوض لأنه السبيل الوحيد لتجنب المزيد من الضربات العسكرية الأميركية أو الإسرائيلية، "وإذا لم تُستأنف المفاوضات في الأسابيع المقبلة، فمن المرجّح أن نشهد ضربات عسكرية متجددة" على حد تقدير روبنز.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نيويورك تايمز: ما الذي تتوقعه واشنطن من حكومة الشرع في سوريا؟
نيويورك تايمز: ما الذي تتوقعه واشنطن من حكومة الشرع في سوريا؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

نيويورك تايمز: ما الذي تتوقعه واشنطن من حكومة الشرع في سوريا؟

قال تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفعت معظم العقوبات عن سوريا في بادرة حسن نية تجاه الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع ، ولكن هذا التقارب الدبلوماسي ليس مجانيا بل مشروطا بتوقعات أميركية محددة. وذكر التقرير أن القرار كان موضع ترحيب شعبي في سوريا، حيث يعيش أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر، إلا أن العقوبات التي رفعها ترامب لا تشمل الإجراءات كافة، لأن بعضها يحتاج إلى موافقة من الكونغرس. وفي ما يلي متطلبات واشنطن من سوريا وفق ما أورده كاتبا التقرير: مدير مكتب صحيفة نيويورك تايمز في بيروت بن هابرد، ومراسلة الصحيفة في الشرق الأوسط إيريكا سولومون. التطبيع مع إسرائيل وأكد التقرير أن الولايات المتحدة تتوقع من الحكومة السورية اتخاذ خطوات جدية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، على أن يشمل ذلك مبدئيا السعي لتوقيع اتفاق يضمن وقف جميع الأعمال العدائية بين البلدين. وأضاف أن واشنطن تأمل أن تنضم سوريا في نهاية المطاف إلى " اتفاقيات أبراهام"، على غرار الإمارات والمغرب والبحرين والسودان. المقاتلون الأجانب وطالب الرئيس ترامب، وفق التقرير، بترحيل المقاتلين الأجانب الذين قدموا إلى سوريا منذ 2011، معبرا عن مخاوف من إمكانية تورطهم في التخطيط لهجمات إرهابية خارج البلاد، وهو ما أثار قلق المسؤولين الأميركيين. غير أن الشرع رفض الطلبات الأميركية الأولية بطرد المقاتلين أو فصلهم عن قواته، بل بدأ فعليا بدمجهم في جيشه الجديد، وتؤكد حكومته أن إعادتهم إلى بلدانهم أمر شبه مستحيل، إما بسبب رفض تلك الدول استقبالهم أو لخطر أن يتم إعدامهم هناك. كما حذرت الحكومة السورية الانتقالية، حسب التقرير، من أن عزل المقاتلين في سوريا قد يؤدي إلى انقسامات داخلية ويقوّض النظام الهش الجديد. وبعد أن طالب ترامب في البداية بخروج "جميع الإرهابيين الأجانب" من سوريا، تراجعت واشنطن لاحقا لتطلب فقط "الشفافية الكاملة" حول مواقعهم، وفق التقرير. وأوضح التقرير أن عددا كبيرا من هؤلاء المقاتلين سبق أن قاتل ضمن صفوف تنظيم القاعدة في سوريا، الذي أسّسه الشرع وقاده على مدى سنوات قبل أن يعلن انفصاله عنه في عام 2016، وبقي الآلاف منهم في صفوف جماعة الرئيس السوري أو في تشكيلات أخرى موالية له. إخراج الجماعات الفلسطينية المسلحة ويتوقع الأميركيون كذلك من سوريا أن تقطع علاقاتها مع الجماعات الفلسطينية المسلحة وخاصة حركة الجهاد الإسلامي ، وهو مطلب ترحب به إسرائيل وفق التقرير، وقد بدأت الحكومة السورية بالفعل باتخاذ خطوات أولية عبر اعتقال اثنين من كبار الحركة في أبريل/نيسان الماضي. وأضاف التقرير أن سوريا تواجه معضلة بشأن ترحيل القادة ومقاتلي الجماعات الفلسطينية إذ لا يوجد بلد مستعد لاستقبالهم، في حين يرفض لبنان ودول الجوار استضافتهم خشية التوترات أو الهجمات الإسرائيلية. كذلك تطالب الولايات المتحدة بتفكيك الشبكات التابعة ل إيران داخل أراضيها، وهذا ليس مطلبا صعبا على الشرع الذي يرى في إيران وحزب الله شريكين لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ، ولكن العملية قد تحتاج إلى مساعدة استخبارية أجنبية، وفق التقرير. تدمير الأسلحة الكيميائية وحسب التقرير، تعدّ إزالة برنامج الأسلحة الكيميائية السوري من أبرز أولويات الولايات المتحدة. وقال التقرير إن برنامج سوريا النووي بدأ في السبعينيات، ونجح العلماء السوريون في تطوير مخزونات من غازات السارين والكلور والخردل، استخدم بعضها ضد المدنيين خلال الحرب التي استمرت 13 عاما في عهد الأسد. وأدى ذلك إلى توقيع اتفاق في عام 2013 سمح بموجبه لـ منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة بإرسال مفتشين لإغلاق 27 موقعا مرتبطا بإنتاج هذه الأسلحة. وبحسب التقرير، فقد دعت الحكومة السورية الجديدة خبراء دوليين وأبدت تعاونا في تبادل المعلومات حول ما تبقى من المخزونات، ويقدر الخبراء وجود نحو 100 موقع مخفي، مما يجعل الوصول إليها وتدميرها تحديا كبيرا. منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية ومن أولويات واشنطن أيضا منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية. وتشترط الإدارة الأميركية أن تسيطر الحكومة السورية على معسكرات عناصر التنظيم وسجونه التي ما زالت تخضع ل قوات سوريا الديمقراطية ، وهي قوات كردية مدعومة أميركيا. ويأمل البيت الأبيض أن تتحمل الحكومة الجديدة مسؤولية إغلاق معسكرات احتجاز عائلات مقاتلي التنظيم، وتهيئة الأرضية لإعادة تأهيل قاطنيها أو ترحيلهم، رغم هشاشة البنية الأمنية السورية في هذه المناطق. وخلص التقرير إلى أن واشنطن لا تهتم كثيرا بكيفية حكم الشرع لسوريا داخليا، لكنها تركز على أن يكون هذا الحكم متوافقا مع المصالح الأميركية الإقليمية، وهو ما يشكل جوهر توقعاتها من تحسن العلاقة مع دمشق.

مغردون يتهمون إسرائيل بسرقة ركام المنازل من غزة
مغردون يتهمون إسرائيل بسرقة ركام المنازل من غزة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

مغردون يتهمون إسرائيل بسرقة ركام المنازل من غزة

بعيدا عن أعين الإعلام وضجيج الأخبار العاجلة، تتكشف في قطاع غزة مأساة صامتة تتجاوز مشاهد الدمار الظاهري، ففي المناطق التي اجتاحتها القوات الإسرائيلية، لم يقتصر الأمر على هدم المنازل وتشريد السكان، بل تعداه إلى نقل ما تبقى من أنقاض البنى التحتية، من حجارة الأسمنت والحديد، تحت مسمى "إزالة الأنقاض". وبحسب نشطاء تتم هذه العمليات من خلال نقل كميات ضخمة من ركام المنازل إلى داخل إسرائيل عبر شاحنات وجرافات إسرائيلية، حيث يعاد تدويرها وبيعها لاحقا لشركات المقاولات الإسرائيلية، لتتحول آثار بيوت الفلسطينيين إلى مصدر ربح اقتصادي، لجيش الاحتلال. في السياق نفسه، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية، إن كل مقاول خاص يستعين به الجيش الإسرائيلي يتقاضى مبلغ 5 آلاف شيكل (نحو 1474 دولارا) عن كل منزل يهدمه في قطاع غزة. ونقلت الصحيفة عن أحد الجنود الإسرائيليين بالقطاع، قوله: إن "كل مقاول خاص يعمل في غزة باستخدام معدات هندسية، يتقاضى 5 آلاف شيكل عن كل بيت يهدمه. إنهم يجنون الكثير من المال". وأشار الجندي، ضمن تقرير موسع للصحيفة، قبل أيام، إلى أن "كل وقت لا يهدمون (المقاولون) فيه بيوتًا هو خسارة مالية، والقوات (الإسرائيلية) يجب أن تؤمّن أعمالهم". إخفاء الجريمة وتأخير الإعمار وقد أثار هذا التقرير جدلا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي بين مغردين فلسطينيين، اتهموا إسرائيل بأنها اعترفت من خلال هذا التقرير بجزء بسيط مما يحدث لمنازل سكان قطاع غزة. واتهم المغردون جيش الاحتلال بتجميع الركام ونقله بشاحنات إلى الداخل المحتل، من أجل إعادة تدويره وبيعه لشركات المقاولات الإسرائيلية بهدف تحقيق الربح. إعلان وأشار آخرون إلى أن هذه الممارسة تهدف في الوقت نفسه إلى تأخير أي عملية إعمار مستقبلية في غزة، من خلال التحكم الكامل بما يدخل القطاع ومنع أي تدوير داخلي. وأكد مغردون أن هذه الانتهاكات حدثت في رفح وشمال القطاع وشرق خان يونس، في إطار سياسة ممنهجة لإخفاء معالم الدمار قبل أن تُفتح غزة على العالم. واعتبر البعض أن هذا السلوك يمثل شكلا من أشكال إخفاء الجريمة، تماما كما أخفت إسرائيل سابقا كثيرا من القرى الفلسطينية التي دُمرت وهجر أهلها في الداخل المحتل. وأوضح عدد من المغردين أن صورا التقطتها الأقمار الصناعية أظهرت اختفاء الركام من عدة مناطق في مدينة رفح وشمال قطاع غزة. أرض مكشوفة وسرقة مقصودة ورأى نشطاء أن هذا جزء من تطهير الأرض لبناء المستوطنات بسرعة، ومن أجل تمديد أمد الحرب وتعرية غزة بالكامل لتسهيل السيطرة الميدانية للجيش. وكتب أحد النشطاء "أنا ابن الحي الذي يتم نقله إلى الداخل المحتل في الأيام الأخيرة… شهادات من آخر من خرج من هناك". وأضاف ناشط آخر "سارقة وطن بأكمله… لن تتوقف عند سرقة الركام". كما اعتقد مدونون أن الركام يساعد المقاومين على التخفي، عبر نصب الكمائن والتمركز للقناصة وغيرها من الأساليب التي تتسبب في إيقاع خسائر بصفوف الجنود الإسرائيليين، ولذلك يصر الجيش على إزالته لتكون الأرض سطحية تسهّل عليهم المراقبة من مسافات بعيدة. وأشار آخرون إلى أن إسرائيل لم تكتفِ بسرقة الأرض والركام، بل وصلت إلى نبش المقابر وأخذ الجثث، معتبرين أن هذا ليس غريبًا على كيان يسعى لمحو كل أثر للحياة الفلسطينية. واعتبر بعض المدونين أن الجيش الإسرائيلي يقوم بهذه العمليات أيضًا لمنع الوصول إلى الجثث التي لا يعلم عنها أحد، حتى لا ترتفع الإحصاءات الرسمية للضحايا إلى أرقام فلكية. تدمير ممنهج وتجارة بالموت وأشار ناشطون إلى أن هذه ليست حربًا، بل سياسة خراب متعمدة ينفذها مقاولو التدمير ووحشية الخراب الممنهج. وقالوا إن جباليا تقدّم الصورة الأوضح من كل تقرير، إذ ما يجري هناك هو تدمير ممنهج وتهجير قسري للمدنيين دون تمييز أو إنذار، بل بشهية مفتوحة نحو الخراب. وأوضحوا أن جنود الاحتلال لا يكتفون بتنفيذ الأوامر، بل يجدون متعة في إشعال الحطام ونثر الخراب، مدفوعين بمنظومة تدفع لهم مقابل كل منزل يُسوّى بالأرض. وأكدوا أن هذه ليست حربًا، بل سياسة خراب متعمدة، وحين تُسعَّر البيوت وتُهدم بالمزاد، تتحول الجريمة إلى منظومة اقتصادية، ويصبح الاحتلال مستثمرًا في التدمير لا مجرد معتدٍ. وقال أحدهم: "جباليا نموذج… وغزة كلها ضحية". وأشار آخرون إلى أن 5 آلاف شيكل يدفعها جيش الاحتلال للمقاولين عن كل بيت يسوّى بالأرض، بالإضافة إلى "مكافآت إضافية" لقتل المجوعين عند نقاط توزيع المساعدات. وقالوا "هكذا يموَّل الدمار، ويراد للجريمة أن تكون تجارة".

من انتصر في الحرب: إسرائيل أم إيران؟
من انتصر في الحرب: إسرائيل أم إيران؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

من انتصر في الحرب: إسرائيل أم إيران؟

قبل الهجوم غير القانوني الذي شنّته إسرائيل على إيران، كان نطاق الاشتباك بين طهران وتل أبيب يُعرّف ضمن "المنطقة الرمادية"، أو ما يُعرف بالحرب غير المتكافئة. لكن منذ أسبوعين تغيرت المعادلة، وأصبحنا أمام مواجهة مباشرة بين هذين الفاعلين الإقليميين. ففي فجر يوم الثالث عشر من يونيو/ حزيران 2025، أعلنت الحكومة الإسرائيلية، عبر بيان رسمي، أنها نفذت "ضربة استباقية" أطلقت عليها اسم "الأسد الصاعد"، استهدفت من خلالها مواقع حيوية كالمواقع النووية ووحدات الصواريخ والطائرات المسيّرة في نطنز وفوردو وخنداب وبارتشين. بالتزامن، شنّ الجيش الإسرائيلي وجهاز الموساد عمليات اغتيال ضد كبار القادة العسكريين وبعض الشخصيات البارزة في البرنامج النووي الإيراني. خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا بين طهران وتل أبيب، سقط ما لا يقل عن 610 ضحايا إيرانيين. وبحسب الجيش الإسرائيلي، فقد استُهدِف ما لا يقل عن 480 هدفًا إستراتيجيًا داخل إيران خلال هذه العمليات المفاجئة. في المقابل، أعلنت القوات المسلحة الإيرانية بدء عملية "الوعد الصادق 3″، حيث أطلقت أكثر من 500 صاروخ على الأراضي المحتلة ضمن أكثر من 21 موجة هجومية. وأسفرت الهجمات الصاروخية الإيرانية عن مقتل 28 صهيونيًا، وإصابة 265 آخرين على الأقل. وعقب عملية "بشائر الفتح" الإيرانية ضد قيادة "سنتكوم" الأميركية في قاعدة العديد، وردًا على عملية "مطرقة منتصف الليل"، بدأت الولايات المتحدة بمساعدة قطر جهود وساطة بين إيران وإسرائيل، وأعلن ترامب عبر منشور على منصة "تروث سوشيال" عن التوصل إلى هدنة بين الطرفين. والسؤال الحاسم بعد إعلان هذه الهدنة النسبية في المنطقة: هل ستُستأنف الحرب بين إيران وإسرائيل من جديد؟ أهداف إسرائيل بعد دقائق من الهجوم واسع النطاق على أهداف عسكرية ومدنية داخل إيران، أعلن كل من بنيامين نتنياهو، ويسرائيل كاتس، وجدعون ساعر، الأقطاب الرئيسيين في الحكومة الإسرائيلية، أن هدف الحرب هو تدمير البرنامج النووي والصواريخ الباليستية الإيرانية. رغم أن الحكومة الإسرائيلية حاولت عبر المنابر الرسمية إظهار تلك الأهداف على أنها الأجندة الرئيسية للجيش وأجهزة الاستخبارات، فإن الوقائع على الأرض تشير إلى أن اليمين الصهيوني يسعى لتحقيق أهداف أكثر طموحًا. فقد ضخت إسرائيل كمًا هائلًا من الدعاية؛ بهدف تحريض الشعب الإيراني على التمرد وتغيير النظام القائم في طهران، مما يُظهر سعيها لتغيير وجه الشرق الأوسط. لكن الشعب الإيراني، بإظهاره وحدة وطنية واضحة في مواجهة العدو الخارجي، لم يتجاوب مع هذا المشروع الإسرائيلي- الأميركي. وبعد انتهاء الحرب، أعلنت إسرائيل أنها دمرت 50% من منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية، واستهدفت 35 مركزًا لتصنيع الصواريخ، واغتالت 11 عالمًا نوويًا. ورغم مزاعم "النصر العظيم" من قبل المسؤولين الإسرائيليين، فإن الوقائع تشير إلى أن إسرائيل اكتفت بتوجيه ضربات محدودة إلى البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين. فقد أظهرت استطلاعات رأي، مثل ما نشرته صحيفة "معاريف"، أن 65% من سكان الأراضي المحتلة لا يرون أن إسرائيل حققت نصرًا واضحًا. أهداف إيران خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا، أعلنت طهران أن أهم أهدافها كانت "الرد الفعال على العدوان"، و"حماية الأصول الإستراتيجية"، و"معاقبة المعتدي بهدف استعادة الردع". وأكد اللواء موسوي، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، أن العمليات المنفذة حتى الآن كانت تحذيرية لردع العدو، وأن العملية العقابية الحاسمة قادمة. عمليًا، وبسبب استهداف إسرائيل منظومات الدفاع الجوي والراداري الإيرانية، وعمليات التخريب التي نفذها عملاء الموساد، ركزت طهران على الهجوم وضرب مراكز إستراتيجية في الأراضي المحتلة، مثل: قاعدة نيفاتيم الجوية، قاعدة عودا الجوية، قاعدة رامون العسكرية، المقر المركزي للموساد، ومصفاة نفط حيفا. "تجميد التوتر".. العودة إلى طاولة المفاوضات مع إعلان الهدنة بين إيران وإسرائيل، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومبعوثه الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف عن محادثات غير رسمية مع طهران لإحياء المفاوضات النووية. ويبدو أن واشنطن قدمت بعض الحوافز، كرفع جزئي للعقوبات، لا سيما بيع النفط للصين. وقد ذكرت شركة "Kpler" أن صادرات إيران النفطية بلغت 2.2 مليون برميل يوميًا، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 2.4 مليون قريبًا. وفيما بعد، كشفت "CNN" عن عرض أميركي بقيمة 30 مليار دولار لإنشاء برنامج نووي سلمي مقابل تخلي إيران عن التخصيب. رغم اهتمام البيت الأبيض بإبرام اتفاق نووي، فقد نفى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقابلة مع التلفزيون الإيراني وجود أي خطط لاستئناف المفاوضات. وتُظهر تقارير وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية أن المنشآت النووية الإيرانية لم تُدمَّر بالكامل، وهناك 400 كيلوغرام من اليورانيوم العالي التخصيب لا يزال مصيرها مجهولًا. وبالتالي، فإن العودة إلى المفاوضات باتت شبه حتمية، ما لم تستأنف إسرائيل مغامراتها العسكرية مجددًا. "تراجع تكتيكي" وفتح "صندوق باندورا" من جديد خلال قمة الناتو في هولندا، تحدث دونالد ترامب صراحة عن "الضربات القاسية" التي تعرضت لها إسرائيل جراء الهجمات الصاروخية. بالتوازي، تحدثت بعض المصادر عن محدودية مخزون الدفاعات الجوية الإسرائيلية لمواجهة هجمات إيرانية طويلة الأمد، وهو ما نفاه الجيش الإسرائيلي مرارًا. في هذا السيناريو، قد تلجأ إسرائيل بعد إعادة بناء قدراتها العسكرية وتحديث تقييماتها الاستخباراتية لجولة جديدة من الهجمات بذريعة استمرار التهديد النووي والصاروخي الإيراني. ويبدو أن النخبة السياسية والعسكرية والاستخباراتية في إيران تتعامل مع احتمال استئناف الحرب على المدى القصير بواقعية، وهو ما تعززه التجارب السابقة في لبنان وسوريا، بالإضافة إلى عدم تحقيق إسرائيل أهدافها بالكامل خلال الحرب الأخيرة. العودة إلى المنطقة الرمادية: لا حرب ولا سلم حتى قبل الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل/ نيسان 2024، كان الصراع بين إيران وإسرائيل يدور ضمن "المنطقة الرمادية"، حيث كان الطرفان يتجنبان الحرب المباشرة والشاملة. لكن الحرب الشاملة من 13 إلى 25 يونيو/ حزيران 2025 دفعت بعض خبراء العلاقات الدولية إلى القول إن العودة إلى المنطقة الرمادية لم تعد ممكنة. غير أن فريقًا آخر يرى أنه في حال فشلت المفاوضات المحتملة بين إيران والولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه لم تكن إسرائيل راغبة بخوض حرب جديدة، فإن الطرفين قد يعودان إلى استخدام أدوات "الحرب غير المتكافئة" من خلال العمليات الاستخباراتية، الحملات الدبلوماسية، الاستفادة من الحلفاء الإقليميين، أو توظيف الأدوات الاقتصادية. حرب على مستقبل الشرق الأوسط المنتصر في الحرب بين إيران وإسرائيل سيكون له دور حاسم في "إعادة تشكيل" النظام الإقليمي في غرب آسيا. ولعل فهم مكانة عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 في خريطة التنافس الجيوستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، يوضح هذا التوجه. فإسرائيل، باعتبارها الحليف الإستراتيجي لأميركا في شرق المتوسط، تسعى إلى إزالة محور المقاومة من معادلة المنطقة، تمهيدًا لتفعيل ممر "الهند – الشرق الأوسط – أوروبا" (IMEC) واحتواء النفوذ الصيني والروسي في شمال المحيط الهندي. وتزايد الحديث عن نهاية محتملة لحرب غزة، وتوسيع اتفاقيات "أبراهام" لتشمل السعودية وسوريا يعكس خطة مشتركة بين ترامب ونتنياهو لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store