logo
زاهي حواس… حين يتكلّم الحجر بلغة عالمٍ لا ينام

زاهي حواس… حين يتكلّم الحجر بلغة عالمٍ لا ينام

الدستورمنذ يوم واحد
في أرضٍ تصرخ حضارةً، وتهمس الرمال بأسرار الملوك والآلهة، وُلد رجلٌ صار اسمه مرادفًا للآثار المصرية، ووجهًا لصورتها عالميًّا. زاهي حواس، العالم الذي لم يكتفِ بأن يكون منقّبًا عن ماضٍ عظيم، بل جعله حاضرًا ناطقًا، يرافقه في المؤتمرات والمتاحف والبرامج الوثائقية، كأنّ الفراعنة منحوه وصيّتهم.
من دمياط، المدينة التي تتعانق فيها ضفاف النيل والبحر، بدأ الحلم. التحق بجامعة الإسكندرية لدراسة الآثار اليونانية والرومانية، لكن قلبه ظلّ معلّقًا بالرمال التي تُخفي أسرار الأهرامات. لم تمضِ سنوات قليلة حتى عاد إلى حضن الحضارة المصرية القديمة، حاملًا شهادة في الآثار المصرية من جامعة القاهرة، ثم الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا، كأوّل مصري يحصل عليها في هذا المجال من واحدة من أرقى جامعات أمريكا.
عرفه العالم كمكتشفٍ لا يُكلّ، لا يهدأ له خاطر إلّا إذا أزاح الغبار عن حجر أو سرد حكاية مومياء. وفي وادي الملوك، بين صمت الجدران ونقوش الحياة الآخرة، كشف عن أسرار كثيرة، أبرزها مومياء الملكة حتشبسوت، وتابع أبحاثه في لغز وفاة توت عنخ آمون مستخدمًا أحدث وسائل الطب الشرعي والتصوير بالرنين المغناطيسي.
ولم يكن حواس مكتفيًا بالماضي، بل كان مدافعًا شرسًا عن حاضر الآثار المصرية. طالب باستعادة الكنوز المنهوبة، ونجح بالفعل في إعادة قطع أثرية ثمينة من متاحف كبرى في الخارج، متحدّثًا باسم حضارةٍ ظلّت تُنهب لعقود، فأعاد لها بعضًا من هيبتها المفقودة.
كتب بالعربية والإنجليزية، للكبار والصغار، بأسلوب مبسّط جعل من علم المصريات مادة حيّة، لا حكرًا على النُخب الأكاديمية. ومن كتبه: 'الملك الذهبي'، 'سحر الفراعنة'، 'رمسيس الثاني'، وغيرها من المؤلفات التي تُدرّس وتُترجم.
لكن زاهي حواس لم يكن فقط في الكتب والمقابر. كان حاضرًا في كل بيت عبر شاشات التلفزة. يتجوّل بين الأعمدة والصروح، يشرح، يروي، يبتسم، يندهش، ويُدهش. ظهر في برامج عالمية، وأدار جولات لزعماء ومشاهير من أنحاء العالم، من أوبرا وينفري إلى باراك أوباما، وظلّ يُردّد دائمًا: 'كل حجر في مصر له قصة، وأنا مجرّد راوٍ أمين'.
وإن كان بعضهم رأى في حضوره الإعلامي طغيانًا، أو في سلطته امتدادًا لعصر مركزيّ، يبقى المؤكّد أنّ زاهي حواس، بقبّعته الشهيرة وصوته الجهوري، استطاع أن يُعيد البريق إلى علم الآثار المصري، ويمنحه هوية جذّابة، تُشبه الفراعنة الذين أبهروا الدنيا وما زالوا.
في زمنٍ سريع، نسى فيه البعض أن في الأرض ما يُشبه المعجزة، جاء زاهي حواس ليقول إن الماضي ليس مقبرة، بل مرآة، وأن حضارة الأهرام لا تزال تنبض… فقط، حين تُنصت لحارسها.
وفي هذا السياق، يكتب الدكتور زاهي حواس فصلًا جديدًا في حضوره العالمي، حيث يخوض جولة محاضرات غير مسبوقة في ٣٣ ولاية أميركية، ينتقل بينها كصوتٍ لمصر يجوب قارات التاريخ. ويتوّج هذه الجولة النوعية بمحاضرة في الثاني من أغسطس بمدينة مونتريال، بعد أن تحدّث في كبرى المدن الأميركية عن أسرار الفراعنة أمام جماهير يتراوح عددها ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف شخص في كل محطّة.
قبل كل محاضرة، تطلّ ملامحه على شاشات كبريات القنوات مثل Fox TV وABC وNBC، متحدّثًا عن روعة الحضارة المصرية، فيما تبدأ الأمسية بعرض فيلم قصير عن حياته، تعقبه ندوة مطوّلة تمتدّ لساعة ونصف حول أهم الاكتشافات في الأهرامات ووادي الملوك، ثم حوار مفتوح مع الجمهور، وختامًا توقيع كتبه التي أصبحت مرجعًا محببًا في العالم، ومنها: 'توت عنخ آمون: الفرعون الذهبي'، 'Zahi Hawass: Secret Egypt'، 'رمسيس العظيم'، 'Pyramids'.
الجولة لم تكن مجرّد سلسلة محاضرات، بل حملة دعائية ثقافية كبرى، يُشار إليها بوصفها أضخم ترويج للآثار المصرية في الخارج. وقد حظي حواس في كل محطة بلقاءات خاصة مع كبار الشخصيات، وتفاعل إعلامي غير مسبوق، يؤكّد أنّه لم يعد فقط عالم آثار، بل بات رمزًا ثقافيًّا يُعيد تقديم مصر القديمة بلغةٍ عصرية، جذّابة، وعلمية في آن.
وفي كل خطوة يخطوها فوق تراب المعابد أو بين أعمدة الزمن، يثبت زاهي حواس أن الأثر ليس مجرّد حجر، بل هو نبضُ أمةٍ حيّة، ومرآةٌ لروحٍ تأبى أن تُنسى. لا يحمل في يده معولًا فحسب، بل يحمل رسالة، صوتها يعلو في العواصم، وصداها يصل إلى القلوب… كأنّ مصر تتكلّم من خلاله، وتحكي حكايتها الطويلة بعين عالمٍ، وبقلبٍ عاشقٍ لا يهدأ.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رئيس جامعة القاهرة يترأس اجتماع لجنة المنشآت الجامعية لمتابعة تنفيذ المشاريع
رئيس جامعة القاهرة يترأس اجتماع لجنة المنشآت الجامعية لمتابعة تنفيذ المشاريع

خبر صح

timeمنذ ساعة واحدة

  • خبر صح

رئيس جامعة القاهرة يترأس اجتماع لجنة المنشآت الجامعية لمتابعة تنفيذ المشاريع

ترأس الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، اجتماع لجنة المنشآت الجامعية، في قاعة أحمد لطفي السيد، حيث تم مناقشة الموقف التنفيذي لعدد من المشروعات الإنشائية التي تُنفذ حالياً للجامعة، بهدف الوقوف على ما تم إنجازه من تلك المشروعات وفق الجدول الزمني المحدد، وفي إطار الحرص على المتابعة المستمرة لتلك المشروعات، والعمل على تسريع وتيرة العمل بها، وفق أعلى المواصفات. رئيس جامعة القاهرة يترأس اجتماع لجنة المنشآت الجامعية لمتابعة تنفيذ المشاريع ممكن يعجبك: وزير التعليم يتابع امتحان اللغة العربية للثانوية العامة من غرفة العمليات منشآت جامعة القاهرة حضر الاجتماع كل من الدكتور حسام عبد الفتاح، عميد كلية الهندسة ونائب رئيس اللجنة، والدكتور محمد حسين رفعت، عميد كلية التخطيط العمراني والإقليمي، والدكتور محسن صالح، عميد كلية الآثار، والأستاذ هاني رضوان، أمين عام الجامعة، بالإضافة إلى السادة الأساتذة من كلية الهندسة أعضاء اللجنة، إلى جانب الاستشاريين القائمين بالإشراف على تلك المشروعات. تطرق الاجتماع لمناقشة الموقف التنفيذي لعدد من المشروعات الجارية، حيث تم عرض التقارير التفصيلية الخاصة بها من قبل السادة الاستشاريين، والتي تشمل مشروعات الجامعة الأهلية والفرع الدولي، والمجمع الطبي بمدينة 6 أكتوبر، ومسرح جامعة القاهرة بالمدينة الجامعية، وصيانة وترميم المكتبة التراثية بالحرم الجامعي، ومشروعات التحول الرقمي والبنية التحتية بالجامعة. ممكن يعجبك: إنجاز دولي جديد لجامعة القاهرة بحصول مجلة الأبحاث التطبيقية JAR على المرتبة السادسة عالميًا أكد الدكتور محمد سامي عبد الصادق، خلال الاجتماع، على أهمية تسريع وتيرة العمل في هذه المشروعات الحيوية، التي تمثل نقلة نوعية في مسيرة الجامعة، مضيفاً أن جامعة القاهرة تسعى باستمرار لتطوير بنيتها التحتية وتوسيع نطاق خدماتها التعليمية والبحثية والطبية، بما يتماشى مع رؤية الدولة المصرية وخطة التنمية المستدامة 2030، مشدداً على ضرورة المتابعة الدورية لكافة خطوات التنفيذ لضمان الانتهاء من تلك المشروعات في التوقيتات المحددة ووفق معايير الجودة. كما وجه رئيس جامعة القاهرة، السادة الاستشاريين بإعداد خطة تفصيلية توضح ما تبقى من الأعمال، والفترات الزمنية اللازمة للانتهاء منها، لضمان دخول المشروعات حيز التشغيل في أقرب وقت ممكن وتحقيق الاستفادة القصوى منها، وتقديم توصيات واضحة بشأن المتابعة المستمرة لسير العمل، ورفع تقارير دورية إلى رئاسة الجامعة ولجنة المنشآت الجامعية لضمان تنفيذ المشروعات وفق المخطط الزمني المعتمد. كشفت جامعة حلوان عن تفاصيل القبول بـ، مشيرة إلى أن المعهد يخضع لإشراف كلية التمريض بجامعة حلوان، في . برامج تمريض جامعة حلوان أفادت الجامعة في بيان صحفي، بأنه تم البدء بالدراسة في المعهد في العام الجامعي 2014/2015، ويهدف المعهد إلى تخريج ممرض فني مؤهل بالعلوم والمهارات التمريضية الفنية التي تؤهله لتقديم رعاية تمريضية تلبي احتياجات المجتمع وأيضاً تساير التقدم الدولي من خلال تحسين جودة الرعاية التمريضية المقدمة والقائمة على دلائل الأبحاث. ويمنح المعهد الفني للتمريض التابع لكليات التمريض الشهادات العلمية التالية: 1- دبلوم المعهد الفني للتمريض شروط القبول في المعهد: 1- الحاصلون على شهادة الثانوية العامة (شعبة علمي علوم) 2- دراسة اللغة الإنجليزية (لغة أولى أو ثانية) 3- اجتياز الكشف الطبي . 4- التقدم للالتحاق بالمعهد عن طريق مكتب التنسيق للقبول بالجامعات وذلك طبقاً للقواعد والأنظمة التي يحددها المجلس الأعلى للجامعات 5- يقبل الطلاب الوافدون بنفس الشروط العامة لقبول نظرائهم المصريين ووفق القواعد التي يضعها المجلس الأعلى للجامعات.

رئيس جامعة القاهرة يترأس اجتماع لجنة المنشآت لمتابعة تنفيذ المشروعات الجاري تنفيذها
رئيس جامعة القاهرة يترأس اجتماع لجنة المنشآت لمتابعة تنفيذ المشروعات الجاري تنفيذها

فيتو

timeمنذ ساعة واحدة

  • فيتو

رئيس جامعة القاهرة يترأس اجتماع لجنة المنشآت لمتابعة تنفيذ المشروعات الجاري تنفيذها

ترأس الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، اجتماع لجنة المنشآت الجامعية، بقاعة أحمد لطفي السيد، وذلك لمناقشة الموقف التنفيذي لعدد من المشروعات الإنشائية الجاري تنفيذها للجامعة، وذلك للوقوف على ما تم إنجازه من تلك المشروعات وفق الجدول الزمني المحدد لها، وفي إطار الحرص على المتابعة المستمرة لهذه المشروعات، والعمل على تسريع وتيرة العمل بها، وفق أعلى المواصفات. اجتماع لجنة المنشآت الجامعية بجامعة القاهرة، فيتو حضر الاجتماع، الدكتور حسام عبد الفتاح عميد كلية الهندسة ونائب رئيس اللجنة، والدكتور محمد حسين رفعت عميد كلية التخطيط العمراني والإقليمي، والدكتور محسن صالح عميد كلية الآثار، وهاني رضوان أمين عام الجامعة، وأعضاء اللجنة من كلية الهندسة، إلى جانب الاستشاريين القائمين بالإشراف على تلك المشروعات. الموقف التنفيذي لمشروعات جامعة القاهرة الإنشائية وتناول الاجتماع، مناقشة الموقف التنفيذي لعدد من المشروعات الجاري تنفيذها بالجامعة، وعرض التقارير التفصيلية الخاصة بها من جانب الاستشاريين، وذلك لمشروعات الجامعة الاهلية والفرع الدولي والمجمع الطبي بمدينة 6 أكتوبر، ومسرح جامعة القاهرة بالمدينة الجامعية، وصيانة وترميم المكتبة التراثية بالحرم الجامعي، ومشروعات التحول الرقمي والبنية التحتية بالجامعة. اجتماع لجنة المنشآت الجامعية بجامعة القاهرة، فيتو وأكد الدكتور محمد سامي عبد الصادق، خلال الاجتماع، على أهمية دفع وتيرة العمل داخل تلك المشروعات الحيوية، والتي تمثل نقلة نوعية في مسيرة الجامعة، مضيفًا أن جامعة القاهرة تسعى باستمرار لتطوير بنيتها التحتية وتوسيع نطاق خدماتها التعليمية والبحثية والطبية، بما يتماشى مع رؤية الدولة المصرية وخطة التنمية المستدامة 2030، مشددًا علي ضرورة المتابعة الدورية وعن كثب لكافة خطوات التنفيذ لضمان الانتهاء من تلك المشروعات في التوقيتات المحددة ووفق معايير الجودة. اجتماع لجنة المنشآت الجامعية بجامعة القاهرة، فيتو وضع خطة تفصيلية بالفترات الزمنية للانتهاء من مشروعات جامعة القاهرة كما وجه رئيس جامعة القاهرة، الاستشاريين بإعداد خطة تفصيلية توضح ما تبقى من الأعمال، والفترات الزمنية اللازمة للانتهاء منها، لضمان دخول المشروعات حيز التشغيل في أقرب وقت ممكن وتحقيق الاستفادة القصوى منها، وتقديم توصيات واضحة بشأن المتابعة المستمرة لسير العمل، ورفع تقارير دورية إلى رئاسة الجامعة ولجنة المنشآت الجامعية لضمان تنفيذ المشروعات وفق المخطط الزمني المعتمد. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

نائب رئيس جامعة القاهرة: وصولنا للمائة الأفضل «مش مستحيل».. ونحيل أى باحث غير أمين علميًا للتحقيق.. وتصنيف الجامعات وفق معيار النزاهة خطأ ( حوار )
نائب رئيس جامعة القاهرة: وصولنا للمائة الأفضل «مش مستحيل».. ونحيل أى باحث غير أمين علميًا للتحقيق.. وتصنيف الجامعات وفق معيار النزاهة خطأ ( حوار )

فيتو

timeمنذ 8 ساعات

  • فيتو

نائب رئيس جامعة القاهرة: وصولنا للمائة الأفضل «مش مستحيل».. ونحيل أى باحث غير أمين علميًا للتحقيق.. وتصنيف الجامعات وفق معيار النزاهة خطأ ( حوار )

>> مؤشر شنغهاى الصيني لتقييم الجامعات هو الأفضل لأنه يعطى وزنا كبيرا للبحث العلمي >> أفضل استثمار على المدى البعيد هو الاهتمام بالبحث العلمى >> التصنيفات لا تعكس الحقيقة وعلينا أن نعتبرها وسيلة للتقييم وليس جلد الذات >> التمويل عامل أساسى لرفع مستوى الجامعات ودعم تصنيفها >> الدخول ضمن أفضل 100 جامعة فى العالم يحتاج تمويلا ماليا كبيرا جدا >> ميزانية بعض الجامعات بالعالم تضاهى ميزانية دولة بالعالم النامي >> القاهرة أكثر جامعة مصرية لها أبحاث مشتركة مع باحثين أجانب >> أطمح لتواجد جامعة القاهرة ضمن أفضل 100 بالعالم حتى لو كانت الإمكانيات قليلة بدأت الجامعات المصرية تظهر بشكل ملفت فى الآونة الأخيرة فى ترتيبات جيدة بالتصنيفات الدولية للجامعات، لم تكن قد وصلت إليها من قبل، خاصة مع اتباع وزارة التعليم العالى إجراءات جديدة، ساهمت في ذلك. إلا أن الجامعات المصرية مازالت فى حاجة لبذل الكثير من الجهد ووضع الكثير من السياسات للعمل على تحسين هذا الترتيب، لما له من أثر كبير فى انتشار السمعة الأكاديمية لها، ولمنظومة التعليم العالى المصرى فى العالم، مما يسهم بشكل كبير فى جذب العديد من الطلاب الوافدين للدراسة فى مصر. حول التصنيفات الدولية والمعايير التى تعتمد عليها، ورصد ما ينقص الجامعات المصرية لتصدرها حاورت "فيتو" الدكتور محمود السعيد نائب رئيس جامعة القاهرة، للدراسات العليا والبحوث وإلى تفاصيل الحوار: *بداية، كيف ترى ظاهرة التصنيفات الدولية لقياس ترتيب الجامعات؟ التصنيفات الدولية لترتيب الجامعات بدأت فى الألفية الحالية، بسبب الرغبة فى الوقوف على مستوى الجامعة مقارنة بجامعات العالم، وبالطبع فإن أى تصنيف يعتمد على المؤشرات الإحصائية وهى مجرد مقادير إحصائية بناء على عدد من المعايير، تتحول لصورة رقمية إلى مؤشر وبناء على هذا المؤشر وقيمته يتم ترتيب الجامعات لهذا السبب نجد أن نتيجة كل تصنيف تختلف عن التصنيف الآخر، لأن كل تصنيف يعتمد على مجموعة من الأبعاد والمؤشرات المختلفة، فهناك مؤشر يعتمد على البحث العلمي، وآخر يعتمد على عدد الأساتذة الأجانب، أو عدد الحاصلين على جوائز نوبل، وهناك مؤشر آخر يعتمد على الإعلام الخاص بالجامعة وموقع الجامعة الإلكتروني، والنشر الدولي، وهكذا، فكل تصنيف له مجموعة من الأبعاد التى تعتمد عليها الجهة المصدرة للمؤشر. *فى رأيك، ما الهدف الأساسى من تلك المؤشرات؟ كان الهدف منها فى البداية هو الوقوف على مستوى الجامعة مقارنة بالجامعات الأخرى، ولم يكن الهدف منها أن الجامعة التى يتأخر ترتيبها يتم التحقير من شأنها ونقلل من حجمها، لكن الهدف الأساسى هو الوقوف على الأمور السيئة ومحاولة تحسينها، وأن ننظر إلى أبعاد المؤشر ونحافظ على الأمور الجيدة التى حققناها ونحسن من الأمور السيئة. *فى ضوء مؤشر النزاهة العلمية الذى صدر مؤخرا، كيف ترى طريقة تقييمه للجامعات؟ مؤشر النزاهة الذى تم إطلاقه مؤخرا يتحدث عن بعدين فقط، بالرغم من أن النزاهة العلمية لها الكثير من الأبعاد، فمثلا منها الإجراءات التى تتبعها الجامعة إذا وجدت أن هناك أمورا تخص الأمانة العلمية فى الأبحاث، وهذا ليس موجودا به، فهو اعتمد على رصد الأبحاث العلمية التى استبعدتها مجلات نشر دولى لثبوت سرقات علمية بها، ولم يعتمد إجراءات الجامعة فى حالة رصد هذه السرقة، فنحن فى جامعة القاهرة لا نصمت حيال ذلك، ونحيل أى باحث يثبت عليه عدم الأمانة العلمية إلى التحقيق، إذن الجامعات نفسها تتبع معايير الأمانة العلمية، لذا فإنه ليس من المنطقى أن يتم تصنيف الجامعات وفقا لهذا الأمر، خاصة وأن الجامعة لا تتدخل على الإطلاق بين الباحث والمجلة العلمية. *البعض يستخدم ترتيب الجامعات فى هذه التصنيفات كوسيلة للنقد والهدم، ما ردك على ذلك؟ للأسف الشديد هذا ما يقوم به البعض، المؤشرات مفيدة جدا جدا، وهى وسيلة لتحسين الأوضاع، والوقوف على المستوى الأفضل، ووسيلة جيدة لأن تنظر الجامعات والمؤسسات الدولية لترتيب جامعاتنا لتحديد التعاون معها من عدمه، لكن هى ليست وسيلة للهدم والنقد وجلد الذات، وفى الحقيقة فإن كل المؤشرات الموجودة سواء لترتيب الجامعات، أو لمكافحة الفساد أو حتى لحرية الصحافة، هناك بعض الناس يسعون من خلالها لإيجاد أى وضع سيىء للمؤسسات لكى تبدأ فى النقد، فى حين أن هذا ليس هو الهدف على الإطلاق، وإنما الهدف الأساسى هو الوقوف على المستوى، وتحسين الجوانب التى تحتاج لتحسين، وأن نحافظ على الجوانب التى تقدمنا فيها. *هل تعد هذه التصنيفات وسيلة موضوعية لقياس ترتيب الجامعات وأفضليتها؟ نعم، موضوعية لكن إذا وضعت فى سياقها الصحيح، وأن يتم اعتبارها على أساس أنها جزء من منظومة كبيرة للتقييم، لأنها لا تستطيع أن تعكس كل الحقيقة الخاصة بالظاهرة محل الدراسة، ولكنها تعكس جانبا من جوانبها فقط. *وهل يمكننا اعتبارها منظومة عادلة لقياس تقدم الجامعات؟ هذا يحدده الجوانب التى يتناولها المؤشر نفسه، هل هى تعكس كل جوانب الظاهرة، لكننى أقولها وبكل تأكيد، ليس هناك مؤشر يمكنه أن يعكس كل جوانب الحقيقة، هذا من المستحيل، لكننا نحاول بأقصى جهد من خلال منهجية للقياس أن نقيس كل الجوانب، لكننى فى النهاية لن أتمكن. *ماهو أفضل تلك التصنيفات من وجهة نظرك؟ هناك عدد كبير جدا من المؤشرات والتصنيفات الموضوعية التى تعكس جوانب العملية التعليمية والبحثية، لكن أفضلها فى رأيى هو شنغهاى الصيني، لأنه يعطى وزنا كبيرا جدا للبحث العلمي، على عكس باقى التصنيفات، التى قد تعطى وزنا للحاصلين على جوائز نوبل فى الجامعة، ولتأثير الجامعة على المجتمع، وغيرهما. *وماذا بعد شنغهاي؟ هناك تصنيف كيو اس يأتى بعده، ويليه التايمز، ويليهم تصنيف اليو اس نيوز، تأتى أفضليتهم وفقا لهذا الترتيب. *تصنيف التايمز يقيس تطبيق الجامعة لأهداف التنمية المستدامة وهذا أمر نسبى من جامعة لأخرى، كيف ترى ذلك؟ تصنيف التايمز لديه أكثر من مؤشر، هناك واحد يخص أهداف التنمية المستدامة، وآخر يخص أداء الجامعة بصفة عامة وهذا هو الأساس، وهناك آخر يختص بالجامعات العربية فقط، لكن بالنسبة للتنمية المستدامة فمنهجيته قائمة على 17 هدفا للتنمية المستدامة، بداية من القضاء على الفقر، وانتهاء بالشراكات من أجل تحقيق الأهداف، والتصنيف يقيس إذا ما كانت الجامعة قد حققت 3 أهداف من هذه الأهداف أم لا، وليس من الضرورى أن تكون نفس الأهداف الثلاثة، لكن فى الحقيقة هذه الأهداف ليس لها نفس الوزن، فمثلا الجامعة المتواجدة فى القاهرة تختلف اهتماماتها عن أى جامعة أخرى وفقا للبيئة المحيطة، أى تكون اهتماماتى بفكرة أهداف التنمية المرتبطة بالصناعة، أو الحد من التلوث، بينما تنصب اهتمامات جامعة أخرى فى محافظة ريفية فى القضاء على الفقر لكن ذلك للأسف لا يحدث، والمؤشر يعتمد فى قياسه على المستندات التى تقدمها كل جامعة، من خلال مجالات البحث العلمى التى شارك فيها الأساتذة فى هذه الجامعة. *إلى أى أبعاد ارتكن هذا التصنيف فى تقديره للتعليم فى مصر؟ هذا المؤشر فى الحقيقة لا يقيس جودة التعليم من الأساس، فهو مؤشر اقتصادي، يقيس تنافسية الدولة من الجانب الاقتصادي، وبه 12 بعدا منها التعليم، كما أن هذا البعد لا يقيس جودة التعليم بالمعنى الصحيح الذى نقصده، وإنما كان التقييم عبارة عن سؤال واحد لرجال الأعمال (قيم نظام التعليم فى بلدك) وجميعنا يعلم أنه ليس رجال الأعمال من لديهم القدرة على تقييم التعليم، فهم لا يدركون جوانب العملية التعليمية، والبحث العلمي، وما إلى ذلك، كذلك لم يأخذ التقييم تأثر رجل الأعمال نفسه بالأوضاع السياسية مثلا وتأثيرها على رأيه. *ما الذى ينقص جامعاتنا فى رأيك لتصبح فى مقدمة ترتيب التصنيفات الدولية؟ أن تصبح أى جامعة ضمن أفضل 100 جامعة فى العالم فهذا يحتاج تمويلا ماليا كبيرا جدا، هناك بعض الجامعات فى العالم ميزانيتها تضاهى ميزانية دولة من دول العالم النامي، وهذا ليس متوفرا فى الجامعات المصرية، بدليل أن بعض الجامعات التى يبلغ عمرها 15 أو 20 سنة ونحن أقدم منها ونتفوق عليها كثيرا، أدرجت ضمن أفضل 100 جامعة فى العالم بسبب التمويل فقط، وهذا أمر مهم جدا. *بخلاف ذلك، ماذا ينقص جامعاتنا؟ البحث العلمى هو أساس قاطرة التنمية فى العالم كله، ولا يمكن التقدم فى أى مجال دون الارتكان إلى مخرجاته، وهذا لا يحدث بالقدر الكافى فى جامعاتنا، فالمفترض أن نربط مخرجات البحث العلمى باحتياجات المجتمع، وللأسف الشديد خلال السنوات الماضية قل الايمان جدا بأهمية البحث العلمى وأهمية مخرجاته فى حل مشكلات المجتمع، لذلك نحن فى حاجة لمعالجة هذا الأمر أولا، وأن يؤمن الناس بأهمية البحث العلمى وأهمية الاستثمار فيه، وأن ندرك أن أفضل استثمار على المدى الطويل هو الاستثمار فى البحث العلمي إضافة لذلك هناك مشكلة التعداد السكانى الكبير والمتزايد فى مصر، فى ظل محدودية الموارد، وكلما زاد عدد السكان، زادت أعداد الطلاب الراغبين فى التعليم، وأعداد الجامعات المصرية ظلت محدودة حتى عام 2013، ولم تكن قادرة على استيعاب هذه الزيادة الكبيرة فى أعداد الطلاب، لكن مؤخرا انتقلنا من 27 جامعة إلى 114 جامعة والعدد فى ازدياد لاستيعاب هذه الزيادة الكبيرة، لكن حتى هذا الرقم مقارنة بخروج حوالى 800 ألف طالب سنويا من الثانوية العامة فهو ضئيل. *ماهى الإجراءات التى تتبعها جامعة القاهرة لتحسين ترتيبها دوليا؟ نعمل على معايير التصنيفات نفسها، فمثلا إذا كان المعيار هو عدد الأبحاث المنشورة فى سكوبس وكلاريفنت نحاول أن نحفز الاساتذة على النشر الدولي، وألا يكون النشر فى المجلات المحلية لأن معظمها ليست معتمدة ضمن سكوبس او كلاريفنت، أو النشر الذى يتطلب أن يكون البحث بلغة معينة لذلك فإننا نساعدهم فى ترجمة الأبحاث وفى عملية التدقيق اللغوى حيث أنشأنا وحدة للتدقيق اللغوى تابعة لإدارة البحوث بحيث تقوم بمراجعة الأبحاث قبل نشرها، وهذا لزيادة عدد الأبحاث المنشورة دوليا لأنه معيار من المعايير التى تعتمد عليها التصنيفات، أيضا نحفز الأساتذة على الأبحاث بالشراكة مع أساتذة أجانب، وجامعة القاهرة أكثر جامعة مصرية لها أبحاث مشتركة مع باحثين أجانب، لذلك فإننا نبحث عن معايير كل تصنيف ونعمل على تحسين مستواها لدينا. *ما الذى تطمح فى تحقيقه لجامعة القاهرة فى هذا الشأن؟ ما أطمح فيه هو أننى أجد جامعة القاهرة ضمن أفضل 100 جامعة فى العالم يوما ما، حتى لو كانت الإمكانيات المادية قليلة، نحن لدينا إمكانيات مادية جيدة، لكنها ليست بالقدر الذى يجعلنا مؤهلين بالدخول ضمن أفضل 100 جامعة، لكن باستمرار الجهود والسعى سنتمكن من تحقيق هذا الهدف، ونحن نحاول أن نضع الأساس الذى يصل بنا لهذا الهدف وهو أن تكون لدينا منظومة للبحث العلمى داخل جامعة القاهرة، بما يجعل هناك استمرارية للنشر الدولي، بالإضافة إلى وجود مردود للبحث العلمى يخدم المجتمع، وربطه بالمشكلات القومية وفقا لمبادرة تحالف وتنمية التى أطلقتها وزارة التعليم العالي، وإذا تمكنا من ذلك فسنتمكن من الوصول لأفضل 100 جامعة، 'مفيش مستحيل'. الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو" ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store