logo
أوهام الإخوان تنهار على أسوار دمشق

أوهام الإخوان تنهار على أسوار دمشق

العربيةمنذ 3 أيام
منذ سقوط نظام بشار الأسد وصعود أحمد الشرع إلى سُدة الحكم في سوريا، بدت جماعة الإخوان المسلمين وكأنها وجدت فرصة تاريخية لاستعادة موطئ قدم طالما حلمت به داخل الدولة السورية. استقبلت الجماعة لحظة التغيير بحفاوة ظاهرية، وأعلنت ترحيبها بالسلطة الجديدة، وسعت منذ اللحظة الأولى إلى فرض خطابها وتوجهاتها على الساحة السياسية والدينية، حتى إنها حاولت استغلال الرمزية الكبيرة للمسجد الأموي لتوجيه رسائل سياسية عبر بعض رموزها الذين لم يترددوا في مهاجمة الدول العربية من ساحات هذا الجامع، وكأنهم يعتقدون أن لحظة الفوضى المؤقتة يمكن أن تتحول إلى استيلاء فكري دائم. لكن ما لم تدركه جماعة الإخوان هو أن الإدارة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، لم تكن في وارد السماح لأي طرف -مهما كانت نواياه أو ادعاءاته- باختطاف القرار الوطني أو توجيه مسار الدولة وفق أجندات خارجية أو فكرية ضيقة. فسرعان ما قامت السلطة في دمشق باتخاذ إجراءات حازمة أدّت إلى استبعاد تلك الشخصيات التي حاولت فرض وصايتها، وأعلنت بشكل واضح أن سوريا الجديدة ليست ملعباً لأحلام الجماعات العقائدية، ولا بوابة خلفية لإعادة إنتاج تجارب فشلت في كل مكان دخلته، من مصر إلى السودان مروراً بتونس وغيرها. الإدارة الحالية اختارت بوعي وهدوء أن تكون سوريا جزءاً من الفضاء العربي، منفتحةً على جيرانها، راغبةً في بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، لا على التهديد الأيديولوجي أو التورط في صراعات عقيمة. هذا الخيار الواضح، المبني على «صفر مشاكل» مع المحيط العربي، لم يرق لجماعة الإخوان المسلمين التي اكتشفت فجأة أن مشروعها لم يعد مرحّباً به، لا من قبل السلطة الجديدة ولا من قبل الشارع السوري، ولا من قبل العواصم العربية التي سئمت من التجارب العبثية للإسلام السياسي. ومع تزايد المؤشرات على تمايز موقف دمشق عن طهران، خصوصاً في ظل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على إيران، وجدت جماعة الإخوان نفسها في مأزق مزدوج: فهي من جهة غير قادرة على التماهي مع السلطة السورية، ومن جهة أخرى وجدت نفسها متموضعة في خندق إيران. فبدلاً من قراءة المشهد بتعقُّل ومسؤولية، اختارت الجماعة التصعيد، وبدأت تهاجم الرئيس الشرع بشكل مباشر أو غير مباشر، وتشكك في نواياه وخياراته، رغم أنها كانت قد أظهرت الدعم له في بداية وصوله. هذا الانقلاب في الخطاب ليس إلا تعبيراً عن خيبة أمل دفينة، وعن قناعة متزايدة داخل الجماعة بأن مشروعها بات مرفوضاً بالكامل. إن المحاولات الأخيرة لجماعة الإخوان لا تنبع من حرص على الديمقراطية أو استقلال القرار السوري، بل من رغبة يائسة في إعادة تدوير نفسها في مشهد لم يعد يقبلها. فالسوريون، الذين دفعوا ثمناً باهظاً لحروب الإقصاء والتطرف، لا يريدون أن يروا بلادهم أسيرة لأيديولوجيا ثبت فشلها، وأثبتت كل التجارب أنها لا تقود إلا إلى الفوضى والانقسام. سوريا الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، لا تبحث عن شركاء في الانقسام، بل عن شركاء في البناء. وهي، بكل وضوح، لا تقبل الوصاية من جماعة ثبت تاريخياً أنها لا ترى في الدولة إلا وسيلة لتحقيق سلطتها، ولا في الديمقراطية إلا مرحلة مؤقتة نحو الاستبداد العقائدي. لذلك فإن الهجوم الحالي من قبل الإخوان على الإدارة السورية ليس إلا تأكيداً جديداً على أن هذه الجماعة لا تطيق رؤية دولة مستقلة ذات قرار حر وموقع عربي متوازن؛ لأن مثل هذه الدولة ببساطة لا تخدم مشروعها ولا تحتمل خطابها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وقف النار في إيران: هدنة يتهددها الخطر
وقف النار في إيران: هدنة يتهددها الخطر

العربية

timeمنذ 2 ساعات

  • العربية

وقف النار في إيران: هدنة يتهددها الخطر

وصف بعض المعلقين الهجوم الأخير الذي شنّته إسرائيل والولايات المتحدة على أجزاء من المشروع النووي الإيراني، باسم «حرب الـ12 يوماً». إلا أن هذا التوقيت النهائي، في الحقيقة، من اختيار طهران، في إطار مزاعمها بأن إيران استطاعت أن تقاتل لمدة أطول بمرتين، عن الدول العربية التي قادتها مصر في حرب الأيام الستة عام 1967. في الواقع، وبدرجات متفاوتة في الحدة والتنوع في المواقع، فإن هذه الحرب بدأت قبل أكثر من أربعة عقود، حينما داهمت السلطات الثورية الجديدة البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في طهران، وسلمتها لزعيم منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات، الذي كان ضيفاً خاصاً على الخميني. وبعد بضعة أشهر، كرّر النظام الثوري الجديد الأمر نفسه باقتحام السفارة الأميركية، واحتجاز دبلوماسييها رهائن. وبحسب القانون الدولي، تُعد البعثات الدبلوماسية أو السفارات جزءاً من أراضي الدولة صاحبة البعثة، ويُعدّ الهجوم المسلح عليها سبباً مباشراً للحرب. وفي العام التالي، ردّت الولايات المتحدة عندما أمر الرئيس جيمي كارتر بعملية فاشلة لاختراق الأراضي الإيرانية، ما أكد حالة الحرب المستعرة بين البلدين. وشكّلت حرب إيران مع العراق، التي استمرت ثماني سنوات، «فاصلة» مؤقتة، شحنت خلالها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل أسلحة ومعلومات استخباراتية إلى طهران، لمساعدتها ضد نظام صدام حسين في بغداد. بعد ذلك، جرى استئناف الحرب مع إسرائيل، عندما بدأت طهران بتشكيل جيوش صغيرة تعمل بالوكالة عنها في لبنان، وسعت إلى تجنيد مرتزقة محتملين من بين مختلف الفصائل الفلسطينية المسلحة. وبحلول أوائل الثمانينات، كانت طهران، المتحالفة مع نظام الأسد في دمشق، قد حوّلت لبنان إلى ساحة معركة ضد كل من الولايات المتحدة وإسرائيل. وفي التسعينات، بدأت طهران حرباً منخفضة الشدة ضد القوات الأميركية في العراق، بينما واصلت عبر وكلائها حرب استنزاف ضد إسرائيل ـ وهي حروب لا تزال مشتعلة حتى يومنا هذا. وكان من الضروري التذكير بهذه الأحداث، لتوضيح أن التصعيد الأخير له أسباب أعمق من مجرد القلق بشأن سعي إيران إلى امتلاك ترسانة نووية ـ وهو أمر أكد جميع مديري الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من هانز بليكس إلى محمد البرادعي ورافائيل غروسي، مراراً أنه من المتعذر عليهم تأكيده. وبالتأكيد، فإن نظرية «واحد في المائة» الشهيرة في إدارة المخاطر، تتطلّب أخذ احتمال وصول عدو خطير إلى السلاح النهائي على محمل بالغ الجدية ـ وهو ما فعله جميع رؤساء الولايات المتحدة منذ بيل كلينتون، عبر محاولات متعددة لـ«احتواء» إيران، دون جدوى حتى الآن. والآن، هل يعني ذلك أن النظام الحالي في طهران من غير المرجّح تماماً أن يتخلى مؤقتاً عن البُعد العسكري المحتمل لمشروعه النووي؟ وإذا حكمنا من خلال تصريحات كثير من شخصيات النظام ـ آخرهم الرئيس مسعود بزشكيان، وبطريقة غير مباشرة المرشد علي خامنئي ـ فقد تكون الإجابة: «لا» بتحفّظ. وقد لمّح النظام إلى استعداده للنظر في تجميد البُعد العسكري المحتمل للمشروع النووي ـ ينفي وجوده أساساً ـ مقابل أربعة تنازلات من الولايات المتحدة وحلفائها، بما في ذلك إسرائيل. المطلب الأول: السماح للنظام بحفظ ماء وجهه، والادعاء بتحقيق نصر عظيم ضد أميركا وإسرائيل. وهذا بالضبط ما تفعله طهران حالياً، سواء في الداخل، أو بمساعدة دوائر مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل، على مستوى العالم. المطلب الثاني: إلغاء جميع العقوبات المفروضة على إيران. المطلب الثالث: أن تتعهد الولايات المتحدة وحلفاؤها بعدم التفكير في أي خطط لتغيير النظام في إيران أو دعمها. ويعني ذلك قطع العلاقات مع العشرات من جماعات المعارضة الإيرانية. أما المطلب الرابع: وربما الأصعب على أي إدارة أميركية مجرد التفكير في قبوله، وهو الاعتراف بـ«حق الجمهورية الإسلامية» في تصدير نموذج حكمها، وقيمها الإسلامية، وحملتها من أجل «العدالة العالمية»، تماماً مثلما تسعى واشنطن إلى نشر قيمها الخاصة. بمعنى آخر، تقول طهران: دعونا نفعل ما نريد، ونعدكم بألا نصنع القنبلة التي لطالما قلنا إننا لا ننوي بناءها أصلاً. وقد جرى توصيل هذه الرسالة بشكل غير مباشر عبر مقابلة تكر كارلسون الحصرية مع الرئيس بزشكيان، حيث جاء فيها: نريد أن نتباهى بنصر عسكري كبير، وسنسمح لكم بادعاء نصر دبلوماسي كبير، من خلال العودة إلى طاولة المفاوضات. وشكل وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس دونالد ترمب، فترة استراحة داخل دراما دموية بدأت قبل ما يقارب نصف قرن. وخلال هذه الهدنة، هناك ثلاث ساعات زمنية تدق في الخلفية: الأولى: ساعة الحياة السياسية والبدنية للمرشد، ورغم تعرضها للاهتزاز، فإنها تبدو قابلة للاستمرار حتى الآن. الثانية: ساعة الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، التي قد تحوّل الرئيس ترمب إلى رئيس مشلول من دون صلاحيات فعلية، إذا نجحت أداة إيلون ماسك السياسية الجديدة في سلب الجمهوريين ستة مقاعد في الكونغرس، ومقعدين أو ثلاثة في مجلس الشيوخ. وفي الوقت ذاته، قد يتمكن خصوم بنيامين نتنياهو السياسيون الكثيرون في إسرائيل من الإطاحة به. لذلك، يرى المطلعون على بواطن الأمور في طهران أنه من الضروري تمديد الهدنة الحالية ـ ولو عبر التفاوض ـ إلى أن تتلاشى «السحابتان الكبيرتان» اللتان تتخذان شكل ترمب ونتنياهو، مثلما تتلاشى شبورة الصباح. الثالثة: ساعة الغضب الشعبي الزائد في إيران، ويرى كثير من الناس أن ما يمرون به هو فشل تاريخي، مصحوب بإذلال غير مسبوق ومعاناة يومية قاسية. ويبدو وقف إطلاق النار الحالي أقرب إلى فترة استراحة محفوفة بالمخاطر، في خضم حرب بدأت قبل ما يقارب نصف قرن، ولا يبدو أنها تقترب من نهايتها. موجز القول، كان هذا فحوى رسالة وكالة «تسنيم»، الناطقة باسم «الحرس الثوري»، الثلاثاء الماضي: «الوضع السياسي الحالي لا يقتصر على خيارين فقط: الصمود أو الاستسلام. ويكمن الجانب الثالث في تغيير المسار، الذي يعني منح العدو انتصاراً لم يحققه بالحرب».

خلافات وعقبات تعصف برابع جولات التفاوض بين حكومة دمشق و"قسد"
خلافات وعقبات تعصف برابع جولات التفاوض بين حكومة دمشق و"قسد"

الشرق السعودية

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق السعودية

خلافات وعقبات تعصف برابع جولات التفاوض بين حكومة دمشق و"قسد"

أثارت الجولة الرابعة من المفاوضات بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، التي جرت في العاصمة دمشق، الأربعاء، كثيراً من الشكوك بشأن إمكانية تجاوز وإنهاء الخلافات الجذرية بين الطرفين، وذلك بعد أن ظهر حجم التباين الواضح في مواقف كلا الطرفين، وتمسك كل طرف بمطالبه، دون تحقيق أي خطوة للأمام نحو تطبيق اتفاق 10 مارس الموقع بين الرئيس أحمد الشرع والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي، والذي بقي لإطاره الزمني المفترض للتطبيق نحو 5 أشهر فقط. وبعد 3 جولات تعريفية ودبلوماسية، وُصفت الجولة الرابعة بأنها الأهم في ضوء التمثيل الرفيع الذي شهدته، إذ ترأس وزير الخارجية السورية، أسعد الشيباني، الوفد الحكومي الذي ضم أيضاً وزيري الداخلية، أنس الخطاب، والدفاع، مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات السورية، حسين السلامة، بينما ترأس وفد "الإدارة الذاتية" الجنرال مظلوم عبدي، بمشاركة الرئيسين المشتركين لوفد اللجان الخاصة بالتفاوض، فوزة يوسف، وعبد حامد المهباش، إلى جانب رئيسة دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، إلهام أحمد. كما شارك في الجولة ممثلان رفيعان عن الدولتين الراعيتين للمفاوضات، وهما المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، والقائم بأعمال السفارة الفرنسية في دمشق، جان باتيست فيفر. خلافات وعقبات في طريق الاتفاق كشف مصدر حكومي سوري معني بملف المفاوضات مع "قسد"، في تصريحات لـ"الشرق"، أن الاجتماع الأخير ناقش قضايا سياسية تتعلق بضرورة العمل على تطبيق بنود اتفاق 10 مارس، مع التركيز على تسليم المخيمات والسجون التي تأوي عناصر وعائلات تنظيم "داعش"، وكذلك تسليم نقاط السيطرة على الحدود الشمالية مع تركيا والشرقية مع العراق للجيش السوري، والتأكيد على أن محاربة "داعش" ستكون مهمة حصرية تقوم بها الدولة السورية فقط. أبرز بنود التفاوض بين حكومة دمشق و"قسد" تسليم المخيمات والسجون التي تأوي عناصر وعائلات تنظيم "داعش". تسليم نقاط السيطرة على الحدود الشمالية مع تركيا والشرقية مع العراق للجيش السوري. التأكيد على أن محاربة "داعش" ستكون مهمة حصرية تقوم بها الدولة السورية فقط. تسليم موارد الطاقة من آبار النفط والغاز إلى الحكومة السورية. دمج قوات سوريا الديمقراطية والفصائل التابعة لها في وزارتي الدفاع والداخلية. وأضاف المصدر، الذي طلب عدم كشف عن هويته، أنه تم خلال الاجتماع أيضاً "مطالبة وفد قسد والإدارة الذاتية بضرورة تسليم موارد الطاقة من آبار النفط والغاز إلى الحكومة السورية"، مؤكداً "عدم وجود أي توافق حتى الآن على آلية دمج قوات سوريا الديمقراطية والفصائل التابعة لها في وزارتي الداخلية والدفاع". وأقر المصدر الحكومي، بوجود "خلافات وعقبات تحول دون تطبيق بنود اتفاق 10 مارس"، نافياً في الوقت نفسه "وجود أي طلب من قسد لتعديل بنود أو مدة تطبيق الاتفاق"، وأشار إلى أن "وفد قسد يعاني من انقسامات داخلية في صفوفه بين طرف يريد الانخراط في حل وطني، وآخر يخضع لإملاءات خارجية تسعى لإفشال الاتفاق"، على حد وصفه. ونفى المصدر في تصريحاته لـ"الشرق"، ما تردد بشأن عقد اجتماع ثلاثي بين الرئيس أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي والمبعوث الأميركي توماس باراك، كما نفى حضور الشرع اجتماع الجولة الرابعة من المفاوضات، مشيراً إلى أن "الوجود الأميركي الفرنسي في المفاوضات كان مطمئناً للطرفين وضاغطاً من أجل العمل على حل كل العقبات التي وعدت قسد بحلها في الفترة القادمة". وأوضح أن "الطرفين اتفقا على عقد جولة جديدة من المفاوضات خلال مدة زمنية لا تتجاوز شهراً لإحراز تقدم في ملف الاتفاق". أجواء التفاوض صالح مسلم عضو الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي يقود "الإدارة الذاتية"، وصف الجولة الرابعة من المفاوضات بأنها كانت "الأكثر إيجابية وجدية مقارنة بالاجتماعات السابقة"، وذلك بحسب قوله "بالنظر إلى أنها ضمت مراكز القرار في الإدارة الذاتية وقسد والحكومة السورية الانتقالية، بحضور الوسطاء في الطرفين الأميركي والفرنسي على طاولة واحدة". وفي حديث لـ"الشرق"، اتهم القيادي الكردي، الحكومة السورية بـ"التهرب والمماطلة" في تنفيذ مطالبات الإدارة الذاتية بعقد اجتماعات على مستوى اللجان في الفترة الماضية. وأعرب عن اعتقاده بأن تصريحات المبعوث الأميركي التي حمّل فيها "الإدارة الذاتية" مسؤولية التأخير في تطبيق اتفاق 10 مارس "لم تكن منصفة، وأنها صدرت لإرضاء بعض الأطراف سواء تركيا أو دمشق، وهي تخدم سياسات الولايات المتحدة وسياسة الحكومة السورية أيضاً". وأوضح مسلم، أن "الإدارة الذاتية لا تعتقد أن تصريحات باراك تعكس السياسات الجادة والحقيقية للأميركيين في سوريا، في ظل استمرار التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والتحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية، والعمليات الجارية لملاحقة تنظيم داعش"، مؤكداً أن "المبعوث الأميركي يعرف وشاهد عملياً الطرف الذي يماطل وهو الحكومة السورية حتماً". كان تصريحات توماس باراك لقناة "رووداو"، ووكالة "نورث برس" الكرديتين أثارت استياء الإدارة الذاتية و"قسد" لكونه حمّلهم مسؤولية تعثر المفاوضات مع دمشق. وقال باراك: "بصراحة تامة، أرى أن قوات سوريا الديمقراطية كانت بطيئة في القبول والتفاوض والمضي قدماً نحو ذلك، ونصيحتي لهم هي أن يسرعوا فهناك طريق واحد فقط، وهذا الطريق يؤدي إلى دمشق". وأضاف أن "الحكومة السورية كانت متحمسة بشكل لا يُصدّق في محاولة ضم قوات سوريا الديمقراطية إلى ما تحدثنا عنه بالضبط: دولة واحدة، أمة واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة. وتفاصيل كيفية تحقيق ذلك"، معرباً عن اعتقاده بأن "دمشق كانت جيدة جداً وسخية في سعيها لإيجاد طريقة لتوحيد هذه المصالح". ورأى المبعوث الأميركي أن "الوقت بدأ ينفد، فالعالم والمنطقة يتحركان بسرعة، وبالنسبة لسوريا، الفرصة هي الآن، وعلينا أن نستغلها وأن نصل إلى استنتاج: أمة واحدة، شعب واحد، جيش واحد، سوريا واحدة". ونقلت شبكة "رووداو" عن متحدث في الخارجية الأميركية لم تذكر اسمه، أن "المباحثات حول دمج قوات سوريا الديمقراطية في الحكومة السورية جارية ونشطة، ونحن ندعم استمرار هذه المباحثات باعتبارها الطريقة المثلى لحل أي قضايا عالقة". وأضاف "نحن نؤمن أن المسار المستقبلي لسوريا يكمن في الوحدة ومن خلال حل الانقسامات طويلة الأمد التي مزقت البلاد تاريخياً". احتمالات العمل العسكري مع تعثر تطبيق بنود الاتفاق، زادت المخاوف من سد أبواب الدبلوماسية، ولجوء الجيش السوري إلى شن عملية عسكرية ضد "قسد"، بدعم من تركيا التي أبدت استعدادها لدعم الحكومة السورية في تثبيت الأمن والاستقرار في البلاد بكل السبل. وفي حديث لـ"الشرق" اعتبر الصحافي والباحث السياسي السوري، عبد الله الحمد، أن من أهم نتائج الاجتماع الأخير بين وفدي الحكومة و"قسد"، أنه أعطى رسالة بأن "الظواهر المؤقتة داخل حدود سوريا مثل قسد لم يعد لها أي دور في المشهد السوري، وأن هامش الخيارات يضيق عليها بسرعة كبيرة، ولم يعد أمام أولئك الذين يراهنون على بقاء واقع التجزئة الكثير من الخيارات". ورأى الحمد، أن "التجربة أثبتت أن أي محاولة للوقوف خارج الإجماع الوطني والدولي ستكون محكومة بالعزلة والفشل". وأضاف: "لم يعد لدى قسد أيّ خيار سوى الاندماج في الدولة السورية أو التصعيد العسكري"، لكنه استدرك قائلاً إن "الحل العسكري مستبعد، كون الحكومة السورية تتبع الآن الصبر الاستراتيجي، ولا يزال هناك فرصة حتى نهاية العام لتطبيق بنود اتفاق 10 مارس، ولذلك أظن أن التصعيد العسكري ربما يكون مستبعداً، لكنه غير منفي بالمطلق، وأظن أن الحل السياسي والضغط الأميركي سيثمر حلولاً، خاصة أن واشنطن هي من أنشأت قسد ورعتها وأشرفت عليها وعلى دعمها وتمويلها". وأشار الحمد، إلى أن "الدولة السورية منذ البداية كانت واضحة مع الجميع، واتفاق 10 مارس كان صريحاً للاعتراف بالأكراد كمكون أساسي وأصيل ضمن النسيج السوري، والاعتراف بالحقوق القانونية والدستورية له، لكن يبدو أن التيار القنديلي وهو الأكثر تطرفاً داخل قسد، ويسيطر على المفاصل الأمنية والعسكرية، حاول الانقلاب أكثر من مرة على هذا الاتفاق، وحتى حاول جر مظلوم عبدي إلى هذا الموضوع". ورأى الكاتب الصحافي أن "الدولة السورية لا يمكن لها أن تقبل بمطالب قسد، سواء من ناحية الفيدرالية أو دخول الجيش ضمن كتلة واحدة منفصلة"، معتبراً أن المطالب "تُمثل سياسة غير مقبولة، وتؤسس إلى تقسيم البلاد، وتؤدي إلى تفتت المجتمع السوري". بدوره، أكد القيادي الكردي صالح مسلم لـ"الشرق"، أن "الإدارة الذاتية متمسكة بالحوار، وهذا يجب أن يعلمه الجميع، ولن نعتدي على أحد، ولن نلجأ إلى العنف بأي شكل من الأشكال، ولكن إذا حدث أي هجوم على مناطقنا ومكوناتنا، أو اعتدى علينا أحد، فستقوم قوات سوريا الديمقراطية بالرد والدفاع المشروع عن النفس". وشدّد مسلم على تمسك قوات سوريا الديمقراطية بالحوار "مهما أخذ وقتاً طويلاً أو كان الطرف الآخر عنيداً"، مضيفاً أنه "بوجود الوسطاء والقوانين والأعراف الدولية، وعدم مطالبتنا بشيء يتناقض مع التشريعات الدولية، سيستمر الحوار وستحل الأمور بالحوار، وليس بأي شيء آخر". اتهامات متبادلة مع انتهاء الجولة الرابعة من المفاوضات ظهر التباين الواضح في رواية كل طرف لمجريات الاجتماع، فوفد "الإدارة الذاتية" أكد لوسائل إعلام كردية أن المجتمعين ناقشوا "آليات تطبيق بنود اتفاق 10 مارس، والعمل على إزالة العقبات والتحديات التي تُواجه تطبيق الحكومة الانتقالية لتعهداتها فيما يخص المهجرين قسراً من عفرين وسريه كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض)، ورفض ممارسات الحكومة الانتقالية بحق الكرد في دمشق بالآونة الأخيرة". فيما نشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" بياناً حكومياً، أكد "ترحيب الحكومة بأيّ مسار مع قوات سوريا الديمقراطية من شأنه تعزيز وحدة وسلامة أراضي البلاد، مع التمسك الثابت بمبدأ سوريا واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة، والرفض القاطع لأي شكل من أشكال التقسيم أو الفيدرالية". وشدّد البيان، على أن "الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية الجامعة لكل أبناء الوطن، مع الترحيب بانضمام المقاتلين السوريين من قسد إلى صفوفه، ضمن الأطر الدستورية والقانونية المعتمدة". وحذر البيان الحكومي من أن "أيّ تأخير في تنفيذ الاتفاقات الموقعة لا يخدم المصلحة الوطنية، بل يُعقّد المشهد، ويُعيق جهود إعادة الأمن والاستقرار إلى جميع المناطق السورية". وتعكس هذه التصريحات والمواقف حجم الخلافات الجوهرية بين دمشق و"قسد"، حيث يُفسّر كل طرف بنود اتفاق 10 مارس بشكل مختلف. وتواصل الإدارة الذاتية رفضها لـ"الإعلان الدستوري" وتساؤلاتها بشأن "غياب تمثيلها باللجان والهيئات الحكومية"، والاحتجاج على "عدم دعوة ممثلين عنها للاجتماعات الخاصة بمجلس الشعب"، بالإضافة إلى إبداء "استعدادها للاندماج في مؤسسات الدولة السورية، مع المحافظة على الهيكلية العسكرية والإدارية الخاصة بها". وتُطالب كذلك بنظام فيدرالي أو لامركزي في عموم المناطق والمحافظات السورية، مع إدارة مشتركة لموارد النفط والطاقة التي تقع تحت سيطرتها منذ أكثر من 10 سنوات. في المقابل، تعتبر الحكومة السورية أن "قسد" تضم غالبية من أبناء العشائر العربية الرافضين للانفصال، والمتقبلين لفكرة الانضمام إلى الجيش السوري كأفراد، كما ترى أن "حزب الاتحاد الديمقراطي لا يُمثل سوى جزء من المجتمع الكردي، وبالتالي لا يحق له احتكار التمثيل الكردي في مناطق شمال وشرق سوريا". وتؤكد دمشق أن أي مطالبة بالفيدرالية أو اللامركزية تفتح "باباً لتهديد وحدة البلاد وأمنها واستقرارها، وأن حق حماية الحدود ومحاربة الإرهاب وإدارة موارد البلاد من طاقة وسدود وغيرها هو عرف دولي لا يحتاج لأي مفاوضات أو اجتماعات". اتفاق يراوح مكانه ورغم مرور 4 أشهر على توقيع اتفاق 10 مارس بين الشرع وعبدي، والمكون من 8 بنود، إلا أنه لم يتم تطبيق سوى بند واحد فقط هو وقف إطلاق النار، من خلال إنهاء الاشتباكات في محيط سد تشرين بين "قسد" من جهة وما يسمى فصائل "الجيش الوطني" التي انضمت لاحقاً إلى الجيش السوري من جهة ثانية. وتنص البنود السبعة الأخرى للاتفاق على "ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة، والتأكيد على أن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في سوريا، وتضمن الدولة حقه في المواطنة وكافة الحقوق الدستورية، مع دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية وحقول النفط والغاز ومطار القامشلي، وضمان عودة كافة المهجرين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية، ودعم الدولة في مكافحة الفلول وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها، مع منح مهلة لتطبيق الاتفاق حتى قبل نهاية العام الحالي". أبرز بنود اتفاق 10 مارس بين حكومة دمشق و"قسد" ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة. التأكيد على أن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في سوريا، وتضمن الدولة حقه في المواطنة وكافة الحقوق الدستورية. دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية وحقول النفط والغاز ومطار القامشلي. ضمان عودة كافة المهجرين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية، ودعم الدولة في مكافحة الفلول وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها. مهلة لتطبيق الاتفاق حتى قبل نهاية عام 2025. وشهدت الأشهر الماضية محاولات لبناء الثقة من خلال تطبيق اتفاق لدخول الدولة السورية إلى حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، ومشاركة إدارتها مع مؤسسات "الإدارة الذاتية"، وتنفيذ عمليات تبادل لعشرات الأسرى، والسماح للطلاب في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية بأداء امتحانات شهادات التعليم الأساسي والثانوي في مناطقهم، إضافة إلى إخراج دفعة من السوريين القاطنين في مخيم الهول للنازحين إلى مناطق سيطرة الحكومة لأول مرة منذ تأسيس المخيم قبل أكثر من عقد.

الخارجية الأميركية توافق على "صفقة عسكرية" للبنان بـ100 مليون دولار
الخارجية الأميركية توافق على "صفقة عسكرية" للبنان بـ100 مليون دولار

الشرق السعودية

timeمنذ 7 ساعات

  • الشرق السعودية

الخارجية الأميركية توافق على "صفقة عسكرية" للبنان بـ100 مليون دولار

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، موافقتها على صفقة بيع عسكرية محتملة إلى لبنان، تشمل دعم صيانة وتحديث الطائرات الهجومية من طراز A-29 "سوبر توكانو"، بقيمة تقديرية تصل إلى 100 مليون دولار. وقالت وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة لوزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، إن الصفقة تهدف إلى تعزيز قدرات القوات الجوية اللبنانية في مجال الصيانة والجاهزية العملياتية للطائرات، والتي تُستخدم في مهام الدعم الجوي القريب والاستطلاع، والمراقبة ضمن عمليات المناورة البرية. و"سوبر توكانو" طائرة هجومية خفيفة متعددة المهام، تستخدم عادة للتدريب. ويشمل الطلب اللبناني شراء معدات دعم، وبرمجيات، وقطع غيار، ومكونات المحركات، بالإضافة إلى خدمات هندسية ولوجستية تقدمها الحكومة الأميركية وشركات متعاقدة. وقالت الوكالة التابعة للبنتاجون إن هذه الصفقة "تدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة من خلال تعزيز أمن شريك إقليمي، يواصل لعب دور مهم في دعم الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في الشرق الأوسط". انتشار الجيش اللبناني وذكرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأميركية، أن الجيش اللبناني ينتشر حالياً في جنوب لبنان في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه في نوفمبر 2024 مع إسرائيل، معتبرةً أن طائرات A-29 تُعد عنصراً حاسماً في تلك الجهود، وأن لبنان لن يواجه صعوبات في استيعاب الدعم الجديد ضمن بنيته العسكرية. وأوضحت الوكالة، أن الصفقة لن تُحدث تغييراً في ميزان القوى العسكري في المنطقة، مشيرة إلى أن المقاول الرئيسي في المشروع سيكون شركة "سيرا نيفادا كوربوريشن"، الواقعة في مدينة سباركس بولاية نيفادا. وشددت وكالة التعاون الأمني الدفاعي، على أن "تنفيذ هذه الصفقة لن يتطلب إرسال أي ممثلين إضافيين من الحكومة الأميركية أو الشركات المتعاقدة إلى لبنان، ولن يؤثر سلباً على جاهزية الدفاع الأميركية". وأضافت أن "القيمة النهائية للصفقة قد تكون أقل من المعلنة مبدئياً، حسب المتطلبات النهائية، وسقف الموازنة، والاتفاقيات الموقعة". وتُعد الولايات المتحدة الداعم الأبرز للجيش اللبناني، حيث أعلنت في يناير الماضي، عن تقديم أكثر من 117 مليون دولار من المساعدات الأمنية الموسعة والجديدة للجيش وقوات الأمن الداخلي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store