
"إعلان فيينا".. عندما ينطق اليهود بكلمة الحق
لأول مرة مؤتمر يهودي مناهض للصهيونية على الصعيد الدولي يُعقد في فيينا، لأول مرة يعقد اليهود مؤتمراً لهم بحضور 500 مشارك جاؤوا من كل أصقاع العالم، لأول مرة يكسر اليهود احتكار الصهيونية للتمثيل اليهودي ويسقط بالتالي ادّعاء وإجماع أن إسرائيل هي الممثلِّة الشرعية والوحيدة لليهود في العالم.
لأول مرة تتعزز الشرعية الأخلاقية والسياسية للنضال الفلسطيني في المحافل الدولية بعد أن أصبح لهم داعمون من داخل الجماعة التي تدعي الصهيونية التحدث باسمها.
لأول مرة يتوفر لحركة المقاطعة العالمية غطاء يهودي دولي وغطاء أخلاقي وديني بحضور أكاديميين يهود معروفين في أمريكا وأوربا في حركات المقاطعة التي تتعرض لهجومات اللوبي الصهيوني.
لأول مرة يدعو اليهود في مؤتمر دولي رسميا إلى تجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي و إلى إحياء المقاطعة الأكاديمية والثقافية ضد المؤسسات الإسرائيلية.
لأول مرة في مؤتمر دولي يصرح يهوديٌ نجا من الهولوكوست/المحرقة قائلا إن إسرائيل ترتكب فظائع باسمنا، ويعتبر المؤتمر إسرائيل نظام فصل عنصريًا استعماريًا إحلاليًا، يشبه نظام "الأبرتايد" في جنوب إفريقيا، ويدعوالمشاركون لتشكيل ائتلاف يهودي فلسطيني أممي لإسقاط هذا النظام للفصل العنصري وبناء دولة ديمقراطية واحدة لجميع سكانها.
لأول مرة يطالب المؤتمر بمحاسبة إسرائيل وقادتها أمام المحكمة الجنائية الدولية والدعوة لتوسيع مفهوم الجرائم ضد الإنسانية لتشمل الاستيطان والحصار.
صدر عن المؤتمر إعلان ڤيينا "نرفض ادعاء أن الصهيونية تمثل اليهودية، وندين استخدام اليهودية كأداة للاستعمار والفصل العنصري والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني" (وفق نص الوثيقة السياسية المركزية للمؤتمر).
لأول مرة في مؤتمر يهودي دولي يتبنى المشاركون تحرير فلسطين من النهر إلى البحر ورفض حل الدولتين باعتباره غطاءً لتكريس الاستعمار.
يدعم المؤتمر بشكل صريح المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها واعتبارها مقاومة مشروعة ضد استعمار عنصري، وملاحقة الحكومات الغربية المتواطئة في الإبادة الجماعية، وتحقيق العدالة التاريخية بحق العودة للاجئين الفلسطينيين.
هاجم المؤتمر الولايات المتحدة لدعمها اللامحدود لإسرائيل، وهاجم ألمانيا لاستخدامها المحرقة لتبرير دعمها السياسي والعسكري، وهاجم فرنسا والنمسا لقمعهما الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين بدعوى مكافحة معاداة السامية.
وجاء في البيان الختامي" العار كل العار على حكومات الغرب التي تُبرر الإبادة وتقمع التضامن مع الضحايا الفلسطينيين.. يؤكد المؤتمر أن معاداة الصهيونية ليست معاداة السامية؛ بل إن الصهيونية نفسها تهدد الوجود الأخلاقي لليهودية".
لأول مرة وفي موقف غير مسبوق يقول "ستيفن كابوس" (وهو ناجٍ من الهولوكوست) إن "من عاش جحيم النازية لا يمكن أن يصمت عما تفعله إسرائيل اليوم في غزة". فيما تقول داليا ساريغ (المُنظِّمة الرئيسية للمؤتمر): "نحن يهود ضد الصهيونية ونرفض أن تٌرتكب جرائم باسمنا، ونقف مع الفلسطينيين كجزء من التزامنا بالعدالة".
ويؤكد "إيلان بابيه" وهو مؤرخ إسرائيلي مشارك في المؤتمر أن "ما تقوم به إسرائيل ليس مجرد احتلال بل استعمار إحلالي وأبارتايد وجرائم تطهير عرقي لاجدال فيها".
ليس عبثاً أن هذا المؤتمر عُقد في فيينا إذ علق أحدهم متهكما: "هنا وُلد هرتزل وفي القاعة المقابلة ماتت فكرته، وليس عبثا أن في باحات وبهو المؤتمر، وضع المنظمون أغصان الزيتون ولا وجود لا لعلم فلسطين ولا لعلم إسرائيل ولا لدولة أخرى، فعلق أحد الضيوف من أوروبا الشرقية هل نحن في مؤتمر سياسي أم في معرض زيتون فلسطيني؟ فرد أحد الصحفيين قائلًا: "هنا الزيتون أصدق من كل أعلام الأمم المتحدة".
في خضم المناقشات تدخَّل أحد الحاخامات الحريديين متضامنًا مع الفلسطينيين بلغة عربية أنيقة قائلا "أنتم يا أهل غزة أشجع من بني إسرائيل أيام فرعون".
خلال استراحة قامت يهودية نمساوية عجوز تبلغ من العمر 91 سنة، ونجت من محرقة النازية، وغنت مع بعض الحاضرين أغنية "موطني" بعربية مكسرة ثم قالت "كنت أغنيها أيام النكسة ولم أكن أعلم أنني سأغنيها ضد تل أبيب يوما"!!
** الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
منذ يوم واحد
- جريدة الرؤية
ترامب يؤجج الحرب التجارية برسوم على الاتحاد الأوروبي والمكسيك
واشنطن- رويترز هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السبت، بفرض رسوم جمركية بنسبة 30 بالمئة على الواردات من المكسيك والاتحاد الأوروبي اعتبارا من أول أغسطس آب بعد مفاوضات لأسابيع مع الشريكين التجاريين الرئيسيين لبلاده لم تثمر عن اتفاق تجاري شامل. وأعلن ترامب القرار الذي يؤجج الحرب التجارية عبر رسالتين منفصلتين على تروث سوشيال لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيسة المكسيك كلاوديا شينبوم. ورد كل من الاتحاد الأوروبي والمكسيك بوصف الرسوم الجمركية بأنها غير عادلة وتسبب اضطرابات، وتعهدا بمواصلة التفاوض مع الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق تجاري أوسع نطاقا قبل الموعد النهائي في الشهر المقبل. ويعد الاتحاد الأوروبي والمكسيك من بين أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. وبعث ترامب بخطابات مماثلة إلى 23 شريكا تجاريا آخر للولايات المتحدة الأسبوع الماضي منهم كندا واليابان والبرازيل، وحدد معدلات رسوم شاملة تتراوح بين 20 و50 بالمئة، بالإضافة إلى تعريفات جمركية بنسبة 50 بالمئة على النحاس. وقال ترامب "إن الرسوم الجمركية بنسبة 30 بالمئة "منفصلة عن جميع الرسوم المرتبطة بالقطاعات"، مما يعني أن الرسوم البالغة 50 بالمئة على واردات الصلب والألومنيوم و25 بالمئة على واردات السيارات ستظل عند تلك المستويات". ويمنح الموعد النهائي في الأول من أغسطس آب الدول المستهدفة بخطابات ترامب مهلة للتفاوض على اتفاقات تجارية يمكن أن تخفض معدلات الرسوم التي هدد بتطبيقها. تُظهر الخطابات أن ترامب عاد إلى الموقف التجاري العدواني الذي اتخذه في أوائل أبريل نيسان عندما أعلن عن الرسوم الجمركية المتبادلة ضد الشركاء التجاريين وتسببت في تراجع الأسواق قبل أن يؤجل البيت الأبيض تطبيقها. لكن مع صعود أسواق الأسهم إلى مستويات قياسية في الأسابيع الماضية والتفاؤل حيال النمو الاقتصادي، لا يُظهر ترامب علامات على تهدئة حربه التجارية. ووعد ترامب باستغلال فترة التعليق التي استمرت 90 يوما منذ أبريل نيسان في توقيع عشرات الاتفاقات التجارية الجديدة مع الشركاء التجاريين، إلا أنه لم يبرم سوى اتفاقات إطارية مع بريطانيا والصين وفيتنام. وتضمنت رسالة ترامب إلى الاتحاد مطلبا بأن تلغي أوروبا تعريفاتها الجمركية، وهو شرط لا جدال فيه لأي اتفاق مستقبلي. وكتب ترامب في رسالته "سيسمح الاتحاد الأوروبي للولايات المتحدة بالوصول الكامل والمفتوح إلى سوقه دون فرض رسوم جمركية علينا، في محاولة لتقليل العجز التجاري الكبير". وقالت فون دير لاين إن الرسوم الجمركية بنسبة 30 بالمئة "ستحدث اضطرابات في سلاسل التوريد الأساسية عبر الأطلسي، على حساب الشركات والمستهلكين والمرضى على جانبي الأطلسي". وأضافت أنه في الوقت الذي سيواصل فيه أعضاء الاتحاد الأوروبي العمل من أجل التوصل إلى اتفاقية تجارية، فإنهم "سيتخذون جميع الخطوات اللازمة لحماية مصالح الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك اعتماد تدابير مضادة متناسبة إذا لزم الأمر". وقالت وزارة الاقتصاد المكسيكية اليوم السبت إنها أبلغت خلال اجتماع ثنائي أمس الجمعة مع المسؤولين الأمريكيين بأن الولايات المتحدة سترسل خطابا لها. وجاء في بيان الوزارة "ذكرنا في الاجتماع أن هذه المعاملة غير عادلة وأننا لا نوافق على ذلك". رسوم أعلى على كندا تواجه كندا رسوما أعلى تبلغ 35 بالمئة مقارنة بالمكسيك، وعزا الخطابان إلى الدولتين قرار فرض الرسوم إلى تدفقات الفنتانيل، على الرغم من أن البيانات الحكومية تظهر أن كمية المخدرات المضبوطة على الحدود المكسيكية أعلى بكثير من تلك على الحدود الكندية. وقال ترامب "ساعدت المكسيك في تأمين الحدود لكن ما تفعله ليس كافيا. فالمكسيك لم توقف بعد العصابات التي تحاول تحويل أمريكا الشمالية بأكملها إلى ساحة لتهريب المخدرات". ترسل المكسيك أكثر من 80 بالمئة من إجمالي صادراتها إلى الولايات المتحدة، وساعدتها التجارة الحرة مع جارتها الشمالية على التغلب على الصين لتصبح أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في عام 2023. وكان الاتحاد الأوروبي يأمل في البداية في إبرام اتفاقية تجارية شاملة تلغي الرسوم الجمركية على السلع الصناعية بالنسبة للجانبين، لكن المحادثات الصعبة على مدى أشهر جعلت التكتل يستنتج أنه قد يضطر إلى القبول باتفاقية مؤقتة على أمل التفاوض على صفقة أفضل. ويتعرض التكتل المؤلف من 27 دولة لضغوط متضاربة إذ تحث ألمانيا على التوصل إلى اتفاق سريع لحماية صناعتها، في حين يقول أعضاء آخرون في الاتحاد، مثل فرنسا، إن المفاوضين يجب ألا يوافقوا على اتفاق أحادي الجانب يرضخ للشروط الأمريكية. وبدأت سلسلة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في جلب عشرات المليارات من الدولارات شهريا كإيرادات جديدة للحكومة الأمريكية. وتجاوزت الإيرادات 100 مليار دولار في السنة المالية الاتحادية حتى يونيو حزيران، وفقا لبيانات وزارة الخزانة الصادرة أمس الجمعة. وتسببت الرسوم الجمركية أيضا في توتر العلاقات الأمنية مع بعض من أقرب شركاء واشنطن. وقال رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا الأسبوع الماضي إنه ينبغي لبلاده إنهاء الاعتماد على الولايات المتحدة في المجالات الرئيسية. كما دفعت معركة الرسوم الجمركية كندا وبعض الحلفاء الأوروبيين إلى إعادة النظر في اعتمادهم الأمني على الولايات المتحدة، إذ يتطلع البعض إلى شراء نظم أسلحة غير أمريكية.


جريدة الرؤية
منذ 2 أيام
- جريدة الرؤية
جريمة القرن
حاتم الطائي ◄ الإرهابي نتنياهو يرتكب "جريمة القرن" في غزة منذ 650 يومًا ◄ لا يجب السماح بأن تتحول قضية غزة إلى "صفقة" يُباع فيها الفلسطيني ويُشترى ◄ القول بخطأ المقاومة في "طوفان الأقصى" خيانة وقِصَر نظر نعم.. بالفعل ما يحدث في غزة الجريحة هو جريمة القرن بامتياز، وربما كل القرون؛ إذ ليس هناك أسوأ من إبادة شعب أعزل بالكامل، ومحو مدنٍ كاملة ومساواتها بالأرض، والأشد سوءًا من ذلك أن نجد المُجرم حُرًا طليقًا يُستقبَل بحفاوة في أكبر مقرات الحكم في العالم، بينما يُعطي الأوامر العسكرية بسفك دماء الأبرياء بالمئات.. بالآلاف.. بعشرات الآلاف! فمنذُ السابع من أكتوبر 2023، والكيان الصهيوني يشُن أعنف الضربات الجوية بقنابل ينبغي تحريمها دوليًا، ويقصف بالمدفعية الثقيلة برًا وبحرًا كل ما يأتي أمام مرمى نيرانه، دون تمييز أو تفرقة، وقد أباح هذا العدو المُتجبِّر لنفسه قصف المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس بلا حساب، فضلًا عن تدمير كُل ما هو قائم على الأرض من أبنية وبيوت سكنية، كلها تهدمت تمامًا، وما نجا منها لم يعد صالحًا للعيش. يرتكب الكيان الصهيوني- بأوامر مباشرة من المجرم بنيامين نتنياهو- جرائم حرب لا حصر لها، وقد حَرِصَتْ فرق المحامين في كلٍ من المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، على حصر أكبر عدد منها، وتوثيقها بالصوت والصورة، والمطالبة بإنزال أقصى عقوبة على هذا المجرم وعصابته من زبانية الشر والعدوان. لم يترك الكيان الصهيوني جريمة حرب إلّا وارتكبها، ومارس كل انتهاك للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني؛ بل بلغ الأمر أن طالب أحد إرهابيي حكومة الإبادة الجماعية في إسرائيل بقصف غزة بالقنبلة النووية، فيما يسعى كثيرون إلى تنفيذ تهجير قسري بحق شعب غزة، لكي يتمكن سماسرة الحروب ومقاولو الدم من تحويل غزة إلى "ريفييرا" في الشرق الأوسط، وتصبح أرض الشعب الفلسطيني عبارة عن مجمعات سياحية فاخرة تجذب أصحاب المليارات الذين يقتاتون على دماء الأبرياء، ويبيعون الوهم لعوام النَّاس. من المُفزع أن تتحول قضية غزة إلى "صفقة تجارية"، وأن يصبح الإنسان الفلسطيني الذي تجرع مرارة العدوان ويُعاني الفاقة والمرض وبُؤس العيش، مجرد رقم، من بين أكثر من مليوني نسمة، وتتحول مأساة غزة إلى مشروع عقاري يختلف المقاولون حول مراحل بنائه أو آلية تقسيط سعر الوحدات!! لقد بتنا أمام قضية يندى لها جبين الإنسانية، والإنسانية التي أقصدها هنا هي تلك تتألم لمُصاب الإنسان ونوازله وتهتز الشوارع بصوت الصادقين المطالبين بالحق، الذين تصدح حناجرهم "فلسطين حُرة.. فلسطين حُرة"، وليست الإنسانية التي تنتفض لقضايا وهمية مُفتعلة لشغل الرأي العام العالمي.. نقترب من 650 يومًا من العدوان الإجرامي الإسرائيلي على قطاع غزة، وما زال العالم يتباحث ويُناقش ويطالب بـ"هُدنة" وليس وقفًا تامًا ونهائيًا لإطلاق النار، وطوال هذه الفترة يُستشهد المئات والعشرات كل يوم، ويتشرد عشرات الآلاف، وينزح مئات الآلاف، باحثين عن مكان آمن لا يطالهم فيه القصف العشوائي الإسرائيلي، فلا يجدون ولو سَمّ خياطٍ يمرون من خلاله نحو بر الأمان. أكثر من عام ونصف العام، والشعب الفلسطيني في غزة يتضور جوعًا، ويتألم مرضًا ووجعًا، طلاب بلا مدارس، وموظفون بلا وظيفة، وعمال بلا عمل، الحياة متوقفة تمامًا، إلّا من القصف الصهيوني الغاشم. لم تُخطئ المقاومة الفلسطينية عندما أطلقت عملية "طوفان الأقصى"، ولم ترتكب المُقاومة- كما يزعم البعض- أي خطأ عندما قررت مباغتة العدو المُحتل للأرض؛ فهذا حقها الذي يكفله القانون الدولي، وتكفله مواثيق الأمم المتحدة: أن للشعوب الحق في مقاومة الاحتلال، فما بالنا بأسوأ احتلال عرفته البشرية، إنِّه احتلال الشر والطغيان، احتلال الإجرام والحط من النفس البشرية، احتلال يقوده متطرفون إرهابيون خارجون على القانون والمنطق والإنسانية؛ بل إنِّهم لا يعرفون معنى الإنسانية، يجهلون بكل شيء، لكنهم على وعيٍ تام وسبق الإصرار على قتل كل فلسطيني. يزعمون أنَّ المقاومة هي التي بدأت! لكن ماذا عن 77 عامًا من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية مورست خلالها كل أنواع الجرائم ضد أصحاب الأرض أمام أنظار العالم؟! وماذا عن الضفة الغربية المحتلة، التي يعيث فيها الاحتلال فسادًا وإفسادًا وهي بلا مقاومة تقريبًا منذ اتفاق أوسلو وما شابهه؟ وماذا عن الفلسطينيين في القدس المحتلة الذين يُمنعون من أداء الصلاة في المسجد الأقصى أو حتى المرور بجانبه، بينما نجد إرهابيي الحكومة الصهيونية يُدنسون باحات المسجد الذي بارك الله حوله؟ وماذا عن "عرب 48" الذين يتعرضون لكل صنوف التمييز العنصري والتفرقة في كل شيء تقريبًا، فقط لأنهم السكان الأصليين ولأنهم عرب! لقد سئمنا من كل المحاولات المشبوهة الرامية الى إلصاق شتى التهم بالمقاومة، ومحاولة شيطنتها، وتحميلها مسؤولية ما يحدث للشعب الفلسطيني من جريمة إبادة جماعية... لقد سئمنا من سعي أطراف عدة للقضاء على المقاومة، وتصفيتها، وتجريدها من سلاحها، ثم من كرامتها، ثم سحقها ودفنها إلى الأبد.. هكذا يُريد الصهاينة ومن ورائهم المُتصهينون من العرب وغير العرب، يريدون شعبًا فلسطينيًا لا كلمة له، ولا إرادة له، ولا حرية له، ولا كرامة له.. يريدون شعبًا يعيش تحت التراب، بلا أمل في الحياة، وبلا أمل في إقامة دولته المستقلة، وبلا أمل في أن يعيش مثله مثل شعوب العالم، له حُرية التنقل والحركة، وقادر على إدارة مؤسسات بلاده، وانتخاب قادته، ومحاسبة مسؤوليه. من العجيب أن ما يُحاك للشعب الفلسطيني من مؤامرات وما يتعرض له من خيانات، يعلمه القاصي والداني، من العرب وغير العرب، من الوسطاء وغير الوسطاء، من المسؤولين الفلسطينيين أنفسهم ومن غيرهم، لكن لا أحد يُحرِّك ساكنًا، لا أحد ينطق بكلمة الحق، لا أحد يعترض، الجميع- وأقول الجميع- اكتفى بالكلمات، لم يتجاوز موقفه من هذا العدوان غير المسبوق، حدود بيانات الشجب والاستنكار والإدانة. لم نجد مسؤولًا عربيًا أو إقليميًا يُطالب باتخاذ قرارات أو تبني مواقف تسهم في وقف العدوان، لقد أصبحنا في أسوأ وضع بعدما استمرأنا عمليات الإبادة الجماعية، وسكتنا عن المذابح التي يُنفذها الاحتلال الصهيوني كل يوم في غزة وغيرها. إنَّ مما يوجع القلب، أن نجد الشعوب غير العربية وفي كل عواصم العالم هي التي تنتفض عن بكرة أبيها لكي تصدح بقول الحق وتصرخ بأعلى صوت "تحيا فلسطين حرة مستقلة"، ومن مفارقات الأقدار أن نجد أشهر الفرق الموسيقية حول العالم، تُطلق شعارات مُنددة بمذابح جيش الاحتلال الإسرائيلي، فها هي فرقة "بوب فايلان" في مهرجان "جلاستنبري"- أحد أشهر المهرجانات الموسيقية في بريطانيا والعالم، تقولها بأعلى صوت "الموت الموت لجيش إسرائيل Death Death to IDF"؛ فيتحول هذا الهتاف إلى شعار عالمي لكُل مُعارضي الحرب في غزة، ونبراس لكل الرافضين للظلم والعدوان، وشهادة حق نطق بها من ليس عربيًا، ألا ليت قومي يعلمون؟! لقد جفَّت الدموع في عيون الفلسطينيين، من هول ما تجرعوه من آلام عسيرة، آلام الفقد والخوف والجوع والمرض، فلا كسرة خبز تُطعمهم، ولا شربة ماء ترويهم، ولا أخ ولا صديق ولا قريب يؤازرهم، الجميع تخلوا عن غزة، الجميع استمرأوا الظلم، الجميع خذل غزة وأهلها وأطفالها ونساءها؛ فالعرب اكتفوا بالتصريحات والتنديدات والقمم والمؤتمرات، والأوروبيون يحاولون الآن بعد كل هذا العدوان وكل هؤلاء الشهداء، أن يعلقوا الشراكة مع الكيان الصهيوني، استنادًا إلى تقارير عن انتهاكها لحقوق الإنسان!! ويا للعجب! أما أمريكا ترامب، فهي تكافئ مجرم الحرب نتنياهو، بتقديم مليارات من الأسلحة والمساعدات والإعانات الاقتصادية غير المباشرة، فضلًا عن الدعم السياسي والدبلوماسي اللامحدود، و"الفيتو" الأمريكي خير شاهد على الانحياز السافر غير الأخلاقي من جانب واشنطن لصالح إسرائيل، وكأنَّ هذا الكيان المحتل الحقير هو الذي يُدير أمريكا. وإلى جانب ذلك، فإنَّ الموقف الوقح من الخارجية الأمريكية والمتمثل في مقاطعة المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية الإيطالية فرانشيسكا البانيز، وفرض عقوبات عليها، دليل آخر على الإرهاب السياسي ضد كل من يُخالف وينتقد الممارسات الصهيونية على أرض فلسطين، وذلك لأنَّ ألبانيزي وثقت الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين بقطاع غزة في عدة تقارير، وطالبت بملاحقة الجهات والشخصيات الضالعة فيها. ولقد خرج وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، علينا بتصريح فاضح نشره على موقع "إكس"، يتباهى فيه بفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة. وكأنَّ الوقوف إلى جانب الإنسانية والعدالة بات أمراً مشيناً في ميزان العدالة الأمريكية المختل. إننا عندما نتحدث عن جريمة القرن، لا نشير وحسب إلى جرائم الصهيونية في غزة؛ بل أيضًا إلى جريمة الصمت والخذلان، جريمة الخزي والعار، في عالمنا العربي، جريمة التواطؤ وخيانة ضمير الأمة، ودهس إرادة الشعوب وكبت غضبها، وسحق الكرامة وكسر الأنفس؛ فلو أنَّ الحكومات استمعت إلى شعوبها التي تتألم لآلام الشعب الفلسطيني، ولو أن الحكومات ارتكزت على هذه الإرادة الشعبية الجارفة التي تناصر الحق الفلسطيني وتعادي الظلم الصهيو-أمريكي، لوقفت في وجه ترامب ونتنياهو (فرعون وهامان هذا العصر) وقالت: كفى! كفى عدوانًا وكفى إبادة جماعية وكفى دماء وكفى ظلماً وكفى ومليون كفى!! لكن من المؤسف أن ذلك لن يحدث! ويبقى القول.. إنَّ المطلوب الآن قبل أي وقت آخر، أن تتحد الجهود الشعبية حول العالم، لمحاسبة مجرم الحرب نتنياهو وضمان عدم إفلاته من العقاب، ونقترح هنا في هذا السياق، تأسيس رابطة عالمية لمُعاقبة مجرم الحرب نتنياهو ودعم محاكمته أمام محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية، وإقامة قضايا محلية في كل دولة من دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، لمنعه من دخولها، أو استصدار أمر اعتقال بحقه هو وجميع أعضاء حكومته الإرهابية، ومن ثم محاكمتهم وإنزال أقصى العقوبات بهم، فلا يجب أن تمر جريمة القرن مرور الكرام، وعلى الشرفاء والأحرار في هذا العالم أن يسعوا ويجاهدوا من أجل هذا الهدف النبيل والعادل والمُناصر للإنسانية، لكي لا يقول أحفادنا ومن سيأتي من بعدهم، إنَّ الأجداد تجرَّدوا من إنسانيتهم أو أنهم مارسوا أسوأ أشكال الخذلان بحق الشعب الفلسطيني الجريح.


جريدة الرؤية
منذ 3 أيام
- جريدة الرؤية
"إعلان فيينا".. عندما ينطق اليهود بكلمة الحق
د. مصطفى البرغوثي ** لأول مرة مؤتمر يهودي مناهض للصهيونية على الصعيد الدولي يُعقد في فيينا، لأول مرة يعقد اليهود مؤتمراً لهم بحضور 500 مشارك جاؤوا من كل أصقاع العالم، لأول مرة يكسر اليهود احتكار الصهيونية للتمثيل اليهودي ويسقط بالتالي ادّعاء وإجماع أن إسرائيل هي الممثلِّة الشرعية والوحيدة لليهود في العالم. لأول مرة تتعزز الشرعية الأخلاقية والسياسية للنضال الفلسطيني في المحافل الدولية بعد أن أصبح لهم داعمون من داخل الجماعة التي تدعي الصهيونية التحدث باسمها. لأول مرة يتوفر لحركة المقاطعة العالمية غطاء يهودي دولي وغطاء أخلاقي وديني بحضور أكاديميين يهود معروفين في أمريكا وأوربا في حركات المقاطعة التي تتعرض لهجومات اللوبي الصهيوني. لأول مرة يدعو اليهود في مؤتمر دولي رسميا إلى تجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي و إلى إحياء المقاطعة الأكاديمية والثقافية ضد المؤسسات الإسرائيلية. لأول مرة في مؤتمر دولي يصرح يهوديٌ نجا من الهولوكوست/المحرقة قائلا إن إسرائيل ترتكب فظائع باسمنا، ويعتبر المؤتمر إسرائيل نظام فصل عنصريًا استعماريًا إحلاليًا، يشبه نظام "الأبرتايد" في جنوب إفريقيا، ويدعوالمشاركون لتشكيل ائتلاف يهودي فلسطيني أممي لإسقاط هذا النظام للفصل العنصري وبناء دولة ديمقراطية واحدة لجميع سكانها. لأول مرة يطالب المؤتمر بمحاسبة إسرائيل وقادتها أمام المحكمة الجنائية الدولية والدعوة لتوسيع مفهوم الجرائم ضد الإنسانية لتشمل الاستيطان والحصار. صدر عن المؤتمر إعلان ڤيينا "نرفض ادعاء أن الصهيونية تمثل اليهودية، وندين استخدام اليهودية كأداة للاستعمار والفصل العنصري والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني" (وفق نص الوثيقة السياسية المركزية للمؤتمر). لأول مرة في مؤتمر يهودي دولي يتبنى المشاركون تحرير فلسطين من النهر إلى البحر ورفض حل الدولتين باعتباره غطاءً لتكريس الاستعمار. يدعم المؤتمر بشكل صريح المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها واعتبارها مقاومة مشروعة ضد استعمار عنصري، وملاحقة الحكومات الغربية المتواطئة في الإبادة الجماعية، وتحقيق العدالة التاريخية بحق العودة للاجئين الفلسطينيين. هاجم المؤتمر الولايات المتحدة لدعمها اللامحدود لإسرائيل، وهاجم ألمانيا لاستخدامها المحرقة لتبرير دعمها السياسي والعسكري، وهاجم فرنسا والنمسا لقمعهما الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين بدعوى مكافحة معاداة السامية. وجاء في البيان الختامي" العار كل العار على حكومات الغرب التي تُبرر الإبادة وتقمع التضامن مع الضحايا الفلسطينيين.. يؤكد المؤتمر أن معاداة الصهيونية ليست معاداة السامية؛ بل إن الصهيونية نفسها تهدد الوجود الأخلاقي لليهودية". لأول مرة وفي موقف غير مسبوق يقول "ستيفن كابوس" (وهو ناجٍ من الهولوكوست) إن "من عاش جحيم النازية لا يمكن أن يصمت عما تفعله إسرائيل اليوم في غزة". فيما تقول داليا ساريغ (المُنظِّمة الرئيسية للمؤتمر): "نحن يهود ضد الصهيونية ونرفض أن تٌرتكب جرائم باسمنا، ونقف مع الفلسطينيين كجزء من التزامنا بالعدالة". ويؤكد "إيلان بابيه" وهو مؤرخ إسرائيلي مشارك في المؤتمر أن "ما تقوم به إسرائيل ليس مجرد احتلال بل استعمار إحلالي وأبارتايد وجرائم تطهير عرقي لاجدال فيها". ليس عبثاً أن هذا المؤتمر عُقد في فيينا إذ علق أحدهم متهكما: "هنا وُلد هرتزل وفي القاعة المقابلة ماتت فكرته، وليس عبثا أن في باحات وبهو المؤتمر، وضع المنظمون أغصان الزيتون ولا وجود لا لعلم فلسطين ولا لعلم إسرائيل ولا لدولة أخرى، فعلق أحد الضيوف من أوروبا الشرقية هل نحن في مؤتمر سياسي أم في معرض زيتون فلسطيني؟ فرد أحد الصحفيين قائلًا: "هنا الزيتون أصدق من كل أعلام الأمم المتحدة". في خضم المناقشات تدخَّل أحد الحاخامات الحريديين متضامنًا مع الفلسطينيين بلغة عربية أنيقة قائلا "أنتم يا أهل غزة أشجع من بني إسرائيل أيام فرعون". خلال استراحة قامت يهودية نمساوية عجوز تبلغ من العمر 91 سنة، ونجت من محرقة النازية، وغنت مع بعض الحاضرين أغنية "موطني" بعربية مكسرة ثم قالت "كنت أغنيها أيام النكسة ولم أكن أعلم أنني سأغنيها ضد تل أبيب يوما"!! ** الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية