logo
هل تنجح بروكسل فى تجاوز الانقسام حول الميزانية؟

هل تنجح بروكسل فى تجاوز الانقسام حول الميزانية؟

بوابة الأهراممنذ 2 أيام
يشهد الاتحاد الأوروبى واحدة من أكثر مراحل انقسامه تعقيدا منذ سنوات، مع بدء مناقشات مشروع الميزانية الممتدة من عام 2028 حتى عام 2034، والتى تقدر بنحو تريليونى يورو. ففى الوقت الذى تسعى فيه المفوضية الأوروبية إلى وضع خطة مالية تعكس طموحات الاتحاد فى مجالات الأمن والتحول الرقمى والبيئى، ظهر عدد من الخلافات الحادة بين الدول الأعضاء حول حجم الميزانية وآليات تمويلها، ما كشف انقساما سياسيا فى الرؤى حول مستقبل الاتحاد ذاته يهدد بإبطاء قدرة بروكسل على تنفيذ أجندة موحدة فى وقت تتصاعد فيه التحديات الأمنية والاقتصادية على الساحة الدولية، خاصة مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.
وتأتى هذه الميزانية فى وقت بالغ الحساسية، إذ تسعى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى صياغة رؤية اقتصادية استراتيجية تشمل تعزيز الاستقلال الدفاعى ودعم التحول الأخضر وتوسيع القدرات التكنولوجية، بالإضافة إلى تقديم دعم مالى مستديم لأوكرانيا-دون أن تضعف أو تزيد من معاناة بعض الدول الأعضاء ذات الاقتصادات المتأثرة بالتضخم وضعف النمو- لكن هذا الطموح الكبير لم يحظ بإجماع الأصوات، بل أيضا فجر خلافات جوهرية بين دول الشمال والجنوب.
فوفقا لتقرير نشرته صحيفة الجارديان، فإن المقترحات التى وضعتها المفوضية الأوروبية تتضمن خمس ضرائب أوروبية جديدة، بينها ضريبة سنوية على الشركات ذات حجم مبيعات يتجاوز 100 مليون يورو، بالإضافة إلى ضريبة على النفايات الإلكترونية، والتبغ، وغيرها من المجالات التى تسهم فى تمويل الميزانية دون الحاجة لرفع مساهمات الدول الأعضاء، إلا أن هذا التوجه قوبل بتحفظات من دول ذات ثقل سياسى واقتصادى داخل الاتحاد، منها ألمانيا وهولندا والسويد والنمسا، وهى دول تعرف بتشددها المالى وحرصها على عدم تعميق آليات الاقتراض أو إنشاء اتحادات ديون مشتركة كما تسمى.
الجدل لم يقتصر على آلية التمويل، بل شمل أيضا توجهات الإنفاق، ومن أبرز نقاط الاختلاف كان حول خطط دمج السياسة الزراعية المشتركة وصناديق التماسك الاجتماعى فى صندوق موحد تتجاوز قيمته 865 مليار يورو، الأمر الذى اعتبر بحسب رأى وزراء فرنسا وإيطاليا، سيهدد بتقليص الدعم المخصص للقطاع الزراعي، كما يخشى من أن تهمش معه السياسات الاجتماعية التى تعد شريانا حيويا للتماسك داخل دول الجنوب والشرق الأوروبى. كما أشارت صحيفة «الجارديان» إلى أن الخطط تشمل أيضا إعادة هيكلة الصناديق البيئية، بما فى ذلك إلغاء أو تقليص دور صندوق الطبيعة الأوروبي، وهو ما أثار مخاوف لدى المدافعين عن البيئة فى البرلمان الأوروبى والمنظمات المدنية. من جانبها، أفادت صحيفة «لو فيجارو» بأن فرنسا ستشهد انخفاضا فى مساهمتها فى ميزانية الاتحاد الأوروبى لعام 2026، حيث ستنخفض من 7.3 إلى 5.7 مليار يورو، وذلك فى إطار خطة تقشفية تهدف إلى تقليل العجز العام.
فى المقابل، أعربت دول مثل بولندا وإسبانيا عن دعمها الميزانية، إذ ترى فيها فرصة لإعادة التوازن بين الشرق والغرب وتعزيز التنمية المستدامة، علاوة على كون بولندا من أكبر المستفيدين من صناديق الدعم الزراعى وبرامج التماسك، كما أن هذه الدول تعتبر أن زيادة الإنفاق الأوروبى ضرورى لمواجهة تحديات الأمن والطاقة والتغير المناخي. أما البرلمان الأوروبى فكان له موقف أكثر حدة، إذ وصف بعض نوابه المشروع بأنه خطة ضعيفة وغير واقعية، مشيرين إلى غياب التفاصيل الدقيقة وعدم التناسق بين الأهداف والأرقام المقترحة واعتبر كثير منهم أن الميزانية لا ترتقى إلى مستوى التحديات الحقيقية، خاصة فيما يتعلق بالمنافسة التكنولوجية والعسكرية مع القوى الكبرى.
فى الختام، يمكن القول إن مشروع الميزانية الجديد قد أظهر الخلافات بين دول الاتحاد وأعاد طرح التساؤل حول كيفية إعادة تعريف مفهوم التضامن الأوروبي، ليس بوصفه شعارا، بل كإطار عملى يقود إلى موازنة حقيقية بين الرؤية السياسية والمقدرات الاقتصادية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قلق أوروبي من الاتفاق التجاري المرتقب مع الولايات المتحدة الأمريكية
قلق أوروبي من الاتفاق التجاري المرتقب مع الولايات المتحدة الأمريكية

الدستور

timeمنذ 19 دقائق

  • الدستور

قلق أوروبي من الاتفاق التجاري المرتقب مع الولايات المتحدة الأمريكية

توشك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على التوصل إلى اتفاق تجاري هو الأوسع منذ أكثر من عقد، يتضمن فرض تعريفة جمركية بنسبة 15% على معظم الواردات من الكتلة الأوروبية، في خطوة أثارت قلقًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية داخل أوروبا، خاصة مع احتفاظ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحق النقض النهائي للاتفاق. تقارب مع اتفاق طوكيو بحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، فإن التعريفة الجمركية الجديدة تعكس إلى حد بعيد الاتفاق الأخير بين واشنطن وطوكيو، إذ ستُطبَّق على معظم السلع، مع استثناءات محدودة تشمل الطائرات والأجهزة الطبية. كما أبدى الاتحاد الأوروبي مرونة إضافية بهدف إتمام الصفقة، إذ عرض خفض "معدل الدولة الأكثر رعاية" (MFN) البالغ حاليًا 4.8% إلى الصفر لبعض المنتجات المختارة. بريطانيا تتفوق وألمانيا تتضرر وإذا ما تم اعتماد الاتفاق، فسيُنظر إليه على أنه صفقة أقل تفضيلًا من تلك التي حصلت عليها المملكة المتحدة، والتي أقرت تعريفة أساسية بنسبة 10% فقط، والقطاع الأكثر تضررًا سيكون صناعة السيارات الألمانية، التي تواجه انتقالًا من تعريفات 2.75% إلى 15%، رغم أنها تُعدّ أقل من التعريفة المرتفعة البالغة 27.5% التي كانت مطبقة منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. في سياق آخر، تجري مناقشات حول استثناءات أو تخفيضات إضافية على الرسوم المفروضة على المشروبات الروحية، في خطوة قد يستفيد منها مصدرو الكونياك الأوروبيون والبوربون الأميركيون على حد سواء. وأشارت المصادر إلى أن التعريفة الجمركية الجديدة ستشمل معدل "MFN" ولن تُضاف إليه، ما يطمئن قطاعات عدة إلى عدم مضاعفة الأعباء الجمركية. وفي حال رفض ترامب التوقيع على الاتفاق، يبدو أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتوجيه ضربة اقتصادية مضادة. وهدد بفرض رسوم بقيمة 100 مليار يورو على منتجات أميركية تشمل طائرات بوينغ والويسكي، وهو ما يعادل معدل التعريفة البالغة 30% التي لوّح بها ترامب قبل عشرة أيام. وقد يُقر هذا الإجراء رسميًا في اجتماع لجنة الحواجز التجارية بمجلس الاتحاد الأوروبي غدًا الخميس. بجانب ذلك، ناقش دبلوماسيون أوروبيون إمكانية تفعيل قانون جديد يُعرف باسم "أداة مكافحة الإكراه"، يسمح للاتحاد بفرض قيود على التجارة والخدمات، بما يشمل حظر خدمات التكنولوجيا الأميركية، في ما وصف بأنه "الردع النووي الاقتصادي". ورغم أن تنفيذ هذا القانون قد يستغرق عامًا، إلا أن فرنسا طالبت بتطبيقه الفوري، في محاولة لإظهار موقف حازم أمام واشنطن. وفي بيان صدر الأربعاء، أعلنت المفوضية الأوروبية أنها تعمل على دمج قائمتين من المنتجات الأميركية تم إعدادهما سلفًا ضمن حزمة الرد الانتقامي، ما يعكس تصعيدًا تحضيريًا لمواجهة محتملة في حال فشل الصفقة. بين التصعيد التجاري والبحث عن توازن جديد في العلاقات عبر الأطلسي، تجد أوروبا نفسها أمام خيارين: صفقة تُجنّبها الأسوأ لكنها أقل من التطلعات، أو مواجهة مفتوحة مع إدارة ترامب قد تدفع الاقتصاد الأوروبي إلى دوامة جديدة من المواجهات الجمركية المعقدة.

الاتحاد الأوروبي والصين يحييان الذكرى الخمسين لعلاقاتهما وسط توتر متصاعد
الاتحاد الأوروبي والصين يحييان الذكرى الخمسين لعلاقاتهما وسط توتر متصاعد

مصرس

timeمنذ ساعة واحدة

  • مصرس

الاتحاد الأوروبي والصين يحييان الذكرى الخمسين لعلاقاتهما وسط توتر متصاعد

من المقرر أن يحيي الاتحاد الأوروبي والصين الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية الثنائية في العاصمة بكين، وسط أجواء يشوبها التوتر بسبب العديد من القضايا الخلافية. ومن المقرر أن تجتمع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، مع الرئيس الصيني شي جين بينج، ورئيس الوزراء لي تشيانج، غدا الخميس، لمناقشة التجارة والحرب في أوكرانيا وتغير المناخ.وتعد الصين والاتحاد الأوروبي ثاني أهم شريكين تجاريين لبعضهما البعض، لكن العلاقة التجارية الحالية "غير مستدامة" بالنسبة للتكتل، حسبما ذكر مسؤول في الاتحاد الأوروبي قبيل الاجتماع.وفي العام الماضي، ارتفع العجز التجاري للاتحاد الأوروبي مع بكين إلى أكثر من 300 مليار يورو (352 مليار دولار).ورغم التوترات، يأمل الاتحاد الأوروبي في التعاون مع الصين في معالجة تغير المناخ وخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

ألمانيا تستعد للحروب المستقبلية باستخدام صراصير تجسسية وروبوتات الذكاء الاصطناعي
ألمانيا تستعد للحروب المستقبلية باستخدام صراصير تجسسية وروبوتات الذكاء الاصطناعي

خبر صح

timeمنذ 2 ساعات

  • خبر صح

ألمانيا تستعد للحروب المستقبلية باستخدام صراصير تجسسية وروبوتات الذكاء الاصطناعي

في ظل التهديدات الروسية وعدم اليقين بشأن الدعم الأمريكي، ترفع ألمانيا إنفاقها الدفاعي بشكل ملحوظ وتعتمد على الشركات الناشئة، وقد يُحدث هذا تحولًا جذريًا في مشهد التكنولوجيا العسكرية في أوروبا، وفقًا لتقارير رويترز. ألمانيا تستعد للحروب المستقبلية باستخدام صراصير تجسسية وروبوتات الذكاء الاصطناعي من نفس التصنيف: خامنئي يؤكد: الشعب الإيراني لا يمكن إخضاعه ونحن لن نستسلم ألمانيا تتسلح للمستقبل ألمانيا، ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، تعمل على إعادة تشكيل نهجها تجاه الأمن بشكل جذري، إذ تستثمر الدولة، التي تجنبت العسكرة لعقود، مليارات الدولارات في صناعة الدفاع، بما في ذلك الشركات الناشئة. بعد غزو أوكرانيا، سارعت الحكومة إلى إعادة التسلح وركزت على التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي، والطائرات بدون طيار، والروبوتات، وأنظمة القتال المستقلة. لأول مرة منذ عقد من الزمن، تتفوق أوروبا على الولايات المتحدة من حيث الإنفاق على المشتريات العسكرية. تسعى ألمانيا للاستفادة من هذه الفرصة – ليس فقط كجهة مانحة لأوكرانيا، بل أيضًا كقائدة في إعادة النظر في مفهوم الحرب، حيث تعهدت البلاد بمضاعفة ميزانيتها الدفاعية ثلاثة أضعاف تقريبًا بحلول عام ٢٠٢٩، لتصل إلى ١٧٥ مليار دولار، وسيتم تخصيص جزء من هذه الأموال للتقنيات المبتكرة. مواضيع مشابهة: ترامب يهدد بقطع التمويل الفيدرالي عن نيويورك إذا فاز على زهران ممداني من جانبه، قال غوندبرت شيرف، الشريك المؤسس لشركة هيلسينج، إن شركته تُعتبر أغلى شركة ناشئة في مجال الدفاع في أوروبا، وقارن اللحظة الحالية بمشروع مانهاتن، حيث تقدر قيمة شركته بـ 12 مليار دولار، وهي تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي القتالي وطائرات بدون طيار هجومية. فيما تعمل شركة ARX Robotics الألمانية الناشئة على إنشاء أنظمة أرضية مستقلة، بينما تركز شركة Swarm Biotactics على تطوير صراصير تجسس – حشرات حية مزودة بشرائح دقيقة يتم التحكم فيها. ماذا تفعل الحكومة؟ من المقرر أن توافق حكومة المستشار فريدريش ميرز على قانون يفتح المجال أمام الشركات الناشئة، من خلال تسهيل الدفعات المقدمة لهذه الشركات الصغيرة، وتبسيط البيروقراطية في المناقصات، وتقديم الأولوية للشركات من دول الاتحاد الأوروبي. تشارك برلين الشركات الناشئة بشكل مباشر في المشاورات مع كبار اللاعبين في مجال الدفاع مثل Rheinmetall و Hensoldt. يتوقع المحللون أن تخرج الشركات الناشئة في مجال الدفاع في أوروبا من 'وادي الموت' – تلك الفترة التي تشهد ابتكارات ولكن تفتقر إلى المبيعات أو الأوامر الحكومية. تتحول الشركات الصغيرة والمتوسطة في ألمانيا بالفعل بشكل نشط من صناعة السيارات إلى الإنتاج العسكري. خطة إعادة التسلح الأوروبية صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأن أوروبا بحاجة ماسة إلى إعادة تسليح نفسها، وقدمت لاحقًا خطةً مشابهة. تتضمن الخطة تخصيص 800 مليار يورو، تشمل قروضًا بقيمة 150 مليار يورو لتلبية احتياجات الدفاع، وستُستخدم هذه الأموال في إنتاج معدات الدفاع الجوي وتحديث البنية التحتية الدفاعية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وفي وقت سابق، وافقت جميع الدول الأعضاء السبعة والعشرين في الاتحاد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store