
المناخ في مواجهة العسكرة والشعبوية
فقد غيّرت الحرب في أوكرانيا حسابات الطاقة الأوروبية جذرياً. وفي إطار عزمها على فطام صناعتها عن الغاز الروسي، أعادت دول عدّة في الاتحاد الأوروبي، تشغيل محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم. في تراجعٍ مذهلٍ عن تعهدات إزالة الكربون التي قُطعت قبل بضع سنوات فقط. وبينما يُصرّ قادة الاتحاد على أن هذا التحوّل موقت، فإن الاعتماد المتزايد على الوقود الأحفوري يُقوّض بالفعل أهداف الاتحاد المتعلقة بالانبعاثات لعام 2030.
في الوقت نفسه، يُعدّ توسع عسكرة السياسة الخارجية الغربية عاملاً رئيسياً أيضاً، إذ تشير التقديرات إلى أن العمليات العسكرية تُسهم بأكثر من 5% من انبعاثات الكربون العالمية، وهو رقم من المرجح أن يرتفع مع ازدياد موازنات حلف شمال الأطلسي. ومع توجيه الحكومات مواردها نحو الدفاع، من المتوقع أن يعاني الاستثمار في المناخ من تراجعٍ كبير. بالتوازي مع ذلك، اتخذت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مواقف متشدّدة تجاه واردات التكنولوجيا النظيفة الصينية. وقد أدّت الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية والألواح الشمسية وبطاريات الليثيوم - بمبررات اقتصادية وأمنية - إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية وإبطاء انتشار مصادر الطاقة المتجددة في الأسواق الغربية. بينما يُصرّ المسؤولون على "أمن سلسلة التوريد" و"المنافسة العادلة"، يُحذّر المنتقدون من أن ما يُسمّى الحمائية الخضراء يقوّض التعاون الدولي في مجال المناخ، حيث لا يمكن لطرفٍ أن يعالج أزمة المناخ بيدٍ واحدة.
لكن العامل الجيوسياسي يبدو أقل خطراً من تحوّلات السياسية في أوروبا وأميركا الشمالية. فتصاعد الأحزاب اليمينية المتطرّفة والشعبوية - وكثير منها معادٍ علناً لمسألة المناخ - جعل الإصلاح البيئي الطموح مكلفاً سياسياً. وهذا التغيير السياسي ليس عبثياً، إذ يواجه الناخبون الغربيون ارتفاعاً في تكاليف الطاقة، وعدم يقين اقتصادي، ومخاوف بشأن تراجع التصنيع، وهي ظروف تُغذّي التشكيك في المناخ وتُؤخّر عملية الانتقال. لذلك فإن الخطاب الشعبوي يمزج بتزايد بين المظالم الاقتصادية والشكوك حول أزمة المناخ. من خلال التشكيك في حدة تغيّر المناخ أو اتهام المدافعين عن البيئة بالمبالغة في الأزمة لأغراض سياسية أو مالية.
ومن أبرز عواقب تراجع الغرب عن التزاماته المناخية، تراجع التمويل الدولي للمناخ. فقد خفضت الولايات المتحدة، التي كانت في السابق مساهماً رئيسياً في الصناديق الخضراء العالمية، دعمها بشكل حاد، تحت تأثير رفض الرئيس دونالد ترامب وقاعدته الشعبية للمسألة المناخية، إذ تتبنّى أجنحة من الحزب الجمهوري هذه الرواية، وتصف سياسات المناخ بأنها جزء من أجندة ليبرالية لتوسيع سيطرة الحكومة. وبالمثل، في أوروبا الشرقية، يقاوم قادة مثل فيكتور أوربان توجيهات الاتحاد الأوروبي المناخية، بحجة أنها تفرض أعباءً غير عادلة على الاقتصادات الوطنية.
وأحياناً، بدلاً من رفض العمل المناخي، تتبنى العديد من الأحزاب الشعبوية استراتيجية أكثر دهاءً، وهي تأخير التنفيذ، وتخفيف التشريعات، من خلال المطالبة بمدد أطول لخفض الانبعاثات أو تصر على استثناءات للصناعات الرئيسية بذريعة حماية المصالح الوطنية. وهذه التكتيكات تبطئ التقدم مع الحفاظ على مظهر المشاركة. والنتيجة نوع من الجمود في سياسات المناخ يجعل من الصعب تحقيق الأهداف الدولية مثل تلك المحددة في اتفاقية باريس.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صوت بيروت
منذ 3 ساعات
- صوت بيروت
روسيا: تعهد ترامب بتقديم أسلحة إشارة لأوكرانيا للتراجع عن جهود السلام
الحرب بين روسيا و أوكرانيا - تعبيرية عن "أيستوك" قالت روسيا اليوم الخميس إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيادة شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا يمثل إشارة لكييف للتخلي عن جهود السلام، متعهدة بأنها سترفض 'الابتزاز' المتمثل في تهديد واشنطن الجديد بالعقوبات. وأعلن ترامب يوم الاثنين عن موقف متشدد بشأن حرب روسيا في أوكرانيا، محددا مهلة 50 يوما لموسكو للتوصل إلى وقف لإطلاق النار أو مواجهة عقوبات. ووعدت الولايات المتحدة بتقديم المزيد من الصواريخ والأسلحة الأخرى لكييف. وأدانت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية هذه الخطوة. وقالت في مؤتمر صحفي بموسكو 'من الواضح أن نظام كييف ينظر باستمرار إلى مثل هذه القرارات التي يتخذها الغرب كإشارة لمواصلة المذبحة والتخلي عن عملية السلام'. وأدت الحرب الشاملة التي شنتها روسيا على أوكرانيا في فبراير شباط 2022 إلى أعنف صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، إذ تقدر الولايات المتحدة أن 1.2 مليون شخص قد أصيبوا أو قتلوا. وتقول موسكو إنها اضطرت لشن الحرب لحماية نفسها من توسع حلف شمال الأطلسي. وتصف أوكرانيا ومعظم الحكومات الغربية حرب روسيا بأنها استيلاء على الأراضي على النمط الاستعماري. وتسيطر القوات الروسية الآن على حوالي خمس الأراضي الأوكرانية، وتتقدم ببطء ولكن بثبات عبر جبهة واسعة، متكبدة ما تعتقد الولايات المتحدة أنها خسائر فادحة على طول الطريق. ويهدد ترامب، الذي جعل إنهاء الصراع أولوية لإدارته، بفرض 'رسوم جمركية 100 بالمئة على روسيا' وعقوبات ثانوية على الدول التي تشتري النفط الروسي إذا لم توافق موسكو على اتفاق لوقف إطلاق النار بحلول المهلة النهائية التي حددها، وهي 50 يوما. وقالت زاخاروفا 'جرى فرض عدد غير مسبوق من العقوبات والقيود على بلدنا وشركائنا الدوليين. هناك الكثير منها لدرجة أننا نعتبر التهديد بفرض عقوبات جديدة أمرا عاديا'. وأضافت 'لغة تحديد المهلات والابتزاز والتهديدات غير مقبولة بالنسبة لنا. سنتخذ جميع الخطوات اللازمة لضمان أمن بلدنا وحماية مصالحه'.


الشرق الجزائرية
منذ 3 ساعات
- الشرق الجزائرية
أسعار الذهب تنخفض
انخفضت أسعار الذهب امس الخميس، متأثرةً بارتفاع الدولار وانحسار حالة التوتر في السوق بعد أن كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه 'من المستبعد جداً' أن يقيل رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي جيروم باول. وانخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.2 في المئة الى 3340.79 دولارا للاونصة بحلول الساعة 04.00 بتوقيت غرينتش. وتراجعت العقود الاميركية الآجلة للذهب 0.4 في المئة الى 3347.10 دولار. ارتفع مؤشر الدولار 0.1 في المئة مقابل عملات رئيسية اخرى، مما جعل الذهب المقوم بالدولار اكثر تكلفة بالنسبة لحاملي العملات الاخرى.


الديار
منذ 4 ساعات
- الديار
سفراء الاتحاد الأوروبي زاروا الرؤساء الثلاثة: التمويل للمناطق المتضرّرة يبلغ اكثر من 600 مليون دولار
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أعلن مكتب الاتحاد الاوروبي في بيروت في بيان ان "سفراء الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء اجتمعوا مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وذلك في 10 و11 و17 تموز 2025 على التوالي. وخلال هذه الاجتماعات، شدد السفراء "على الدعم الكبير والمستمر الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء للبنان، بما في ذلك في المناطق المتضررة. ويبلغ التمويل الحالي المقدم من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء لهذه المناطق أكثر من 600 مليون دولار، وهو ما يمثل ما يقارب نصف حجم دعمهم المستمر في لبنان، والذي يتجاوز حالياً مليار دولار". وبالإضافة إلى المساعدات الإنسانية، يساهم الجزء الأكبر من هذا التمويل في دعم القطاعات الحيوية مثل التربية، والرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية، والمياه والصرف الصحي، والزراعة، كما يساهم في التعافي الاقتصادي من خلال خلق فرص العمل ودعم القطاع الخاص. كما يتم تخصيص تمويل إضافي للمساعدة في الحد من تأثير النزاع في أمن واستقرار البلاد، من خلال دعم قدرات الجيش اللبناني وانتشاره في الجنوب، وإزالة الركام والذخائر غير المنفجرة، وتعزيز إدارة الحدود. وتجدر الإشارة إلى أن جزءا كبيرا من هذا الدعم لا يندرج ضمن مبلغ الـ 600 مليون دولار المذكور. وفي هذا السياق، أكد السفراء الدور الحاسم الذي تؤديه قوات اليونيفيل في الحفاظ على الاستقرار والأمن في الجنوب، وهو دور سيبقى ضروريا في المستقبل. كما شددوا على الحاجة القصوى لجميع الأطراف إلى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701، بما في ذلك ضمان حصرية الدولة على السلاح، والالتزام بآلية وقف إطلاق النار المقررة في تشرين الثاني 2024. كما ناقشوا مع محاوريهم التزام الحكومة وخططها بشأن الإصلاحات المالية والقضائية والإدارية الضرورية التي يمكن أن تضع البلاد على مسار التعافي. وأشادوا بـ"الخطوات التي اتخذتها السلطات منذ بداية العام". واختتم السفراء بالتأكيد التزام الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء تجاه لبنان واستعدادهم لدعم البلاد في مسارها نحو الأمام".