
وزير العدل أمام فضيحة أخرى!
فمنذ منتصف شهر يوليوز 2025 ومجموعة من الصفحات تتناقل على نطاق واسع عبر موقع 'الفيسبوك' حصول وزير العدل والأمين العام السابق لحزب 'الأصالة والمعاصرة' عبد اللطيف وهبي على قرض بقيمة 11 مليون درهم أي مليار ومائة مليون سنتيم، في مطلع شهر دجنبر 2020 خلال فترة تفشي جائحة كورونا ببلادنا، لاقتناء عقار من مستوى رفيع يحمل اسم 'سعيدة' في أحد أفخم أحياء العاصمة الرباط، وأكمل تسديد مجموع قيمة القرض في منتصف شهر يوليوز 2024. وهو الأمر الذي أثار اندهاش واستغراب الكثير من المواطنين، باعتباره أمرا مريبا ومتناقضا بالنظر إلى راتب الوزير الشهري.
والأدهى من ذلك أن سيادة الوزير الذي تبرع بالعقار لزوجته المصونة في 12 غشت 2024 قام بتقليص قيمة العقار في العقد إلى مليون درهم فقط عند التصريح لإدارة الضرائب، مما يشكل مخالفة جسيمة بالنسبة لشخصية سياسية بارزة تحتل منصب وزير عدل، تتمثل في التملص من أداء الضرائب ومستحقات التحفيظ للدولة،لاسيما أنه لم ينف البتة الخبر الرائج عند خروجه الإعلامية، حيث أعرب عن استعدادهالكامل لأي مراجعة ضريبة، وهو ما يؤكد صحة ما نشره حساب 'جبروت'، وفوت بالتالي على إدارة التسجيل والتحفيظ قدرا هاما من المال، ويستوجب مساءلة سياسية وقضائية بعد تقديم استقالته.
ولأن عبد الإله ابن كيران الأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق، مثله مثل الذين يحرصون على تعداد هفوات وفضائح وزير العدل عبد اللطيف وهبي، فإنه لم يتأخر في الانقضاض على خبر 'تملصه الضريبي' في قضية العقار الذي أهداه إلى زوجته خلال السنة الفارطة، وطالبه بالاستقالة الفورية من منصبه، منتقدا إقدامه على مثل هذا الفعل الشنيع المتمثل في حرمان إدارة الضرائب من مبلغ مالي مهم، حيث نشر تدوينة على حسابه الشخصي في 'الفيسبوك' يقول فيها: 'وزير يغش في وثيقة رسمية يقدمها لإدارة الضرائب، عندما صرح بأقل من عشر الثمن الحقيقي للعقار، للتهرب من أداء واجبات ضريبية مستحقة، في خرق سافر لمقتضيات الدستور، لاسيما الفصلين39 و40 منه، ومقتضيات المدونة العامة للضرائب' وزاد قائلا 'إن استقالة الوزير ضرورة، تفرضها دولة القانون والمؤسسات ومبدأ 'ربط المسؤولية بالمحاسبة'.
فليست هذه المرة الأولى التي يقع فيها وزير العدل وهبي في المحظور، إذ طالما أثارت فضائحه المتوالية الكثير من الجدل، ونستحضر هنا تلك الفضيحة المدوية التي فجرها 'اليوتيوبر' حميد المهداوي، وكانت من ضمن الأسباب التي جرته إلى السجن رغم توفره على الوثائق الثبوتية، وهي تلك المرتبطة بعدم أداء الوزير رسوم خزينة الدولة لدى المحكمة التجارية بالرباط تقدر بالملايير. حيث أنه وفي قضية طالبت فيها الشركة التي كان ينوب عنها خلال سنة 2018 بصفته محاميا آنذاك بأزيد من 5 ملايير درهم، لم يسدد منها لخزينة الدولة إلى اليوم عدا مليار سنتيم، فضلا عن أنه سبق له التورط كذلك في فضيحة أخرى تتعلق بحصوله على سيارة فارهة بقيمة 149 مليون سنتيم مقابل أتعابه من مواطنة مغربية، مما يؤكد أنه متعود على عدم التصريح بمداخيله الحقيقية.
وبالعودة إلى الفضيحة العقارية الأخيرة التي أثارت ومازالت تثير جدلا واسعا، نجد أن من بين الأسباب التي ساهمت في تأجيج نيران الغضب وتعميق الشعور بالاستياء لدى المواطنين، هي تصريحات الوزير وهبي حول العقار، الذي أكد على أنه مجرد هدية لزوجته التي لا تشتغل ولا تملك تقاعدا، وأن من حقه تقييم العقار بالمبلغ الذي يراه مناسبا له، معتبرا إياه هبة تندرج في إطار 'الكد والسعاية'، وتثمين العمل المنزلي، حيث لم يكسب من ورائه أموالا ولا أرباحا، وأنه على أتم الاستعداد للخضوع إلى أي مراجعة ضريبية…
بيد أن عديد المهتمين بالشأن العام والفاعلين السياسيين والحقوقيين، يخالفون الوزير الرأي فيما ذهب إليه من 'تبريرات'، معتبرين أنه وغيره من الواهبين ليس لهم الحق في التصريح بالمبلغ الذي يريدونه ويتوافق مع مزاجهم أثناء عملية عقد هبة بين الزوجين، ما داموا ملزمين بقوة القانون بالتصريح بالقيمة التجارية الحقيقية للعقارات الموهوبة، وإلا ما كان للمدونة العامة للضرائب أن تفرض المراجعة الضريبية، للتأكد من القيمة التجارية الفعلية للعقارات وقت التفويت، وإعطاء حق الشفعة لفائدة الدولة في حالة عدم تصريح الواهب بالقيمة التجارية للعقار وقت التفويت.
إن وزير العدل عبد اللطيف وهبي يعلم أكثر من غيره أن الغش أو التهرب الضريبي سلوك مرفوض، يسعى من خلاله الملزم إلى الهروب من كل أو جزء من الالتزام الضريبي والتملص من الواجب الضريبي تجاه الدولة، إذ أنه يؤثر كثيرا على مداخيلها السنوية، وبالتالي على أنشطتها ووظائفها، لذلك تستخدم مختلف التشريعات كل الوسائل القانونية لمكافحة مثل هذا السلو، فهل يخضع سيادة الوزير للمساءلة؟.
اسماعيل الحلوتي
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلبريس
منذ 4 ساعات
- بلبريس
1,39 مليار درهم متوسط أرباح شركات المحروقات
أظهر تقرير صادر عن مجلس المنافسة أن متوسط النتيجة الصافية السنوية لاستثمارات تسع شركات تنشط في سوق المحروقات بالمغرب بلغ حوالي 1,39 مليار درهم خلال الفترة الممتدة من 2018 إلى 2024، مقابل متوسط استثمار سنوي مستقر في حدود 1,3 مليار درهم. التقرير الذي يغطي الربع الأول من سنة 2025، ويتناول تحليل مؤشرات الأداء المالي برسم سنة 2024 لشركات توزيع الوقود بالجملة المعنية باتفاقات الصلح مع المجلس، كشف أن الاستثمارات المنجزة سنة 2024 بلغت 1,3 مليار درهم، محققة نتيجة صافية قدرها 2,3 مليار درهم في السنة ذاتها. لكن الوثيقة سجلت تراجعا في متوسط النتيجة الصافية خلال الفترة 2022-2024 مقارنة بالفترة السابقة الممتدة من 2018 إلى 2021، حيث انخفض هذا المتوسط من 1,81 مليار درهم إلى 821 مليون درهم، في وقت حافظ فيه حجم الاستثمارات على استقراره النسبي (1,32 مليار درهم مقابل 1,26 مليار درهم). وسجلت سنة 2024 أداء ماليا متميزا مقارنة بالسنوات الماضية، حيث بلغت نسبة الربحية 3,5 في المائة، مقابل 1,3 في المائة سنة 2022 و0,7 في المائة سنة 2023. كما ارتفع العائد على رؤوس الأموال المستخدمة من 15 إلى 21 في المائة بين سنتي 2022 و2023، ليصل إلى 30 في المائة في 2024. وبلغ العائد على رؤوس الأموال الذاتية 29 في المائة خلال السنة نفسها، مقابل 13 و7 في المائة في السنتين السابقتين. وعند مقارنة الفترتين 2018-2021 و2022-2024، لاحظ المجلس تراجعا في مؤشرات المردودية، من بينها العائد على رؤوس الأموال الذاتية الذي انخفض من 24 إلى 17 في المائة، ونسبة الربح الصافي التي تقلصت من 3,7 إلى 1,8 في المائة. أما العائد على رؤوس الأموال المستخدمة، فقد ظل مستقرا عند مستوى 22 في المائة. أما فيما يخص نسبة توزيع الأرباح، فقد عرفت بدورها منحى تنازليا في سنة 2024، إذ بلغ المعدل العام 41 في المائة، مسجلا تراجعا واضحا مقارنة بالمتوسط المسجل خلال الفترة 2018-2021 (87 في المائة)، والفترة 2022-2024 (99 في المائة)، وكذا المتوسط العام الممتد من 2018 إلى 2024 والذي بلغ 92 في المائة.


الأيام
منذ 4 ساعات
- الأيام
ضحايا 'زلزال الحوز' يكذبون الحكومة
كشفت 'التنسيقية الوطنية للمتضررين من زلزال الحوز'، أن الأرقام التي سبق لرئاسة الحكومة أن نشرتها بخصوص الإنجازات المتعلقة ببرنامج إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة من 'زلزال الحوز'، 'غير دقيقة وبعضها غير صحيح'. وأوضحت التنسيقية، في بيان، أن 'الـ47 خيمة، التي أشارت رئاسة الحكومة إلى أنها تبقت من 129 ألف خيمة كانت قد نصبت مباشرة عقب الزلزال، رقم غير صحيح'، وقالت إن هذا الرقم قد يكون صحيحا لو تعلق الأمر بدوار واحد فقط بإحدى الجماعات المتضررة من الزلزال. وتواصل التنسيقية طرق جميع الأبواب لإيصال صرخة المتضررين من الزلزال، وقد جمعها من أجل هذا الغرض لقاء ضم أعضاء منها يمثلون أقاليم تارودانت والحوز وشيشاوة بوفد عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية يترأسه عبد الله بووانو. واستعرض أعضاء التنسيقية خلال هذا اللقاء معطيات تتعلق بسير عميلة الاستفادة من الدعم المالي المخصص لضحايا زلزال الحوز، وطلبوا بالتحقيق في عملية الدعم التي طالتها بحسبهم خروقات أدت إلى إقصاء عدد كبير من المتضررين، مع الكشف عن المعايير التي اعتُمدت في فرز المتضررين. وفي بلاغ آخر مشترك مع الائتلاف المدني من أجل الجبل، أكدت التنسيقية أن وضعية المناطق الجبلية المتضررة من الزلزال لا تزال مزرية، وانتقدا استمرار المعاناة القاسية التي تعيشها آلاف الأسر المتضررة من زلزال الأطلس الكبير، رغم مرور قرابة عامين على الفاجعة. وعبر البلاغ عن عميق القلق إزاء غياب العدالة والشفافية في تدبير هذا الملف الإنساني الوطني، ونبه إلى أنه ورغم التصريحات الحكومية التي تتحدث عن 'انفراج' و'أوراش كبرى' لإعادة الإعمار، لكن الوقائع الميدانية والحقائق تشير إلى استمرار مئات الأسر في العيش داخل خيام مهترئة تفتقر لأبسط مقومات الكرامة والعيش الآدمي. وتوقفت الهيئتان على وجود خروقات في عمليات الإحصاء والتوزيع، وشبهات بتورط بعض أعوان السلطة في التلاعب في عمليات الإحصاء، كما أن عددا كبيرا من الأسر المتضررة كليا استفادت فقط من دعم جزئي (80.000 درهم) رغم فقدانها الكامل لمساكنها، وحرمان آخرين من أي دعم يذكر.


الجريدة 24
منذ 4 ساعات
- الجريدة 24
ماذا أعدت وزارة الأسرة لحماية صورة المغرب من التسول؟
في وقت تشتد فيه وتيرة التحضيرات لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2030، والذي سيقام بشراكة ثلاثية بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، تجد الحكومة المغربية نفسها أمام تحديات تتجاوز البنية التحتية والملاعب إلى ما هو أبعد من ذلك، وعلى رأسها مواجهة مظاهر الهشاشة الاجتماعية التي باتت تُهدد صورة المملكة في المحافل الدولية، وفي مقدمتها ظاهرة التسول، التي لا تزال ترخي بظلالها على كبريات المدن المغربية، رغم كل التدخلات الرسمية. وتعيش المدن السياحية الكبرى، وعلى رأسها مراكش والدار البيضاء، منذ سنوات على وقع استفحال هذه الظاهرة، التي باتت تشوه جمالية الفضاءات العامة وتؤرق سكانها وزوارها على السواء، خاصة في النقاط الحيوية والمحيطة بالمؤسسات العمومية والتجارية. الانتقادات لا تتوقف من هيئات المجتمع المدني وفعاليات حقوقية تطالب بإجراءات ملموسة وعاجلة، لا سيما في ظل اقتراب موعد الحدث الرياضي العالمي الذي سيجلب أنظار الإعلام الدولي، بكل ما يحمله من كاميرات وتحقيقات ميدانية دقيقة. في هذا السياق، خرجت نعيمة ابن يحيى، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، لتؤكد أن الحكومة لا تقف موقف المتفرج، بل تباشر حزمة من الإجراءات ضمن خطة متكاملة لمحاصرة الظاهرة، استناداً إلى مقاربة شاملة متعددة الأبعاد. وكشفت نعيمة ابن يحيى في جواب كتابي على سؤال قدمه رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب إدريس السنتيسي، أن الوزارة رصدت خلال العام الماضي رصدت ميزانية بلغت 48.7 مليون درهم لدعم 185 مؤسسة للرعاية الاجتماعية، من بينها 33 مؤسسة متخصصة في استقبال المتسولين والمشردين، بطاقة استيعابية بلغت 4634 مستفيداً. وشددت الوزيرة في معرض جوابها على أن التدخل لا يقتصر على الدعم المالي، بل يمتد إلى مواكبة متعددة الجوانب تشمل الإرشاد النفسي والاجتماعي والصحي، مع تنظيم حملات توعية ميدانية تحذر من خطورة التسول، خصوصاً عندما يتعلق الأمر باستغلال الأطفال في الشارع العام. هذا المحور الوقائي، حسب الوزارة يعتبر أساسياً في رؤية الوزارة، التي تسعى إلى تثبيت قيم الإدماج الاجتماعي والعدالة الاجتماعية في التعاطي مع الظواهر المرتبطة بالهشاشة. وتفعيلاً لهذه المقاربة، أكدت نعيمة ابن يحيى أن الوزارة شرعت عبر مؤسسة التعاون الوطني، في تعزيز قدرات مراكز الإسعاف الاجتماعي المتنقل ومؤسسات الرعاية، كما أنشأت وحدات جديدة موجهة لحماية الأطفال في وضعية صعبة. وقد تمكنت هذه البنيات، بحسب الأرقام الرسمية التي قدمتها في جوابها الكتابي، من استقبال أكثر من 44 ألف طفل خلال سنة 2024، موزعين على 101 مركز عبر مختلف جهات المملكة، ما يعكس توسعاً تدريجياً للمنظومة الوقائية والتكفلية. ومن بين أبرز المحاور التي كشفت عنها الوزيرة، خطة العمل الخاصة بحماية الأطفال من الاستغلال في التسول، التي تم إطلاقها منذ سنة 2019، والتي توسعت لتشمل إلى جانب مدن الرباط وسلا وتمارة، كلاً من طنجة ومكناس ومراكش وأكادير. هذه الخطة تستند إلى تشخيص دقيق للوضعية الميدانية، وتحريك آليات تدخل متعددة الأطراف، تشمل القطاعات الحكومية والمؤسسات الأمنية والاجتماعية. وأعلنت نعيمة ابن يحيى أن الوزارة تعتمد على آليات التكفل المؤقت أو الدائم بحالات المتسولين دون سند أسري، من خلال توجيههم نحو مؤسسات الحماية والرعاية، في مسعى لإعادة إدماجهم ضمن النسيج الاجتماعي. وتتمحور هذه الاستراتيجية حسب جواب الوزيرة حول ثلاث مستويات أساسية: الجانب الاجتماعي، من خلال المعاينة الميدانية ومواكبة الحالات، والجانب الاقتصادي عبر تمكين الفئات المستهدفة من فرص تكوين وتشغيل، ثم الجانب الوقائي عبر الحملات التحسيسية ومحاربة التمثلات السلبية التي تساهم في تطبيع المجتمع مع ظاهرة التسول. ورغم هذه الجهود الحكومية، لا تزال أصوات عديدة تعتبرها غير كافية، في ظل التنامي الملحوظ لأعداد المتسولين، وخصوصاً الأطفال والنساء، في الفضاءات العامة. وقد سبق للمرصد الوطني لتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد أن دعا إلى تدخل فوري لمعالجة تفشي الظاهرة، مؤكداً أن الأمر لم يعد مجرد إشكال اجتماعي بل تحول إلى معضلة تهدد سمعة المغرب أمام العالم، خاصة في ظل المؤشرات الخطيرة المتعلقة بتنامي استغلال القُصّر وتورط شبكات غير رسمية في تنظيم هذه الممارسات. الإشكال لا يتوقف عند حدود المظهر العام في الشارع، بل يتعداه إلى قضايا أعمق تتعلق بالاستغلال الاقتصادي للأطفال وغياب الإطار الأسري، وارتفاع نسب الهدر المدرسي، ما يتطلب حسب الفعاليات الحقوقية تفعيل التنسيق بين وزارات متعددة وليس فقط وزارة الأسرة، بما فيها وزارات الداخلية، التربية الوطنية، العدل، والاقتصاد، لوضع سياسة عمومية مندمجة تحاصر الجذور الحقيقية للظاهرة.