logo
الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (4)

الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (4)

موقع كتاباتمنذ 10 ساعات

أكتب… وكأنني أنقذ نفسي من الغرق.
أكتب… وكأن الكلمات الحرة الصادقة هي آخر حبل نجاة في هذا الطوفان الجارف من التزييف واللامعنى .
أكتب لأن الصمت، في زمن التشويه، لم يعد حيادًا، بل صار جريمة.
هل يُغفر لكاتب أن يصمت حين يُهان وطنه؟
هل يُعذر مثقف إذا سكت حين تُجزّ الحقيقة أمامه كالشاة وينحر الصدق كالابل ؟
وهل من الجائز أن نُقايض ضمائرنا بالسلامة، وعقولنا بالرواتب، وحروفنا بالمجاملات والامتيازات ؟
لا والله… ؛ إننا بذلك نكون قد قتلنا أوّل ما وهبنا الله: الكلمة.
الكلمة التي علّمها آدم، وفهم بها الخلق، وميّز بها الخبيث من الطيب.
الكلمة التي لم تكن يومًا مجرّد حروف، بل وعدٌ، وعهدٌ، وثورة.
يا صاحبي، إنّ الكتابة الحقّة ليست 'نشاطًا ثقافيًا' في صالون مخملي، ولا منشورًا يحصد اللايكات، ولا مرآة لغرورنا المعلّب.
الكتابة التي أعنيها، هي تلك التي تُربك، وتُخيف، وتُوقظ، وتُطارد الطمأنينة الزائفة في عقل القارئ، وتنتزع أقنعته قطعةً قطعة .
حين أكتب عن العراق، لا أمارس الحنين، بل المحاسبة .
وحين أستحضر مآسيه، لا أثير الشجن، بل أحرّض على التغيير.
العراق لا يحتاج مزيدًا من الرثاء، بل يحتاج من يصرخ في وجه التاريخ: 'قف، لقد سُرقت الحقيقة والحاضر والمستقبل !'
إننا في بلادٍ، صار فيها الماضي كذبة، والحاضر لعنة، والمستقبل مجهولًا مبهمًا مروّعًا.
في بلادٍ، حيث الطفل يولد حاملًا طائفته قبل اسمه، والشاب يشيخ قبل أن يحلم، والمثقف يُستبدل بـ'مؤثر'، والمنبر الديني يُستثمر سياسيًا، والسياسي يزني بالوطن ثمّ يخطب في شرفه … .
كيف لا أستشيط من الغضب، وذاكرتي مثقلة بصور المذابح، وسجلات الإعدامات، وقبور المجهولين؟
كيف لا أكتب، وأنا أرى أبناء الوطن يُصنّفون ويُقسّمون ويُهانون، ثم يُطلب منهم أن يُحبّوا جلّاديهم؟
أكتب… وأنا أعلم أن الحرفَ الحرّ لا يجد منصّة، بل يجد حبلًا مشنوقًا، أو نافذةً مغلقة، أو طعنة من 'صديق'.
أكتب… لأنني قررت أن لا أكون شاهد زور في جنازة وطنٍ يتداعى.
الكتابة الحقيقية — كما قال سارتر — شكلٌ من أشكال الحرية.
لكنها أيضًا، في عالمنا، شكل من أشكال الشهادة والهلاك .
وما أكثر الكُتّاب الذين اغتيلوا، لا لأنهم حملوا سلاحًا، بل لأنهم كتبوا سطرًا لم يُعجب السلطة او قوى الظلام ، أو كشفوا فضيحة أزعجت الطائفة، أو انتصروا للمهمّشين، لا للنافذين… .
لا يوجد قلم نظيف لا يُلاحق، ولا عقل حر لا يُخوَّن، ولا كلمة حقّ لا تُداس في البداية… ؛ ثم تُرفع لاحقًا كأيقونة بعد أن تُسفك الدماء.
لكن… هل يهمّ؟
هل نكتب لنُصفّق؟ أم نكتب لنعري الواقع ونوقظ الغافلين؟
وهل معنى الحياة في أن نعيش طويلًا؟ أم أن نعيش صادقين، ولو كلفنا ذلك أعمارنا؟
أنا أكتب لأجل الذين لا صوت لهم.
لأجل تلك الأمّ التي تنتظر ابنها في السجون منذ عقد ولم تسمع خبراً.
لأجل الشهداء الذين شوّهت أسماءهم في نشرات الأخبار،
ولأجل أطفال الشوارع الذين يتوسدون الأرصفة ويأكلون من نفايات المدينة التي تنام في أحضان اللصوص.
الكتابة قدر، نعم…
ولكنها ليست قدراً أعمى، بل رسالة.
رسالة تبدأ من الذات — من أن تكون صادقًا مع نفسك —
ثم تمتد إلى الإنسان… كل إنسان.
يا صديقي، إن أردت أن تعرف الكاتب الحقيقي،
فلا تسأله عن بيانه، بل عن جراحه.
ولا تبحث في معجمه، بل في ضميره.
وانظر إلى ما كتبه ساعة الهزيمة، لا ساعة النصر،
إلى ما كتبه عندما خسر، لا عندما صُفّق له.
لأن الكلمة لا تُختبر في الرخاء، بل في الشدة.
وإن لم تكن الكتابة نارًا تأكل صاحبها قبل أن تنير الطريق، فهي حيلة لا تُغني ولا تُسمن من جوع.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الغول والمرآة..!كريم عبد السلام
الغول والمرآة..!كريم عبد السلام

ساحة التحرير

timeمنذ 7 ساعات

  • ساحة التحرير

الغول والمرآة..!كريم عبد السلام

الغول والمرآة.. المضروبُ بلعنة الظمأ يملك أسئلةَ الموت.. ماذا تفعل النجوم؟* ———– كريم عبد السلام** ———– غُولْ عينان تُطلقان الشرر وأنيابٌ بارزهٌ ورائحةُ قمامة غُولْ، أقسمُ ليس كابوساً رأسُ ذئبٍ وقرناُ ثورٍ وبدنُ فأر عملاق وذراعا كُنغرٍ ومخالبُ دبٍّ قطبى يقفُ على قدمين ويعرف الكلام ماذا يكون إذن إن لم يكن غولاً لا أدرى من أين أتى.. خرجَ من الحكايات القديمة، أم جاء عبر ثغرة فى الزمن لكنه أمامى، وأنا عائد من المدينة المزدحمة إلى بيت أهلى، الجسرِ الترابى ومدخلِ قريتى وحقولِ القمح والبرسيم وماكينات الرى، وفى رأسى يتردد سؤال واحد: من أنا ….. أنا لم أَسْتَدعِه هو أو غيره من الوحوش، ولم أكن أفكر فى الغيلان حتى تحضرَ كنت أتمتم 'والصبحِ إذا تنفس' مع غبشة الفجر، وأشعر بالتراب المبلل على الجسر فى مدخل قريتى، وسؤال 'من أنا' يتخبط فى رأسى، تحت هذه السماء فى هذه النقطة من العالم الغولُ يتمدد بعرض الجسر، وعيناه الحمراوان تلمعان وأنيابُه ظاهرة، وزمجرته مسموعة من يريد أن يقترح اسما آخر لهذا الوحش فليتفضل، لكنى الآن، أعرف الشعور الذى يجتاح الفأر عندما يحدق فيه ثعبان على بعد أمتار ساقاى من الخشب وذراعاى من الرمل، ودمى متجمدٌ والعرق يتصبب من رأسى إلى وجهى وعنقى أريد أن أتراجع ولا أستطيع، أريد أن أعدو، أريد أن أقفز يميناً أو يساراً ، هرب يهرب هروبا فهو غائب عن عينى الغول، لكن جسدى يعصانى، والعينان الحمروان مصوبتان باتجاهى والعضلات متحفزة والأذنان تتحركان كأنما تسمعان أنفاسى، والذيل إلى اليمن وإلى اليسار أنت تهذى، قل لعينيكَ: أنتما تكذبان تقدم ودُس على الوهم، مجردُ وهمٍ ويزول مع نصف خطوة، قام واقفاً يتلمظ وضرب الأرض بحافريه 'ظمآن .. ظمآن لماذا أنا من دون العالم محكومٌ علىَّ بالظمأ إلى الأبد كل الأنهار لا تروينى.. كل الآبار لا تُطفئ العطشَ الملازمَ لروحى معك ماءٌ أم أشربُ دمَك؟ ظمآن .. ظمآن' قذفت نحوه زجاجتى فتلقفها وسكبها فى فمه وأنا أفكر فى طريقة للهروب، وفى بلدتى التى لا يظهر منها أحد، وفى بيت أهلى وفى الأنهار والآبار التى جفت ولم ترو ظمأه، لكنّى ظللتُ متخشباً فى مكانى، والغولُ يتقدم ببطء، واستند إلى سقالة من عروق الخشب فى وسطها سلم صاعد بارتفاع عشرة طوابق 'الأغبياء نصحونى ببناءِ سُلّمٍ لاصطياد السحاب الكذابون، قالوا إن الغيوم تخزن المياه فى جوفها وأنَّ فكَّ لعنتى فى ابتلاع الغيوم كل يوم أصعد حتى الغيوم لكنى لا أمسك بها دخانٌ .. هواء لا يروى عطشى خدعونى وشربت دماءهم'، وأشار إلى العظام والجماجم حول السقالة عندئذ أيقنت أنى ميتٌ ميّت لا أخاف الموت لكنى أخاف الألم هذه المخالب كفيلةٌ بصبِّ آلام العالم على رأسى قد ينتزع ذراعى أو ساقى أو ينهشنى حياً رأيتُ الضباع تلتهم فريستَها حيةً، قضمةً قضمة أيها الغولُ المبجّلُ أنتَ أقوى وحشٍ فى العالم أقوى من الأسود والنمور والدببة مجتمعين وأشرسُ من جماعات الكلاب البرّية التماسيحُ العملاقةُ لا تُقارَن بقدرتكَ على البطش أنت الوحشُ الوحيدُ القادرُ على الكلام الوحيدُ الملعونُ بالظمأ الأبدى أيها الغولُ المبجَّل أنت لا ينافسك إلا الشيطان لكنّى أثق أنكَ إذا واجهته، ستقضىى عليه فى لمح البصر اسمح لى فقط اسمح لى أن أستأذنَ فى موتٍ سريع ضربةٌ واحدةٌ من كفّك القوية على رأسى كفيلةٌ بقتلى أيها الغولُ المبجَّل أنا فضّلتكَ على نفسى رغم عطشى وأعطيتك ما معى من ماء كل ما أطلبه ليس النجاةَ لا سمح الله ليس السماحَ بأن أمر إلى بيت أهلى أنا أقدّر مصابكم الأليم وعطشكم الدائم ولعنتكم الثقيلة أريد موتاً سريعاً لا أريدُ ألماً لا أريد تعذيباً ……… لأنك أعطيتنى ما معك من ماء سأسألك ثلاثة أسئلة إذا أجبتَها تمرُّ بروحكَ وجسدك، وإذا عجزتَ، شربتُ دمكَ وأكلتُ لحمكَ لا خيارَ أمامكَ تجيبُ أو تصمت تعبر أو تموت … -ماذا تفعل النجوم؟ =تلفظ أنفاسها الأخيرة أمامنا، لكننا سنموت قبل أن تنتهى وصوب الغول عينيه نحوى ضارباً الأرض بحافريه …. -ما معنى الكون؟ =الكون هو الكون، معناه فى وجوده ورفع الغول رأسه، وزعق ناحية السماء فطار سربُ حمام كان على الأرض ….. -هل هناك من هو أجملُ منّى فى العالم؟ =نعم فأخرج الغول ناراً من جوفه -إذا لم تدلنى عليه أقضمْ رقبتَكَ وفتح فكيه فظهرت أنيابُه خناجرَ =كائن المرآة أجملُ منكَ ، هو الأجملُ على الأرض ورفعتُ المرآةَ بيدى الإثنتين حتى تكون فى مستوى وجهه وأيقنت بهلاكى ورحت أتمتم بالشهادتين، والغول يتقدم ويدمدم ، إلى أن خطف المرآة من يدى ووضعها أمام عينيه الحمراوين ووجهه العفريتى وقرنيه البارزين وأنيابه التى تخترق شفتيه لأعلى ولأسفل وكأنّى بالغول قد انتفخَ حتى صار منطاداً ثم صرخ صرخةً عظيمةً وتبعها بزفرةٍ ناريةٍ وقعتْ على حقل قمحٍ فأحرقته ثم انفجر إلى مزقٍ صغيرةٍ، بعد أن ارتفع فى الهواء وارتطم بالأرض من الغيظ عندما رأى صورته، وانحلت لعنته المؤبدة بالموت. وعندما وصلت بيت أهلى سألونى : هل سمعت عن الغول الذى ظهر ناحيتنا؟ —————————————————————– · من ديوان 'بالادات' .. أيها القارئ السعيد .. ماذا فعلت الحملانُ بالذئاب · شاعر من مصر ‎2025-‎06-‎28

الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (4)
الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (4)

موقع كتابات

timeمنذ 10 ساعات

  • موقع كتابات

الكتابة كقَدَر: من حبر الذات إلى وجع الوطن (4)

أكتب… وكأنني أنقذ نفسي من الغرق. أكتب… وكأن الكلمات الحرة الصادقة هي آخر حبل نجاة في هذا الطوفان الجارف من التزييف واللامعنى . أكتب لأن الصمت، في زمن التشويه، لم يعد حيادًا، بل صار جريمة. هل يُغفر لكاتب أن يصمت حين يُهان وطنه؟ هل يُعذر مثقف إذا سكت حين تُجزّ الحقيقة أمامه كالشاة وينحر الصدق كالابل ؟ وهل من الجائز أن نُقايض ضمائرنا بالسلامة، وعقولنا بالرواتب، وحروفنا بالمجاملات والامتيازات ؟ لا والله… ؛ إننا بذلك نكون قد قتلنا أوّل ما وهبنا الله: الكلمة. الكلمة التي علّمها آدم، وفهم بها الخلق، وميّز بها الخبيث من الطيب. الكلمة التي لم تكن يومًا مجرّد حروف، بل وعدٌ، وعهدٌ، وثورة. يا صاحبي، إنّ الكتابة الحقّة ليست 'نشاطًا ثقافيًا' في صالون مخملي، ولا منشورًا يحصد اللايكات، ولا مرآة لغرورنا المعلّب. الكتابة التي أعنيها، هي تلك التي تُربك، وتُخيف، وتُوقظ، وتُطارد الطمأنينة الزائفة في عقل القارئ، وتنتزع أقنعته قطعةً قطعة . حين أكتب عن العراق، لا أمارس الحنين، بل المحاسبة . وحين أستحضر مآسيه، لا أثير الشجن، بل أحرّض على التغيير. العراق لا يحتاج مزيدًا من الرثاء، بل يحتاج من يصرخ في وجه التاريخ: 'قف، لقد سُرقت الحقيقة والحاضر والمستقبل !' إننا في بلادٍ، صار فيها الماضي كذبة، والحاضر لعنة، والمستقبل مجهولًا مبهمًا مروّعًا. في بلادٍ، حيث الطفل يولد حاملًا طائفته قبل اسمه، والشاب يشيخ قبل أن يحلم، والمثقف يُستبدل بـ'مؤثر'، والمنبر الديني يُستثمر سياسيًا، والسياسي يزني بالوطن ثمّ يخطب في شرفه … . كيف لا أستشيط من الغضب، وذاكرتي مثقلة بصور المذابح، وسجلات الإعدامات، وقبور المجهولين؟ كيف لا أكتب، وأنا أرى أبناء الوطن يُصنّفون ويُقسّمون ويُهانون، ثم يُطلب منهم أن يُحبّوا جلّاديهم؟ أكتب… وأنا أعلم أن الحرفَ الحرّ لا يجد منصّة، بل يجد حبلًا مشنوقًا، أو نافذةً مغلقة، أو طعنة من 'صديق'. أكتب… لأنني قررت أن لا أكون شاهد زور في جنازة وطنٍ يتداعى. الكتابة الحقيقية — كما قال سارتر — شكلٌ من أشكال الحرية. لكنها أيضًا، في عالمنا، شكل من أشكال الشهادة والهلاك . وما أكثر الكُتّاب الذين اغتيلوا، لا لأنهم حملوا سلاحًا، بل لأنهم كتبوا سطرًا لم يُعجب السلطة او قوى الظلام ، أو كشفوا فضيحة أزعجت الطائفة، أو انتصروا للمهمّشين، لا للنافذين… . لا يوجد قلم نظيف لا يُلاحق، ولا عقل حر لا يُخوَّن، ولا كلمة حقّ لا تُداس في البداية… ؛ ثم تُرفع لاحقًا كأيقونة بعد أن تُسفك الدماء. لكن… هل يهمّ؟ هل نكتب لنُصفّق؟ أم نكتب لنعري الواقع ونوقظ الغافلين؟ وهل معنى الحياة في أن نعيش طويلًا؟ أم أن نعيش صادقين، ولو كلفنا ذلك أعمارنا؟ أنا أكتب لأجل الذين لا صوت لهم. لأجل تلك الأمّ التي تنتظر ابنها في السجون منذ عقد ولم تسمع خبراً. لأجل الشهداء الذين شوّهت أسماءهم في نشرات الأخبار، ولأجل أطفال الشوارع الذين يتوسدون الأرصفة ويأكلون من نفايات المدينة التي تنام في أحضان اللصوص. الكتابة قدر، نعم… ولكنها ليست قدراً أعمى، بل رسالة. رسالة تبدأ من الذات — من أن تكون صادقًا مع نفسك — ثم تمتد إلى الإنسان… كل إنسان. يا صديقي، إن أردت أن تعرف الكاتب الحقيقي، فلا تسأله عن بيانه، بل عن جراحه. ولا تبحث في معجمه، بل في ضميره. وانظر إلى ما كتبه ساعة الهزيمة، لا ساعة النصر، إلى ما كتبه عندما خسر، لا عندما صُفّق له. لأن الكلمة لا تُختبر في الرخاء، بل في الشدة. وإن لم تكن الكتابة نارًا تأكل صاحبها قبل أن تنير الطريق، فهي حيلة لا تُغني ولا تُسمن من جوع.

المجالس الحسينية مصنع الأبطال!بدر جاسم
المجالس الحسينية مصنع الأبطال!بدر جاسم

ساحة التحرير

timeمنذ 15 ساعات

  • ساحة التحرير

المجالس الحسينية مصنع الأبطال!بدر جاسم

المجالس الحسينية مصنع الأبطال! بقلم بدر جاسم حرارة الطف لم تبرد منذ ألف وأربعمائة سنة، لا زالت مستعرة في قلوب المؤمنين، طاقة تدفعهم للسير إلى الأمام على طريق الحسين (عليه السلام) الذي يتمسك بأسس الإسلام، التي غرسها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم). هذه النار التي توقد باستمرار على شكل مجالس حسينية، تخرج منها الأبطال الذين يكملون مسيرة الطف في كل زمان، ليرفعوا راية الحق بوجه كل مستكبر وطاغوت. المجالس الحسينية مدرسة الأجيال، التي تغرس فيهم الدين والقيم النبيلة، وتحافظ على الفطرة السليمة، وتضخ في عروق مريديها 'هيهات منا الذلة' و'يا أبا الله لنا ذلك' و'مثلي لا يبايع مثله' و'وأبالموت تخوفني' ليكونوا أصوات الرفض بوجه الظلم. لم تقتصر الثورة الحسينية ضد يزيد فقط، وإنما سارت لتشمل كل الظالمين، من يزيد إلى هارون، ومن صدام إلى نتنياهو وترامب، ثورة لا تتوقف، وصوت الإمام الحسين الذي نادى به الأجيال 'هل من ناصر ينصرنا' يخرق أسوار القرون التي تبعدنا عنه، ليدخل إلى قلوب المؤمنة، فتستجيب له، وتقف بوجه يزيد عصرها. المجالس الحسينية أكسير الصمود وحصن المجتمع من كل المؤامرات، التي تحاك للتغيير ثقافة المجتمع الإسلامي، فنجد المجتمع الذي تربى في المجالس الحسينية، قوي لا يهزم، ولا تنثني عزيمته أمام العواصف العاتية، يصمد باستشهاد قادته، ويمتص الصدمة ثم يبادر وينتصر، هذا كله من بركات المجالس الحسينية. كل الأبطال الذين تربعوا على مختلف أبواب الجهاد، هم من خريجي المجالس الحسينية، لتُعجَن طينتهم بمجالس العشق الحسيني، حتى قال السيد الخميني: كل ما لدينا من عاشوراء، صمود وإيمان وقوة ووعي وبصيرة، كلها من عاشوراء، فالله الله بالمجالس الحسينية، وزج الأطفال فيها ليكونوا أبطال المستقبل، الذين يقاتلون بين يدي الإمام المهدي المنتظر (روحي له الفداء) لأنه هو إمامنا الذي يقود المسيرة، وهو المُغْزَى بجده الحسين عليه السلام. ‎2025-‎06-‎27

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store