logo
شراكة أمنية مع الاتحاد الأوروبي.. هل بدأت كندا مرحلة جديدة؟

شراكة أمنية مع الاتحاد الأوروبي.. هل بدأت كندا مرحلة جديدة؟

الجزيرةمنذ 2 أيام

ألبرتا- في خطوة قد تعيد تشكيل السياسة الخارجية الكندية، ومحاولة الخروج من عباءة الجارة الجنوبية، وقّعت كندا و الاتحاد الأوروبي اتفاقية شراكة أمنية ودفاعية خلال قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسل، لتكون هذه الخطوة بداية لتنفيذ طموح أوتاوا لتقليص هيمنة واشنطن على تجارتها وأمنها، وسط علاقات متوترة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، نتيجة فرض التعريفات الجمركية وتكرار الحديث عن ضم كندا ل لولايات المتحدة.
وتهدف الاتفاقية إلى توسيع التعاون العسكري، وتفتح الباب لكندا للمشاركة في برنامج تسليح أوروبي كبير يُعرف باسم "إعادة تسليح أوروبا"، كما شملت الاتفاقية تعاونًا أكبر في دعم أوكرانيا، وتحسين حركة الجيش الكندي في أوروبا، وتعاون بحري في مناطق مثل المحيطين الهادئ والهندي، إضافة إلى مواضيع مثل الأمن الإلكتروني، ومكافحة التدخلات الخارجية والمعلومات المضللة، وسياسات الفضاء.
وقال رئيس الوزراء مارك كارني ، إن كندا تسعى إلى تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة في التجارة والأمن، ولذلك تبني علاقات جديدة مع شركاء موثوقين، مضيفاً أن المستقبل لا يقتصر على الحديث عن الضرائب، بل يشمل أيضًا التعاون الدفاعي والصناعي بين دول حلف الشمال الأطلسي(الناتو).
خروج من عباءة أميركا
وعمّا إذا كانت الاتفاقية تمثل بداية تحول في السياسة الخارجية الكندية، يرى يحيى اللهيب، الأستاذ المشارك في كلية العمل الاجتماعي بجامعة كالغاري، أن كندا تسعى بهذا التوجه إلى تعزيز استقلالها عن جارتها الولايات المتحدة.
ومع ذلك، يعتقد اللهيب، أن البديل من الاعتماد على أميركا لا يتمثل في إعطاء الأولوية لحلف الناتو أو الانخراط في سباق التسلح كهدف أساسي، معتبرا هذه الخطوة محاولة لتنويع مصادر الاقتصاد الكندي، والخروج من عباءة أميركا دون إغضاب الرئيس الأميركي.
ويضيف اللهيب، في حديثه لـ"الجزيرة نت"، أن مارك كارني، بهذه الاتفاقية، ركز على الاستثمار في قطاعي الدفاع والأمن، لتسريع الخروج من الأزمة الاقتصادية من جهة، وتعزيز مكانة كندا لتأخذ دورًا فاعلًا في تشكيل نظام عالمي جديد من جهة أخرى. ويرى أن هذا النظام بدأ يتشكل من خلال التفاعلات بين العالم العربي وأوروبا، وبين روسيا والصين وتحالفات أخرى تسعى إلى التحرر من هيمنة الغرب على النظام الدولي.
خطوة لمعالجة التحديات
من جانبه، أثنى الدكتور عاطف قبرصي، أستاذ الاقتصاد في جامعة ماكماستر، على الخطوة، قائلا إنها تهدف إلى تنويع الشراكات التجارية والإستراتيجية، وفتح أسواق جديدة، والتقليل من الاعتماد المفرط على السوق الأميركية، الذي بلغت نسبته 90% من حجم الصادرات والواردات، واصفا إياها بالجيدة نحو معالجة التحديات القائمة.
وأشار قبرصي، في حديثه لـ"الجزيرة نت"، إلى أن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي على كندا عرضّت الأسواق الكندية للخطر، ما يؤثر مباشرة على حياة المواطنين. وأضاف أن كندا والاتحاد الأوروبي، بصفتهما متضررين من قرارات الرئيس الأميركي، اتفقا على تعزيز التعاون الاقتصادي وتقليل اعتمادهما على السوق الأميركية، تفاديًا لمزيد من المخاطر والأزمات.
وأكد قبرصي، أن كندا وأوروبا تمتلكان الإمكانيات اللازمة لتطوير مصالحهما المشتركة، مع الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة وإرضائها، مضيفا أن كندا ترى في أوروبا البديل الأنسب والأكثر صدقيّة من أميركا التي نكثت وعودها وتملصت من التزاماتها الدولية، بينما ترى أوروبا في كندا شريكًا إستراتيجيًا، كونها ثانيَ أكبر بلد في العالم من حيث المساحة، ولديها موارد وإمكانيات وفيرة.
صحوة بعد ركود
من جهته، اعتبر الدكتور أسامة قاضي، المستشار الاقتصادي، أن الاتفاقية تمثل صحوة لكندا بعد فترة طويلة من الركود الاقتصادي وتدني كفاءة أنظمتها الاقتصادية، نتيجة اعتمادها المفرط على سوق دولية واحدة، حيث أدى هذا الاعتماد إلى إضعاف قدرة السوق الكندية على تطوير أدواتها التجارية والاقتصادية.
وأضاف قاضي، في تصريح لـ"الجزيرة نت"، أن التعريفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على كندا شكلت فرصة إيجابية، وكأنها "صفعة" ضرورية لإيقاظ الاقتصاد الكندي من سباته، مؤكدًا مقولة "رب ضارة نافعة".
وأشار إلى أن كندا بدأت تسير على الطريق الصحيح بفتح أسواق جديدة مع الاتحاد الأوروبي، داعيا إلى عدم التوقف عند هذا الحد، بل مواصلة السعي نحو شراكات وأسواق أخرى لتنشيط الاقتصاد.
وأكد قاضي أن كندا تمتلك موارد وثروات وفيرة تؤهلها لإبرام صفقات تجارية مع دول العالم، بعيدًا عن الاعتماد على السوق الأميركية، موضحا أن هذه الخطوة ستسهم في دفع عجلة الاقتصاد، وخلق فرص عمل، وتقليل معدل البطالة. وأشار إلى أن الاقتصاد الكندي الحالي يعاني من ضعف في توفير فرص عمل مستدامة، مستشهدًا بغياب علامة تجارية كندية لصناعة السيارات، رغم أن كندا تنتج سيارات للولايات المتحدة، لكن حقوق الإنتاج والتصنيع تعود للأخيرة.
فوائد قصيرة الأمد
وفي سياق منفصل، حذر اللهيب من أن الفوائد الاقتصادية لهذه الاتفاقية قد تكون قصيرة الأمد، حيث تتطلب استثمارات ضخمة في خبرات غير متوفرة حاليًا. ويشير إلى أن ذلك قد يترتب عليه تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية، قد تؤثر على التركيبة الاجتماعية والسياسية لكندا لمواكبة متطلبات هذا الاقتصاد الجديد، مؤكداً أن البديل الأكثر جدوى يكمن في الاستفادة من إمكانيات كندا والخبرات المتوافرة فيها، من خلال تنويع الاقتصاد في إطار العولمة.
تمثل الاتفاقية تحولاً إستراتيجياً لكندا نحو تنويع شراكاتها الأمنية والاقتصادية، مع الإبقاء على التزاماتها تجاه حلف الناتو، كما تعكس رغبتها في إعادة تعريف دورها الإقليمي والدولي، لكن يبقى السؤال قائماً، هل ستؤدي هذه الخطوة وما يليها من خطوات قادمة إلى استغناء عن الجارة الجنوبية، أم أنها مجرد محاولة لإعادة التوازن في العلاقات الدولية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يعلنها صراحة: "كندا ستدفع الثمن" ويعلق المفاوضات التجارية بالكامل
ترامب يعلنها صراحة: "كندا ستدفع الثمن" ويعلق المفاوضات التجارية بالكامل

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

ترامب يعلنها صراحة: "كندا ستدفع الثمن" ويعلق المفاوضات التجارية بالكامل

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الجمعة تعليقا فوريا لكل المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا، جاء هذا القرار ردا على تطبيق كندا لضريبة الخدمات الرقمية "دي إس تي" بنسبة 3% على شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى. ووصفت الإدارة الأميركية الضريبة بأنها 'هجوم فاضح'، وأعلنت عزمها فرض رسوم جمركية جديدة خلال 7 أيام، مما أعاد إشعال أزمة تجارية قد تطيح بالاستقرار الاقتصادي بين الحليفين، بحسب ما نقلت وكالة أسوشيتد برس. القرار الأميركي: تعليق فوري وتهديد مباشر وقال الرئيس الأميركي، في منشور عبر منصة "تروث سوشيال" نقلته رويترز، إن القرار جاء: "استنادا إلى هذه الضريبة الفاضحة، نعلن إنهاء جميع المفاوضات التجارية مع كندا، بشكل فوري. وسنبلغ كندا بالرسوم التي ستدفعها خلال 7 أيام". ووصف ترامب كندا بأنها "دولة يصعب التعامل معها تجاريا"، متهما أوتاوا بتقليد سياسات ضريبية أوروبية تُحمِّل شركات التكنولوجيا الأميركية أعباء غير مبررة، وادّعى، بحسب ما أوردته شبكة فوكس بيزنس، أن كندا تفرض رسوما تصل إلى 400% على منتجات الألبان الأميركية. تحقيق رسمي ورسوم انتقامية وأكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت ، في تصريحات نقلتها رويترز، أن مكتب الممثل التجاري الأميركي سيُطلق تحقيقا بموجب المادة 301 من قانون التجارة، تمهيدا لفرض رسوم انتقامية بقيمة تصل إلى ملياري دولار أميركي سنويا على صادرات كندية. وأضاف بيسنت أن الإدارة الأميركية تعمل على تسريع التفاوض مع شركاء آخرين مثل الصين، والهند، والاتحاد الأوروبي واليابان، مشيرا إلى أن "الاتفاقيات الجديدة يمكن التوصل إليها بحلول عيد العمال". كندا ترد: لا تراجع عن السيادة الضريبية في المقابل، رد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني ، الذي تولى رئاسة الحكومة في مارس/آذار 2025 خلفا لجاستن ترودو، بتصريحات نقلتها رويترز، قائلا: "سنواصل الانخراط في مفاوضات معقدة… بما يخدم مصالح العمال والشركات الكندية، ولكن ليس تحت التهديد أو الإكراه." من جانبه، قال وزير المالية الكندي فرانسوا فيليب شامبين، في مقابلة مع سي تي في نيوز بتاريخ 19 يونيو/حزيران: "لدينا جميع الأوراق الرابحة. لن نُعلِّق الضريبة تحت الضغط". كما ذكرت وكالة بلومبيرغ أن أوتاوا بدأت مشاورات قانونية لدراسة اللجوء إلى آليات فض النزاعات ضمن اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (يو إس إم سي إيه)، أو رفع القضية إلى منظمة التجارة العالمية إذا ما نفذت الولايات المتحدة تهديداتها. وفي هذا السياق، قال البروفيسور فرانك جيانغ، أستاذ التجارة الدولية في جامعة كارلتون، في تصريح خاص للجزيرة نت: "من منظور القانون التجاري الدولي، تملك كندا كامل الحق في فرض ضرائب سيادية على الأرباح الرقمية التي تتحقق داخل حدودها. المسألة لا تتعلق بعداء لأميركا، بل بتكييف السياسات الضريبية مع واقع الاقتصاد الرقمي". الضريبة الرقمية: إجراء بأثر رجعي وكلفة مرتفعة وبحسب ما نشرته وكالة رويترز، فإن قانون ضريبة الخدمات الرقمية الذي أقرّه البرلمان الكندي في يونيو/حزيران 2024، دخل حيّز التنفيذ في 28 من الشهر ذاته، ويُطبق بأثر رجعي بدءا من الأول من يناير/كانون الثاني 2022. وتُفرض الضريبة بنسبة 3% على الإيرادات الناتجة عن خدمات رقمية تستهدف المستخدمين الكنديين، إذا تجاوزت الإيرادات العالمية للشركة 750 مليون يورو (نحو 879 مليون دولار) والإيرادات المحلية 20 مليون دولار كندي (نحو 14.6 مليون دولار). وتوقعت الحكومة الكندية، وفق وثائق مالية رسمية نقلتها بلومبيرغ، أن تحقق الضريبة: 7.2 مليارات دولار كندي في الفترة بين 2023 و2027 (ما يعادل نحو 5 مليارات دولار أميركي). 500 مليون دولار أميركي سنويا من شركات أميركية مثل أمازون، ميتا، ألفابت، وأوبر. ملياري دولار أميركي بأثر رجعي تُستحق بحلول 30 يونيو/حزيران 2025. وأشارت رويترز إلى أن شركات التكنولوجيا بدأت بالفعل تمرير هذه الكلفة إلى المستهلك الكندي، حيث رفعت غوغل وأمازون رسومها بنسبة 2.5% إلى 3% على الإعلانات والخدمات الموجهة للسوق الكندية. وفي تحليله لهذه الخطوة، قال البروفيسور جيانغ: "صحيح أن الضريبة قد تُترجم إلى أسعار أعلى للمستهلكين، لكن المكسب الأوسع لكندا هو في فرض التوازن بين القوة الاقتصادية لشركات التكنولوجيا العالمية وحقوق الدول في تنظيم أسواقها. إنها معركة مبدئية أكثر منها مالية". الأسواق المالية تتجاهل التصعيد وعلى الرغم من التوترات السياسية المتصاعدة بين واشنطن وأوتاوا، والتلويح الأميركي بفرض رسوم انتقامية تصل إلى ملياري دولار أميركي سنويا، إضافة إلى تعليق رسمي للمفاوضات التجارية بين البلدين، فإن أسواق المال الأميركية أبدت مرونة لافتة في تعاملها مع هذه التطورات، مما قد يشير إلى ثقة المستثمرين المؤقتة بأن التصعيد لن يخرج عن الإطار السياسي. ونقلت نيويورك بوست أن الأسواق الأميركية أغلقت على مكاسب ملحوظة: ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.5% ليصل إلى 6,173.07 نقاط. ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 0.5% ليصل إلى 20,273.46 نقطة. أضاف مؤشر داو جونز أكثر من 400 نقطة أي ما يعادل نحو 1%. إعلان وأرجعت منصة ماركت ووتش هذه المكاسب إلى الأداء القوي لأسهم الذكاء الاصطناعي، وتوقعات المستثمرين بخفض مرتقب للفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي. لكن محللين حذروا من أن أي تصعيد إضافي مع كندا قد يُربك سلاسل الإمداد ويؤثر سلبا على الاستهلاك. تصعيد سياسي وتجاري متدرج وفي الأول من فبراير/شباط 2025، فرضت إدارة ترامب رسوما جمركية بنسبة 25% على معظم السلع الكندية، إضافة إلى 10% على صادرات الطاقة، مبررة الخطوة بمخاوف تتعلق بالأمن الحدودي والمواد المُخدِّرة القادمة من كندا. وردت أوتاوا فورا برسوم على السلع الأميركية بقيمة 30 مليار دولار كندي (نحو 21.88 مليار دولار)، ثم وسّعتها لتصل إلى 155 مليار دولار كندي (نحو 113.05 مليار دولار) خلال 21 يوما، وفق ما أفادت به رويترز. وتزامن ذلك مع موجة غضب شعبي في كندا، حيث أطلقت حملات مقاطعة ضد المنتجات الأميركية، وأظهرت استطلاعات رأي نُشرت في "سي بي سي" الكندية أن ما بين 65% و90% من الكنديين توقفوا عن شراء المنتجات الأميركية أو السفر إلى الولايات المتحدة. وفي خضم التصعيد، أثار ترامب جدلا كبيرا بتصريحات متكررة حول إمكانية ضم كندا كولاية أميركية رقم 51. ليرد عليه رئيس الوزراء الكندي السابق جاستن ترودو، في تصريح نقلته الجزيرة الإنجليزية، قائلا: "لا توجد فرصة واحدة في الجحيم أن تصبح كندا جزءا من الولايات المتحدة". وأظهرت نتائج استطلاع رأي أجرته أنغوس ريد أن 82% من الكنديين رفضوا تماما هذه الفكرة، بينما أيدها 13% فقط بشروط. أما السفير الأميركي لدى كندا بيت هوكسترا فقد صرّح لصحيفة واشنطن بوست: "أقضي معظم وقتي في تهدئة المخاوف، لا في التفاوض.. التصريحات تسبق الدبلوماسية للأسف". فشل في قمة السبع ومع استمرار التوترات، جاءت قمة مجموعة السبع لتُشكّل فرصة جديدة للحوار، لكنها تحولت إلى خيبة أمل جديدة. ففي القمة التي استضافتها كندا في ألبرتا بين 11 و16 من الشهر الحالي، اتفق ترامب وكارني -وفق ما نقلته رويترز- على "إطار تفاوضي يمتد 30 يوما" لمحاولة التوصل إلى حل تجاري متوازن. لكن ترامب انسحب من القمة مبكرا بسبب تصعيد في الشرق الأوسط بين إيران وإسرائيل، ولم تتحقق أي نتائج ملموسة، ليتبع ذلك قرار تعليق المحادثات بالكامل. سيناريوهات مفتوحة وتوترات معقّدة ويرى الباحث في الاقتصاد الدولي بجامعة أوتاوا أحمد إسماعيل، في حديث للجزيرة نت، أن العلاقة بين كندا والولايات المتحدة تدخل مرحلة حساسة ومعقدة، إذ إن الخلاف التجاري تجاوز مسألة ضريبة رقمية وأصبح اختبارا حقيقيا لحدود السيادة الاقتصادية، ومدى قدرة القانون التجاري الدولي على احتواء التوترات بين الحلفاء. وقال إسماعيل: "في الأيام المقبلة، ستجد أوتاوا وواشنطن نفسيهما على مفترق طرق. فواشنطن، كما هو متوقع، ستُعلن خلال أسبوع عن قائمة موسعة من الرسوم الجمركية قد تشمل منتجات الألبان، الخشب، السيارات، والخدمات الرقمية، وهذا سيفتح الباب أمام تصعيد اقتصادي حاد". وأضاف أن كندا لا تنوي التراجع تحت الضغط، مشيرا إلى أن الحكومة الكندية، وفق تصريحات رسمية نقلتها بلومبيرغ، "تعتبر الضريبة الرقمية جزءا من سيادتها الاقتصادية ولا ترى مبررا قانونيا لإلغائها." كما أكد أن أوتاوا تدرس جديا خيار رفع دعوى تجارية رسمية بموجب اتفاقية "يو إس إم سي إيه"، أو اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية، وهو مسار قانوني قد يمتد لأشهر طويلة ويُعقد العلاقة أكثر. وفي ما يتعلق بالأسواق، أوضح إسماعيل أن المستثمرين يترقبون تأثير الأزمة على مؤشرات التضخم ، خاصة مع ارتفاع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي "بي سي إي" إلى 2.7% بحسب ماركت ووتش، مشيرا إلى أن "أي تصعيد إضافي قد يُربك سلاسل الإمداد ويضرب ثقة المستهلكين، مما ينعكس سلبا على سلوك الإنفاق في قطاعات حيوية". وحذّر من أن تداعيات هذا النزاع قد لا تقتصر على أميركا الشمالية، بل قد تمتد إلى الأسواق العالمية عبر ضرب شبكات التوريد العابرة للحدود، لا سيما في مجالات الطاقة، المعادن النادرة، والخدمات الرقمية. وختم إسماعيل بالقول: "نحن أمام لحظة مفصلية. إن لم يتم احتواء التوتر بسرعة، فإن المواجهة قد تتحول إلى أزمة هيكلية، تكسر التوازن التجاري والسياسي الذي استمر لعقود بين كندا والولايات المتحدة."

الأوروبيون بين المطاوعة داخل حلف الناتو والبحث عن بدائل خارجه
الأوروبيون بين المطاوعة داخل حلف الناتو والبحث عن بدائل خارجه

الجزيرة

timeمنذ 13 ساعات

  • الجزيرة

الأوروبيون بين المطاوعة داخل حلف الناتو والبحث عن بدائل خارجه

لندن- يخوض الأوروبيون بحثا شاقا عن البدائل منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض حيث لم يتردد بالتهديد بنهج سياسة أكثر انعزالا تجاه الحلفاء، سعيا لتحويل العلاقة المتوترة مع واشنطن في أكثر من ملف إلى محرك لاستعادة زمام المبادرة الاقتصادية وتولي دفة القيادة الدفاعية. فبعد أن انتهت قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" الأخيرة في لاهاي بالرضوخ للضغط الأميركي برفع سقف إنفاق الحلفاء الأوروبيين الدفاعي إلى 5% من ناتجهم الداخلي الخام، يسعى الأوروبيون -بعد أن هدأت مخاوفهم نسبيا من انسحاب أميركي مفاجئ من الحلف- إلى نقل عبء قيادة الحلف إلى أوروبا. التزام أميركي مشروط تعهد الرئيس الأميركي بالتمسك بالشراكة في حلف الناتو وعدم فك الارتباط الأمني بين ضفتي الأطلسي، في الوقت الذي أصرعلى الظهور بمظهر المنتصر القادر على إرغام الأوروبيين على إنفاق المزيد من الأموال لتحمل أعباء توفير الحماية لأنفسهم. أما الأمين العام لحلف الناتو مارك روته ، فقد حاول خلال تصريحاته في القمة التأكيد على أن الضغط الأميركي شكل قوة دافعة حاسمة ساهمت في اتخاذ الأوروبيين خطوة طالما ترددوا في الإقدام عليها على مدار سنوات. وتخلص صحيفة بوليتيكو إلى أن الأمين العام للناتو نجح في "فك شفرة" الرئيس الأميركي، وتمكن من تأمين قمة ناجحة خالية من المفاجآت، عبر كيله المديح لترامب، في وقت أصر على تلافي طرح الأسئلة الصعبة بشأن طرق تمويل ميزانيات الدفاع الأوروبية. ويرى رافائيل لوست الخبير في شؤون الدفاع بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية -في حديث للجزيرة نت- أن رفع الإنفاق الدفاعي ليس قرارا أميركيا بحتا بل هو توجّه بدأت الدول الأوروبية تدرك أهميته منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث انخرط الحلفاء بالفعل، خلال القمم الثلاث الأخيرة لحلف الناتو في مدريد وفيلينيوس وواشنطن، في إعداد خطط دفاعية أكثر تفصيلا وواقعية. ويضيف الخبير البريطاني أن الأوروبيين فقدوا كثيرا من ثقتهم بالحليف الأميركي الذي يبدو منشغلا بشكل متزايد بإدارة أزمات في مناطق أخرى من العالم، كمنطقة الشرق الأوسط والمحيطين الهادي والهندي، بعيدا عن مظلة الحلف. وفي المقابل، تؤكد مارتا موتشنيك -الباحثة الأولى بشؤون الاتحاد الأوروبي لدى "مجموعة الأزمات الدولية" في بروكسل- أن النجاح في إدارة العلاقة المعقدة مع الرئيس الأميركي لا يعفي الأوروبيين من الحاجة للتفكير الجاد في كيفية سد الثغرات والفجوات الحرجة في منظومتهم الدفاعية. وترى الخبيرة في السياسات الأوروبية -في حديثها للجزيرة نت- أن التزام واشنطن الحالي بالحلف لا يمكن اعتباره مضمونا في المستقبل، إذ قد تتجه الولايات المتحدة إلى خفض وجودها العسكري بأوروبا، في وقت تحتاج فيه القارة إلى دعم عسكري مستدام لمواجهة تحديات أمنية متصاعدة. وفي مقال مشترك للخبيرين على صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، ألمح كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس إلى أن بلديهما يعملان بشكل مشترك على استقلالية المنظومة الدفاعية الأوروبية وجعلها قادرة على العمل في إطار حلف الناتو كإطار مرجعي للدفاع عن الأمن الأوروبي. بحث عن البدائل بدأت فرنسا وبريطانيا -منذ عودة ترامب للبيت الأبيض- بالدفع نحو تشكيل " تحالف الراغبين" كآلية دفاعية عسكرية توفر للأوكرانيين الضمانات الأمنية التي يرفض الأميركيون تقديمها حال التوقيع على أي اتفاق سلام في كييف. وجاء ذلك على خلفية تراجع حماسة الأميركيين في عهد الإدارة الحالية عن دعم كييف، إذ يتجنب ترامب تأييد أي خطوات تصعيدية قد تؤثر على تقاربه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، على الرغم من لقائه خلال قمة الناتو الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدم اعتراضه على وصف بيان القمة لروسيا بـ"التهديد العابر لضفتي الأطلسي". ويرى رافيئل لوست الخبير في الشؤون الدفاعية أن قمة الناتو في لاهاي أضفت طابعا أوروبيا للحلف، وأطلقت حوارا مهما لإعادة توزيع الأدوار والأعباء داخله، بما ينسجم مع التوجه الأوروبي. لكن شاشانك جوشي محرر الشؤون الدفاعية بصحيفة إيكونوميست البريطانية أصر -خلال حديثه للجزيرة نت- على أن الأوروبيين بحاجة لامتلاك رؤية وخطط واضحة لطبيعة القدرات العسكرية الأميركية التي يستطيعون التخلي عنها أو استبدالها، ووضع جدول زمني محدد لبدء تلك المرحلة الانتقالية. وفي هذا السياق، يحاول الأوروبيون والبريطانيون إيجاد إطار بديل لمظلة "الناتو" لبناء تعاون دفاعي يُمكنهم من حماية الأمن القومي الأوروبي بشكل مستقل. فمنذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفر حلف الناتو إطارا حافظ على التنسيق العسكري بين الجانبين، في وقت تخففت فيه لندن من التزاماتها بسياسات الدفاع والأمن المشتركة للاتحاد بعد توقيع اتفاق "بريكست". ووقع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا قبل أسابيع -في قمة تعد الأولى من نوعها منذ خروج الأخيرة من الاتحاد- اتفاقا دفاعيا يمكن لندن من المشاركة في صندوق الصناعات الدفاعية الأوروبية البالغ قيمته 150 مليار يورو، ويمنح الشركات البريطانية فرصة الانخراط في مشاريع إعادة تأهيل البنية التحتية العسكرية الأوروبية. الشراكة الصعبة تشير صحيفة غارديان البريطانية أن الطموح الدفاعي الأوروبي سيتطلب أيضًا التزاما سياسيا طويل الأمد، وهو ما يواجه تحديا حقيقيا مع الصعود اللافت لليمين الشعبوي في عدد من الدول الأوروبية والذي يتبنى سياسات أكثر انعزالية. وفي الوقت الذي أبدت إسبانيا معارضة صريحة لخطة زيادة الإنفاق الدفاعي لـ5% من ناتجها المحلي، وبدت وكأنها صوت معزول داخل الحلف، لم توار دول أخرى مخاوفها من عدم قدرة ميزانياتها المثقلة بأعباء كثيرة على تلبية أسقف الإنفاق المرتفعة التي فرضها الرئيس الأميركي. وبدوره هدد الرئيس الأميركي بإجبار إسبانيا على الرضوخ للقرار عبر بدء مفاوضات معها، في وقت يخوض مسؤولو إدارته مباحثات مكثفة وصعبة مع الاتحاد الأوروبي بشأن تخفيف الرسوم الجمركية الأميركية التي قد تصل حد 50% على الصادرات الأوروبية إلى الأسواق الأميركية. وأعرب الرئيس الفرنسي عن أمله في أن يستثني ترامب الحلفاء الأوروبيين في حربه التجارية التي أطلقها، مشيرا إلى أن زيادة الانفاق الدفاعي لا يمكن أن تتحقق دون رفع القيود الجمركية الأميركية. ويرى نايك تويني الباحث في السياسات الأمنية بالمركز الأوروبي للسياسات الخارجية -في حديثه للجزيرة نت- أن رفع الإنفاق العسكري لمستوى غير مسبوق ليس بالضرورة الحل الأمثل لردع أي تهديد للأمن الأوروبي، إذ تبرز خشية حقيقية من أن تؤدي الزيادة لتعقيد عمليات إعادة الهيكلة والتأهيل للقدرات العسكرية الأوروبية، وتضع الأوروبيين تحت ضغط مأزق التمويل. ورغم حرص الحلفاء الأوروبيون على ضمان التزام واشنطن بحلف الناتو، حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين من صعوبة التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، ودعت إلى تأسيس إطار بديل عن منظمة التجارة العالمية لتسهيل التبادل الحر مع الدول الراغبة، من دون أن تشير صراحة إلى واشنطن. ولاء بريطاني في المقابل، اختار رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قمة حلف الناتو منصة للإعلان عن اقتناء بلاده 12 طائرة مقاتلة من طراز " إف 35" الأميركية القادرة على حمل رؤوس نووية جوا، في وقت تواصل فيه لندن إعادة هيكلة ترسانتها من الغواصات النووية بشراكة وثيقة مع واشنطن. وفي حين يتجه الرئيس الفرنسي إلى طرح ترسانته النووية مظلة ردع أوروبية مستقلة عن الهيمنة الأميركية، لتوفير الحماية النووية للقارة، يتجنب ستارمر اتخاذ أي مواقف قد تفسر على أنها تحدٍ للتوجهات الأميركية مؤكدًا التزامه بسياسة "عدم التفضيل بين الشركاء". ويشير الخبير بالشؤون الدفاعية روست -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن بريطانيا كانت تملك فرصة حقيقية لتوسيع تعاونها النووي مع فرنسا، وتكييف ترسانتي البلدين معًا لتلبية الحاجة الأوروبية لردع مستقل "لكن يبدو أن البريطانيين غير متحمسين لذلك المسار، ويجدون صعوبة في فك ارتباطهم النووي المزمن بالولايات المتحدة".

ألمانيا تقيّد لمّ شمل عائلات اللاجئين لفترة عامين
ألمانيا تقيّد لمّ شمل عائلات اللاجئين لفترة عامين

الجزيرة

timeمنذ 14 ساعات

  • الجزيرة

ألمانيا تقيّد لمّ شمل عائلات اللاجئين لفترة عامين

صادق البرلمان الألماني (بوندستاغ) اليوم الجمعة على مشروع قانون ينص على التعليق -لمدة عامين- عمليات لمّ شمل أسر اللاجئين الحاصلين على الحماية الفرعية، وهو إجراء تبنته حكومة فريدريش ميرتس بهدف الحد من الهجرة. وقال وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت "تظل ألمانيا دولة منفتحة على العالم. لكن قدرة أنظمتنا الاجتماعية لها حدود، وكذلك قدرة أنظمتنا التعليمية. كما أن قدرة سوق العقارات لدينا لها حدود أيضا". وأضاف دوبريندت أن "الهجرة إلى ألمانيا يجب أن تكون لها حدود أيضا". وتمت الموافقة على النص بغالبية كبيرة، حيث صوت لصالحه 444 نائبا مقابل 135 نائبا ضده. وكان اليمين المتطرف قد أعلن مسبقا أنه سيصوت لصالحه. ويعلق النص -لفترة عامين على الأقل- عمليات لمّ شمل الأسر التي تقتصر حاليا على ألف شخص شهريا، وذلك بالنسبة للاجئين الذين حصلوا فقط على الحماية الفرعية، أي أنه مسموح لهم بالبقاء لأنهم مهددون بالتعرض للتعذيب أو الإعدام في بلدانهم الأصلية. مليون لاجئ واستضافت ألمانيا أكثر من مليون لاجئ -معظمهم من السوريين والأفغان- خلال أزمة الهجرة الكبرى عامي 2015 و2016، ثم استضافت أكثر من مليون أوكراني وصلوا بعد اندلاع الحرب مع روسيا أواخر فبراير/شباط 2022. وقالت وفاء محمد، وهي طبيبة أسنان سورية تبلغ 42 عاما، خلال مظاهرة أمس الخميس أمام البوندستاغ شارك فيها نحو 200 شخص إنه "من الصعب فصل العائلات، أطفالنا هم كل حياتنا". وكانت ألمانيا قد علقت عمليات لمّ شمل الأسر عام 2016 في خضم تدفق اللاجئين وافتقارها إلى مرافق الاستقبال، وخصوصا في البلديات. وقد جعل مستشار البلاد الحدَ من الهجرة أولوية أساسية لحكومته، ودافع عن صد طالبي اللجوء المثير للجدل على الحدود. وشهدت حملة الانتخابات -التي جرت في 23 فبراير/شباط الماضي- هجمات دامية عدة نفذها أجانب، مما عزز صعود حزب "بديل لألمانيا" اليميني المتطرف الذي حل ثانيا في نتائج الاقتراع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store