logo
نواب مصريون يهاجمون الحكومة خلال مناقشة قانون «الإيجار القديم»

نواب مصريون يهاجمون الحكومة خلال مناقشة قانون «الإيجار القديم»

القدس العربي ٠١-٠٧-٢٠٢٥
القاهرة ـ «القدس العربي» : لم تشهد جلسة لمجلس النواب المصري الحالي هجوما على الحكومة كما شهدت جلسات مناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة، والمعروف إعلاميا بـ« قانون الإيجار القديم»، إذ طالب نواب معارضون، أمس الثلاثاء، بإسقاطها واتهموها بالفشل.
وكان رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي قد اضطر لرفع الجلسة الإثنين، دون اتخاذ قرار من المشروع بسبب الانتقادات الحادة التي طالته.
وحسب مصادر برلمانية، كان من المقرر أن تتم الموافقة على مشروع القانون في جلسة الإثنين قبل أن يتحجج رئيس مجلس النواب بطلب إحصائية جديدة عن عدد المستأجرين والوحدات المؤجرة قبل التصويت على مشروع القانون.
وكانت آخر إحصائية قدمت للمجلس صدرت عن الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء، تتحدث عن أن العدد الإجمالي 3 ملايين و19 ألف وحدة سكنية تشمل السكن وغير السكن، ومصنفة حسب المناطق الحضرية والريفية.
وبلغ إجمالي عدد وحدات الإيجار القديم في المناطق الحضرية 2 مليون و792 ألفا و224 وحدة سكنية، بينما وصل العدد في الريف إلى 227.438 وحدة، ليصل الإجمالي بين الريف والحضر إلى 3.019.662 وحدة
حكومة إن شاء الله
وعقدت الجلسة مجدداً أمس الثلاثاء، حيث قال النائب نبيل عسكر، أمين محافظة الشرقية في حزب العدل، إن الحكومة تسوف أي طلبات يطلبها النواب أو الشعب منهم، مستطردا: «كل ما نقول لهم على أي شيء يقولوا إن شاء الله، فإن شاء الله يريحوا الشعب ويرحلوا».
وأضاف عسكر في كلمته خلال الجلسة العامة لمجلس النواب أمس: «أنا لا أثق في الحكومة التي فشلت في قانون التصالح وغيره من القوانين».
واتهم الحكومة بالعمل ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقال: «لا يمكن طرد الناس من وحداتها»، مؤكدا رفضه مشروع القانون من حيث المبدأ.
في حين وجهت النائبة أميرة أبو شقة، رسالة أخيرة إلى الحكومة، قبيل استكمال مناقشات المجلس لمشروع قانون الإيجار القديم.
حكومة فاشلة
وبينت أبو شقة في بيان، أن الحكومة أثبتت فشلها مجددا في أن تكون على مستوى الآمال والطموحات، خصوصاً أنها تقوم بين الحين والآخر بإشعال الأزمات، وقد مثل ذلك في طرحها لمشروع قانون الإيجارات، ولم تدرك الأبعاد الاجتماعية التي ستترتب على تطبيقه، على المالك والمستأجر، دون وجود ضمانات حقيقية تكفل العدالة لطرفي العلاقة.
وقالت في رسالتها للحكومة: أخفقتم في العديد من الملفات كالتعليم والصحة والسياحة والتأمينات والمعاشات أو السيطرة على الغلاء، وحتى القوانين الاستثنائية، كالتصالح في مخالفات البناء، ونجحتم في أن تُحدثوا شرخا في علاقة أوصى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالإحسان وعدم إلحاق الأذى بالناس.
أحدهم طالب برحيلها واتهمها بالعمل ضد السيسي
وأضافت: أعتقد أن عليكم الآن رأب هذا الصدع والتراشق بين أبناء الوطن الواحد وأن تطفئوا النار التي أوقدتموها، وأن ترصدوا بشكل حقيقي وموضوعي أبعاد الأزمة، ولذلك عليكم بحماية المالك، من خلال إرجاع حقوقه، في ظل علاقة غير أبدية، والتركيز على المساكن المغلقة، وكذلك حماية المستأجر، حتى لا يقع عليه أي ضرر، وإحداث خلخلة في المجتمع، وتوفير وحدات سكنية آدمية للمتضررين.
وأعلنت رفضها لمشروع الحكومة الخاص بقانون الإيجارات القديمة، موضحة أن محتواه «يحمل ثغرات قانونية واضحة» ويخالف أحكام المحكمة الدستورية العليا.
وطالبت بإلغاء المادة 2 والفقرة الثانية من المادة 7، التي تتعارض مع أحكام المحكمة الدستورية العليا، الصادرة في 3 نوفمبر 2002 و15 نوفمبر 1997، التي تنص على تحديد فترة انتقالية مدتها 7 سنوات قبل إخلاء الوحدات السكنية.
وشددت على ضرورة أن تقوم الحكومة خلال الفترة المقبلة بعمل إحصاء دقيق وحصر شامل للوحدات السكنية أو المنازل الآيلة للسقوط أو بالأراضي التي حصلت عليها الحكومة، أو تلك التي تستطيع الحصول عليها، في سبيل حل الأزمة.
واختتمت رسالتها إلى الحكومة، بالتأكيد على ضرورة أن تسعى الحكومة لترسيخ قاعدة «الأمان» للشعب، وترك العلاقة بين المالك والمستأجر لقوة المحكمة الدستورية العليا.
في السياق ذاته، قال الإعلامي وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، إن الخيار الوحيد هو تراجع الحكومة عن مشروع قانون الإيجار القديم، مضيفا: «والكرة في ملعب مجلس النواب».
وأضاف في تدوينة له عبر صفحته على «فيسبوك»: «خيارنا الوحيد وأملنا هو أن تراجع الحكومة مشروع قانون الإيجار بما يؤكد على حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر عام 2002».
وتابع: «تنفيذ حكم الدستورية في قانون الإيجار القديم هو الوحيد الذي يعصم القانون المقدم من البطلان».
وتساءل: «فهل تستجيب الحكومة؟ الكرة في ملعب مجلس النواب، صاحب الحق الأصيل في التشريع، بما لا يخالف أحكام الدستورية».
إلى ذلك، أكد النائب أحمد العوضي، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي والنائب الأول لحزب «حماة الوطن»، حرص الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على تحقيق العدالة الاجتماعية خاصة للفئات الأكثر احتياجاً.
وطالب بمد الفترة الانتقالية لإنهاء عقود الإيجار القديم من 7 سنوات إلى 10 سنوات، مع ضرورة وضع خطة تنفيذية واضحة تضمن توفير بدائل سكنية لكل المستأجرين المشمولين بالقانون، لضمان حقوق جميع الأطراف وتحقيق الاستقرار الاجتماعي.
إحصائيات غير دقيقة
كذلك قالت النائبة إيمان العجوز، عضو مجلس النواب، إن مشروع القانون الذي قدمته الحكومة لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر مبني على إحصائيات غير دقيقة، مما يهدد بإخراج نتائج مشوهة وغير دقيقة عند تطبيقه.
وأضافت أن سجل الحكومة في تنفيذ القوانين غير مطمئن، مستشهدة بقانون التصالح في مخالفات البناء كمثال على ذلك.
وقدمت النائبة مجموعة من التوصيات المهمة لضمان نجاح التشريع، منها ضرورة إجراء إحصاء دقيق وموثق لعدد الوحدات الإيجارية وتصنيفها لتوفير رؤية واضحة قبل إصدار القانون. كما دعت إلى تضمين مشروع القانون خطة تنفيذية محددة بجدول زمني يوضح مراحل التطبيق، مع وضع آليات خاصة لدعم الفئات غير القادرة على السداد.
وشددت على أهمية التزام الحكومة بتوفير بدائل سكنية مناسبة للمستأجرين المتضررين، إلى جانب تشكيل لجنة مركزية تضم ممثلين من البرلمان والمجتمع المدني وخبراء الإسكان لمتابعة تنفيذ القانون. كما طالبت بإعادة النظر في آلية مضاعفة الإيجار لتكون متدرجة وتعكس القدرة الفعلية للمستأجرين على السداد، وربط الزيادات بمعدلات التضخم لضمان العدالة الاجتماعية.
وأكد عدد من أعضاء مجلس النواب عدم تقديم الحكومة البيانات والإحصائيات المطلوبة بشأن المستأجرين، حتى الآن، التي الزم رئيس المجلس الحكومة بتقديمها قبل الجلسة العامة أمس.
أما النائب ضياء الدين داود فقال إنه لم يتلق أي بيانات أو إحصائيات من الحكومة بشأن تعداد المستأجرين وبياناتهم، التي تعهد وزير الشؤون النيابية والقانونية، المستشار محمود فوزي التقدم بها.
الأمر نفسه أكده النائب عاطف المغاوري، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، موضحًا في تصريحات صحافية عدم تلقيه أي بيانات من الحكومة.
وكان رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي، طالب بتقديم عدد من البيانات الخاصة بالإيجار القديم وخطط البدائل التي تتعهد بها الحكومة للمتسأجرين المضارين من تحرير العلاقة الإيجارية.
كما وجه بتقديم بيان بعدد الأراضي المتوقع توفيرها لإقامة الأماكن اللازمة لتوفير الوحدات البديلة وأماكنها وعلى الأخص في المحافظات التي ليس لها بديل صحراوي. وقال «أدعو الوزير (الشؤون النيابية) التواصل مع رؤساء الهيئات البرلمانية والمستقلين وإطلاعهم على البيانات ليكون التصويت مبنيًا على أسس واضحة.
ويلزم مشروع القانون المستأجر بإخلاء المكان المؤجر ورده إلى المالك بانتهاء الفترة الانتقالية، مع النص صراحة على إلغاء كافة قوانين الإيجار القديم بعد انتهاء هذه الفترة الانتقالية.
كما نص على إنهاء عقود الإيجار القديم وتحرير العلاقة الإيجارية بحيث تصبح جميع عقود الإيجار خاضعة لأحكام القانون المدني وفقا لإرادة الطرفين، بعد انتهاء الفترة الانتقالية المحددة بالقانون.
وتضمن كذلك زيادة القيمة الإيجارية القانونية للأماكن المؤجرة لغرض السكن في المناطق المتميزة بواقع 20 مثلا للقيمة الإيجارية القانونية السارية وبحد أدنى بمبلغ مقداره 1000 جنيه، وبواقع 10 أمثال القيمة الإيجارية السارية للوحدات الكائنة في المنطقتين المتوسطة والاقتصادية وبحد أدنى مقداره 400 جنيه في المناطق المتوسطة، و250 جنيها للوحدات الكائنة في المناطق الاقتصادية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أبو عبيدة: نفاجئ العدو بتكتيكات وأساليب جديدة
أبو عبيدة: نفاجئ العدو بتكتيكات وأساليب جديدة

العربي الجديد

timeمنذ 18 دقائق

  • العربي الجديد

أبو عبيدة: نفاجئ العدو بتكتيكات وأساليب جديدة

قال الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة في كلمة مصورة اليوم الجمعة إن المقاومة التي تخوضها الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة هي "أعظم مدرسة عسكرية لمقاومة شعب في مواجهة محتليه في التاريخ المعاصر"، مشيراً إلى أن المقاومة أوقعت خلال الأشهر الأخيرة المئات من جنود الاحتلال الإسرائيلي بين قتيل وجريح، والآلاف من المصابين بالأمراض النفسية والصدمات. وأضاف أن "أعداد جنود العدو المنتحرين تتزايد لهول ما يمارسون من أفعال قذرة دموية، ولعِظَم ما يواجهون من مقاومة". وتابع أبو عبيدة: "يفاجئ مجاهدونا العدو بتكتيكات وأساليب جديدة ومتنوعة، بعد استخلاصهم للعِبَر من أطول حرب ومواجهة في تاريخ شعبنا، فنفذ مجاهدونا عمليات نوعية بطولية فريدة، ولا يزالون يستهدفون الآليات بالقذائف والعبوات، ويلتحمون مباشرة مع هذا العدو، ويقنصون جنوده وضباطه، ويفجرون المباني وفتحات الأنفاق والكمائن المركبة، ويغيرون على قوات العدو". وقال أبو عبيدة إن "4 أشهرٍ مضت منذ أن استأنف العدوُّ الصهيوني عدوانه الهمجيَّ النازيَّ ضدَّ شعبنا وأهلنا في قطاع غزة، بعد أن غدر ونقض العهود، وانقلب على الاتفاق المبرم مع المقاومة في يناير (كانون الثاني) من هذا العام، وبعد أن كذب على الوسطاء وعلى العالم، وعاد ليبحث عن نصره المزعوم، وليكمل ساديته ضدَّ المدنيين والأطفال، وليمارس هواية عصاباته في التدمير الممنهج للأحياء والمدن والتجمعات السكنية المدنية". وذكر الناطق العسكري باسم كتائب القسام أن الاحتلال الإسرائيلي كان "قد أعلن في هذه الأشهر الأخيرة عن عملية سماها عربات جدعون ، محاولًا إسقاط خرافات توراتية يُضفي بها قداسة مزيفة على معركته العنصرية النازية"، مضيفاً "واجهنا عملية عربات جدعون ولا نزال، بقوة الله، بسلسلة عمليات حجارة داوود". وشدد أبو عبيدة "يخوض مجاهدونا، وجنبًا إلى جنب مع المجاهدين والمقاومين من إخواننا في فصائل المقاومة، وخاصة إخواننا في سرايا القدس، مواجهة غير متكافئة، بإيمان منقطع النظير وبأس شديد وعزيمة لا تلين". تقارير عربية التحديثات الحية غزة بين "عربات جدعون" وشروط نتنياهو وكشف أن عناصر المقاومة حاولوا في الأسابيع الأخيرة "تنفيذ عدة عمليات أسر للجنود الصهاينة، كاد بعضها أن ينجح لولا إرادة الله أولًا، ثم بسبب استخدام العدو لأسلوب القتل الجماعي لجنوده المشكوك في تعرضهم لمحاولات أسر"، مشيراً إلى أن تلك العمليات انتشرت "من أقصى شمال وشرق بيت حانون وجباليا شمال القطاع، مرورًا بحي التفاح والشجاعية والزيتون في (مدينة) غزة، وصولًا إلى خانيونس ورفح، لتصبح مقاومة غزة أعظم مدرسة عسكرية لمقاومة شعب في مواجهة محتليه في التاريخ المعاصر". وتابع "بعد مرور 21 شهرًا من معركة طوفان الأقصى والحرب الصهيونية النازية على شعبنا، نؤكد أن مجاهدينا وإخوتنا في فصائل المقاومة على جهوزية تامة لمواصلة معركة استنزاف طويلة ضد قوات الاحتلال، مهما كان شكل عدوانه وخططه العدوانية"، مشدداً "فقتالنا هو أمر مبدئي وحق لا جدال فيه، وواجب ديني ووطني مقدس، ولا خيار لنا سوى القتال بكل قوة وإصرار وبأس شديد، بعون الله وتأييده. سنقاتل بحجارة الأرض وبما نمتلكه من إرادة ورجال مؤمنين يصنعون بالقليل من السلاح المعجزات المبهرة بفضل الله". وكشف أبو عبيدة أن "استراتيجية وقرار قيادة القسام في هذه المرحلة هو تأكيد إيقاع مَقتَلة في جنود العدو، وتنفيذ عمليات نوعية مركزة من مسافة الصفر، والسعي لتنفيذ عمليات أسر لجنود صهاينة"، مشدداً على أنه إذا اختارت حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو "استمرار حرب الإبادة، فإنها تقرر في ذات الوقت استمرار استقبال جنائز الجنود والضباط". وبخصوص المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، قال أبو عبيدة: "إننا ندعم بكل قوة موقف الوفد التفاوضي للمقاومة الفلسطينية في المفاوضات غير المباشرة مع العدو، وإننا عرضنا مرارًا خلال الأشهر الأخيرة عقد صفقة شاملة نسلّم فيها كل أسرى العدو دفعة واحدة، لكن مجرم الحرب نتنياهو ووزراءه من الحركة النازية رفضوا هذا العرض". وأضاف "تبيّن لنا أن حكومة المجرم نتنياهو ليست معنية بالأسرى كونهم من الجنود، وأن ملفهم ليس أولوية، وأنهم هيّؤوا الجمهور في الكيان لتقبّل فكرة مقتلهم جميعًا، لكننا تمسكنا بالحفاظ عليهم بقدر المستطاع حتى الآن". وتابع أبو عبيدة "نُرَاقِب عن كثب ما يجري من مفاوضات، ونعمل على أن تُسفِر عن اتفاق وصفقة تضمن وقف الحرب على شعبنا، وانسحاب قوات الاحتلال، وإغاثة أهلنا. ولكن إذا تعنّت العدو وتنصّل من هذه الجولة كما فعل في كل مرة، فإننا لا نضمن العودة مجددًا بصيغة الصفقات الجزئية، ولا لمقترح الأسرى العشرة". رصد التحديثات الحية "أكسيوس": الوسطاء يقدمون مقترحاً محدثاً لإبرام هدنة في غزة من جهة أخرى، قال أبو عبيدة إن "أكذوبة معاداة السامية التي يقتات عليها أعداؤنا منذ عقود ستكون مهزلة وفضيحة. فليس ذنب شعبنا أن يدفع ثمن العقد النفسية للصهيونية المجرمة، بل على الصهاينة أن يعلموا أن سبب عداوة الأمم وكرهها الفطري لهم هو أفعالهم وجرائمهم بحق الإنسانية"، محذراً من توظيف مرتزقة وعملاء للاحتلال، داعياً هؤلاء إلى "الرجوع إلى أحضان شعبهم قبل فوات الأوان، حين لا ينفع الندم، وإلا فستكون نهايتهم مأساوية وعبرة لكل خائن وجبان".

رئيس حزب مصري يثير جدلاً واسعاً بزعمه ورود اسم حزبه في القرآن- (فيديو)
رئيس حزب مصري يثير جدلاً واسعاً بزعمه ورود اسم حزبه في القرآن- (فيديو)

القدس العربي

timeمنذ 11 ساعات

  • القدس العربي

رئيس حزب مصري يثير جدلاً واسعاً بزعمه ورود اسم حزبه في القرآن- (فيديو)

لندن- 'القدس العربي': أثار عبد السند يمامة، رئيس حزب 'الوفد' المصري، جدلاً كبيراً وتفاعلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، بعد تصريحات تلفزيونية أشار فيها إلى ورود اسم حزبه في القرآن الكريم. وخلال ظهوره على قناة 'صدى البلد'، مساء الخميس، قال يمامة إنه أثناء قراءته للقرآن الكريم صادف آية في سورة مريم تقول: 'ويوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا'، معلقاً بابتسامة: 'فالوفد في القرآن كما أهو'. هذا التصريح قوبل بموجة انتقادات وسخرية من قبل مستخدمين على وسائل التواصل، حيث اعتبره كثيرون إساءة أو استغلالاً للخطاب الديني في سياق سياسي. مساوئ الطغاة : حول ما ورد فى لقاء عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد مع مصطفى بكرى كاتب السلطة •*• استهزاءٌ بكلام الله وتحريفٌ همجيٌّ وقحٌ في اللفظ والمعنى •*• — عبدالله ضيف (@111111_abdallah) July 18, 2025 الداعية المصري محمد أبو بكر وصف كلام رئيس الوفد بأنه 'استهزاء بالقرآن'، مضيفاً: 'إن كان يقصد كلامه فالمصيبة عظيمة، وإن لم يقصد فالمصيبة أعظم'. واعتبر أن توظيف النصوص الدينية لخدمة أغراض سياسية أو شخصية أمر 'غير جائز شرعاً'. وأضاف أبو بكر مستشهداً بالآية الكريمة: 'ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون'، داعياً إلى التوبة والرجوع عن مثل هذا الخطاب. وعلّق أحد المتابعين قائلاً: 'عيب يا يمامة، ليس من المقبول استخدام تعبير قرآني مرتبط بالآخرة لربط اسم حزب سياسي به. هذا يعطي إيحاءً دينيًا زائفًا'. بينما كتب آخر ساخرًا: 'إذا كان هذا رئيس حزب الوفد، فكيف سيكون حال أعضائه؟' الداعية مظهر شاهين بدوره شدد على أن 'كلام الله لا يُمزح به'، مشيراً إلى أن الزج بالآيات في غير مواضعها—even بدعوى الطرافة—'أمر مرفوض وغير لائق'. (وكالات)

الشورى والديمقراطية... في الاتفاق والاختلاف في إدارة الاجتماع
الشورى والديمقراطية... في الاتفاق والاختلاف في إدارة الاجتماع

العربي الجديد

timeمنذ 15 ساعات

  • العربي الجديد

الشورى والديمقراطية... في الاتفاق والاختلاف في إدارة الاجتماع

أثارت توجّهات السلطة السورية الجديدة وأهدافها الغامضة هواجس ومخاوف سوريين كثيرين، على خلفية ميلها الصريح إلى الانفراد بالقرارات وتجاهل تحفّظات قوى سياسية واجتماعية على هذه التوجهات والقرارات، وغياب الشفافية والوضوح حول طبيعة النظام السياسي المستهدف تأسيسه خلال المرحلة الانتقالية والقواعد التي سيقوم عليها، خاصّة أنها قد تجنّبت ذكر الديمقراطية خياراً، ما دفع كثيرين للاعتقاد بأنها ستتبنى، في ضوء خلفيتها السلفية، الشورى قاعدة للنظام السياسي، مع أنها لم تعلن ذلك صراحة. فما الشورى وما الديمقراطية وهل تتفقان في شيء أم أنهما مختلفتان بالمطلق؟ الشورى بالتعريف استشارة أهل الخبرة والرأي في أمر من الأمور لاتخاذ القرار الأنسب، سواء في الأمور الشخصية أو العامّة. والشورى في الإسلام مبدأ أساسي في النظام السياسي، فقد وردت في القرآن الكريم في قوله تعالى: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" (آل عمران 159)، ووردت في صيغة ثانية في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ" (الشورى 38). وقد سميت السورة سورة الشورى لإبراز أهمية هذه الأخيرة. جاءت الشورى في الآية الأولى بصيغة أمر من الله لنبيه يطالبه فيه بمشاورة المسلمين قبل أخذ أي قرار في شؤونهم، وجاءت في الثانية باعتبارها من سمات المسلمين، أي أنها أسلوب حياة بالنسبة إليهم. والهدف من تطبيق الآية الأولى إشعار الفرد بقيمته في المجال العام وزيادة فرص اختيار الحل الصحيح باستشارة أهل الخبرة والرأي لتجنّب الوقوع في الأخطاء التي قد تحدث نتيجة لاتخاذ القرارات الفردية، كما يقود إشراك المجتمع في اتخاذ القرارات التي تخصّه إلى تعزيز مبادئ العدل والمساواة، فيتم الأخذ بآراء الجميع والتشاور معهم قبل اتخاذ القرار، ما يزيد من تماسك المجتمع ويقوّي روابطه. وتطبيق الآية الثانية يضمن الاستقرار والازدهار المستدام. حصلت الديمقراطية على قبول مجتمعات كثيرة ونالت تقديراً واسعاً لما حققته في المجتمعات التي طبقتها من إنجازات أما تعريف الديمقراطية فحكم الشعب بالشعب وللشعب، إذ يمتلك كلّ مواطن الحقّ في المشاركة في إدارة شؤون الحكم في بلاده، عبر مشاركته في اختيار من يمثله في البرلمان في انتخابات حرّة ونزيهة، ما يجعله مشاركاً بصورة غير مباشرة في اتخاذ القرارات التي يتخذها البرلمان. والنظام الديمقراطي وضعي، إبداع إنساني، نشأ في الغرب حيث تطوّر وتعزّز بالاستناد إلى مجموعة مرتكزات من سيادة القانون، تطبيق القانون على جميع المواطنين من دون استثناء، والمساواة بين الجميع أمامه، إلى احترام حقوق الإنسان وحرّياته الأساسية، مثل حرّية التعبير، وحرّية التجمّع، وحرّية الصحافة، إلى حقّ الجميع في المشاركة في العملية السياسية، سواء بشكل مباشر أو من خلال ممثليهم المنتخبين، إلى توفير المساواة وتكافؤ الفرص للجميع، بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم أو دينهم، ذلك كلّه تحت سقف الشفافية والمساءلة، إذ يجب على الحكومة أن تكون شفافة في تعاملاتها، وأن تكون مسؤولة أمام الشعب. حصلت الديمقراطية على قبول مجتمعات كثيرة، ونالت تقديراً واسعاً لما حققته في المجتمعات التي طبقتها من إنجازات، من التطوير السياسي والاجتماعي والاقتصادي إلى ضمان حقوق الإنسان والحرّيات الأساسية وتعزيز للمشاركة الشعبية في صنع القرار، ما فرض استجابة الحكومة لاحتياجات المواطنين وأسس للنمو والازدهار، ولتحقيق تنمية مستدامة وتعزيز السلم الأهلي. وعليه، يمكن أن نحدّد الاتفاق والاختلاف بين الشورى والديمقراطية عبر المقارنة. الاتفاق الأول والرئيس حقّ الأمة/ الشعب في اختيار الحاكم ومراقبته ومحاسبته، ما يعني العدل والمساواة ورفض الظلم والتمييز والاستبداد، مع فارق أن السيادة في الإسلام للشريعة، أي لله، مصدر الشريعة، والسيادة في الديمقراطية للشعب، فالشورى والديمقراطية يمكن أن تلتقيا في آليات إدارة الدولة ومصالحها، المأسّسة والانتخابات والبرلمان والفصل بين السلطات، وتختلفان في منطلق التشريع، ففي الشورى مرتبط إلى حدّ كبير بالنصّ المؤسّس، القرآن الكريم، بعلاقة ثابتة ودائمة، بينما يرتبط في الديمقراطية بنظريات سياسية واجتماعية واقتصادية طرحها مفكّرون وفلاسفة، فشكّلت فلسفة الحكم فترة محدّدة، فترة فوز حملتها في الانتخابات البرلمانية، إذ تتغيّر وفق صراع الأفكار والنظريات وتوازن القوى الاجتماعية والتدافع بين الناس حول الحقوق الفردية والجماعية، فتغيّر العقائد الأساسية والنظريات في الديمقراطية متاح ومستمر وبمرونة عالية، بينما هي في الشورى ثابتة لارتباطها بمصدر ثابت يؤطرها ويرسم تخومها؛ علماً أن التنظير الحديث للشورى دفع المفكّرين المسلمين إلى الانخراط في صراع فكري بيني حول اجتهادات الفقهاء ومدى إلزامية تقيدهم بالنصّ القرآني، من جهة، ومدى اعتبار اجتهادهم ملزماً لدى بعض المفكرين، باعتبار أنه جاء تحت سقف النصّ القرآني، في حين هي (الاجتهادات) غير ملزمة لدى مفكّرين آخرين، لأنها يجب أن لا تقيّد الحاكم في اختيار ما يراه مناسباً، لكن يمكن الاستئناس بها. مدى الشورى عند مفكّرين أوسع من الديمقراطية، فهي أسلوب حياة يشمل كلّ الأطر الاجتماعية كما يختلفان في اتساع ساحة الفعل، فيقتصر عمل الديمقراطية على الدعوة إلى نظرية في إدارة الدولة والحكومة ومؤسّساتها ومصالحها من أجل جذب الناخبين وتحقيق الفوز يوم الانتخابات البرلمانية والنقابية، أمّا الشورى فمداها (باعتبارها أسلوب حياة) أوسع، يشمل كلّ الأطر الاجتماعية: الأسرة والحي والمدرسة والعمل والحكومة، ما يجعلها أكثر استجابةً لدورة حياة المجتمع. أشار مفكّرون مسلمون إلى عامليْن آخريْن يشيران إلى تفوق الشورى على الديمقراطية، أولهما أن دور الفقهاء في المجال الإسلامي يجعل منهم سلطة رابعة، ويجعل فصل السلطات واقعاً فعلياً، في حين أن الديمقراطية، بصيغتها المتداولة، من انتخابات وحزب الأغلبية البرلمانية يشكّل الحكومة، أقامت تداخلاً بين السلطتين التشريعية والقضائية. قول فيه تجاهل لوجود منظّرين للديمقراطية، وآخرين يضعون برامجَ وخططاً لتطوير التجربة وجعلها أكثر دقّة وشمولية، ما يعني أن ثمّة فقهاء في النظام الديمقراطي أيضاً، وأمّا اعتبار وجود دور مؤثّر للفقهاء في التشريع، ما يجعل فصل السلطات واقعاً فعلياً فليس منطقياً، لأن دور الفقهاء في هذه الحالة سلاح ذو حدّين، قد يعزز فصل السلطات في حال اتفاق الفقهاء على فتوى واحدة لقضية محدّدة، وقد يجعله ساحةً للجدل إذا تعدّدت الفتاوى، ولطالما حصل هذا التعدّد والتباين كثيراً. ثانيهما ارتباط التشريع بالشريعة يجعله هدفاً للمسلمين لأنهم يؤدّون به واجباً دينياً إلى جانب الواجب الدنيوي، فكلّ عمل يقوم به المسلم ينطوي على بعدَين: فرض ديني وواجب اجتماعي في الوقت نفسه، فالشورى مرتبطة بعدد من المعايير الأخلاقية، بينما الديمقراطية ليست لها معايير أخلاقية مسبقة ما جعلها تسمح للفرد أن يختار المعايير حسب الاحتياجات والرغبات السائدة في عصره. كيف فقدنا الشورى؟ في العودة إلى التوجيه الإلهي في المجال السياسي، نلمس وجود هيكل عام، أساسه خضوع المسلمين للتوجيهات الواردة في القرآن الكريم، فلا يشعر مسلم، حاكم أو محكوم، بأنه أكبر أو أصغر من غيره، فالكلّ مطالبون بالرجوع إلى الهَدي الإلهي والالتزام به، أساساً لصياغة مجتمعٍ موحّدٍ بقيمه وتعاليمه من جهة، وتوجّه، من جهة ثانية، إلى المساواة والعدل، إذ الجميع يخضعون لمعيار واحد، ما منح الشورى فرصةَ الاستناد إلى قاعدة فكرية وأخلاقية واجتماعية ثابتة وراسخة ومحطّ إجماع المسلمين. يمكن اعتبار هذا الأساس صورة مطابقة لما يقال لها في العصر الحديث مبادئ فوق دستورية. وهذا أسّس لمبدأ في الحكم قائم على حقّ الأمة في اختيار حكّامها ومراقبتهم ومحاسبتهم، طالما هم مثل الجميع ويخضعون مثل الجميع للتوجيهات والمعايير والقيم نفسها، والتزام المسلمين بالشريعة، أولاً وأخيراً، على أن يكون دورهم الاجتهاد في إطارها وتحت سقفها، شرحاً وتقعيداً وتفصيلاً وإعمالاً للعقل في القضايا التي لم يرد فيها نصّ، لوضع حلول مناسبة، على ألا تتعارض مع محدّدات النص، فالله هو المشرّع والفقهاء هم المجتهدون في إطار الشريعة. لم تتحوّل الشورى، كما وجّه الهَدي الإلهي، إلى أسلوب حياة لدى المسلمين إلا في فترات قصيرة ومتباعدة، فقد انفجر الصراع السياسي بين المسلمين مبكّراً، وتحوّل الوئام والتلاحم إلى خصام وفرقة، بدأ في تباين المواقف من خلافة الرسول (عليه الصلاة والسلام) بين الأنصار والمهاجرين في سقيفة بني ساعدة، في إثر وفاته، وحسم الجدال بمبادرة من عمر بن الخطاب بمبايعة أبي بكر الصديق ودعوة الحاضرين في السقيفة إلى مبايعته، لما له من سابقة في الإسلام ولاختيار الرسول له للصلاة بالمسلمين خلال فترة مرضه. كانت هذه أولى تجاوزات المسلمين مبدأ الشورى. أدرك عمر الخطأ الذي وقع فيه، فقال إن ما حصل في السقيفة "فتنة" وقانا الله شرّها لن أعود إليها ثانية. لم يقف تجاوز الهَدي الإلهي بتحويل الشورى أسلوب حياة في تجاوز المسلمين ومبايعة أبي بكر من دون مشاورة، بل تعدّاه إلى تكريس سابقة تحوّلت شرطاً واجباً توافره في الخليفة، تمثل ذلك في تبرير أبي بكر رفضه خلافة رجل من الأنصار، هو سعد بن عبادة، الرسول، لا لشخصه، بل لأن هذا الموقع حقّ لقريش، في تعارض صريح مع الهَدي الإلهي، الذي اعتبر المسلمين متساوين في القيمة والأهمية، والهدي النبوي، الذي اعتبر العصبية القبلية من الجاهلية. وزاد الطين بِلَّة رفض علي بن أبي طالب مبايعة أبي بكر بذريعة أحقيته في خلافة ابن عمّه ووالد زوجه، وأيده مسلمون عديدون، فحصل افتراق وتفاصل في المدينة المنورة. بقي على هذا الحال ستّة أشهر، قبل أن يبايع بعد أن يئس من تغيير الوضع وحصول تمرّد بعض القبائل على سلطة الخليفة، ورفضها دفع الزكاة للمركز، ما وضع الخلافة في موقف حرج. يبقى الصراع السياسي بين التيارين الشوري والديمقراطي العقبة الرئيسة في وجه الاختيار الحرّ، على خلفية حملات التشويش والتشويه، وادعاء كلّ تيار امتلاكه الحقيقة لم يقف تجاوز مبدأ الشورى عند هذه التجاوزات، بل حصل ما هو أشدّ وأعظم، أي تحويل الخلافة منصباً وراثياً على يد معاوية بن أبي سفيان، ملك عضوض، وفق وصف فقهاء ذلك الزمان، قبل أن يسنّ الخليفة العبّاسي الأول عبد الله بن محمّد، الشهير بأبي العبّاس السفاح، سُنّةً جديدةً لتحصين موقع الخليفة وسلطته بإحاطة نفسه بعدد من الفقهاء، واستخدامهم في إصدار فتاوى تمنح قراراته وممارساته شرعية دينية. وقد ازاد الموقف سوءاً على يد سلاطين بني عثمان، الذين تمسّكوا بالاستحواذ على السلطة والتمسّك بها عبر موقف شديد التطرّف بقيام كلّ سلطان/ خليفة بقتل إخوته كي لا ينازعوه هو ووريثه المُلك. قاد هذا المسار إلى بقاء مبدأ الشورى بصيغته الأولية، فلم يخضع للتفسير والتقعيد، ولم توضع له آليات لتفعيله، كما بقية التوجيهات الإلهية. لم تتناوله اجتهادات الفقهاء، بل كان الموقف أكثر سوءاً من ذلك بكثير، حين قبل الفقهاء خلافة المتغلّب، واعتبروها شرعيةً، بذريعة تلافي الفتنة وحفظ بيضة الإسلام، وكأن الخروج على المبدأ الرئيس في إدارة المُلك لا يقضي على بيضة الإسلام من داخله. عاد مفكّرون وفقهاء مسلمون في العصر الحديث إلى تناول مبدأ الشورى بالدرس والتحليل في سياق مواجهة ما ورد إلى المجال الإسلامي من مبادئ وأفكار غربية، الديمقراطية بشكل رئيس. لم يتناولونها لإصلاح حال المسلمين وإخراج مجتمعاتهم من الركود والتآكل، فيعملوا في تقعيدها ووضع آليات محدّدة لتفعيلها، بل كي يقولوا إننا مكتفون ولا تلزمنا الديمقراطية. موقف دفاعي خلفيته الارتباك والعجز. وقد قادت محاولاتهم لترويجه إلى إدخاله في موقف يكاد يلغيه، عندما اختلفوا حول التعاطي مع نتائج عملية التشاور، بين قائل إنها ملزمة وقائل إنها معلمة. أيهما نختار الشورى أم الديمقراطية؟ لا يشكّل اختيار الشورى أو الديمقراطية أسلوباً لإدارة نظامنا السياسي مشكلةً في حدّ ذاته، المشكلة في الأرضية التي يستند إليها هذا الاختيار أو ذاك، وتجعله قابلا للتطبيق، فالشورى لها أرضية واسعة على خلفية ارتباطها بدين الأغلبية، لذا سيقبلها كثيرون، حتى من دون أن يدركوا أبعادها، وما يمكن أن تحقّقه على الصعيد العملي، سيقبلونها لأنها فقط وردت في القرآن الكريم، مع أنها لم تكن حاضرةً في تاريخ المسلمين، لم يعش المسلمون في ظلّها وينعموا بإيجابياتها، واختيارها الآن يستدعي إعادة إدراكها مفهوماً وامتداداته، وما يحتاجه تطبيقها من مؤسّسات وأطر سياسية واجتماعية وزرعه في وعينا كي يزيح تاريخاً كاملاً عشناه بعيداً عنها، وتحديد تخومها وما ستحدثه في حياتنا من تغيير وتثوير يحقّق الاستقرار والازدهار، فتنزيلها في واقعنا سيحرّرنا من صورة الخليفة التي استقرّت في وعينا وشكّلت مخيالنا عن النظام الصالح، الصورة التي اعتبرها مفكّرون مسلمون كثر نمط الحكم الإسلامي، وأعادوا تسويقها تحت صيغة المستبدّ العادل. كما يستدعي اختيارها التأكيد على أن نتائجها ملزمة كي تكون فعّالة في إخراجنا من تأرجحنا بين التاريخ والشريعة، ويستدعي بشكل خاص تحديد قواعد لتنزيلها في حياتنا نظاماً وأسلوب حياة. تواجه الديمقراطية، هي الأخرى، تحدّيات كثيرة وكبيرة، لأنها، مفهوماً ونظاماً سياسياً، طارئة على الاجتماع السوري، ما جعل أرضيتها (قياساً إلى أرضية الشورى) ضيّقةً، حالةً نخبويةً. لذا سيكون لاختيارها نظاماً سياسياً عقبة رئيسة، هي تبريرها وتسويقها لدى قطاعات واسعة من المجتمع، وما يستدعيه ذلك من جهد وعمل، بدءاً بزرعها مفهوماً في وعي المجتمع، شرحاً وتفسيراً، وتحريرها من التشويه الذي لحق بها نتيجة الصراع السياسي بين التيّارات الفكرية والسياسية، وما يرافقها من حملات دعائية مسيّسة، يلي ذلك رسم صورة لأبعادها، وللبنى السياسية والمدنية المرتبطة بها، ودورها في حياتها، وللأحزاب والنقابات والمنظّمات الحقوقية والإعلام الحر، وتبرير اختيارها في ضوء المتوقّع من تطبيقها في نظامنا السياسي على صعيد إشراك المواطنين في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية، مباشرة أو عبر ممثليهم، وما يترتب على ذلك من استقرار وازدهار. في قفز عن الشورى في التاريخ الإسلامي تحولت الخلافة منصباً وراثياً على يد معاوية بن أبي سفيان يبقى الصراع السياسي بين التيارين الشوري والديمقراطي العقبة الرئيسة في وجه الاختيار الحرّ، على خلفية حملات التشويش والتشويه، وادعاء كلّ تيار امتلاكه الحقيقة، والوصفة السحرية للخلاص الأكيد، وهو موقف منطقي، لكنّه ليس موضوعياً لأن كلا التيارين، قيادة وأطراً، تبنيا سياسة المفاصلة، وعدم بذل جهد للتعرّف إلى فكر وخطط وبرامج التيار الآخر، ولمعرفة ما يمكن أن تقدّمه هذه الخطط لصالح المجتمع، فنادراً ما نجد هذا التفاعل والتثاقف والبحث عن مشتركات وتقاطعات، تبرّر التعاون والتنسيق وتشكيل حالة غير نمطية. فأتباع التيار الشوري رفضوا الديمقراطية بذريعة أنها تمنح البشر حقّ التشريع وهو ما يتعارض مع أن الله هو المشرّع في الإسلام، واعتبروها تجديفاً وكفراً، وهذا ليس دقيقا لأن المشرعين في مجلس الشورى سيُعملون عقولهم في وضع تشريعات، ما يجعلها من وضع بشر، حتى ولو استظّلت بالشريعة، لأنها في النهاية ليست الشريعة، بل اجتهادات بشر، وهو ذاته يحصل في البرلمانات الديمقراطية، ناهيك عن أن الهدي الإلهي ترك قضايا كثيرة من دون تحديد موقف أو خيار، ما جعلها مادّة لاجتهاد البشر، فقهاء ومفكّرون ودارسون يجتهدون في فهمها ووضعها على سلّم الضرورة والأهمية والأولوية، ويبحثون عن سبل حلّها، وما يتوقّع من حلّها من نتائج وتبعات. الديمقراطية، فلسفةً ونظام حكم، تتقاطع مع الهدي الإلهي في أنها وسيلة لخدمة البشر والإعلاء من مكانتهم، وفي جعلهم يشعرون بالرضا عبر المشاركة فيتحقّق الاستقرار، وفي تنظيم وتقنين التدافع البشري فيسود السلم الأهلي. هذا من دون أن نتجاهل واقع المسلمين وخروجهم منذ قرون من ساحة الإبداع والفعل المثمر، وما كان سيحصل لهم ولمؤسّساتهم ومجتمعاتهم لو أن الشورى طبّقت في حياتهم طوال هذه القرون. اتباع التيار الديمقراطي وقعواً أيضاً في موقف الرفض العدمي للشورى، واعتبروها نمطاً تاريخياً منتهي الصلاحية، لأنها لا تلبّي توجّهات العصر في الإعلاء من حرية الفرد بشكل خاص، بل هي أقرب إلى تقييده من منحه حرّياته. خاتمة نحن أمام معضلة كبيرة، ضرورة الخروج من حالة الجمود والركاكة، لإنقاذ مجتمعنا وفتح الطريق للأجيال القادمة للنمو والتقدم، من جهة، وعدم وجود إجماع وطني على خيار محدّد لتجاوز الواقع الصعب والمستقبل الغامض، من جهة ثانية. وليس أمامنا إلا الانفتاح والانخراط في حوار جاد وعملي لتجسير الهوة ورأب الصدع، والبحث عن قواسم مشتركة من دون التوقف عند التسميات والتوصيفات المجرّدة، فالمهم هو خدمة الإنسان الذي نزلت الأديان (كما الديمقراطية) لخدمته. الحوار والاتفاق خيار وحيد، وإلا فالثقب الأسود في انتظار الجميع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store