
لمعة التوزير بعد التشكيل!
اضافة اعلان
كل مرة أتابع فيها صور وملامح بعض الوزراء قبل وبعد التوزير، أو خلال مدة عملهم، أتذكّر شكل تطوّر كل من شارك في برنامج مسابقات الغناء الشهير "أراب آيدول"، حيث تختلف ملامحهم ومستوى الصوت وشكل حياتهم وطريقة وقوفهم أمام الكاميرات يوماً بعد يوم بسرعة فائقة، لدرجة أنهم أنفسهم – وأقصد الطرفين، قبلنا – يستغربون من سرعة التغيير.لدرجة تصل لترى أغلبهم يحاولون قدر الإمكان ألّا تُنشر صورهم وحياتهم السابقة، بما فيها من ملامح التعب ووعثاء الحياة وعلامات المرض عند كثير منهم. لكن لم يمتلك أي منهم "لمعة التوزير" إلا قلة نادرة، نراها كما عرفناها: استمرت كما بدأت، أو حتى بدا يظهر عليها جهد العطاء.هم المواطنون وحدهم، وبعض رؤساء الوزراء، من ترى سرعة زيادة بياض شعرهم، وفقدان وزنهم، وزيادة متسارعة في ملامح العمر في وجوههم، وكأن الوزراء يمتصون بريق الحياة من الشعب والرئيس. فترى وقتها كل رئيس حكومة يغرق في ضمان أعلى درجات تحقيق متطلبات نجاح مرحلة تكليفه، وكأنه مكلف وحده بإدارة كافة الوزارات. ويعمل المواطنون لرعاية رغبات الوزراء والاهتمام بهم في الدعوات الرسمية والخاصة، بأقصى ما يملكون من عزيمة مجاملة لصاحب المنصب، وكأنه جزء من نظام حياتهم.ويسعى الرئيس في كل جولة معلنة أو مفاجئة لرضى الجمهور بتلبية متطلبات المواطنين، وكأنها مهمته منفردا. وحتى في القبول، ترى مراكز الدراسات في تقييمها وتحليلها للإنجاز والرضى تركز على تقييم الرئيس منفرداً، بينما يغرق عدد لا يُستهان به من الوزراء في البحث عن علاج يُعيد الشباب، والسعي لاختيار أفخر البدلات وربطات العنق، وأفضل أماكن السفر، أو متابعة مدى حداثة وجودة وتنوع المركبات المتاحة لهم، ونسبة مشاركتهم في المناسبات، إلا قلة نؤمن جميعاً بدورهم وقربهم من العامة، وجوهر العمل وخدمة المواطنين، ويسهل تعدادهم بعد كل تشكيل. أما الفئة الأولى، فيمكن لأي مواطن أن يلمح شكلهم دون معرفة أسمائهم، من درجة لمعان ربطة العنق وتكرار تغييرها، بدلاً من لمعان الإنجاز.المشكلة أن رؤساء الحكومات هم غالباً من ترى زياراتهم أكثر أثرا على قرارات احتياجات الحياة، والاستجابة لمتطلبات الناس في الأرياف والقرى والبوادي والمدن، من وزراء الاختصاص. لدرجة أن تعلن أن دولة الرئيس في كل حكومة هو "بتاع كله" في الاختصاص والمتابعة والإنجاز والمساءلة. وحتى عندما نغضب من انقطاع مؤقت للكهرباء، أو زحمة سير في طريق، أو تأخر إنجاز معاملة لنقص أوراق في مؤسسة، ترى المواطنون أول ما يهاجمونه ويتهمونه هو الرئيس، لا جهة الاختصاص. ودور أغلب الوزراء – إلا قليل منهم – لا يتجاوز عملهم سوى الركض، دون توافق مع سرعة الحكومات غالباً، في وقت نعلم جميعاً أن لكل وزارة مخصصات وموظفين، وقرار الوزير أقرب وأسرع في سير أعمالهم، وليس رؤساء الوزارات. ولكن يبقى الانشغال في التركيز على مدة البقاء في نادي الوزراء، بدلاً من التركيز على نجاح مهام ووصف عمل واتصال وخدمات وزارته، فأغلبهم مقتنع أن رضا الرؤساء أولى من رضا المواطنين."لمعة التوزير" يعشقها ويصبو لها كثيرون هذه الأيام – عادي، وأنا منهم – فالانضمام للوزراء وفق عددهم الكبير أردنيا يعطي أملا وفرصة للجميع ليكون وزيرا. ونرى أحياناً عدداً ممن يتطلعون لها قد بدأ بزيادة عدد زياراته ومشاركاته في المناسبات العامة، ومنهم من زاد عدد جولاته ولقاءاته الرسمية، وغيرهم أصبح كاتباً أو يستعين بمن يكتب باسمه في الشأن السياسي والتنموي، وآخرون يلتقطون صوراً في الإعلام أكثر من "عريس على اللوج". ولكن أكثر ما يزعجني: من كانوا وزراء يوما ما – أو حاليين – لم نرَ إنجازاً لهم، يبذلون الغالي والنفيس لعودتهم لـ"لمعة التوزير"، وينشرون الهدايا والدروع التذكارية هنا وهناك.وما أقوله للجميع: إن من تطوّر وتغيّر حاله في "أراب آيدول" أو "الوزارة" لم يستمروا جميعاً يلمعون على مسرح الحياة؛ فمنهم من غاب واختفى لضعف أدائه، وهم كثر، ومنهم من استمر واشتهر لحسن حضوره، وهم قلّة، ومنهم من اعتمد على عمليات التجميل ليطل علينا بهيّاً ونعرفهم، ومنهم من بقيت ملامحه أصيلة لم تغيّرها الأضواء، فبقيت أعماله هي من تلمع، وهم القلّة التي لن ننساهم.هنا اسمح لي، دولة الرئيس، أن أقول:نأمل أن نرى في ملامح بعض من تتوجّهون لتوزيرهم في قادم الأيام عبء ما نلمحه في وجهك وقلة من وزرائك من عزيمة العمل، وعطش ما يروي حاجة المواطن لإنجاز، وهواء من يعشق تراب الوطن في حمايته، وشغف من يتطلّع لأركان النجاح للمستقبل، وصدق من يرى العطاء أجمل من الأخذ في دنياه. وأن نستبدل الربطات بلبس "فزت" ما لم يكن لقاءً رسمياً، ولتكن إطلالتهم تعكس مواقعهم، لعلنا – على الأقل، إن لم نحفظ أسمائهم – أن نتمكن من معرفة ما يمثلونه من قطاعات.وحاول، دولتك – وأقولها نصحاً – كما أنت مختلف في زياراتك وإطلالتك وطريقة تفكيرك، أن تكون مختلفاً في الاختيار، وأن تتجنب من استُهلك وهو يسعى طلباً للوزارة لا للصدق في العطاء، وخصوصاً السابقين منهم. وإن قال أحدهم إن ما ذهبتُ إليه ليس ذا أثر، فأقول له: إن لم تملأ وجوههم ملامح ما يمثلونه، سنبقى نترقب فيهم ألوان البدلات وربطات العنق، لا ألوان وطَعم الحياة والإنجاز فيهم، وسيبقون ليس أكثر من… "لمعة توزير".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
إيران: ترامب يمارس 'ألاعيب نفسية' بشأن رفع العقوبات
انتقدت إيران الاثنين، تغير مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران، واصفة ذلك بأنه 'ألاعيب' لا تهدف إلى حل المشاكل بين البلدين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في مؤتمر صحفي 'ينبغي النظر إلى هذه (التصريحات) في سياق الألاعيب النفسية والإعلامية أكثر من كونها تعبيرا جادا عن تفضيل الحوار أو حل المشكلات'. وكان ترامب قد أكد أنه أوقف النظر في ملف تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، وذلك بعد تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي ضد الإدارة الأميريكة. وقال ترامب على منصته الخاصة 'تروث سوشل': 'خلال الأيام القليلة الماضية، كنت أعمل على إمكانية رفع العقوبات، وأمور أخرى، والتي كانت ستمنح إيران فرصة أفضل بكثير للانتعاش الكامل والسريع والشامل – العقوبات قاسية! ولكن لا، بدلا من ذلك أتلقى تصريحا مليئا بالغضب، والكراهية، والاشمئزاز'. وتابع: 'على الفور أوقفت كل العمل على تخفيف العقوبات، والمزيد. يجب على إيران أن تعود إلى تدفق النظام العالمي، وإلا ستزداد الأمور سوءا بالنسبة لهم'.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
رئيس هيئة الأركان المشتركة يكرم الأول على دورة القيادة والأركان
كرَّم رئيس هيئة الأركان المشتركة، اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي، اليوم الاثنين، في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، الحاصل على الترتيب الأول من المشاركين في دورة القيادة والأركان/ 65 المشتركة/ 29، الرائد ياسين محمود الشمايلة. وبين اللواء الركن الحنيطي، أن هذا التكريم يعكس اهتمام القيادة العامة في دعم المتميزين والمتفوقين من منتسبيها، للمضي قدماً في بذل المزيد من العطاء في خدمة قواتنا المسلحة وتحقيق مزيد من الإنجازات ورفع الكفاءات على مختلف المستويات. يشار إلى أن كلية القيادة والأركان الملكية الأردنية تأسست عام 1954، لرفد القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي وجيوش الدول الشقيقة والصديقة بالقادة وضباط الركن المؤهلين وتمنحهم درجة البكالوريوس في العلوم العسكرية.


الغد
منذ 2 ساعات
- الغد
ماذا بعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟
أسدل الستار على الحرب بين إيران وإسرائيل، ولكن صدى الأسئلة، وضجيجها لم يتوقف، وما زالت حالة الترقب على حالها، والمخاوف أن تكون حرب الاثنا عشر يوما حلقة من حروب قادمة. اضافة اعلان أكثر سؤال طرح من المتابعين؛ من هو المنتصر، ومن هو المهزوم في هذه الحرب؟ رغم أنه لا توجد معلومات مؤكدة عن خسائر الطرفين، وإذا ما استبعدنا حروب التضليل التي تمارسها كلتا الدولتين؛ فإنه يمكن القول أن لا أحد خرج منتصرا بشكل كامل، ولا أحد خرج مهزوما بشكل مطلق، فإيران لم تنتصر، ولكنها أيضا لم تهزم، أو تسحق، ودولة الاحتلال الإسرائيلي لا تستطيع أن تدّعي النصر المطلق، وهي أيضا لم تخسر كثيرا. يمكن القول إن هجوم اليوم الأول على إيران كان فوزا مظفرا لإسرائيل، ضربت أهدافا نووية، اغتالت قيادات عسكرية مهمة جدا، ووصلت إلى علماء إيرانيين بارزين، وكشف هذا الهجوم المباغت عن اختراق استخباراتي إسرائيلي هائل للدولة الفارسية، وقدرة مدهشة في السيطرة على سماء إيران، واستباحتها بشكل مطلق، وغابت كل أشكال المواجهة الإيرانية، فلا السلاح الجوي، ولا مواجهات تذكر. احتاجت إيران لوقت لتستعيد توازنها، وقررت خوض معركة رد الاعتبار، والانتقام، ومحاولة لإعادة التوازن في الردع، وقد نجحت صواريخها البالستية في تهديد إسرائيل، واختراق كل منظوماتها الدفاعية، ربما لم تلحق خسائر فادحة، ولكنها كانت كافية للتأكيد أنها ليست دولة حصينة، وأنها دون الدعم اللامحدود من واشنطن ستخسر هيبتها، وهزيمتها ممكنة، وليست مستحيلة. بعد 12 يوما أوقف الرئيس الأميركي الحرب بعد أن شاركت واشنطن في الهجوم على المفاعلات النووية بشكل مباشر، وما بين تأكيد الولايات المتحدة أن الضربات حققت أهدافها، وإنكار إيراني، يمكن القول إن المشروع النووي الإيراني إن لم يدمر، فقد تأخر كثيرا. قبل موعد وقف إطلاق النار أطلقت طهران صواريخها باتجاه قاعدة العديد في قطر، في رسالة واضحة أن إيران لن تسكت عن أي اعتداء حتى ولو كان أميركيا، وقبل الرد أبلغت طهران الدوحة أنها ستقصف القاعدة الأميركية، واعتبر ما حدث رغم أهميته للداخل الإيراني، وحفظ ماء الوجه، الفصل الأخير فيما اعتبر مسرحية محددة الأدوار سلفا، ولن تؤدي للتصعيد، بل هي ضرورة لوقف الحرب. توقفت الحرب، وماذا بعد، أسئلة عالقة دون إجابات، وسيناريوهات متعددة للمستقبل؟ هل انتهت الحرب، أم ستعاود تل أبيب عدوانها من جديد لأن حربها لم تحقق كامل أهدافها؟ هل كانت الحرب على إيران فقط لتدمير البرنامج النووي الإيراني، أم أن الخطة الإسرائيلية كانت تتعدى ذلك لإسقاط النظام؟ هل تتقاطع واشنطن وتل أبيب في الأهداف المتعلقة بالملف الإيراني، أم أن ترامب لا يوافق على كل أهداف نتنياهو، وربما في مقدمتها إسقاط النظام الإيراني، وهل كان بإمكان الطائرات الإسرائيلية اغتيال المرشد، ولم تأخذ ضوءا أخضر من واشنطن على تنفيذ ذلك؟ هل استمرار النظام الإيراني ضرورة أميركية ليظل نفوذها في المنطقة بحجة حماية دول الخليج من الخطر الإيراني، وتظل حالة الاستنزاف، والابتزاز مستمرة؟ هل سينتج العدوان على إيران مزيدا من العداء، أو أن ما حدث سيكون المدخل الأساسي لتعديلات جوهرية على النظام الإيراني نحو تخليه عن كل أجندة «نظام الملالي»، وذهابه إلى مفاوضات مع واشنطن يتخلى فيها عن برنامجه النووي، ويعاد تأهيله من الداخل ليقدم نماذج قيادية أقرب إلى الرئيس الأسبق خاتمي؟ رغم أن الصواريخ الإيرانية التي دكت إسرائيل كانت تثير الفرح عند الشارع العربي، فإن الموجع أن الحرب انتهت دون أي شروط من طهران لها علاقة بوقف الحرب على غزة، أو حتى هدنة مؤقتة، وهذا كان مدعاة للحديث عن أن شعار وحدة الساحات سقط قولا، وفعلا، وليس أكثر برهانا أن صواريخ حزب الله لم تنتصر لإيران الراعي الرسمي لها خلال كل أيام العدوان عليها. آخر الأسئلة هل أنهت الحرب على إيران المستقبل السياسي لنتنياهو، وما تصريحات ترامب المطالبة بإغلاق القضايا القانونية المحركة ضده في تل أبيب سوى مخرج أمن لإزاحته من سدة السلطة، لأنه أصبح عبئا، والمطلوب تفاهمات جديدة في كل الملفات لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، ونتنياهو لا يصلح أن يبقى في المشهد، خاصة إذا كان المقصود توسيع التطبيع الإبراهيمي. للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا