
أوروبا الجديدة والشرق الأوسط الجديد
لكن السؤال الغائب وربما الأعمق والأسرع تشكّلاً هو أوروبا الجديدة، أي أوروبا التي شكّلتها مرحلة فبراير ٢٠٢٢ حتى نوفمبر ٢٠٢٤، أي الاثنين وثلاثين شهراً منذ اندلاع الحرب التي أشعلتها روسيا مع أوكرانيا وصولاً إلى عودة الوافد القديم الجديد إلى البيت الأبيض، بكل بضاعته المحببة للأوروبيين من التعرفات الجمركية حتى الالتزام المشكوك فيه بحماية أوروبا.
وعلى مستوى هذا السؤال الغائب تأتي ابتداء زيارة الرئيس ماكرون إلى بريطانيا كزيارة دولة، هي الأولى منذ خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، والأولى كذلك منذ عودة حزب العمال للحكم في لندن لأول مرة منذ 2010، وكانت آخر زيارة دولة لرئيس فرنسي إلى بريطاني هي زيارة ساركوزي في 2008.
الملفات العسكرية كثيرة خلال أجندة الزيارة، وهي تبني على عدة أمور سبقتها، مثل اجتماع الناتو الأخير الذي أقر نسبة 5% من ميزانيات الدول كنفقات عسكرية، وهي النسبة التي طالب بها الرئيس ترمب «وأعلنت» كافة الدول الالتزام بها ما عدا إسبانيا، رغم أن دولاً كثيرة لم تلتزم بنسبة الـ2% التي أُقرت في اجتماع العام 2014.
لكن هذا الضجيج العالي للهواجس العسكرية يأتي أيضاً من شكوك في التزام أمريكا بالبند الخامس من اتفاقية شمال الأطلسي، الذي يلزم كافة الأطراف بالتصدي لأي هجوم تتعرض له أي دولة عضو في الحلف، وقلت أمريكا وليس ترمب لأن هناك إدراكاً أوروبياً أن أمريكا تتجه للانعزالية، حتى لو أتى لاحقاً رئيس ديموقراطي.
من جانب آخر، يبدو أن الأوروبيين عامة يعتقدون أن التحدي الروسي قائم وخطير، وأنها مسألة وقت حتى تستعيد موسكو عافيتها بعد أوكرانيا وتعود لمهاجمة دولة ضمن دول الناتو، وهذا ما دفع البولنديين مثلاً للحديث عن سعيهم ليكون لديهم أقوى جيش في أوروبا.
من جانب آخر، صرّحت أنيت إمدن الشهر الماضي، رئيسة المكتب الاتحادي للمشتريات العسكرية في ألمانيا، لصحيفة تاج شبيجل: «يجب الحصول على كل ما هو ضروري للاستعداد الكامل للدفاع عن البلاد بحلول عام 2028»، وهو ما يتوافق مع تصريح الجنرال الألماني رئيس كارستن بروير مؤخراً من أن روسيا قد تكون في وضع يسمح لها «بشن هجوم واسع النطاق ضد أراضي حلف شمال الأطلسي» بحلول عام 2029.
هذا التصريح قابله تصريح جنرال متقاعد من الجيش البريطاني مؤخراً، وهو السير باتريك ساندرز الذي يتوقع أن تهاجم روسيا دولة ناتو بحلول 2030، وأن بريطانيا سيكون لزاماً عليها التحرك حينها، كل هذه الهواجس تعد سبباً رئيسياً للزيارة، ولإلحاح الملف العسكري على الأجندات الأوروبية عامة، لكنه أيضاً يفتح نافذة صغيرة على فكرة خبيثة، وهي: هل يسعى الأوروبيون ليستمر النزاع في أوكرانيا أطول مدة ممكنة استنزافاً لموسكو؟
هذا التقارب البريطاني الفرنسي لا يخلو من طموحات توسعية بعد أن أصبحت أوروبا بالمجمل تخلو من دول رئيسية مثل الصين وأمريكا وروسيا أو حتى الهند من المشاركة العسكرية المشتركة وصولاً إلى مبيعات سلاح محتملة، خاصة إذا نجح الطرفان في تطوير طائرة الجيل الخامس وتجاوزا الخلافات البينية في ملكية براءات الاختراع.
دلالات الزيارة كبيرة على المستوى الأوروبي، وعلى مستوى الهواجس البريطانية والفرنسية، في نقاط الاتفاق وفي مواطن الاختلاف الحالية الكثيرة، والتي لا تخلو من ذكريات من الصراع والتنافس وبعض من التقارب لا سيما في الحربين العالميتين، ولهذا تبدو مواسم التحديات الأكثر جذباً للطرفين.
لكن يبقى التحدي الحقيقي للطرفين، أولاً: إلى أي مدى سيقبل الأوروبيون جميعاً أن تكون بريطانيا وفرنسا مجتمعتين المظلة النووية التي تحميهم مع كل تحديات الثقة التي تصاحب هذا السؤال، والسؤال اليومي الملح: إلى أي مدى ينجح الطرفان في توفير الميزانيات المطلوبة عسكرياً، على حساب متطلبات الناخب اليومية في ظل ظرف اقتصادي صعب.
أخبار ذات صلة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 27 دقائق
- الشرق الأوسط
بريطانيا وطّنت آلاف الأفغان بموجب برنامج سري
كشفت الحكومة البريطانية، اليوم (الثلاثاء)، أنها أعادت توطين آلاف الأفغان، من بينهم كثير ممن عملوا مع القوات البريطانية، سراً في المملكة المتحدة، بعد تسريب بيانات هوياتهم، ما أثار مخاوف من أن تقوم «حركة طالبان» باستهدافهم. وتعتزم الحكومة الآن إغلاق هذا المسار السري. من جانبه، قال وزير الدفاع، جون هيلي، إن هناك مجموعة بيانات تشمل المعلومات الشخصية لنحو 19 ألف أفغاني ممن تقدموا بطلبات للهجرة إلى بريطانيا بعد سيطرة «طالبان» على أفغانستان، قد تم تسريبها عن طريق الخطأ في عام 2022، ونشرت مقتطفات منها على الإنترنت في وقت لاحق. وزير الدفاع البريطاني جون هيلي يخرج من مقر الحكومة في لندن (إ.ب.أ) ودفع ذلك حكومة المحافظين آنذاك إلى وضع برنامج سري لإعادة توطين الأفغان. وحصلت الحكومة على أمر قضائي صارم يُعرف باسم «الأمر القضائي المانع»، وهو ما منع أي شخص من كشف وجوده. ورُفع الأمر القضائي، اليوم (الثلاثاء)، بالتزامن مع قرار حكومة حزب العمال الحالية بالكشف عن البرنامج. وقالت إن مراجعة مستقلة وجدت أدلة قليلة على أن البيانات المسربة من شأنها أن تعرّض الأفغان لخطر أكبر من الانتقام من جانب «طالبان». وتم نقل نحو 4500 شخص، 900 متقدم ونحو 3600 من أفراد أسرهم، إلى بريطانيا بموجب البرنامج السري. ومن المتوقع أن تتم إعادة توطين نحو 6900 شخص بحلول موعد إغلاقه، بقيمة إجمالية قدرها 850 مليون جنيه إسترليني (1.1 مليار دولار). وتم نقل نحو 36 ألف أفغاني آخر إلى المملكة المتحدة بموجب طرق إعادة التوطين الأخرى.


صحيفة سبق
منذ 27 دقائق
- صحيفة سبق
"يتجاهل تهديدات ترامب" .. "بوتين" يصر على مواصلة القتال والاستيلاء على مزيد من أوكرانيا
في موسكو، يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حربه في أوكرانيا، متجاهلاً تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات اقتصادية أشد، ووفقاً لمصادر مقرّبة من الكرملين تحدثت إلى "رويترز"، يصرّ بوتين على مواصلة القتال حتى يتفاعل الغرب مع شروطه للسلام، فيما قد تتسع طموحاته الإقليمية مع تقدم قواته، فما الذي يدفع بوتين للاستمرار؟ ولماذا يبدو غير متأثر بالضغوط الأمريكية؟ ويؤمن بوتين، أن اقتصاد روسيا وقوتها العسكرية قادرتان على تحمل أي عقوبات إضافية، والمصادر أكدت أن بوتين لا يرى في الضغوط الاقتصادية، بما فيها التعريفات الأمريكية المحتملة على مشتري النفط الروسي، ما يكفي لثنيه عن أهدافه، وتشمل شروطه للسلام تعهدًا ملزمًا بعدم توسع حلف الناتو شرقًا، وحياد أوكرانيا، وحماية الناطقين بالروسية، وقبول المكاسب الإقليمية الروسية. وأعلن ترامب، أمس عن إمدادات أسلحة جديدة لأوكرانيا، تشمل أنظمة باتريوت، مهددًا بعقوبات إضافية على روسيا إذا لم يُبرم اتفاق سلام خلال 50 يومًا، لكن المصادر أشارت إلى أن بوتين لا يرى في هذه التهديدات جدية كافية، معتبرًا أن الغرب لم يناقش تفاصيل خطة سلام ملموسة، وعلى الرغم من مكالمات متكررة بين ترامب وبوتين، وزيارات المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، يبقى بوتين متمسكًا بمصالح روسيا فوق كل شيء. وتسيطر روسيا حاليًا على ما يقرب من خُمس الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك القرم وأجزاء واسعة من دونيتسك، لوهانسك، زابوريجيا، وخيرسون، وتقدمت القوات الروسية 1415 كيلومترًا مربعًا في الأشهر الثلاثة الماضية، وقد قال مصدر روسي: "إن الشهية تأتي مع الأكل"، مشيرًا إلى أن تقدم روسيا قد يدفع بوتين لاستهداف مناطق إضافية مثل خاركيف وسومي إذا انهارت دفاعات أوكرانيا. في المقابل، يؤكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الهجوم الروسي الصيفي لم يحقق نجاحًا كبيرًا، مشددًا على أن قواته تقاوم بقوة رغم تفوق العدو عدديًا، ويرفض زيلينسكي الاعتراف بسيادة روسيا على الأراضي المحتلة، مصرًا على حق كييف في السعي للانضمام إلى الناتو. لكن المصادر الروسية ترى أن تفوق روسيا في الذخائر، مثل قذائف المدفعية، يمنحها ميزة استراتيجية. وتتجاوز تداعيات هذا الصراع حدود أوكرانيا، إذ تشير تقديرات أمريكية إلى سقوط 1.2 مليون شخص بين قتيل وجريح، مما يجعلها أكثر النزاعات دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.


عكاظ
منذ 38 دقائق
- عكاظ
اختصاصي موارد لـ «عكاظ»: القرار الخطي المسبق شرط أساسي للتكليف النظامي
كشف المختص في الموارد البشرية هشام السليماني أن تكليف الموظف الحكومي بالعمل خارج أوقات الدوام الرسمي يشترط فيه صدور قرار خطي مسبق من المدير المباشر، مع اعتماد القرار عبر إدارة شؤون الموظفين. مبيناً أن لكل وظيفة مساراً مهنيّاً محدداً يبيّن طبيعة الاحتياج والميزانية المخصصة للأعمال الإضافية. مشدداً على أن التكليف المتكرر دون تعويض يعد مخالفة تنظيمية تستوجب التظلم. وبيّن أن تكليف الموظف بشكل متكرر دون صرف أي مكافأة أو تعويض مالي يعد مخالفة تنظيمية، إذ لا يعتد بالتكليف الشفهي أو القرارات الصادرة من داخل الإدارة دون اعتماد رسمي. ويحق للموظف متابعة حقّه إداريّاً وقانونيّاً بدءاً بإدارة شؤون الموظفين وانتهاءً بديوان المظالم. وأشار السليماني إلى أن سياسات الجهات الحكومية تختلف، إلا أن الغالب هو احتساب ساعة العمل الإضافي بساعتين، فإذا كان أجر الساعة 15 ريالاً مثلاً، تُحتسب ساعة العمل الإضافية بـ30 ريالاً، ويطبق الاحتساب ذاته خلال الأعياد والإجازات الرسمية، أو يُعوّض الموظف بإجازة بديلة وفق النظام. وفي ما يتعلق بأحقية الموظف في الاعتذار عن التكليف، أكد السليماني أنه حال صدور قرار رسمي من إدارة شؤون الموظفين يكون الموظف ملزماً بالعمل وفق مقتضيات المصلحة العامة، وفي حال عدم صرف المستحقات المالية أو الإجازة البديلة، يحق له التظلم لدى الجهات المختصة. ونوّه السليماني إلى أن التظلم يكون بتقديم شكوى مكتوبة تبدأ بإدارة شؤون الموظفين، ثم رفعها لمساعد الوزير فالوزير المختص، وفي حال عدم معالجة التظلم يمكن اللجوء لديوان المظالم، على أن تُقدّم الشكوى عبر أنظمة المراسلات المعتمدة مثل البريد الإلكتروني أو نظام فارس أو ما في حكمها. أخبار ذات صلة