
صادرات أوروبية تحت ضغط رسوم ترامب
لكن رغم وحدة التكتل الأوروبي، فإن التأثيرات المحتملة لهذا القرار لن تكون متساوية بين جميع دول الاتحاد، إذ تختلف درجة الاعتماد على السوق الأميركية من دولة لأخرى.
إيرلندا في صدارة المتضررين
تُعد إيرلندا من أكثر دول الاتحاد انكشافاً على السوق الأميركية، إذ إنها تمتلك فائضاً تجارياً يبلغ 86.7 مليار دولار، وهو الأعلى بين الدول الأعضاء، بفضل استثمارات شركات الأدوية الأميركية الكبرى مثل فايزر، إيلاي ليلي، وجونسون آند جونسون.
وتستفيد هذه الشركات من النظام الضريبي الإيرلندي الذي يفرض ضريبة شركات تبلغ 15 في المئة، مقارنة بـ21 في المئة بالولايات المتحدة، ما يدفعها لاستضافة براءات اختراعها هناك وبيع منتجاتها في السوق الأميركية، التي تتميز عادة بالأسعار الأعلى.
كما أن إيرلندا تحتضن المقرات الأوروبية للعديد من شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة مثل أبل، وغوغل، وميتا، التي اختارت البلاد أيضاً بسبب نظامها الضريبي الجاذب.
ألمانيا.. القوة الصناعية في مواجهة التحدي
تأتي ألمانيا في المرتبة الثانية في الفائض التجاري مع الولايات المتحدة بقيمة 84.8 مليار دولار، وتعتمد البلاد بشكل كبير على صادراتها الصناعية، خصوصاً السيارات، والآلات، والمواد الكيميائية، والصلب.
وتشكل السوق الأميركية نحو 23 في المئة من إيرادات شركة مرسيدس – بنز، ورغم أن بعض السيارات تُصنع داخل الولايات المتحدة للتصدير، فإن التصعيد التجاري يعرض هذه الصناعة لخطر كبير، خاصة إذا رد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم مضادة.
وقد دعت رابطة الصناعات الألمانية (BDI) السبت إلى تهدئة سريعة وتجنب التصعيد، محذّرة من أضرار محتملة على الاقتصادين الأوروبي والأميركي.
فرنسا وإيطاليا.. قطاعات مهددة رغم انكشاف أقل
في حين يبلغ فائض فرنسا مع الولايات المتحدة نحو 16.4 مليار دولار (وفقاً للبيانات الأميركية)، و44 مليار دولار بالنسبة لإيطاليا، إلا أن بعض القطاعات في البلدين مهددة بشدة.
ومن المرجح أن يكون قطاع الأغذية والمشروبات، لا سيما النبيذ والمشروبات الروحية، الأكثر تضرراً، واعتبر رئيس قسم الكروم في الاتحاد الوطني لنقابات المزارعين (FNSEA) الفرنسي أن فرض رسوم تبلغ 30 في المئة سيكون «كارثة» حقيقية لهذا القطاع الحيوي.
من جانبه، حذّر اتحاد كولديريتي الزراعي الإيطالي من أن هذه الرسوم قد تكلّف المنتجين الإيطاليين والمستهلكين الأميركيين ما يقرب من 2.3 مليار دولار.
كما أن الصناعات الفرنسية الفاخرة، مثل مجموعة إل في إم إتش (LVMH)، التي تحقق ربع مبيعاتها من السوق الأميركية، ستتأثر بشكل مباشر.
في غضون ذلك، تشكل صادرات الصناعات الجوية نحو 20 في المئة من إجمالي صادرات فرنسا للولايات المتحدة، معظمها من شركة إيرباص.
وتشمل قائمة الدول الأوروبية الأخرى التي ستتأثر من القرار النمسا والسويد، بفوائض تجارية تبلغ 13.1 و9.8 مليار دولار على التوالي.
وتُعد الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي بعد الصين، ووفقاً لمكتب التحليل الاقتصادي الأميركي (BEA)، يبلغ فائض التكتل التجاري مع واشنطن نحو 235.6 مليار دولار سنوياً.
وتُظهر هذه الأرقام مدى عمق العلاقات التجارية عبر الأطلسي، والتي تواجه الآن اختباراً حقيقياً في ظل السياسات الحمائية المتزايدة من جانب إدارة ترامب.
(أ ف ب)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 4 ساعات
- الرأي
النفط يتراجع مع تركيز السوق على العقوبات المحتملة والرسوم الجمركية
تراجعت أسعار النفط اليوم الثلاثاء مع تفكير السوق في مهلة تستمر 50 يوما حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لروسيا لإنهاء الحرب على أوكرانيا وتجنب فرض عقوبات على مشتري نفطها، في حين استمرت المخاوف في شأن الرسوم الجمركية الأميركية. وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت خمسة سنتات إلى 69.16 دولار للبرميل بحلول الساعة 00.00 بتوقيت غرينتش، في حين تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي تسعة سنتات إلى 66.89 دولار. وسجلت عقود الخامين انخفاضا بأكثر من دولار عند التسوية في الجلسة السابقة. وأعلن ترامب أمس الاثنين أنه سيزود أوكرانيا بأسلحة جديدة، وهدد بفرض عقوبات على مشتري الصادرات الروسية ما لم توافق موسكو على اتفاق سلام في غضون 50 يوما. وكانت أسعار النفط قد ارتفعت عقب الأنباء عن العقوبات المحتملة، ولكنها تخلت عن هذه المكاسب في وقت لاحق إذ أثارت مهلة الخمسين يوما آمالا في تجنب العقوبات، وركز المتعاملون على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستفرض بالفعل رسوما جمركية باهظة على الدول التي تواصل التجارة مع روسيا. وكتب كبير محللي السلع الأولية في «إيه.إن.زد» دانيال هاينز في مذكرة للعملاء «خففت المهلة المخاوف من أن العقوبات المباشرة على روسيا قد تعطل تدفقات النفط الخام. وتأثرت المعنويات أيضا بالتوترات التجارية المتصاعدة». وقال ترامب يوم السبت إنه سيفرض رسوما جمركية بنسبة 30 في المئة على معظم الواردات من الاتحاد الأوروبي والمكسيك اعتبارا من الأول من أغسطس، على غرار تحذيرات مماثلة لدول أخرى تاركا لهما أقل من ثلاثة أسابيع للتوصل إلى اتفاقات يمكن أن تخفض معدلات الرسوم التي يهدد بفرضها. وقد تؤدي الرسوم الجمركية إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، الأمر الذي قد يقلص الطلب العالمي على الوقود ويؤدي إلى انخفاض أسعار النفط. من ناحية أخرى، نقل تقرير إعلامي روسي عن الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» هيثم الغيص قوله إن المنظمة تتوقع طلبا «قويا جدا» على النفط في الربع الثالث من العام، وأن يكون الفارق طفيفا بين العرض والطلب في الأشهر التالية. ورفع بنك «غولدمان ساكس» أمس الاثنين توقعاته لأسعار النفط للنصف الثاني من 2025، مشيرا إلى اضطرابات محتملة في الإمدادات، وتقلص مخزونات النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وقيود الإنتاج في روسيا.


الرأي
منذ 11 ساعات
- الرأي
النفط عند أعلى مستوى منذ 3 أسابيع
ارتفعت أسعار النفط الاثنين إلى أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع، وسط ترقب المستثمرين لمزيد من العقوبات الأميركية على روسيا والتي قد تؤثر على الإمدادات العالمية. وزادت العقود الآجلة لخام برنت 58 سنتاً لتصل إلى 70.94 دولار للبرميل، فيما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 59 سنتاً أو 0.9 في المئة إلى 69.04 دولار للبرميل. وقال المحلل لدى يو.بي.إس جيوفاني ستونوفو لـ«رويترز»، إن الأسعار تتلقى دعماً من ارتفاع واردات الصين من النفط الخام، والتوقعات المحيطة بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شأن روسيا. وأشارت بيانات جمركية صدرت أمس إلى أن واردات الصين من النفط ارتفعت في يونيو الماضي 7.4 في المئة على أساس سنوي إلى 12.14 مليون برميل يومياً، مسجلة أعلى مستوى لها منذ أغسطس 2023.


الرأي
منذ 11 ساعات
- الرأي
هل يمكن الاستغناء عن النفط؟... وهل من بدائل حقيقية؟
رغم التحولات العالمية المتسارعة نحو مصادر الطاقة المتجددة، يبقى النفط الحجر الأساس في الاقتصاد العالمي، خصوصاً في الدول المنتجة له. وقد لا ينتهي عصر النفط قريباً، بل قد يتخذ مساراً شبيهاً بمصير الفحم، الذي مازال يُستخدم إلى يومنا هذا رغم أضراره البيئية الجسيمة. تعد الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، والهند من أكبر الدول المنتجة والمخزنة للفحم، في حين تأتي الصين في مقدمة الدول المستهلكة له بنسبة تفوق 50 % من إجمالي الاستهلاك العالمي، تليها الهند والولايات المتحدة وألمانيا. ورغم التحذيرات البيئية المتكررة، لاتزال هذه الدول تستخدم الفحم، ولكن بوتيرة خجولة، نظراً لارتفاع تكلفة البدائل. وفي ظل هذا المشهد، تبدو الدول ملزمة بأن تستثمر في مواردها الطبيعية قدر المستطاع، والاستمرار في استخدام الفحم وغيره من المصادر الأحفورية حتى الوصول التدريجي إلى الاستغناء الكامل عنه. أما بالنسبة لدول الخليج العربي، التي تعتمد بنسبة تفوق 90 % على العائدات النفطية، فقد تُعذر إن كانت من آخر الدول التي قد تتخلى عن النفط، نظراً لاعتماد اقتصادها عليه بشكل شبه كلي. فرغم أن عدد سكان دول مجلس التعاون لا يتجاوز 60 مليون نسمة، إلا أن الإيرادات المالية لاتزال مرتبطة بمصدر وحيد، ومتقلبة مع تقلب أسعار النفط، التي تُراقَب بشكل يومي، على أمل أن تتجاوز حاجز التسعين دولاراً للبرميل، وهو أمر يبدو صعب المنال في الوقت الراهن. فكلما ارتفعت أسعار النفط، زاد تشجيع المنتجين الآخرين على زيادة الإنتاج، ما دام السعر يغطي تكاليفهم السنوية. بل وحتى إن لم يفعل، فإن الأسواق المالية والبنوك العالمية مفتوحة أمامهم، كما هي مفتوحة أمامنا. للأسف، مازالت معظم دولنا الخليجية - حسبما يبدو - تفتقر إلى تصور واقعي أو جاد لإيجاد بدائل حقيقية عن النفط، وهو أمر مقلق. لكن، كيف نقنع أنفسنا بأن البدائل ممكنة، في ظل هذا الاعتماد شبه الكامل؟ في الكويت، قد نكون أوفر حظاً بامتلاكنا صناديق سيادية تُقدَّر أصولها الخارجية بتريليون دولار. من الممكن استغلال هذه العوائد السنوية في سد العجز المالي المتكرر، كما جرى أخيراً ببيع حصة الكويت في بنك أوف أمريكا بنحو 3 مليارات دولار، وبيع حصتها في مجموعة «AIA» للتأمين، ومقرها هونغ كونغ، بقيمة 3.4 مليار دولار. وحصيلة البيع، تقدر بنحو 6.4 مليار دولار، أي ما يعادل ملياري دينار كويتي. فهل سيتم تخصيص جزء من هذا المبلغ لسد العجز المالي المقدر بـ4 مليارات دينار؟ أم سيتم توجيهه نحو استثمارات جديدة أكثر ربحية من فوائد البنوك؟ صحيح أن كميات إنتاجنا النفطي ليست ضخمة (تقدّر بنحو 3.5 مليون برميل يومياً)، ولا نمتلك حصصاً مؤثرة في السوق العالمية، ما يجعلنا أقل عرضة لتقلبات الأسواق. ومع ذلك، فإن استمرار الاعتماد على النفط دون التفكير في بدائل حقيقية يمثل مجازفة لا يمكن الاستمرار بها. إن ضعف أسعار النفط، إلى جانب العجز المالي السنوي، وتزايد النفقات الحكومية، كلها عوامل تدفعنا إلى ضرورة تأسيس كيان وطني متخصص يُعنى بالبحث عن «بدائل للنفط»، سواء على صعيد الطاقة أو على صعيد الإيرادات. علينا أن نبدأ الآن، لأننا في حال لم نفعل، فلن يتبقى لنا سوى الدعاء بوجود بديل. والوقت يمرّ... لكن البدائل لا تنتظر. كاتب ومحلل نفطي [email protected]