
وقت التخارج!
لقد جاءت هذه الفترة، في تقديري الشخصي، بمثابة عملية إنقاذ تاريخية لهذه الأندية التي ظلت لعقود تعيش فوضى مالية وإدارية وفنية، حيث افتقدت لأبسط معايير الحوكمة والتنظيم. واليوم، أعتقد أن الوقت قد حان لتخارج الصندوق، وتسليم هذه الكيانات إلى مُلاّك جدد، قادرين على البناء على ما تحقق والانطلاق بها إلى آفاق أرحب وأوسع.
في تصوري، لقد نجح «الصندوق السيادي»، في إنجاز مهمة بالغة التعقيد، إذ حوَّل هذه الأندية إلى شركات حقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
شركات ذات هياكل تنظيمية وقوانين داخلية ورؤية تجارية واضحة. لم يعد الهلال أو النصر أو الأهلي أو الاتحاد مجرد أندية تبحث عن فوز عابر، بل تحولت، في رأيي، إلى علامات تجارية ذات قيمة سوقية متنامية مفيدة في مجتمعها، تحقق إيرادات تجارية تتجاوز 1.09 مليار ريال سنوياً، كما في حالة الهلال، و615 مليون ريال في النصر و342 مليون ريال في الأهلي بحسب إعلانات 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
الحقيقة أن الصندوق أرسى في هذه الأندية ثقافة العمل المُحوكم المبني على البيانات الدقيقة وأفضل أساليب الإدارة، حيث أسس لجاناً رياضية على أعلى المعايير العالمية، تعمل وفق تقارير ودراسات فنية دقيقة، مستعيناً بخبرات دولية وتجارب ناجحة في صناعة كرة القدم. وتمت غربلة هذه الكيانات بهيكلة تنظيمية شاملة، رفعت من كفاءة العمل، وطوَّرت إدارات الموارد البشرية، وحدّثت سياسات المزايا والمكافآت لخلق بيئة عمل جاذبة واحترافية، بعد سنوات طويلة من العمل العشوائي الذي كان يهدر المال والجهد.
صحيح أن هناك أخطاء غير مقبولة حدثت في الأندية الكبار خلال السنوات الثلاث الأخيرة ولا تزال، سواء في بعض التعاقدات أو الاختيارات للمديرين التنفيذيين والمدربين واللاعبين أو حتى في طريقة الانتخاب لمجالس الإدارات، لكن الحقيقة التي يجب أن تُقال إن الإيجابيات في «الأندية الكبار» عظيمة جداً، ولا يمكن التوقف عند العثرات التي نراها بالتأكيد تحدث في أندية عملاقة في «البريمرليغ» و«لاليغا» والدوري الإيطالي، ولنا أمثلة في مانشستر يونايتد وبرشلونة ويوفنتوس، حيث أخطاء اختيارات المُلاّك في تعيينات المدربين واستقدام اللاعبين واختيار الإداريين التنفيذيين.
اليوم، وبعد أن باتت هذه الأندية جاهزة للانطلاق، أعتقد أنه لا بد من تحضير خطة لـ«التخارج الذكي»، عبر بيع الحصص المملوكة للصندوق إلى «شركات كبرى» أو أباطرة مال سعوديين أو أجانب معروفين، وفق قوانين صارمة لضمان استدامة النجاح وحماية الأندية من العودة إلى الفوضى.
أعتقد أن التخارج في هذا التوقيت أو حتى في نهاية الموسم المقبل ليس مجرد ضرورة اقتصادية أو إدارية، بل أيضاً خطوة استباقية لضمان مشاركة ناديين أو ثلاثة أو حتى أربعة في كأس العالم للأندية 2029 دون أي ضجيج أو جدل في استقلاليتها كما حدث مع ليون وباتشوكا المكسيكيين في مونديال 2025.
بيع الهلال مثلاً إلى شركة المملكة القابضة أو غيرها، وبيع النصر والأهلي والاتحاد إلى شركات وأباطرة مال معروفين في السوق السعودي والأجنبي، سيشكل في رأيي دفعة قوية للدوري السعودي، وسيجعله أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي والمحلي، كما سيفتح الباب أمام أندية أخرى مثل الشباب والاتفاق والتعاون والرياض وضمك والخلود وغيرها لتجد مُلاّكاً مستقلين يسيرون على خطى الصندوق في الإصلاح الإداري والحوكمة الشاملة.
في تقديري الشخصي، المثال الأبرز على ما يمكن أن يحدث للأندية إذا تُركت دون تخصيص، هو ما جرى في نادي الشباب، الذي تكبَّد خسائر جسيمة، وأبرم عقوداً غير مدروسة تماماً في الاستثمار في عقاراته، دون وجود دراسة جدوى واضحة، ودون حِكمة بالغة من مجلس إدارته في حينها أو وزارة الرياضة أو حتى جمعيته العمومية المُكبلة بنظام هش ومهترئ، مما أدى إلى أضرار مالية وتنظيمية كبيرة للنادي يعيشها حتى الآن.
أتصور أن إنقاذ الأندية الأخرى من مصير مشابه يمر عبر استمرار نموذج النهج الصارم الذي بدأه «الصندوق السيادي»، وذلك حتى لا تتكرر أخطاء الماضي، لتبقى «الأندية كافة» أساساً للنجاح الرياضي والتجاري في آسيا والمنطقة وليس في السعودية فقط.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاقتصادية
منذ 35 دقائق
- الاقتصادية
السعودية تمدد العمل ببرنامج الرهن الميسر 3 أعوام
أقر مجلس الوزراء السعودي اليوم، خلال جلسته التي عقدها برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في جدة، على تمديد العمل ببرنامج الرهن الميسر 3 أعوام مقبلة. المجلس قال في بيانه عقب الجلسة، أن برنامجا تطوير القطاع المالي وتنمية القدرات البشرية، أسهما في تعزيز الاستدامة المالية، ودعم مسيرة الاقتصاد الوطني، والارتقاء بتنافسية الكوادر الوطنية محليا وعالميا، عبر منظومة التعليم والتعلّم المستمر، بما يتواءم مع متطلبات سوق العمل واحتياجاته. قرارات المجلس شملت، الموافقة على اتفاقية توظيف عمالة منزلية بين السعودية والصومال، إضافة إلى إقرار تنظيم مركز الإحالات الطبية، وتعديل بعض مواد أنظمة (التوثيق والتحكيم، والمحاماة)، بما يتوافق مع أحكام نظام المعاملات المدنية. كما عد تصدر السعودية الترتيب العالمي في نمو إيرادات السياح الدوليين خلال الربع الأول من 2025، تجسيدا للتطور المتسارع الذي يشهده هذا القطاع الحيوي، وصولا إلى الريادة في المؤشرات الدولية.


أرقام
منذ 40 دقائق
- أرقام
مجلس الوزراء يوافق على تمديد العمل ببرنامج الرهن الميسر لمدة 3 سنوات
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وافق مجلس الوزراء، خلال جلسته اليوم، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، على تمديد العمل ببرنامج الرهن الميسر لمدة 3 سنوات. كما وافق المجلس على اتفاقين بشأن توظيف العمالة المنزلية وتوظيف العمالة بين وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية في جمهورية الصومال الفيدرالية. وحسبما نقلت وكالة الأنباء السعودية، وافق المجلس على تعديل بعض مواد أنظمة (التوثيق، والتحكيم، والمحاماة)؛ بما يتوافق مع أحكام نظام المعاملات المدنية.


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
حصري في ظهور نادر.. عبدالله الراجحي يكشف أسرار بناء أكبر مصرف إسلامي في العالم
من إرث عائلي إلى تحقيق الريادة في الصيرفة الإسلامية، يقف الرئيس التنفيذي لأكبر بنك إسلامي في العالم محملاً بمهمة ضخمة في سوق يواجه تحديات كبيرة في السيولة وخطط تحول هيكلية ضخمة تحت مظلة "رؤية 2030". في مقابلة استثنائية مع برنامج "الدرجة الأولى" على قناة "العربية"، كسر عبدالله بن سليمان الراجحي، رئيس مجلس إدارة مصرف الراجحي، صمته الإعلامي ليروي قصة صعود أحد أضخم المصارف الإسلامية في العالم، كاشفاً عن محطات مفصلية في مسيرته، وتفاصيل غير مسبوقة عن التحول من شركة عائلية إلى كيان مصرفي عالمي. من البدايات المتواضعة إلى الريادة العالمية بدأت الحكاية في خمسينيات القرن الماضي، حين تأسست شركة الراجحي للصرافة والتجارة كمؤسسة فردية، قبل أن تتحول رسمياً إلى بنك في عام 1988 برأسمال 750 مليون ريال وأصول بلغت 10 مليارات ريال. واليوم، يقف المصرف على قمة البنوك الإسلامية عالمياً بأصول تقترب من تريليون ريال، واحتياطيات تفوق 100 مليار ريال. خلال سنوات عمل البنك كأول بنك إسلامي في السعودية، برزت الحاجة إلى تطوير أدوات للصيرفة الإسلامية من تمويلات وإيداعات وحسابات، تحت مظلة لجنة شرعية مستقلة، ومتوافقة مع اشتراطات البنك المركزي، وفقاً لما ذكره الراجحي لمضيفته، فاطمة الزهراء الضاوي. وقال الراجحي، إن التطور أخذ منحنى سريعاً جداً لتصبح السعودية الرائدة عالمياً في الصيرفة الإسلامية، مع محفظة أصول مصرفية إسلامية تتجاوز 3.1 تريليون ريال، حتى منتصف عام 2024، وإصدارات صكوك تتراوح بين 620 و640 مليار ريال. لكن حتى نمو بهذا الحجم لم يعد كافياً في ظل " رؤية 2030"، وخطة برنامج تطوير القطاع المالي، حيث أشار الراجحي إلى مبادرات خاصة لتطوير المصرفية الإسلامية. متى بدأ؟ التحق عبدالله الراجحي بالمصرف عام 1979 بعد تخرجه في الاقتصاد وإدارة الأعمال، وتدرج في المناصب حتى أصبح الرئيس التنفيذي، ثم رئيس مجلس الإدارة. وخلال تلك العقود، لعب دورًا محوريًا في تطوير أدوات الصيرفة الإسلامية، وإطلاق منتجات متوافقة مع الشريعة، تحت إشراف لجنة شرعية مستقلة. في حديثه، بدا واضحًا أن الراجحي لا يتحدث عن مؤسسة مالية فقط، بل عن مشروع حياة. "كنا نعلم أن الصيرفة الإسلامية تحتاج إلى أدوات جديدة، إلى منتجات تمويل وإيداع تتوافق مع الشريعة، وتخضع لرقابة شرعية مستقلة"، بحسب الراجحي. التحول الرقمي.. حين يسبق المصرف زمنه استشعر البنك أهمية التحولات التكنولوجية عالمياً مبكراً، وبدأ رحلة التحول، وقال "الراجي" إن أكثر من مليار عملية دخول للتطبيقات البنكية في عام 2024، أبرزت أهمية هذا التحول، ويضاف إليها أن 95% من الحسابات تُفتح رقميًا، و22% نمو في عدد العملاء الجدد عبر الجوال. حين ضربت الأزمة المالية العالمية في 2008، كانت البنوك تتساقط كأوراق الخريف، لكن مصرف الراجحي ظل صامدًا. لم يكن ذلك صدفة. فالمصرف لم يكن منخرطًا في المشتقات المالية، ولم يتعامل مع الشركات المتعثرة. كان تركيزه على تلبية احتياجات عملائه، بعيدًا عن المغامرات الاستثمارية. ويعزو الراجحي هذا الصمود إلى الحذر المؤسسي، وإلى الدور الحاسم الذي لعبه البنك المركزي السعودي في حماية القطاع المصرفي. لكن التحديات لم تتوقف عند الأزمات. فمع تسارع التحول الرقمي، واجه المصرف تحديًا جديدًا: كيف يحافظ على ريادته في عالم تتغير فيه سلوكيات العملاء بسرعة البرق؟ الجواب كان في الأرقام. أكثر من مليار عملية دخول للتطبيقات البنكية في عام 2024، و95% من الحسابات تُفتح رقميًا، و22% نمو في عدد العملاء الجدد عبر الجوال. لم يعد المصرف مجرد بنك، بل منصة مالية رقمية متكاملة، تستثمر في التقنية كما تستثمر في الإنسان. ورغم المنافسة الشرسة من شركات التقنية المالية، يرى الراجحي أن هذه الشركات ليست تهديدًا، بل فرصة. فالمصرف لم يكتفِ بتطوير منتجاته الرقمية، بل أنشأ شركات تقنية تابعة له، واستثمر في شركات ناشئة، لتقديم حلول مبتكرة، تستهدف شرائح جديدة من العملاء، وتعيد رسم خريطة السوق. في قلب رؤية السعودية 2030، يجد المصرف نفسه لاعبًا رئيسيًا في تمويل التحول الاقتصادي. من دعم الإسكان، حيث يمتلك المصرف 41% من الحصة السوقية، إلى تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي قفزت محفظتها من 10 إلى 40 مليار ريال خلال خمس سنوات فقط. ويؤمن الراجحي أن القطاع الخاص لا يستطيع استيعاب كل الخريجين، ولهذا يركز المصرف على دعم ريادة الأعمال، من خلال منتجات تمويل جاهزة، لا تتطلب بيانات مالية معقدة، وتستهدف تسهيل الانطلاقة. لكن خلف كل هذه الأرقام، هناك التزام إنساني لا يقل أهمية. فالمصرف يرى في المسؤولية المجتمعية جزءًا من هويته، لا مجرد واجب. من برنامج دعم الأيتام الجامعيين، إلى مبادرات التعليم والصحة والسكن، يؤمن الراجحي أن الأثر الحقيقي يأتي حين يكون الدعم من خلال برامج واضحة، قابلة للقياس، ومتصلة برؤية استراتيجية. وفي حديثه عن المستقبل، لا يخفي الراجحي قلقه من بطء الاستجابة في بعض القطاعات. فالعالم العربي، برأيه، يمتلك طاقات هائلة، لكنه بحاجة إلى بنية تحتية رقمية قوية، وإلى تعليم يحوّل الشباب من مستهلكين إلى مبتكرين. ومع مجتمع فتي يتجاوز تعداده 400 مليون نسمة، يرى أن الفرصة لا تزال قائمة، لكن الوقت يمر بسرعة. تحديات التوظيف ويعتبر الراجحي أنه من المستحيل أن يمتص القطاع الخاص كل الخريجين من الشباب، ما يزيد من الطلب على المشاريع الصغيرة والمتوسط، ما دفع البنك إلى تبني برامج تركز بالأساس على تمويل هذه الشريحة من العملاء وتساعدهم في النمو. وقال إنه في عام 2020، كان حجم محفظة تمويل الشركات المتوسطة والصغيرة 10 مليارات ريال، ووصل إلى 40 مليار ريال حالياً، وتم إطلاق منتجات جديدة جاهزة بدون أن يضطر العملاء إلى تقديم بيانات مالية.