logo
الرئيس الأمريكي يوقع على اتفاق سلام لإنهاء أحد أقدم الصراعات في أفريقيا

الرئيس الأمريكي يوقع على اتفاق سلام لإنهاء أحد أقدم الصراعات في أفريقيا

BBC عربيةمنذ 10 ساعات

وقّعت رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية اتفاق سلام في واشنطن، بهدف إنهاء عقود من الصراع المدمر بين الجارتين، بينما تشير التوقعات إلى أن الاتفاق ربما سيمنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى المعادن.
وما تزال التفاصيل قليلة حول تفاصيل الاتفاق، لكنه يطالب بـ"فض الاشتباك ونزع السلاح والدمج المشروط" للجماعات المسلحة المتقاتلة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وعلى الرغم من فشل اتفاقيات السلام السابقة في المنطقة، إلا أن ذلك لم يثنِ الرئيسين الأمريكي والكونغولي عن اعتبار هذا الاتفاق انتصاراً.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة: "اليوم، انتهى العنف والدمار، وبدأت المنطقة بأكملها فصلاً جديداً من الأمل والفرص".
وحضر توقيع الاتفاق في المكتب البيضاوي، نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ومندوبين من جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا.
ووصف ترامب اتفاق السلام بأنها "نصرٌ مجيد".
وقبيل توقيعه على اتفاق السلام - الذي صادق عليه المندوبون الأفارقة المعنيون - قال الرئيس الأمريكي: "هذا إنجازٌ عظيم".
وفي وقت سابق، وقّع وزيرا خارجية الكونغو ورواندا على الاتفاقية في وزارة الخارجية الأمريكية.
وقال مكتب الرئيس الكونغولي قبيل توقيع الاتفاقية، يوم الجمعة، إن هذا "نجاح دبلوماسي آخر للرئيس فيليكس تشيسكيدي، وهو بلا شك الأهم منذ أكثر من 30 عاماً".
وترددت أنباء عن زيارة الرئيس الكونغولي تشيسكيدي ورئيس رواندا بول كاغامي إلى واشنطن للقاء ترامب، إلا أنه لم يُحدَّد موعدٌ للزيارة حتى الآن.
وتصاعد الصراع - المستمر منذ عقود - في وقت سابق من هذا العام، عندما سيطر متمردو حركة 23 مارس/أذار أو "إم 23" المسلحة على أجزاء كبيرة من شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، بما في ذلك العاصمة الإقليمية غوما، ومدينة بوكافو، ومطارين.
وقُتل ألاف الأشخاص خلال التصعيد الأخير، بينما أُجبر مئات الآلاف من المدنيين على النزوح من منازلهم.
وبعد خسارتها للأراضي، لجأت الحكومة الكونغولية إلى الولايات المتحدة طلباً للمساعدة؛ حيث أشارت التقارير إلى أنها عرضت على واشنطن السماح بالوصول إلى معادن حيوية، مقابل ضمانات أمنية.
ويُعد شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية منطقة غنية بمعدن الكولتان وموارد أخرى حيوية لصناعات الإلكترونيات العالمية.
في المقابل، تنفي رواندا دعمها لحركة "إم 23" رغم وجود أدلة دامغة على ذلك، وتصر على أن وجودها العسكري في المنطقة هو إجراء دفاعي ضد التهديدات التي تشكلها جماعات مسلحة مثل القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وهي جماعة مسلحة تتألف في معظمها من الهوتو - وهي جماعة عرقية ارتبط اسمها بالإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.
وتتهم رواندا بدورِها الحكومةَ الكونغولية بدعم القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، التي تشكل مصدر قلق كبير لحكومة كيغالي، غير أن جمهورية الكونغو الديمقراطية تنفي تلك الاتهامات.
وعند الكشف عن بعض المعلومات حول الاتفاق الأسبوع الماضي، تحدّث بيانٌ عن "بنودٍ تتعلق باحترام وحدة الأراضي وحظر الأعمال العدائية"، وتطرق إلى "تسهيل عودة اللاجئين والنازحين داخلياً"، لكن دون تفاصيل إضافية.
ووفقاً لتقريرٍ لوكالة رويترز، فقد ضغط المفاوضون الكونغوليون من أجل الانسحاب الفوري للجنود الروانديين، لكن رواندا، التي لديها ما لا يقل عن 7000 جندي على الأراضي الكونغولية رفضت ذلك.
وفي بيانٍ غاضبٍ صدر قبل يومٍ من توقيع الاتفاق، أدان وزير خارجية رواندا، أوليفييه ندوهونغيريه، "تسريب مسودة اتفاق السلام"، قائلاً إن بلاده "طالبت الأطراف الأخرى باحترام سرية المناقشات".
وتُعدّ الدعوات إلى الانسحاب الكامل للقوات الرواندية من جمهورية الكونغو الديمقراطية نقطة خلافٍ رئيسية خلال المفاوضات.
ومع ذلك، قال ندوهونغيريه إن "كلمات (قوة دفاع رواندا) أو (القوات الرواندية) أو (الانسحاب) غير موجودة في الوثيقة".
وقبل ساعات قليلة من حفل التوقيع، صرّح مكتب الرئيس الكونغولي بأن الاتفاق "ينص بالفعل على انسحاب القوات الرواندية، لكنه فضّل مصطلح "فض الاشتباك" على "الانسحاب"، باعتبار أن "فض الاشتباك أشمل" على حد قوله.
وفيما لم تُعلن التفاصيل الكاملة للاتفاق الموقع حتى الآن، تبقى عدة أسئلة جوهرية عالقة بلا إجابة، ومنها:
قبل توقيع الاتفاق يوم الجمعة، قالت المتحدثة باسم الحكومة الرواندية، يولاند ماكولو، لوكالة رويترز، إن "رفع الإجراءات الدفاعية في منطقتنا الحدودية" سيكون مشروطاً بـ"تحييد" القوات الديمقراطية لتحرير رواندا.
وتعدّ حركة "إم 23" أحد الأطراف الرئيسية في الصراع الدائر، وقد انبثقت عن اتفاق سلام سابق أُبرِم قبل 16 عاماً، ولم يضمن حلّ الجماعات المسلحة.
وفي العام الماضي، توصل خبراء روانديون وكونغوليون إلى اتفاقين بوساطة أنغولية بشأن انسحاب القوات الرواندية وقوات العمليات المشتركة ضد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا؛ لكن وزراء من كلا البلدين لم يؤيدوا الاتفاق.
وفي نهاية المطاف، تخلت أنغولا عن دورها كوسيط في مارس/آذار الماضي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب: التقارير عن مساعدة إيران في برنامج نووي سلمي أخبار زائفة
ترامب: التقارير عن مساعدة إيران في برنامج نووي سلمي أخبار زائفة

العربي الجديد

timeمنذ 39 دقائق

  • العربي الجديد

ترامب: التقارير عن مساعدة إيران في برنامج نووي سلمي أخبار زائفة

نفى الرئيس الأميركي الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 دونالد ترامب، مساء أمس الجمعة، تقارير إعلامية ذكرت أن إدارته بحثت إمكانية مساعدة إيران في الحصول على ما يصل إلى 30 مليار دولار لبناء برنامج نووي مدني لتوليد الطاقة. وكانت شبكة سي أن أن وشبكة أن بي سي نيوز، الأميركيتان ذكرتا أن إدارة ترامب ناقشت في الأيام القليلة الماضية إمكانية تقديم حوافز اقتصادية لإيران مقابل وقف حكومتها تخصيب اليورانيوم. وكتب ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال، مساء الجمعة: "من هو الكاذب في إعلام الأخبار الزائفة الذي يقول إن الرئيس ترامب يريد أن يعطي إيران 30 مليار دولار لبناء منشآت نووية غير عسكرية. لم أسمع يوماً عن هذه الفكرة السخيفة"، ووصف التقارير بأنها "خدعة". وقالت سي أن أن، أمس الجمعة ، إن إدارة ترامب ناقشت تقديم مجموعة من الحوافز المالية لإيران من أجل إقناعها بالعدول عن تخصيب اليورانيوم والعودة لطاولة المفاوضات، من بينها خطة تمويل إنشاء برنامج نووي مدني لإنتاج الطاقة تصل قيمتها إلى 30 مليار دولار بالإضافة لتخفيف العقوبات وتحرير مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المقيدة. وأكدت الشبكة في تقريرها، نقلاً عن مصدرين، أن بعض تفاصيل العرض نوقشت في اجتماع سري استمر لساعات بين المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، وشركاء خليجيين بالبيت الأبيض، في 21 يونيو/حزيران الجاري، أي قبل يوم من توجيه ضربات عسكرية أميركية لإيران. ومن بين البنود التي تمت مناقشتها، والتي لم تُنشر سابقاً، استثمار يُقدر بنحو 20-30 مليار دولار في برنامج نووي إيراني جديد غير مُخصب، يُستخدم لأغراض الطاقة المدنية. وأجرت واشنطن وطهران خمس جولات تفاوض، ولكن الطرفين فشلا في التوصل إلى اتفاق بسبب إصرار الولايات المتحدة على منع إيران من تخصيب اليورانيوم، الأمر الذي ترفضه إيران. وتقول طهران إن برنامجها سلمي، بينما تقول واشنطن إنها تريد ضمان عدم قدرة إيران على صنع سلاح نووي. وشنت إسرائيل عدواناً على إيران في 13 يونيو/حزيران الجاري دام 12 يوماً، استهدفت فيه منشآت نووية وقيادات عسكرية إيرانية بالإضافة لاغتيال عدد من علماء الذرة الإيرانيين، فيما قامت إيران بالرد عبر استهداف إسرائيل بموجات من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية. كما قامت الولايات المتحدة بقصف ثلاث منشآت نووية إيرانية، هي فوردو ونطنز وأصفهان، بهدف تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم في الـ22 من الشهر نفسه، قبل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في 24 يونيو. رصد التحديثات الحية سي أن أن: واشنطن تدرس تعويض إيران بنووي مدني بقيمة 30 مليار دولار وإسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يُعتقد على نطاق واسع أنها تمتلك أسلحة نووية، وقالت إن حربها على إيران تهدف إلى منع طهران من تطوير أسلحة نووية. وإيران طرف في معاهدة حظر الانتشار النووي، في حين أن إسرائيل ليست طرفا فيها. وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، التي تُجري عمليات تفتيش في إيران، إنها "لا تملك مؤشراً موثوقاً" على وجود برنامج أسلحة نشط ومنسق في إيران. (رويترز، العربي الجديد)

عارٌ يجب أن يتوقف
عارٌ يجب أن يتوقف

العربي الجديد

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربي الجديد

عارٌ يجب أن يتوقف

في محاولة لتسويغ إطالة حرب الإبادة على غزّة، ربط الرئيس الأميركي دونالد ترامب غير مرّة هذه الحرب بالصراع الإسرائيلي الأميركي مع إيران، وقبل أيام ومع إعلان وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، أبدى ترامب تفاؤله بتقدّم كبير في المفاوضات بشأن غزّة، بعد التراجع العام للقدرات الإيرانية. والحال أن الربط بين إيران وغزّة متعسّف، ولا شواهد عليه، فمن ناحية سياسية، كانت طهران في منأى عن المفاوضات، وكانت حركة حماس وما زالت تُصغي للوسيطين، المصري والقطري، بأكثر من أي طرف آخر. ومن ناحية "عسكرية"، تلجأ منظمات المقاومة إلى التصنيع الذاتي لأسلحتها الخفيفة في مواجهة الاجتياح الإسرائيلي. والى جانب كثرة من زعماء العالم، ربط ساسة إسرائيليون غير قليلين استمرار الحرب على غزّة بحسابات بنيامين نتنياهو السياسية ومصلحته الشخصية، ولم يربطوا الأمر بجهة خارجية، إيران أو غيرها. مما يستحق التشديد عليه أن الإدارة الحالية في واشنطن تتحمّل مسؤولية كبيرة في استمرار حرب الإبادة، فقد سمحت لنتنياهو أن يتنصل من اتفاق 19 يناير (2025) وينقلب عليه، وسمحت له خلال ذلك بالفتك اليومي بالأطفال والنساء، من دون أن تبدر عن واشنطن كلمة واحدة تدين هذا الاستهداف المنهجي للضحايا الأبرياء، ولم تف هذه الإدارة بتعهدات الرئيس ترامب بوقف حرب غزّة خلال حملته الانتخابية، إذ كان المجال وما زال مُتاحاً لصياغة اتفاقية مع الوسيطين المصري والقطري وفرضها على طرفي الصراع، ثم جاء التطوّر الأسوأ، حين أخذ ترامب يتحدّث غير مرّة عن أبناء غزّة الذين "يتضوّرون جوعاً"، ما مهّد لتقديم صيغة مساعدات أميركية بديلة عن مساعدات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية. وإذا بهذه الصيغة تتكشف عن أهداف شرّيرة، إذ يجري قنص الساعين إلى استقبال المساعدات وقتلهم بالعشرات كل يوم، وأقل ما يقال في هذا الأمر إنه مشين ويلحق العار بمن ينفذون هذا البرنامج. ورغم احتجاجات الأمم المتحدة على صيغة المصيدة هذه، فإن المسؤولين في البيت الأبيض والخارجية الأميركية لم يحرّكوا ساكناً، وواصلوا دعم هذا البرنامج الخبيث الذي يفاقم من مأساة أبناء القطاع. سوف يسجل التاريخ قريباً أن حرب الإبادة جرت في عهد كل من بايدن وترامب، وهو ما يلطّخ صورة أميركا الربط الذي يتعيّن الإشارة إليه أن إدارة الرئيس ترامب غضّت النظر عن المقتلة اليومية التي يقودها نتنياهو ووزراؤه، ما سمح لهذه الحرب الشنيعة بأن تستمرّ، وذلك في تكرار من الإدارة الحالية للخطيئة التي ارتكبتها إدارة جو بايدن السابقة، في تعميم القتل اليومي على المدنيين المنكوبين، والتذرّع بإيران لا ينطلي على أي طفل، فهناك مجرم حرب كبير يُصرّ على مواصلة جريمته، وتقوم واشنطن بالتستّر عليه وإعفائه من المسؤولية، ما يحفّزه على ارتكاب مزيد من القتل جهاراً نهاراً، وعلى رؤوس الأشهاد، وعلى شاشات التلفزيون. ويسترعي الانتباه أنه بينما توقفت الحرب الإسرائيلية على لبنان وعلى إيران، لا تتوقّف الحرب على غزّة، ولا يحتاج المرء ذكاء خارقاً ليدرك سبب هذا الاستثناء، إذ إن معركة نتنياهو على غزّة ذات طبيعة استئصالية بحق أبناء الأرض، والحرب على حركة حماس ليست إلا جزءاً ضئيلاً من هذه الحرب المتوحشة، فتدمير الحياة والأحياء هو الهدف العزيز على قلوب المتطرّفين في تل أبيب، ومن الشائن أن يقف أي طرف دولي مع هذه المجازر أو يغضّ النظر عنها، أو يتلكأ في العمل على إيقافها. وسوف يسجل التاريخ قريباً أن حرب الإبادة هذه جرت في عهد كل من بايدن وترامب، وهو ما يلطّخ صورة أميركا. غضّت إدارة ترامب النظر عن المقتلة اليومية التي يقودها نتنياهو في غزّة علاوة على ذلك، بينما وصلت الإدارة الحالية إلى البيت الأبيض محمولة على تعهدات ترامب بوقف الحروب وإحلال السلام في الشرق الأوسط وأوكرانيا، لافتٌ أن ترامب يواظب على الاتصال بطرفٍ واحدٍ من أطراف الصراع في الشرق الأوسط، وهو نتنياهو، ويمتنع الرئيس وأركان إدارته عن إجراء أي اتصالاتٍ مع الجانب الفلسطيني، فكيف سيحقّق ترامب وعوده السلمية، وهو يكتفي بالتواصل مع جانب واحد، مع التجاهل المتعمّد للطرف الثاني، الفلسطيني؟ وبما يتعلق بهذه المسألة، يعدّ سلوك الإدارة الحالية أسوأ من سياسة بايدن التي كانت تقوم على الحوار مع الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني. وإذا ما استمرّت إدارة ترامب في السير على هذا النهج غير المتوازن، فلنا أن ننتظر مزيداً من الكوارث ومن حروب نتنياهو، لا من فرص السلام الجدّية. سبق أن أبدى كاتب هذه السطور، إلى جانب معلقين آخرين، تفاؤلاً حذراً بتوجّهات ترامب الشرق أوسطية، غير أن أداء هذه الإدارة يتعارض مع الوعود السلمية التي أشاعها ترامب، وألحّ عليها في حملته الانتخابية ولدى عودته إلى البيت الأبيض. وللتذكير، تجدّدت الوعود، وانتعشت بعد الزيارة التي أدّاها ترامب للرياض والدوحة وأبوظبي في الشهر الماضي (مايو/ أيار)، والتي اتسمت بأجواء احتفالية بالضيف الكبير، غير أن الرئيس ما إن عاد إلى واشنطن حتى تجدّدت سياسته الشرق أوسطية من دون تغيير، وهي سياسة تنزع إلى السلبية، وفي أحسن الأحوال تتصف بالضبابية والإشارات المتناقضة، والامتناع عن اتخاذ إجراءاتٍ لوقف مسلسل الحروب وإطلاق المسيرة السلمية، بل وافق الرئيس على المشاركة الجزئية في حرب نتنياهو على إيران، في وقتٍ كانت المفاوضات مع طهران واعدة وتسير سيراً حسناً، فيما تتراجع في هذه الأثناء الآمال باستئناف التفاوض لوقف الحرب على أوكرانيا، فيما الثقة في أدنى مستوياتها بين واشنطن من جهة وموسكو وبكين من جهة ثانية، غير أن أمراً يستحقّ التشديد عليه، إلى ذلك كله، أن عشرات الأطفال والنساء يقتلون يومياً في غزّة على أيدي القوات الإسرائيلية، وعلى أيدي قنّاصة مرتزقة يعملون في برنامج المساعدات الأميركي، وآن لهذا العار أن يتوقف، فهو لا يليق بسلوك دولة صغيرة مارقة، فكيف بالدولة العظمى؟

ترامب يهاجم محاكمة نتنياهو: هل يحصل رئيس الحكومة على عفو عام؟
ترامب يهاجم محاكمة نتنياهو: هل يحصل رئيس الحكومة على عفو عام؟

BBC عربية

timeمنذ 4 ساعات

  • BBC عربية

ترامب يهاجم محاكمة نتنياهو: هل يحصل رئيس الحكومة على عفو عام؟

في خضم تداعيات الضربة العسكرية المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة على إيران، فجّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة من الجدل السياسي والقانوني داخل إسرائيل، بعدما دعا علناً إلى إلغاء محاكمة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أو منحه عفواً فورياً، واصفاً إياه بأنه "بطل حربي" يستحق التكريم لا المحاكمة. وفي سياق متصل، تقدم رئيس الحكومة الإسرائيلي بطلب رسمي للمحكمة المركزية في القدس لتأجيل جلسات محاكمته، التي تُعقد ثلاث مرات أسبوعياً، لمدة أسبوعين، متذرعاً بانشغاله بملفات "سياسية وأمنية حساسة" على رأسها الملف الإيراني والوضع في قطاع غزة. غير أن المحكمة رفضت طلبه مرتين، معتبرة أن المبررات "غير كافية" لتأجيل الجلسات، وأصرت على مواصلة الإجراءات القضائية دون تغيير في الجدول الزمني المحدد مسبقا. العفو الرئاسي في إسرائيل: قواعد صارمة وحدود سياسية دعوة ترامب أثارت تساؤلات قانونية حول إمكانية منح رئيس حكومة على رأس عمله عفواً رئاسياً، فبحسب القانون الإسرائيلي، لا يمكن للرئيس أن يمنح العفو إلا بطلب مباشر من الشخص المعني، وبعد التشاور مع النيابة العامة ووزارة العدل، كما أن العفو لا يُمنح عادة إذا ثبتت في القضية صفة "العار الأخلاقي" التي تمنع صاحبها من تولي المناصب العامة. الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، وفي تصريحات نادرة، أبدى انفتاحاً على فكرة التوصل إلى تسوية شاملة، مشيراً إلى أن أكثر من 90 في المئة من القضايا الجنائية في إسرائيل تنتهي عبر صفقة ادعاء. وقد دعا هرتسوغ إلى "حوار مسؤول" بين السلطات القضائية والسياسية للوصول إلى حل توافقي، ولكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة احترام استقلال القضاء وسيادة القانون. بين الدعم والرفض: انقسام إسرائيلي حاد أحدثت تصريحات ترامب صدمة في الأوساط السياسية، وانقسمت ردود الفعل في إسرائيل بين من رأى فيها تعبيراً عن "شعور شعبي عميق" بضرورة إنهاء المحاكمة، وبين من اتهم ترامب بالتدخل الفج في شؤون دولة ذات سيادة. في أوساط الحكومة، سارع العديد من الوزراء إلى تأييد دعوة ترامب، واعتبر وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار أن "الوقت قد حان لإنهاء الظلم اللاحق بنتنياهو"، واصفاً المحاكمة بأنها "مطاردة شخصية بلا أساس قانوني". أما وزير الخارجية جدعون ساعر، فأشار إلى أن المحاكمة استغرقت أكثر من خمس سنوات، وأن الاستمرار فيها يخدم منطق "الاضطهاد القانوني" أكثر مما يخدم العدالة. كذلك، رأى رئيس لجنة الدستور في الكنيست، سمحا روتمان، أن المحاكمة تعكس صورة مشوهة للقضاء الإسرائيلي، واصفاً الاتهامات بأنها "مفبركة وبعيدة عن الواقع"، ولكنه في الوقت نفسه شدد على أن الرئيس الأمريكي ليس مخولاً بالتدخل في النظام القضائي لدولة أخرى، داعياً إلى حل "يليق بدولة ذات مؤسسات مستقلة". في المقابل، وجدت التصريحات معارضة شديدة من قبل أطراف المعارضة، حيث اعتبر زعيم المعارضة السابق يائير لابيد أن تدخل ترامب "غير مقبول على الإطلاق"، وأنه يشكل مساساً بسيادة القضاء الإسرائيلي. أما النائبة ناعما لازيمي، فرأت في تصريحات ترامب "دليلاً جديداً على أن نتنياهو لم يعد يثق بمؤسسات دولته"، معتبرة أن طلب الدعم من زعيم أجنبي هو بحد ذاته "إدانة سياسية وأخلاقية". اللافت أن رئيس المحكمة العليا المتقاعد، أهارون باراك، دخل على خط النقاش، معلناً دعمه لأي خطوة تفضي إلى إنهاء محاكمة نتنياهو، سواء كانت عفواً أو صفقة ادعاء، وقال إنه لا يفهم سبب تعثر هذه المبادرات. وتشير تقارير صحفية إلى أن باراك عرض الوساطة فعلياً بين الأطراف للوصول إلى تسوية، إلا أن محاميي نتنياهو رفضوا طرحه، بسبب اشتراطه خروج نتنياهو من الحياة السياسية مقابل إسقاط التهم عنه. بين السياسة والقضاء، هل نحن أمام صفقة شاملة؟ تعكس هذه التطورات معركة مزدوجة يخوضها نتنياهو: داخل المحكمة وداخل المؤسسة السياسية. فبينما يواجه اتهامات بالفساد في قضايا الهدايا والرشى، يُنظر إليه أيضاً كمهندس للهجوم على إيران، والشريك الرئيسي في خطة أمريكية واسعة لإنهاء الحرب في غزة وتوسيع دائرة اتفاقيات أبراهام. في هذا السياق، يرى محللون أن تصريحات ترامب لم تكن مجرد دعم عاطفي لصديق، بل جزءاً من محاولة استراتيجية لإزاحة العائق القضائي عن طريق نتنياهو، تمهيداً لدفع خطة سلام إقليمية تشمل إنهاء الحرب مقابل تسوية شاملة مع حماس، وإشراك دول عربية في إدارة غزة، وفتح باب التطبيع مع السعودية. كشفت صحيفة يسرائيل هيوم عن وجود خطة في المقابل لإنهاء الحرب في غزة والإفراج عن المحتجزين وتسوية تطبيع مع دول مختلفة من بينها السعودية وسوريا. ترامب وبحسب مراقبين يعلم جيدا بأن نتنياهو يتمسك بحكومته التي ستمنعه من إيقاف الحرب في غزة أو توقيع اتفاق تطبيع مع السعودية بسبب إمكانية اتخاذ مسار حل الدولتين مع الفلسطينيين، وأن هذا المانع يرتبط كثيرا بخشية نتنياهو من سقوط الحكومة وفقدان حصانته البرلمانية، لذلك يعتقد أن تقديم العفو لنتنياهو سيعطيه مساحة سياسية داخلية أكبر للذهاب في مشروع الرئيس الأمريكي للمنطقة. بيد أن نتنياهو قد يصر على براءته ويستمر في جلسات المحاكمة حتى صدور الحكم النهائي فهو لايزال يعتقد بأنه سيستطيع تفنيد التهم الموجهة ضده بينما يعتبر آخرون بأن ما قُدم ضده من تهم فساد قد يقوده للسجن بشكل شبه حتمي. خلاصة المشهد: عدالة مؤجلة أم تسوية كبرى؟ وسط ضغوط داخلية متزايدة، وأخرى خارجية من حلفاء كبار مثل ترامب، يجد نتنياهو نفسه عند مفترق طرق. فهل يواصل المواجهة القضائية حتى النهاية؟ أم يسلك طريق التسوية السياسية تحت غطاء العفو؟ في الحالتين، يبدو أن ما يجري اليوم يتجاوز مصير رجل واحد، ويمس مستقبل النظام الديمقراطي في إسرائيل ومستقبل اتفاقات تطبيع وحلول سياسية واستراتيجية معقدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store