logo
حين يتحدث الرؤساء الأميركيون عن تغيير الأنظمة يجب الحذر من أمانيهم

حين يتحدث الرؤساء الأميركيون عن تغيير الأنظمة يجب الحذر من أمانيهم

Independent عربيةمنذ 11 ساعات

تباهى الرئيس الأميركي دونالد ترمب ذات مرة بأنه "عبقري متزن". لم يكن في تصريحه أي شيء من الصحة بتاتاً. فهو في الحقيقة، سواء في الوقت الحالي أو منذ الأزل على الأرجح، شديد التقلب، وهي صفة يمجدها أتباعه المهووسون بوصفها شكلاً غامضاً من القيادة الغريزية التي يجب على جميع أنصار حركة "ماغا" الوثوق بها بلا نقاش، كما لو كان المسيح في زمننا هذا أو [زعيم جماعة دينية متطرفة] تشارلز مانسون برتقالي اللون [في إشارة إلى لون شعر ترمب]، وهذا هو الاحتمال الأرجح.
من المؤكد أننا لم ننسَ ما فعله قبل أيام قليلة، من محاولة علنية لاستفزاز آية الله خامنئي، الزعيم الأعلى في الحكم الديني في إيران، وهو ملّا يبلغ من العمر 86 سنة، لديه قناعات قاسية وراسخة من العصور الوسطى. أعلن ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي "نعلم بالضبط أين يختبئ من يُسمى 'المرشد الأعلى'. إنه هدف سهل لكنه بأمان في ذلك المكان- لن نصفيه (نقتله!)، أقله ليس في الوقت الحالي".
قد يعطي التصريح الانطباع بأن الرجل قضى حياته بأسرها في عالم عصابات تجار العقارات في نيويورك، أليس كذلك؟
ثم في عطلة نهاية الأسبوع، بعدما نسف بعض الجبال (يقول الخبراء إن الإيرانيين الدهاة مارسوا الخداع فأخرجوا اليورانيوم المخصب الثمين قبل أن تسقط عليه القنابل الخارقة للتحصينات)، سمح ترمب لأقرب معاونيه أن يخبروا العالم بأن الموضوع بأسره يتعلق بالقنابل النووية، وليس بالوحش المسن الذي يحكم البلاد- خامنئي، وليس ترمب.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن الأمثلة على ذلك ما قاله جي دي فانس، الذي أشيع أنه مرتاب في شأن التدخل، إن إدارة ترمب "كانت واضحة تماماً بأننا لا نريد تغيير النظام". كما أن ماركو روبيو، وهو أقرب سراً إلى نمط المحافظين الجدد أمثال جورج بوش الابن ومن ثم أقرب إلى فكرة التخلص من "النظام"، حاول أيضاً إرضاء رئيسه من خلال خطاب يُفترض أنه موحد في شأن عملية 'مطرقة منتصف الليل'، فقال "لم يكن هجوماً على إيران، ولا هجوماً على الشعب الإيراني. لم تكن محاولة لقلب النظام".
وماذا عن الآن؟ اختلف الموضوع قليلاً.
أعاد ترمب إحياء الفكرة بأسلوب الوعيد اللعوب الذي يشتهر به، فنشر على منصة "تروث سوشال": "ليس من الصواب سياسياً استخدام مصطلح تغيير النظام، لكن إن كان النظام الإيراني الحالي عاجزاً عن جعل إيران عظيمة مرة أخرى فلمَ لا يكون هناك تغيير للنظام؟؟؟ 'ميغا' [لنجعل إيران عظيمة مجدداً]".
يقول المدافعون عن ترمب إنه كان يمزح ليس إلا، لكن كيف يمكننا أن نعرف متى يكون الرجل جدياً في كلامه- ما عدا "دائماً وأبداً"؟
ربما يحلم ترمب بأن يثور الشعب الإيراني ويؤسس نظاماً ديمقراطياً تعددياً- ودولة فيها انتخابات حرة ونزيهة، يتقبل فيها الخاسرون خسارتهم بصدر رحب ويشاركون في مراسم انتقال السلطة سلمياً، ولا يحضون أبداً حشداً من الغوغائيين على اقتحام مبنى البرلمان حيث يتم التصديق على إرادة الشعب، ولا يمنعون السلطات النيابية من استخدام الجيش للدفاع عن أنفسها وعن عناصر الشرطة الذين لا تكفي أعدادهم...؟
من غير المرجح أن يُعجب الإيرانيون تحديداً بخطاب كهذا من الأميركيين، والإسرائيليين أيضاً. وإن كانوا يشعرون بارتياب زائد من وكالة الاستخبارات المركزية و"أم أي 5"، فذلك لأنه لديهم أسباب تدعوهم إلى ذلك. في مناسبات عدة سابقة، تدخل "الشيطان الأكبر"، أميركا- وقبله الشيطان الأصغر (بريطانيا)- في الشؤون الإيرانية، ومن هذه التدخلات خلع الشاه مرتين وخلع رئيس وزراء هو الدكتور محمد مصدق الذي بلغ من الجرأة أن سعى إلى انتزاع السيطرة على الثروات النفطية الإيرانية من أيدي شركة النفط "البريطانية".
الانقلابات العديدة التي دبّرها الإمبرياليون – وهو وصف منصف – نجحت، لكن ليس إلى الأبد؛ فقد زُرعت بذور زوالها المحتوم في إيران كما في أماكن أخرى. فترة من الحكم السيئ في عهد الشاه الأخير انتهت بالثورة الإسلامية عام 1979 وما تبعها من تحولات كبرى.
علينا جميعاً القلق عندما يتحدث رئيس أميركي عن تغيير النظام. من باب الإنصاف، ليس ترمب الأول في هذا المجال، ومن النادر أن تنتهي هذه العملية بصورة جيدة، سواء نجحت أم لم تنجح.
تاريخياً، يعتبر الزعيم الذي كان الأميركيون ليحبوا التخلص منه أكثر من أي أحد هو جارهم الشيوعي المشاكس فيديل كاسترو، الذي ظل منذ 1959 حتى وفاته في 2016 (لأسباب طبيعية) موجوداً على ما يمكن اعتباره حاملة طائرات روسية ضخمة تبعد 145 كيلومتراً عن ساحل فلوريدا. درست وكالة الاستخبارات المركزية كل الطرق الممكنة لاغتياله، بما فيها طريقة شهيرة هي استخدام سيغار متفجر. ولا يزال من غير المعروف ما إذا كانت هذه الفكرة مستوحاة من زيارة إلى متجر يبيع منتجات المقالب أم لا.
أخفقت محاولة أخرى، أكثر جدية، لكن فاشلة بكل الأحوال، لغزو كوبا والانقلاب على النظام حين حوصر المتمردون الذين دربتهم الولايات المتحدة في حادثة عُرفت باسم كارثة خليج الخنازير. حدث ذلك عام 1961 ولم تكن المرة الأولى ولا الأخيرة التي يحاولون فيها إسقاط فيديل، لكن هذه المؤامرة الفاشلة زادت من شعبيته وأذلت إدارة كينيدي التي ورثت الخطة عن فريق الرئيس آيزنهاور: تغيير النظام كان دائماً مسألة تعني الحزبين على حد سواء.
لاحقاً، وافق كينيدي، ولو ضمناً، على اغتيال الأخوين ديم، اللذين كانا يحكمان فيتنام الجنوبية، ليحلّ محلهما شخص يُدعى نغوين فان تيو، كان أقرب إلى المزاج الأميركي، لكنه لم يكن أكثر ديمقراطية ولا أكثر فاعلية في مقاومة الغزو الشيوعي. وقد كانت الهزيمة الأميركية في فيتنام أكثر إذلالاً بكثير.
أما المسرح الجانبي في تلك الحرب الهندو-صينية فكان كمبوديا، حيث ساعد الأميركيون في إطاحة الأمير البشوش سيهانوك، ليحل مكانه جنرال أكثر موالاة لأميركا، لكنه أُطيح هو الآخر عندما استولى "الخمير الحمر" على السلطة، وامتلأت "حقول القتل" بجثث أكثر من مليون كمبودي.
هذه المغامرات الكارثية لوكالة الاستخبارات الأميركية خلال الحرب الباردة دفعت الكونغرس في السبعينيات إلى إقرار قوانين تحظر مثل هذه العمليات السرية – بما في ذلك "قانون سلطات الحرب"، الذي يهدف إلى منع الرؤساء من تجاوز سلطة الكونغرس في إعلان الحرب. لكن ذلك الإشراف لم يستمر، وتلت ذلك انقلابات محدودة بدعم أميركي في غرينادا (1983) ونيكاراغوا (1984).
أما أكبر كارثة في سجل تغيير الأنظمة فكانت، بطبيعة الحال، العراق. وللإنصاف، على رغم أن الناس قلّما ينصفون الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن وتوني بلير، فإن تعريفهما لتغيير النظام كان أكثر دقة مما يُقال. فقد كان من الممكن أن يعني تغيير النظام مجرد تعديل في السياسات تحت حكم ديكتاتور قائم. ولو أن صدّام حسين تخلّى فعلياً عن أسلحة الدمار الشامل (بدلاً من التظاهر بامتلاكها لإخافة الآخرين)، وسمح بإجراء تفتيش شامل من جانب الأمم المتحدة، ربما كان لا يزال في السلطة حتى الآن – وإن كان ذلك غير مرجّح.
لكن البديل الذي بدا واضحاً بشكل متزايد، أنه سيتم إسقاطه بالقوة. وهو الأمر الكفيل بإنهاء التهديد الخطر على استقرار المنطقة. لكن ذلك لم يحصل، بل ولد أخطاراً جديدة. وكما نعلم جميعاً، لم يتحسن الوضع بالنسبة إلى الغرب عندما ظهر تنظيم "داعش" في العراق بعد صدام، وقلب الشرق الأوسط رأساً على عقب. وكثير من هذا الكلام ينطبق على ليبيا بعد القذافي، وعلى أفغانستان، بعد الغزو.
يبدو ذلك مألوفاً على نحو ممل، أليس كذلك؟ يُسقط الأميركيون نظاماً لا يرضيهم، فلا تؤدي مخططاتهم سوى إلى زيادة الوضع سوءاً، مثلما حدث حين أعادوا انتخاب ترمب العام الماضي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تصعيد جديد من ترمب دفاعًا عن نتنياهو في قضايا الفساد
تصعيد جديد من ترمب دفاعًا عن نتنياهو في قضايا الفساد

الوئام

timeمنذ ساعة واحدة

  • الوئام

تصعيد جديد من ترمب دفاعًا عن نتنياهو في قضايا الفساد

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، السبت، إن الولايات المتحدة 'لن تتسامح' مع مواصلة محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بتهم فساد. وكتب ترمب على منصة 'تروث سوشال' التابعة له 'تنفق الولايات المتحدة الأمريكية مليارات الدولارات سنويًا، أكثر بكثير من أي دولة أخرى، على حماية إسرائيل ودعمها، لن نتسامح مع هذا'. ورفضت محكمة إسرائيلية الجمعة طلب نتنياهو إرجاء الإدلاء بشهادته في محاكمته المستمرة منذ مدة طويلة بحجة أن طلبه 'لا يوفر أي أساس أو تبريرًا مفصلاً لإلغاء جلسات الاستماع'. وفي أحدى القضايا، يحاكم نتنياهو وزوجته سارة بتهمة تلقي هدايا فاخرة من أشخاص اثرياء تشمل مجوهرات وزجاجات شمبانيا وعلب سيغار تزيد قيمتها عن 260 ألف دولار، مقابل تقديم خدمات سياسية. كما يواجه نتنياهو في قضيتين أخريين تهمة محاولة التفاوض مع اثنتين من وسائل الإعلام الإسرائيلية للحصول على تغطية صحفية أكثر ملاءمة له. ونفى نتنياهو ارتكاب أي مخالفات ووجه الشكر إلى ترمب لدعمه إسرائيل في حربها مع إيران التي انتهت باتفاق لوقف إطلاق النار في وقت سابق من هذا الاسبوع. وكان رئيس الوزراء طلب الخميس عبر محاميه، إرجاء الإدلاء بشهادته في الجلسات المقررة خلال الأسبوعين المقبلين، وذلك في ضوء 'التطورات الإقليمية والعالمية' عقب الحرب بين إسرائيل وإيران. وانبرى ترمب الأربعاء للدفاع عن نتنياهو، معتبرًا القضايا التي يلاحق بها بأنها 'مطاردة ساحرات'. وفي منشوره السبت، وصف ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه 'بطل حرب' ومحاكمته من شأنها تشتيت انتباهه عن المفاوضات مع إيران ومع حماس. وكتب ترمب أن 'هذه المحاكاة الساخرة لـ+العدالة+ سوف تتداخل مع المفاوضات مع إيران وحماس'، دون أن يكون واضحا ما هي المفاوضات التي يشير إليها مع إيران. وقارن الرئيس الأمريكي محاكمة نتانياهو بالملاحقات القضائية التي واجهها هو نفسه قبل فوزه بولاية رئاسية ثانية. وقال ترمب 'إنها مطاردة ساحرات سياسية، تشبه إلى حد كبير مطاردة الساحرات التي أجبرت على تحملها'.

مدن عربية بين الأرخص والأغلى عالمياً بكلفة المعيشة في 2025
مدن عربية بين الأرخص والأغلى عالمياً بكلفة المعيشة في 2025

Independent عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • Independent عربية

مدن عربية بين الأرخص والأغلى عالمياً بكلفة المعيشة في 2025

كشف تقرير حديث عن أن عدداً من المدن العربية جاءت في قائمة المدن الأرخص والأغلى في كلفة الحياة والمعيشة عالمياً خلال العام الحالي. ووفق التقرير الصادر عن "دويتشه بنك"، تعد القاهرة بين أرخص مدينة في العالم من حيث كلف المعيشة، ضمن تصنيف شمل 69 مدينة رئيسة حول العالم لعام 2025، من بينها خمس مدن عربية هي دبي، وأبو ظبي، والرياض، والدوحة، والقاهرة. التقرير أشار إلى أن تصنيف القاهرة جاء نتيجة لانخفاض أسعار المساكن والإيجارات والمرافق العامة وتذاكر النقل، على رغم التحديات الاقتصادية وارتفاع التضخم إلى مستويات تاريخية وقياسية خلال العام الماضي. ولفت إلى ضعف الأجور في مصر، إذ يبلغ متوسط دخل الفرد الشهري نحو 165 دولاراً، يعوضه إلى حد كبير انخفاض كلفة الحياة اليومية. ولفت إلى أن حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة المصرية، وبخاصة تحرير سوق الصرف بصورة كاملة وترك تحديد سعر صرف الدولار والعملات الأجنبية والعربية لمقاييس العرض والطلب، إضافة إلى رفع أسعار الوقود والكهرباء، لكن في الوقت نفسه فقد تصدرت القاهرة قائمة المدن الأغلى عربياً من حيث أسعار الأجهزة الإلكترونية، نتيجة انخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، خصوصاً بعد ارتفاع الرسوم الجمركية بسبب الحرب الواسعة التي بدأها الرئيس الأميركي دونالد ترمب منذ عودته إلى البيت الأبيض. في المقابل، جاءت مدينة دبي في صدارة المدن العربية الأغلى من حيث كلف المعيشة، تلتها أبو ظبي، ثم الرياض فالدوحة، وسجلت دبي ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الشقق والإيجارات، إذ قفزت أسعار العقارات بنسبة 122 في المئة خلال خمس سنوات، والإيجارات بنسبة 50 في المئة، لتحتل بذلك المرتبة 37 عالمياً من حيث كلفة شراء الشقق. وجاءت أبو ظبي في المركز الثاني عربياً، إذ لم تتجاوز زيادة أسعار العقارات نسبة 64 في المئة خلال خمس سنوات، بينما ارتفعت الرواتب بنسبة 17 في المئة فحسب. أما العاصمة القطرية الدوحة، وعلى رغم انخفاض نسبي في كلف المعيشة مقارنة بالرياض، فإنها حافظت على أسعار مرتفعة في شراء المساكن وإيجارات الشقق، مع استقرار أو تراجع طفيف في الرواتب، مما أدى لتراجعها 16 مركزاً عالمياً منذ عام 2020، لتحتل المرتبة 35. زيوريخ تتصدر المدن الأغلى عالمياً تهيمن الولايات المتحدة وسويسرا على كل طاولة تقريباً وذلك بسبب الرواتب، والإيجارات، وأسعار المستهلك، والعقارات، والمعدات التكنولوجية، يعزى هذا الأداء المتفوق إلى حد كبير إلى قوة عملتيهما، وليس إلى الطلب المحلي. منذ عام 2012، كان الفرنك السويسري العملة الأكثر استقراراً مقابل الدولار الأميركي، وقد انعكس هذا الارتفاع في القيمة في الارتفاع المطرد للأسعار في زيوريخ وجنيف. في الوقت نفسه، عزز الاستقرار النقدي السويسري، مع أدنى معدل للتضخم بمتوسط ​​2.2 في المئة منذ عام 1971، وأدنى معدل للتضخم التراكمي منذ عام 2012، ثقة المستثمرين وجاذبية مدنها. وأصبحت زيوريخ أغلى مدينة لشراء منزل أو مقهى أو حتى بنطال جينز من ليفايس، قد يصل سعر فنجان قهوة في زيوريخ أو سهرة في جنيف إلى ثلاثة أضعاف سعره في لشبونة أو روما. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في الوقت نفسه، دخل الدولار الأميركي في دورة صعودية، مبالغاً في قيمته بأكثر من 20 في المئة مقارنة بتعادل القوة الشرائية، مما أدى ارتفاع أسعار الفائدة، والنمو المستدام في قطاع التكنولوجيا، والجاذبية المالية، إلى جعل مدن مثل نيويورك وسان فرانسيسكو باهظة الثمن مثل جنيف أو زيوريخ، من دون أن تقدم جودة الحياة ذاتها. في نيويورك، أصبح استئجار شقة أو الخروج لتناول العشاء أكثر كلفة من لندن أو باريس، لكن هذه الكلفة المرتفعة قد تكون قصيرة الأجل. ووفقاً لشركة "دي بي هاوس فيو"، نحن قريبون من "الذروة الأميركية"، مع احتمال تراجعها بحلول عام 2030 إذا أصبحت الاستثنائية الأميركية أمراً طبيعياً. ما هي أرخص مدن العالم في كلفة المعيشة؟ في ما يتعلق بأقل المدن في كلفة المعيشة عالمياً، فقد شملت القاهرة، وبنغالور، ودلهي، وجاكرتا، وهذه المدن فقدت فيها العملة المحلية أكبر قدر من قيمتها على المدى الطويل. في مصر، على سبيل المثال، انخفض متوسط ​​الراتب الصافي إلى ما يقرب من 165 دولاراً شهرياً، ومع ذلك، تتميز هذه الدول بنمو ديموغرافي واقتصادي قوي، وإمكانية طويلة الأجل للحاق بركب العملات الأجنبية، وتنافسية متنامية. تجذب الهند، على وجه الخصوص، الانتباه، فهي لا تزال واحدة من أرخص الدول في العالم، على رغم صعودها الاقتصادي، فتعد أسعارها المنخفضة وأجورها المنخفضة عامل جذب صناعي، ولكنها قد تشير أيضاً، إلى احتمالات صعود الروبية الهندية. فيما لا تزال هونغ كونغ أغلى مدينة في العالم لشراء شقة، على رغم انخفاض أسعارها بنسبة 20 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية، وتكمل زيوريخ وسنغافورة وسيول وجنيف المراكز الخمسة الأولى. يشار إلى أن نيويورك وبوسطن وسان فرانسيسكو، على رغم ارتفاع أسعار الإيجارات فيها، لكنها تتخلف عن الركب في شراء العقارات، وبخاصة بسبب التوسع الحضري الأكثر مرونة وسوق الائتمان الأكثر سيولة. في المقابل، تشهد مدن مثل دبي ولشبونة وبراغ ارتفاعات هائلة في الأسعار، فقد تقدمت دبي 15 مركزاً خلال خمس سنوات، مدعومة بارتفاع قيمة الدرهم المرتبط بالدولار الأميركي وتدفق رؤوس الأموال الأجنبية. وفي ما يتعلق بالمرافق العامة، تصنف ثلاث مدن ألمانية (ميونيخ وفرانكفورت وبرلين) ضمن أغلى خمس مدن، مما يبرز تأثير أزمة الطاقة الأخيرة في أوروبا، والتخلص التدرجي من الطاقة النووية، والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة الأكثر كلفة، وتحتل وارسو وفيينا وبراغ مراتب متقدمة، وقد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الخمس الماضية، وهو أمر منطقي نظراً لتعرضها الكبير سابقاً للغاز الروسي الرخيص.

الصراع الإسرائيلي - الإيراني يدفع الصين لإعادة النظر في خط أنابيب الغاز الروسي
الصراع الإسرائيلي - الإيراني يدفع الصين لإعادة النظر في خط أنابيب الغاز الروسي

Independent عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • Independent عربية

الصراع الإسرائيلي - الإيراني يدفع الصين لإعادة النظر في خط أنابيب الغاز الروسي

أحيت الحرب بين إسرائيل وإيران اهتمام الصين بمشروع خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أراضيها، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مصادر مطلعة على دوائر صنع القرار في بكين، مما قد ينعش مشروعاً ظل متعثراً لسنوات. يتعلق الأمر بخط أنابيب "قوة سيبيريا 2"، الذي يواجه عراقيل منذ فترة بسبب خلافات حول تسعير الغاز وشروط ملكية المشروع، إضافة إلى مخاوف صينية من الاعتماد المفرط على روسيا في تأمين حاجاتها من الطاقة، غير أن الحرب الأخيرة في الشرق الأوسط دفعت بكين، بحسب المصادر، إلى إعادة النظر في مدى موثوقية إمدادات النفط والغاز التي تستوردها من المنطقة، على رغم دخول اتفاق هش لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ. وتستورد الصين نحو 30 في المئة من حاجاتها من الغاز الطبيعي على صورة غاز مسال من قطر والإمارات عبر مضيق هرمز الممر البحري الاستراتيجي الذي سبق أن هددت إيران بإغلاقه، بحسب شركة "ريستاد إنرجي" للاستشارات. في الوقت ذاته، أصبحت المصافي الصينية المستقلة، المعروفة باسم مصافي إبريق الشاي Teapots، تعتمد بصورة متزايدة على النفط الإيراني الرخيص خلال السنوات الأخيرة. ويقدر محللون أن أكثر من 90 في المئة من صادرات النفط الإيراني تتجه حالياً إلى الصين، على رغم العقوبات الأميركية التي تهدف إلى منع طهران من بيع نفطها في الأسواق العالمية. وفي خطوة لافتة، أقر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الثلاثاء الماضي، عقب إعلانه وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران باستمرار تدفق النفط الإيراني إلى الصين، قائلاً عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي "بإمكان الصين الآن الاستمرار في شراء النفط من إيران ونأمل بأن تشتري كميات كبيرة من الولايات المتحدة أيضاً". وأوضح مسؤول في البيت الأبيض لاحقاً أن ترمب كان يشير إلى أن وقف إطلاق النار حال دون تعطيل شحنات النفط عبر مضيق هرمز، مضيفاً أن الرئيس الأميركي ما زال يطالب بكين بشراء النفط الأميركي بدلاً من الإيراني، احتراماً للعقوبات الأميركية. وعلى رغم دخول الهدنة حيز التنفيذ، فإن الصراع الأخير دفع الصين إلى تكثيف جهودها للبحث عن بدائل، وفقاً لمصادر ومحللين. ويقول المحللون إن بكين تسعى أيضاً إلى زيادة مشترياتها من النفط الروسي، الذي يشكل حالياً نحو خمس وارداتها النفطية، وتبذل موسكو بدورها جهوداً حثيثة لتعزيز صادراتها من الطاقة إلى الصين، في ظل حاجتها الماسة إلى السيولة لتمويل حربها المستمرة في أوكرانيا. الصين والعودة لمشروع "قوة سيبيريا 2" وقال مدير مركز "كارنيغي" والمتخصص في العلاقات الصينية- الروسية ألكسندر غابوييف "لقد أظهرت تقلبات الوضع العسكري وعدم قابليته للتنبؤ للقيادة الصينية أن إمدادات الطاقة عبر خطوط أنابيب برية مستقرة توفر مزايا جيوسياسية، وروسيا يمكن أن تستفيد من ذلك". من جانبها، ربطت وسائل الإعلام الروسية الرسمية بين التوترات في الشرق الأوسط وإحياء مشروع "قوة سيبيريا 2"، ونشرت وكالة "برايم" الحكومية الروسية عنواناً لافتاً جاء فيه "أرماغدون الغاز المسال... الصين تعود على نحو عاجل إلى مشروع قوة سيبيريا 2". ويتوقع محللون أن تحاول روسيا إدراج المشروع على جدول أعمال الزيارة المرتقبة للرئيس فلاديمير بوتين إلى نظيره الصيني شي جينبينغ في سبتمبر (أيلول) المقبل. ويعد مشروع "قوة سيبيريا 2" امتداداً لمشروع "قوة سيبيريا" الأصلي الذي افتتح عام 2019، وقد شكل أولوية ملحة لموسكو أكثر من بكين، فمنذ أن فقدت روسيا أكبر أسواقها في أوروبا بسبب حربها مع أوكرانيا وتوقف معظم صادراتها من الغاز إلى هناك، أصبحت تعتمد بصورة متزايدة على الصين كمشتر رئيس. غير أن محدودية البنية التحتية لخطوط الأنابيب، وضعف القدرة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في روسيا، جعلا من الضروري إنشاء خط جديد أكبر إذا أرادت موسكو زيادة إمداداتها إلى الصين. أما بالنسبة لبكين، فإن إمدادات الغاز المسال من الشرق الأوسط ومناطق أخرى جعلت الصفقة مع موسكو أقل إلحاحاً، وأحد الأسباب الرسمية التي قدمتها الصين لروسيا هو أن بكين تضع حداً لواردات النفط والغاز من أي دولة واحدة بنسبة لا تتجاوز 20 في المئة، بحسب مصادر مطلعة على صنع القرار في بكين، ونتيجة لذلك، طالت المفاوضات لسنوات على رغم تأكيدات متكررة من موسكو بأن التوصل إلى اتفاق بات وشيكاً. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لكن هذا الموقف قد يكون في طور التغيير، فمضيق هرمز، الذي يفصل بين عمان وإيران ويصل الخليج العربي الغني بالطاقة ببحر العرب، عميق وواسع بما يكفي لعبور أكبر ناقلات النفط في العالم، مما يجعله ممراً حيوياً لصادرات النفط والغاز، وإغلاقه قد يؤدي إلى اضطراب كبير في الأسواق وارتفاع في الأسعار. وبحسب المحللين، فإن احتمالية إغلاق تام للمضيق تبقى منخفضة بسبب اعتماد إيران عليه، إضافة إلى خطر الرد العسكري الأميركي، غير أن الصراع الأخير سلط الضوء على حجم التأثير الذي قد يسببه هذا الاحتمال. وقال رئيس أبحاث الغاز في الصين لدى شركة "ريستاد" ويي شيونغ "تصاعد التوترات في الشرق الأوسط يبرز العواقب الشديدة المحتملة لأي حصار في مضيق هرمز". وأضاف "إذا تم إغلاق هذا الممر، فإن وضع إمدادات الغاز المسال في الصين سيتغير جذرياً، من فائض في التعاقدات إلى عجز في الإمدادات". الصين تعتبر الغاز الطبيعي "وقوداً انتقالياً" وعلاوة على الاضطرابات في الخليج، فإن الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين أدت في الأشهر الأخيرة إلى وقف صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركي إلى الصين، بعد سنوات من التبادل التجاري المتنامي في هذا المجال. وعلى المدى الطويل، وبينما تسعى الصين إلى تحقيق أهدافها في التحول الأخضر، يرى محللون أنها تعتبر الغاز الطبيعي "وقوداً انتقالياً" بين مرحلة الوقود الأحفوري ومرحلة ما بعد الكربون. أيضاً بكين مهتمة بتعزيز علاقتها مع موسكو في وقت ناقشت إدارة ترمب علناً محاولات لفصل الصين عن روسيا، والمضي قدماً في مشروع خط الأنابيب المتعثر قد يسهم في توطيد هذه العلاقة. ومع ذلك، حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق في شأن المشروع، فإن المحللين يقدرون أن بناءه سيستغرق خمس سنوات في الأقل، كما كانت الحال مع الخط الأصلي الذي امتد لمسافة 1800 ميل، ولا تزال هناك عقبات كبيرة أخرى، مثل الخلاف حول تسعير الغاز، والتمويل الضخم المطلوب لأعمال الإنشاءات واسعة النطاق. ومن بين أبرز نقاط الخلاف أيضاً، إصرار الصين على الحصول على حصص ملكية في المشروع، وهو ما ترفضه موسكو حتى الآن. ويعكس هذا الخلاف عمق انعدام الثقة الذي لا يزال قائماً بين البلدين، على رغم إعلان بوتين وشي في وقت سابق أن العلاقة بين بلديهما هي "صداقة بلا حدود".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store