logo
تصاعد معاداة المسلمين في أميركا مع بروز اسم زهران ممداني

تصاعد معاداة المسلمين في أميركا مع بروز اسم زهران ممداني

الشرق السعوديةمنذ 8 ساعات

قال مدافعون عن حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، الجمعة، إن المنشورات الإلكترونية المعادية للمسلمين زادت بشدة بعد فوز المرشح لمنصب رئيس بلدية مدينة نيويورك زهران ممداني، في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي هذا الأسبوع.
وشملت المنشورات تهديدات بالقتل، فيما ربطت أخرى بين ترشيحه وهجمات 11 سبتمبر 2001 التي شهدتها نيويورك.
وكشفت "كير أكشن"، وهي الذراع المدافعة عن الحقوق في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية والتي ترصد مثل هذه الهجمات، عن تسجيل ما لا يقل عن 127 بلاغاً عن منشورات تنطوي على كراهية وعنف تتعلق بممداني أو حملته، في اليوم التالي لإغلاق صناديق الاقتراع.
وذكر مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، في بيان، أن هذا يمثل زيادة خمسة أمثال عن المعدل اليومي لمثل هذه البلاغات التي رُصدت في وقت سابق من هذا الشهر.
وبشكل عام، رصدت المنظمة نحو 6200 منشور على الإنترنت تتضمن شكلاً من أشكال الإساءة أو العداء للإسلام في اليوم نفسه.
وأعلن ممداني فوزه بالانتخابات التمهيدية، الثلاثاء، بعد أن أقر حاكم نيويورك السابق آندرو كومو بالهزيمة. وممداني مشرّع عن الولاية يبلغ من العمر 33 عاماً، ويصف نفسه بأنه اشتراكي ديمقراطي.
وُلد ممداني في أوغندا لأبوين هنديين، وسيكون أول رئيس بلدية مسلم وأميركي هندي للمدينة، إذا فاز في الانتخابات العامة المقررة في نوفمبر.
ارتفاع المنشورات المعادية للمسلمين
وقال باسم القرا، المدير التنفيذي لـ"كير أكشن": "ندعو المسؤولين الحكوميين من الحزبين، بما في ذلك أولئك الذين يروج حلفاؤهم لهذه الممارسات المشوهة، إلى التنديد بالرهاب من الإسلام بشكل قاطع".
وذكرت "كير أكشن" أن نظامها لرصد الكراهية يتضمن جمعاً وتحليلاً خاصاً للمنشورات ورسائل الجمهور الإلكترونية، وإشعارات جهات إنفاذ القانون. وأضافت أن نحو 62% من المنشورات المعادية للمسلمين ضد ممداني صدرت على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي.
وقال المدافعون عن حقوق الإنسان، إن أشخاصاً مقربين من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بمن فيهم أحد أبنائه، من بين من يرددون الخطاب المعادي للمسلمين.
فقد كتب دونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس، على منصة "إكس" الأربعاء، أن "مدينة نيويورك قد سقطت"، بينما شارك منشوراً يربط بين الانتخابات وأحداث 11 سبتمبر.
ونشرت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين، الأربعاء، أيضاً صورة صممها الذكاء الاصطناعي لتمثال الحرية وهو يرتدي النقاب.
واتبع ترمب سياسات داخلية يصفها المدافعون عن حقوق الإنسان بأنها "معادية للمسلمين"، تضمنت حظر السفر من بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة أو العربية في ولايته الأولى، ومحاولة ترحيل طلاب معارضين للحرب الإسرائيلية على غزة، في ولايته الحالية.
ونفى البيت الأبيض الاتهامات بالتمييز ضد المسلمين. ويقول ترمب وحلفاؤه إنهم يعارضون ممداني وغيره بسبب ما يسمونه فكر "اليسار الراديكالي" للديمقراطيين.
شرطة نيويورك تحقق في تهديدات
ذكرت إدارة شرطة مدينة نيويورك هذا الشهر أن وحدة جرائم الكراهية التابعة لها تحقق في "تهديدات معادية للمسلمين تلقاها ممداني".
وقالت مانجوشا كولكارني، من منظمة "أوقفوا كراهية الأميركيين من أصل آسيوي وسكان جرز المحيط الهادئ"، التي توثق الكراهية ضد الأميركيين الآسيويين، ومجلس العلاقات الإسلامية الأميركية، إن الحملات ضد ممداني تشبه تلك التي تعرض لها ساسة مسلمون ومن جنوب آسيا، ومنهم نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس، والنائبتان إلهان عمر ورشيدة طليب.
وصف جمهوريون ممداني بأنه معاد للسامية، مشيرين إلى مناصرته للقضية الفلسطينية وانتقاده للهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة، بعد هجوم شنه مسلحون من حركة حماس في أكتوبر 2023.
واستنكر ممداني معاداة السامية، ويحظى بدعم من اليهودي براد لاندر، المراقب المالي لمدينة نيويورك. وكان لاندر قد ترشح أيضاً في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.
وقال ممداني وجماعات مؤيدة للفلسطينيين، وبعضها يهودي، إن هناك خلط خاطئ بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الاعتراف الفرنسي بفلسطين... بين الوعود والتراجع
الاعتراف الفرنسي بفلسطين... بين الوعود والتراجع

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

الاعتراف الفرنسي بفلسطين... بين الوعود والتراجع

في خضم التطورات المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وبينما تتصاعد الأصوات المطالبة بالاعتراف الدولي بدولة فلسطين، تقف فرنسا عند مفترق طرق دبلوماسي حساس. فمن جهة، تحمل باريس تاريخاً طويلاً من العلاقات مع الشعب الفلسطيني والاعتراف بحقوقه المشروعة، ومن جهة أخرى، تواجه عراقيل سياسية وقانونية ودبلوماسية تجعل من خطوة الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين أمراً بالغ التعقيد. وهذا الواقع يظهر جلياً من خلال المسار التصاعدي الذي اتخذه قرار الاعتراف، بدءاً بالإعلان عن النيّات إلى غاية ربط القرار بشروط سياسية وأمنية، وهو ما يطرح تساؤلات جوهرية حول قدرة فرنسا على تحويل مواقفها النظرية إلى خطوات عملية، وحول الثمن السياسي والدبلوماسي لمثل هذا القرار في ظل التوازنات الدولية الراهنة. ماكرون (رويترز) أثارت تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون بوجود مشروع للاعتراف بالدولة الفلسطينية آمالاً كثيرة. وكان الرئيس الفرنسي أعلن عقب زيارته لمصر في أبريل (نيسان) 2025 أن على فرنسا المضي قدماً نحو الاعتراف واعتبار هذا القرار جزءاً من الحّل السياسي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وبعد هذه التصريحات سارعت فرنسا إلى تعزيز حوارها مع الدول العربية، خصوصاً المملكة العربية السعودية، واتُّفق على عقد مؤتمر دولي يوم 17 يونيو (حزيران) تحت رعاية الأمم المتحدة في نيويورك. بيد أنه أجِّل عقب التصعيد الإسرائيلي الإيراني. والحال، أنه بالرغم من تعذّر ترجمة الاتفاق حتى الآن إلى خطوات عملية ملموسة - بغياب الاعتراف الرسمي - فتاريخ العلاقات الثنائية يؤكد، بالفعل، أن فرنسا منحت فلسطين منذ عقود مكانة دبلوماسية ضمنية. في عام 1974، كان وزير الخارجية الفرنسي جان سوفانيارغ أول وزير غربي يلتقي ياسر عرفات، الرئيس الراحل لمنظمة التحرير الفلسطينية في بيروت، في خطوة رمزية أظهرت رغبة فرنسا لعب دور الوسيط أو الراعي للقضية الفلسطينية. وعام 1975 سمحت فرنسا لمنظمة التحرير الفلسطينية بفتح «مكتب للإعلام والاتصال» في باريس، رقّي إلى «الوفد العام لفلسطين» عام 1989، ثم إلى «بعثة فلسطين» عام 2010 برئاسة سفير فلسطين لدى فرنسا. ثم إن فرنسا كانت من أوائل الدول الغربية التي دعت إلى ضرورة الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في الأمم المتحدة، وذلك في أوائل السبعينات، وفي 1982 تكلّم الرئيس الفرنسي (يومذاك) فرنسوا ميتران أمام الكنيست الإسرائيلي عن ضرورة قيام دولة فلسطينية في خطاب تاريخي أثار جدلاً واسعاً داخل إسرائيل وخارجها. وفي العام نفسه نشطت فرنسا في عمليات الإجلاء البحري لقوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت عام 1982، ما يؤكد على دورها كفاعل إنساني وسياسي في المنطقة. وأيضاً واصلت دعمها للقضية الفلسطينية بوضوح، مصوّتة في السنوات الأخيرة لصالح منح فلسطين صفة «دولة مراقب غير عضو» في الأمم المتحدة عام 2012، ولصالح رفع العلم الفلسطيني في مقر الأمم المتحدة عام 2015. كل هذه الخطوات تثبت أن فرنسا، وإن لم تعترف رسمياً بدولة فلسطين حتى الآن، تعاملت معها باعتبارها كياناً سياسياً ذا سيادة ضمنية، وقدّمت دعماً دبلوماسياً وسياسياً واضحاً. رغم كل هذه الإشارات الإيجابية، تثير مسألة الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين تساؤلات جوهرية في القانون الدولي حول وظائف الاعتراف ومعاييره. فوفقاً لـ«اتفاقية مونتيفيديو» لعام 1933، يتطلّب تعريف «الدولة» وجود شعب دائم، وإقليم محدد، وحكومة، والقدرة على تأسيس علاقات مع الدول الأخرى. وبينما يتوافر للفلسطينيين الشعب والحكومة، تبقى مسألة السيطرة الفعلية على الإقليم محل جدل. وفرنسا، مثل باقي دول الاتحاد الأوروبي، تدعم «حل الدولتين» على أساس «حدود 1967»، وهي ترى أن القدس يجب أن تكون عاصمة لكل من إسرائيل وفلسطين. لكن الواقع على الأرض يختلف كثيراً عن هذا الطرح، إذ تواصل إسرائيل توسيع مستوطناتها في الضفة الغربية، وتسيطر بشكل كامل على القدس الشرقية، بينما تنقسم السلطة الفلسطينية بين الضفة وغزة، وتخضع الأخيرة لسيطرة حركة «حماس». من الناحية القانونية، تدعم فرنسا قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي يدعو إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وتعدُّ أن الاستيطان الإسرائيلي غير قانوني. وهي أيضاً مع تطبيق القانون الدولي في حل النزاع، داعيةً إلى وقف الاستيطان وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة. لكن المشكلة تكمن في أن القانون الدولي - رغم وضوحه نظرياً - يصطدم بواقع سياسي معقد نتيجة رفض إسرائيل الانسحاب من الأراضي المحتلة، بينما مسألة الحدود أكثر تعقيداً. فرنسا تدعم «حدود 1967» أساساً للدولة الفلسطينية، غير أن هذه الحدود ما عادت موجودة فعلياً بسبب التوسع الاستيطاني الإسرائيلي. كذلك يطرح قطاع غزة إشكالية إضافية في أي تسوية مستقبلية. فهل يمكن الاعتراف بدولة فلسطينية من دون سيطرة فعلية على أراضيها؟ وهل تستطيع الدولة الفلسطينية ممارسة سيادتها من دون حل مشكلة غزة؟ أيضاً ثمة إشكالية حول «صيغة» هذا الاعتراف، مع أن نحو 150 دولة تعترف بفلسطين دولةً، ما يشكل غالبية واضحة في المجتمع الدولي، لكن هذا الاعتراف يتنوع في أشكاله ونطاقه. فبعض الدول تعترف بفلسطين «دولةً كاملة العضوية»، بينما تعدّوها دول أخرى «كياناً سياسياً في طور التكوين». وهذا التنوع يطرح تساؤلات حول الشكل الذي ستتخذه المبادرة الفرنسية المحتملة. هذا التحدّي لا تواجهه فرنسا بمعزل عن شركائها الأوروبيين، إذ تكشف دراسة المواقف الأوروبية بخصوص الاعتراف بفلسطين «فسيفساء» معقّدة من التوجهات المختلفة، بل المتضاربة. الدول الإسكندنافية، مثلاً، اتخذت مواقف صريحة ومبكرة في الاعتراف بالدولة الفلسطينية «احتراماً للقوانين الدولية وحق الشعوب في تقرير مصيرها»، بدءاً بالسويد عام 2014 فالنرويج وآيسلندا. في المقابل تقف مجموعة من الدول موقف الحياد المترّدد أو الرفض المبطّن، كألمانيا التي تتخذ موقفاً بالغ التعقيد والحساسية تجاه القضية الفلسطينية، تتقاطع فيه اعتبارات تاريخية عميقة تتعلق بالمحرقة النازية ومسؤولية ألمانيا الأخلاقية تجاه الشعب اليهودي، مع التزاماتها المعاصرة بالقانون الدولي وحقوق الإنسان. وأدّت هذه التعقيدات إلى تبنّي برلين موقفاً متوازناً ظاهرياً، لكنه واقعياً يميل نحو الموقف الإسرائيلي، كونها تربط الاعتراف بدولة فلسطين بالتوصل إلى «اتفاق سلام شامل بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي». وتقدم بريطانيا، بدورها، نموذجاً آخر للتعقيدات الأوروبية على خلفية مسؤوليتها التاريخية عن نشأة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، بدءاً من «إعلان بلفور» عام 1917 انتهاءً بالانتداب البريطاني على فلسطين. وطبعاً يتأثر الموقف البريطاني بالعلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة، وقوة «اللوبي الإسرائيلي» فيها. للعلم، مواقف إسبانيا وآيرلندا وإيطاليا شهدت تطوّراً ملحوظ في السنوات الأخيرة بتأثير من الضغط الشعبي المتنامي، والتغيرات التي حدثت في التركيبة السياسية لهذه البلدان، وترُجم بالاعتراف الرسمي من قبل إسبانيا وآيرلندا في مايو (أيار) 2024 وتعاطفهما المتزايد مع القضية الفلسطينية. دول أوروبا الشرقية، خصوصاً بولندا والتشيك والمجر، تعكس نموذجاً مختلفاً في التعامل مع القضية الفلسطينية. فهذه الدول، التي كانت جزءاً من الكتلة الشرقية سابقاً، اعترفت بدولة فلسطين في إطار السياسة السوفياتية، لكن التحولات السياسية التي شهدتها بعد انهيار «جدار برلين» أدّت إلى تغيّر مواقفها الخارجية. واليوم، تعيش هذه الدول «تأرجحاً» بين الحفاظ على الاعتراف التاريخي بفلسطين والرغبة بتعزيز العلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة كجزء من الاندماج في الغرب. وأدى هذا التأرجح إلى مواقف متذبذبة وأحياناً متناقضة، تعكس الصراع بين الإرث السياسي والتوجّهات الجديدة. أخيراً، اعتمدت هولندا والدنمارك نهجاً براغماتياً متميزاً في التعامل مع القضية الفلسطينية، إذ سعتا إلى التوازن بين دعم حقوق الشعب الفلسطيني والحفاظ على العلاقات الجيدة مع إسرائيل. وتجلّى هذا في الدعم المالي والإنساني الكبير الذي تقدمه الدولتان للشعب الفلسطيني، لكن من دون الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية. هذا الموقف يجسّد الفلسفة الشمال - أوروبية في التعامل مع النزاعات الدولية، معطيةً الأولوية للحلول العملية والدبلوماسية على المواقف الرمزية، والتركيز على تحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية للشعوب المتضرّرة. عودة إلى موقف فرنسا، يعدّ الموقف الأميركي الرافض للاعتراف بدولة فلسطين عاملاً مؤثراً في الحسابات الفرنسية. ومعلوم أن واشنطن تصرّ على أن يأتي الاعتراف بدولة فلسطين نتيجة «مفاوضات مباشرة» بين الطرفين لا إجراءً أحادي الجانب. بارو (آ ف ب) في أي حال، تواجه فرنسا ضغوطاً داخلية متزايدة من الرأي العام والمجتمع المدني لتفعيل الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، ولقد نشرت صحيفة «لوموند» يوم 15 مايو 2025 عريضة، وقّع عليها سياسيون وحقوقيون وباحثون، إضافة إلى ممثلين عن تنظيمات نقابية كـ«سي جي تي» واسعة النفوذ في الأوساط العمالية و«منظمة أطباء بلا حدود» و«منظمة حقوق الإنسان»، تطالب بـ«الاعتراف العاجل بدولة فلسطين». وجاء في العريضة أن الاعتراف «لم يعد مجرد خيار دبلوماسي بين خيارات أخرى، بل بات ضرورة أخلاقية وسياسية واستراتيجية لا تحتمل التأجيل عن جدوى النداءات المتكررة لوقف إطلاق النار، بينما يزداد الوضع الإنساني سوءاً يوماً بعد يوم». وحثّت الشخصيات الموقّعة على العريضة فرنسا على «التحلّي بالشجاعة السياسية» و«التحوّل من موقف المتفرج إلى فاعل رئيس في دعم السلام العادل والاستقرار في المنطقة». وشددت على أن الاعتراف واجب إنساني وسياسي يفرضه الواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون. الضغوط تجلّت أيضاً خلال «منتدى باريس للسلام» الذي استضاف يوم 13 يونيو 2025 مؤتمراً كبيراً للمجتمع المدني تحت شعار «نداء باريس من أجل حل الدولتين، السلام والأمن الإقليمي». وجمع المؤتمر مئات المشاركين للتأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار الفوري والدائم، وإطلاق سراح كل المعتقلين، وتقديم مساعدات إنسانية غير مشروطة لأهالي غزة. كذلك شّدد المؤتمر على أن الاعتراف بدولة فلسطين «يمثل ركيزة أساسية لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة». الملاحظ هنا الدور الفعّال الذي تلعبه تنظيمات اليسار من أجل توجيه السياسة الخارجية نحو قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية، على رأسها «فرنسا الأبية» وزعيمها جان لوك ميلونشون، الذي سّجل ّمطلب الاعتراف في برنامجه الانتخابي، وكان حزبه السياسي وراء معظم الفعاليات الشعبية التي نظمت لمساندة الشعب الفلسطيني. فرنسا تؤكد دائماً أنها لا تخضع لضغوط خارجية أو داخلية في موضوع فلسطين، وأنها تتخذ قراراتها بناءً على المصلحة الوطنية والدبلوماسية، لكن كل المعطيات تشير إلى أن رسم السياسة الخارجية بات يأخذ أيضاً في الحساب تطلعات الجالية العربية والمسلمة، وكذلك ثقل النفوذ الإسرائيلي. بالنسبة للعرب والمسلمين، ثمة عدة اعتبارات: أولها الثقل الديمغرافي، فحسب دراسة حديثة أجراها معهد «إيفوب» (IFOP)، يبلغ عدد المسلمين في فرنسا نحو 5 ملايين شخص، بينما تشير التقديرات الأخرى إلى أن هذا الرقم يتراوح بين 5.7 ملايين (تبعاً لمركز «بيو» للأبحاث) و10 ملايين وفقاً لبعض التقديرات الرسمية. وهذا يعني ما بين 6 إلى 10 في المائة من مجموع سكان فرنسا، مع توقع بأن تصل نسبتهم إلى 12 - 18 في المائة في السنوات العشر المقبلة. هذا الثقل يترجم في صناديق الاقتراع وفي الشوارع عبر الاحتجاجات الشعبية، التي تضغط على الأحزاب والسياسيين الفرنسيين لاتخاذ مواقف أكثر وضوحاً تجاه الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني. أيضاً يبرز تأثير هذه الجالية على الصعيد الاقتصادي كقوة فاعلة أيضاً، كما بيّنت دراسة «معهد إيفوب» استناداً إلى النشاط الاستهلاكي المكثّف للأسر المسلمة في مجالات الغذاء والسلع المنزلية والملابس، فإجمالي إنفاقها يصل خلال شهر رمضان مثلاً إلى نحو 400 مليون يورو. أما قطاع الصناعة «الحلال»، فهو يشكل سوقاً ضخمةً في فرنسا، تقدر قيمتها بنحو 5 مليارات يورو سنوياً. في المقابل، تناوئ قوة سياسية واجتماعية مؤثرة داخل فرنسا الضغوط المتزايدة الداعية للاعتراف بدولة فلسطين، هي الجالية اليهودية الفرنسية. بالمناسبة، تُعَد الجالية اليهودية في فرنسا الأكبر في أوروبا والثالثة عالمياً بعد إسرائيل والولايات المتحدة، بنحو خمسمائة ألف إلى سبعمائة ألف شخص. ومع أن هذا العدد أقل بكثير من تقديرات الجالية المسلمة والعربية، إلا أن تأثيرها السياسي والاقتصادي والإعلامي يفوق حجمها الديموغرافي بكثير. ومنذ زمن تقابل أي خطوة فرنسية نحو الاعتراف الأحادي الجانب بدولة فلسطين بمعارضة شديدة من قبل هذه الجالية وكياناتها الممثلة. إذ تمارس منظمات مثل «الكريف CRIF» (المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا) ضغطاً سياسياً ودبلوماسياً مستمراً على الحكومة الفرنسية والبرلمانيين لتبني مواقف تُراعي مصالح إسرائيل فقط. ولقد ناشد روجيه كاروتشي، عضو مجلس الشيوخ المقّرب من تنظيم «الكريف»، الرئيس إيمانويل ماكرون، التخلي عن قرار الاعتراف بعد الإعلان عنه. ثم صرّح خلال جلسة مساءلة برلمانية لوزير الخارجية جان نويل بارو، بما يلي: «في يونيو 1940 رفض الرئيس (شارل) ديغول بشاعة النازية، فلا تشعروننا في يونيو 2025 بأن الرئيس ماكرون سينحني أمام بشاعة الإسلاميين». من جهة ثانية، تأثير هذه الجالية ليس محصوراً في القنوات السياسية الرسمية، بل يمتد إلى وسائل الإعلام والمشهد الثقافي، فهي تُسهم في تشكيل الرأي العام حول الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وهذا الوزن، بجانب الحساسية التاريخية الفرنسية تجاه معاداة السامية وإرث المحرقة، يجعلان أي حكومة فرنسية تتردد في الاعتراف بدولة فلسطين.

ترامب: يجب أن يكون سعر الفائدة 1% وأتمنى استقالة باول
ترامب: يجب أن يكون سعر الفائدة 1% وأتمنى استقالة باول

أرقام

timeمنذ 3 ساعات

  • أرقام

ترامب: يجب أن يكون سعر الفائدة 1% وأتمنى استقالة باول

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة إنه يأمل في استقالة جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي)، وعبر عن رغبته في خفض أسعار الفائدة إلى واحد بالمئة. وقال "أتمنى أن يستقل إذا أراد ذلك، أداؤه سيئ للغاية"، واصفا رئيس الاحتياطي الاتحادي بأنه "غبي".

هل ينجح زهران ممداني في رسم مسار جديد للحزب الديمقراطي انطلاقاً من نيويورك؟
هل ينجح زهران ممداني في رسم مسار جديد للحزب الديمقراطي انطلاقاً من نيويورك؟

الشرق السعودية

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق السعودية

هل ينجح زهران ممداني في رسم مسار جديد للحزب الديمقراطي انطلاقاً من نيويورك؟

أثار فوز السياسي الأميركي زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة، وانتشرت أصداء هذا الجدل في مختلف أنحاء البلاد. ووصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عبر منصته "تروث سوشيال"، ممداني بأنه "شيوعي مهووس"، بينما دعا نادي الشباب الجمهوري في نيويورك الحكومة الفيدرالية إلى سحب جنسيته، التي حصل عليها عام 2018، وترحيله من البلاد. وحتى داخل الحزب الديمقراطي، جاءت ردود الفعل منقسمة إزاء فوز ممداني، إذ عبّر بعض الأعضاء عن دعمهم له، في حين أعرب آخرون عن قلقهم، واصفين إياه، كما وصفه ترمب، بـ"المتطرف". ويأتي فوز ممداني، في وقت يواجه فيه الحزب الديمقراطي انقسامات داخلية حادة واستقالات شخصيات نقابية بارزة، بينما يكافح لمواجهة الضغوط السياسية والاقتصادية المتزايدة. ويتزامن صعود ممداني مع تنامي نشاط الحركات الشبابية والتقدمية، مثل حركة "القادة الذين نستحقهم"، التي باتت تلعب دوراً محورياً في دعم المرشحين التقدميين على المستويين المحلي والوطني. ويثير هذا التوجه قلقاً متزايداً داخل المؤسسة الحزبية الديمقراطية، التي تخشى فقدان قبضتها على المشهد السياسي. تحوّل في الحزب الديمقراطي برز اسم ممداني (33 عاماً) كصوتٍ جديد يطالب ببرنامج اشتراكي جريء يركّز على أزمة المعيشة والإيجارات، وإنشاء متاجر بقالة تابعة للبلدية، وتوفير حافلات مجانية، وزيادة الضرائب على الأثرياء في مدينة نيويورك. وجاء فوز ممداني مفاجئاً للأوساط السياسية، ليس فقط لأنه خاض حملة انتخابية استمرت 8 أشهر في مواجهة رمز حزبي تقليدي ينتمي إلى عائلة سياسية عريقة، وهو أندرو كومو، الحاكم السابق للمدينة ونجل الحاكم الأسبق ماريو كومو، بل لأن نتائج الانتخابات خالفت أيضاً توقعات استطلاعات الرأي. وقال المحامي الحقوقي والمرشح السابق في مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي روبرت باتيلو، لـ"الشرق"، إن فوز ممداني "لا يمثّل انتصاراً فردياً، بل إشارة إلى تحوّل أوسع في الحزب الديمقراطي، خاصة في المدن الكبرى"، مشيراً إلى أنه "مع ميل الحزب الجمهوري إلى أقصى اليمين بقيادة ترمب، فإن الحزب الديمقراطي يضطر هو الآخر إلى تبنّي مواقف يسارية جريئة، تُرضي قاعدة تصوّت اليوم من منطلق الحاجة لا التردد". وشكّك باتيلو في منهجية استطلاعات الرأي، قائلاً إنها "لا تزال عالقة في أساليب ومنهجيات الثمانينيات والتسعينيات، وهي التي فشلت مراراً في توقع نتائج الانتخابات الأخيرة، من فوز ترمب إلى خسارة كامالا هاريس (نائبة الرئيس السابق جو بايدن)". وفي الوقت نفسه، نبّه باتيلو إلى أن "الكثير من مؤيدي ممداني، خصوصاً من الشباب الجامعيين البيض وذوي الأصول المتنوعة، فضّلوا عدم التصريح بتوجهاتهم في الاستطلاعات، خشية التهميش أو التشكيك، لكنهم عبّروا عن أنفسهم بقوة عند صناديق الاقتراع". وأضاف: "هؤلاء الناخبون لا يكتفون اليوم بتعديلات طفيفة في السياسات، بل يطالبون بقفزات حقيقية وتغيير حاد في بنية النظام السياسي، بعدما سئموا من اعتدال باهت يتم تقديمه تحت شعارات وسطية للتكيف مع سياسات ترمب". "خطاب جريء وحملة ناجحة" وانقسمت الآراء الديمقراطية حول برنامج ممداني الانتخابي، إذ أيده المحامي الديمقراطي ألين أوور، قائلاً لـ"الشرق" إن فوزه يمثل "جرس إنذار" داخل الحزب، مشيراً إلى أنه "قاد حملة تعبّر عن التغيير الجذري، بشخصية شابة، وخطاب تقدمي جريء، وبرنامج يتحدى الخطاب السائد حول الإسكان والضرائب، ويطرح سياسات تخدم الطبقة العاملة وليس فقط المصالح التقليدية". وفي المقابل، انتقد مات بينيت، نائب رئيس مجموعة "الطريق الثالث" اليسارية الوسطية بالحزب الديمقراطي، برنامج ممداني، قائلاً في تصريحات لـ"الشرق"، إنه "لم يفز لأنه تبنى برنامجاً يسارياً متطرفاً، بل لأنه استغل فرصة سياسية سانحة وأدار حملة انتخابية ذكية"، محذراً من أنه "إذا ركز الحزب الديمقراطي على أسلوب ممداني القريب من الناس دون تبني سياساته اليسارية المثيرة للجدل، فقد يستفيد، لكن تعميم هذا النهج اليساري قد يضر بالحزب في المناطق المعتدلة خارج نيويورك". وتابع بينيت قائلاً إن أهمية فوز ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي "لا تكمن في برنامجه السياسي، بل في الطريقة التي أدار بها حملته". وأضاف: "ممداني شاب يتمتع بالكاريزما، ركّز على القضايا الاقتصادية التي تهم الناخبين، ونجح في إيصال رسالته بفعالية"، معتبراً هذا الأسلوب "نقطة قوة"، لكن مضمون البرنامج نفسه، الذي يتبنى مواقف اشتراكية ديمقراطية، يعتبر "إشكالياً للحزب على المدى الطويل". ويعتقد بينيت أن السياق الانتخابي له "دور حاسم" في هذا الانتصار، موضحاً أن الانتخابات جرت في مدينة نيويورك، وهي من أكثر المدن ليبرالية في الولايات المتحدة، وخلال شهر يونيو الذي تزامن مع درجات حرارة مرتفعة قللت من إقبال الناخبين. وأرجع بينيت الفضل، جزئياً، في فوز ممداني إلى منافسه أندرو كومو، قائلاً إنه "كان محمّلًا بإرث سياسي مثقل بالفضائح، ما جعله مرشحاً ضعيفاً في مواجهة شخصية تقدم نفسها بوصفها البديل النقي والجريء". واستقال كومو من منصبه عام 2021، بسبب اتهامات بـ"التحرش الجنسي". انتقادات ديمقراطية وأقر كومو بالهزيمة مع إعلان نتائج 93% من الدوائر الانتخابية، وحصول ممداني على 44% من الأصوات. وقال كومو: "لقد استحقها، لقد فاز". وولِد ممداني ونشأ في عاصمة أوغندا كامبالا، وفي سن السابعة انتقل إلى مدينة نيويورك، رفقة أبيه محمود ممداني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا، ووالدته مخرجة الأفلام الكارتونية ميرا ناير. وكان ممداني، الشاب المسلم من أصل هندي، يعبر عن آرائه السياسية بشكل رئيسي من خلال منشورات طويلة على فيسبوك. وفي جامعته بودوين، التي نال فيها درجة البكالوريوس في الدراسات الإفريقية، شارك ممداني في تأسيس أول فرع لـ"طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، وتعرض مؤخراً لانتقادات بسبب آرائه بشأن إسرائيل، ووصفه ما يحدث في غزة بـ"الإبادة الجماعية". ووجهت له اتهامات بـ"معاداة السامية"، وهو ما يرفضه. وعمل ممداني مستشاراً إسكانياً متخصصاً في منع حجز المساكن، وساعد السكان من ذوي الدخل المحدود من غير البيض في كوينز على مقاومة الإخلاء والبقاء في منازلهم، وهو ما يفسر اهتمام برنامجه الانتخابي لمنصب "العمدة" بتجميد إيجارات المساكن. وفي عام 2020، فاز ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وأصبح عضواً في الجمعية التشريعية لولاية نيويورك عن الدائرة 36 في منطقة أستوريا، ليكون ثالث مسلم يتولى هذا المنصب. وخلال عضويته في جمعية ولاية نيويورك أضرب ممداني عن الطعام مع سائقي سيارات الأجرة، لتخفيف نحو 450 مليون دولار من الديون، كما نجح في إطلاق مشروع تجريبي لحافلات مجانية، ووعد عند فوزه بمنصب "العمدة" بإلغاء أجور الحافلات في المدينة. وتراجع ممداني عن بعض مواقفه القديمة، مثل دعوته لقطع تمويل الشرطة، وقال في المناظرة التمهيدية الأخيرة إنه لا يخطط لذلك، ولكنه أكد عزمه إعادة النظر في المهام المُكلفة لها. وواجه ممداني انتقادات حادة من معسكره الديمقراطي في ولايته نيويورك، بسبب برنامجه الاشتراكي، وقوله إنه "سيفرض ضريبة دخل بنسبة 2% على سكان نيويورك الذين يكسبون أكثر من مليون دولار سنوياً". ووصفت لورا جيلين، عضوة الكونجرس والممثلة عن جزء من لونج آيلاند، ممداني بأنه "متطرف للغاية"، وقالت في منشور على منصة "إكس" إن حملته الانتخابية بأكملها "بُنيت على وعود لا يمكن تحقيقها وزيادة الضرائب، هو آخر ما تحتاجه نيويورك". أما النائب توم سوزي، عن لونج آيلاند، أيد كوومو خلال الانتخابات التمهيدية، وبعد فوز ممداني قال إنه "لا يزال لديه مخاوف جدية بشأن ممداني". وبينيت، الذي شغل منصب نائب مساعد الرئيس للشؤون الحكومية في البيت الأبيض خلال عهد بيل كلينتون، قال إن نقطة ضعف ممداني تكمن في "أفكاره اليسارية السيئة جداً". ولفت بينيت إلى ما قاله ممداني سابقاً عن الشرطة، والتي يوصفها بـ"العنصرية"، وأنه "يجب تقليص تمويلها"، مشيراً إلى أن هذا "يثير القلق، وإذا أصبح فعلاً عمدة، قد يكون رد فعل الشرطة سلبياً، وقد ترتفع معدلات الجريمة، ما قد يؤدي إلى مشاكل حقيقية". وأضاف بينيت أن "خطة ممداني للإنفاق العام، والتي تعتمد على رفع الضرائب على الأثرياء والشركات، تحتاج إلى موافقة المسؤولين في ألباني"، حيث تُتخذ القرارات الكبرى على مستوى الولاية، مضيفاً أنه "إذا رفض هؤلاء القادة خطته، فإن هذا قد يضع ممداني في مأزق حقيقي كعمدة، لأن الكثير من وعوده الانتخابية ستصبح صعبة التنفيذ". والمأزق الذي تحدث عنه بينيت أشارت إليه صحف أميركية، عند مقارنة ممداني في محاولته أن يصبح أصغر عمدة في عمر الـ33 عاماً، بـ"العمدة الصبي" جون بوروي ميتشل، الذي انتخب في سن الـ34 عاماً عمدة لنيويورك في عام 1914. وكان ميتشيل جمهورياً إصلاحياً، يملك طموحاً يشبه طموح ممداني، إذ ركز على مكافحة الفساد، وخاصة داخل الشرطة وإدارة المدينة، لكن بعد 3 سنوات سُحق أمام جون فرانسيس هايلان، الذي دعمته منظمة "تاماني هول" السياسية الديمقراطية. ولم يستبعد بينيت أن يلقى ممداني مصير ميتشيل، قائلاً إن "الناخبين ومستشاري المدينة وغيرهم لن يدعموا أفكاره المتطرفة". لكن المحامي الديمقراطي أوور، يرى أن ممداني يرسم مساره الخاص ببرنامج يركّز على الفئات المهمّشة، ومهمته الآن تنفيذ وعوده، قائلاً: "قد يكون لديك أكثر أجندة طموحة في العالم، لكن يجب أن تمتلك القدرة السياسية على دفعها قدماً، لذا سيكون هذا أول اختبار حقيقي لقدراته السياسية على إقرارها". لغة الانترنت ولم يكن صعود ممداني مضموناً على الإطلاق، لكن بمساعدة عشرات الآلاف من المتطوعين غير مدفوعي الأجر، نجح في حشد الناخبين الشباب لتحقيق فوز مفاجئ في المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في الولايات المتحدة. ويجيد ممداني لغة الانترنت، وينشط باستمرار على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أنه التقى بزوجته، رسامة الرسوم المتحركة السورية راما دوجي، عبر تطبيق مواعدة. وفي حملته الانتخابية اعتمد على العديد من المؤثرين على الانترنت الذين ربطوا حملته بالثقافة الشبابية في نيويورك. واستعان ممداني بشخصيات معروفة في عالم الموسيقى والموضة والبودكاست، ما جعل حملته أكثر جذباً وتأثيراً بين الناخبين الشباب. وقال باتيلو إن ظهوره في الفعاليات الفنية وعلى برامج التواصل الاجتماعي، ساعده في إيصال أفكاره بطريقة مبسطة ومسلية، خصوصاً ما يتعلق بتجميد الإيجارات والنقل المجاني. وفي بودكاست Subway takes الذي يجريه كريم رحمة، في مترو الأنفاق في نيويورك، قال ممداني إنه اعتمد على تبرعات الأشخاص العاديين وحصل على أكثر من 8 ملايين دولار من تبرعات فردية من 20 ألف شخص عادي، وهو نفس المبلغ الذي حصل عليه منافسه أندرو كومو من المليونير مايكل بلومبرج. وإلى جانب دعم الأفراد، حصل ممداني أيضاً على دعم ديفيد هوج، نائب اللجنة الوطنية الديمقراطية، الذي ترك منصبه مؤخراً، بعد تصاعد خلاف مع الديمقراطيين بسبب إعلانه تخصيص 20 مليون دولار من أموال الحزب لدعم المرشحين الشباب في الكونجرس مقابل المسنين. ودعمت مجموعته "القادة الذين نستحقهم" عضو مجلس ولاية نيويورك، إذ ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن المجموعة تبرعت أيضاً بمبلغ 300 ألف دولار للجنة عمل سياسية تابعة لحزب "العائلات العاملة"، والتي تضع ممداني في المرتبة الأولى على قائمة المرشحين الذين حصلوا على دعمها. وقال باتيلو، إن نقطة ضعف ممداني ستكون في قدرته على جمع الأموال للترشح ضد طبقة المليونيرات والمليارديرات، وطبقة المانحين. وأضاف أن كومو، الذي أعلن أنه سيترشح، كمستقل في الانتخابات العامة نوفمبر القادم، "بسبب اسمه، ومزاياه التنظيمية، وماله، لا يزال بإمكانه الفوز حتى في هذا السباق". لكن باتيلو يرى أن فوز ممداني في الانتخابات التمهيدية، يرسل إشارة بأن الحزب الديمقراطي قد يفتح أبوابه للقيادات الشابة أخيراً، قائلاً إن "العديد من الأسماء البارزة في القيادة الديمقراطية يرحلون أو يصابون بالوهن، وغير قادرين على الاستمرار في مناصبهم، وبالتالي، ولأنهم تركوا فراغاً في السلطة، فإنك ترى أصواتاً شابة تتاح لها الفرصة للصعود". وأضاف باتيلو أن الجيل القادم من القادة، يبدو أنهم متطورون على وسائل التواصل الاجتماعي، ويفهمون الرسائل، ولديهم الطاقة اللازمة لطرح أجندتهم. يتفق بانيت مع باتيلو في أن الحزب الديمقراطي يحتاج قيادات شابة، قائلاً إن "فوز شاب على رجل أكبر سناً يوحي دائماً بأن الناخبين يبحثون عن الشباب والحيوية". وأضاف بينيت أن فوز ممداني يوحي بأنه يجب البحث عن مرشحين يشبهونه، قادرين على التواصل مع وسائل الإعلام الجديدة بالطريقة التي استخدمها بفعالية كبيرة، ولكنه اعتبر أن "الأمر لا يتعلق بأيديولوجيته، بل بعمره وأسلوبه فقط". موقف الجناح الوسطي في الحزب الديمقراطي بعد أسابيع من تصاعد الزخم حول حملة زهران ممداني، أعلن السيناتور بيرني ساندرز والنائبة التقدمية ألكساندرا أوكاسيو كورتيز تأييدهم له، لكن الجناح الوسطي في الحزب هاجمه بشده. وقبل شهر من نهاية الانتخابات التمهيدية لسباق عمدة مدينة نيويورك، دعت المرشحة جيسيكا راموس، عضوة مجلس الشيوخ عن كوينز، الناخبين إلى منح صوتهم لمنافسها أندرو كومو. وبررت ذلك بأنها "لا تملك فرصاً حقيقية للفوز بسبب ضعف أدائها في استطلاعات الرأي وصعوبة جمع الأموال"، ورأت أن كومو "هو الأقدر على مواجهة سياسات ترمب". وشكّل موقف راموس صدمة للكثيرين، خصوصاً أنها كانت سابقاً تدعو إلى استقالة كومو بسبب اتهامات بـ"التحرش". وراموس نفسها رغم عدم تجاوزها الـ40 عاماً، سخرت خلال مناظرة تمهيدية للحزب الديمقراطي، من ممداني، قائلة: "أنا نادمة على عدم ترشحي لمنصب عمدة نيويورك في 2021.. كنت أعتقد أنني بحاجة إلى المزيد من الخبرة، لكن اتضح أن الأمر يتطلب فقط إنتاج فيديوهات جيّدة". وجاء رأي راموس مشابهاً لردود فعل الجناح الأكثر براجماتية في الحزب، والذي اعتبر فوز ممداني "انتكاسة خطيرة" للحزب، حيث حذّر الديمقراطي لورانس سامرز، وزير الخزانة السابق في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، من تأثير هذا الفوز على "مستقبل الحزب والبلاد". واعتبر باتيلو أن هذا نمط متكرر داخل الحزب، يتمثل في احتواء أو إقصاء السياسيين التقدميين الصاعدين، وقد يواجه ممداني المصير نفسه إذا لم يتمكن من إثبات جدارته. وقال باتيلو إن "الحزب الديمقراطي يعاني من انقسام داخلي، فهو يجمع بين فئات تقدمية شابة مثل الأميركيين من أصل إفريقي، والمهاجرين، وداعمي حقوق الأقليات، وبين فئات أكثر تقليدية من مناطق الوسط الزراعي مثل المزارعين"، موضحاً أن هذا التنوع يؤدي إلى توتر دائم حول توجهات الحزب، وغالباً ما يتم تهميش الأصوات التقدمية رغم صعودها. "فرصة للجمهوريين" في الوقت نفسه، يرى الجمهوريون أن فوز ممداني في نيويورك فرصة لتعزيز حضورهم السياسي في دوائر تنافسية، باستخدام برنامجه التقدمي لتصوير الحزب الديمقراطي على أنه "متطرف"، وهذا أكثر ما يخيف بينيت، موضحاً أن "هناك خطر حقيقي من أن يستغل الجمهوريون آراء ممداني، وآراء الاشتراكيين كسلاح ضد الديمقراطيين الآخرين". وأكد بينيت أنهم قد بدأوا بالفعل في ذلك، قائلاً: "نرى الآن رسائل لجمع التبرعات وتصريحات تصدر عن الجمهوريين تحاول ربط ممداني بالديمقراطيين في مناطق أخرى من ولاية نيويورك ومن أنحاء البلاد"، مضيفاً: "أعتقد أن هذا يشكل مشكلة حقيقية". ودخل ترمب على الخط وهاجم ممداني بشدة لفوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ووصفه بـ"الشيوعي المهووس"، وقال إن "مظهره فظيع، صوته مزعج، وليس ذكياً بما يكفي"، معتبراً أن صعوده يمثل "لحظة فارقة في تاريخ البلاد". كما دعا "نادي الشباب الجمهوري" في نيويورك الحكومة الفيدرالية إلى تجريد ممداني من جنسيته وترحيله. ووصف أوور هذه الدعوة بأنها "غير ديمقراطية وغير إنسانية"، قائلاً إن "الحديث عن سحب الجنسية بسبب الاختلافات السياسية أمر غير لائق"، و"سيمتد إلى كل شخص في مدينة نيويورك، بمن فيهم العديد من هؤلاء الجمهوريين الشباب الذين ربما ليسوا أميركيين بالولادة، أو ربما يكون آباؤهم مهاجرين". أما باتيلو، فقد اعتبر أن الأمل في تغيير طريقة تفكير الحزب الديمقراطي، الذي يهتم بالأساس بالفوز، هو قدرة ممداني على تحقيق نتائج ملموسة مثل تحسين مستوى المعيشة، خفض الجريمة، وتقديم خدمات حقيقية للناس. وقال: "حينها سيصبح نموذجاً يُحتذى به، وقد يدفع الحزب لإعادة النظر في مواقفه من السياسيين التقدميين، فالساحة السياسية في أميركا، تميل دائماً إلى تقليد النماذج الناجحة، وبالتالي فإن أفضل وسيلة ليكسب ممداني ثقة الحزب والدعم المستمر هي أن ينجح في مهمته كعمدة ويكسب الناس على أرض الواقع".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store