
حرب غزة: لماذا يتعرض الفلسطينيون من طالبي المساعدات الإنسانية للقتل؟
Getty Images
لماذا يتعرض الفلسطينيون من طالبي المساعدات الإنسانية للقتل؟
قُتل خمسة فلسطينيين من طالبي المساعدات، الأحد 29 من يونيو/حزيران، ليضافوا إلى مئات القتلى الآخرين الذين سقطوا خلال شهر واحد، منذ بدء توزيع المساعدات الإنسانية بآلية جديدة تحت رعاية أمريكية - إسرائيلية
.
ووصف المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة مراكز توزيع المساعدات الأمريكية - الإسرائيلية بـ "مصائد الموت والاستدراج الجماعي"، مشيرا إلى أن عدد الضحايا، منذ 27 مايو/أيار وحتى 25 يونيو/حزيران، بلغ 549 قتيلا وأكثر من 4000 مصاب.
وتعتمد آلية توزيع المساعدات التي تُدار من جانب هيئة أمريكية تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"، على توزيع المساعدات عبر عدة مواقع رئيسية محددة سلفا يتولى تأمينها والإشراف عليها متعاقدون أمريكيون، بينما تقوم قوات الجيش الإسرائيلي بتسيير دوريات في محيطها.
كذلك يتحكم الجيش الإسرائيلي في مسارات وصول هذه المساعدات إلى مراكز توزيعها.
وللوصول إلى هذه المواقع، يتعين على الفلسطينيين الراغبين في الحصول على المساعدات الخضوع لفحص وتدقيق من خلال بطاقات الهوية وباستخدام تقنيات المقاييس الحيوية والتعرف على الوجوه.
ويحتاج الكثير من الفلسطينيين إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى هذه المراكز.
وانتقدت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية - منظمة إنسانية فلسطينية في قطاع غزة – آلية توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية، قائلة: "تُصرُ قوات الاحتلال على المضي في هذه الآلية إمعانًا في جريمة الإبادة الجماعية وسط صمت من المجتمع الدولي يشكل غطاء لاستمرار هذه الجريمة".
كما تتزايد وتيرة الانتقادات الأممية والدولية مع تزايد عدد القتلى الفلسطينيين من طالبي المساعدات في قطاع غزة.
إذ قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، الجمعة 27 من يونيو/حزيران، إن نظام توزيع المساعدات الجديد في غزة أصبح "ساحة قتل"، فقد تم "الإبلاغ عن مقتل أكثر من 400 شخص يعانون من التجويع منذ بدء العمل به قبل شهر واحد فقط".
كذلك انتقد وزير خارجية فرنسا، جان نويل بارو، السبت 28 من يونيو/حزيران، الآلية الأمريكية الإسرائيلية، قائلا: "500 حالة وفاة خلال شهر واحد أثناء توزيع المواد الغذائية في غزة، عار وفضيحة يجب أن تنتهي على الفور".
وشدد بارو على أن "الكرامة الإنسانية لا تقبل المساومة"، داعيا إلى إنهاء الحرب بشكل عاجل.
ووصف مكتب الأمم المتحد لتنسيق الشؤون الإنسانية في قطاع غزة الخطة الإسرائيلية بأنها "تبدو مصممة لتعزيز السيطرة على الإمدادات الأساسية كجزء من استراتيجية ضغط عسكرية، وهو ما يُعد انتهاكا صريحا للمبادئ الإنسانية".
وكانت الأمم المتحدة قد رفضت المشاركة في توزيع المساعدات الإنسانية من خلال الآلية الأمريكية - الإسرائيلية متهمة إياها باستخدام "المساعدات كسلاح"، وبأنها "تتعارض مع المبادئ الأساسية للعمل الإنساني".
"هأرتس تنقل شهادات عن جنود إسرائيليين"
وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، قد نشرت الجمعة 27 من يونيو/حزيران، شهادات عن ضباط وجنود في الجيش الإسرائيلي، قالوا فيها إنهم "تلقوا أوامر بإطلاق النار على حشود من الفلسطينيين" لإبعادهم أو تفريقهم أثناء تجمعهم قرب مراكز المساعدات، رغم أنهم "لم يكونوا يشكلون أي تهديد".
وأشارت "هآرتس" إلى وصف أحد الجنود الوضع بأنه "انهيار تام للمعايير الأخلاقية للجيش الإسرائيلي في غزة".
كذلك نقلت "هآرتس" عن جند آخر تشبيه مراكز توزيع المساعدات بـ "ساحة قتل"، مضيفا: "في مكان تواجدي كان يُقتل ما بين شخص وخمسة أشخاص (فلسطينيين) يوميا، وكانوا يُعاملون كقوة مُعادية".
ومن جهتها، طالبت حركة حماس الأمم المتحدة بتشكيل لجنة دولية للتحقيق لمحاسبة المسؤولين أمام العدالة الدولية.
ودعت حماس، في بيان الجمعة 26 من يونيو/حزيران، إلى"استئناف توزيع المساعدات عبر وكالة الأونروا وكافة المنظمات الدولية الإنسانية المتخصّصة، لرفع الظلم والقهر الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة بسبب الاحتلال وسياسة التجويع التي ينتهجها".
في المقابل، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، يسرائيل كاتس، الشهادات التي نقلتها صحيفة "هآرتس".
واتهم نتنياهو وكاتس، في بيان مشترك الجمعة 27 من يونيو/حزيران، صحيفة "هآريتس" بنشر "أكاذيب بشعة تهدف إلى تشويه سمعة الجيش الإسرائيلي"، واصفين الجيش الإسرائيلي بـ "أكثر الجيوش أخلاقية في العالم".
وأشار نتنياهو وكاتس إلى أن الجيش الإسرائيلي "يعمل في ظروف صعبة ضد عدو إرهابي يعمل من داخل السكان المدنيين ويختبئ خلفهم كدروع بشرية".
ويتهم مسؤولون إسرائيليون حركة حماس بقتل المدنيين الفلسطينيين لـ "إلصاق التهمة بإسرائيل"، لكنهم لا يقدمون أدلة على ذلك.
ويرى مراقبون أنه على الرغم مما تتمتع به إسرائيل من سيطرة شبة تامة على سماء غزة ومن تقدم تكنولوجي هائل، لم تُقدم إسرائيل دلائل واضحة على مسؤولية حماس أو استخدامها للمدنيين كدروع بشرية، رغم تكريرها الاتهام نفسه مرات عديدة.
ويعيش قطاع غزة وضعا إنسانيا صعبا للغاية، في ظل نقص حاد في الطعام والشراب والمواد الطبية الأساسية.
وأشارت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، الأحد 29 من يونيو/حزيران، إلى ارتفاع عدد ضحايا الحرب إلى 56,500 قتيل، غالبيتهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى 133,419 مصابا، منذ بدء الحرب في 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
برأيكم،
لماذا يتعرض طالبو المساعدات في غزة لإطلاق النار؟
كيف ترون ما جاء في تقرير صحيفة "هآرتس" عن شهادات ضباط وجنود إسرائيليين؟
كيف ترون نفي رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه استهداف مدنيين فلسطينيين؟
كيف تقيمون مواقف المجتمع الدولي والدول الكبرى من استمرار قتل طالبي المساعدات من الفلسطينيين؟
وإلى متى تستمر معاناة المدنيين في قطاع غزة؟
نناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الإثنين 30 يونيو/حزيران.
خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar
يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 3 ساعات
- الوسط
فوز زهران ممداني يكشف الوجه القبيح لمعاداة الإسلام في الولايات المتحدة
Getty Images يتعرض زهران ممداني لحملات من معارضيه تردد مزاعم بأنه "متطرف" و"داعم لحماس" نبدأ جولتنا في الصحف من الغارديان البريطانية التي نشرت مقالاً للكاتبة نسرين مالك حول فوز زهران ممداني، الشاب الأمريكي المسلم، في الانتخابات التمهيدية لمنصب عمدة نيويورك. وقالت كاتبة المقال نسرين مالك إن "الفوز المدوي لزهران ممداني كان بمثابة 'قصة مدينتين'؛ إحداهما فاز فيها الشاب الطموح الذي يتبنى سياسات تقدمية - مقابل الثانية التي سقط فيها آلهة الدولة بتمويلهم الضخم ودعمهم من قبل الشخصيات البارزة في الحزب الديمقراطي". وألقت الكاتبة الضوء على أن هذا الفوز كشف انقساماً في المجتمع الأمريكي؛ فهناك من يرى أن الفكر التقدمي تحدى المؤسسة العميقة في الدولة وانتصر، بينما يرى معسكر آخر - يتبنى خطاباً "عنصرياً" بحسب رأي الكاتبة - أن المدينة استولى عليها متطرف يسعى لتغيير النظام، وهو الفوز الذي كشف سيطرة خطاب الكراهية والتحيز على المجال العام، كما تقول. هذه الموجة من الكراهية، التي قادها سياسيون وشخصيات عامة ومسؤولون في إدارة ترامب تملّك الهلع منهم جميعاً، تجسدت في الحملة التي شنوها ضد ممداني، والتي بلغت حد تشبيهه بـ"الجهاديين" و"المتعاطفين مع حماس"، مع دعوات لسحب جنسيته، وتصوير فوزه كتهديد للهوية الأمريكية. وأشارت الكاتبة إلى أن تلك الحملة انطوت على قدر هائل من العنصرية لدرجة أنَّ وصف ترامب لممداني بأنه "مجنون شيوعي" يمكن أنْ نصفَه بالمعتدل مقارنة بالتعليقات الهيستيرية التي صدرت عن معارضيه. وأبْدت الكاتبة دهشتها من أنه "حتى الآن، لم يصدر عن كبار قادة حزب ممداني، تشاك شومر وهايكيم جيفريز، أي إدانة لهذه الحملة، كما أن الشخصيات السياسية التي تغذيها لن تواجه عقاباً أو محاسبةً. ذلك لأن كراهية المسلمين، كغيرها من أشكال العنصرية عندما تُطبَّع، تزدهر بفضل تجاهل النظام". ورأت الكاتبة أن "جريمة" ممداني - التي يُعاقَب عليها بهذا القدر من العنصرية والكراهية - لا تتمثل في انتمائه الديني كونه مسلماً، بل لأن لديه أراء قوية وجريئة في السياسة والاقتصاد والسياسة الخارجية، وهي الأفكار التي يخرج بها من الإطار التقليدي و"المُسَلَّمات السائدة حول الرأسمالية وإسرائيل". كما يتمثل جرمه في أنه ليس لديه استعداد للتنازل عن مبادئه، خاصةً فيما يتعلق بإسرائيل، "فهو لم يقدم تأكيدات محرجة، كما فعل منافسوه على المقعد". دونالد ترامب "جزء من معضلة يواجهها البنك الاحتياطي الفيدرالي" Getty Images هجوم ترامب على باول وانتقاده سياسات الفيدرالي يثير شكوكاً حول استقلالية البنك المركزي ننتقل إلى صحيفة فايننشال تايمز التي خصصت مقالها الافتتاحي لمناقشة استئناف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الهجوم على رئيس مجلس محافظي البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، بوصفه بأنه "شخص غبي". ظهرت بعد ذلك تقارير إعلامية أشارت إلى أن الرئيس الأمريكي بصدد الإعلان عن ترشيح رئيس جديد للبنك المركزي قبل نهاية فترة ولاية الرئيس الحالي، مما أثار تكهنات بإمكانية وجود "رئيس ظل" للفيدرالي يأخذ بزمام السياسة النقدية نحو خفض الفائدة ويحقق ما يريده ترامب من تبني معدلات أقل لتكلفة الاقتراض. لكن البيت الأبيض نفى أنه بصدد الإعلان عن أي ترشيحات لهذا المنصب في وقتٍ قريبٍ. ورأت الصحيفة أن المشكلة الحقيقية في تدخلات ترامب الشفهية في السياسة النقدية تتمثل في أنها تثير المزيد من انعدام اليقين حيال مستقبل الاقتصاد الأمريكي والسياسة النقدية للفيدرالي، وهو ما يُضاف إلى القدر الهائل الموجود بالفعل من المخاوف حيال ما يمكن أن ينتج عن التعريفة الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي من زيادة في معدلات التضخم، وهو ما قد يجعل الفيدرالي مضطراً إلى الإبقاء على معدل الفائدة دون تغيير كما حدث في اجتماع يونيو/حزيران الجاري عندما ثبّت البنك المركزي الفائدة دون تغيير في نطاق 4.25 – 4.50 في المئة. وهناك بعض الانقسام بين أعضاء مجلس محافظي الفيدرالي، والذي اتضح جلياً في تصريحات كريستوفر وولر، عضو المجلس والمرشح بقوة لخلافة باول، التي أشار خلالها إلى أن البنك المركزي يمكن أن يخفض الفائدة الشهر المقبل. لكن جيروم باول يرى ضرورة الانتظار لوقت أطول، وهو ما يمكن اعتباره الرأي الأكثر ملاءمة للأوضاع الاقتصادية، بحسب الصحيفة. فلا يزال أثر التعريفة الجمركية - التي يبدأ العمل بها في التاسع من يوليو/تموز المقبل - على التضخم، غير معروف. كما لا تزال قراءات التضخم - وأبرزها تلك التي ظهرت الجمعة الماضية في مؤشرات نفقات الاستهلاك الشخصي وهي ما يعتبرها الفيدرالي الأكثر مصداقية في التعبير عن الأسعار في الولايات المتحدة - تظهر أن هناك ارتفاعاً في معدل تضخم الأسعار للمستهلك الأمريكي. كما يمكن أن تواجه الولايات المتحدة المزيد من ارتفاع أسعار النفط العالمية في ضوء وقف إطلاق النار الهش بين إيران وإسرائيل، مما قد يزيد من التضخم ويجعل الفيدرالي في موقف لا يُفَضّل فيه خفض الفائدة. ورأت الصحيفة أن الفيدرالي لا بد أن يكون لديه متسع من الوقت مع ضرورة ألّا يخضع لضغوط ترامب الذي قد يدرك لاحقاً أنه "هو نفسه أحد أسباب المعضلة التي تواجه البنك المركزي". قصة الفن والفقر Getty Images قد تحتاج رعاية مواهب الأبناء دعماً من نوع مختلف عن الدعم المالي كتبت إيما دانكان في صحيفة التايمز البريطانية مقالاً يحمل عنواناً مثيراً للجدل؛ "دعم مواهب أولادكم قد لا يكون في صالحهم". وروت الكاتبة كيف أخبرها صديق ينحدر من أسرة فقيرة أنه يفقد الاتصال بالكثير من زملاء الدراسة. وروت أيضاً كيف كافح هذا الصديق من أجل الحصول على فرصة للدراسة في جامعة مرموقة ووظيفة مرموقة من بعدها - بينما لا يزال أغلب أقرانه ممن تجاوزوا سن الثلاثين سنة في منزلهم غارقين في محاولات الانتهاء من أول رواية أو عمل فني. ورأت إيما أن أغلب هؤلاء من أسر ميسورة الحال وعلى قدر من الثراء، وهم أيضاً ليس لديهم خبرات حياتية، ولم يقابلوا أصحاب الأحلام الضائعة ولم يختلطوا بعالم الفن الحقيقي الذي رأت أن النجاح فيه قد لا يكون لقليلي الخبرة في الحياة. وأكدت أن الدعم المالي المقدم من الآباء الأثرياء لأولادهم قد يكون محموداً لأنه يعمل على تقييد طموحاتهم بينما لا يزالون في مرحلة المراهقة، لكن المشكلة تأتي فيما بعد لكونه سبباً في إضعاف قدرتهم على الاستقلالية وتقويض دوافعهم إلى الإنجاز. وربطت الكاتبة صراحةً بين الفقر والفن، إذ ترى أن الأثرياء الذين يدعمون أولادهم مالياً لتحقيق أحلامهم الفنية - غالباً ما يفشل هؤلاء الأولاد - في حين تذهب فرص العمل الإبداعي لأبناء الفقراء الذين يخوضون تجارب الحياة دون مساعدة.


الوسط
منذ 9 ساعات
- الوسط
ماريوبول "مريضة"، شهادات تنفي الروايات الروسية عن الوضع في المدينة المحتلّة
Getty Images يقول جون، وهو اسم مستعار لأوكراني يعيش في ماريوبول التي تسيطر عليها روسيا: "ما يعرضونه على التلفزيون الروسي مجرد خرافات، لا يزال معظم مدينة ماريوبول في حالة خراب"، ويضيف: هم يُرمّمون واجهات المباني في الشوارع الرئيسية، حيث يُحضرون كاميراتهم للتصوير. لكن في أماكن أخرى، هناك أنقاض ودمار. لا يزال كثير من الناس يعيشون في شقق نصف مدمرة، جدرانها بالكاد قائمة". مضى أكثر من ثلاث سنوات منذ سيطرة القوات الروسية على مدينة ماريوبول بعد الحصار والقصف العشوائي الذي تعرضت له المدينة خلال الأشهر الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا. وقُتل الآلاف في المدينة، وقدّرّت الأمم المتحدة أن 90 في المئة من مبانيها السكنية تضررت أو دُمرت بالكامل. لكن في الأشهر الأخيرة، انتشرت مقاطع فيديو لمؤثرين موالين لروسيا، تُظهر المدينة وكأنها عُمّرت بالكامل، وكأن الحياة فيها عادت إلى طبيعتها. لكن بي بي سي تحدثت مع أشخاص، بعضهم ما زال يعيش في ماريوبول وآخرون نزحوا منها بعد سيطرة الروس عليها، لمعرفة واقع الحال في المدينة. وتقول أولغا أونيشكو (66 عاماً) - نزحت من ماريوبول في أواخر العام الماضي وتقطن حالياً في تيرنوبيل شرقي أوكرانيا - "تنتشر الكثير من الأكاذيب". وتضيف: "كانت لدينا مدينة جميلة، لكنها الآن مريضة، لا أعتقد أنهم [السلطات الروسية] أعادوا إعمار جميع المباني. هناك ساحة مركزية، وفقط المباني الواقعة فيها أعيد بناؤها. وهناك مساحات خالية في أماكن كانت فيها مبانٍ. أزالوا الأنقاض، لكنهم لم يفصلوا حتى الجثث، بل حمّلوها مع الركام على شاحنات ويخرجونها من المدينة". وتواجه ماريوبول نقصاً حاداً في المياه، إذ يقول جيمس (اسم مستعار) الذي يقيم في المدينة حالياً، أن "المياه تصل ليوم أو يومين، ثم تختفي لمدة ثلاثة أيام. لون الماء أصفر، لدرجة أننا قلقون من شربه حتى بعد غليه"، حتى أن البعض قال إن الماء يشبه "الكوكاكولا". Getty Images تواجه ماريوبول نقصا حادا في مياه الشرب ويقول سيرغي أورلوف، الذي يعرّف نفسه على أنه نائب عمدة ماريوبول في المنفى، إن قناة "سيفيرسكي دونيتس – دونباس" التي كانت تزود المدينة بالمياه، تعرّضت لأضرار أثناء القتال. وأوضح أنه "لم يتبقَّ سوى خزان واحد يورد المياه إلى ماريوبول. وبالنظر إلى عدد السكان الحاليين، فلن يكفي إلا لمدة عام ونصف تقريباً، واستمرار احتلال المدينة، يعني انقطاعاً كاملاً لمياه الشرب"، مشيراً إلى أن "المياه التي يعتمد عليها السكان لا تستوفي حتى الحد الأدنى من معايير مياه الشرب". ويقول السكان إن الكهرباء تنقطع بشكل متكرر، وأسعار الغذاء مرتفعة، بالإضافة إلى النقص الحاد في الأدوية. ويقول جيمس إن "الأدوية الأساسية غير متوفرة، ومرضى السكري يعانون للحصول على الإنسولين، الذي أصبح مكلفاً للغاية". وتواصلت بي بي سي مع الإدارة الروسية في ماريوبول للرد على مزاعم نقص المياه، وخططها لتوفير مصادر بديلة، لكننا لم نتلقّ أي رد حتى الآن. ووسط هذه الصعوبات، يقول السكان إن الأصعب هو ما يتعلمه الأطفال الأوكرانيّون في مدارس المدينة. درس أندري كوجوشينا في جامعة ماريوبول مدة عام بعد سيطرة روسيا على المدينة، قبل أن يفرّ إلى دنيبرو. ويقول: "يعلّمون الأطفال معلومات مغلوطة. يقولون في الكتب المدرسية إن دونيتسك ولوهانسك وخاركيف وزابوريجيا وخيرسون وأوديسا وشبه جزيرة القرم وحتى منطقة دنيبروبيتروفسك، كلها جزء من روسيا". ويخبرنا كوجوشينا أيضاً عن ما يُسمى "دروس الأحاديث الهامة"، التي يتعلّم الطلاب فيها دروساً عن كيف حررت روسيا "السكان الناطقين بالروسية" من النازيين في عام 2022. BBC ويقول جون، وهو من سكان المدينة أيضاً: "من يرفض حضور هذه الدروس يتعرض للترهيب أو الفصل. كأنهم يعيدون برمجة عقول أطفالنا". وخلال احتفالات "يوم النصر" في مايو/أيار، أظهرت صور من ميدان المدينة المركزي أطفالاً وكباراً يرتدون أزياء عسكرية خلال عروض ومسيرات، وهي تقاليد سوفييتية كانت أوكرانيا تتجنبها، وأُجبرت على اعتمادها في المناطق المحتلة. وغُمرت ماريوبول بألوان العلم الروسي، الأحمر والأزرق والأبيض. ولكن رغم ذلك، يقاوم بعض الأوكرانيين الروس سراً، إذ يرسمون ليلاً الجداريات بالألوان الأوكرانية الأزرق والأصفر، ويلصقون منشورات تحمل عبارات مثل "حرّروا ماريوبول" و"ماريوبول هي أوكرانيا". جيمس وجون ينتميان لمجموعات مقاومة، وكذلك كان أندري حين كان يعيش في المدينة. يقول جيمس: "الرسائل هدفها تقديم الدعم المعنوي لشعبنا، وبث الأمل بأن روح المقاومة مازالت حية". هدفهم الرئيسي هو جمع معلومات استخبارية للقوات الأوكرانية. ويضيف: "أوثّق حركة القوات الروسية، أين يَنقلون الأسلحة، عدد الجنود، والمعدات التي تتم صيانتها في مناطقنا الصناعية. أصوّر سراً وأخبئ الصور حتى أنقلها إلى الاستخبارات الأوكرانية عبر قنوات آمنة". Getty Images غيرت روسيا لغة المدينة وعلمها وفي بعض الأحيان، تحاول المقاومة تخريب أي عمليات مدنية أو عسكرية في المدينة، فعلى سبيل المثال، تعرض خط السكة الحديدية المؤدي إلى ماريوبول للتعطيل مرتين على الأقل، إثر حرائق في صندوق الإشارات أشعلها ناشطون. وهذا العمل محفوف بالمخاطر، إذ يقول أندري إنه اضطر لمغادرة المدينة بعدما أدرك أن انكشف. ويوضح: "ربما أبلغ جاري عني. لكن في مرة كنت أشتري خبزاً من المتجر، رأيت جنديًا يُظهر صورتي لأحد العاملين في ويسأل إن كانوا يعرفونني". بعد ذلك غادر فوراً، متسللاً عبر نقاط التفتيش، ومرّ بعدة مدن روسية، إلى بيلاروسيا، قبل أن يدخل الأراضي الأوكرانية من الشمال. وبالنسبة لأولئك الذين ما زالوا في المدينة، كل يوم يعتبر تحدّ جديد. يقول جيمس: "يجب أن تحذف رسائلك كل يوم لأن الهاتف يمكن تفتيشه عند نقاط التفتيش، وتخشى التحدث مع أصدقائك في أوكرانيا خوفاً من مراقبة اتصالاتك". ويضيف: "تم اعتقال شخص من المنزل المجاور لي لأنه اتهم بتسريب معلومات للجيش الأوكراني. حياتك أشبه بفيلم، توتر دائم، خوف، وعدم ثقة". وبينما تستمر المحادثات بين كييف وموسكو، توجد مقترحات داخل وخارج أوكرانيا بالتنازل عن أراض أوكرانية لروسيا مقابل اتفاق سلام. يقول جون إن "التنازل عن أرض مقابل اتفاق مع روسيا هو خيانة. يخاطر العشرات بحياتهم يوميا لتسريب معلومات إلى أوكرانيا، ليس لكي يوقّع دبلوماسي يرتدي بدلة على ورقة تسليمنا". ويختتم: "نحن لا نريد سلاماً بأي ثمن، نريد تحريراً".


الوسط
منذ يوم واحد
- الوسط
حرب غزة: لماذا يتعرض الفلسطينيون من طالبي المساعدات الإنسانية للقتل؟
Getty Images لماذا يتعرض الفلسطينيون من طالبي المساعدات الإنسانية للقتل؟ قُتل خمسة فلسطينيين من طالبي المساعدات، الأحد 29 من يونيو/حزيران، ليضافوا إلى مئات القتلى الآخرين الذين سقطوا خلال شهر واحد، منذ بدء توزيع المساعدات الإنسانية بآلية جديدة تحت رعاية أمريكية - إسرائيلية . ووصف المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة مراكز توزيع المساعدات الأمريكية - الإسرائيلية بـ "مصائد الموت والاستدراج الجماعي"، مشيرا إلى أن عدد الضحايا، منذ 27 مايو/أيار وحتى 25 يونيو/حزيران، بلغ 549 قتيلا وأكثر من 4000 مصاب. وتعتمد آلية توزيع المساعدات التي تُدار من جانب هيئة أمريكية تسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"، على توزيع المساعدات عبر عدة مواقع رئيسية محددة سلفا يتولى تأمينها والإشراف عليها متعاقدون أمريكيون، بينما تقوم قوات الجيش الإسرائيلي بتسيير دوريات في محيطها. كذلك يتحكم الجيش الإسرائيلي في مسارات وصول هذه المساعدات إلى مراكز توزيعها. وللوصول إلى هذه المواقع، يتعين على الفلسطينيين الراغبين في الحصول على المساعدات الخضوع لفحص وتدقيق من خلال بطاقات الهوية وباستخدام تقنيات المقاييس الحيوية والتعرف على الوجوه. ويحتاج الكثير من الفلسطينيين إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى هذه المراكز. وانتقدت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية - منظمة إنسانية فلسطينية في قطاع غزة – آلية توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية، قائلة: "تُصرُ قوات الاحتلال على المضي في هذه الآلية إمعانًا في جريمة الإبادة الجماعية وسط صمت من المجتمع الدولي يشكل غطاء لاستمرار هذه الجريمة". كما تتزايد وتيرة الانتقادات الأممية والدولية مع تزايد عدد القتلى الفلسطينيين من طالبي المساعدات في قطاع غزة. إذ قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، الجمعة 27 من يونيو/حزيران، إن نظام توزيع المساعدات الجديد في غزة أصبح "ساحة قتل"، فقد تم "الإبلاغ عن مقتل أكثر من 400 شخص يعانون من التجويع منذ بدء العمل به قبل شهر واحد فقط". كذلك انتقد وزير خارجية فرنسا، جان نويل بارو، السبت 28 من يونيو/حزيران، الآلية الأمريكية الإسرائيلية، قائلا: "500 حالة وفاة خلال شهر واحد أثناء توزيع المواد الغذائية في غزة، عار وفضيحة يجب أن تنتهي على الفور". وشدد بارو على أن "الكرامة الإنسانية لا تقبل المساومة"، داعيا إلى إنهاء الحرب بشكل عاجل. ووصف مكتب الأمم المتحد لتنسيق الشؤون الإنسانية في قطاع غزة الخطة الإسرائيلية بأنها "تبدو مصممة لتعزيز السيطرة على الإمدادات الأساسية كجزء من استراتيجية ضغط عسكرية، وهو ما يُعد انتهاكا صريحا للمبادئ الإنسانية". وكانت الأمم المتحدة قد رفضت المشاركة في توزيع المساعدات الإنسانية من خلال الآلية الأمريكية - الإسرائيلية متهمة إياها باستخدام "المساعدات كسلاح"، وبأنها "تتعارض مع المبادئ الأساسية للعمل الإنساني". "هأرتس تنقل شهادات عن جنود إسرائيليين" وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، قد نشرت الجمعة 27 من يونيو/حزيران، شهادات عن ضباط وجنود في الجيش الإسرائيلي، قالوا فيها إنهم "تلقوا أوامر بإطلاق النار على حشود من الفلسطينيين" لإبعادهم أو تفريقهم أثناء تجمعهم قرب مراكز المساعدات، رغم أنهم "لم يكونوا يشكلون أي تهديد". وأشارت "هآرتس" إلى وصف أحد الجنود الوضع بأنه "انهيار تام للمعايير الأخلاقية للجيش الإسرائيلي في غزة". كذلك نقلت "هآرتس" عن جند آخر تشبيه مراكز توزيع المساعدات بـ "ساحة قتل"، مضيفا: "في مكان تواجدي كان يُقتل ما بين شخص وخمسة أشخاص (فلسطينيين) يوميا، وكانوا يُعاملون كقوة مُعادية". ومن جهتها، طالبت حركة حماس الأمم المتحدة بتشكيل لجنة دولية للتحقيق لمحاسبة المسؤولين أمام العدالة الدولية. ودعت حماس، في بيان الجمعة 26 من يونيو/حزيران، إلى"استئناف توزيع المساعدات عبر وكالة الأونروا وكافة المنظمات الدولية الإنسانية المتخصّصة، لرفع الظلم والقهر الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة بسبب الاحتلال وسياسة التجويع التي ينتهجها". في المقابل، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، يسرائيل كاتس، الشهادات التي نقلتها صحيفة "هآرتس". واتهم نتنياهو وكاتس، في بيان مشترك الجمعة 27 من يونيو/حزيران، صحيفة "هآريتس" بنشر "أكاذيب بشعة تهدف إلى تشويه سمعة الجيش الإسرائيلي"، واصفين الجيش الإسرائيلي بـ "أكثر الجيوش أخلاقية في العالم". وأشار نتنياهو وكاتس إلى أن الجيش الإسرائيلي "يعمل في ظروف صعبة ضد عدو إرهابي يعمل من داخل السكان المدنيين ويختبئ خلفهم كدروع بشرية". ويتهم مسؤولون إسرائيليون حركة حماس بقتل المدنيين الفلسطينيين لـ "إلصاق التهمة بإسرائيل"، لكنهم لا يقدمون أدلة على ذلك. ويرى مراقبون أنه على الرغم مما تتمتع به إسرائيل من سيطرة شبة تامة على سماء غزة ومن تقدم تكنولوجي هائل، لم تُقدم إسرائيل دلائل واضحة على مسؤولية حماس أو استخدامها للمدنيين كدروع بشرية، رغم تكريرها الاتهام نفسه مرات عديدة. ويعيش قطاع غزة وضعا إنسانيا صعبا للغاية، في ظل نقص حاد في الطعام والشراب والمواد الطبية الأساسية. وأشارت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، الأحد 29 من يونيو/حزيران، إلى ارتفاع عدد ضحايا الحرب إلى 56,500 قتيل، غالبيتهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى 133,419 مصابا، منذ بدء الحرب في 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023. برأيكم، لماذا يتعرض طالبو المساعدات في غزة لإطلاق النار؟ كيف ترون ما جاء في تقرير صحيفة "هآرتس" عن شهادات ضباط وجنود إسرائيليين؟ كيف ترون نفي رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه استهداف مدنيين فلسطينيين؟ كيف تقيمون مواقف المجتمع الدولي والدول الكبرى من استمرار قتل طالبي المساعدات من الفلسطينيين؟ وإلى متى تستمر معاناة المدنيين في قطاع غزة؟ نناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الإثنين 30 يونيو/حزيران. خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989. إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533 يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب