
'البرغوثي' يكتب: السياسة النقدية في ليبيا.. قراءة في عقل الدولة المتعطلة
كتب أستاذ الاقتصاد السياسي 'محمد البرغوثي' مقالاً بعنوان: السياسة النقدية في ليبيا، قراءة في عقل الدولة المتعطلة
السياسة النقدية، في جوهرها، ليست مجرد معادلات لتحريك أسعار الصرف أو السيطرة على التضخم، بل هي انعكاس مباشر لمدى نضج الدولة، وقدرتها على إدارة الثقة، وتوجيه الاقتصاد نحو الاستقرار والانتعاش.
في الحالة الليبية، تحمّل مصرف ليبيا المركزي خلال السنوات الماضية مسؤولية ثقيلة، وسط بيئة سياسية مضطربة، وانقسامات مؤسساتية، وضغوط مالية واقتصادية خانقة. وقد استطاع، رغم كل تلك التحديات، أن يحافظ على حد أدنى من الاستقرار النقدي، ويمنع الانهيار الشامل للعملة، وهو ما يُحسب له كمؤسسة حافظت على تماسكها النسبي في لحظة تفكك عام، لكن، هل هذا كافٍ؟
إن أحد أكبر التحديات التي تواجه السياسة النقدية في ليبيا اليوم ليست تقنية بقدر ما هي سياسية وأخلاقية. فالفساد السياسي والمالي عمّق من أزمة الثقة بين الدولة والمجتمع، وخلق بيئة غير مواتية لأي سياسة نقدية رشيدة، حين تتحول الأموال العامة إلى مورد للمحاصصة، ويتحول سعر الصرف إلى أداة لتمويل الفساد لا لتثبيت الاستقرار، فإن السياسة النقدية تفقد أدواتها، مهما كانت كفاءتها.
ما يحدث اليوم هو أن الدينار الليبي بات يتداول في واقع مزدوج: واقع رسمي تفرضه الدولة، وواقع موازي يتحكم فيه السوق، وهذا الانفصام ليس إلا نتيجة مباشرة لانفصال الدولة عن دورها الحقيقي في ضبط العلاقة بين القيمة والإنتاج، وبين النقد والاقتصاد.
ولن يكون حل الأزمة بمجرد تغيير سعر الصرف، أو إضافة رسوم، أو إصدار أدوات دين عام، بل لا بد من التوجه نحو إصلاح هيكلي أعمق، لا يمكن لعملة أن تستعيد قوتها في ظل اقتصاد ريعي، ولا يمكن لسيولة أن تتوفر في بيئة تخنقها شبكات الفساد، وتعطل أدوات الدولة النقدية والرقابية.
ما نحتاجه هو إعادة تعريف السياسة النقدية كسياسة سيادية تشاركية، تُبنى على الشفافية، وتستند إلى اقتصاد حقيقي منتج، لا إلى تدفقات ريعية متقلبة. وما نحتاجه أيضًا هو إرادة سياسية تحمي المؤسسة النقدية من التوظيف السياسي، وتفصلها عن التجاذبات والضغوط.
لقد أثبت مصرف ليبيا المركزي، في لحظات حرجة، أنه قادر على الصمود، لكن المرحلة القادمة تتطلب أكثر من الصمود، تتطلب انبعاثًا جديدًا لدور الدولة، في العقل، وفي الهيكل، وفي الإرادة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 21 دقائق
- الوسط
البعثة الأممية تنتقد «حملات التحريض» ضدها.. وتذكّر بـ«حصاناتها»
أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن استيائها من «التصريحات التي أطلقتها بعض الشخصيات السياسية الليبية التي يبدو أنها لا تشجع المظاهرات فحسب، بل تتجاوز ذلك، لتشجع المتظاهرين على ارتكاب أعمال خارج القانون ضد موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها». وقالت البعثة في بيان: «حملات التحريض والشائعات التي تُشن ضدنا قد تكون مؤشرًا على محاولة لتقويض أي تقدم نحو إطلاق عملية سياسية تهدف إلى إجراء انتخابات وطنية، وتوحيد المؤسسات، لتحقيق سلام واستقرار دائمين في ليبيا». وذكّرت جميع الأطراف بالتزامها بالحفاظ على الطابع السلمي لأي مظاهرة، والامتناع عن القيام بأي أعمال خارجة عن القانون، والالتزام بحل الخلافات من خلال الحوار البنّاء. كما ذكّرت البعثة باتفاقية العام 1946 بشأن امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، والاتفاق ذي الصلة المبرم بين الأمم المتحدة والسلطات الليبية، الذي يضمن حرمة مقار الأمم المتحدة، وحثت جميع الأطراف على احترام حرمة مقار الأمم المتحدة وموظفيها وممتلكاتها وأصولها وفقًا للقانون الدولي. اقتحام مقر البعثة الأممية في جنزور الثلاثاء الماضي، اقتحم متظاهرون مقر بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا في منطقة جنزور غرب العاصمة طرابلس، عقب إحاطة قدمتها رئيسة البعثة هانا تيتيه إلى مجلس الأمن الدولي حول تطورات الأوضاع في ليبيا. - - وطالب المحتجون برحيل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وإسقاط حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» برئاسة عبدالحميد الدبيبة، حسب مقاطع فيديو لعملية الاقتحام جرى تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. إثر ذلك، استقبلت البعثة وفداً عن لجنة الحوار الوطني بالمنطقة الغربية ممثلين عن المتظاهرين الذين تجمعوا أمام مقرها. وقالت، في بيان، إن ممثلي المحتجين عبّروا عن «إحباطهم إزاء التدهور المستمر في الوضعين السياسي والاقتصادي في جميع أنحاء ليبيا». البعثة الأممية تؤكد احترامها «غير المشروط» لحق التظاهر السلمي أكدت البعثة في بيان، الجمعة، احترامها «التام وغير المشروط» لحق جميع المواطنين في التظاهر السلمي والتعبير عن آرائهم بحرية، وقالت إن «تواصلها المباشر مع الشعب الليبي هو حجر الزاوية في عملها، وإنها على أتم الاستعداد دائماً للقاء والمشاركة في الحوارات، والاستماع إلى وجهات نظر الليبيين، بما في ذلك الاستماع إلى انشغالات ومطالب المتظاهرين السلميين». وبخصوص المظاهرات أمام مقرها، لفتت البعثة: «شهدنا مظاهرات خارج مقرنا في مناسبات عدة، وكنا دائما نستقبل عرائض المتظاهرين كما جرت العادة في جميع الوقفات الاحتجاجية السابقة، وسنواصل هذا النهج. أخيرًا، يوم الثلاثاء على وجه التحديد، استقبلت البعثة ممثلين عن عدد من المتظاهرين في مقرها، للاستماع إلى مطالبهم وبواعث قلقهم، وتمكّنا من إجراء نقاش مفتوح قائم على الاحترام المتبادل». وشددت البعثة على التزامها بدعم عملية سياسية بقيادة ليبية لمصلحة جميع أبناء الشعب الليبي، واستمرارها في مراقبة جميع التطورات عن كثب.


عين ليبيا
منذ 24 دقائق
- عين ليبيا
اعتباراً من يوم غد.. المفوضية تعلن فتح مراكز توزيع «بطاقة الناخب»
أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، اليوم الجمعة، عن فتح مراكز توزيع بطاقة الناخب في البلديات المستهدفة بانتخابات مجالسها البلدية، وذلك ابتداءً من يوم السبت الموافق 28 يونيو 2025. ودعت المفوضية جميع الناخبين الذين سبق أن سجّلوا أسماءهم في سجل ناخبي المجالس البلدية لعام 2025 إلى التوجه إلى مراكز الانتخاب التي سجلوا بها، لاستلام بطاقاتهم الانتخابية، التي تُعد شرطًا أساسيًا للمشاركة في التصويت. وأوضحت المفوضية أن مراكز التوزيع ستفتح أبوابها يوميًا من الساعة 08:00 صباحًا وحتى 02:00 ظهرًا. وقالت المفوضية في بيانها: 'من دون بطاقتك الانتخابية لا يمكنك التصويت، فبطاقتك هي صوتك'. ودعت المفوضية المواطنين إلى الإسراع في استلام بطاقاتهم والمشاركة الفاعلة في العملية الانتخابية المقبلة.


أخبار ليبيا
منذ 26 دقائق
- أخبار ليبيا
البعثة الأممية تؤكد على الحق المشروع للتظاهر السلمي ، وترى أن حملات التحريض ضدها قد تكون مؤشراً لتقويض أي تقدم نحو إطلاق عملية سياسية .
طرابلس 27 يونيو 2025 م (وال) – أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن استيائها من التصريحات التي أطلقتها بعض الشخصيات السياسية الليبية التي يبدو أنها لا تشجع المظاهرات فحسب، بل تتجاوز ذلك لتشجع المتظاهرين على ارتكاب أعمال خارج القانون ضد موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها. جاء ذلك في بيان أصدرته البعثة اليوم الجمعة أكدت فيه على احترامها التام وغير المشروط لحق جميع المواطنين في التظاهر السلمي والتعبير عن آرائهم بحرية، وأن التواصل المباشر مع الشعب الليبي هو حجر الزاوية في عملها، وأنها على أتم الاستعداد دائماً للقاء والمشاركة في الحوارات والاستماع إلى وجهات نظر الليبيين، بما في ذلك الاستماع إلى انشغالات ومطالب المتظاهرين السلميين . وقالت البعثة لقد شهدنا مظاهرات خارج مقرنا في عدة مناسبات، وكنا دائما نستقبل عرائض المتظاهرين كما جرت العادة في جميع الوقفات الاحتجاجية السابقة، وسنواصل هذا النهج. مؤخراً، مشيرة إلى أنها، استقبلت يوم الثلاثاء الماضي ممثلين عن عدد من المتظاهرين في مقرها للاستماع إلى مطالبهم وبواعث قلقهم، وتمكّنا من إجراء نقاش مفتوح قائم على الاحترام المتبادل. ولفتت البعثة إلى ترحيبها بالنقد البناء؛ إلا أن حملات التحريض والشائعات التي تُشن ضدها قد تكون مؤشراً على محاولة لتقويض أي تقدم نحو إطلاق عملية سياسية تهدف إلى إجراء انتخابات وطنية وتوحيد المؤسسات لتحقيق سلام واستقرار دائمين في ليبيا. وذكّرت البعثة في البيان جميع الأطراف بالتزامها بالحفاظ على الطابع السلمي لأي مظاهرة والامتناع عن القيام بأي أعمال خارجة عن القانون، والالتزام بحل الخلافات من خلال الحوار البنّاء ، وكذلك باتفاقية عام 1946 بشأن امتيازات وحصانات الأمم المتحدة، والاتفاق ذي الصلة المبرم بين الأمم المتحدة والسلطات الليبية، والذي يضمن حرمة مقار الأمم المتحدة. واختتمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بيانها بحث جميع الأطراف على احترام حرمة مقار الأمم المتحدة وموظفيها وممتلكاتها وأصولها وفقاً للقانون الدولي ، مؤكدة بأنها ستظل ابتة في التزامها بدعم عملية سياسية بقيادة ليبية لصالح جميع أبناء الشعب الليبي، وستستمر في مراقبة جميع التطورات عن كثب. ( وال)