
بتوقيع ترامب ونتنياهو.. مشروع سياسي يتجاوز غزة
اضافة اعلان
عمان– في ظل التصعيد الحاصل في قطاع غزة والتغيرات المتلاحقة في توازنات القوى الإقليمية، يطرح سؤال جوهري: ما الأهداف التي يسعى إليها كل من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب في المنطقة؟ وهل تسعى تل أبيب، بدعم واضح من شخصيات مؤثرة في واشنطن، إلى إعادة صياغة النظام الإقليمي بما يخدم مصالحها ويكرس تفوقها السياسي والعسكري؟من خلال سياساته، يبدو أن نتنياهو لا يقتصر على محاولة حسم المواجهة مع حركة حماس عسكريا فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى محاولة فرض معادلة إقليمية جديدة تستبعد الفلسطينيين من أي تسوية محتملة مما يؤدي إلى ترسيخ الهيمنة الإسرائيلية كواقع مفروض.في المقابل، يُظهر ترامب استعدادا لتوفير الغطاء السياسي لهذه الرؤية، وذلك بعد تصريحاته الصريحة بعدم التزامه بحل الدولتين وتركه مصير الفلسطينيين ليقرره نتنياهو بحسب رؤيته.وتتقاطع بذلك الطموحات السياسية والأيديولوجية لدى الطرفين في محاولة لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بعيدا عن التوافقات الدولية أو الاعتبارات القانونية، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل النظام الإقليمي والتوازنات السياسية في المنطقة.مفاوضات متعثرةوأمس السبت، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدرين فلسطينيين مطلعين، أن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة تواجه حالة من الجمود، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى إصرار الكيان الصهيوني على تقديم خريطة انسحاب لا تمثل انسحابا فعليا بل إعادة انتشار لقواته العسكرية، بحيث يحتفظ بالسيطرة على ما يقارب 40 % من مساحة قطاع غزة.وقالت الوكالة إن حماس رفضت هذا الطرح بشكل قاطع.ووفقا لما ذكره أحد المصدرين، فإن المفاوضات الجارية في الدوحة تصطدم بعقبات معقدة بسبب الخريطة التي طرحتها دولة الاحتلال يوم الجمعة الماضي.أما المصدر الثاني، وهو مسؤول فلسطيني مطلع، فأشار إلى أن الكيان الصهيوني يواصل تبني سياسة المماطلة وتعطيل التوصل لأي اتفاق بهدف استمرار العمليات العسكرية في القطاع.وبحسب ما ورد حول تفاصيل خريطة الانسحاب، تسعى دولة الاحتلال للإبقاء على قواتها في كافة المناطق الواقعة جنوب محور موراغ في رفح بما في ذلك محور فيلادلفيا أي الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر بطول نحو 13 كيلومترا.كما أوضح المصدر أن إسرائيل ترغب أيضا في الإبقاء على سيطرتها على معظم أراضي بلدة بيت حانون شمال القطاع، بالإضافة إلى مواقع ونقاط عسكرية في جميع المناطق الشرقية لقطاع غزة، بعمق يتراوح بين 1200 إلى 3 آلاف متر.نتنياهو يسعىلفرض استسلاموفي هذا الصدد، أكد رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات، أن نتنياهو يحاول عبر الضغوط التفاوضية، تحقيق ما عجز عنه ميدانيا، والمتمثل في فرض استسلام كامل على حركة حماس، ونزع سلاحها والاعتراف بالأمر الواقع في قطاع غزة، بما في ذلك بقاء الاحتلال في أجزاء منه.وأوضح شنيكات أن نتنياهو يتبنى رؤية أيديولوجية تقوم على تحقيق "نصر إستراتيجي" في أعقاب الضربات التي تلقتها إيران، وتراجع نفوذ "حزب الله" والنظام السوري، وهو يسعى إلى إعادة تشكيل الإقليم بما يجعل دولة الاحتلال القوة الإقليمية الأولى والمهيمنة.ولفت إلى أن هذا التوجه يترافق مع تحضيرات واسعة في الضفة الغربية، تشمل سياسات تهجير قسري وتغيير ديموغرافي وجغرافي، وفرض السيادة الإسرائيلية بشكل أحادي.وأشار إلى أن نتنياهو يتقدم بخطى حثيثة نحو تنفيذ هذه السياسات، مستفيدا من غياب أي معارضة فعالة قادرة على تقديم بدائل أو إجباره على إجراء انتخابات مبكرة.وأوضح أن المشهد الإسرائيلي الداخلي يعكس حالة من الضعف لدى المعارضة، التي لم تنجح حتى الآن في فرض أي تغيير ملموس في المشهد السياسي.واعتبر أن الحرب لن تنتهي بالسهولة التي يتوقعها بعض المراقبين بل ستظل مستمرة، على الأرجح حتى موعد الانتخابات المقبلة، حيث يسعى نتنياهو إلى استثمار حالة التصعيد لتحقيق مكاسب سياسية داخلية، من خلال كسب مزيد من التأييد من أوساط اليمين والمتشددين وفرض خطاب يقوم على هزيمة الخصوم في الداخل والخارج.وفي ما يخص الموقف الأميركي، أشار شنيكات إلى أن علاقة نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترامب تعكس موازين قوى تميل لصالح دولة الاحتلال، إذ يبدو أن نتنياهو هو من يحدد الإطار العام للسياسات الإقليمية.وتابع: "يتماهى ترامب مع رؤية نتنياهو خصوصا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية"، مبينا أن تصريحات ترامب الأخيرة حول إمكانية الاكتفاء بـ"حكم ذاتي" للفلسطينيين بدلا من دولة مستقلة تعزز هذا التوجه.كما لفت إلى أن أجندة نتنياهو حيال إيران تنفذ عبر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، فيما تأتي المصالح الأميركية في مرتبة تالية، ما يشير إلى تفوق المنظور الإسرائيلي في رسم معالم التعامل مع طهران على حساب الأجندة الأميركية التقليدية في المنطقة.تعطيل المفاوضاتلتدارك الفشلمن جهته، يرى الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبوزيد، أن توقيت الكشف عن "خريطة إعادة تموضع القوات الإسرائيلية" لم يكن عشوائيا، بل جاء في سياق سياسي يرمي إلى عرقلة مسار المفاوضات الجارية في العاصمة القطرية الدوحة.وأوضح أبوزيد أن الخريطة لا تمثل انسحابا فعليا، بل إعادة انتشار تهدف إلى خلق انطباع زائف بتقدم إسرائيلي، في حين أن الواقع الميداني يشير إلى تفوق المقاومة وكسر معادلة التوازن العملياتي لصالحها.وأشار إلى أن نتنياهو يسعى من خلال هذا التسريب، إلى تعطيل أي فرصة للتوصل إلى اتفاق تهدئة أو وقف إطلاق نار، خشية أن يُنظر إليه كخسارة سياسية وعسكرية أمام المقاومة، لاسيما في ظل الضربات المتكررة التي تتعرض لها قوات الاحتلال.وأضاف إن فشل دولة الاحتلال في استعادة زمام المبادرة عسكريا دفع نتنياهو إلى اللجوء إلى أدوات سياسية لتقويض المسار الدبلوماسي، خاصة مع تصاعد الضغوط الأميركية وتزايد الضبابية التي تلف العملية التفاوضية.واعتبر أبوزيد أن البنية العملياتية الراهنة التي تفرضها المقاومة، لا تزال تشكل عائقا أمام أي اختراق دبلوماسي إسرائيلي.وقال: "إن ما يجري حاليا من تباطؤ وتعثر في المحادثات لا يعني بالضرورة انتهاء المسار التفاوضي، خصوصا في ظل بقاء الوفود في الدوحة، واستمرار الخسائر التي يتكبدها الكيان الصهيوني على الأرض."وشدد على أن نتنياهو، في ظل إخفاق الخيار العسكري، يسعى لتثبيت إستراتيجية تقوم على التهجير والسيطرة التدريجية على قطاع غزة عبر إجراءات سياسية مدروسة.وختم بالقول إن حالة التفاؤل التي أحاطت بالمبادرة الأخيرة لوقف إطلاق النار بدأت تتلاشى، في ظل محاولات متعمدة لتعطيلها من قبل الجانب الإسرائيلي، ما يطرح تساؤلات حول مدى جدية تل أبيب في التوصل إلى تسوية تضمن وقفا شاملا للعدوان.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
الماضي: تجاوزات 'الجماعة المحظورة' ستضع علاقتها مع الدولة أمام مفصل كبير
استعرض أستاذ العلوم السياسية، بدر الماضي، التحولات التي مرت بها جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، مشيرا إلى أن تجاوزات الحركة ستجعل علاقاتها مع الدولة الأردنية أمام مفصل كبير. وأضاف الماضي، الثلاثاء، أن الحركة في بداياتها كانت تتميز بالرشد السياسي وصنعت توازنات وطنية متماهية مع الدولة الأردنية، لكنه أشار أيضا إلى اختطاف الحركة من قبل تيار متشدد أزّم علاقتها بالدولة. وقال إن برامج الجماعة أصبحت تصب في مصالح خاصة وخاضعة لتأثيرات إقليمية بعيدة عن الحالة الوطنية الأردنية، مبينا أن الدولة الأردنية تتمتع بمرونة عالية جدا على استيعاب مثل هذه الحركات وأعطتها أكثر من فرصة لإعادتها إلى حضن الدولة لكن التيار المتشدد رفض وأصبح ينظر إلى علاقاته بالدولة بتحدي. وتابع 'الحركة تريد أن تفرض نفسها فوق الدولة والتحقيقات بشأن جمعها ملايين الدنانير ستضع الحركة أمام مفصل كبير سيكون له توابع كبيرة'.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
ترامب: على أوكرانيا عدم استهداف موسكو
أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء، أن على أوكرانيا عدم استهداف موسكو، بعدما أفاد تقرير إعلامي بأنه حضّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على ضرب العاصمة الروسية. وذكرت صحيفة 'فايننشال تايمز' أن ترامب طرح مع زيلينسكي إمكان شن هجوم مضاد محتمل، وسأل نظيره الأوكراني إن كانت بلاده قادرة على استهداف موسكو إذا زودتها واشنطن أسلحة بعيدة المدى. ولكن ردا على سؤال لصحافيين في البيت الأبيض عما إذا كان على زيلينسكي استهداف موسكو، أجاب ترامب 'عليه عدم القيام بذلك'.


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
أبو صعيليك: الحكومة مستمرة في مسارات التحديث بمزيد من العزم
أكد وزير الدولة لتطوير القطاع العام، خير أبو صعيليك، أن السعي المشترك نحو تطوير الإدارة العامة وإعادة صياغة دورها ورسالتها يضع المواطن في قلب السياسات والخدمات العامة، ويجعل المؤسسات الحكومية قريبة من المواطنين، وتستجيب لاحتياجاتهم وتحترم تطلعاتهم، مشيرا إلى أن الحكومة مستمرة في مسارات التحديث بمزيد من العزم. جاء ذلك خلال رعايته المؤتمر الوطني 'نحو شراكة استراتيجية مع المجتمع المدني في تطوير الإدارة العامة في الأردن (2026-2029)'، ضمن مشروع 'نزاهة: دعم الاتحاد الأوروبي للمساءلة المجتمعية وتمكين المجتمع المدني من تحقيق الحوكمة الرشيدة'، الممول من الاتحاد الأوروبي والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي، والمنفذ من قبل مركز الحياة – راصد ومنظمة رشيد للشفافية الدولية. وأضاف أبو صعيليك، أن مفهوم الخدمة العامة تغير بصورة جذرية في ظل التحولات العالمية المتسارعة والمتطلبات المتزايدة للمواطنين، إذ لم تعد الحكومة تقاس بحجم أجهزتها أو بعدد موظفيها أو ضخامة هيكلياتها، بل بقدرتها على التحول إلى منظومة متكاملة من الخدمات الذكية والمرنة، القائمة على العدالة والكفاءة والفعالية، والتي يلمس أثرها المواطن بشكل مباشر. وأشار إلى أن خارطة تحديث القطاع العام جاءت كمشروع وطني شامل يقوده جلالة الملك عبدالله الثاني، برؤية استراتيجية تتكامل مع مسارات التحديث السياسي والاقتصادي، وتنفذ بشراكة كاملة بين جميع مؤسسات الدولة، مؤكدا أن هذه الخارطة بمثابة إطار عمل تطبيقي يتحقق على الأرض بخطوات نوعية واضحة وملموسة. وأوضح أن ترسيخ ثقافة الخدمة العامة ليس مجرد مسعى تنظيمي أو برنامج تدريبي، بل هو تحول عميق في القيم والمفاهيم التي تحكم علاقة الموظف العام بوظيفته، ودوره، ومسؤوليته أمام المواطن والدولة. وأشار إلى أن بناء هذه الثقافة لا يتم بالشعارات، بل من خلال مسار مؤسسي متكامل يبدأ من إعداد وتأهيل الكوادر الإدارية، مرورا بتنمية مهاراتهم الوظيفية والقيادية، وترسيخ القيم الأخلاقية والمهنية، وتعزيز الشعور بالانتماء لمؤسساتهم. وأكد أن تعزيز هذه الثقافة في بيئة العمل لا بد أن يصبح جزءا أصيلا من سياسات إدارة الموارد البشرية في الدولة، موضحا أن هذه هي الثقافة التي يبنى عليها، وتمثل حجر الأساس لكل إصلاح إداري جاد يهدف إلى إعادة صياغة العلاقة مع المواطن على أسس جديدة من الثقة والكفاءة، وتحقق أثرا ملموسا وحقيقيا في حياة الناس. وشدد على أن الحكومة مستمرة في مسارات التحديث بمزيد من العزم، دون أن تشكل الأحداث الجيوسياسية أي عائق للتقدم. من جانبه، أكد مدير مركز 'الحياة – راصد'، عامر بني عامر، أن نجاح تحديث القطاع العام يتطلب شراكة حقيقية مع المجتمع المدني، الذي بات طرفا فاعلا في صياغة السياسات وتقييم الأداء. وأبرز سفير مملكة إسبانيا، ميغيل دي لوكاس، أهمية تمكين مؤسسات المجتمع المدني ودورها في تحقيق الأهداف وتجاوز تحديات القطاع العام، بينما أشاد سفير الاتحاد الأوروبي في الأردن، بيير تشاتزيسافاس، بالتقدم المحرز في التحديث الإداري وأهمية مشاركة المجتمع المدني في إظهار الإنجازات. وتضمن المؤتمر جلسات بحضور عدد من المسؤولين والاقتصاديين ومديري برامج تحديث القطاع العام ومنظمات المجتمع المدني تحدث خلالها كل من رئيس اللجنة الإدارية في مجلس النواب محمد الغويري، وعضو مجلس الأعيان آسيا ياغى، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي موسى شتيوي، ومدير وحدة إدارة وتنفيذ برنامج تحديث القطاع العام أسامة طلفاح، والأمينة العامة لتجمع لجان المرأة ربى مطارنة، ومدير مركز فواصل لتنمية المجتمع المدنى راعب شريم.