
فيلم "مجموعة العشرين".. أول رئيسة أميركية تواجه تحديات صعبة في إندونيسيا
وقد ظهرت أول مرة عام 1953 في فيلم الخيال العلمي "مشروع قاعدة القمر"، وبالإضافة إلى قائمة أفلام تضم 21 رئيسة أميركية خيالية خلال 70 عاما تجسد الممثلة فيولا ديفيس ذات الأصول الأفريقية دور الرئيسة دانييل ساتون في فيلم "مجموعة العشرين" (G20)، والذي يعرض حاليا على منصة ديزني.
تدور أحداث العمل أثناء انعقاد قمة العشرين، وهي منتدى دولي يجمع الحكومات ومحافظي البنوك المركزية من 20 دولة، بالإضافة إلى دول الاتحاد الأوروبي، ويهدف المنتدى -الذي تأسس عام 1989- إلى مناقشة السياسات المتعلقة بتعزيز الاستقرار المالي الدولي ومعالجة القضايا الاقتصادية الكبرى.
ويعقد المنتدى في إندونيسيا بحضور الرئيسة الجديدة للولايات المتحدة الأميركية ومعها نائبتها والمنافسة السابقة لها وفريق أمني كبير وزوجها وابناها المراهقة سيرينا (مارساي مارتن) وديمتريوس (كريستوفر فار)، وبعد الوصول مباشرة إلى مقر انعقاد المؤتمر تبدأ ملامح عملية إرهابية هائلة تؤدي إلى احتجاز 18 شخصية مهمة، من بينهم قيادات الدول.
وتنفصل الرئيسة الأميركية دانييل ساتون (فيولا ديفيس) عن المجموعة الرئيسية أثناء الهجوم، وبدلا من الهروب تختار البقاء والقتال حفاظا على حياتها وحماية للرهائن المتبقين لتصبح المقاومة الوحيدة بعد قطع جميع الاتصالات عن المكان، وتضطر لاجتياز الممرات متسللة لتجنب الكشف عن مكان وجودها من قبل الخاطفين وتبدأ التخطيط لهجوم مضاد، ومعها رئيس وزراء إنجلترا ورئيسة البنك الدولي، وتحافظ على موقع القيادة بعد أداء متواضع لرئيس وزراء إنجلترا.
تستطيع الرئيسة الانتصار على الإرهابيين بمساعدة من بعض الضباط الإندونيسيين، وضابط الحماية الشخصية الخاص بها، لكنها تكتشف أن الخيانة جاءت من أقرب أصدقائها، ورغم ذلك فإن الصمود يبقى سيد الموقف، فالرئيسة الأميركية هي الدولة نفسها خارج الحدود.
رهائن وقتلة
يبدأ الفيلم بوصول زعماء مجموعة العشرين إلى جاكرتا للمشاركة في القمة، ويجد المشاهد نفسه أمام صورة تقليدية لحراس وابتسامات للمجاملة وأعلام متراصة، لكن كل شيء ينقلب حين تقتحم مجموعة شبه عسكرية المبنى وتبدأ السيطرة على الرهائن، وهنا يتحول الفيلم إلى مزيج بين فيلم رعب سياسي وأكشن.
السيناريو الذي كتبته جيسيكا غولدبيرغ وغراهام رولاند يتبع منطق السينما الأميركية في تمجيد النموذج الفردي، لكنه يتجاوزه حين يستخدم شخصية دانييل ساتون أداة لطرح أسئلة أكثر تعقيدا عن القيادة والنوع والشرعية السياسية، فالرئيسة لا تريد أن تتحول إلى "رامبو"، بل تحاول أن تظل رئيسة حتى وهي تبحث عن السيارة الرئاسية المحصنة في القبو، وتضطر للاستسلام حتى لا تفقد أطفالها وزوجها.
لم تبتعد فيولا ديفيس عن ذلك النوع من الشخصيات التي تقود الفيلم والمشهد وبعض الشعوب، وهو تكرار لدورها في فيلم "المرأة الملك"، ولعل تلك الملامح ذات الشخصية القوية والعينين الواسعتين اللتين تملكان القدرة على التقلب بين الحدة والقوة والغضب، وتمتلئ حدقاتهما بالدموع في لحظة خاطفة، كل ذلك يساعدها على تجسيد دور الملكة أو الرئيسة أو حتى الأسيرة التي تحتفظ بقدرتها على المقاومة وتقود زميلاتها بأداء من طراز رفيع.
لكن ما تقدمه ديفيس في "مجموعة العشرين" يتجاوز ذلك النوع من الأداء الآلي، إذ تبني الشخصية من طبقات، فثمة سياسية مثقفة وأم قلقة حزينة وقائدة تصارع الصورة النمطية، وامرأة تقتل لتنجو، لذلك نجد يدها تتردد قبل إطلاق النار في أكثر من مشهد كأنها لا تزال تؤمن بجدوى القانون حتى في معركة بلا قانون.
وتصل فيولا ديفيس إلى ذروة الأداء في حوارها مع قائد المجموعة الإجرامية عبر جهاز اتصال قائلة "لست أنا من يخاف الحقيقة، أنتم من يخشى أن يسمع من امرأة".
اعتمدت المخرجة باتريشيا ريجن على التكوين الثابت داخل اللقطة السينمائية على عكس أغلب أفلام الأكشن التي تستخدم الكاميرا المرتعشة باعتبارها تعبر عن فوضى الحركة في معركة بشكل أكثر واقعية.
تحول الفيلم إلى ما يشبه غرفة ضغط عال، فثمة ايقاع محكوم بإيقاع الأنفاس، وثمة لقطات تزداد ضيقا كلما ضاقت الحال على الرئيسة وازداد الخطر عليها وعلى المقربين منها.
وبين همس الموسيقى التصويرية التي ألفها هانز زيمر معتمدا على نوتات متقطعة تشبه نبض القلب في لحظات الخوف مع تصاعد تدريجي لا يكاد يلحظ مؤثرات بصرية لا تقدم عروضا تشبه الألعاب النارية، بل مفاجآت درامية حقيقية اكتسب الفيلم طابعا دراميا أكثر منه "أكشن" أو استعراضا.
رغم صمته الظاهري فإن الفيلم لا يخلو من رسائل سياسية، فهو لا يهاجم دولا بعينها، لكنه يعرض هشاشة التحالفات، وفكرة أن الخطر لا يأتي من العدو التقليدي فقط بل من الداخل، من الغرف المغلقة التي تفتقد الشفافية.
الرئيسة كامرأة سوداء تواجه تحديين: المجرم المسلح، والمؤسسة التي تراها استثناء لا قاعدة، هذا الازدواج في التهديد يُبرز كيف أن الصراع لا يكون دائما بين دولتين، بل بين صورة الذات كما يرسمها النظام وكما تُختبر في الخطر.
"مجموعة العشرين" فيلم مكتوب بإحكام ومصنوع بحساسية فنية، ويحتوي أداء قويا، ورسالة حول الجسد السياسي الفاسد للدولة، ونجاح الخيانة في التسرب إلى أعلى مستويات السلطة، لكنه، وبينما يقدم رسالته لا ينسى الطابع الأصيل للسينما الأميركية، إذ يقدم سخرية هوليودية معهودة من الآخر حتى لو كان رئيس وزراء إنجلترا ويقدمه في صورة شخص ضعيف غيور، لا يملك الشجاعة ولا المنطق لمواجهة الأزمات.
وإذ كانت ظلال رئاسة ترامب قد ظهرت في الخط الدرامي الرئيسي الذي يبدو فيه الصراع متحورا حول تبني الرئيسة لعملة رقمية فإن العمل يناقش بشكل أعمق إجابة السؤال عمن يستحق أن يحمل عبء تمثيل قوة البلاد وكرامتها، وهل تلك القوة مجال للفخر أو عبء مقدس يجب منحه الجهد اللازم لحمله والحفاظ عليه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 12 ساعات
- الجزيرة
من يملك وجوه الممثلين؟ كيف يواجه نجوم هوليود خطر استنساخهم بالذكاء الاصطناعي؟
مع تزايد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى البصري، ظهرت إشكاليات قانونية غير معتادة، بعد أن أصبح بإمكان شركات الإنتاج استنساخ وجوه الممثلين وأصواتهم رقميا، بعلمهم أو من دون علمهم وموافقتهم، مما يفتح الأبواب لاستخدامات غير قانونية قد تستمر بعد وفاتهم. وقد أعرب عدد من النجوم عن قلقهم من استغلال أصواتهم وملامحهم سلعة رقمية، بعد أن وقع بعضهم عقودا تمنح تلك الشركات حقوقا مفتوحة لاستخدام صورهم وأصواتهم مدى الحياة، بينما هدد البعض الآخر باتخاذ خطوات قانونية تصعيدية احترازية لحماية صورهم البشرية من الانتهاك والتشويه والسرقة الرقمية. ندم متأخر وعقود غير عادلة تعد الممثلة غلين كلوز من أبرز النجوم الذين عبّروا علنا عن قلقهم من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في استنساخ صورهم وأصواتهم، وأكدت خلال مشاركتها في مهرجان صندانس رفضها القاطع لاستخدام ملامحها أو صوتها في أي إنتاج رقمي. كما عبّرت عن مخاوفها من التداخل المتزايد بين الحقيقة والتزييف نتيجة لهذه التقنيات. أما النجم روبرت داوني جونيور، فقد أوضح -في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس- عزمه اتخاذ إجراءات قانونية ضد أي جهة تستنسخ شخصيته رقميا دون إذن صريح، سواء أثناء حياته أو بعد وفاته. ولفت إلى أن فريقه القانوني يبحث حاليا في آليات الحماية الممكنة، في ظل تأخر التشريعات عن مواكبة هذا النوع من الانتهاكات. وفي المقابل، وقع عدد من الممثلين الشباب ضحايا لعقود رقمية غير منصفة، مقابل مبالغ زهيدة، دون إدراكهم الكامل للتبعات. ومن بينهم الممثل الأميركي آدم كوي الذي باع حقوق استخدام صوته وصورته لشركة "إم سي إم" (MCM) مقابل ألف دولار فقط. وبعد أشهر، فوجئ بانتشار فيديوهات لنسخة رقمية منه تروّج لعلاجات مزيفة أو تتنبأ بكوارث، رغم أنه لم يصور أو يوافق على أي منها. وعلى الرغم من استيائه، لم يتمكن كوي من حذف تلك الفيديوهات، إذ لا تمنع بنود العقد سوى الاستخدامات المتعلقة بالإباحية أو منتجات التبغ والخمر. خطورة سهولة الاستخدام وانخفاض التكاليف أحد أهم الأسباب التي تعزز من انتشار المحتوى الرقمي المصنوع، بواسطة الذكاء الاصطناعي، هو سهولة الصنع وانخفاض التكاليف، حيث لا يتطلب صنع فيديو كامل سوى نصف يوم تصوير أمام شاشة خضراء، مع قراءة النصوص والتعبير عن عدة مشاعر. ويستطيع الذكاء الاصطناعي بعد ذلك إنتاج محتوى رقمي بأي لغة وأي وجه وأي نبرة صوت، وهناك بعض الشركات التي تتيح صنع فيديو كامل مجانا أو بمئات الدولارات. ورغم سهولة صنع المحتوى البصري بالذكاء الاصطناعي، فإن هناك مخاطر كبيرة، تتعلق باحتمالات استعمال الشخصيات الرقمية للممثلين دون رقابة، أو بمحتوى مضلل، خاصة أن هناك العديد من الذين وقعوا عقودا غير قابلة للإلغاء تتضمن بنود استغلال لشخصياتهم الرقمية. نقابة الممثلين الأميركية تفرض معايير رادعة فرضت نقابة الممثلين الأميركية قواعد صارمة لتنظيم استخدام الأصوات والنسخ الرقمية المولدة عبر الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلانات، وذلك من خلال إصدار وثيقة تُعرف باسم "إعفاء الإعلانات الصوتية الديناميكية باستخدام الذكاء الاصطناعي" (Dynamic A.I. Audio Commercials Waiver). وتنص هذه الوثيقة على ضرورة الحصول على موافقة مسبقة وصريحة من الممثلين قبل استخدام أصواتهم، مع ضمان حصولهم على تعويض مادي عن كل نسخة تُستخدم. كما تحدد الاتفاقية مدة زمنية لاستخدام النسخة، وتشترط حذفها فور انتهاء التعاقد. وفي خطوة مهمة، وقعت النقابة اتفاقا رسميا مع منصة "نايرتيف" (Narrative) يتضمن بندا يلزم بألا تقل أجور الممثلين عن الحد الأدنى المعتمد من النقابة. ويُعد هذا الاتفاق أول تحرك تنظيمي من نوعه يضع إطارا واضحا لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلانات الصوتية. خدمات رقابية لحماية النجوم في مواجهة الانتشار المتزايد لاستغلال الشخصيات الرقمية للنجوم، أطلقت بعض الوكالات الفنية والتقنية خدمات رقابية متقدمة لحماية الفنانين. ومن بين هذه المبادرات، قدّمت وكالة "سي إيه إيه" (CAA) خدمة تخزين المسح ثلاثي الأبعاد لوجوه وأصوات وحركات الفنانين، مما يمنحهم القدرة على التحكم الكامل في استنساخهم الرقمي وتحديد شروط ومواضع استخدام شخصياتهم. كما توفر هذه التقنية ميزة إضافية تتمثل في كشف أي استخدام غير مصرح به لشخصياتهم الرقمية. وفي السياق ذاته، اعتمدت وكالة "دبليو إم إي" (WME) نظام شراكة مع شركة "لوتي" التي توفر آلية رقابية ترصد الاستخدام غير القانوني لهويات النجوم الرقمية، وتُفعّل إجراءات فورية لحذف المحتوى المخالف. وقد تسهم هذه الخطوات في استعادة السيطرة على عمليات التزوير الرقمي، وتحد من مخاطر استغلال الصور والأصوات الرقمية للفنانين دون موافقتهم، خاصة في ظل غياب أطر قانونية واضحة تنظم هذا النوع من الانتهاكات حتى الآن.


الجزيرة
منذ 13 ساعات
- الجزيرة
مخرج هوليودي ينتظر السجن 90 عاما بتهمة غسل أموال نتفليكس
حدّد القاضي الفدرالي جيد إس. راكوف من المحكمة الجزئية للمنطقة الجنوبية في نيويورك بالولايات المتحدة موعد بدء محاكمة المخرج الأميركي كارل إريك رينش في الثامن من سبتمبر/أيلول القادم، وذلك بعد توجيه 7 تهم فدرالية له، من بينها الاحتيال المالي وغسل الأموال، وذلك على خلفية تلقيه أكثر من 55 مليون دولار من شركة نتفليكس لإنتاج مسلسل خيالي لم يُنجز منه أي حلقة. وجاء القرار في جلسة تمهيدية عقدت في نيويورك، حيث أكّد ممثلو الادعاء أن رينش استخدم أموال المنصة العملاقة في استثمارات مشبوهة ومشتريات شخصية فاخرة شملت سيارات رولز رويس وفيراري ومفروشات باهظة، بدلًا من تمويل الإنتاج التلفزيوني كما كان متفقًا عليه. ورينش -الذي تعود أصوله إلى السويد واعتبر مخرجا واعدا ورمزا هوليوديا- دفعت محاكمته نتفليكس إلى مراجعة أنظمة التمويل والمراقبة بعد ضياع ما يقرب من 55 مليون دولار. مشروع واعد عندما وقّعت نتفليكس صفقة حصرية مع رينش عام 2018، كانت تضع ثقتها في عودته القوية إلى الساحة، حيث كان يُنظر إليه في السابق كمصمم بصري موهوب وواعد، ولكنه لم يُقدّم سوى عمل سينمائي رئيسي واحد هو فيلم "47 رونين" (47 Ronin) الصادر عام 2013، والذي حقق إيرادات متواضعة. ومع ذلك، جاءت فكرته الجديدة بطموح أكبر، إذ اقترح مسلسل خيال علمي يدور في مستقبل تتحرر فيه كائنات بشرية اصطناعية من السيطرة. وحمل المشروع في البداية اسم "الحصان الأبيض" (White Horse) قبل أن يُعاد تسميته لاحقًا إلى "كونكيست" (Conquest). وقد أبرمت الصفقة بطلب إنتاج حلقات متعددة. وعلى مدار العامين التاليين، حوّلت نتفليكس عشرات الملايين من الدولارات لتمويل الإنتاج، ليصل إجمالي المبلغ في النهاية إلى أكثر من 55 مليون دولار. وكان من المتوقع أن ينتج رينش 10 حلقات. وتم توقيع العقود، والاتفاق على المراحل الرئيسية، وحافظت الشركة على نهج سلس وبسيط في إدارة رؤية المخرج، واعتمدت تلبية كل ما يطلبه في حينه دون تأخير. ولكن مع مرور السنين، لم ينجز سوى القليل. لا حلقات مكتملة، ولا مونتاج أولي، وتم تصوير بعض المشاهد القصيرة التي بلغت حوالي 4-10 دقائق فقط، وكانت تهدف لأن تكون "مقاطع عرض" أو محاولات أولية لإظهار النمط البصري والتقني. وسجلت هذه المشاهد في عدة مواقع مثل البرازيل، أوروغواي، وبودابست، حيث استخدموا مواقع طبيعية وبعض الاستوديوهات لتصوير لقطات قليلة. ولم يقدم المخرج أي تفسير يرضي القلق الداخلي المتزايد داخل نتفليكس. ومع ذلك، في مارس/آذار 2020، نجح رينش في الضغط للحصول على 11 مليون دولار إضافية، وهي أموال سرعان ما أصبحت محور قضية جنائية. ملايين مفقودة كان من المفترض أن يسهم مبلغ الـ11 مليون دولار الإضافي، الذي دفعته الشركة عام 2020، في سد فجوات الإنتاج. وبدلا من ذلك، استخدمه المخرج في مشروعات شخصية ورهانات مالية عالية المخاطر. وفي غضون أسابيع، حوّل رينش الأموال إلى تداول الأسهم والمضاربة، مما أدى إلى خسائر فادحة في فترة وجيزة، فاتجه بعدها إلى العملات المشفرة. وفي سوق العملات المشفرة، حوّل رينش خسائره إلى مكاسب لفترة وجيزة. وحوّل ملايين الدولارات إلى عملة "دوجكوين" وعملات أخرى خلال ارتفاعها أواخر عام 2020. وبلغت محفظته الاستثمارية ذروتها عند أكثر من 27 مليون دولار، وبدأ بعدها جولة تسوق مجنونة. وتُظهر الوثائق التي راجعها المحققون وملفات المحكمة نفقات شخصية مذهلة: 5 سيارات رولز رويس، وسيارة فيراري واحدة، ومئات الآلاف أُنفقت على مفروشات الأسرّة، والملابس الفاخرة، والأثاث العتيق، والفنادق الفاخرة. كما خُصص جزء من الأموال للنزاعات القانونية وإجراءات الطلاق. ولم يُستخدم أيٌّ من هذه الأموال لإنتاج المسلسل. وبحلول عام 2021، أنهت نتفليكس الصفقة. وفي تحكيم خاص، سعت الشركة للحصول على تعويضات. وقضت المحكمة لنتفليكس بتعويض قدره 8.8 ملايين دولار، وحرمت رينش من أي حق في المسلسل. وخلص المحكمون إلى أنه لم تُستكمل أي حلقة أو تُعرض بشكل قابل للاستخدام. كشف واعتقال وكان رينش قد اعتقل بواسطة عملاء فدراليين في لوس أنجلوس خلال مارس/آذار 2025. وهو يواجه الآن 7 تهم جنائية، بما في ذلك الاحتيال الإلكتروني وغسل الأموال. وفي حال إدانته، قد يواجه عقوبة السجن لأكثر من 90 عاما. ودفع المتهم ببراءته في أول ظهور له أمام المحكمة، في حين أكد المدعي أمام المحكمة أن رينش كذب على نتفليكس بشأن تقدم الإنتاج، وحوّل الأموال عمدا للاستخدام الشخصي، وتورط في تحويلات مالية معقدة لإخفاء مسار الأموال. وقد استعانت المحكمة بشهود من العاملين مع رينش وأكد أغلبهم أنه شخصية مضطربة. وتذكر أفراد الفريق من العاملين معه سلوكًا غريبًا، ونوبات غضب مفاجئة، وانسحابًا من الحياة العامة. وقد ازداد عزلته السنوات الأخيرة من المشروع، وفقًا لمقربين منه. وبحسب ما ورد، باءت محاولات عائلته وشركائه للتدخل بالفشل. والتزمت نتفليكس الصمت في أعقاب لائحة الاتهام. وتشير مصادر داخلية إلى أن الشركة أعادت هيكلة كيفية مراقبتها للصفقات الإبداعية الكبيرة. وكان رينش قد ولد في لوس أنجلوس، ودرس في براون وبوليتسيا كولومبيا، وبدأ حياته المهنية مخرج إعلانات بوكالة (Ridley Scott Associates) المملوكة للمخرج ريدلي سكوت، وحصل على إشادات عالمية عام 2010 بفيلمه القصير "الهدية" (The Gift) الذي فاز بجائزة في مهرجان "كان ليونز" (Cannes Lions)، مهرجان كان الدولي للإبداع، وهو أهم مهرجان عالمي للإعلان والإبداع في مجالات التسويق والتواصل البصري. وقد مكنه هذا النجاح من العمل على مشاريع ضخمة، ورشح للعمل على فيلم مثل "الفضائي" (Alien) الذي أخرجه ريدلي سكوت، وتطوير فيلم (Logan's Run) الذي أخرجه روبين بيلسبيري، ثم انسحب منهما، ليتولى إخراج فيلمه الروائي الأول "رونين 47" (47 Ronin) بموازنة تجاوزت 175 مليون دولار.


الجزيرة
منذ 3 أيام
- الجزيرة
لماذا نستمتع بمشاهدة برامج الجرائم الواقعية؟
ما بين البودكاست والمسلسلات التلفزيونية وسلاسل الأفلام والبرامج الواقعية، اكتسبت أعمال الجريمة الواقعية شعبية متزايدة خلال العقود الأخيرة، وبحسب خبراء علم النفس والصحة العقلية، فإن استهلاك هذا النوع من المحتوى بصورة مستمرة قد يُعد من المؤشرات المقلقة التي تنذر بأنك تعاني من مشكلات نفسية عميقة. لماذا نحب أعمال الجريمة الواقعية؟ تُعد أعمال الجرائم الواقعية من أكثر الأعمال مشاهدة واستهلاكا حول العالم، وقد يكون هوسنا بهذا المحتوى مرتبطا بعدة عوامل، منها مثلا أنها تُثير حاجتنا الفطرية لفهم العالم، خاصة فيما يتعلق بفهم التهديدات المحتملة في بيئاتنا. كما أنها تمنحنا الفرصة لمعالجة مخاوفنا في بيئة آمنة. وفي النهاية، نحن نريد أن نرى الأشرار يُقدَّمون للعدالة، لذا نهتم بالنتيجة ومشاهدة هذا النوع من الأعمال دون مقاطعة. وتشير الطبيبة النفسية الأميركية جين كيم إلى أن الناس قد يتابعون محتوى الجرائم الواقعية لأنه يُذكرهم بحظوظهم الجيدة وحياتهم الآمنة مقارنة بالضحايا، الأمر الذي يساعدهم على الشعور بالوعي الكافي لتجنب مواقف الجرائم المماثلة، ويُذكرهم بأخلاقهم وقِيَمهم الذاتية، ويجعلهم يشعرون بالتعاطف مع الضحايا، بل ويجعلهم يستمتعون بالفضول والرغبة في حل اللغز. وبحسب الإحصائيات، فإن النساء يملن إلى الاهتمام بمحتوى الجرائم الحقيقية أكثر من الرجال. وتُظهر الأبحاث أن الجرائم التي تحظى بأكبر قدر من الاهتمام هي تلك التي تتضمن قاتلا ذكرا لضحايا إناث، وأن النساء ينجذبن أكثر إلى الحالات التي تكون فيها الضحية مشابهة لهن. الاستنتاج في علم النفس للهوس بمتابعة قصة جريمة حقيقية قد يكون وسيلة للنساء للشعور ب الخوف والقلق المرتبط بهذا التهديد ولكن في بيئة آمنة. فهن عندما يقرأن أو يشاهدن هذه القصص، يشعرن بتدفق الأدرينالين ويتخيلن أنهن في الموقف ذاته. وعندما تختبر النساء هذا التفاعل الفسيولوجي وهن على يقين أنهن بأمان، تُتاح لهن فرصة معالجة تلك المخاوف العميقة لا شعوريا، ما يعزز من إحساسهن بالسيطرة. تأثيرات طويلة المدى على رؤيتنا للعالم من ناحية أخرى، تقول الدكتورة تشيفونا تشايلدز، الأخصائية النفسية الأميركية، إن نظرتنا للعالم يمكن أن تتغير بسهولة إذا كنا نتابع باستمرار قصص جرائم القتل المروعة. ويرجع ذلك إلى أن الإفراط في مشاهدة هذا المحتوى العنيف قد يؤدي إلى الشعور بالحذر المفرط تجاه الآخرين – وحتى الأشخاص الذين نعرفهم ونثق بهم منذ زمن طويل، ونبدأ في تغيير سلوكياتنا ومفاهيمنا وقناعاتنا عن العالم من حولنا. ومن خلال تتبع هذه القصص ومشاهدتها باستمرار، يمنحنا هذا التعرُّض المتواصل شعورًا مبالغًا فيه بمدى شيوع الجرائم العنيفة، واحتمالية الوقوع ضحية لها. وبالتالي، قد يصبح خوفنا غير متناسب مع المخاطر التي نتعرض لها. ويخلص خبراء الصحة النفسية والعقلية إلى أن التعرض المفرط لهذه القصص يمكن أن يسبب التوتر والقلق والكوابيس والارتياب، إذ يتلقى متخصصو حل الجرائم والمحققون تدريبات دورية في الصحة النفسية لتجنب هذه المشكلات، ومع ذلك يواجهونها في كثير من الأحيان بالرغم من خبراتهم. وتدريجيا، من الممكن ل مشاعر القلق المتزايدة تلك أن تؤدي إلى العزلة والاكتئاب، وهو أمر مضر بصحتنا النفسية بشكل عام وقد يؤثر بصورة طويلة المدى على جودة الحياة. مدخل للمعاناة من القلق والاكتئاب في دراسة بعنوان "العلاقة بين الخوف من الجريمة والصحة النفسية والأداء البدني"، وجد باحثون في المعهد الدولي للمجتمع والصحة بقسم علم الأوبئة والصحة العامة في كلية لندن الجامعية أن الخوف من الجريمة يرتبط بتدهور الصحة النفسية، وتراجع الأداء البدني، وتراجع جودة الحياة بشكل عام، وهو ما يمكن ربطه بشكل مباشر بالمتابعة الكثيفة لأعمال تجسيد الجرائم الواقعية. كما وجدت الدراسة أن الخوف من الجريمة قد يؤدي إلى تغيرات عاطفية وسلوكية، مثل تجنب الأنشطة الاجتماعية والأماكن الخارجية، وانعدام الثقة بالآخرين، والقلق، وجنون الارتياب وغيرها، وصولاً للاكتئاب الحاد. معايشة التجارب الصادمة لا تتوقف المؤشرات المقلقة لميل الكثيرين لاستهلاك أعمال الجرائم الواقعية عند هذا الحد، بل يمكنها أن تكون مؤشرا على صدمات نفسية وعقلية عميقة متجذرة في الماضي ولم يتم علاجها بعد. وحول ذلك، تقول الدكتورة إليزابيث جيجليتش، أستاذة في كلية جون جاي للعدالة الجنائية، عن سبب انجذاب الناجين من الصدمات النفسية إلى قصص الجرائم الحقيقية إلى الرغبة في فهم أنفسهم وشفائها. وأضافت "قد يستمتع الأشخاص الذين لديهم تاريخ من الصدمات النفسية" بالجرائم الحقيقية حتى يتمكنوا من "إعادة تجربة تلك المواقف المؤلمة في بيئة آمنة حيث تكون لديهم سيطرة أكبر وقدرة في الحصول على العدالة والنهاية المرجوّة". وبالرغم من كون هذه المحاولات بمثابة خطوات بسيطة للتعافي ، فإن متابعة الجرائم الواقعية لا يكفي لكي يتم المضي قدما بالحياة بشكل فعال، خاصة إذا كانت التجارب السابقة قاسية ومؤلمة وتتضمن الكثير من العنف أو المعاناة، إذ قد تسبب استحضارا قاسيا للذكريات والخبرات المؤلمة، وتدفع الأشخاص لمزيد من المعاناة. وختاما، ينصح خبراء الصحة النفسية والعقلية بالاعتدال في كل شيء، والانتباه للمؤشرات التي تدل على أنك بحاجة للاستراحة والانقطاع عن متابعة أعمال العنف والجرائم ، مثل المعاناة من الخوف والقلق المتزايد، أو عدم الإحساس بالأمان وتخيل سيناريوهات التعرض لحوادث مماثلة، حينها قد يكون من الأنسب اختيار أحد الأعمال الكوميدية في أمسيتك الترفيهية المقبلة.