
الكرد والكابوس الإقليمي
وبقي الحلم بقيام دولة كردية مستقلة ملازماً للوعي الكردي طوال هذه العقود، وقد أخذ صوراً من المطالبات المسلحة والسلمية خلال الوقت نفسه. ولعل أقرب كيان شبه مستقل لهم اليوم هو كردستان العراق الذي يعد دولة مستقلة من دون إعلان الاستقلال. وتضم إيران نحو 5 ملايين كردي، مثلهم بسوريا ونصف الأكراد تقريباً (20 مليوناً) يعيشون في تركيا. وأية حركة تطالب بالانفصال أو بالحقوق القومية الكردية بإيران اليوم تواجه بالقمع الشديد، وكذلك كانت الحال في تركيا والعراق أيام صدام حسين وحكم "البعث".
وكانت الأمور أهدأ بالنسبة إليهم في سوريا نسبياً، لكنهم اليوم يوجدون في شرق سوريا بإدارة محلية ذاتية باسم "قوات سوريا الديمقراطية" واختصارها "قسد". وقعت "قسد" مع الحكومة السورية الجديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد اتفاقاً خلال مارس (آذار) الماضي، وخطوطه العريضة تعلن الاندماج بالدولة السورية، وهو الاتفاق الذي يرى كثر أنه مهد للإعلان الذي أعلنه زعيم ومؤسس حزب "العمال الكردستاني" عبدالله أوجلان بإلقاء السلاح والتخلي عن الكفاح المسلح لتحقيق الحلم الكردي بإقامة دولة مستقلة.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أوجلان -المعروف لدى الأكراد باسم عبدالله أبو- هو مؤسس حزب العمال عام 1978، وحصد كفاحه المسلح مقتل أكثر من 40 ألف من الأتراك والأكراد وسبب صداعاً مزمناً للدولة التركية التي رأت بخطر الأكراد خطراً وجودياً على الجمهورية التركية نفسها. وعليه، فقد هددوا الرئيس السوري حافظ الأسد بالحرب ما لم يقم بتسليم عبدالله أوجلان الموجود بالبقاع في لبنان، الذي كان تحت السيطرة السورية الكاملة طوال الثمانينيات والتسعينيات الماضية. طرد الأسد أوجلان تجنباً للحرب مع تركيا عام 1998، واعتقل خلال فبراير (شباط) 1999 جراء عملية استخباراتية بكينيا، قيل إن الموساد والـ"سي آي أي" ساعدوا في تنفيذها لمصلحة قوات تركية خاصة اختطفته من كينيا إلى تركيا، واعتقل في جزيرة لا يزال مسجوناً بها منذ 26 عاماً.
بإعلانه إنهاء الكفاح المسلح بتسجيل مصور بدا به متكرشاً ومتقدماً في العمر كثيراً، أعلن عبدالله أوجلان انتصار كفاح شعبه وأن الوقت حان لقطف ثمار هذا الانتصار "العظيم" سلمياً، ومن خلال الكفاح الديمقراطي السلمي داخل الدولة التركية.
وبدوره، ألقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطاباً السبت الماضي أعلن فيه انتصاراً عظيماً على الإرهاب، ودخول المنطقة مرحلة تاريخية جديدة يتعايش فيها الترك والكرد والعرب ويعيدون أمجاد المسلمين الأوائل، كرر أردوغان تحالف الترك والعرب والكرد من أجل مستقبل المنطقة ولم يأت بخطابه على ذكر إيران أو الفرس!
بإعلان الأكراد نهاية الكفاح المسلح وتسليم أسلحتهم، يكونون فتحوا الباب على ملفات واستحقاقات جديدة، كيف سيتعامل العراق مع الاحتلال التركي لشمال أراضيه؟ هل سيشكل لجنة برلمانية تطالب حكومة العراق بالتفاوض مع الأتراك لانسحابهم من الأراضي العراقية التي احتلوها بحجة محاربة "الإرهاب" الكردي العمالي؟ وماذا عن الوجود العسكري التركي في شمال سوريا الذي كانت ذريعته مشابهة لذريعة الاحتلال التركي لشمال العراق؟ هل ستتغاضى عنه الحكومة السورية الجديدة كاستحقاق لدور تركيا الرائد بدعمها وإسقاط نظام بشار الهارب؟
وماذا عن ملف الأكراد بكرمنشاه-إيران؟ هل سيكتفي أكراد إيران بالتوافق التركي-الكردي الجديد ولو على حسابهم؟ هل يدخل تسليم السلاح الكردي ضمن ترتيبات جغرا-سياسية لمنطقة الهلال الخصيب وشمال العراق والشام؟ وما الدور السوري الجديد مقابل اتفاق "فك اشتباك" جديد مع إسرائيل؟ وهل كان حديث المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا بضم لبنان لها "بالون" اختبار؟ أم تهديد للبنان للتخلص من "حزب الله"؟ وأين موقع إيران الجريحة التي خسرت لبنان والشام وتراجعت في العراق وضُربت هيبتها في الداخل بالعدوان الإسرائيلي والقصف الأميركي لمفاعلاتها النووية؟ أين موقعها من الترتيبات الجديدة داخل العراق والشام؟
تساؤلات تحتاج إلى مقالات وندوات ومتابعة للتطورات، فالقادم للمنطقة يشير إلى تغيرات جيو-سياسية هائلة وربما خرائط سياسية جديدة، لكن أهم التساؤلات حول هذه التطورات هو أين المشروع العربي من كل ما يجري؟ وهل هناك مشروع عربي أصلاً؟ وقد تكون محاولة الإجابة عن هذا التساؤل محوراً لمقال قادم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 21 دقائق
- Independent عربية
قتيلان و20 جريحا بضربة روسية على بلدة أوكرانية قرب خط المواجهة
قتل شخصان وجرح أكثر من 20 بضربة جوية روسية على ساحة بلدة دوبروبيليا القريبة من خط المواجهة أمس الأربعاء، فيما تخشى السلطات وجود عالقين تحت الأنقاض. ونفذت روسيا هجمات بمئات المسيرات على أوكرانيا كما قصفتها بالمدفعية وبصاروخ باليستي بين ليل الثلاثاء وفجر الأربعاء، في تحد لدعوات الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أجل التوصل لاتفاق سلام. هدد ترمب الإثنين بفرض عقوبات مشددة ضد موسكو إذا لم تتوصل خلال 50 يوماً إلى اتفاق سلام ينهي حربها على أوكرانيا. وقالت السلطات الإقليمية في دوبروبيليا إن روسيا أسقطت قنبلة زنتها 500 كيلوغرام (1100 رطل) على البلدة التي تبعد 20 كيلومتراً من خط المواجهة. وقال فاديم فيلاشكين، عضو الإدارة الإقليمية لدونيتسك في منشور على شبكة للتواصل الاجتماعي "معلومات محدثة عن قصف دوبروبيليا، قتل شخصان وجرح 22 آخرون". وأشار إلى أن الهجوم الذي وقع في ساعة الذروة أصاب 54 متجراً و13 مبنى في محيط الساحة المزدحمة. وتابع "يحتمل وجود أشخاص عالقين تحت الأنقاض، مع تواصل البحث عن ناجين". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذا الهجوم بـ"المروع". وقال في كلمته المسائية اليومية إلى الأمة إن "ضرباتهم ليس لها معنى عسكري، بل تهدف فقط إلى التسبب بأكبر عدد ممكن من الضحايا". وتعود محادثات السلام المباشرة الأخيرة بين مسؤولين أوكرانيين وروس إلى أكثر من شهر، ولم يحدد أي موعد لاجتماعات جديدة على رغم إبداء الكرملين انفتاحه على مزيد من التواصل. وأفاد سلاح الجو الأوكراني بهجوم روسي بنحو 400 مسيرة بين ليل الثلاثاء وفجر الأربعاء، وبصاروخ باليستي أطلق من شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو. الهجمات أوقعت قتيلة وعشرات الجرحى، إضافة إلى حصيلة الضربة في دوبروبيليا، وفق سلطات أوكرانية. وتستهدف روسيا المدن الأوكرانية بضربات جوية بشكل شبه يومي في إطار هجومها الذي أطلقته في فبراير (شباط) 2022. وتواصل القوات الروسية التي تحتل نحو 20 في المئة من الأراضي الأوكرانية تقدمها على الجبهة بوجه جيش أوكراني أقل عديداً وعتاداً. والإثنين، قال ترمب إنه ابرم اتفاقاً مع حلف شمال الأطلسي لإمداد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي وأسلحة أميركية، مبدياً استياءه لعدم قبول روسيا بوقف إطلاق النار.


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
الجيش السوري ينسحب من السويداء بعد مواجهات دامية
أعلنت السلطات السورية أمس الأربعاء بدء انسحاب قواتها من السويداء التي شهدت أعمال عنف دامية، وذلك بعد دعوة أميركية لخروج القوات الحكومية من المحافظة. وجاء إعلان بدء الانسحاب بعدما أشارت وزارة الداخلية مساء الأربعاء إلى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء، يضم 14 بندا، ينص أبرزها على إيقاف كل العمليات العسكرية بشكل فوري وتشكيل لجنة مراقبة من الدولة السورية وشيوخ دروز للإشراف على عملية التنفيذ. وأعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو التوصل إلى توافق على "خطوات محددة من شأنها أن تضع حدا الليلة للوضع المضطرب والمرعب"، مضيفاً أنه يتوقع أن "يفي جميع الأطراف بالتزاماتهم". وقصفت إسرائيل مجدداً أهدافاً للسلطات السورية وهددت بتكثيف ضرباتها إذا لم تخرج القوات السورية من محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية حيث أوقعت أعمال العنف منذ الأحد أكثر من 300 قتيل، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. واندلعت الاشتباكات الأحد في محافظة السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو السنة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، على خلفية عملية خطف طاولت تاجر خضراوات درزيا وأعقبتها عمليات خطف متبادلة. ومع احتدام المواجهات، أعلنت القوات الحكومية الإثنين تدخلها في المحافظة لفض الاشتباكات، لكن بحسب المرصد وشهود وفصائل درزية، فقد تدخلت هذه القوات إلى جانب البدو. ومساء الأربعاء، أعلنت وزارة الدفاع السورية "بدء انسحاب قوات الجيش العربي السوري من مدينة السويداء تطبيقاً لبنود الاتفاق المبرم، وبعد الانتهاء من تمشيط المدينة من المجموعات الخارجة على القانون"، من دون أي ذكر لانسحاب قوات حكومية أخرى منتشرة في المدينة. وكانت وزارة الخارجية الأميركية حضت القوات الحكومية السورية على مغادرة منطقة النزاع في جنوب سوريا لخفض التوترات. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس في تصريح لصحافيين "ندعو الحكومة السورية، في الواقع، إلى سحب قواتها العسكرية لتمكين جميع الأطراف من احتواء التصعيد وإيجاد سبيل للمضي قدما"، من دون تحديد المنطقة التي دعت واشنطن سلطات دمشق إلى سحب قواتها منها. ودان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأربعاء الضربات الإسرائيلية في سوريا، داعياً إلى إنهاء "العدوان السافر" للجيش الإسرائيلي. وحض الاتحاد الأوروبي "إسرائيل على أن توقف فوراً ضرباتها" في سوريا. من جهته أمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون الأربعاء بـ"تهدئة حقيقية" في محافظة السويداء، وحض إسرائيل على "الوقف الفوري لجميع الانتهاكات لسيادة سوريا وسلامة أراضيها، والامتناع عن أي إجراءات أحادية الجانب تؤدي لتفاقم الصراع". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) والأربعاء، شن الجيش الإسرائيلي ضربات على مقر رئاسة الأركان في دمشق وعلى "هدف عسكري" في محيط القصر الرئاسي، وأفادت السلطات السورية بسقوط ثلاثة قتلى. وقال مصدر عسكري في وزارة الداخلية السورية لوكالة الصحافة الفرنسية إن القصف طاول "محيط مطار المزة" حيث إن هناك "بعض مستودعات الذخيرة". وخلال جولة تفقدية له في هضبة الجولان المحتلة، قال رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير "يعمل القادة والجنود بحس من المسؤولية وضبط النفس". وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس حذر في بيان الأربعاء من أنه "يجب على النظام السوري أن يترك الدروز في السويداء وشأنهم، وأن يسحب قواته" منها. وقال إن الجيش الإسرائيلي "سيواصل مهاجمة قوات النظام حتى انسحابها من المنطقة وسيرفع قريباً مستوى الرد ضد النظام إذا لم يتم استيعاب الرسالة". وتقول إسرائيل التي تحتل جزءاً من الجولان السوري، إنها تريد حماية الدروز، مشددة على أنها لن تسمح بوجود عسكري في جنوب سوريا قرب حدودها. وقال أسامة البالغ 32 سنة متحفظا عن كشف هويته خشية على سلامته "أنا في قلب مدينة السويداء، لكنني لا أفكر بالخروج، ولا إمكان للهرب أساساً بسبب الخشية من أي عملية تصفية". وشاهد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية داخل المدينة نحو 30 جثة، يعود بعضها لعناصر من السلطة وأخرى لمقاتلين بلباس مدني مع جعب عسكرية فيما كان الدخان يتصاعد من بعض أحياء المدينة على وقع دوي القصف المتقطع. واتهمت وزارة الدفاع "مجموعات خارجة على القانون" بمهاجمة قواتها داخل المدينة، مضيفة أنها "تتابع الرد على مصادر النيران". وأحصى المرصد السوري منذ اندلاع الاشتباكات الأحد، مقتل 64 مسلحاً درزياً إضافة إلى 28 مدنياً، 21 منهم قتلوا "بإعدامات ميدانية برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية"، مقابل 138 قتيلاً من عناصر الجيش والأمن العام و18 مسلحا من البدو. ويقدر تعداد الدروز في سوريا بنحو 700 ألف يعيش معظمهم في جنوب البلاد في محافظة السويداء خصوصا. وأعادت الاشتباكات إلى الواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها السلطات الجديدة بقيادة أحمد الشرع منذ وصولها إلى الحكم بعد إطاحة بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) بعد حرب استمرت 14 عاماً.


الوطن
منذ 10 ساعات
- الوطن
هندسة الإجماع في معركة كسب الجماهير
بعد اثني عشر يومًا من تبادل الصواريخ والاغتيالات والخطابات النارية، وبقرار أمريكي، وضعت الحرب أوزارها بين إسرائيل وإيران. وفي خضم ادعاءات النصر المتناقرة من كلا الجانبين والمدعمة بخطابات رنانة، وبعيدًا عن الخسائر البشرية والمادية والنفسية، يطرح السؤال الجوهري: هل نجح الطرفان في إدارة إدراك الجماهير خلال هذه الأزمة؟ وما الرسائل التي حاولا بثها لتوجه دفة الحرب الإعلامية المصاحبة؟ فلم تعد الجماهير اليوم كالماضي، حيث كانت تتكاْ على مصدر إعلامي واحد ولغة موحدة لتعيش عليها حالاتها النفسية وانفعالاته الحربية ووحدتها الوطنية. لقد تجاوز المشهد الإعلامي التقليدي بكثير، ليصبح فضاءً مكشوفًا متعدد المصادر، ووعيًا جماهيريًا قادرًا على التمييز بين الحقائق والصور الزائفة. بعيدًا عن السرديات الحكومية ولم يعد مفهوم «هندسة الإجماع» (The Engineering of Consent) الذي أطلقه المفكر النمساوي الأمريكي إدوارد بيرنيز. والذي ينظر إلى الجمهور ككتلة واحدة يمكن تشكيلها وتوجيهها عبر التحكم بالمعلومات والسرديات المعروضة. وبناءً على فهمه للعقل اللاواعي، حيث اعتقد بيرنيز أنه بالإمكان السيطرة على الجماهير وإخضاعها لنمط موحد من التفكير والسلوك دون أن تدرك ذلك. لقد أثبتت هذه الفلسفة فعاليتها البالغة في حملات الدعاية الأمريكية خلال الحرب العالمية الأولى، حيث استخدمت لتعبئة الرأي العام ودعم المجهود الحربي. ولكن، مع تعدد مصادر المعلومات، وتنوع السرديات، وانتشار المقاطع التي تكشف زيف بعض الروايات الإعلامية – كما حدث في الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران – أصبح التحكم بالجماهير أمرًا بالغ التعقيد. ففي ظل الأهداف المتغيرة لكل حرب إعلامية، تجد الشائعات والبروباجندا بيئة خصبة للانتشار، وتصبح الجماهير أكثر تعطشًا للأخبار، وتهيئة نفسية لتصديق ما يُعرض عليها بسرعة. وأكثر وعيًا لتميز ما بين الحقيقة والخرافة فآلية الإعلامية تعيش معركة كيف لها فهم إدراك الجماهير فهي تحارب على جبهات متعددة، مع التركيز على تحقيق التماسك الداخلي وإقناع الجمهور الخارجي. وهذا ما حصل للإعلام الإيراني في صراعه مع إسرائيل فهو ركز على قدسية الحرب ضد «العدو» ورفع الروح المعنوية للجماهير الداخلية. من خلال رفع الشعارات الدينية للداخل واستعراض القدرة على الصمود، وعرض القدرات الدفاعية لإسقاط الطائرات الإسرائيلية، وتصوير الهجمات الصاروخية على تل أبيب، وحتى استهداف المصالح الأمريكية في قاعدة العديد في قطر. هذا الخطاب كان يعاكسه خطاب إسرائيلي إعلامي من خلال بث رسائل مضادة تبين قدرتها على استهداف خصومها وقدرتها الاستخباراتية لاختراق الحصون الإيرانية واغتيال رجالات إيران في منازلهم وبغض النظر عن حجم الرسائل الإعلامية وأهدافها التي تحاول أن تبين تفوق طرف مقابل الآخر أو السرديات التي يتم بناؤها ودعمها بلقطات فيديو ومعالجات بالذكاء الاصطناعي، نجد أن القضية الكبرى أن الجماهير تستطيع أن تميز وتعرف الحقيقة، وتبقى الإشكالية قائمة في عالم يغرق بالمعلومات والسرديات المتضاربة، إلى أي مدى يمكن «هندسة» الإجماع وتشكيل الوعي الجمعي؟ وهل فقدت أدوات البروباجندا القديمة فعاليتها أمام وعي جماهيري متنامٍ ومصادر معلومات لا حصر له.