logo
المفاوضات من أجل الحرب

المفاوضات من أجل الحرب

جريدة الاياممنذ 19 ساعات
الانطباع العام بات راسخاً الآن أن المفاوضات التي تجري لا تهدف لإيقاف الحرب، على الأقل فإن الطرفين ليسا في عجلة من أمرهما كما يبدو، وأن الحقيقة أن المفاوضات التي تهدف بالأساس للتهدئة ولوقف الإبادة تطيل عمرها وتعطيها مسوغات جديدة.
كتبت مرة هنا على هذه الصحفة أن الهدف من المفاوضات هو المفاوضات، كما أن الهدف من الحرب هو الحرب.
بالنسبة لنتنياهو فإن العالم يتحدث الآن عن مواقفه من المفاوضات كما يتحدث عن مواقف حماس من المفاوضات، وبالتالي المسؤولية عن مخرجات المفاوضات متساوية، فالطرفان مسؤولان عن نتيجة المفاوضات، وهي نتيجة صفرية.
أيضاً بالنسبة لترامب فهو يرعى عملية مفاوضات من أجل تحقيق الهدوء وإنهاء الحرب وهو يريد جائزة نوبل للسلام لذلك، فبدلاً من أن يقال إنه يرسل الدعم العسكري لإسرائيل لقتل الفلسطينيين وهو يفعل ذلك باستمرار وبدلاً من أن يقال إنه شريك في حرب الإبادة، كل ما يقال الآن، أو أن أبرز ما يقال، أن الرجل يسهر ليل نهار من أجل تحقيق الهدوء ويضغط (وبشدة) على نتنياهو من أجل وقف الحرب.
النتيجة أن من يقتل الشعب الفلسطيني في غزة ومن يمده بالسلاح يسعيان للهدوء ويفاوضان من أجل وقف الحرب.
قد لا تقف، وقد لا يصلان لاتفاق، لكنهما يسعيان لإنجازه.
وفي المفاوضات، طالما قبلت أن تفاوض فعليك أن تدرك أن لا شيء في موقفك يجعله صواباً إلا كونه موقفك وبالتالي فهو، أي هذا الموقف، ليس حجة يحتج بها. ما أقصده أن موقف نتنياهو بالتمسك بحدود آذار 2025 لا يختلف كثيراً عن موقف حماس بالانسحاب إلى ما قبل ذلك.
أيضاً بالنسبة لحماس فإنها تجري مفاوضات وبالتالي تقول للجمهور إنها تفاوض من أجل إنهاء الحرب كما يقول نتنياهو لأهل الأسرى عنده إنه يفاوض لإخراج أبنائهم.
وتظل الحقيقة الغائبة أن الحرب مستمرة وأن الناس يقتلون كل يوم وأن كيلو الطحين يصل إلى 90 شيكلاً في بعض المرات، وأن من يفاوض لا يحس بكل ذلك، ولا يهمه، ولا يفكر فيه أصلاً.
من أبشع ما يمكن أن يسمعه المرء صراحة هو تعليقات مسؤولي حماس وخواطرهم عن هذه المفاوضات والتي لا تشكل فقط استخفافاً بعقول المستمعين بل أيضاً بعذابات شعبنا في غزة.
وفيما قد يطرب مستمعوهم ممن لا يدفعون أي ثمن جراء السياسات الطائشة الناتجة عن هذه التصريحات ولا المواقف الرعناء الملازمة لها، فهم ينعمون بالهتاف للقتال وللبطولة عن بعد، فإن الأبرياء في غزة الذين ينتظرون أي بادرة إيجابية تقول لهم إنهم سيصحون من النوم وقد انتهت الحرب فسيصابون بالخيبة بلا أدنى شك ويفقدون الأمل كلما سمعوا أحد جهابذة الفصائل يتحدث من فندقه الفاخر في إحدى العواصم عن الصمود والانتصار، لأنهم يعرفون مرة أخرى أن كل يوم يمضي يعني فقدان قرابة مائة منهم وإصابة مئات آخرين، ويعرفون أنهم ليسوا على بال أحد وأن موتهم لا يعني شيئاً في المفاوضات الدائرة، فهم خسائر جانبية أو أن موتهم وتشردهم قدر لا بد من تحمله.
بعض الفضائيات تمادت باستخفافها بعذابات الناس حتى أن معاناة الناس من الجوع وسرقة المساعدات واحتكارها، وهي أشياء ناتجة عن سوء إدارة الوضع الداخلي، لا يتم التطرق لها، فيما يبدو أن قتل خمسة جنود إسرائيليين أهم من تدمير الاحتلال لحي التفاح بشكل كامل بناية بناية.
وفيما العمليات فعل بطولي بكل الأحوال لكنه ليس فتحاً مبيناً ولا انتصاراً مزلزلاً وهو لا يبرر الاستمرار بحرب باتت عبثية بلا جدوى أو هدف، والدليل ما يتم التفاوض حوله. فالمفاوض المتمسك الحريص الشرس (وكل هذه الصفات بين مزدوجين) هدفه الأساس أن يعود العدو إلى حدود آذار الماضي، وربما بعد أسبوع سيطالب بالعودة إلى حدود أيار الماضي أو تموز حين يصبح ماضياً، ولكن عندها ستكون انتهت أحياء جديدة من مدينة غزة وخان يونس وتقلص حجم القطاع أكثر وأكثر.
هذا المفاوض كلما رأى تقريراً على هذه الفضائيات يشعر بزهو أكبر فهو على الأقل يقدر أن يقول «لا» بصوت أكثر ارتفاعاً لأن المعركة موجعة للعدو غير آبه بما يعانيه ويكابده أهل غزة من أي وجع.
وحتى لا يبدو المرء متشائماً كثيراً، فلو أن المفاوضات تتم من أجل إخراج جيش الاحتلال بشكل كامل، أو أننا ونحن نقول لا نمنعه من التقدم، أو أن قواته تقف عاجزة عند تخوم المدن والأماكن السكنية، لو أننا نرفق «لا» هذه بدحر قواته وإجبارها على الرجوع.
ما يحدث العكس، كل يوم نخسر المزيد من الأرض والمزيد من المواطنين والمزيد من المنشآت حتى يأتي اليوم الذي لن يكون عندنا إلا الخيام.
في الأسبوع الماضي كثرت الإشارة للمقارنات بين مفاوضات السلطة ومفاوضات حماس الحالية (رغم أنها مقارنات من الأساس غير عادلة، فالسلطة كانت تفاوض ضمن رؤية سياسية وليس نتيجة ضغط كارثي دمر البلاد) وتم استذكار موضوعات التفاوض وأهدافها.
كانت المفاوضات فيما مضى تحاول أن تزيد مساحة الأرض التي تحكمها السلطة وتوسعة صلاحيتها وإخراج الجيش منها، فيما الآن يدور الحديث عن عودة الجيش إلى خطوط أخذها خلال الحرب، طبعاً في كل الحالات لا يوجد ضمانات بأن دولة الاحتلال ستلتزم، ففي حال المفاوضات السابقة أخلت إسرائيل بالاتفاقيات وأعادت احتلال الأراضي، ولكن المقارنات التي تجري تدور حول الهدف وغايات التفاوض.
مفاوض حماس يفاوض على تموضع الجيش داخل غزة وهل سيبتلع الجيش 40 بالمائة من مساحة القطاع أم 25 بالمائة. تتذكرون العبارة الساخرة: أننا قاتلنا في السابع من أكتوبر حتى نفاوض إسرائيل للعودة للسادس من أكتوبر.
بعد أسابيع تدخل الحرب عامها الثالث ونحن نفاوض من أجل أن نعود بضع كيلومترات للوراء، الوراء الذي كان «الأمام» قبل أسابيع وسنظل نفاوض لأن الهدف هو أن نفاوض، أتمنى ألا نفاوض بعد فترة على عودة القوات لشارع الجلاء أو محور سوق فراس، وخلال ذلك لا يبقى شيء نفاوض عليه إلا فكرة المفاوضات ولا بأس من بعض اللقطات القوية يتم عرضها على الفضائيات حتى نقول «المعركة مستمرة».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نتنياهو: قبلت مقترح ويتكوف ومقترح الوسطاء وحماس رفضتهما
نتنياهو: قبلت مقترح ويتكوف ومقترح الوسطاء وحماس رفضتهما

معا الاخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • معا الاخبارية

نتنياهو: قبلت مقترح ويتكوف ومقترح الوسطاء وحماس رفضتهما

بيت لحم -معا- قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو" قبلت مقترح المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، استيفن ويتكوف ومقترح الوسطاء لإنجاز صفقة تبادل، ولكن حركة حماس رفضتهما". واضاف "نريد صفقة؛ لكن ليس صفقة تترك حماس قادرة على تكرار ما فعلته من جرائم". وقال "عازمون على إعادة المخطوفين لكن مع القضاء على حماس كذلك". وزعم نتنياهو ان حماس رفضت مقترح الصفقة، وتصر على البقاء في غزة وإعادة التسلح وهذا غير مقبول. وتابع"الإعلام الإسرائيلي يتهمني بإفشال مساعي إنجاز صفقة تبادل ويردد دعاية حماس". واكد ان استطلاعات الرأي التي تظهر وجود أغلبية لدى الإسرائيليين لإنجاز صفقة استطلاعات مهندسة واستطلاعات الرأي التي تظهر وجود أغلبية تؤيد صفقة لا تسأل المستطلعين إذا كانوا يريدون بقاء حماس في غزة.

بالفيديو مقاوم فلسطيني يتسلل ويلقي عبوات داخل "ميركفاه" بشمال غزة
بالفيديو مقاوم فلسطيني يتسلل ويلقي عبوات داخل "ميركفاه" بشمال غزة

فلسطين أون لاين

timeمنذ 2 ساعات

  • فلسطين أون لاين

بالفيديو مقاوم فلسطيني يتسلل ويلقي عبوات داخل "ميركفاه" بشمال غزة

متابعة/ فلسطين أون لاين أظهر مقطع فيديو متداول مقاومًا فلسطينيًا يتجه بسرعة نحو آلية إسرائيلية متوقفة في شمال قطاع غزة، ويلقي داخلها عبوات ناسفة، ثم يعود بسرعة إلى مكان انطلاقه دون أن يصاب بأي أذى، فيما اندلعت النيران في الآلية بعد الهجوم. وأفادت هيئة البث العبرية، بأن الفيديو يظهر هجومًا لمقاتلين فلسطينيين باستخدام قذيفة "آر بي جي" ضد آلية إسرائيلية في المنطقة، حيث تصاعد دخان كثيف من المركبة وانتشر في محيطها. من جهتها، علّقت قناة "كان" الإسرائيلية على مشاهد مقاوم فلسطيني هاجم دبابتين إسرائيليتين شمال قطاع غزة، معتبرة أن هذه اللقطات "مقلقة" وتشير إلى اتجاه تصاعد نشاط وجرأة المسلحين الفلسطينيين في الميدان، والذي بدأ منذ نحو أسبوعين. وفي تطورات متزامنة، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مسلحين فلسطينيين تسللوا من الأنفاق واشتبكوا مع قوات الجيش الإسرائيلي في منطقة خان يونس جنوبي القطاع. وكان في وقت سابق أحد مقاتلي كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قد نفذ هجومًا على ناقلة جند مدرعة في كمين بخان يونس، حيث صعد فوق المركبة وألقى عبوة "شواظ" الناسفة داخل قمرة القيادة، قبل أن ينسحب بمهارة، ما أدى إلى مقتل سبعة جنود إسرائيليين. وتشهد مناطق خان يونس، الشجاعية، وجباليا تصعيدًا في عمليات المقاومة الفلسطينية النوعية ضد قوات الاحتلال، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجيش الإسرائيلي خلال الفترة الأخيرة. المصدر / فلسطين أون لاين

ما أهداف الاحتلال من وراء تصعيد الهجوم على بيت حانون؟
ما أهداف الاحتلال من وراء تصعيد الهجوم على بيت حانون؟

معا الاخبارية

timeمنذ 5 ساعات

  • معا الاخبارية

ما أهداف الاحتلال من وراء تصعيد الهجوم على بيت حانون؟

تل أبيب- معا- وسّع جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال نهاية الأسبوع، عملياته العسكرية في شمال قطاع غزة، مع تركيز مكثف على بلدة بيت حانون، حيث شنّ عشرات الغارات الجوية بمشاركة طائرات حربية استهدفت أكثر من 110 مواقع في فترة زمنية قصيرة. وفي تقرير للقناة 12 الإسرائيلية شملت الغارات مواقع تحت الأرض، وبنى قتالية، وأنفاق، ومراكز قيادة تابعة لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس. ووفقاً لمصادر الاحتلال، فإن الهجمات تستهدف ما يُعرف بـ "قيادة كتيبة بيت حانون" والقائد المسؤول عنها. ويُقدر جيش الاحتلال أن في منطقة بيت حانون يتواجد ما بين 70 إلى 80 مقاتلاً من المقاومة الفلسطينية، ويهدف إلى "تفكيك كامل البنية القيادية" في المنطقة. ويصف الاحتلال قائد كتيبة بيت حانون بأنه شخصية بارزة وذات خبرة طويلة في القتال، معتبراً أن استهدافه يشكل "أولوية عسكرية". وسُمع دوي انفجارات قوية في مناطق واسعة بمدن الجنوب ومستوطنات غلاف غزة، حيث أبلغ المستوطنون عن ارتدادات عنيفة وأصوات غير معتادة ناجمة عن كثافة الغارات الجوية. وتجري خمسة فرق إسرائيلية مناورات عسكرية في قطاع غزة، ممتدة من رفح جنوبًا وصولاً إلى بيت حانون شمالًا. وتتركز هذه الأنشطة البرية بشكل أساسي في المناطق الواقعة خارج المعسكرات الرئيسية لحركة حماس، وذلك تخوفًا من إلحاق ضرر محتمل بالأسرى المحتجزين هناك. ويقول الجيش الإسرائيلي في هذا السياق: "لا ندخل مناطق تُشكل خطرًا على الرهائن". وفي منطقة بيت حانون، يعمل لواء جفعاتي النظامي والفرقة 99 مع لواء المظليين الاحتياطي 646، وفي الوقت نفسه، يتزايد النشاط على أطراف مدينة غزة نفسها- حيث تعمل الفرقة 98 والفرقة 162. وفي جنوب القطاع، تعمل الفرقة 36 في منطقة خان يونس، بينما تجري فرقة غزة (143) مناورات في رفح. ويعكس هذا النشاط المكثف إدراك جيش الاحتلال بأنه في حال عدم وجود وقف إطلاق نار في الأفق، يجب الاستمرار في صد حماس وتقويض قدراتها العملياتية. ووفقا لمصادر عسكرية إسرائيلية، شهدت الأيام الأخيرة تزايداً ملحوظاً في جرأة مقاومي القسام، الذين يحاولون القيام بعمليات استعراضية وإلحاق الضرر بقوات الاحتلال العاملة في الميدان. وصرح ضابط كبير مشارك في القتال جنوب قطاع غزة للقناة 12: "يدرك (الإرهابيون) أنه ليس لديهم ما يخسرونه. إنهم ينفذون عمليات انتحارية، ليس من أجل البقاء، بل لتحقيق إنجاز معرفي أخير قبل النهاية". حتى بين جنود الاحتلال على الأرض، يتزايد الشعور بأن هذه مرحلة تسعى فيها حماس إلى "خطف اللحظة الأخيرة" سلسلة من العمليات التي ستمنحها صورةً رابحة، أو "هجومًا استعراضيًا"، أو نجاحًا سيؤثر على المفاوضات. بعض هذه الأعمال، وفقًا للقوات على الأرض، "لا تستند إلى تخطيط عملياتي طويل الأمد، بل إلى روح قتالية نابعة من يأس عميق". يأتي هذا التصعيد في ظل جمود المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى، ما يعزز احتمالات استمرار التصعيد الإسرائيلي براً وجواً، خاصة في المناطق التي لم تتوغل فيها القوات البرية سابقاً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store