
"حنتوس" علوَّ في الحياة وفي الممات
أراد الإرهابيون الحوثيون إنهاء سيرة رجلٍ أبى أن يهادنهم فإذا الأقدار تكتب له بداية جديدة ، فيها استراح جسده من عناء الدنيا ومتاعبها ، لكن دمه تحول إلى لعنةٍ على قاتليه ففضحهم وعرَّاهم ، وبدت حقائق كثيرة ماكانت لتظهر للبعض لولا استشهاده ، وخاصّة أنه أقام على القتلة الحُجّة قبل أن يقرر المواجهة ، وكان ذلك درساً ليس هيناً ، ولأنه عاش حياته يعلم الناس الخير حرص أن يصل درسه هذا للجميع فسجل مكالمته الأخيرة معهم ، وأخبر قاتليه أنها مسجلة ، وكانت مرافعته الأخيرة الفاضحة ، وحين أدرك بغيتهم تلا وصيته على الجميع ، ثم واجه القتلة وهو مدرك أي طريق يسلك ، ولاي غاية سيذهب .
أي عظمة صنعها هذا الرجل في لحظات استشهاده وهو يواجهة أقذر عصابة في تاريخنا الحديث ، وأي علو صنعه وهو يصر على أن يجعل شهادته درساً لنا بعد رحيله ، وكما عاش معلماً يصنع التغيير في الأجيال رحل وهو ينفذ نفس المهمة ، وألقى درسه الاخير الذي ضجت له الأرجاء ووصل صداه إلى أبعد مدى ، وعلا حياً وميتاً ، ومن عجائب رحيله أنه كشف الزيف الذي يتمنطق به من يحاولون تبرير جرائم هذه الجماعة الإرهابية أو يتماهون معها سواء كانوا أفراداً أو هيئات ، وعرّاهم أمامنا كما لم يفعل غيره من قبل ، فرأيناهم على حقيقتهم الزائفة يتهربون من تسمية القتلة وكأنه حادث عابر! ، ولا يحمّلون هذه الجماعة المارقة مسؤلية أفعالها التي لا يقرّها نقلٌ ولا عقل .
اختار "حنتوس" طريق الشجعان ، وألقى درسه الأخير ليظل منارة يهتدي به الأحرار وهم يواجهون مشاريع الاستعباد ، ويصنعون دروباً مضيئة للحياة بحرية وعدالة ومساواة ، متمثلين قول الشاعر العربي :
غير أنَّ الفتى يُلاقي المنايا
دمتم سالمين .
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 7 ساعات
- اليمن الآن
عملية إنقاذ إماراتية عاجلة تنقذ 22 بحارًا بعد هجوم حوثي على سفينة بريطانية
أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية، يوم الاثنين 7 يوليو/تموز، عن نجاح عملية إنقاذ طارئة نفذتها إحدى سفنها لطاقم سفينة تجارية بريطانية تعرضت لهجوم في البحر الأحمر. وأفادت الجماعة الحوثية سابقًا بأنها سمحت لأفراد الطاقم بمغادرة السفينة 'ماجيك سيز' التي كانت متجهة نحو الموانئ الإسرائيلية، وذلك قبل أن تتعرض للاستهداف. وبحسب بيان صادر عن الخارجية الإماراتية، فإن سفينة 'سَفِين بريزم' التابعة لمجموعة موانئ أبوظبي، استجابت فورًا لنداء الاستغاثة الذي أطلقته السفينة البريطانية بعد تعرضها لأضرار بالغة، مما اضطر الطاقم إلى تركها وسط ظروف بحرية خطيرة. زوجة الشيخ حنتوس تصل تعز للعلاج بعد تعرضها لإصابة خطيرة في هجوم حوثي أزمة مياه خانقة تضرب تعز.. مواطنون يتنقلون بين الأحياء بحثًا عن قطرة ماء انفجارات تهز ميناء الحديدة بعد تحذير إسرائيلي عاجل ونُفذت العملية بالتنسيق مع الجهات البحرية المعنية، بما في ذلك هيئة النقل البحري البريطانية والمنظمات الدولية، وتمكنت من إنقاذ جميع أفراد الطاقم البالغ عددهم 22 بحارًا. وأكد البيان أن الاستجابة تمت وفق أعلى معايير الأمان، مما يعكس التزام الإمارات بدعم أمن الملاحة البحرية وتعزيز التعاون الإنساني في مواجهة التحديات التي تواجه الممرات المائية الحيوية. يذكر أن جماعة الحوثي قامت، يوم الأحد 6 يوليو/تموز، باستهداف السفينة 'ماجيك سيز' باستخدام زوارق مسيرة وصواريخ باليستية وطائرات دون طيار، مما أدى إلى غرقها بالكامل في غضون 24 ساعة. ويشكل هذا الحادث الأول الذي تعلن عنه هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية منذ شهر أبريل/نيسان الماضي، في إطار جهودها لمراقبة التهديدات التي تواجه السفن التجارية.


الصحوة
منذ 8 ساعات
- الصحوة
من الرصاصة إلى القبر: هكذا استكملت مليشيا الحوثي جريمة اغتيال الشيخ حنتوس
لم يكن منع تشييع جثمان الشهيد الشيخ صالح حنتوس سوى تعبير عن خوف عميق يسكن مليشيات الحوثي من أن يتحوّل الوداع إلى احتجاج، وأن يصير الجثمان بيانا شعبيا يُحرج القاتل ويفضح الجريمة. لقد اختارت المليشيات دفنه كما اختارت قتله: في الظلام، وبعيدا عن أعين الناس، لأن صوته بقي مزعجا حتى وهو صامت، ولأن حضوره كان أكبر من جغرافيا قريته. ما جرى لم يكن قرارا أمنيا فحسب، بل فعلا سياسيا وامتدادا طبيعيا للجريمة ونهجا معروفا، هدفه إغلاق الملف قبل أن تتصاعد تبعاته، غير أن الرياح لم تأتِ بما اشتهته المليشيات الحوثية، فقضية الشيخ تجاوزت حدود ريمة واليمن، وفتحت صفحة جديدة في ذاكرة الناس، محفورة بالألم والكرامة. لم يكن الشيخ صالح حنتوس مجرد شيخ دين، ولا مجرد معلّم قرآن، مثّل طيلة حياته رمزا للبساطة والزهد والتعليم، رجلا سبعينيا كرّس أيامه لتحفيظ القرآن، وغرس قيم المساواة، والتضامن مع فلسطين، ورفض الخضوع لأي خطاب تعبوي يربط الدين بالحرب والطائفية. وحين رفض أن يربط مسجده بالمشروع الحوثي، تحوّل في أعين الجماعة إلى تهديد، لا لأنه يحمل سلاحا، بل لأنه يعلّم الأطفال أن الناس سواسية، وأن "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، هي الحقيقة التي تهدم سرديتهم من جذورها. لذلك، لم تكن تصفيته إلا محاولة لقتل الرمز، وإسكات الوعي، ودفن الصوت الذي لا يخضع، لقد دفنوا جسده، لكنهم حاولوا دفن تاريخه، وموقفه، ودوره وهو ما فشلوا فيه. منهج متكرر: استهداف الرموز الدينية منذ سنوات، تسير مليشيات الحوثي على طريق ممنهج لاستئصال مظاهر التدين المستقل عنها؛ أغلقت مراكز تحفيظ القرآن، وضيّقت على المساجد، واستهدفت العلماء والدعاة الذين لا يسبّحون باسمها، واستبدلتهم بوجوه مؤدلجة، تُقدّم الدين كوسيلة للولاء لا لله، بل للجماعة. جريمة قتل الشيخ حنتوس ودفنه سرا ليست استثناءً، بل واحدة من سلسلة طويلة، موثّقة في تقارير أممية وحقوقية، سلسلة تقول إن الجماعة تريد أن تُصادر الدين من المجتمع، ليكون أداة في مشروعها العقائدي والسياسي. هذا النمط ليس جديدا، بل له جذوره في التاريخ، ففي مشهد بالغ الرمزية والتماثل التاريخي، يربط الكاتب والباحث سعيد ثابت سعيد بين استشهاد الشيخ صالح حنتوس، وما وثّقه المؤرخ الزيدي زين الدين الزبيدي قبل أكثر من ستة قرون. ففي عام 793هـ، وثّق الزبيدي اغتيال الإمام محمد بن علي الهدوي للشيخ أحمد بن زيد الشاوري، الفقيه الشافعي في تهامة، لمجرد أنه دعا إلى السنة. يقول ثابت في مقال له:"ما فعله الإمام الهدوي في تهامة قبل ستة قرون فعله الحوثيون في ريمة في القرن الواحد والعشرين... أدوات القتل تغيرت، والمنهج لم يتغير". هذه المقارنة التاريخية لا تستدعي مجرد الحزن، بل تستنفر الضمير الوطني والديني، وتُحيلنا إلى فهم أعمق: أن استهداف الرموز الدينية ليس طارئا، بل ركن أصيل في المشروع السلالي القائم على إقصاء كل من لا يخضع لهويته العنصرية. لماذا يخاف الحوثيون من معلم القرآن؟ هذا السؤال الجوهري الذي يطرحه سعيد ثابت لا يحتاج إلى كثير من التأويل، فالإجابة تتكرر في كل مشهد اغتيال أو اعتقال أو تغييب لمعلمي القرآن المستقلين. يعود الكاتب ليجيب على سؤاله:"الجماعات السلالية لا تطيق معلم القرآن إذا لم يكن تابعا لها، ويشرعن رؤيتها العنصرية بتحريف النصوص واعتسافها.. تخشاه أكثر مما تخشى السلاح. تخشى من يعلّم الأطفال أن الناس متساوون، لأنه ببساطة يهدم سرديتهم الزائفة من أساسها.. تخشى من يرسّخ في أذهانهم آية: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم", فينسف الامتياز السلالي الذي بنيت عليه عقيدتهم السياسية.. لذلك يستهدفون هذا النوع من الشيوخ ليس لأنهم يشكلون خطرا مباشرا، وإنما لأنهم يزرعون الحصانة ضد الاستعباد". القرآن ينسف فكرة الامتياز، ويقوّض أساس المشروع السلالي من جذوره، ولهذا يُصبح الشيخ حنتوس، بنظرهم، أكثر خطورة من بندقية في المتراس. لقد ظنت المليشيات أنها بقتلها للشيخ ودفنه سراً ستُغلق القصة، لكنها في الحقيقة فتحت صفحة جديدة من المواجهة مع الذاكرة الجماعية والوعي الشعبي. وفي هذا السياق، يقول سعيد ثابت: "استشهاد الشيخ صالح حنتوس يحرّر الحقيقة من الصمت، ويدفعها لتقف في وجه قاتليه... الأطفال الذين تربوا في مجلسه سيحملون صوته إلى غيرهم". وهذا هو التهديد الحقيقي لهم: صوت الشيخ باقٍ في عقول تلاميذه، وفي دموع زوجته المصابة، وفي صمت البيوت التي فقدت سندها، وفي كل طفل سيتساءل: لماذا قتلوه؟ هنا يُصبح صوت الشيخ أعلى مما كان في حياته، لأن ما يجري لم يعد مجرد قتل فرد، بل استكمال جريمة بحق قيم ومؤسسات المجتمع، وتحويل المسجد إلى منبر سياسي، وتفريغ القرآن من جوهره لصالح مشروع سلالي ضيق. ريمة اليوم تكتب صفحة من ملحمة اليمن الطويلة ضد الاستعباد السلالي، وضد التجهيل المنهجي، وما لم يُقال في الجنازة، يجب أن يُقال في المقال، وفي الضمير، وفي ذاكرة الأجيال.


المشهد اليمني الأول
منذ 10 ساعات
- المشهد اليمني الأول
الورقة الأمنية.. وجه آخر للعدوان الصهيو-أميركي على اليمن
فتنة 'حنتوس' الأخيرة في محافظة ريمة تمثل نموذجًا على مدى التلاعب بورقة الأمن ضد أي بلد ينتهج سياسات مناهضة للهيمنة الأمريكية. واليمن اليوم يلعب دورًا بارزًا في رفض الهيمنة الأمريكية، ومن الطبيعي أن تُسلَّط عليه أدواتها وعملاؤها؛ فواشنطن تملك تاريخًا طويلًا في ضرب الأمن وزرع الفتن، بوصفها أحد أهم أدوات النفوذ، سواء الناعم أو الخشن، في مواجهة الدول التي تخرج عن طوعها. ويكفي أن نعلم أن المدعو حنتوس يتبنّى المذهب السلفي المتطرف، الذي أثبت انحيازه للصهاينة في كل مواقفهم، ويرى منظّروه أن اليهودية أقرب إليهم من الإسلام. ويظهر ذلك من خلال إيمانهم بقتل وإبادة كل المسلمين، والعمل على تمزيق الأمة بالفتن الطائفية، كما نرى حاليًّا في سورية، وكل ذلك بإشراف واشنطن والكيان الصهيوني، إضافة إلى الممالك الخليجية التي تتحمّل مسؤولية تأسيس الجماعات السلفية وتمويلها. وكما هو معروف، فإن النظام السعودي لا يؤمن بخيارات الأمة الإسلامية في مواجهة العدو الصهيوني، ولطالما وقف حجر عثرة في وجه أي مشروع ديني أو غير ديني يهدف إلى تحرير الأراضي العربية المحتلة، سواء في فلسطين أو غيرها. وليس تمويله للجماعات السلفية في اليمن لضرب الوحدة الوطنية بجديد على تاريخه التآمري على الأمة لصالح المحتل الصهيو-أمريكي. يضاف إلى ذلك أن النظام السعودي يكنّ عداءً خاصًّا لليمن منذ تأسيسه، ويرى في وحدة اليمن واستقلاله وقوته خطرًا وجوديًّا عليه، واليوم تتقاطع مصالحه مع مصالح الصهيونية العالمية في كثير من المواقف، آخرها تصفية القضية الفلسطينية تحت عنوان 'صفقة القرن'. ومن يتاجر بفلسطين، فلن يبخل على اليمن بمثلها من المؤامرات. والغريب أن كل التنظيمات الموالية للعدوان السعودي-الإماراتي دعمت الفتنة السلفية في ريمة، رغم أن الكثير من تلك التنظيمات يبدي مقتَه للتطرف السلفي في العلن، مما يؤكد أن إجماعها لا يكون إلا بتوجيهات غربية ملزمة، كما حدث عشية تأييدها للعدوان على الوطن في مارس 2015، حين توحد اليساري الملحد مع الإخواني المتأسلم إلى جانب السلفي المتطرف في مشروع واحد يخدم الصهيونية العالمية. ولو تُركت تلك التنظيمات على حالها، لما توحدت ولا أجمعت على موقف أبدًا، لكنّ غريزة العمالة مقابل المال، وحب الخيانة، طغت على حقيقة انتماءاتهم المزعومة. فقد تحالف الاشتراكي مع من كفّروه في حرب 94، ووضع الناصري يده في يد قتلة الشهيد إبراهيم الحمدي، وخنع 'العفاشي' مجددًا لمن أحرقوا 'عفاش' وشرّدوه عام 2011. ولا جامع مشترك بينهم سوى المال السعودي والعمالة للمشاريع الأمريكية. وقد اتضحت الرؤية أكثر بعد 'طوفان الأقصى'، حين أجمع أولئك على ما دعتهم إليه السفارة الأمريكية من تحريم نصرة الشعب الفلسطيني، حتى بالمظاهرات والتضامن الشعبي. ولن يتحرك مثل هؤلاء إلا في مشاريع تآمرية مناهضة للأمة الإسلامية وقضاياها القومية. والتعامل معهم لا يكون بالتسامح مع دعواتهم الفتنوية، بل بفضح مؤامراتهم وكشف حقيقتهم للأمة، وعدم التساهل مع مخططاتهم التدميرية. فالتركيز اليوم يجب أن يكون على الملف الأمني، والحرب على اليمن أخلاقية بامتياز، وهي تتطلب من جميع الخونة التخلي عن أي معايير أخلاقية لضرب وحدة اليمن والتشويش على مواقفه المشرّفة تجاه القضايا القومية، وعلى رأسها ما يحدث في فلسطين. والحق واضح للجميع، ومن يُعرض عنه فإنما يفعل ذلك لأن له مصلحة في تلك المعارضة، كما هو حال أغلب المنافقين على اختلاف تسمياتهم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد محسن الجوهري