
المغرب وكأس العالم 2030: تناقضات حكومية وتحديات استراتيجية
في وقت تتصاعد فيه الأضواء نحو تنظيم المغرب المشترك مع إسبانيا والبرتغال لكأس العالم 2030، يبرز مشهد متناقض في مكونات الحكومة المغربية التي تفشل في تقديم رؤية موحدة وواضحة حول المنفعة الاقتصادية الحقيقية لهذه التظاهرة العالمية.
لقد خلق تصريح يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل، جدلاً واسعاً بعد أن أكد خلال اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب أن تنظيم كأس العالم لن يدر أرباحاً مباشرة على المغرب، مجدداً بذلك تأكيداً يرى البعض أنه يعكس واقعاً مريراً ومغايراً تماماً للخطاب الرسمي الذي يعتمد على التفاؤل الكبير والعوائد المالية الضخمة.
هذا التصريح جاء متناقضاً بشكل لافت مع تصريحات زملائه في الحكومة، لا سيما الوزير المنتدب المكلف بالميزانية فوزي لقجع، الذي وصف في مناسبات متعددة هذا الحدث بأنه فرصة ذهبية لتحقيق 'عائدات مالية مهمة'، مشيراً إلى توقع استقبال 15 مليون سائح خلال فترة التظاهرة، واستناداً إلى أرباح تاريخية حققتها بطولات سابقة مثل مونديال قطر 2022 الذي جلب للفيفا أرباحاً بقيمة 15 مليار دولار.
التناقضات في الرؤية الحكومية: رسالة مختلطة للمواطن والاقتصاد
بينما يركز لقجع على الجانب المالي الكبير والفرص الاستثمارية الواعدة التي ستفرزها البطولة في قطاعات البناء، السياحة، البنوك، والاتصالات، يحرص السكوري على التنبيه إلى أن الهدف الأساسي من المونديال هو خلق فرص الشغل وتطوير الكفاءات وليس جني الأرباح، معتبراً أن مثل هذه الفعاليات الكبرى لا تحقق أرباحاً مباشرة للبلدان المضيفة.
هذه الرسائل المتناقضة تعكس خللاً عميقاً في التنسيق بين أعضاء الحكومة، وتثير تساؤلات مشروعة حول من يتحكم في الخطاب الرسمي وكيف يتم صياغة الرؤية الوطنية المتعلقة باستضافة أحداث رياضية عالمية.
ماذا يقول الواقع والبحوث الاقتصادية؟
وفقاً لتقرير صادر عن المعهد المغربي لتحليل الدراسات، فإن المغرب يمكنه تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة عبر تحديث بنيته التحتية، جذب الاستثمارات الأجنبية، وتوسيع قاعدة النمو الاقتصادي، مع تأثير إيجابي على قطاعات البناء والسياحة والاتصالات. كما يُبرز التقرير أهمية تعزيز 'القوة الناعمة' للمغرب على الصعيد الجيوسياسي، مما يعزز مكانته الدبلوماسية الدولية.
لكن في المقابل، تشير دراسات دولية عديدة إلى أن التنظيم الفعلي لكبرى التظاهرات الرياضية مثل كأس العالم عادة ما يرافقه عوائد اقتصادية غير مضمونة، حيث تتفاوت نتائج البلدان المضيفة بين تحقيق أرباح حقيقية أو تكبد خسائر مالية ضخمة، خاصة إذا لم يتم التخطيط الاستراتيجي السليم وتحقيق استغلال أمثل للبنى التحتية بعد انتهاء الحدث.
تجارب دولية في استضافة كأس العالم: دروس للمغرب
1. جنوب أفريقيا 2010: رهان التنمية والهوية
استثمرت جنوب أفريقيا حوالي 3.6 مليار دولار في بناء وتحديث الملاعب والبنية التحتية، فضلاً عن مشاريع تنموية أخرى. ورغم أن الحدث استقطب أكثر من 400 ألف سائح خلال 30 يومًا من البطولة، إلا أن العوائد الاقتصادية المباشرة لم تتجاوز 2 مليار دولار، بحسب تقارير البنك الدولي.
التحدي الأكبر كان تكاليف صيانة الملاعب التي تصل إلى ملايين الدولارات سنوياً، مع إشكالية الاستخدام المحدود بعد البطولة.
2. البرازيل 2014: استثمارات ضخمة وأزمة شرعية
أنفقت البرازيل نحو 15 مليار دولار على تجهيز البنية التحتية، بينما وصل عدد السياح خلال المونديال إلى نحو 1.1 مليون زائر، مما ساهم بزيادة الإنفاق السياحي بنحو 4 مليارات دولار. رغم ذلك، أثارت هذه الاستثمارات موجات احتجاجية واسعة بسبب أولوية الإنفاق على الرياضة على حساب الخدمات العامة.
3. روسيا 2018: قوة سياسية ومنافع اقتصادية محدودة
بلغ الإنفاق الروسي الرسمي على البطولة حوالي 11 مليار دولار. شهدت البطولة زيارة حوالي 3.4 مليون متفرج، لكن التقييمات الاقتصادية أشارت إلى أن أثر المونديال على الاقتصاد الروسي كان محدودًا، مع زيادة مؤقتة في السياحة والإيرادات ذات الصلة.
ماذا تعني هذه التجارب للمغرب؟
ضرورة التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد:
تشير التقديرات إلى أن المغرب سيستثمر ما بين 4 إلى 6 مليارات دولار في البنية التحتية استعداداً للمونديال، بما في ذلك تحديث الملاعب وتطوير المواصلات. ولضمان استدامة هذه الاستثمارات، يجب وضع خطط إعادة استخدام واضحة للمنشآت الرياضية بعد انتهاء الحدث.
دمج المجتمع في المشروع الوطني:
يعيش حوالي 35% من سكان المغرب في مناطق ريفية تعاني من نقص في الخدمات، لذا يجب أن تستهدف مشاريع المونديال تحقيق تنمية متوازنة تقلل الفوارق المجالية والاجتماعية.
الشفافية في الإنفاق ومراقبة الأداء:
وفقاً لتقارير دولية، فإن 30% من ميزانيات المشاريع العمومية في البلدان النامية معرضة لمخاطر الهدر والفساد، ما يستدعي تعزيز آليات الرقابة في مشاريع المونديال بالمغرب.
التركيز على قطاعات ذات قيمة مضافة:
يتوقع المعهد المغربي لتحليل الدراسات أن يزداد عدد السياح الدوليين خلال فترة المونديال إلى 15 مليون زائر، مقارنة بـ13 مليون في 2019 قبل الجائحة، مما يعزز عائدات السياحة التي تمثل 7.5% من الناتج الداخلي الخام المغربي.
خلل في الاستراتيجية الحكومية وتأثيره على الثقة العامة
التناقض بين تصريحات وزيري الاقتصاد والمالية من جهة، ووزير التشغيل من جهة أخرى، يفتح الباب أمام قراءة أعمق تشير إلى وجود ضعف في التنسيق الحكومي وعدم توافق في تحديد أولويات واستراتيجيات التعامل مع الحدث الرياضي.
هذا الانفصام في الخطاب لا يؤثر فقط على مصداقية الحكومة، بل يزرع شكوكاً في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية حول جدوى الاستثمار في مشاريع المونديال، وهو ما قد ينعكس سلباً على ثقة المستثمرين والمواطنين على حد سواء.
خلاصة وتوصيات
تنظيم المغرب لكأس العالم 2030 فرصة تاريخية تحتاج إلى رؤية حكومية موحدة وواضحة، تقوم على التخطيط الاستراتيجي المتكامل، وإدارة شفافة للمشاريع الكبرى، مع ضمان استدامة الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لما بعد الحدث.
على الحكومة أن تتجنب الإشارات المتضاربة التي تضعف ثقة الجمهور والمستثمرين، وتعمل على تنسيق خطاباتها الرسمية ومواقفها السياسية بحيث تعكس صورة وطنية موحدة تُبرز مزايا التظاهرة وتحمي البلاد من المفاجآت السلبية.
وفي الوقت نفسه، يتعين أن تركز جهودها على الاستثمار في بناء قدرات الموارد البشرية الوطنية وتطوير البنية التحتية الاقتصادية، لأن هذه العناصر هي القاعدة الحقيقية لأي نجاح اقتصادي يرتكز على تنظيم حدث رياضي عالمي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


لكم
منذ 24 دقائق
- لكم
شبهات فساد وإخلاف للوعود ومغالطات.. 'البيجيدي' ينتقد اختلالات ورش الحماية الاجتماعية
سجل حزب العدالة والتنمية، اليوم الجمعة، فشل حكومة في الوفاء بالتزاماتها في ورش تعميم التغطية الصحية والحماية الاجتماعية، واعتبر أن رئيسها عزيز أخنوش يقدم مغالطات وينكر جملة من الاختلالات، في ظل حرمان ملايين المغاربة من التغطية الصحية والدعم الاجتماعي، إلى جانب سوء الخدمات. وتوقف الحزب خلال ندوة صحافية على أن أخنوش يحضر يوم الاثنين إلى مجلس النواب للمرة السابعة في نفس الموضوع الذي هو الحماية الاجتماعية، ويكرر نفس الأرقام والمغالطات، في حين يتجاهل عشرات الأسئلة والمواضيع في السياسات العامة، حيث ينتظر أن يعيد يوم الاثنين نفس الأرقام والمغالطات التي قدمها في مجلس المستشارين يوم 27 ماي الماضي. وأكد عبد الله بوانو رئيس المجموعة النيابية للبيجيدي أن الحكومة أقصت من التغطية الصحية 8 ملايين شخص كانوا يستفيدون من 'راميد'، في حين يكذب رئيسها حين يقول إن المنظومة تشمل عموم الأسر، وهذا الإقصاء أكده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في نونبر الماضي حين أفاد أ، 8.54 مليون مغربي ليست لديهم تغطية، وتأكيد البنك الدولي أن 25 في المئة خارج هذه التغطية. ووصف بوانو إقصاء الكثير من الأسر من الدعم المباشر بالمنكر، وسجل حرمان 1.5 مليون طفل متمدرس من دعم التمدرس، وعدم وفاء الحكومة بوعد 'مدخول كرامة' للمسنين الذي يصل إلى 1000 درهم شهريا مع سنة 2025، حيث تستفيد اليوم الأسرة كلها، بتلاميذها ومسنيها من منحة 500 درهم. ولفت 'البيجيدي' إلى أن 3 في المئة فقط يستفيدون من منحة الولادة، وجرى حرمان أزيد من 43205 أرامل و123 ألف يتيم من الدعم الذي كان مخصصا لهذه الفئة. وبالنسبة للمنظومة الصحية، أكد بوانو أنها تعرف اختلالات بالجملة، وقد أخلفت الحكومة تعهداتها في هذا الباب، بل إن نتائجها على هذا المستوى صفرية. وقال رئيس مجموعة العدالة والتنمية إن الحكومة وعدت في برنامجها بخدمات صحية تحفظ الكرامة، لكن الواقع عكس ذلك، كما وعدت بمضاعفة سيارات الإسعاف لكنها أنجزت صفقة واحدة كلها شبهات، وفيما يخص تعزيز جاذبية المستشفى العمومي، فاليوم انخفض عدد الذين يلجون للمستشفى العمومي إلى 50 في المئة بعدما كان الثلثان يلجؤون له، مقابل تضاعف الطلب على القطاع الخاص. هذا الأمر، يضيف المتحدث، يجعل أن كلفة الفوترة التي تؤديها الدولة تذهب للقطاع الخاص بنسبة 80 في المئة، وهو ما يقدر بـ19 مليار درهم، علما أن كلفة العلاج في القطاع الخاص، تتضاعف خمس وست مرات مقارنة مع العام. ورصد البيجيدي أن الحكومة لم تف بوعودها فيما يتعلق بطبيب الأسرة، وتوفير بطاقة صحية ذكية، ومراجعة الخريطة الصحية، مع تهميشها للمستشفى العمومي، وهو ما أدى إلى أن المصحات الخاصة تنبت بوتيرة كبيرة وطنيا، بشكل يثير الشك، خاصة مع وجود دعم وإعفاءات لها في العقار والاستثمار. وتوقف بوانو على شبهات الفساد وتضارب المصالح في القطاع، ففي جانب الأدوية، ذكر المتحدث أن ثلاث شركات تم تأسيسها مؤخرا كلها مرتبطة بأخنوش، فواحدة لقريبه وأخرى لوزير سابق وعضو معه في المكتب السياسي لحزبه، وثالثة لوزير حالي، وانتقد السياسة الدوائية، فقد كنا نصنع 70 في المئة من حاجياتنا، واليوم 53 في المئة فقط، و47 يأتي من الاستيراد. وأكد بوانو أن الحكومة تبيع شعارا اجتماعية، تظهر فيها أن المستفيد هم الفقراء، لكن عند البحث عمن يستفيد نجد أن أصحاب الأموال والمقربين هم المستفيد. وسلط بوانو الضوء على المشكل الكبير الذي لا يزال يعانيه القطاع الصحي على مستوى الموارد البشرية، محذرا في ذات الوقت من ضعف جودة التكوين، والأزمات في الكليات العمومية التي أدت إلى تضاعف أعداد الطلبة بكليات الطب الخاصة. وخلص المتحدث إلى التأكيد على أن ورش الحماية الاجتماعية يعاني اختلالات مرتبطة بالتنزيل وعدم احترام الجدولة الزمنية، وأخرى مرتبطة بالتمويل؛ حيث الاعتماد المفرط على القروض، والتمويلات المبتكرة ببيع المستشفيات، وحذر من أن هناك تهديدا لمالية هذا الورش ولتوازنه المالي، خاصة مع الضعف الكبير في الاشتراكات.


هبة بريس
منذ 2 ساعات
- هبة بريس
مديرية الضرائب تبدأ في 'تضريب' أرباح ألعاب الحظ عبر الإنترنت
هبة بريس – محمد زريوح في خطوة مهمة، بدأت مصالح المراقبة التابعة للمديرية العامة للضرائب في تطبيق إجراءات جديدة لفرض الضرائب على مكاسب ألعاب الحظ عبر الإنترنت، خاصة تلك التي يتم الحصول عليها عبر منصات أجنبية. ويُعد تطبيق '1xBet' الروسي، المتخصص في المراهنات الرياضية، من أبرز هذه المنصات التي تشهد إقبالاً كبيراً من المستخدمين المغاربة، ليتم بذلك تحديد الإجراءات الجبائية التي ستؤثر على المراهنين المغاربة. في هذا السياق، يشمل الإجراء الجديد فرض حجز نسبة 30% من الأرباح مباشرة من المصدر، وهي خطوة تهدف إلى تسهيل عملية تحصيل الضرائب وتقليل التهرب الضريبي. وستقوم الهيئات المالية والمصرفية المعنية بالإشراف على تنفيذ هذا الإجراء، بما يضمن التزام المراهنين بالقوانين الجبائية الجديدة. وتعمل المديرية العامة للضرائب على توفير آلية إلكترونية لتسهيل عملية تحصيل الضرائب، حيث سيتم إلزام المراهنين بأداء المستحقات الضريبية عبر هذه المنصة قبل نهاية الشهر الذي يلي شهر الاقتطاع. ويترقب الكثيرون أن تساهم هذه الخطوة في ضبط مداخيل ألعاب الحظ عبر الإنترنت، التي كانت تشهد صعوبات في الرقابة الضريبية. أسباب هذا التوجه من قبل الإدارة الجبائية تعود إلى تحذيرات وردت من مصلحة تحليل المخاطر التابعة لها، والتي أظهرت أن منصات المراهنات الأجنبية، مثل '1xBet'، تعمل خارج نطاق القوانين المحلية. هذه المنصات تحقق معاملات ضخمة في المغرب دون دفع الضرائب المستحقة، ما أدى إلى خلق تفاوتات بين الشركات المحلية والدولية في القطاع ذاته. تزامناً مع هذا التوجه، أظهرت المعطيات أن تحويلات الأموال عبر هذه المنصات غالباً ما تتم باستخدام محافظ العملات المشفرة، وهي طريقة تحايل على الأنظمة المالية المغربية. هذا الأمر جعل من الصعب تتبع مسارات الأموال والتحقق من صحتها، مما دفع الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات صارمة لضبط هذا القطاع. من جانب آخر، تبين أن تطبيق '1xBet' لا يقتصر على تقديم خدمات المقامرة فقط، بل يسهل أيضاً عمليات مالية غير قانونية عبر استخدام أنظمة دفع مشبوهة. وهذا يُثير تساؤلات حول الأغراض الحقيقية للتطبيق، خاصة مع الصعوبات التي يواجهها المستخدمون في سحب أرباحهم، مما يعزز المخاوف بشأن الدور الذي تلعبه هذه المنصة في تسهيل حركة الأموال المشبوهة. في المقابل، أشار العديد من المراقبين إلى التزام الشركات المغربية العاملة في هذا القطاع بالقوانين المحلية. حيث تقوم هذه الشركات بتسديد الضرائب المستحقة عليها، بينما تجد الشركات الأجنبية مثل '1xBet' طرقاً لتجاوز هذه الالتزامات القانونية، ما يعزز الحاجة إلى تنظيم صارم لهذا القطاع. في هذا السياق، عبّر فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، عن قلقه إزاء الأنشطة المشبوهة التي تقوم بها شركة '1xBet' الروسية. وذكر أن هذه الأنشطة تساهم في تهريب مليارات الدراهم من العملة الصعبة إلى الخارج، معتبراً أن القطاع في المغرب يتمتع بنظام ضريبي واضح، حيث تدفع الشركات المحلية ما يعادل 2.5 مليار درهم سنوياً. وفي النهاية، يبقى أن نتابع آثار هذه الإجراءات على قطاع ألعاب الحظ عبر الإنترنت، إذ من المتوقع أن تسهم في زيادة الرقابة على هذه الأنشطة وتحقيق مستويات أعلى من الشفافية، مما يعزز فرص تحصيل الضرائب وضمان العدالة بين الشركات المحلية والأجنبية.


ناظور سيتي
منذ 3 ساعات
- ناظور سيتي
إنذار ضريبي للمراهنين عبر الأنترنيت.. الدولة تبدأ تضريب أرباح "1xBet" وتستهدف المحافظ المشفرة
المزيد من الأخبار إنذار ضريبي للمراهنين عبر الأنترنيت.. الدولة تبدأ تضريب أرباح "1xBet" وتستهدف المحافظ المشفرة ناظورسيتي: م ا خلت المديرية العامة للضرائب مرحلة جديدة من تشديد الرقابة الجبائية، بعد أن شرعت، ابتداءً من شهر يوليوز الجاري، في فرض ضريبة مباشرة على أرباح المراهنات وألعاب الحظ عبر الإنترنت، خصوصاً تلك المرتبطة بمنصات أجنبية على رأسها التطبيق الروسي "1xBet"، الذي يشهد انتشاراً واسعا في صفوف الشباب المغربي. ويأتي هذا الإجراء في إطار تفعيل التدابير الضريبية الجديدة المنصوص عليها في قانون المالية لسنة 2025، التي تنص على اقتطاع نسبة 30 في المائة من أرباح المراهنين، عبر آلية "الحجز من المنبع"، لتكون المؤسسات البنكية والجهات المساهمة في صرف تلك الأرباح ملزمة بتنفيذ هذا الاقتطاع، قبل تحويل أي مبلغ إلى الزبون المعني. وأوضحت مصادر مطلعة أن أداء هذه الضريبة سيتم حصرياً عبر منصة إلكترونية وضعتها مديرية الضرائب لهذا الغرض، وفق نموذج محدد مسبقاً، مع إلزام المراهنين بأداء ما بذمتهم من ضرائب قبل نهاية الشهر الموالي لعملية الاقتطاع، في خطوة تروم إدخال هذه الأنشطة غير المنظمة إلى دائرة المراقبة المالية والقانونية. ويُعد هذا التحرك استجابةً لتحذيرات أصدرتها مصلحة تحليل المخاطر التابعة لقسم التحقيقات بالمديرية، والتي نبهت إلى الارتفاع الكبير في حجم التحويلات المالية نحو منصات أجنبية للمراهنة، وغياب أي مسارات واضحة لتعقب الأرباح المحققة، خاصة مع استعمال بعض المستخدمين لمحافظ العملات المشفرة، التي تُمنع التعامل بها قانوناً داخل المملكة. وأشارت ذات المعطيات إلى أن تطبيق "1xBet" يستخدم قنوات دفع غير خاضعة للمراقبة المالية، ويوجه أرباحه بطرق تفتقر إلى الشفافية، ما أدى إلى تنامي الشكوك حول استغلاله في عمليات تبييض الأموال أو تهريب العملة الصعبة، إلى جانب التهرب الضريبي، وهي ممارسات تضعه خارج الإطار القانوني المنظم لألعاب الحظ بالمغرب. وأفادت تقارير أن عدداً من المستخدمين المغاربة واجهوا صعوبات في سحب أرباحهم من التطبيق، ما يرجح أن المنصة لا تكتفي فقط بتقديم خدمات الرهان، بل تسهّل كذلك حركة أموال مشبوهة عبر الحدود، عبر بوابات مالية وثغرات تنظيمية، قد تتعارض مع قوانين الصرف والضوابط البنكية المعمول بها وطنياً. الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، لم يفوّت الفرصة لتوجيه انتقادات حادة لهذا التطبيق خلال اجتماع سابق بلجنة المالية بمجلس النواب، حيث أشار إلى أن "1xBet" يستنزف المليارات من العملة الصعبة بطرق وصفها بـ"غير السوية"، مقارنة مع الشركات الوطنية التي تساهم سنوياً بـحوالي 2.5 مليار درهم في خزينة الدولة. وفي سياق متصل، أكدت مصادر أن مصالح الضرائب كثّفت تنسيقها مع مكتب الصرف والإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة، لضبط هذا الوعاء الجبائي الجديد، في أفق تقنين نشاط المراهنات الرقمية وضمان استخلاص الضرائب المرتبطة بها، وتحقيق مستويات عالية من النجاعة في مراقبة تحويلات الأموال عبر الإنترنت. ويرى متتبعون أن هذه الإجراءات تشكل تحولا جذريا في تعامل الدولة مع قطاع المراهنات الإلكترونية، الذي ظل لعقود خارج مظلة القانون، مشيرين إلى أن فرض الضريبة على أرباح المستخدمين لن يكون سوى بداية لسلسلة من التدابير الأشد، التي قد تصل إلى حظر منصات معينة أو متابعة المخالفين قضائيا. ويُتوقع أن يثير هذا القرار ردود فعل واسعة، سواء من قبل المستخدمين النشطين على هذه المنصات، أو من طرف الجهات التي تقدم خدمات مالية مرتبطة بها، خاصة وأن الأمر يتعلق بنشاط يشوبه الكثير من الغموض، ويطرح تحديات كبرى تتعلق بتقنين العملات الرقمية، وضمان الشفافية في المعاملات العابرة للحدود.